موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
باكى - 67
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
الحربي - 36
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
زهرالورد - 30
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Vote_lcap 

 

 (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 12, 13, 14 ... 19  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:50

تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم


أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي موسى بن عمران عليه السلام، وكانت كما قال الله تعالى: { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاما عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام: 154] .
وقال تعالى: { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرا } [الأنعام: 91] .
وقال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرا لِلْمُتَّقِينَ } [الأنبياء: 48] .
وقال تعالى: { وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الصافات: 117-118] .
وقال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة: 44] .
فكانوا يحكمون بها وهم متمسكون بها برهة من الزمان، ثم شرعوا في تحريفها، وتبديلها، وتغييرها، وتأويلها، وإبداء ما ليس منها، كما قال الله تعالى: { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران: 78] .
فأخبر تعالى أنهم يفسرونها، ويتأولونها، ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، وهو أنهم يتصرفون في معانيها، ويحملونها على غير المراد، كما بدلوا حكم الرجم بالجلد، والتحميم مع بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد، والقطع على الشريف والوضيع.
فأما تبديل ألفاظها فقال قائلون: بأنها جميعها بدلت، وقال آخرون: لم تبدل، واحتجوا بقوله تعالى: { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ } [المائدة: 48] .
وقوله: { الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ } الآية [الأعراف: 157] .
وبقوله: { قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [آل عمران: 93] .
وبقصة الرجم، فإنهم كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر، وفي صحيح مسلم عن البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله وفي السنن عن أبي هريرة وغيره، لما تحاكوا إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في قصة اليهودي واليهودية الذين زنيا فقال لهم: « ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ ».
فقالوا: نفضحهم ويجلدون فأمرهم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بإحضار التوراة فلما جاؤوا بها، وجعلوا يقرؤنها ويكتمون آية الرجم التي فيها، ووضع عبد الله بن صور بأيده على آية الرجم، وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « ارفع يدك يا أعور ».
فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم فأمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg برجمهما، وقال: « اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ».
وعند أبي داود: أنهم لما جاؤوا بها نزع الوسادة من تحته فوضعها تحتها، وقال: آمنت بك وبمن أنزلك، وذكر بعضهم أنه قام لها ولم أقف على إسناده، والله أعلم.
وهذا كله يشكل على ما يقوله كثير من المتكلمين وغيرهم، أن التوراة انقطع تواترها في زمن بخت نصر، ولم يبق من يحفظها إلا العزير، ثم العزيز إن كان نبيا فهو معصوم، والتواتر إلى المعصوم يكفي، اللهم إلا أن يقال: إنها لم تتواتر إليه، لكن بعده زكريا، ويحيى، وعيسى، وكلهم كانوا متمسكين بالتوراة، فلو لم تكن صحيحة معمولا بها، لما اعتمدوا عليها وهم أنبياء معصومون.
ثم قد قال الله تعالى فيما أنزل على رسوله محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى جميع الأنبياء، منكرا على اليهود في قصدهم الفاسد إذ عدلوا عما يعتقدون صحته عندهم، وأنهم مأمورون به حتما إلى التحاكم إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وهم يعاندون ما جاء به لكن لما كان في زعمهم ما قد يوافقهم على ما ابتدعوه من الجلد والتحميم المصادم لما أمر الله به حتما وقالوا: إن حكم لكم بالجلد والتحميم فاقبلوه، وتكونون قد اعتذرتم بحكم نبي لكم عند الله يوم القيامة، وإن لم يحكم لكم بهذا بل بالرجم فاحذروا أن تقبلوا منه.
فأنكر الله تعالى عليهم في هذا القصد الفاسد الذي إنما حملهم عليه الغرض الفاسد، وموافقة الهوى، لا الدين الحق فقال: { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ... } الآية [المائدة: 43-44] .
ولهذا حكم بالرجم قال:
« اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ».
وسألهم ما حملهم على هذا ولم تركوا أمر الله الذي بأيديهم؟ فقالوا: إن الزنا قد كثر في أشرافنا ولم يمكنا أن نقيمه عليهم، وكنا نرجم من زنى من ضعفائنا.
فقلنا تعالوا إلى أمر نصف نفعله مع الشريف والوضيع فاصطلحنا على الجلد والتحميم، فهذا من جملة تحريفهم وتبديلهم وتغييرهم وتأويلهم الباطل، وهذا إنما فعلوه في المعاني مع بقاء لفظ الرجم في كتابهم، كما دل عليه الحديث المتفق عليه.
فلهذا قال من قال: هذا من الناس إنه لم يقع تبديلهم إلا في المعاني، وإن الألفاظ باقية وهي حجة عليهم، إذ لو أقاموا ما في كتابهم جميعه لقادهم ذلك إلى اتباع الحق ومتابعة الرسول محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
كما قال الله تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ... } الآية [الأعراف: 157] .
وقال تعالى: { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ.. } الآية [المائدة: 66] .
وقال تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ... } الآية [المائدة: 68] .
وهذا المذهب وهو القول بأن التبديل إنما وقع في معانيها لا في ألفاظها، حكاه البخاري عن ابن عباس في آخر كتابه الصحيح، وقرر عليه ولم يرده. وحكاه العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره عن أكثر المتكلمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:55

ليس للجنب لمس التوراة


وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث، وحكاه الحناطي في فتاويه عن بعض أصحاب الشافعي وهو غريب جدا، وذهب آخرون من العلماء إلى التوسط في هذين القولين منهم: شيخنا الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: أما من ذهب إلى أنها كلها مبدلة من أولها إلى آخرها ولم يبق منها حرف إلا بدلوه فهذا بعيد.
وكذا من قال لم يبدل شيء منها بالكلية بعيد أيضا، والحق أنه دخلها تبديل وتغيير، وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص كما تصرفوا في معانيها، وهذا معلوم عند التأمل ولبسطه موضع آخر، والله أعلم.
كما في قوله في قصة الذبيح: اذبح ابنك وحيدك، وفي نسخة: بكرك إسحاق، فلفظة إسحاق مقحمة مزيدة بلا مرية، لأن الوحيد وهو البكر إسماعيل لأنه ولد قبل إسحاق بأربع عشر سنة، فكيف يكون الوحيد البكر إسحاق؟ وإنما حملهم على ذلك حسد العرب أن يكون إسماعيل غير الذبيح، فأرادوا أن يذهبوا بهذه الفضيلة لهم فزادوا ذلك في كتاب الله افتراء على الله وعلى رسوله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
وقد اغتر بهذه الزيادة خلق كثير من السلف والخلف، ووافقوهم على أن الذبيح إسحاق، والصحيح الذبيح إسماعيل كما قدمنا، والله أعلم.
وهكذا في توراة السامرة في العشر الكلمات زيادة الأمر بالتوجه إلى الطور في الصلاة، وليس ذلك في سائر نسخ اليهود والنصارى.
وهكذا يوجد في الزبور المأثور عن داود عليه السلام مختلفا كثيرا وفيه أشياء مزيدة ملحقة فيه وليست منه، والله أعلم.
قلت: وأما ما بأيديهم من التوراة المعربة فلا يشك عاقل في تبديلها وتحريف كثير من ألفاظها، وتغيير القصص والألفاظ، والزيادات والنقص البين الواضح، وفيها من الكذب البين والخطأ الفاحش شيء كثير جدا، فأما ما يتلونه بلسانهم ويكتبونه بأقلامهم فلا اطلاع لنا عليه، والمظنون بهم أنهم كذبة خونة يكثرون الفرية على الله ورسله وكتبه.
وأما النصارى فأناجيلهم الأربعة من طريق مرقس، ولوقا، ومتى، ويوحنا أشد اختلافا وأكثر زيادة ونقصا، وأفحش تفاوتا من التوراة، وقد خالفوا أحكام التوراة والإنجيل في غير ما شيء قد شرعوه لأنفسهم، فمن ذلك صلاتهم إلى الشرق وليست منصوصا عليها ولا مأمورا بها في شيء من الأناجيل الأربعة.
وهكذا تصويرهم كنائسهم وتركهم الختان، ونقلهم صيامهم إلى زمن الربيع، وزيادته إلى خمسين يوما، وأكلهم الخنزير، ووضعهم الأمانة الكبيرة، وإنما هي الخيانة الحقيرة، والرهبانية: وهي ترك التزويج لمن أراد التعبد وتحريمه عليه.
وكتبهم القوانين التي وضعتها لهم الأساقفة الثلاثمائة والثمانية عشر، فكل هذه الأشياء ابتدعوها ووضعوها في أيام قسطنطين بن قسطن باني القسطنطينية، وكان زمنه بعد المسيح بثلاثمائة سنة، وكان أبوه أحد ملوك الروم وتزوج أمه هيلانة في بعض أسفاره للصيد من بلاد حران، وكانت نصرانية على دين الرهابين المتقدمين.
فلما ولد لها منه قسطنطين المذكور، تعلم الفلسفة وبهر فيها وصار فيه ميل بعض الشيء إلى النصرانية التي أمه عليها، فعظم القائمين بها بعض الشيء وهو على اعتقاد الفلاسفة.
فلما مات أبوه واستقل هو في المملكة، سار في رعيته سيرة عادلة فأحبه الناس، وساد فيهم وغلب على ملك الشام بأسره مع الجزيرة وعظم شأنه، وكان أول القياصرة، ثم اتفق اختلاف في زمانه بين النصارى ومنازعة بين بترك الإسكندرية اكصندروس، وبين رجل من علمائهم يقال له: عبد الله بن أريوس.
فذهب اكصندروس إلى أن: عيسى ابن الله تعالى الله عن قوله، وذهب ابن أريوس إلى أن: عيسى عبد الله ورسوله، واتبعه على هذا طائفة من النصارى.
واتفق الأكثرون الأخسرون على قول بتركهم، ومنع ابن أريوس من دخول الكنيسة هو وأصحابه، فذهب يستعدي على اكصندروس وأصحابه إلى ملك قسطنطين، فسأله الملك عن مقالته فعرض عليه عبد الله بن أريوس ما يقول في المسيح من أنه عبد الله ورسوله، واحتج على ذلك فحال إليه وجنح إلى قوله، فقال له قائلون: فينبغي أن تبعث إلى خصمه فتسمع كلامه، فأمر الملك بإحضاره وطلب من سائر الأقاليم كل أسقف وكل من عنده في دين النصرانية.
وجمع البتاركة الأربعة من القدس، وإنطاكية، ورومية، والإسكندرية، فيقال: إنهم اجتمعوا في مدة سنة وشهرين ما يزيد على ألفي أسقف، فجمعهم في مجلس واحد وهو المجمع الأول من مجامعهم الثلاثة المشهورة، وهم مختلفون اختلافا متباينا منتشرا جدا، فمنهم الشرذمة على المقالة التي لا يوافقهم أحد من الباقين عليها، فهؤلاء خمسون على مقالة، وهؤلاء ثمانون على مقالة أخرى، وهؤلاء عشرة على مقالة، وأربعون على أخرى، ومائة على مقالة، ومائتان على مقالة، وطائفة على مقالة ابن أريوس، وجماعة على مقالة أخرى.
فلما تفاقم أمرهم، وانتشر اختلافهم حار فيهم الملك قسطنطين مع أنه سيئ الظن بما عدا دين الصابئين من أسلافه اليونانيين، فعمد إلى أكثر جماعة منهم على مقالة من مقالاتهم، فوجدهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا، قد اجتمعوا على مقالة اكصندروس ولم يجد طائفة بلغت عدتهم.
فقال هؤلاء: أولى بنصر قولهم لأنهم أكثر الفرق، فاجتمع بهم خصوصا، ووضع سيفه وخاتمه إليهم وقال: إني رأيتكم أكثر الفرق قد اجتمعتم على مقالتكم هذه، فأنا أنصرها وأذهب إليها.
فسجدوا له وطلب منهم أن يضعوا له كتابا في الأحكام، وأن تكون الصلاة إلى الشرق لأنها مطلع الكواكب النيرة، وأن يصوروا في كنائسهم صورا لها جثث، فصالحوه على أن تكون في الحيطان.
فلما توافقوا على ذلك أخذ في نصرهم وإظهار كلمتهم، وإقامة مقالتهم، وإبعاد من خالفهم وتضعيف رأيه وقوله، فظهر أصحابه بجاهه على مخالفيهم، وانتصروا عليهم، وأمر ببناء الكنائس على دينهم وهم الملكية نسبة إلى دين الملك.
فبني في أيام قسطنطين بالشام وغيرها في المدائن والقرى أزيد من اثنتي عشر ألف كنيسة، واعتنى الملك ببناء بيت لحم يعني على مكان مولد المسيح، وبنت أمه هيلانة قمامة بيت المقدس على مكان المصلوب الذي زعمت اليهود والنصارى بجهلهم وقلة علمهم أنه المسيح عليه الصلاة والسلام.
ويقال: إنه قتل من أعداء أولئك، وخد لهم الأخاديد في الأرض، وأجج فيها النار وأحرقهم بها كما ذكرناه في سورة البروج، وعظم دين النصرانية، وظهر أمره جدا بسبب الملك قسطنطين، وقد أفسده عليهم فسادا لا إصلاح له ولا نجاح معه ولا فلاح عنده.
وكثرت أعيادهم بسبب عظمائهم، وكثرت كنائسهم على أسماء عبادهم، وتفاقم كفرهم، وغلظت مصيبتهم، وتخلد ضلالهم، وعظم وبالهم، ولم يهد الله قلوبهم ولا أصلح بالهم، بل صرف قلوبهم عن الحق، وأمال عن الاستقامة، ثم اجتمعوا بعد ذلك مجمعين في قضية النسطورية واليعقوبية.
وكل فرقة من هؤلاء تكفر الأخرى، وتعتقد تخليدهم في نار جهنم، ولا يرى مجامعتهم في المعابد والكنائس، وكلهم يقول بالأقانيم الثلاثة: أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الكلمة، ولكن بينهم اختلاف في الحلول والاتحاد فيما بين اللاهوت والناسوت، هل تدرعه أو حل فيه، أو اتحد به؟
واختلافهم في ذلك شديد، وكفرهم بسببه غليظ، وكلهم على الباطل إلا من قال من الأريوسية أصحاب عبد الله بن أريوس: إن المسيح عبد الله ورسوله وابن أمته وكلمته، ألقاها إلى مريم وروح منه كما يقول المسلمون فيه سواء.
ولكن لما استقر أمر الأريوسية على هذه المقالة، تسلط عليهم الفرق الثلاثة بالإبعاد والطرد حتى قلوا، فلا يعرف اليوم منهم أحد فيما يعلم، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:57

كتاب الجامع الأخبار الأنبياء المتقدمين


قال الله تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } الآية [البقرة: 253] .
وقال تعالى: { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورا * وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيما * رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزا حَكِيما } [النساء: 153-155] .
وقد روى ابن حبان في صحيحه، وابن مردويه في تفسيره وغيرهما، من طريق إبراهيم بن هشام، عن يحيى بن محمد الغساني الشامي، وقد تكلموا فيه، حدثني أبي، عن جدي، عن أبي إدريس، عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟
قال: « مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ».
قلت: يا رسول الله، كم الرسل منهم؟
قال: « ثلاثمائة وثلاثة عشر، جم غفير ».
قلت: يا رسول الله من كان أولهم؟
قال: « آدم ».
قلت: يا رسول الله نبي مرسل؟
قال: « نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سواه قبلا ثم قال: يا أبا ذر أربعة سريانيون: آدم، وشيث، ونوح، وخنوخ، وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم. وأربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر. وأول نبي من بني إسرائيل: موسى، وآخرهم: عيسى، وأول النبيين: آدم، وآخرهم نبيك ».
وقد أورد هذا الحديث أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات.
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان بن رفاعة، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: « ومائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا ». وهذا أيضا من هذا الوجه ضعيف، فيه ثلاثة من الضعفاء: معان وشيخه، وشيخ شيخه.
وقد قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أحمد بن إسحاق أبو عبد الله الجوهري البصري، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « بعث الله ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر الناس ». [1].
وقال أبو يعلى أيضا: حدثنا أبو الربيع، حدثنا محمد بن ثابت العبدي، حدثنا معبد بن خالد الأنصاري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي، ثم كان عيسى، ثم كنت أنا ». [2].
وقد رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي، عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا أحمد بن طارق، حدثنا مسلم بن خالد، حدثنا زياد بن سعد، عن محمد بن المنكدر، عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « بعثت على أثر ثمانية آلاف نبي، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل ». [3]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:58

