يستطيعون ) يقدرون على شيء وهم الأصنام74. ( فلا تضربوا لله الأمثال ) لا تجعلوا لله أشباها تشركونهم به ( إن الله يعلم ) أن لا مثل له ( وأنتم لا تعلمون ) ذلك
75. ( ضرب الله مثلا ) ويبدل منه ( عبدا مملوكا ) صفة تميزه همن الحر فإنه عبد الله ( لا يقدر على شيء ) لعدم ملكه ( ومن ) نكرة موصوفة أي حرا ( رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا ) أي يتصرف به كيف يشاء والأول مثل الأصنام والثاني مثله تعالى ( هل يستوون ) أي العبيد العجزة والحر المتصرف لا ( الحمد لله ) وحده ( بل أكثرهم ) أي أهل مكة ( لا يعلمون ) ما يصيرون إلأيه من العذاب فيشركون
76. ( وضرب الله مثلا ) ويبدل منه ( رجلين أحدهما أبكم ) ولد أخرس ( لا يقدر على شيء ) لأنه لا يفهم ولا يفهم ( وهو كل ) ثقيل ( على مولاه ) ولي أمره ( أينما يوجهه لا ) يصرفه ( يأت بخير ) منه ( هل ) بنجح وهذا مثل الكافر ( يستوي هو ومن ) الأبكم المذكور ( يأمر بالعدل وهو ) أي ومن هو ناطق نافع للناس حيث يأمر به ويحث عليه ( على صراط مستقيم ) طريق ( ولله ) وهو الثاني المؤمن لا وقيل هذا مثل لله والأبكم للأصنام والذي قبله مثل الكافر والمؤمن
77. ( ولله غيب السماوات والأرض ) أي علم ما غاب فيهما ( وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ) منه لأنه بلفظ كن فيكون ( إن الله على كل شيء قدير )
78. ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) الجملة حال ( وجعل لكم السمع ) بمعنى الأسماع ( والأبصار والأفئدة ) القلوب ( لعلكم تشكرون ) على ذلك فتؤمنوا
79. ( ألم يروا إلى الطير مسخرات ) مذللات للطيران ( في جو السماء ) أي الهواء بين السماء والارض ( ما يمسكهن ) عند قبض أجنحتهن أو بسطها أن يقعن ( إلا الله ) بقدرته ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) هي خلقها بحيث يمكنها الطيران وخلق الجو بحيث يمكن الطيران فيه وإمساكها
80. ( والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ) موضعا تسكنون فيه ( وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا ) كالخيام والقباب ( تستخفونها ) للحمل ( يوم ظعنكم ) سفركم ( ويوم إقامتكم ومن أصوافها ) أي الغنم ( وأوبارها ) أي الإبل ( وأشعارها ) أي المعز ( أثاثا ) متاعا لبيوتكم كبسط وأكسية ( ومتاعا ) تتمتعون به ( إلى حين ) تبلى فيه
81. ( والله جعل لكم مما خلق ) من البيوت والشجر والغمام ( ظلالا ) جمع ظل تقيكم حر الشمس ( وجعل لكم من الجبال أكنانا ) جمع كن وهو ما يستكن فيه كالغار والسرب ( وجعل لكم سرابيل ) قمصا ( تقيكم الحر ) أي والبرد ( وسرابيل تقيكم بأسكم ) حربكم أي الطعن والضرب فيها كالدروع والجواشن ( كذلك ) كما خلق هذه الأشياء ( يتم نعمته ) في الدنيا ( عليكم ) بخلق ما تحتاجون إليه ( لعلكم ) يا أهل مكة ( تسلمون ) توحدونه
82. ( فإن تولوا ) أعرضوا عن الإسلام ( فإنما عليك ) يا محمد ( البلاغ المبين ) الإبلاغ البين وهذا قبل الأمر بالقتال
83. ( يعرفون نعمة الله ) أي يقرون بأنها من عنده ( ثم ينكرونها ) بإشراكهم ( وأكثرهم الكافرون )
84. واذكر ( ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ) وهو نبيها يشهد لها وعليها وهو يوم القيامة ( ثم لا يؤذن للذين كفروا ) في الاعتذار ( ولا هم يستعتبون ) لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى ما يرضي الله
85. ( وإذا رأى الذين ظلموا ) كفروا ( العذاب ) النار ( فلا يخفف عنهم ) العذاب ( ولا هم ينظرون ) يمهلون عنه إذا رأوه
86. ( وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم ) من الشياطين وغيرها ( قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا ) نعبدهم ( من دونك فألقوا إليهم القول ) أي قالوا لهم ( إنكم لكاذبون ) في قولكم إنكم عبدتمونا كما في آية أخرى ما كانوا إيانا يعبدون سيكفرون بعبادتهم
87. ( وألقوا إلى الله يومئذ السلم ) أي استسلموا لحكمه ( وضل ) غاب ( عنهم ما كانوا يفترون ) من أن آلهتهم تشفع لهم
88. ( الذين كفروا وصدوا ) الناس ( عن سبيل الله ) دينه ( زدناهم عذابا فوق العذاب ) الذي استحقوه بكفرهم قال ابن مسعود عقارب أنيابها كالنخل الطوال ( بما كانوا يفسدون ) بصدهم الناس عن الإيمان
89. واذكر ( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم ) هو نبيهم ( وجئنا بك ) يا محمد ( شهيدا على هؤلاء ) أي قومك ( ونزلنا عليك الكتاب ) القرآن ( تبيانا ) بيانا ( لكل شيء ) يحتاج إليه الناس من أمر الشريعة ( وهدى ) من الضلالة ( ورحمة وبشرى ) بالجنة ( للمسلمين ) الموحدين
90. ( إن الله يأمر بالعدل ) التوحيد أو الإنصاف ( والإحسان ) أداء الفرائض أو أن تعبد الله كأنك تراه كما في الحديث ( وإيتاء ) إعطاء ( ذي القربى ) القرابة خصه بالذكر اهتماما به ( وينهى عن الفحشاء ) الزنا ( والمنكر ) شرعا من الكفر والمعاصي ( والبغي ) الظلم للناس خصه بالذكر اهتماما كما بدأ بالفحشاء كذلك ( يعظكم ) بالأمر والنهي ( لعلكم تذكرون ) تتعظون فيه إدغام التاء في الأصل في الذال وفي المستدرك عن ابن مسعود وهذه آية في القرآن للخير والشر
91. ( وأوفوا بعهد الله ) من البيع والأيمان وغيرها ( إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ) توثيقها ( وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) بالوفاء حيث حلفتم به والجملة حال ( إن الله يعلم ما تفعلون ) تهديد لهم
92. ( ولا تكونوا كالتي نقضت ) أفسدت ( غزلها ) ما غزلته ( من بعد قوة ) إحكام له وبرم ( أنكاثا ) حال جمع نكث وهو ما ينكث أي يحل إحكامه وهي امرأة حمقاء من مكة كانت تغزل طول يومها ثم تنقضه ( تتخذون ) حال من ضمير تكونوا أي لا تكونوا مثلها في اتخاذكم ( أيمانكم دخلا ) هو ما يدخل في الشيء وليس منه أي فسادا وخديعة ( بينكم ) بأن تنقضوها ( أن ) أي لأن ( تكون أمة ) جماعة ( هي أربى ) أكثر ( من أمة ) وكانوا يحالفون الحلفاء فإذا وجدوا أكثر منهم وأعز نقضوا حلف اولئك وحالفوهم ( إنما يبلوكم ) يختبركم ( الله به ) أي بما أمر به من الوفاء بالعهد لينظر المطيع منكم والعاصي أو بكون امة أربى لينظر أتفون أم لا ( وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ) في الدنيا من أمر العهد وغيره بأن يعذب الناكث ويثيب الوافي
93. ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) أهل دين واحد ( ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن ) يوم القيامة سؤال تبكيت ( عما كنتم تعملون ) لتجازوا عليه
94. ( ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم ) كرره تأكيدا ( فتزل قدم ) أي أقدامكم عن محجة الإسلام ( بعد ثبوتها ) استقامتها عليها ( وتذوقوا السوء ) أي العذاب ( بما صددتم عن سبيل الله ) أي بصدكم عن الوفاء بالعهد أو بصدكم غيركم عنه لأنه يستن بكم ( ولكم عذاب عظيم ) في الآخرة
95. ( ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا ) من الدنيا بأن تنقضوه لأجله ( إنما عند الله ) من الثواب ( هو خير لكم ) مما في الدنيا ( إن كنتم تعلمون ) ذلك فلا تنقضوا
96. ( ما عندكم ) من الدنيا ( ينفد ) يفنى ( وما عند الله باق ) دائم ( ولنجزين ) بالياء والنون ( الذين صبروا ) على الوفاء بالعهود ( أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) أحسن بمعنى حسن
97. ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) قيل هي حياة الجنة وقيل في الدنيا بالقناعة أو الرزق الحلال ( ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )
98. ( فإذا قرأت القرآن ) أي أردت قراءته ( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) أي قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
99. ( إنه ليس له سلطان ) تسلط ( على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون )
100. ( إنما سلطانه على الذين يتولونه ) بطاعته ( والذين هم به ) أي الله ( مشركون )
101. ( وإذا بدلنا آية مكان آية ) بنسخها وإنزال غيرها لمصلحة العباد ( والله أعلم بما ينزل قالوا ) أي الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم ( إنما أنت مفتر ) كذاب تقوله من عندك ( بل أكثرهم لا يعلمون ) حقيقة القرآن وفائدة النسخ
102. ( قل ) لهم ( نزله روح القدس ) جبريل ( من ربك بالحق ) متعلق بنزل ( ليثبت الذين آمنوا ) بإيمانهم به ( وهدى وبشرى للمسلمين )
103. ( ولقد ) للتحقيق ( نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه ) القرآن ( بشر ) وهو قين نصراني كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل عليه قال تعالى ( لسان ) لغة ( الذي يلحدون ) يميلون ( إليه ) أنه يعلمه ( أعجمي وهذا ) القرآن ( لسان عربي مبين ) ذو بيان وفصاحة فكيف يعلمه أعجمي
104. ( إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم ) مؤلم
105. ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ) القرآن بقولهم هذا من قول البشر ( وأولئك هم الكاذبون ) والتأكيد بالتكرار وما بعدها رد لقولهم إنما أنت مفتر
106. ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره ) على التلفظ بالكفر فتلفظ به ( وقلبه مطمئن بالإيمان ) ومن مبتدأ أو شرطية والخبر أو الجواب لهم وعيد شديد دل على هذا ( ولكن من شرح بالكفر صدرا ) له أي فتحه ووسعه بمعنى طابت له نفسه ( فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم )
107. ( ذلك ) الوعيد لهم ( بأنهم استحبوا الحياة الدنيا ) اختاروها ( على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين )
108. ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون ) عما يراد بهم
109. ( لا جرم ) حقا ( أنهم في الآخرة هم الخاسرون ) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم
110. ( ثم إن ربك للذين هاجروا ) إلى المدينة ( من بعد ما فتنوا ) عذبوا وتلفظوا بالكفر وفي قراءة بالبناء للفاعل أي كفروا أو فتنوا الناس عن الإيمان ( ثم جاهدوا وصبروا ) على الطاعة ( إن ربك من بعدها ) أي الفتنة ( لغفور ) لهم ( رحيم ) بهم وخبر إن الأولى دل عليه خبر الثانية
111. اذكر ( يوم تأتي كل نفس تجادل ) تحاج ( عن نفسها ) لا يهمها غيرها وهو يوم القيامة ( وتوفى كل نفس ) جزاء ( ما عملت وهم لا يظلمون ) شيئا