حديث إني خاتم ألف نبي


قال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثني عبد المتعالي ابن عبد الوهاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا مجالد عن أبي الوداك قال: قال أبو سعيد: هل تقر الخوارج بالدجال؟
قال: قلت: لا.
فقال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « إني خاتم ألف نبي أو أكثر، وما بعث الله نبيا يتبع إلا وحذر أمته منه، وإني قد بين لي فيه ما لم يبين لأحد منهم، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى كأنها نخامة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه من كل لسان، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تدخن ». [1]
وقد روي عن جابر بن عبد الله فقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « إني لخاتم ألف نبي أو أكثر، وإنه ليس منهم بني إلا وقد أنذر قومه الدجال، وأنه قد تبين لي فيه ما لم يتبين لأحد منهم وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ».
وهذا إسناد حسن، وهو محمول على ذكر عدد من أنذر قومه الدجال من الأنبياء، لكن في الحديث الآخر: « ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الدجال ». فالله أعلم.
وقال البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن فرات يعني القزاز قال: سمعت أبا حازم يحدث قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال: « كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون ».
قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟
قال: « فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم ». [2]
وقال البخاري: حدثنا عمرو بن حفص، حدثنا أبي حدثني الأعمش، حدثني شقيق قال: قال عبد الله - هو ابن مسعود - كأني أنظر إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: « اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ». [3]
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري قال: وضع رجل يده اليمنى على النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقال: والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حماك، فقال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر، إن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالقمل حتى يقتله، وإن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالفقر حتى يأخذ العباء فيجوبها، وإن كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء ». [4]
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان بن عاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟
قال: « الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل من الناس، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عليه، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض وما عليه خطيئة ». [5]
وتقدم في الحديث: « نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد وأمهاتنا شتى ».
والمعنى: أن شرائعهم وإن اختلفت في الفروع، ونسخ بعضها بعضا حتى انتهى الجميع إلى ما شرع الله لمحمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وعليهم أجمعين.
إلا أن كل نبي بعثه الله فإنما دينه الإسلام، وهو التوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء: 25] .
وقال تعالى: { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [الزخرف: 45] .
وقال تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ... } الآية [النحل: 36] .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:59

فأولاد العلات أن يكون الأب واحدا والأمهات متفرقات، فالأب بمنزلة الدين وهو التوحيد، والأمهات بمنزلة الشرائع في اختلاف أحكامها كما قال تعالى: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجا } [المائدة: 48] .
وقال: { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكا هُمْ نَاسِكُوهُ } [الحج: 67] .
وقال: { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا } [البقرة: 148] على أحد القولين في تفسيرها.
والمقصود أن الشرائع وإن تنوعت في أوقاتها، إلا أن الجميع آمرة بعبادة الله وحده لا شريك له، وهو دين الإسلام الذي شرعه الله لجميع الأنبياء، وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره يوم القيامة كما قال تعالى: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران: 85] .
وقال تعالى: { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [البقرة: 130- 132] .
وقال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا... } الآية [المائدة: 44] ، فدين الإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو الإخلاص له وحده دون ما سواه، والإحسان أن يكون على الوجه المشروع في ذلك الوقت المأمور به، ولهذا لا يقبل الله من أحد عملا بعد أن بعث محمدا ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg على ما شرعه له.
كما قال تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعا } [الأعراف: 158] .
وقال تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [الأنعام: 19] .
وقال تعالى: { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } [هود: 17] .
وقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « بعثت إلى الأحمر والأسود ».
قيل: أراد العرب والعجم، وقيل: الإنس والجن.
وقال ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ».
والأحاديث في هذا كثيرة جدا.
والمقصود أن إخوة العلات أن يكونوا من أب واحد وأمهاتهم شتى، مأخوذ من شرب العلل بعد النهل. وأما إخوة الأخياف فعكس هذا ؛ أن تكون أمهم واحدة من آباء شتى. وإخوة الأعيان فهم الأشقاء من أب واحد وأم واحدة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفي الحديث الآخر: « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة ».
وهذا من خصائص الأنبياء أنهم لا يورثون، وما ذاك إلا لأن الدنيا أحقر عندهم من أن تكون مخلفة عنهم، ولأن توكلهم على الله عز وجل في ذراريهم أعظم، وأشد، وآكد من أن يحتاجوا معه إلى أن يتركوا لورثتهم من بعدهم ما لا يستأثرون به عن الناس، بل يكون جميع ما تركوه صدقة لفقراء الناس، ومحاويجهم، وذو خلتهم.
وسنذكر جميع ما يختص بالأنبياء عليهم السلام، مع خصائص نبينا ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وعليهم أجمعين، في أول كتاب النكاح من كتاب الأحكام الكبير، حيث ذكره الأئمة من المصنفين اقتداء بالإمام أبي عبد الله الشافعي رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن أن عبد رب الكعبة قال: انتهيت إلى عبد الله بن عمرو وهو جالس في ظل الكعبة، فسمعته يقول: بينا نحن مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في سفر إذ نزل منزلا فمنا من يضرب خباءه، ومنا من هو في جشرة، ومنا من ينتضل، إذ نادى مناديه: الصلاة جامعة، قال: فاجتمعنا، قال: فقام رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فخطبنا فقال: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا دل أمته على خير ما يعلمه لهم، وحذرهم ما يعلمه شرا لهم، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وإن آخرها سيصيبها بلاء شديد، وأمور ينكرونها، تجيء فتن يريق بعضها بعضا، تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه، ثم تنكشف، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه موتته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ».
قال: فأدخلت رأسي من بين الناس، فقلت: أنشدك بالله أنت سمعت هذا من رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال: فأشار بيده إلى أذنيه، وقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، قال: فقلت: هذا ابن عمك - يعني معاوية - يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، وأن نقتل أنفسنا، وقد قال الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } [النساء: 29] .
قال: فجمع يديه، فوضعهما على جبهته، ثم نكس هنيهة، ثم رفع رأسه فقال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله.
ورواه أحمد أيضا عن وكيع عن الأعمش به، وقال فيه: { أيها الناس إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم، وينذره ما يعلمه شرا لهم } وذكر تمامه بنحوه. [6]
ورواه مسلم أيضا من حديث الشعبي، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عمر، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بنحوه.
آخر الجزء الثامن من خط المصنف رحمه الله تعالى، يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب أخبار العرب، وكان الفراغ من تتمة هذا المجلد في سابع عشر شوال، سنة سهر ربيعة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، بدمشق المحروسة.
على يد أفقر عباد الله، وأحوجهم إلى رحمته، وعفوه، وغفرانه، ولطفه، وكرمه إسماعيل الدرعي الشافعي الأنصاري غفر الله تعالى له، وختم له بخير، ولأحبابه، ولإخوانه، ولمشايخه، ولجميع المسلمين، والصلاة والسلام على محمد خير خلقه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:02

ذكر أخبار العرب


قيل: إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام والتحية والإكرام، والصحيح المشهور أن العرب العاربة قبل إسماعيل، وقد قدمنا أن العرب العاربة منهم: عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وأميم، وجرهم، والعماليق، وأمم آخرون لا يعلمهم إلا الله كانوا قبل الخليل عليه الصلاة والسلام وفي زمانه أيضا.
فأما العرب المستعربة: وهم عرب الحجاز فمن ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وأما عرب اليمن: وهم حمير، فالمشهور أنهم من قحطان، واسمه: مهزم، قاله ابن ماكولا.
وذكروا أنهم كانوا أربعة إخوة: قحطان، وقاحط، ومقحط، وفالغ، وقحطان بن هود، وقيل: هو هود، وقيل: هود أخوه، وقيل: من ذريته، وقيل: إن قحطان من سلالة إسماعيل، حكاه ابن إسحاق، وغيره. فقال بعضهم: هو قحطان بن الهميسع بن تيمن بن قيذر بنت ابن إسماعيل، وقيل: غير ذلك في نسبه إلى إسماعيل، والله أعلم.
وقد ترجم البخاري في صحيحه على ذلك، فقال: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه السلام:
حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن يزيد بن أبي عبيد، حدثنا سلمة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg على قوم من أسلم يتناضلون بالسيوف، فقال:
« ارموا بني إسماعيل، وأنا مع بني فلان » لأحد الفريقين. فأمسكوا بأيدهم.
فقال: « ما لكم؟ ».
قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان؟
فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم ».
انفرد به البخاري، وفي بعض ألفاظه: « ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع ابن الأدرع ». فأمسك القوم فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم ».
قال البخاري وأسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة، يعني وخزاعة فرقة ممن كان تمزق من قبائل سبأ حين أرسل الله عليهم سيل العرم، كما سيأتي بيانه، وكانت الأوس والخزرج منهم، وقد قال لهم عليه الصلاة والسلام:
« ارموا بني إسماعيل » فدل على أنهم من سلالته، وتأوله آخرون على أن المراد بذلك جنس العرب، لكنه تأويل بعيد إذ هو خلاف الظاهر بلا دليل.
لكن الجمهور على أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم، ليسوا من سلالة إسماعيل، وعندهم أن جميع العرب ينقسمون إلى قسمين: قحطانية، وعدنانية ؛ فالقحطانية: شعبان سبأ وحضرموت، والعدنانية: شعبان أيضا ربيعة ومضر، ابنا نزار بن معد بن عدنان، والشعب الخامس وهم: قضاعة مختلف فيهم. فقيل: إنهم عدنانيون.
قال ابن عبد البر وعليه الأكثرون، ويروى هذا عن ابن عباس، وابن عمر، وجبير بن مطعم، وهو اختيار الزبير بن بكار، وعمه مصعب الزبيري، وابن هشام، وقد ورد في حديث قضاعة بن معد، ولكنه لا يصح، قاله ابن عبد البر وغيره، ويقال: إنهم لن يزالوا في جاهليتهم، وصدر من الإسلام، ينتسبون إلى عدنان، فلما كان في زمن خالد بن يزيد بن معاوية، وكانوا أخواله انتسبوا إلى قحطان، فقال في ذلك أعشى بن ثعلبة في قصيدة له:
أبلغ قضاعة في القرطاس إنهم * لولا خلائف آل الله ما عتقوا
قالت قضاعة إنا من ذوي يمن * والله يعلم ما بروا وما صدقوا
قد ادعوا والدا ما نال أمهم * قد يعلمون ولكن ذلك الفرق
وقد ذكر أبو عمرو السهيلي أيضا من شعر العرب ما فيه إبداع في تفسير قضاعة في انتسابهم إلى اليمن، والله أعلم.
والقول الثاني أنهم من قحطان، وهو قول ابن إسحاق، والكلبي، وطائفة من أهل النسب، قال ابن إسحاق وهو قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وقد قال بعض شعرائهم وهو عمرو بن مرة صحابي له حديثان:
يا أيها الداعي ادعنا وأبشر * وكن قضاعيا ولا تنزر
نحن بنو الشيخ الهجان الأزهر * قضاعة بن مالك بن حمير
النسب المعروف غير المنكر * في الحجر المنقوش تحت المنبر
قال بعض أهل النسب:
هو قضاعة بن مالك بن عمر بن مرة بن زيد بن حمير، وقال ابن لهيعة عن معروف بن سويد، عن أبي عشابة محمد بن موسى عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أما نحن من معد؟
قال: « لا ».
قلت: فمن نحن؟
قال: « أنتم قضاعة بن مالك بن حمير ».
قال أبو عمر بن عبد البر، ولا يختلفون أن جهينة بن زيد بن أسود بن أسلم بن عمران بن إلحاف بن قضاعة قبيلة عقبة بن عامر الجهني، فعلى هذا قضاعة في اليمن في حمير بن سبأ.
وقد جمع بعضهم بين هذين القولين بما ذكره الزبير بن بكار وغيره، من أن قضاعة امرأة من جرهم، تزوجها مالك بن حمير، فولدت له قضاعة، ثم خلف عليها معد بن عدنان وابنها صغير، وزعم بعضهم أنه كان حملا فنسب إلى زوج أمه، كما كانت عادة كثير منهم ينسبون الرجل إلى زوج أمه، والله أعلم.
وقال محمد بن سلام البصري النسابة: العرب ثلاثة جراثيم: العدنانية، والقحطانية، وقضاعة.
قيل له: فأيهما أكثر العدنانية أو القحطانية؟
فقال: ما شاءت قضاعة أن تيامنت ؛ فالقحطانية أكثر، وإن تعددت، فالعدنانية أكثر. وهذا يدل على أنهم يتلومون في نسبهم، فإن صح حديث ابن لهيعة المقدم، فهو دليل على أنهم من القحطانية، والله أعلم.
وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13] .
قال علماء النسب: يقال شعوب، ثم قبائل، ثم عمائر، ثم بطون، ثم أفخاذ، ثم فصائل، ثم عشائر. والعشيرة أقرب الناس إلى الرجل، وليس بعدها شيء.
ولنبدأ أولا بذكر القحطانية، ثم نذكر بعدهم عرب الحجاز، وهم العدنانية، وما كان من أمر الجاهلية ليكون ذلك متصلا بسيرة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
وقال البخاري باب ذكر قحطان: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي المغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال:
« لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ».
وكذا رواه مسلم عن قتيبة، عن الدراوردي، عن ثور بن زيد به.
قال السهيلي: وقحطان أول من قيل له أبيت اللعن، وأول من قيل له أنعم صباحا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، عن جرير، حدثني راشد بن سعد المقراي، عن أبي حي، عن ذي فجر أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال:
« كان هذا الأمر في حمير، فنزعه الله منهم، فجعله في قريش » (وس ى ع و د ا ل ى هـ م) قال عبد الله: كان هذا في كتاب أبي، وحيث حدثنا به تكلم به على الاستواء، يعني: وسيعود إليهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:05

قصة سبأ


قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاما آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } [سبأ: 15-19] .
قال علماء النسب منهم محمد بن إسحاق: اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان، قالوا: وكان أول من سبى من العرب فسمى سبأ لذلك. وكان يقال له: الرائش، لأنه كان يعطي الناس الأموال من متاعه.
قال السهيلي: ويقال إنه أول من تتوج.
وذكر بعضهم أنه كان مسلما، وكان له شعر بشر فيه بوجود رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فمن ذلك قوله:
سيملك بعدنا ملكا عظيما * نبي لا يرخص في الحرام
ويملك بعده منهم ملوك * يدينون العباد بغير ذام
ويملك بعدهم منا ما ملوك * يصير الملك فينا باقتسام
ويملك بعد قحطان نبي * تقي جبينه خير الأنام
يسمى أحمدا يا ليت أني * أعمر بعد مبعثه بعام
فأعضده وأحبوه بنصري * بكل مدجج وبكل رام
متى يظهر فكونوا ناصريه* ومن يلقاه يبلغه سلامي
حكاه ابن دحية في كتابه (التنوير) في مولد البشير النذير.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن دعلة، سمعت عبد الله بن العباس يقول:
إن رجلا سأل النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg عن سبأ ما هو: أرجل أم امرأة أم أرض؟
قال: « بل هو رجل، ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة، وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون: فمذحج، وكندة، والأزد، والأشعريون، وأنمار، وحمير، وأما الشامية: فلخم، وجذام وعاملة، وغسان ».
وقد ذكرنا في التفسير أن فروة بن مسيك الغطيفي، هو السائل عن ذلك، كما استقصينا طرق هذا الحديث وألفاظه هناك، ولله الحمد
والمقصود أن سبأ يجمع هذه القبائل كلها، وقد كان فيهم التبابعة بأرض اليمن، وأحدهم تُبَّع، وكان لملوكهم تيجان يلبسونها وقت الحكم، كما كانت الأكاسرة ملوك الفرس يفعلون ذلك.
وكانت العرب تسمي كل من ملك اليمن مع الشحر وحضرموت تُبَّعا، كما يسمون من ملك الشام مع الجزيرة قيصر، ومن ملك الفرس كسرى، ومن ملك مصر فرعون، ومن ملك الحبشة النجاشي، ومن ملك الهند بطليموس.
وقد كان من جملة ملوك حمير بأرض اليمن بلقيس، وقد قدمنا قصتها مع سليمان عليه السلام، وقد كانوا في غبطة عظيمة، وأرزاق دارة، وثمار وزروع كثيرة، وكانوا مع ذلك على الاستقامة والسداد وطريق الرشاد، فلما بدلوا نعمة الله كفرا أحلوا قومهم دار البوار
قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه: أرسل الله إليهم ثلاثة عشر نبيا. وزعم السدي أنه أرسل إليهم اثني عشر ألف نبي، فالله أعلم. والمقصود أنهم لما عدلوا عن الهدى إلى الضلال، وسجدوا للشمس من دون الله، وكان ذلك في زمان بلقيس وقبلها أيضا، واستمر ذلك فيهم حتى أرسل الله عليهم سيل العرم، كما قال تعالى: { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } [سبأ: 16-17] .ذكرت قصته مطولة عن عكرمة، فيما رواه ابن أبي حاتم في التفسير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:06

ذكر غير واحد من علماء السلف والخلف من المفسرين وغيرهم، أن سد مأرب كان صنعته أن المياه تجري من بين جبلين، فعمدوا في قديم الزمان فسدوا ما بينهما ببناء محكم جدا، حتى ارتفع الماء فحكم على أعالي الجبلين، وغرسوا فيهما البساتين والأشجار المثمرة الأنيقة، وزرعوا الزروع الكثيرة.
ويقال: كان أول من بناه سبأ بن يعرب، وسلط إليه سبعين واديا يفد إليه، وجعل له ثلاثين فرضة يخرج منها الماء، ومات ولم يكمل بناؤه، فكملته حمير بعده، وكان اتساعه فرسخا في فرسخ.
وكانوا في غبطة عظيمة، وعيش رغيد، وأيام طيبة، حتى ذكر قتادة وغيره أن المرأة كانت تمر بالمكتل على رأسها ؛ فتمتلئ من الثمار ما يتساقط فيه من نضجه وكثرته.
وذكروا أنه لم يكن في بلادهم شيء من البراغيث، ولا الدواب المؤذية، لصحة هوائهم، وطيب فنائهم، كما قال تعالى: { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } [سبأ: 15] .
وكما قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 3] .
فلما عبدوا غير الله، وبطروا نعمته، وسألوا بعد تقارب ما بين قراهم، وطيب ما بينها من البساتين، وأمن الطرقات، سألوا أن يباعد بين أسفارهم، وأن يكون سفرهم في مشاق وتعب، وطلبوا أن يبدلوا بالخير شرا، كما سأل بنو إسرائيل بدل المن والسلوى: البقول، والقثاء، والفوم، والعدس، والبصل، فسلبوا تلك النعمة العظيمة، والحسنة العميمة، بتخريب البلاد، والشتات على وجوه العباد، كما قال تعالى: { فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ } .
قال غير واحد: أرسل الله على أصل السد الفار، وهو الجرذ، ويقال: الخلد، فلما فطنوا لذلك أرصدوا عندها السنانير، فلم تغن شيئا، إذ قد حم القدر، ولم ينفع الحذر، كلا لا وزر، فلما تحكم في أصله الفساد، سقط وانهار، فسلك الماء القرار، فقطعت تلك الجداول والأنهار، وانقطعت تلك الثمار، ومادت تلك الزروع والأشجار، وتبدلوا بعدها برديء الأشجار والأثمار، كما قال العزيز الجبار: { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ } .
قال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد: هو الأراك، وثمره البرير، وأثل وهو: الطرفاء، وقيل: يشبهه، وهو حطب لا ثمر له { وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ } وذلك لأنه لما كان يثمر النبق، كان قليلا مع أنه ذو شوك كثير، وثمره بالنسبة إليه كما يقال في المثل: لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى.
ولهذا قال تعالى: { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } أي: إنما نعاقب هذه العقوبة الشديدة من كفر بنا، وكذب رسلنا، وخالف أمرنا، وانتهك محارمنا.
وقال تعالى: { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } وذلك أنهم لما هلكت أموالهم، وخربت بلادهم، احتاجوا أن يرتجلوا منها، وينتقلوا عنها، فتفرقوا في غور البلاد ونجدها، أيدي سبأ شَذَرَ مَذَرَ.
فنزلت طوائف منهم الحجاز، ومنهم خزاعة نزلوا ظاهر مكة، وكان من أمرهم ما سنذكره، ومنهم المدينة المنورة اليوم، فكانوا أول من سكنها. ثم نزلت عندهم ثلاث قبائل من اليهود: بنو قينقاع، وبنو قريظة، وبنو النضير، فخالفوا الأوس والخزرج، وأقاموا عندهم، وكان من أمرهم ما سنذكره.
ونزلت طائفة أخرى منهم الشام، وهم الذين تنصروا فيما بعد، وهم: غسان، وعاملة، وبهراء، ولخم، وجذام، وتنوخ، وتغلب، وغيرهم، وسنذكرهم عند ذكر فتوح الشام في زمن الشيخين رضي الله عنهما.
قال محمد بن إسحاق: حدثني أبو عبيدة قال: قال الأعشى بن قيس بن ثعلبة، وهو ميمون بن قيس:
وفي ذاك للمؤتسي أسوة * ومأرم عفي عليها العرم
رخام بنته لهم حمير * إذا جاء مواره لم يرم
فأروى الزرع وأعنانها * على سعة ماءهم إذ قسم
فصاروا أيادي لا يقدرو * ن على شرب طفل إذا ما فطم
وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب السيرة، أن أول من خرج من اليمن قبل سيل العرم عمرو بن عامر اللخمي، ولخم هو ابن عدي بن الحارث بن مرة بن ازد بن زيد بن مهع بن عمرو بن عريب بن يشجب ابن زيد بن كهلان بن سبأ. ويقال: لخم بن عدي بن عمرو بن سبأ، قاله ابن هشام.
قال ابن إسحاق: وكان سبب خروجه من اليمن فيما حدثني أبو زيد الأنصاري أنه رأى جرذا يحفر في سد مأرب الذي كان يحبس عليهم الماء، فيصرفونه حيث شاؤوا من أرضهم، فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك، فاعتزم على النقلة عن اليمن، فكاد قومه، فأمر اصغر ولده إذا أغلظ عليه ولطمه، أن يقوم إليه فيلطمه، ففعل ابنه ما أمره به.
فقال عمرو: لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي، وعرض أمواله، فقال أشراف من أشراف اليمن: اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه أمواله، وانتقل في ولده وولد ولده.
وقالت الأزد: لا نتخلف عن عمرو بن عامر، فباعوا أموالهم وخرجوا معه، فساروا حتى نزلوا بلاد عك، مجتازين يرتادون البلدان، فحاربتهم عك، فكانت حربهم سجالا، ففي ذلك قال عباس بن مرداس:
وعك بن عدنان الذين تلعبوا * بغسان حتى طردوا كل مطرد
قال: فارتحلوا عنهم، فتفرقوا في البلاد، فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام، ونزل الأوس والخزرج يثرب، ونزلت خزاعة مرا، ونزلت أزد السراة السراة، ونزلت أزد عمان عمان.
ثم أرسل الله تعالى على السد السيل فهدمه، وفي ذلك أنزل الله هذه الآيات. وقد روي عن السدي قريب من هذا.
وعن محمد بن إسحاق في روايته أن عمرو بن عامر كان كاهنا. وقال غيره: كانت امرأته طريفة بنت الخير الحميرية كاهنة، فأخبرت بقرب هلاك بلادهم، وكأنهم رأوا شاهد ذلك في الفأر الذي سلط على سدهم، ففعلوا ما فعلوا، والله أعلم. وقد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:08

فصل إقامة ست قبائل من سبأ في اليمن.


وليس جميع سبأ خرجوا من اليمن لما أصيبوا بسيل العرم، بل أقام أكثرهم بها، وذهب أهل مأرب الذين كان لهم السد فتفرقوا في البلاد، وهو مقتضى الحديث المتقدم عن ابن عباس: أن جميع قبائل سبأ لم يخرجوا من اليمن، بل إنما تشاءم منهم أربعة، وبقي باليمن ستة: وهم مذحج، وكندة، وأنمار، والأشعريون، وأنمار هو: أبو خثعم، وبجيلة، وحمير.
فهؤلاء ست قبائل من سبأ أقاموا باليمن، واستمر فيهم الملك والتبايعة حتى، سلبهم ذلك ملك الحبشة بالجيش الذي بعثه صحبة أميريه: أبرهة، وأرياط نحوا من سبعين سنة.
ثم استرجعه سيف ابن ذي يزن الحميري، وكان ذلك قبل مولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بقليل، كما سنذكره مفصلا قريبا إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان.
ثم أرسل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى أهل اليمن عليا وخالد بن الوليد، ثم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل، وكانوا يدعون إلى الله تعالى، ويبينون لهم الحجج، ثم تغلب على اليمن الأسود العنسي، وأخرج نواب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg منها، فلما قُتل الأسود، استقرت اليد الإسلامية عليها في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كما سنبين ذلك بعد البعثة إن شاء الله تعالى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:09

قصة ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر


المتقدم ذكره اللخمي، كذا ذكره ابن إسحاق، وقال السهيلي: ونساب اليمن تقول نصر بن ربيعة ابن نصر بن الحارث بن نمارة بن لخم.
وقال الزبير بن بكار: ربيعة بن نصر بن مالك بن شعوذ بن مالك بن عجم بن عمرو بن نمارة بن لخم، ولخم: أخو جذام، وسمي لخما لأنه لخم أخاه، أي: لطمه، فعضه الآخر في يده فجذمها، فسمي جذاما.
وكان ربيعة أحد ملوك حمير التبابعة، وخبره مع شق وسطيح الكاهنين، وإنذارهما بوجود رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
أما سطيح: فاسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان.
وأما شق: فهو ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قيس بن عبقر بن أنمار بن نزار، ومنهم من يقول: أنمار بن أراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نابت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
ويقال: إن سطيحا كان لا أعضاء له، وإنما كان مثل السطيحة، ووجهه في صدره، وكان إذا غضب انتفخ وجلس. وكان شق نصف إنسان. ويقال: إن خالد بن عبد الله بن القسري كان سلالته.
وذكر السهيلي أنهما وُلدا في يوم واحد، وكان ذلك يوم ماتت طريفة بنت الخير الحميرية. ويقال: إنها تفلت في فم كل منهما، فورث الكهانة عنها، وهي امرأة عمرو بن عامر المتقدم ذكره، والله أعلم.
قال محمد بن إسحاق: وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة، فرأى رؤيا هائلة هالته، وفظع بها، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته، إلا جمعه إليه، فقال لهم: إني قد رأيت رؤيا هالتني، وفظعت بها، فأخبروني بها وبتأويلها، فقالوا: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها.
فقال: إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم بتأويلها، لأنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها. فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا، فليبعث إلى شق وسطيح، فإنه ليس أحد أعلم منهما، فهما يخبرانه بما سأل عنه.
فبعث إليهما فقدم إليه سطيح قبل شق، فقال له: إني قد رأيت رؤيا هالتني، وفظعت بها، فأخبرني بها، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها.
فقال: أفعل.
رأيت حُمَمَة خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة.
فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح، فما عندك في تأويلها؟
قال: أحلف بما بين الحرتين من حنش، لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش.
فقال له الملك: يا سطيح إن هذا لنا لغائط موجع، فمتى هو كائن: أفي زماني أم بعده؟
فقال: لا وأبيك، بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين.
قال: أفيدوم ذلك من سلطانهم أم ينقطع؟
قال: بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين.
قال: ومن بلى ذلك من قتلهم وإخراجهم؟
قال: يليهم أرم بن ذي يزن يخرج عليهم من عدن، فلا يترك منهم أحدا باليمن.
قال: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟
قال: بل ينقطع.
قال: ومن يقطعه؟
قال: نبي زكي، يأتيه الوحي من قِبَلِ العلي.
قال: وممن هذا النبي؟
قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر.
قال: وهل للدهر من آخر؟
قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون.
قال: أحق ما تخبرني.
قال: نعم، والشفق والغسق والفلق إذا اتسق، إن ما أنبأتك به لحق.
قال: ثم قدم عليه شق، فقال له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيح، لينظر أيتفقان أم يختلفان. قال: نعم رأيت حممة، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا، وأن قولهما واحد، إلا أن سطيحا قال: وقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة. وقال شق: وقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة. فقال له الملك: ما أخطأت يا شق منها شيئا، فما عندك في تأويلها؟
فقال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان، فليغلبن على كل طفلة البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران.
فقال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده؟
قال: لا بل بعده بزمان. ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان، ويذيقهم أشد الهوان.
قال: ومن هذا العظيم الشأن؟
قال: غلام ليس بدني ولا مدن، يخرج عليهم من بيت ذي يزن فلا يترك منهم أحدا باليمن.
قال: أفيدوم سلطانه أم ينقطع؟
قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟
قال: يوم يجزى فيه الولات، يدعى فيه من السماء بدعوات تسمع منها الأحياء والأموات، ويجمع الناس فيه للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات.
قال: أحق ما تقول؟
قال: أي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض، إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.
قال ابن إسحاق: فوقع في نفس ربيعة بن نصر ما قالا، فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له: سابور بن خرزاذ، فأسكنهم الحيرة.
قال ابن إسحاق: فمن بقية ولد ربيعة بن نصر النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر، يعني: الذي كان نائبا على الحيرة لملوك الأكاسرة، وكانت العرب تفد إليه وتمتدحه، وهذا الذي قاله محمد بن إسحاق من أن النعمان بن المنذر من سلالة ربيعة بن نصر قاله أكثر الناس.
وقد روى ابن إسحاق أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما جيء بسيف النعمان بن المنذر سأل جبير بن مطعم عنه ممن كان؟ فقال: من أشلاء قنص بن معد بن عدنان. قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:14

قصة تبع أبي كرب مع أهل المدينة


(وكيف أراد غزو البيت الحرام ثم شرفه وعظمه وكساه الحلل فكان أول من كساه).
قال ابن إسحاق: فلما هلك ربيعة بن نصر، رجع ملك اليمن كله إلى حسان بن تبان أسعد أبي كرب، وتبان أسعد تبع الآخر ابن كلكيركب بن زيد، وزيد بن تبع الأول بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الرائش بن عدي بن صيفي بن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير ابن أنس بن الهميسع بن العربحج والعربحج، هو حميبر بن سبأ الأكبر بن يعرب بن يشجب بن قحطان.
قال عبد الملك بن هشام: سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
قال ابن إسحاق: وتبان أسعد أبو كرب، هو الذي قدم المدينة، وساق الحبرين من اليهود إلى اليمن، وعمَّر البيت الحرام وكساه، وكان ملكه قبل ملك ربيعة بن نصر.
وكان قد جعل طريقه حين رجع من غزوة بلاد المشرق على المدينة، وكان قد مر بها في بدأته فلم يهج أهلها، وخلَّف بين أظهرهم ابنا له، فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها.
فجمع له هذا الحي من الأنصار ورئيسهم عمرو بن طلحة أخو بني النجار، ثم أحد بني عمرو بن مبذول، واسم مبذول: عامر بن مالك بن النجار، واسم النجار: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
وقال ابن هشام: عمرو بن طلحة هو عمرو بن معاوية بن عمرو بن عامر بن مالك بن النجار، وطلة أمه، وهي بنت عامر بن زريق الخزرجية.
قال ابن إسحاق: وقد كان رجل من بني عدي بن النجار يقال له: أحمر، عدا على رجل من أصحاب تبع وجده يجد عذقا له فضربه بمنجلة فقتله. وقال إنما التمر لمن أبره فزاد ذلك تبعا حنقا عليهم. فاقتتلوا: فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم، ويقول: والله إن قومنا لكهام.
وحكى ابن إسحاق عن الأنصار: أن تبعا إنما كان حنقه على اليهود، أنهم منعوهم منه.
قال السهيلي: ويقال إنه إنما جاء لنصرة الأنصار أبناء عمه، على اليهود الذين نزلوا عندهم في المدينة على شروط فلم يفوا بها، واستطالوا عليهم، والله أعلم.
قال ابن إسحاق: فبينا تبع على ذلك من قتالهم، إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة: عالمان راسخان، حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها، فقالوا له: أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك جل العقوبة.
فقال لهما: ولم ذلك؟
قالا: هي مهاجر نبي، يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان، تكون داره وقراره، فتناهى عن ذلك، ورأى أن لهما علما، وأعجبه ما سمع منهما، فانصرف عن المدينة، وأتبعهما على دينهما.
قال ابن إسحاق: وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها، فتوجه إلى مكة، وهي طريقه إلى اليمن، حتى إذا كان بين عسفان وامج، أتاه نفر من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن بزار بن معد بن عدنان. فقالوا له: أيها الملك ألا ندلك على بيت مال داثرا غفلته الملوك قبلك، فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة، قال: بلى. قالوا: بيت بمكة يعبده أهله، ويصلون عنده.
وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك، وبغى عنده. فلما أجمع لما قالوا، أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك. فقالا له: ما أراد القوم إلا هلاكك، وهلاك جندك، ما نعلم بيتا لله عز وجل، اتخذه في الأرض لنفسه غيره، ولئن فعلت ما دعوك إليه، لتهلكن وليهلكن من معك جميعا.
قال: فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه؟ قالا: تصنع عنده ما يصنع أهله، تطوف به، وتعظمه وتكرمه، وتحلق رأسك عنده، وتذلل له، حتى تخرج من عنده.
قال: فما يمنعكما أنتما من ذلك؟ قالا: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم عليه السلام، وإنه لكما أخبرناك، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله، وبالدماء التي يهريقون عنده، وهم نجس أهل شرك - أو كما قالا له - فعرف نصحهما وصدق حديثهما، وقرب النفر من هذيل، فقطع أيديهم وأرجهلم.
ثم مضى حتى قدم مكة، فطاف بالبيت، ونحر عنده، وحلق رأسه، وأقام بمكة ستة أيام - فيما يذكرون - ينحر بها للناس، ويطعم أهلها، ويسقيهم العسل.
وأُري في المنام أن يكسوا البيت، فكساء الخصف، ثم أُري في المنام أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساء المعافر، ثم أُري أن يكسوه أحسن من ذلك، فكساء الملاء والوصائل.
وكان تبع فيما يزعمون أول من كسا البيت، وأوصى به ولاته من جرهم، وأمرهم بتطهيره، وأن لا يقربوه دما، ولا ميتة، ولا مئلاتا وهي المحايض، وجعل له بابا ومفتاحا، ففي ذلك قالت سبيعة بنت الأحب، تذكر ابنها خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وتنهاه عن البغي بمكة، وتذكر له ما كان من أمر تبع فيها:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:15