112. ( وضرب الله مثلا ) ويبدل منه ( قرية ) هي مكة والمراد اهلها ( كانت آمنة ) من الغارات لا تهاج ( مطمئنة ) لا يحتاج إلى الانتقال عنها لضيق أو خوف ( يأتيها رزقها رغدا ) واسعا ( من كل مكان فكفرت بأنعم الله ) بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ( فأذاقها الله لباس الجوع ) فقحطوا سبع سنين ( والخوف ) بسرايا النبي صلى الله عليه وسلم ( بما كانوا يصنعون )
113. ( ولقد جاءهم رسول منهم ) محمد صلى الله عليه وسلم ( فكذبوه فأخذهم العذاب ) الجوع والخوف ( وهم ظالمون )
114. ( فكلوا ) أيها المؤمنون ( مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون )
115. ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم )
116. ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم ) أي لوصف ألسنتكم ( الكذب هذا حلال وهذا حرام ) لما لم يحله الله ولم يحرمه ( لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون )
117. لهم ( متاع قليل ) في الدنيا ( ولهم ) في الآخرة ( عذاب أليم ) مؤلم
118. ( وعلى الذين هادوا ) أي اليهود ( حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ) في آية وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر إلى آخرها ( وما ظلمناهم ) بتحريم ذلك ( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) بارتكاب المعاصي الموجبة لذلك
119. ( ثم إن ربك للذين عملوا السوء ) الشرك ( بجهالة ثم تابوا ) رجعوا ( من بعد ذلك وأصلحوا ) عملهم ( إن ربك من بعدها ) أي الجهالة أو التوبة ( لغفور ) لهم ( رحيم ) بهم
120. ( إن إبراهيم كان أمة ) إماما قدوة جامعا لخصال الخير ( قانتا ) مطيعا ( لله حنيفا ) مائلا إلى الدين القيم ( ولم يك من المشركين )
121. ( شاكرا لأنعمه اجتباه ) اصطفاه ( وهداه إلى صراط مستقيم )
122. ( وآتيناه ) فيه التفات عن الغيبة ( في الدنيا حسنة ) هي الثناء الحسن في أهل الأديان ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) الذين لهم الدرجات العلى
123. ( ثم أوحينا إليك ) يا محمد ( أن اتبع ملة ) دين ( إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) كرر ردا على زعم اليهود والنصارى أنهم على دينه
124. ( إنما جعل السبت ) فرض تعظيمه ( على الذين اختلفوا فيه ) على نبيهم وهم اليهود وأمروا أن يتفرغوا للعبادة يوم الجمعة فقالوا لا نريده اختاروا السبت فشدد عليهم فيه ( وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) من أمره بأن يثيب الطائع ويعذب العاصي بانتهاك حرمته
125. ( ادع ) الناس يا محمد ( إلى سبيل ربك ) دينه ( بالحكمة ) بالقرآن ( والموعظة الحسنة ) مواعظه أو القول الرقيق ( وجادلهم بالتي ) أي المجادلة التي ( هي أحسن ) الدعاء إلى الله بآياته والدعاء إلى حججه ( إن ربك هو أعلم ) أي عالم ( بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) فيجازيهم وهذا قبل الأمر بالقتال ونزل لما قتل حمزة ومثل به فقال صلى الله عليه وسلم وقد رآه لأمثلن بسبعين منهم مكانك
126. ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم ) عن الانتقام ( لهو ) أي الصبر ( خير للصابرين ) فكف صلى الله عليه وسلم وكفر عن يمينه رواه البزار
127. ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) بتوفيقه ( ولا تحزن عليهم ) أي الكفار إن لم يمنوا لحرصك على إيمانهم ( ولا تك في ضيق مما يمكرون ) أي لا تهتم بمكرهم فأنا ناصرك عليهم
128. ( إن الله مع الذين اتقوا ) الكفر والمعاصي ( والذين هم محسنون ) بالطاعة والصبر بالعون والنصر