أبني لا تظلم بمكة * لا الصغير ولا الكبير
واحفظ محارمها بني * ولا يغرنك الغرور
أبني من يظلم بمكة * يلق أطراف الشرور
أبني يضرب وجهه * ويلج بخديه السعير
أبني قد جربتها * فوجدت ظالمها يبور
الله آمنها وما * بنيت بعرصتها قصور
والله آمن طيرها * والعصم تامن في ثبير
ولقد غزاها تبع * فكسا بنيتها الحبير
وأذل ربي ملكه * فيها فأوفى بالنذور
يمشي إليها حافيا * بفنائها ألفا بعير
ويظل يطعم أهلها * لحم المهارى والجزور
يسقيهم العسل المصفى * والرحيض من الشعير
والفيل أهلك جيشه * يرمون فيها بالصخور
والملك في أقصى البلاد * وفي الأعاجم والخزور
فاسمع إذا حدثت وأفهم * كيف عاقبة الأمور
قال ابن إسحاق: ثم خرج تبع متوجها إلى اليمن، بمن معه من الجنود وبالحبرين، حتى إذا دخل اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخلوا فيه، فأبوا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.
قال ابن إسحاق: حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يحدث: أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها، حالت حمير بينه وبين ذلك، وقالوا: لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا، فدعاهم إلى دينه وقال: إنه خير من دينكم. قالوا: تحاكمنا إلى النار؟ قال: نعم.
قال: وكانت باليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه، تأخذ الظالم ولا تضر المظلوم، فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها، حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه.
فخرجت النار إليهم، فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها، فزجرهم من حضرهم من الناس، وأمروهم بالصبر لها، فصبروا حتى غشيتهم، فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير.
وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، تعرق جباههما ولم تضرهما، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما، فمن هنالك كان أصل اليهودية باليمن.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني محدث أن الحبرين، ومن خرج من حمير، إنما اتبعوا النار ليردوها، وقالوا: من ردها فهو أولى بالحق، فدنا منها رجال حمير بأوثانهم ليردوها، فدنت منهم لتأكلهم فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها، فدنا منها الحبران بعد ذلك، وجعلا يتلوان التوراة وهي تنقص عنهما، حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما، والله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن إسحاق: وكان رئام بيتا لهم يعظمونه، وينحرون عنده، ويكلمون فيه إذ كانوا على شركهم، فقال الحبران لتبع: إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخل بيننا وبينه، قال: فشأنكما به، فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه، ثم هدما ذلك البيت، فبقاياه اليوم كما ذكر لي بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.
وقد ذكرنا في التفسير الحديث الذي ورد عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « لا تسبوا تُبعا فإنه قد كان أسلم ».
قال السهيلي: وروى معمر عن همام بن منبه، عن أبي هريرة أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال: « لا تسبوا أسعد الحميري فإنه أول من كسى الكعبة ».
قال السهيلي: وقد قال تبع حين أخبره الحبران عن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg شعرا:
شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عمره * لكنت وزيرا له وابن عم
وجاهدت بالسيف أعداءه * وفرجت عن صدره كل هم
قال: ولم يزل هذا الشعر تتوارثه الأنصار، ويحفظونه بينهم، وكان عند أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه.
قال السهيلي: وذكر ابن أبي الدنيا في كتب القبور أن قبرا حفر بصنعاء، فوجد فيه امرأتان معهما لوح من فضة مكتوب بالذهب وفيه: هذا قبر لميس وحنى ابنتي تبع ماتتا، وهما تشهدان أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما.
ثم صار الملك فيما بعد إلى حسان بن تبان أسعد، وهو أخو اليمامة الزرقاء التي صلبت على باب مدينة جو، فسميت من يومئذ اليمامة
قال ابن إسحاق: فلما ملك ابنه حسان بن أبي كرب تبان أسعد، سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق كرهت حمير وقبائل اليمن السير معه، وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهليهم، فكلموا أخا له يقال له: عمرو وكان معه في جيشه، فقالوا له: أقتل أخاك حسان ونملكك علينا، وترجع بنا إلى بلادنا فأجابهم.
فاجتمعوا على ذلك إلا ذارعين الحميري، فإنه نهى عمرا عن ذلك فلم يقبل منه، فكتب ذو رعين رقعة فيها هذان البيتان:
ألا من يشتري سهرا بنوم * سعيد من يبيت قرير عين
فأما حمير غدرت وخانت * فمعذرة الإله لذي رعين
ثم استودعهما عمرا. فلما قتل عمرو أخاه حسان ورجع إلى اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر، فسأل الأطباء والحذاق من الكهان والعرافين عما به، فقيل له: إنه والله ما قتل رجل أخاه قط أو ذا رحم بغيا إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر، فعند ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه.
فلما خلص إلى ذي رعين قال له: إن لي عندك براءة، قال: وما هي؟ قال: الكتاب الذي دفعته إليك فأخرجه، فإذا فيه البيتان فتركه، ورأى أنه قد نصحه، وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:17

وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن


وقد ملكها سبعا وعشرين سنة. قال ابن إسحاق: فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت الملك، يقال له: لخنيعة ينوف ذو شناتر، فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم، وكان مع ذلك امرءا فاسقا يعمل عمل قوم لوط، فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك لئلا يملك بعد ذلك.
ثم يطلع من شربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده، قد أخذ مسواكا فجعله في فيه ليعلمهم أنه قد فرغ منه، حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان، وكان صبيا صغيرا حين قتل أخوه حسان، ثم شب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل، فلما أتاه رسوله، عرف ما يريد منه، فأخذ سكينا جديدا لطيفا فخبأه بين قدميه ونعله ثم أتاه.
فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس فوجأه حتى قتله، ثم حزَّ رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها، ووضع مسواكه في فيه، ثم خرج على الناس، فقالوا له: ذا نواس أرطب أم يباس؟ فقال: سل نحماس استرطبان ذو نواس، استرطبان لا بأس، فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع، فخرجوا في أثر ذي نواس حتى أدركوه، فقالوا: ما ينبغي أن يملكنا غيرك إذ أرحتنا من هذا الخبيث.
فملكوه عليهم، واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن، فكان آخر ملوك حمير وتسمى يوسف، فأقام في ملكه زمانا، وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم عليه السلام على الإنجيل أهل فضل واستقامة من أهل دينهم، لهم رأس يقال له: عبد الله بن الثامر.
ثم ذكر ابن إسحاق سبب دخول أهل نجران في دين النصارى، وأن ذلك كان على يدي رجل يقال له: فيميون، كان من عُبَّاد النصارى بأطراف الشام، وكان مجاب الدعوة.
وصحبه رجل يقال له صالح، فكان يتعبدان يوم الأحد، ويعمل فيميون بقية الجمعة في البناء، وكان يدعوا للمرضى والزمنى وأهل العاهات فيشفون، ثم استأسره وصاحبه بعض الأعراب فباعوهما بنجران، فكان الذي اشترى فيميون يراه إذا قام في مصلاه بالبيت الذي هو فيه في الليل، يمتلي عليه البيت نورا فأعجبه ذلك من أمره.
وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة لها عيد كل سنة، يعلقون عليها حُليّ نسائهم ويعكفون عندها، فقال فيميون لسيده: أرأيت إن دعوت الله على هذه الشجرة فهلكت أتعلمون أن الذي أنتم عليه باطل؟ قال: نعم.
فجمع له أهل نجران، وقام فيميون إلى مصلاه فدعا الله عليها، فأرسل الله عليها قاصفا فجعفها من أصلها، ورماها إلى الأرض، فاتبعه أهل نجران على دين النصرانية، وحملهم على شريعة الإنجيل، حتى حدثت فيهم الأحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض، فمن هنالك كانت النصرانية بنجران من أرض العرب.
ثم ذكر ابن إسحاق قصة عبد الله بن الثامر حين تنصر على يدي فيميون، وكيف قتله وأصحابه ذو نواس وخدَّ لهم الأُخدود.
وقال ابن هشام: وهو الحفر المستطيل في الأرض مثل الخندق، وأجج فيه النار وحرقهم بها، وقتل آخرين حتى قتل قريبا من عشرين ألفا، كما قدمنا ذلك مبسوطا في أخبار بني إسرائيل، وكما هو مستقصى في تفسير سورة { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ } من كتابنا التفسير، ولله الحمد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:18

خروج الملك باليمن من حمير إلى الحبشة السودان


كما أخبر بذلك شق وسطيح الكاهنان، وذلك أنه لم ينج من أهل نجران إلا رجل واحد يقال له: دوس ذو ثعلبان على فرس له، فسلك الرمل فأعجزهم، فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم، فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم، وذلك لأنه نصراني على دينهم.
فقال له: بعدت بلادك منا، ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة، فإنه على هذا الدين، وهو أقرب إلى بلادك. فكتب إليه يأمره بنصره والطلب بثأره.
فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر، فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة، وأمر عليهم رجلا منهم، يقال له: أرياط، ومعه في جنده أبرهة الأشرم، فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن ومعه دوس، وسار إليه ذو نواس في حمير، ومن أطاعه من قبائل اليمن.
فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه، فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه، وجَّه فرسه في البحر، ثم ضربه فدخل فيه، فخاض به ضحضاح البحر، حتى أفضى به إلى غمرة، فأدخله فيها فكان آخر العهد به، ودخل أرياط اليمن وملكها. [كلها هوامش]
وقد ذكر ابن إسحاق هاهنا، أشعارا للعرب فيما وقع من هذه الكائنة الغريبة، وفيها فصاحة، وحلاوة، وبلاغة، وطلاوة، ولكن تركنا إيرادها خشية الإطالة، وخوف الملالة، وبالله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:19

خروج أبرهة الأشرم على أرياط واختلافهما


قال ابن إسحاق: فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك، ثم نازعة أبرهة الحبشي - و كان في جنده - حتى تفرقت الحبشة عليهما، فانحاز إلى كل منهما طائفة منهم، ثم سار أحدهما إلى الآخر.
فلمَّا تقارب الناس، أرسل أبرهة إلى أرياط: إنك لن تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض، حتى تفنيها شيئا شيئا، فأبرز لي وأبرز لك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأرسل إليه أرياط: أنصفت.
فخرج إليه أبرهة وكان رجلا قصيرا لحيما حادرا، وكان ذا دين في النصرانية، وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا وفي يده حربة له، وخلف أبرهة غلام - يقال له عتودة - يمنع ظهره، فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه، فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته فبذلك سمى أبرهة الأشرم.
وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله، وانصرف جند أرياط إلى أبرهة، فاجتمعت عليه الحبشة باليمن، وودى أبرهة أرياط، فلما بلغ ذلك النجاشي ملك الحبشة الذي بعثهم إلى اليمن غضب غضبا شديدا على أبرهة، وقال: عدا على أميري فقتله بغير أمري، ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته، فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن، ثم بعث به إلى النجاشي، ثم كتب إليه:
أيها الملك: إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدك، فاختلفنا في أمرك وكل طاعته لك إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة، واضبط لها وأسوس منه، وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك، وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدمه فيبر قسمه فيَّ.
فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه، وكتب إليه أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري، فأقام أبرهة باليمن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:22

سبب قصر أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرا أَبابيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفيل: 1-5] .
قيل: أول من ذلل الفيلة إفريدون بن أثفيان، الذي قتل الضحاك، قاله: الطبري، وهو أول من اتخذ للخيل السرج.
وأما أول من سخر الخيل وركبها: فطهمورث، وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا.
ويقال: إن أول من ركبها إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب، والله تعالى أعلم.
ويقال: إن الفيل مع عظمة خلقه يفرق من الهر، وقد احتال بعض أمراء الحروب في قتال الهنود بإحضار سنانير إلى حومة الوغى، فنفرت الفيلة.
قال ابن إسحاق: ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء، كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض، وكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك كنيسة لم يُبن مثلها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب.
فذكر السهيلي أن أبرهة استذل أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة الخسيسة، وسخرهم فيها أنواعا من السخر. وكان من تأخر عن العمل حتى تطلع الشمس يقطع يده لا محالة، وجعل ينقل إليها من قصر بلقيس رخاما، وأحجارا، وأمتعة عظيمة، وركب فيها صلبانا من ذهب وفضة، وجعل فيها منابر من عاج وأبنوس، وجعل ارتفاعها عظيما جدا، واتساعها باهرا.
فلما هلك بعد ذلك أبرهة وتفرقت الحبشة، كان من يتعرض لأخذ شيء من بنائها وأمتعتها، أصابته الجن بسوء، وذلك لأنها كانت مبنية على اسم صنمين: كعيب وامرأته، وكان طول كل منهما ستون ذراعا، فتركها أهل اليمن على حالها.
فلم تزل كذلك إلى زمن السفاح أول خلفاء بني العباس، فبعث إليها جماعة من أهل العزم والحزم والعلم، فنقضوها حجرا حجرا، ودرست آثارها إلى يومنا هذا.
قال ابن إسحاق: فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة إلى النجاشي، غضب رجل من النسأة من كنانة، الذين ينسئون شهر الحرام إلى الحل بمكة أيام الموسم، كما قررنا ذلك عند قوله: { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ.. } الآية [التوبة: 37] .
قال ابن إسحاق: فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها، أي أحدث حيث لا يراه أحد، ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر أبرهة بذلك، فقال: من صنع هذا؟
فقيل له: صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي تحجه العرب بمكة لما سمع بقولك أنك تريد أن تصرف حج العرب إلى بيتك هذا. فغضب فجاء فقعد فيها، أي: أنه ليس لذلك بأهل.
فغضب أبرهة عند ذلك وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت، ثم سار وخرج معه بالفيل، وسمعت بذلك العرب، فأعظموه وفظعوا به، ورأوا جهاده حقا عليهم، حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام.
فخرج إليه رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر. فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة، وجهاده عن بيت الله الحرام، وما يريده من هدمه وإخرابه، فأجابه من أجابه إلى ذلك، ثم عرض له فقاتله، فهزم ذو نقر وأصحابه، وأخذ له ذو نفر، فأتي به أسيرا. فلما أراد قتله قال له ذو نفر: يا أيها الملك لا تقتلني، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من القتل. فتركه من القتل، وحبسه عنده في وثاق.
وكان أبرهة رجلا حليما، ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي، في قبيلتي خثعم، وهما شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتى به.
فلما همَّ بقتله قال له نفيل: أيها الملك لا تقتلني فأني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم - شهران وناهس - بالسمع والطاعة، فخلى سبيله.
وخرج به معه يدله، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف، فقالوا له: أيها الملك إنما نحن عبيدك، سامعون لك، مطيعون ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم.
قال ابن إسحاق: واللات بيت لهم بالطائف، كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة. قال: فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله بالمغمس. فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت قبره العرب فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس.
وقد تقدم في قصة ثمود أن أبا رغال كان رجلا منهم، وكان يمتنع بالحرم، فلما خرج منه، أصابه حجر فقتله، وأن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال لأصحابه:
« وآية ذلك أنه دفن معه غصنان من ذهب ».
فحفروا فوجدوهما.
قال: وهو أبو ثقيف.
قلت: والجمع بين هذا وبين ما ذكر ابن إسحاق ؛ أن أبا رغال هذا المتأخر وافق اسمه اسم جده الأعلى، ورجمه الناس كما رجموا قبر الأول أيضا، والله أعلم. وقد قال جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه * كرجمكم لقبر أبي رُغال
الظاهر أنه الثاني.
قال ابن إسحاق: فلما نزل أبرهة بالمغمس، بعث رجلا من الحبشة يقال له: الأسود بن مفصود، على خيل له حتى انتهى إلى مكة. فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم - وهو يومئذ كبير قريش وسيدها - فهمَّت قريش وكنانة وهذيل، ومن كان بذلك الحرم من سائر الناس بقتاله، ثم عرفوا أنه لا طاقة لهم به فتركوا ذلك.
وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له: سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم، ثم قل له: إن الملك يقول: إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا لنا دونه بحرب، فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يرد حربي فائتني به.
فلما دخل حناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته، وإن يخل بينه وبينه، فوالله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة: فانطلق معي إليه، فإنه قد أمرني أن آتيه بك.
فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه، حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر، وكان له صديقا، حتى دخل عليه وهو في محبسه، فقال له: يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟
فقال له ذو نفر: وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا؟ ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي. فسأرسل إليه، وأوصيه بك وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما بدا لك، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك، فقال: حسبي.
فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له: إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عين مكة، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فاستأذن له عليه وأنفعه عنده بما استطعت. قال: أفعل.
فكلم أنيس أبرهة، فقال له: أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك، وهو صاحب عين مكة، وهو الذي يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال، فائذن له عليك فليكلمك في حاجته و أحسن إليه. فأذن له أبرهة.
قال: وكان عبد المطلب أوسم الناس، وأعظمهم، وأجملهم، فلما رآه أبرهة أجلَّه وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، وأجلسه معه عليه إلى جانبه، ثم قال لترجمانه: قل له حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان.
فقال: حاجتي أن يرد على الملك مائتي بعير أصابها لي، فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ؛ أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لأهدمه لا تكلمني فيه؟
فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، فقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك. فرد على عبد المطلب إبله.
قال ابن إسحاق: ويقال إنه كان قد دخل مع عبد المطلب على أبرهة يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة سيد بني بكر، وخويلد بن وائلة سيد هذيل، فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت، فأبى عليهم ذلك، فالله أعلم أكان ذلك أم لا.
فلما انصرفوا عنه، انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرز في رؤوس الجبال، خوفا عليهم من معرة الجيش.
ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده. وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لا هم إن العبد يمنع * رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم * ومحالهم غدوا محالك
إن كنت تاركهم * وقبلتنا فأمر ما بدا لك
قال ابن هشام: هذا ما صح له منها. وقال ابن إسحاق: ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال يتحرزون فيها، ينتظرون ما أبرهة فاعل، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ فيله، وعبى جيشه، وكان اسم الفيل: محمودا.
فلما وجهوا الفيل إلى مكة، أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل، ثم أخذ بأذنه، فقال: ابرك محمود، وارجع راشدا من حيث أتيت، فإنك في بلد الله الحرام. وأرسل أُذنه فبرك الفيل.
قال السهيلي: أي سقط إلى الأرض، وليس من شأن الفيلة أن تبرك، وقد قيل: إن منها ما يبرك كالبعير، فالله أعلم.
وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى، فادخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى، فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجوه إلى مكة فبرك.
وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك، وليس كلهم أصابت.
وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي منها جاءوا، ويسألون عن نفيل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن، فقال نفيل في ذلك:
ألا حييت عنا يا ردينا * نعمناكم مع الإصباح عينا
ردينة لو رأيت فلا تريه * لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري * ولم تاسي على ما فات بينا
حمدت الله إذ أبصرت طيرا * وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل * كأن علي للحبشان دينا
قال ابن إسحاق: فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل. وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة اتبعتها منه مدة تمت قيحا ودما حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.
قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رؤى بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام.
قال ابن إسحاق: فلما بعث الله محمدا ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كان مما يعدد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم، فقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرا أَبابيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفيل: 1-5] .
ثم شرع ابن إسحاق، وابن هشام يتكلمان على تفسير هذه السورة والتي بعدها، وقد بسطنا القول في ذلك في كتابنا التفسير بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى، وله الحمد والمنة.
قال ابن هشام: الأبابيل الجماعات، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه. قال: وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي، وأبو عبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب.
قال: وزعم بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة، وأنها سنج وجل، فالسنج الحجر، والجل الطين. يقول: الحجارة من هذين الجنسين الجر والطين. قال: والعصف ورق الزرع الذي لم يقصب.
وقال الكسائي: سمعت بعض النحويين يقول: واحد الأبابيل أبيل.
وقال كثيرون من السلف: الأبابيل الفرق من الطير التي يتبع بعضها بعضا من ههنا وههنا.
وعن ابن عباس: كان لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب.
وعن عكرمة: كانت رؤوسها كرؤوس السباع خرجت عليهم من البحر وكانت خضرا.
وقال عبيد بن عمير: كانت سودا بحرية في مناقيرها وأكفها الحجارة.
وعن ابن عباس: كانت أشكالها كعنقاء مغرب.
وعن ابن عباس: كان أصغر حجر منها كرأس الإنسان، ومنها ما هو كالإبل. وهكذا ذكره يونس بن بكير، عن ابن إسحاق. وقيل: كانت صغارا والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير قال: لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف، كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار: حجرين في رجليه، وحجرا في منقاره.
قال: فجاءت حتى صفت على رؤوسهم. ثم صاحت وألقت ما في رجليها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إلا خرج من الجانب الآخر، وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا.
وقد تقدم أن ابن إسحاق قال: وليس كلهم أصابته الحجارة - يعني بل رجع منهم راجعون إلى اليمن - حتى أخبروا أهلهم بما حل بقومهم من النكال، وذكروا أن أبرهة رجع وهو يتساقط أنملة أنملة، فلما وصل إلى اليمن انصدع صدره، فمات لعنه الله.
وروى ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن سمرة، عن عائشة قالت: لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان، وتقدم أن سائس الفيل كان اسمه أنيسا، فأما قائده فلم يسم، والله أعلم.
وذكر النقاش في تفسيره: أن السيل احتمل جثثهم فألقاها في البحر، قال السهيلي: وكانت قصة الفيل أول المحرم من سنة ست وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين.
قلت: وفي عامها ولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg على المشهور، وقيل: كان قبل مولده بسنين كما سنذكر إن شاء الله تعالى، وبه الثقة.
ثم ذكر ابن إسحاق ما قالته العرب من الأشعار في هذه الكائنة العظيمة التي نصر الله فيها بيته الحرام الذي يريد أن يشرفه ويعظمه، ويطهره، ويوقره ببعثة محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وما يشرع له من الدين القويم الذي أحد أركانه الصلاة بل عماد دينه، وسيجعل قبلته إلى هذه الكعبة المطهرة.
ولم يكن ما فعله بأصحاب الفيل نصرة لقريش إذ ذاك على النصارى الذين هم الحبشة، فإن الحبشة إذ ذاك كانوا أقرب لها من مشركي قريش، وإنما كان النصر للبيت الحرام وإرهاصا وتوطئه لبعثة محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
فمن ذلك ما قاله عبد الله بن الزبعري السهمي:
تنكلوا عن بطن مكة إنها * كانت قديما لا يرام حريمها
لم تخلق الشعرى ليالي حرمت * إذ لا عزيز من الأنام يرومها
سائل أمير الحبش عنها ما رأى * فلسوف ينبي الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يؤبوا أرضهم * بل لم يعش بعد الأياب سقيمها
كانت بها عاد وجرهم قبلهم * والله من فوق العباد يقيمها
ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت الأنصاري المدني:
ومن صنعه يوم فيل الحبوش * إذ كلما بعثوه رزم
محاجنهم تحت أقرابه * وقد شرموا أنفه فانخرم
وقد جعلوا سوطه مغولا * إذا يمموه قفاه كلم
فولى وأدبر أدراجه * وقد باء بالظلم من كان ثم
فأرسل من فوقهم حاصبا * فلفهم مثل لف القزم
تحض على الصبر أحبارهم * وقد ثأجوا كثؤاج الغنم
ومن ذلك قول أبي الصلت ربيعة بن أبي ربيعة وهب بن علاج الثقفي قال: ابن هشام ويروى لأمية بن أبي الصلت
إن آيات ربنا ثاقبات * ما يمارى فيهن إلا الكفور
خلق الليل والنهار فكل * مستبين حسابه مقدور
ثم يجلو النهار رب رحيم * بمهاة شعاعها منشور
حبس الفيل بالمغمس حتى * صار يحبو كأنه معقور
لازما حلقة الجران كما قد * من صخر كبكب محدور
حوله من ملوك كندة أبطال * ملاويث في الحروب صقور
خلفوه ثم ابذعروا جميعا * كلهم عظم ساقه مكسور
كل دين يوم القيامة عند الله * إلا دين الحنيفة بور
ومن ذلك قول أبي قيس بن الأسلت أيضا:
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا *بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء مصدق * غداة أبي يكسوم هادي الكتائب
كتيبته بالسهل تمشي ورجله * على القاذفات في رؤس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم * جنود المليك بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب * إلى أهله ملحبش غير عصائب
ومن ذلك قول عبيد الله بن قيس الرقيات في عظمة البيت وحمايته بهلاك من أراده بسوء:
كاده الأشرم الذي جاء بالفيل * فولى وجيشه مهزوم
واستهلت عليهم الطير بالجندل * حتى كأنه مرجوم
ذاك من يغزه من الناس يرجع * وهو فل من الجيوش ذميم
قال ابن إسحاق وغيره: فلما هلك أبرهة ملك الحبشة بعده ابنه يكسوم، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة وهو آخر ملوكهم، وهو الذي انتزع سيف بن ذي يزن الحميري الملك من يده بالجيش الذين قدم بهم من عند كسرى أنوشروان كما سيأتي بيانه.
وكانت قصة الفيل في المحرم سنة ست وثمانين وثمانمائة من تاريخ ذي القرنين، وهو الثاني إسكندر بن فلبس المقدوني الذي يؤرخ له الروم، ولما هلك أبرهة وابناه وزال ملك الحبشة عن اليمن، هجر القليس الذي كان بناه أبرهة وأراد صرف حج العرب إليه لجهله وقلة عقله، وأصبح يبابا لا أنيس له.
وكان قد بناه على صنمين وهما كعيب وامرأته، وكانا من خشب طول كل منهما ستون ذراعا في السماء، وكانا مصحوبين من الجان، ولهذا كان لا يتعرض أحد إلى أخذ شيء من بناء القليس وأمتعته إلا أصابوه بسوء، فلم يزل كذلك إلى أيام السفاح أول خلفاء بني العباس.
فذكر له أمره وما فيه من الأمتعة والرخام الذي كان أبرهة نقله إليه من صرح بلقيس الذي كان باليمن، فبعث إليه من خربه حجرا حجرا، وأخذ جميع ما فيه من الأمتعة والحواصل، هكذا ذكره السهيلي، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:24

خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن


قال محمد بن إسحاق رحمه الله: فلما هلك أبرهة ملك الحبشة يكسوم بن أبرهة، وبه كان يكنى، فلما هلك يكسوم ملك اليمن من الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة، قال: فلما طال البلاء على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري، وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج وهو حمير بن سبأ.
وكان سيف يكنى أبا مرة، حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكى إليه ما هو فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو، ويخرج إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن، فلم يشكه ولم يجد عنده شيئا مما يريد.
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق، فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان: إن لي على كسرى وفادة في كل عام، فأقم عندي حتى يكون ذلك، ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى، وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه، وكان تاجه مثل القنقل العظيم فيما يزعمون، يضرب فيه الياقوت والزبرجد واللؤلؤ بالذهب والفضة، معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك.
وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر عليه بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك، ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشف عنه الثياب فلا يراه أحد لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له، فلما دخل عليه سيف طأطأ رأسه، فقال الملك: إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه، فقيل ذلك لسيف فقال: إنما فعلت هذا لهمي لأنه يضيق عنه كل شيء.
ثم قال: أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة، قال كسرى: أي الأغربة الحبشة أم السند؟ قال: بل الحبشة، فجئتك لتنصرني ويكون ملك بلادي لك.
فقال له كسرى: بعدت بلادك مع قلة خيرها، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك، ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف، وكساه كسوة حسنة، فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر تلك الورق للناس، فبلغ ذلك الملك فقال: إن لهذا لشأنا.
ثم بعث إليه فقال: عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس؟ قال: وما أصنع بحباك ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها مما رأى من زهادته فيها إنما جئت الملك ليمنعني من الظلم ويدفع عني الذل.
فجمع كسرى مرازبته فقال لهم: ما ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له؟ فقال قائل: أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم، وإن ظفروا كان ملكا أزددته، فبعث معه كسرى من كان في سجونه، وكانوا ثمانمائة رجل، واستعمل عليهم وهرز كان ذا سن فيهم، وأفضلهم حسبا وبيتا، فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان، ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن، فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له: رجلي ورجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا.
فقال له وهرز: أنصفت، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم، فقتل ابن وهرز، فزاده ذلك حنقا عليهم، فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز: أروني ملكهم، فقالوا له: أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء؟ قال: نعم.
قالوا: ذلك ملكهم، فقال: اتركوه.
قال: فوقفوا طويلا ثم قال: علام هو؟
قالوا: قد تحول على الفرس.
قال: اتركوه. فتركوه طويلا، ثم قال: علام هو؟
قالوا: على البغلة.
قال وهرز: بنت الحمار ذل وذل ملكه، إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم، فإني قد أخطأت الرجل، وإن رأيتم القوم قد استداروا به ولاهوا فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم، ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها، وأمر بحاجبيه فعصبا له.
ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه، وتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه، ونكس عن دابته، واستدارت الحبشة ولاثت به، وحملت عليهم الفرس فانهزموا فقتلوا وهربوا في كل وجه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:25

وأقبل وهرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال: لا تدخل رايتي منكسة أبدا اهدموا هذا الباب، فهدم ثم دخلها ناصبا رايته، فقال سيف بن ذي يزن الحميري:
يظن الناس بالملكين * أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأ مهما * فإن الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا * وروينا الكثيب دما
وإن القيل قيل الناس * وهرز مقسم قسما
يذوق مشعشعا حتى * نفيء السبي والنعما
ووفدت العرب من الحجاز وغيرها على سيف يهنئونه بعود الملك إليه وامتدحوه، فكان من جملة من وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم، فبشره سيف برسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وأخبره بما يعلم من أمره، وسيأتي ذلك مفصلا في باب البشارات به عليه الصلاة والسلام.
قال ابن إسحاق: وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي قال: ابن هشام، ويروى لأمية بن أبي الصلت:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن * ريّم في البحر للأعداء أحوالا
يمم قيصرا لما حان رحلته * فلم يجد عنده بعض الذي سالا
ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة * من السنين يهين النفس والمالا
حتى أتى ببني الأحرار يحملهم * إنك عمري لقد أسرعت قلقالا
لله درهم من عصبة خرجوا * ما إن أرى لهم في الناس أمثالا
غلبا مرازبة بيضا أساورة * أسدا تربب في الغيضات أشبالا
يرمون عن سدف كأنها غبط * بزمخر يعجل المرميَّ إعجالا
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد * أضحى شريدهم في الأرض فُلاّلا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا * في رأس غمدان دارا منك محلالا
واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم * وأسبل اليوم في برديك إسبالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
يقال - إن غمدان - قصر باليمن بناه يعرب بن قحطان، وملكه بعده، واحتله وائلة بن حمير بن سبأ، ويقال: كان ارتفاعه عشرين طبقة، فالله أعلم.
قال ابن إسحاق: وقال عدي بن زيد الحميري، وكان أحد بني تميم:
ما بعد صنعاء كان يعمرها * ولاة ملك جزل مواهبها
رفعها من بني لذي قزع المزن * وتندى مسكا محاربها
محفوقة بالجبال دون عرى الكائد * ما يرتقى غواربها
يأنس فيها صوت النهام إذا * جاوبها بالعشى قاصبها
ساقت إليها الأسباب جند بني * الأحرار فرسانها مواكبها
وفوزت بالبغال توسق بالحتف * وتسعى بها توالبها
حتى يراها الأقوال من طرف المنقل * مخضرة كتائبها
يوم ينادون آل بربر واليكسوم * لا يفلحن هاربها
فكان يوما باقي الحديث وزالت * أمة ثابت مراتبها
وبدل الهيج بالزرافة والأيام * خون جم عجائبها
بعد بني تبع نخاورة * قد اطمأنت بها مرازبها
قال ابن هشام: وهذا الذي عنى سطيح بقوله: يليه إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك منهم أحدا باليمن، والذي عنى شق بقوله: غلام ليس بدني ولا مدن يخرج من بيت ذي يزن.
قال ابن إسحاق: وأقام وهرز والفرس باليمن، فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم.
وكان ملك الحبشة باليمن فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة، وأخرجت الحبشة اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة: أرياط، ثم أبرهة، ثم يكسوم بن أبرهة، ثم مسروق بن أبرهة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:26

ما آل إليه أمر الفرس باليمن


قال ابن هشام: ثم مات وهرز فأمر كسرى ابنه المرزبان بن وهرز على اليمن، ثم مات المرزبان فأمر كسرى ابنه التينجان ثم مات فأمر ابن التينجان، ثم عزله عن اليمن، وأمر عليها باذان وفي زمنه بعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال ابن هشام: فبلغني عن الزهري أنه قال: كتب كسرى إلى باذان أنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبي، فسر إليه فاستتبه فإن تاب وإلا فابعث إلي برأسه، فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
فكتب إليه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا من شهر كذا، فلما أتى باذان الكتاب وقف لينتظر، وقال: إن كان نبيا فسيكون ما قال، فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال ابن هشام: على يدي ابنه شيرويه، قلت: وقال بعضهم: بنوه تمالؤوا على قتله. وكسرى هذا هو أبرويز بن هرمز بن أنو شروان بن قباز، وهو الذي غلبت الروم في قوله تعالى: { الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ } [الروم: 1-3] كما سيأتي بيانه.
قال السهيلي: وكان قتله ليلة الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الأولى سنة تسع من الهجرة. وكان والله أعلم لما كتب إليه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يدعوه إلى الإسلام فغضب ومزق كتابه، كتب إلى نائبه باليمن يقول له ما قال.
وفي بعض الروايات أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال لرسول باذان:
« إن ربي قد قتل الليلة ربك ».
فكان كما قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قتل تلك الليلة بعينها، قتله بنوه لظلمه بعد عدله بعد ما خلعوه وولوا ابنه شيرويه، فلم يعش بعد قتله أباه إلا ستة أشهر أو دونها، وفي هذا يقول خالد بن حق الشيباني:
وكسرى إذ تقسمه بنوه * بأسياف كما اقتسم اللحام
تمخضت المنون له بيوم * ألا ولكل حاملة تمام
قال الزهري: فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلامه وإسلام من معه من الفرس إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فقالت الرسل: إلى من نحن يا رسول الله؟ قال: أنتم منا وإلينا أهل البيت.
قال الزهري: ومن ثم قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« سلمان منا أهل البيت ».
قلت: والظاهر أن هذا كان بعد ما هاجر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى المدينة، ولهذا بعث الأمراء إلى اليمن لتعليم الناس الخير، ودعوتهم إلى الله عز وجل، فبعث أولا خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب، ثم أتبعهما أبا موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، ودانت اليمن وأهلها للإسلام، ومات باذان فقام بعده ولده شهر بن باذان، وهو الذي قتله الأسود العنسي حين تنبأ، وأخذ زوجته كما سيأتي بيانه.
وأجلى عن اليمن نواب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فلما قتل الأسود عادت اليد الإسلامية عليها.
وقال ابن هشام: وهذا هو الذي عنى به سطيح بقوله: نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي، والذي عنى شق بقوله: بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل.
قال ابن إسحاق: وكان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور، كتب بالزمان الأول، لمن ملك ذمار؟ الحمير الأخيار، لمن ملك ذمار، للحبشة الأشرار، لمن ملك ذمار؟ لفارس الأحرار، لمن ملك ذمار؟ لقريش التجار.
وقد نظم بعض الشعراء هذا المعنى فيما ذكره المسعودي:
حين شدت ذمار قيل لمن أنت * فقالت لحمير الأخيار
ثم سينت من بعد ذاك فقالت * أنا للحبش أخبث الأشرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أنت * فقالت لفارس الأحرار
ثم قالوا من بعد ذاك لمن أنت * فقالت إلى قريش التجار
ويقال: إن هذا الكلام الذي ذكره محمد بن إسحاق وجد مكتوبا عند قبر هود عليه السلام، حين كشفت الريح عن قبره بأرض اليمن، وذلك قبل زمن بلقيس بيسير في أيام مالك بن ذي المنار، أخي عمرو ذي الأذعار بن ذي المنار.
ويقال: كان مكتوبا على قبر هود أيضا، وهو من كلامه عليه السلام، حكاه السهيلي، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:28

قصة الساطرون صاحب الحضر


وقد ذكر قصته هاهنا عبد الملك بن هشام لأجل ما قاله بعض علماء النسب: إن النعمان بن المنذر الذي تقدم ذكره في ورود سيف بن ذي يزن عليه، وسؤاله في مساعدته في رد ملك اليمن إليه، إنه من سلالة الساطرون صاحب الحضر، وقد قدمنا عن ابن إسحاق: إن النعمان بن المنذر من ذرية ربيعة بن نصر، وأنه روى عن جبير بن مطعم أنه من أشلاء قيصر بن معد بن عدنان.
فهذه ثلاثة أقوال في نسبه، فاستطرد ابن هشام في ذكر صاحب الحضر.
والحضر حصن عظيم بناه هذا الملك - وهو الساطرون - على حافة الفرات، وهو منيف مرتفع البناء، واسع الرحبة والفناء، دوره بقدر مدينة عظيمة، وهو في غاية الإحكام والبهاء والحسن والسناء، وإليه يجبي ما حوله من الأقطار والأرجاء.
واسم الساطرون: الضيزن بن معاوية بن عبيد بن أجرم من بني سليح بن حلوان بن الحاف بن قضاعة، كذا نسبه ابن الكلبي.
وقال غيره: كان من الجرامقة، وكان أحد ملوك الطوائف، وكان يقدمهم إذا اجتمعوا لحرب عدو من غيرهم، وكان حصنه بين دجلة والفرات.
قال ابن هشام: وكان كسرى سابور ذو الأكتاف، غزا الساطرون ملك الحضر.
وقال غير ابن هشام: إنما الذي غزا صاحب الحضر سابور بن أردشير بن بابك أول ملوك بني ساسان، أذل ملوك الطوائف، ورد الملك إلى الأكاسرة.
وأما سابور ذو الأكتاف بن هرمز فبعد ذلك بدهر طويل، والله أعلم، ذكره السهيلي.
قال ابن هشام: فحصره سنتين، وقال غيره: أربع سنين. وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته بأرض العراق، فأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، وكان جميلا، فدست إليه أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر؟
فقال: نعم.
فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر، وكان لا يبيت إلا سكران، فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه، وبعثت بها مع مولى لها، ففتح الباب، ويقال: بل دلتهم على نهر يدخل منه الماء متسع، فولجوا منه إلى الحضر.
ويقال: بل دلتهم على طلسم كان في الحضر، وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء وتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء، ثم ترسل، فإذا وقعت على سور الحضر سقط ذلك الطلسم، فيفتح الباب، ففعل ذلك فانفتح الباب.
فدخل سابور فقتل ساطرون، واستباح الحضر وخربه وسار بها معه فتزوجها، فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تململ لا تنام، فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد عليه ورقة آس، فقال لها سابور: أهذا الذي أسهرك؟ قالت: نعم. قال: فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج، ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ، ويسقيني الخمر.
قال: أفكان جزاء أبيك ما صنعت به أنت إلي بذلك أسرع. فربطت قرون رأسها بذنب فرس، ثم ركض الفرس حتى قتلها، ففيه يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:
ألم ترَ للحضر إذ أهله * بنعمى وهل خالد من نعم
أقام به شاهبور الجنود * حولين تضرب فيه القدم
فلما دعا ربه دعوة * أناب إليه فلم ينتقم
فهل زاده ربه قوة * ومثل مجاوره لم يقم
وكان دعا قومه دعوة * هلموا إلى أمركم قد صرم
فموتوا كراما بأسيافكم * أرى الموت يجشمه من جشم
وقال عدي بن زيد في ذلك:
والحضر صابت عليه داهية * من فوقه أيد مناكبها
ربية لم توق والدها * لحينها إذا أضاع راقبها
إذ غبقته صهباء صافية * والخمر وهل يهيم شاربها
فأسلمت أهلها بليلتها * تظن أن الرئيس خاطبها
فكان حظ العروس إذ جشر * الصبح دماء تجري سبائبها
وخرب الحضر واستبيح وقد * أحرق في خدرها مشاجبها
وقال عدي بن زيد أيضا:
أيها الشامت المعير بالدهر * أأنت المبرا الموفور
أم لديك العهد الوثيق من الأيام * بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون خلدن أم * من ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك أنو * شروان أم أين قبله سابور
وبنو الأصفر الكرام ملوك * الروم لم يبق منهم مذكور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة * تجبى إليه والخابور
شاده مرمرا وجلله كلسا * فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فبان * الملك عنه فبابه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ * أشرف يوما وللهدى تفكير
سره ماله وكثرة ما * يملك والبحر معرضا والسدير
فارعوى قلبه وقال وما غبطة * حي إلى الممات يصير
ثم أضحوا كأنهم ورق جف * فألوت به الصبا والدبور
قلت: ورب الخورنق الذي ذكره في شعره رجل من الملوك المتقدمين، وعظه بعض علماء زمانه في أمره الذي كان قد أسرف فيه، وعتا وتمرد فيه، وأتبع نفسه هواها، ولم يراقب فيها مولاها، فوعظه بمن سلف قبله من الملوك والدول، وكيف بادوا ولم يبق منهم أحد.
وأنه ما صار إليه عن غيره إلا وهو منتقل عنه إلى من بعده، فأخذته موعظته وبلغت منه كل مبلغ، فارعوى لنفسه وفكر في يومه وأمسه، وخاف من ضيق رمسه، فتاب وأناب، ونزع عما كان فيه، وترك الملك ولبس ذي الفقراء، وساح في الفلوات، وحظى بالخلوات.
وخرج عما كان الناس فيه من اتباع الشهوات، وعصيان رب السموات، وقد ذكر قصته مبسوطة الشيخ الإمام موفق بن قدامة المقدسي رحمه الله في كتاب (التوابين)
وكذلك أوردها بإسناد متين الحافظ أبو القاسم السهيلي في كتاب (الروض الأنف) المرتب أحسن ترتيب وأوضح تبيين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:29

خبر ملوك الطوائف


وأما صاحب الحضر وهو ساطرون، فقد تقدم أنه كان مقدما على سائر ملوك الطوائف.
وكان من زمن إسكندر بن فلبيس المقدوني اليوناني، وذلك لأنه لما غلب على ملك الفرس دارا بن دارا وأذل مملكته، وخرب بلاده، واستباح بيضة قومه، ونهب حواصله، ومزق شمل الفرس شذر مذر، عزم أن لا يجتمع لهم بعد ذلك شمل، ولا يلتئم لهم أمر، فجعل يقر كل ملك على طائفة من الناس في أقليم من أقاليم الأرض ما بين عربها وأعاجمها، فاستمر كل ملك منهم يحمي حوزته، ويحفظ حصته، ويستغل محلته.
فإذا هلك قام ولده من بعده أو أحد قومه فاستمر الأمر كذلك قريبا من خمسمائة سنة، حتى كان أزدشير بن بابك من بني ساسان بن بهمن بن أسفنديار بن يشتاسب بن لهراسب، فأعاد ملكهم إلى ما كان عليه، ورجعت الممالك برمتها إليه، وأزال ممالك مملوك الطوائف، ولم يبق منهم تالد ولا طارف، وكان تأخر عليه حصار صاحب الحضر الذي كان أكبرهم، وأشدهم، وأعظمهم، إذ كان رئيسهم ومقدمهم.
فلما مات أزدشير تصدى له ولده سابور، فحاصره حتى أخذه كما تقدم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:55

ذكر بني إسماعيل وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة


تقدم ذكر إسماعيل نفسه عليه السلام مع ذكر الأنبياء، وكيف كان من أمره حين احتمله أبوه إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام مع أمه هاجر، فأسكنها بوادي مكة بين جبال فاران حيث لا أنيس به ولا حسيس، وكان إسماعيل رضيعا، ثم ذهب وتركهما هنالك عن أمر الله له بذلك، ليس عند أمه سوى جراب فيه تمر، ووكاء فيه ماء.
فلما نفد ذلك، أنبع الله لهاجر زمزم التي هي طعام طعم وشفاء سقم، كما تقدم بيانه في حديث ابن عباس الطويل، الذي رواه البخاري رحمه الله، ثم نزلت جرهم: وهي طائفة من العرب العاربة من أمم العرب الأقدمين عند هاجر بمكة، على أن ليس لهم في الماء شيء إلا ما يشربون منه وينتفعون به، فاستأنست هاجر بهم، وجعل الخليل عليه السلام يطالع أمرهم في كل حين.
يقال: إنه كان يركب البراق من بلاد بيت المقدس في ذهابه وإيابه، ثم لما ترعرع الغلام وشب وبلغ مع أبيه السعي، كانت قصة الذبح كما تقدم بيان أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح، ثم لما كبر تزوج من جرهم امرأة، ثم فارقها وتزوج غيرها، وتزوج بالسيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي.
وجاءته بالبنين الاثني عشر، كما تقدم ذكرهم: وهم نابت، وقيذر، ومنشا، ومسمع، وماشي، ودما، وأذر، ويطور، ونيشى، وطيما، وقيذما، هكذا ذكره محمد بن إسحاق، وغيره، عن كتب أهل الكتاب.
وله ابنة واحدة اسمها نسمة، وهي التي زوجها من ابن أخيه العيصو بن إسحاق بن إبراهيم، فولد منها الروم وفارس والأشبان أيضا في أحد القولين.
ثم جميع عرب الحجاز على اختلاف قبائلهم يرجعون في أنسابهم إلى ولديه نابت وقيذر، وكان الرئيس بعده والقائم بالأمور الحاكم في مكة والناظر في أمر البيت وزمزم: نابت بن إسماعيل، وهو ابن أخت الجرهميين.
ثم تغلبت جرهم على البيت طمعا في بني أختهم، فحكموا بمكة وما والاها عوضا عن بني إسماعيل مدة طويلة، فكان أول من صار إليه أمر البيت بعد نابت مضاص بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن عيبر بن نبت بن جرهم.
وجرهم بن قحطان، ويقال: جرهم بن يقطن بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح الجرهمي، وكان نازلا بأعلى مكة بقعيقعان.
وكان السميدع سيد قطوراء نازلا بقومه في أسفل مكة، وكل منهما يعشر من مر به مجتازا إلى مكة، ثم وقع بين جرهم وقطوراء فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل السميدع واستوثق الأمر لمضاض وهو الحاكم بمكة والبيت، لا ينازعه في ذلك ولد إسماعيل مع كثرتهم وشرفهم وانتثارهم بمكة وبغيرها، وذلك لخؤلتهم له ولعظمة البيت الحرام أن يكون به بغي أو قتال.
ثم صار الملك بعده إلى ابنه الحارث، ثم إلى عمرو بن الحارث.
ثم بغت جرهم بمكة وأكثرت فيها الفساد، وألحدوا بالمسجد الحرام، حتى ذكر أن رجلا منهم يقال له: إساف بن بغى، وامرأة يقال لها: نائلة بنت وائل اجتمعا في الكعبة، فكان منه إليها الفاحشة، فمسخهما الله حجرين فنصبهما الناس قريبا من البيت ليعتبروا بهما، فلما طال المطال بعد ذلك بمدد عبدا من دون الله في زمن خزاعة، كما سيأتي بيانه في موضعه. فكانا صنمين منصوبين يقال لهما: إساف ونائلة.
فلما أكثرت جرهم بالبغي بالبلد الحرام، تمالأت عليهم خزاعة الذين كانوا نزلوا حول الحرم، وكانوا من ذرية عمرو بن عامر، الذي خرج من اليمن لأجل ما توقع من سيل العرم، كما تقدم.
وقيل: إن خزاعة من بني إسماعيل، فالله أعلم.
والمقصود أنهم اجتمعوا لحربهم وآذنوهم بالحرب واقتتلوا، واعتزل بنو إسماعيل كلا الفريقين، فغلبت خزاعة وهم بنو بكر بن عبد مناة وغبشان وأجلوهم عن البيت، فعمد عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي - وهو سيدهم - إلى غزالي الكعبة - وهما من ذهب - وحجر الركن وهو الحجر الأسود، وإلى سيوف محلاة وأشياء أخر، فدفنها في زمزم، وعلم زمزم وارتحل بقومه فرجعوا إلى اليمن
وفي ذلك يقول عمرو بن الحارث بن مضاض:
وقائلة والدمع سكب مبادر * وقد شرقت بالدمع منها المحاجر
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فقلت لها والقلب مني كأنما * يلجلجه بين الجناحين طائر
بلى نحن كنا أهلها فأزالنا * صروف الليالي والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابت * نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
ونحن ولينا البيت من بعد نابت * بعز فما يحظى لدينا المكاثر
ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا * فليس لحي غيرنا ثم فاخر
ألم تنكحوا من خير شخص علمته * فأبناؤه منا ونحن الأصاهر
فإن تنثني الدنيا علينا بحالها * فإن لها حالا وفيها التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرة * كذلك يا للناس تجري المقادر
أقول إذا نام الخلي ولم أنم * أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدلت منها أو جهالا أحبها * قبائل منها حمير ويحابر
وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة * بذلك عضتنا السنون الغوابر
فسحت دموع العين تبكي لبلدة * بها حرم أمن وفيها المشاعر
وتبكي لبيت ليس يؤذى حمامه * يظل به أمنا وفيه العصافر
وفيه وحوش لا ترام أنيسة * إذا خرجت منه فليس تغادر
قال ابن إسحاق: وقال عمرو بن الحارث بن مضاض أيضا يذكر بني بكر وغبشان الذين خلفوا بعدهم بمكة:
يا أيها الناس سيروا إن قصاركم * أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا
حثوا المطي وأرخوا من أزمتها * قبل الممات وقضوا ما تقضونا
كنا أناسا كما كنتم فغيرنا * دهر فأنتم كما صرنا تصيرونا
قال ابن هشام: هذا ماصح له منها. وحدثني بعض أهل العلم بالشعر أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب، وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن ولم يسم قائلها.
وذكر السهيلي لهذه الأبيات أخوة، وحكى عندها حكاية معجبة وإنشادات معربة. قال: وزاد أبو الوليد الأزرقي في كتابه (فضائل مكة) على هذه الأبيات المذكورة المنسوبة إلى عمرو بن الحارث بن مضاض:
قد مال دهر علينا ثم أهلكنا * بالبغي فينا وبز الناس ناسونا
واستخبروا في صنيع الناس قبلكم * كما استبان طريق عنده الهونا
كنا زمانا ملوك الناس قبلكم * بمسكن في حرام الله مسكونا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:57

قصة خزاعة وعمرو بن يحيى وعبادة العرب للأصنام


قال ابن إسحاق: ثم أن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بني بكر بن عبد مناة.
وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني، وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة. قالوا: وإنما سميت خزاعة خزاعة لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر الظهران فأقاموا به، قال عون بن أيوب الأنصاري ثم الخزرجي في ذلك:
فلما هبطنا بطن مر تخزعت * خزاعة منا في حلول كراكر
حمت كل واد من تهامة واحتمت * بصم القنا والمرهفات البواتر
وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع الأنصاري الأوسي:
فلما هبطنا بطن مكة أحمدت * خزاعة دار الآكل المتحامل
فحلت أكاريسا وشتت قنابلا * على كل حي بين نجد وساحل
نفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا * بعز خزاعي شديد الكواهل
فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي، الذي تزوج قصي بن كلاب ابنته حبى، فولدت له بنيه الأربعة: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبدا.
ثم صار أمر البيت إليه كما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
واستمرت خزاعة على ولاية البيت نحوا من ثلاثمائة سنة. وقيل: خمسمائة سنة، والله أعلم. وكانوا سوس في ولايتهم وذلك لأن في زمانهم كان أول عبادة الأوثان بالحجاز، وذلك بسبب رئيسهم عمرو بن لحي لعنه الله، فإنه أول من دعاهم إلى ذلك وكان ذا مال جزيل جدا.
يقال: إنه فقأ أعين عشرين بعيرا وذلك عبارة عن أنه ملك عشرين ألف بعير، وكان من عادة العرب أن من ملك ألف بعير فقأ عين واحد منها، لأنه يدفع بذلك العين عنها.
وممن ذكر ذلك الأزرقي، وذكر السهيلي: أنه ربما ذبح أيام الحجيج عشرة آلاف بدنة، وكسى عشرة آلاف حلة، في كل سنة يطعم العرب، ويحيس لهم الحيس بالسمن والعسل، ويلت لهم السويق.
قالوا: وكان قوله وفعله فيهم كالشرع المتبع لشرفه فيهم، ومحلته عندهم، وكرمه عليهم.
قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم: أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، وهم ولد عملاق، ويقال: ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟
قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟ فأعطوه صنما يقال له: هبل، فقدم به مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه.
قال ابن إسحاق: ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل عليه السلام، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم، والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيث ما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وأعجبهم حتى خلفت الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه.
وفي الصحيح عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا في الجاهلية إذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من التراب، وجئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا بها.
قال ابن إسحاق: واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره، فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم عليه السلام يتمسكون بها من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة، وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه.
فكانت كنانة وقريش إذا هلوا قالوا: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تعالى لمحمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف: 106] أي: ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي.
وقد ذكر السهيلي وغيره: أن أول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحي، وأن إبليس تبدى له في صورة شيخ فجعل يلقنه ذلك فيسمع منه، ويقول كما يقول، واتبعه العرب في ذلك.
وثبت في الصحيح أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كان إذا سمعهم يقولون: لبيك لا شريك لك، يقول: « قدِ قدِ ».
أي: حسب حسب.
وقد قال البخاري: ثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن آدم، نا إسرائيل عن أبي حفص، عن أبي هريرة، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال:
« إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وهذا يقتضي أن عمرو بن لحي هو أبو خزاعة الذي تنسب إليه القبيلة بكمالها، كما زعمه بعضهم من أهل النسب، فيما حكاه ابن إسحاق وغيره. ولو تركنا مجرد هذا لكان ظاهرا في ذلك بل كالنص، ولكن قد جاء ما يخالفه من بعض الوجوه.
فقال البخاري، وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: البحيرة: التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة: التي كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء.
قال: وقال أبو هريرة: قال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، كان أول من سيب السوائب ».
وهكذا رواه البخاري أيضا، ومسلم من حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة به.
ثم قال البخاري: ورواه ابن الهاد عن الزهري.
قال الحاكم: أراد البخاري رواه ابن الهاد، عن عبد الوهاب بن بخت، عن الزهري، كذا قال.
وقد رواه أحمد، عن عمرو بن سلمة الخزاعي، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة سمعت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يقول:
« رأيت عمرو بن عامر يجر قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب، وبحر البحيرة ».
ولم يذكر بينهما عبد الوهاب بن بخت كما قال الحاكم، فالله أعلم.
وقال أحمد أيضا: حدثنا عبد الرازق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، وهو أول من سيب السوائب ».
وهذا منقطع من هذا الوجه.
والصحيح: الزهري عن سعيد عنه. كما تقدم.
وقوله في هذا الحديث، والذي قبله الخزاعي يدل على أنه ليس والد القبيلة، بل منتسب إليها، مع ما وقع في الرواية من قوله أبو خزاعة تصحيف من الراوي، من أخو خزاعة، أو أنه كان يكنى بابي خزاعة، ولا يكون ذلك من باب الإخبار بأنه أبو خزاعة كلهم، والله أعلم.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يقول لأكثم بن الجون الخزاعي:
« يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبة في النار، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا بك منه ».
فقال أكثم: عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟
قال: « لا إنك مؤمن وهو كافر، إنه كان أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي ».
ليس في الكتب من هذا الوجه.
وقد رواه ابن جرير، عن هناد بن عبدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بنحوه، أو مثله وليس في الكتب أيضا.
وقال البخاري: حدثني محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه وهو أول من سيب السوائب ».
تفرد به البخاري.
وروى الطبراني من طريق صالح، عن ابن عباس مرفوعا في ذلك. والمقصود أن عمرو بن لحي لعنه الله كان قد ابتدع لهم أشياء في الدين غير بها دين الخليل، فاتبعه العرب في ذلك فضلوا بذلك ضلالا بعيدا بينا فظيعا شنيعا.
وقد أنكر الله تعالى عليهم في كتابه العزيز في غير ما آية منه فقال تعالى: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ.. } الآية [النحل: 116] .
وقال تعالى: { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [المائدة: 106] وقد تكلمنا على هذا كله مبسوطا وبينا اختلاف السلف في تفسير ذلك، فمن أراد فليأخذه من ثم، ولله الحمد والمنة.
وقال تعالى: { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } [النحل: 56] .
وقال تعالى: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 136-137] .
و قال تعالى: { وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَها بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [الأنعام: 138-140] .
وقال البخاري في صحيحه:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 9:59

باب جهل العرب


حدثنا أبو النعمان، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام: { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَها بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } .
وقد ذكرنا تفسير هذه الآية، وما كانوا ابتدعوه من الشرائع الباطلة الفاسدة، التي ظنها كبيرهم عمرو بن لحي قبحه الله، مصلحة ورحمة بالدواب والبهائم، وهو كاذب مفتر في ذلك، ومع هذا الجهل والضلال اتبعه هؤلاء الجهلة الطغام فيه، بل قد تابعوه فيما هو أطم من ذلك وأعظم بكثير، وهو عبادة الأوثان مع الله عز وجل.
وبدلوا ما كان الله بعث به إبراهيم خليله من الدين القويم والصراط المستقيم، من توحيد عبادة الله وحده لا شريك له، وتحريم الشرك، وغيروا شعائر الحج ومعالم الدين بغير علم ولا برهان ولا دليل صحيح ولا ضعيف، واتبعوا في ذلك من كان قبلهم من الأمم المشركين، وشابهوا قوم نوح، وكانوا أول من أشرك بالله وعبد الأصنام.
ولهذا بعث الله إليهم نوحا، وكان أول رسول بعث ينهى عن عبادة الأصنام كما تقدم بيانه في قصة نوح: { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّا وَلَا سُوَاعا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرا... } الآية [نوح: 23-24] .
قال ابن عباس: كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، فلما طال عليهم الأمد عبدوهم. وقد بينا كيفية ما كان من أمرهم في عبادتهم بما أغنى عن إعادته ههنا.
قال ابن إسحاق وغيره: ثم صارت هذه الأصنام في العرب بعد تبديلهم دين إسماعيل، فكان ود لبني كلب بن مرة بن غتلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وكان منصوبا بدومة الجندل.
وكان سواع لبني هذيل بن إلياس بن مدركة بن مضر، وكان منصوبا بمكان يقال له رهاط.
وكان يغوث لبني أنعم من طيء ولأهل جرش من مذحج، وكان منصوبا بجرش.
وكان يعوق منصوبا بأرض همدان من اليمن لبني خيوان بطن من همدان، وكان نسر منصوبا بأرض حمير لقبيلة يقال لهم: ذو الكلاع
قال ابن إسحاق: وكان لخولان بأرضهم صنم يقال له: عم أنس، يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسما بينه وبين الله فيما يزعمون، فما دخل في حق عم أنس من حق الله الذي قسموه له تركوه له وما دخل في حق الله من حق عم أنس ردوه عليه، وفيهم أنزل الله: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبا } .
قال: وكان لبني ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة صنم يقال له: سعد، صخرة بفلاة من أرضهم طويلة، فأقبل رجل منهم بابل له مؤبلة ليقفها عليه، التماس بركته فيما يزعم، فلما رأته الإبل وكانت مرعية لا تركب، وكان الصنم يهراق عليه الدماء نفرت منه، فذهبت في كل وجه، وغضب ربها الملكان وأخذ حجرا فرماه به، ثم قال: لا بارك الله فيك، نفرت عليَّ إبلي، ثم خرج في طلبها، فلما اجتمعت له، قال:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلا صخرة بتنوفة * من الأرض لا يدعو لغي ولا رشد
قال ابن إسحاق: وكان في دوس صنم لعمرو بن حممة الدوسي. قال ابن إسحاق: وكانت قريش قد اتخذت صنما على بئر في جوف الكعبة يقال له: هبل. وقد تقدم فيما ذكره ابن هشام أنه أول صنم نصبه عمرو بن لحي لعنه الله.
قال ابن إسحاق: واتخذوا إسافا ونائلة على موضع زمزم ينحرون عندهما، ثم ذكر أنهما كانا رجلا وامرأة فوقع عليها في الكعبة فمسخهما الله حجرين.
ثم قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة أنها قالت: سمعت عائشة تقول: ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم، أحدثا في الكعبة، فمسخهما الله عز وجل حجرين، والله أعلم.
وقد قيل: إن الله لم يمهلهما حتى فجرا فيها، بل مسخهما قبل ذلك، فعند ذلك نصبا عند الصفا والمروة، فلما كان عمرو بن لحي نقلهما فوضعهما على زمزم وطاف الناس بهما، وفي ذلك يقول أبو طالب:
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم * بمفضي السيول من أساف ونائل
وقد ذكر الواقدي أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لما أمر بكسر نائلة يوم الفتح خرجت منها سوداء شمطاء تخمش وجهها، وتدعو بالويل والثبور.
وقد ذكر السهيلي أن أجا وسلمى وهما جبلان بأرض الحجاز، إنما سميا باسم رجل اسمه أجا بن عبد الحي، فجر بسلمى بنت حام فصلبا في هذين الجبلين، فعرفا بهما. قال: وكان بين أجا وسلمى صنم لطي، يقال له: قلس.
قال ابن إسحاق: واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه، فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب، فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره، وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله.
قال: فلما بعث الله محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بالتوحيد، قالت قريش: { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَها وَاحِدا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ص: 5] .
قال ابن إسحاق: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي مع ذلك تعرف فضل الكعبة عليها، لأنها بناء إبراهيم الخليل عليه السلام ومسجده.
وكانت لقريش وبني كنانة العزى بنخلة، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم حلفاء بني هاشم، وقد خربها خالد بن الوليد زمن الفتح، كما سيأتي.
قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكانت سدنتها وحجابها بني معتب من ثقيف، وخربها أبو سفيان والمغيرة بن شعبة بعد مجيء أهل الطائف كما سيأتي.
قال ابن إسحاق: وكانت مناة للأوس والخزرج، ومن دان بدينهم من أهل المدينة على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد. وقد خربها أبو سفيان أيضا. وقيل: علي بن أبي طالب كما سيأتي.
قال ابن إسحاق: وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة. وكان يقال له: الكعبة اليمانية، ولبيت مكة الكعبة الشامية، وقد خربه جرير بن عبد الله البجلي كما سيأتي.
قال: وكان قلس لطي ومن يليها بجبلي طي بين أجا وسلمى، وهما جبلان مشهوران كما تقدم.
قال: وكان رآم بيتا لحمير وأهل اليمن، كما تقدم ذكره في قصة تبع أحد ملوك حمير، وقصة الحبرين حين خرباه وقتلا منه كلبا أسود.
قال: وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولها يقول المستوغر واسمه كعب بن ربيعة بن كعب حين هدمها:
ولقد شددت على رضاء شدة * فتركتها قفرا بقاع أسحما
وأعان عبد الله في مكروهها * وبمثل عبد الله أغشى المحرما
ويقال: إن المستوغر هذا عاش ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة، وكان أطول مضر كلها عمرا، وهو الذي يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد السنين مئينا
مائة حدتها بعدها مائتان لي * وازددت من عدد الشهور سنينا
هل ما بقي إلا كما قد فاتنا * يوم يمر وليلة تحدونا
قال ابن هشام: ويروى هذه الأبيات لزهير بن جناب بن هبل.
قال السهيلي: ومن المعمرين الذين جازوا المائتين والثلاثمائة زهير هذا، وعبيد بن شربة، ودغفل بن حنظلة النسابة، والربيع بن ضبع الفزاري، وذو الأصبع العدواني، ونصر بن دهمان بن أشجع بن ريث بن غطفان، وكان قد اسود شعره بعد ابيضاضه، وتقوم ظهره بعد اعوجاجه.
قال ابن إسحاق: وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب بن وائل وإياد بسنداد، وله يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:
بين الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذي الشرفات من سنداد
وأول هذه القصيدة
ولقد علمت وأن تطاول بي المدى * أن السبيل سبيل ذي الأعواد
ماذا أؤمل بعد آل محرق * تركوا منازلهم وبعد إياد
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم * ماء الفرات يجيء من أطواد
أرض الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذي الكعبات من سنداد
جرت الرياح على محل ديارهم * فكأنما كانوا على ميعاد
وأرى النعيم وكلما يلهى به * يوما يصير إلى بلى ونفاد
قال السهيلي: الخورنق قصر بناه النعمان الأكبر لسابور ليكون ولده فيه عنده، وبناه رجل يقال له: سنمار في عشرين سنة، ولم ير بناء أعجب منه، فخشي النعمان أن يبنى لغيره مثله، فألقاه من أعلاه فقتله، ففي ذلك يقول الشاعر:
جزاني جزاه الله شر جزائه * جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رضفه البنيان عشرين حجة * يعد عليه بالقرامد والسكب
فلما انتهى البنيان يوما تمامه * وآض كمثل الطود والباذخ الصعب
رمى بسنمار على حق رأسه * وذاك لعمر الله من أقبح الخطب
قال السهيلي: أنشده الجاحظ في كتاب (الحيوان) والسنمار من أسماء القمر، والمقصود أن هذه البيوت كلها هدمت لما جاء الإسلام، جهز رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى كل بيت من هذه سرايا تخربه، وإلى تلك الأصنام من كسرها، حتى لم يبق للكعبة ما يضاهيها، وعُبد الله وحده لا شريك له، كما سيأتي بيانه وتفصيله في مواضعه، إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 11:17

خبر عدنان جد عرب الحجاز


لا خلاف أن عدنان من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، واختلفوا في عدة الآباء بينه وبين إسماعيل على أقوال كثيرة، فأكثر ما قيل أربعون أبا، وهو الموجود عند أهل الكتاب، أخذوه من كتاب رخيا كاتب أرميا بن حلقيا على ما سنذكره.
وقيل: بينهما ثلاثون. وقيل: عشرون. وقيل: خمسة عشر. وقيل: عشرة. وقيل: تسعة. وقيل: سبعة. وقيل: إن أقل ما قيل في ذلك أربعة، لما رواه موسى بن يعقوب عن عبد الله بن وهب بن زمعة الزمعي، عن عمته، عن أم سلمة، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 13 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أنه قال:
« معد بن عدنان بن أدد بن زند بن اليرى بن أعراق الثرى ».
قالت أم سلمة: فزند هو الهميسع، واليرى هو نابت، وأعراق الثرى هو إسماعيل، لأنه ابن إبراهيم، وإبراهيم لم تأكله النار، كما أن النار لا تأكل الثرى.
قال الدارقطني: لا نعرف زندا إلا في هذا الحديث، وزند بن الجون وهو أبو دلامة الشاعر
قال الحافظ أبو القاسم السهيلي وغيره من الأئمة: مدة ما بين عدنان إلى زمن إسماعيل أكثر من أن يكون بينهما أربعة أباء أو عشرة أو عشرون، وذلك أن معد بن عدنان كان عمره زمن بخت نصر ثنتي عشرة سنة.
وقد ذكر أبو جعفر الطبري وغيره أن الله تعالى أوحى في ذلك الزمان إلى أرمياء بن حلقيا، أن اذهب إلى بخت نصر فأعلمه أني قد سلطته على العرب، وأمر الله أرميا أن يحمل معه معد بن عدنان على البراق كي لا تصيبه النقمة فيهم، فإني مستخرج من صلبه نبيا كريما أختم به الرسل.
ففعل أرميا ذلك، واحتمل معدا على البراق إلى أرض الشام، فنشأ مع بني إسرائيل ممن بقي منهم بعد خراب بيت المقدس، وتزوج هناك امرأة اسمها: معانة بنت جوشن من بني دب بن جرهم، قبل أن يرجع إلى بلاده. ثم عاد بعد أن هدأت الفتن وتمحضت جزيرة العرب.
وكان رخيا كاتب أرمياء قد كتب نسبه في كتاب عنده ليكون في خزانة أرمياء، فيحفظ نسب معد كذلك والله أعلم، ولهذا كره مالك رحمه الله رفع النسب إلى ما بعد عدنان.
قال السهيلي: وإنما تكلمنا في رفع هذه الأنساب على مذهب من يرى ذلك ولم يكرهه، كابن إسحاق، والبخاري، والزبير بن بكار، والطبري، وغيرهم من العلماء.
وأما مالك رحمه الله فقد سُئل عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم فكره ذلك وقال له: من أين له علم ذلك؟ فقيل له: فإلى إسماعيل. فأنكر ذلك أيضا. وقال: ومن يخبره به؟ وكره أيضا أن يرفع في نسب الأنبياء، مثل أن يقال: إبراهيم بن فلان بن فلان، هكذا ذكره المعيطي في كتابه.
قال: وقول مالك هذا نحو مما روي عن عروة بن الزبير أنه قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل.
وعن ابن عباس أنه قال: بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون.
وروي عن ابن عباس أيضا أنه كان إذا بلغ عدنان يقول: كذب النسابون مرتين أو ثلاثا. والأصح عن ابن مسعود مثله.
وقال عمر بن الخطاب: إنما تنسب إلى عدنان.
وقال أبو عمر ابن عبد البر في كتابه الأنباه في معرفة قبائل الرواه): روى ابن لهيعة، عن أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء عدنان، ولا ما وراء قحطان إلا تخرصا.
وقال أبو الأسود: سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وكان من أعلم قريش بأشعارهم وأنسابهم يقول: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر، ولا علم عالم.
قال أبو عمر: وكان قوم من السلف منهم عبد الله بن مسعود، وعمرو بن ميمون الأزدي، ومحمد بن كعب القرظي، إذا تلوا: { وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ } [إبراهيم: 9] قالوا: كذب النسابون.
قال أبو عمر رحمه الله: والمعنى عندنا في هذا غير ما ذهبوا، والمراد أن من ادعى إحصاء بني آدم فإنهم لا يعلمهم إلا الله الذي خلقهم
وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا، وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها، واختلفوا في بعض فروع ذلك.
قال أبو عمر: والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان، قالوا: عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام. وهكذا ذكره محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة.
قال ابن هشام: ويقال عدنان بن أد، يعني: عدنان بن أد بن أدد. ثم ساق أبو عمر بقية النسب إلى آدم. كما قدمناه في قصة الخليل عليه السلام.
وأما الأنساب إلى عدنان من سائر قبائل العرب فمحفوظة شهيرة جدا، لا يتمارى فيها اثنان، والنسب النبوي إليه أظهر وأوضح من فلق الصبح، وقد ورد حديث مرفوع بالنص عليه، كما سنورده في موضعه بعد الكلام على قبائل العرب، وذكر أنسابها، وانتظامها في سلك النسب الشريف، والأصل المنيف، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
وما أحسن ما نظم النسب النبوي الإمام أبو العباس عبد الله بن محمد الناشىء في قصيدته المشهورة المنسوبة إليه وهي قوله:
مدحت رسول الله أبغي بمدحه * وفور حظوظي من كريم المآرب
مدحت امرءا فاق المديح موحدا * بأوصافه عن مبعد ومقارب
نبيا تسامى في المشارق نوره * فلاحت هواديه لأهل المغارب
أتتنا به الأنباء قبل مجيئه * وشاعت به الأخبار في كل جانب
وأصبحت الكهان تهتف باسمه * وتنفي به رجم الظنون الكواذب
وأنطقت الأصنام نطقا تبرأت * إلى الله فيه من مقال الأكاذب
وقالت لأهل الكفر قولا مبينا * أتاكم نبي من لؤي بن غالب
ورام استراق السمع جن فزيلت * مقاعدهم منها رجوم الكواكب
هدانا إلى ما لم نكن نهتدي له * لطول العمى من واضحات المذاهب
وجاء بآيات تبين أنها * دلائل جبار مثيب معاقب
فمنها انشقاق البدر حين تعممت * شعوب الضيا منه رؤوس الأخاشب
ومنها نبوع الماء بين بنانه * وقد عدم الوراد قرب المشارب
فروى به جما غفيرا وأسهلت * بأعناقه طوعا اكف المذانب
وبئر طغت بالماء من مس سهمه * ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب
وضرع مراه فاستدَّر ولم يكن * به درة تصغي إلى كف حالب
ونطق فصيح من ذراع مبينة * لكيد عدو للعداوة ناصب
وإخباره بالأمر من قبل كونه * وعند بواديه بما في العواقب
ومن تلكم الآيات وحي أتي به * قريب المآني مستجم العجائب
تقاصرت الأفكار عنه فلم يطع * بليغا ولم يخطر على قلب خاطب
حوى كل علم واحتوى كل حكمة * وفات مرام المستمر الموارب
أتانا به لا عن رؤية مرتىء * ولا صُحْف مُسْتَمُل ولا وصف كاتب
يواتيه طورا في إجابة سائل * وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب
وإتيان برهان وفرض شرائع * وقص أحاديث ونص مآرب
وتصريف أمثال وتثبيت حجة * وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب
وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى * وعند حدوث المعضلات الغرائب
فيأتي على ما شئت من طرقاته * قويم المعاني مستدر الضرائب
يصدق منه البعض بعضا كأنما * يلاحظ معناه بعين المراقب
وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما * وصفناه معلوم بطول التجارب
تأتى بعبد الله أكرم والد * تبلج منه عن كريم المناسب
وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به * قريش على أهل العلى والمناصب
ومن كان يستسقي الغمام بوجهه * ويصدر عن آرائه في النوائب
وهاشم الباني مشيد افتخاره * بغر المساعي وامتنان المواهب
وعبد مناف وهو علم قومه اشتطاط * الأماني واحتكام الرغائب
وإن قصيا من كريم غراسه * لفي منهل لم يدن من كف قاضب
به جمع الله القبائل بعد ما * تقسمها نهب الأكف السوالب
وحل كلاب من ذرى المجد معقلا * تقاصر عنه كل دان وغائب
ومرة لم يحلل مريرة عزمه * سفاه سفيه أو محوبة حائب
وكعب علا عن طالب المجد كعبه * فنال بأدنى السعي أعلا المراتب
وألوى لؤي بالعداة فطوعت * له همم الشم الأنوف الأغالب
وفي غالب بأس أبي البأس دونهم * يدافع عنهم كل قرن مغالب
وكانت لفهر في قريش خطابه * يعوذ بها عند اشتجار المخاطب
وما زال منهم مالك خير مالك * وأكرم مصحوب وأكرم صاحب
وللنضر طول يقصر الطرف دونه * بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب
لعمري لقد أبدى كنانه قبله * محاسن تأبى إن تطوع لغالب
ومن قبله أبقى خزيمة حمده * تليد تراث عن حميد الأقارب
ومدركة لم يدرك الناس مثله * أعف وأعلى عن دني المكاسب
وإلياس كان إلياس منه مقارنا * لأعدائه قبل اعتداد الكتائب
وفي مضر يستجمع الفخر كله * إذا اعتركت يوما زحوف المقانب
وحل نزار من رياسة أهله * محلا تسامى عن عيون الرواقب
وكان معد عدة لولية * إذا خاف من كيد العدو المحارب
ومازال عدنان إذا عد فضله * توحد فيه عن قرين وصاحب
وأد تأدي الفضل منه بغاية * وأرث حواه عن قروم أشايب
وفي أدد حلم تزين بالحجا * إذا الحلم أزهاه قطوب الحواجب
ومازال يستعلي هميسع بالعلى * ويتبع آمال البعيد المراغب
ونبت بنته دوحة العز وابتنى * معاقله في مشمخر الأهاضب
وحيزت لقيذار سماحة حاتم * وحكمة لقمان وهمه حاجب
هموا نسل إسماعيل صادق وعده * فما بعده في الفخر مسعى لذاهب
وكان خليل الله أكرم من عنت * له الأرض من ماش عليها وراكب
وتارح مازالت له أريجة * تبين منه عن حميد المضارب
وناحور نحار العدى حفظت له * مآثر لما يحصها عد حاسب
وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة * يقد الطلى بالمرهفات القواضب
وأرغو ناب في الحروب محكم * ضنين على نفس المشح المغالب
وما فالغ في فضله تلو قومه * ولا عابر من دونهم في المراتب
وشالخ وأرفخشذ وسام سمت بهم * سجايا حمتهم كل ذار و عائب
و ما زال نوح عندي ذي العرش فاضلا * يعدده في المصطفين الأطايب
ولملك أبوه كان في الروع رائعا * جريئا على نفس الكمي المضارب
ومن قبل لملك لم يزل متوشلخ * يذود العدى بالذائدات الشوازب
وكانت لإدريس النبي منازل * من الله لم تقرن بهمة راغب
ويارد بحر عند آل سراته * أبى الخزايا مستدق المآرب
وكانت لمهلاييل فهم فضائل * مهذبة من فاحشات المثالب
وقينان من قبل اقتنى مجد قومه * وفاد بشأو الفضل وخد الركائب
وكان أنوش ناش للمجد نفسه * ونزهها عن مرديات المطالب
ومازال شيث بالفضائل فاضلا * شريفا بريئا من ذميم المعائب
وكلهم من نور آدم أقبسوا * وعن عوده أجنوا ثمار المناقب
وكان رسول الله أكرم منجب * جرى في ظهور الطيبين المناجب
مقابلة آباؤه أمهاته * مبرأة من فاضحات المثالب
عليه سلام الله في كل شارق * ألاح لنا ضوءا وفي كل غارب
هكذا أورد القصيدة الشيخ أبو عمر ابن عبد البر، وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيبه من شعر الأستاذ أبي العباس عبد الله بن محمد الناشي المعروف بابن شرشير، أصله من الأنبار، ورد بغداد، ثم ارتحل إلى مصر، فأقام بها حتى مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين. وكان متكلما معتزليا يحكي عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتابه (المقالات) فيما يحكي عن المعتزلة.
وكان شاعرا مطبقا حتى أن من جملة اقتداره على الشعر كان يعاكس الشعراء في المعاني، فينظم في مخالفتهم، ويبتكر ما لا يطيقونه من المعاني البديعة، والألفاظ البليغة، حتى نسبه بعضهم إلى التهوس والاختلاط.
وذكر الخطيب البغدادي أن له قصيدة على قافية واحدة قريبا من أربعة آلاف بيت، ذكرها الناجم وأرخ وفاته كما ذكرنا.
قلت: وهذه القصيدة تدل على فضيلته، وبراعته، وفصاحته، وبلاغته، وعلمه، وفهمه، وحفظه، وحسن لفظه، واطلاعه، واضطلاعه، واقتداره على نظم هذا النسب الشريف في سلك شعره، وغوصه على هذه المعاني، التي هي جواهر نفيسة من قاموس بحره، فرحمه الله وأثابه وأحسن مصيره وإيابه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
(( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 13 من اصل 19انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 8 ... 12, 13, 14 ... 19  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
»  البداية والنهاية **
» كتاب: البداية والنهاية
»  تفسير ابن كثير
» (( قصص الأنبياء )) ابن كثير
» قصة ألف ليلة وليلة... من البداية الى نهاية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى الركن الاســـــــلامي-
انتقل الى: