موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
باكى - 67
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
الحربي - 36
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
زهرالورد - 30
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_rcap((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Voting_bar((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Vote_lcap 

 

 (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:39

المطلب الرابع: وسطيتهم في صفات الله تعالى بين أصحاب الأديان المحرفة

من أصول أهل السنة والجماعة في باب الصفات:
- وجوب الإيمان واليقين بجميع أسماء الله وصفاته كما وردت بألفاظها الشرعية نفياً وإثباتاً بينما نجد المشركين وأهل الكتاب في غاية البعد عن التزام ذلك.
- وأن لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه في كتابه الكريم أو على لسان نبيه العظيم ولا يجوزون اختراع أسماء أو صفات لله تعالى لم ترد في الوحيين.
- الإيمان بمعاني الصفات وقطع الطمع عن البحث في كيفياتها.
- الإيمان بأن القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر.
- الإيمان بأن الكلام في الصفات فرع عن معرفة الذات.
وهذه الأمور المجملة عن عقيدتهم في هذا الجانب هو الذي يتفق ونصوص الشرع, ويرتاح العقل إلى قبوله، فهو أمر منطقي لا تكلف فيه ولا هضم وهو الذي عاد إليه المتنطعون من أصحاب علم الكلام وأقروا به وأذعنوا وندموا على مخالفتهم له ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip
 بسبب تشبعهم بفلسفة اليونان وحكمائهم الجاهلين.
وهذه العقيدة سهلة وواضحة بعيدة عن التصورات الباطلة ولهذا فقد أراحوا أنفسهم من الدخول في ظلمات الشكوك والتخيلات التي لا تقف عند حد فتجدهم يعبرون عن معتقدهم في هذا الباب بأنهم يؤمنون بكل ما أخبر الله عنه في كتابه أو أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم من صفات عليا.
ويعرفون معنى كل صفة ويفوضون في الكيفيات ويعلمون أن صفات الله لا تشبه صفات خلقه معتمدين قوله عزّ وجلّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[الشورى:11]
وينفون عنه كل صفة تشعر بالذم أو لم ترد في الكتاب ولا في السنة ويتوقفون في إطلاق الأسماء والصفات عليه جل وعلا إذا لم ترد في الكتاب والسنة.
وهذا بخلاف ما عليه غيرهم من أهل الكلام ممن ينتسبون إلى الإسلام وممن لا ينتسبون إليه مثل اليهود والنصارى فإن اليهود: وصفوا الله تعالى بصفات النقص والذم ومثلوه بخلقه وقد أخبر عزّ وجلّ عنهم أنهم وصفوه بالبخل قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة:64] ووصفوه بالفقر كما قال تعالى عنهم لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء [آل عمران:181] ووصفوه في التوراة وفي التلمود بأنه يتعب ويندم ويبكي ويلهو مع حواء ويعقد شعرها ويلعب مع السمكة الكبيرة وأنه يقرأ التوراة كل يوم وقبل النوم وأنه لا يعرف الأشياء إلا بعد وقوعها وأنه مثل الأخطبوط وأنه يكتب بالقلم ووصفوه بالنسيان الكثير والوقوع في الأخطاء والتوبة منها وغير ذلك من الصفات التي ملئت بها التوراة مما لا يتسع المقام لبسطه هنا. ولم ينتشر التشبيه والتجسيم إلا من قبل اليهود المفترين، وأما النصارى فإنهم في صفات الله تعالى على وفق ما عليه الوثنيون لأن النصرانية التي أحدثها بولس هي عين الوثنية ولهذا راقت في نظر قسطنطين وسائر الوثنيين من أباطرة الرومان فتظاهروا بأنهم على النصرانية.
وقد مدحوا بعض من يؤلهونهم بكل صفات الله تعالى وتقدس كما ادعوا في المسيح عليه السلام وادعوا أن لله ولداً وصاحبة –المسيح وأمه- وأن المسيح يجلس إلى جوار أبيه وأنه وحيد الله تعالى وغير ذلك من عقائدهم الباطلة التي تبرأ منها المسيح ومن معتقديها في الدنيا والآخرة كما بين الله تعالى ذلك في كتابه الكريم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:40


موسوعة الفرق » الباب الثاني: أهل السنة والجماعة  »

 الفصل الثامن: بيان وسطية أهل السنة في مسائل الاعتقاد وسلامتهم من ضلالتي الإفراط والتفريط  »

المبحث الثاني: وسطيتهم بين الفرق التي تنتسب إلى الإسلام


تمهيد

تعددت الفرق الإسلامية وتباينت مفاهيمهم وادعت كل طائفة أنها هي التي على الحق وغيرها على الباطل.
وقد تقدم أنه لا عبرة بادعاء أي طائفة وأن العبرة إنما هي بعرضها على الكتاب والسنة فما وافقهما فهو على الحق وما خالفهما فهو على الباطل كائناً المخالف من كان, وكان لأهل السنة بتوفيق الله موقفهم المتميز بين تلك الفرق كلها.
وسيجد القارئ إن شاء الله ما يوضح له الحق ويبين له وسطية أهل السنة في مسائل العقيدة بالنسبة للفرق الأخرى ممن ينتسبون إلى الإسلام من خلال ما يلي:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:42

المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة لأسماء الله تعالى وصفاته بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام

موضوع الأسماء والصفات من أهم مواضيع العقيدة ومن أكثرها مجالاً لخلافات الناس ولقد كانت من أسهل المواضيع ومن أقلها إشكالاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن خلفائه الكرام ولهذا لم يبحثوها ولم يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لعلمهم التام وعقولهم الراجحة ومعرفتهم أن الكلام في الصفات فرع عن معرفة الذات حتى إذا ما ظهر قرن الشيطان من وراء علوم اليونان وفلسفاتهم وعلوم الكلام ومتاهاته. فإذا بها كما وصف المتنبي شعره ولغته (ويسهر الخلق جراها ويختصم).
وأخذ الخلاف فيها أشكالاً عديدة ووقعت الفتن التي لا يعلم مداها إلا الله وحده ولا يزال المسلمون يجترون آثارها إلى اليوم في مناقشات ومجادلات عقيمة سخيفة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا يزداد بها الشخص إلا جهلاً وضلالاً وبعداً عن الفهم الصحيح لحقيقة الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، وتظهر وسطية أهل السنة في باب الأسماء والصفات بمقارنة عقيدتهم بعقائد المخالفين من الفرق ذلك أن أهل السنة يؤمنون بأن لله أسماء وصفات حسنى وصف بها نفسه في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه العظيم آمن بها السلف كما وردت من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل.
- والمعتقد الأسلم والأعلم والأحكم التي حاد عنها أصحاب الأهواء والبدع عقوبة لهم على تركهم الكتاب والسنة وطريق المؤمنين وتقديمهم لأفكار الملاحدة من عتاة الحضارة اليونانية والهندية وغيرها وإذا نظرنا إلى عقائد أصحاب الأهواء والانحراف فسنجد أن بينهم وبين عقائد أهل السنة تفاوتاً بعيداً وتعارضاً صارماً، أما أهل التعطيل، فقد كان إيمانهم بصفات الله تعالى على أسوأ الاضطراب فقد نفوا عن الله تعالى اتصافه بالأسماء أو بالصفات بحجة تنزيه الله تعالى عن التشبيه كما قرره زعيمهم الجهم بن صفوان في أن إثبات أي صفة أو اسم لله تعالى فيه مشابهة لله بخلقه وهو كفر حسب زعمه فيجب عدم إثباته.
ومذهب الجهمية هذا كان أصرح من مذهب المعتزلة الذين أثبتوا أسماء الله تعالى ولكنهم نفوا صفاته ونفوا أن تدل الأسماء على معان ومدلولات وقد أرجعوا الصفات إلى الذات فقالوا سميع بذاته عليم بذاته ...إلخ.
وهذا الموقف الباطل يلحقهم بالجهمية إذ أن النتيجة واحدة وهي نفي الصفات ومدلولاتها.
وأما الأشاعرة فقد تناقض موقفهم حيث أثبتوا الأسماء وبعض الصفات ثم أولوا أو نفوا بعضها الآخر أو أرجعوها إلى الإرادة والمشيئة لا غير ومعلوم أن ما نفوه عن الله تعالى يعتبر تعطيلاً ويلزمهم أن يقولوا فيما نفوه مثل قولهم فيما أثبتوه وإلا كان إثباتهم ونفيهم تحكماً بلا دليل صحيح ومن هنا كان هؤلاء محل نقمة جميع الفرق عليهم أهل السنة والمعتزلة والجهمية وإذا كان من تقدم ذكرهم عطلوا الله تعالى عن ما يستحقه من معاني الأسماء الحسنى والصفات العليا فقد قابلهم فريق آخر من أصحاب الأهواء وهم المشتبهة ومذهبهم أن الله عزّ وجلّ في صفاته وأسمائه مثل الإنسان تماماً وذهب غلاتهم كهشام بن الحكم الرافضي وهشام بن الحكم الجواليقي ومقاتل بن سليمان وداود الجواربي وغيرهم إلى وصف الله عزّ وجلّ بأوصاف يتنزه عنها جل وعلا افتروا فيها على الله تعالى وطرقوا باباً حجبه الله عن الخلق وكل تلك الآراء مجانبة للحق بعيدة عن الصواب لأنها قامت على غير أساس ثابت كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ[إبراهيم:26]. بسبب إعراضهم عن الحق الذي هدى الله إليه السلف وبسبب تشبعهم بعلم الكلام والفلسفة والمنطق وظنهم أنهم على شيء وأنهم أوتوا علماً غزيراً وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ[السجدة: 22]ومعلوم بالعقل أن الله تعالى لو سأل الشخص وقال له لماذا أثبتَّ لي الأسماء والصفات فأجابه بأني آمنتُ بها كما نطقتُ بها لكان هو الجواب الحق وهو أمر بدهي و لولا تنطع أصحاب الأهواء لما توقف أحد عن الإيمان بهذا فإن الله تعالى أعلم بنفسه وبما وصفها به من صفات عليا وأسماء حسنى وله المثل الأعلى.
فأهل السنة أثبتوا الأسماء والصفات دون أن ينساقوا إلى التشبيه بل لم يخطر في أذهانهم أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم المشابهة والمماثلة لمعرفتهم أن الاتفاق في التسميات لا يلزم منه الاتفاق في الذات كما أنهم لم يعطلوا الله تعالى عن دلائل أسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه بل أثبتوا من الأسماء والصفات ودلائلها كما يليق به تعالى وهو المسلك الحق الذي يجب اتباعه ونبذ ما عليه المعطلة والمشبهة أهل الإفراط والتفريط, ومثل وسطية أهل السنة والجماعة في هذا الباب وسطيتهم كذلك في الأمور الأخرى مثل ما يتعلق بأهل المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:43

المطلب الثاني: وسطيتهم في الحكم على أصحاب المعاصي

وتظهر وسطية أهل السنة في أصحاب المعاصي من خلال معرفة حكمهم عليهم في الدنيا والآخرة وحكم المخالفين عليهم في الدنيا والآخرة أيضاً.
فما هو حكم أصحاب المعاصي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة؟
والجواب: عند أهل السنة حكم العاصي في الدنيا أنه لا يخرج عن اسم الإسلام ويقال له مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأما في الآخرة فحكمه إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه ولا يخلد في النار مثل سائر الكفار إن دخلها، وهذا هو الذي تجتمع عليه النصوص من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
أما غير أهل السنة فكانوا بين إفراط وتفريط في الحكم على العاصي فقد حكم عليه بعضهم كالخوارج بأنه كافر في الدنيا ومخلد في الآخرة في النار أو هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا فلا هو مؤمن ولا هو كافر ولكنه في الآخرة مخلد في النار، وهذا حكم المعتزلة وقابلت الجميع المرجئة فحكموا بإيمانه إيماناً كاملاً في الدنيا وهو في الآخرة مع النبيين الصديقين والشهداء.
وحجة الجميع تتفق في أنهم يرون أن الإيمان كشيء واحد لا يتبعض فلا يزيد ولا ينقص فإما يكون الشخص عاصياً –والعاصي ليس بمؤمن- وإما أن يكون طائعاً –وهو المؤمن- وحكم الكافر والمؤمن معروفان في الإسلام.
وبالتأمل في موقف أهل السنة من أصحاب الذنوب وموقف من سواهم ممن ذكرنا تتضح بجلاء وسطية أهل السنة وصدق قول الله تعالى فيهم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:44

المطلب الثالث: وسطيتهم في الإيمان بالقدر

كما تظهر وسطيتهم في كل الأمور العقدية الأخرى التي خالف فيها أصحاب الأهواء والبدع ومنها قضية الإيمان بالقدر فإن قضية القدر من المسائل الشائكة التي يجب فيها التسليم والرضا.
وكان لأهل السنة موقفهم الذي يعضده النقل معاً فقد تأكد في مذهبهم أن القدر سر الله تعالى وأن الواجب على المسلم الإيمان به دون تعمق لما وراء الأدلة وترك الاحتجاج به على فعل المعاصي والإيمان بتقدير الله تعالى لكل الأمور بمشيئته، وأن الله هو الخالق لكل شيء بما فيها أفعال العباد ولكنها لا تسمى فعل الله بل هي أفعال العباد والله هو الذي أقدرهم على فعلها ولو شاء لما فعلوها كما قال تعالى: وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ [البقرة:253] وهي مشيئته الكونية العامة وهذا بخلاف ما تقوله الجبرية الذين يرون أن الله هو الخالق لها ثم يضيفون قولهم الخاطئ أن العباد لا قدرة لهم على الفعل وإنما هم كريشة في مهب الريح وأن الخالق والفاعل معاً هو الله تعالى, ومن هنا نشأ خطأهم، وكذلك خطأ القدرية الذين زعموا أن العبد هو الخالق لفعله وقدرته وإرادته دون أي تدخل من الله تعالى, ومن هنا وصفوا بأنهم يثبتون خالقين مع الله تعالى مشابهة للمجوس، وأهل السنة توسطوا في ذلك كما عرفت سابقاً فأثبتوا مشيئة الله الكونية والشرعية وقدرة الله على كل شيء وأثبتوا أن العبد له قدرة ومشيئة لا تخرج عن مشيئة الله تعالى وقدرته وهو الفاعل للفعل حقيقة.
وموقف القدرية والجبرية الخاطئ يعود إلى عدم فهمهم لإرادة الله ومشيئته فهماً صحيحاً على الطريقة التي سار عليها السلف وهي الإيمان بأن لله مشيئة وإرادة لا يخرج أي شيء عنهما فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ثم يعود كذلك إلى عدم تفريقهم بين الإرادة والمحبة, ذلك أن الإرادة إما أن تكون كونية وهي الإرادة العامة لجميع الموجودات ودليلها قوله عزّ وجلّ: وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [البقرة:253] وإما أن تكون الإرادة شرعية وهي التي تتعلق بمحبة الله تعالى ورضاه عن الشيء كقوله تعالى: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:27] وأهل السنة يؤمنون أن الإرادة الكونية هي التي تعلقت بكل شيء حتى معصية العاصي فلا يلزم منها التفرقة بين ما يحبه الله وما لا يحبه. أما الإرادة الشرعية فهي التي تعلقت بمحبته ورضاه فهو وإن كان قدَّر وقوع الشر كوناً لكنه في الإرادة الشرعية لم يرضه ولم يحبه فهو لا يحب الظالمين ولا الفاسقين ولا العاصين. أما بالتأمل في مذهب المخالفين فنجد أن المعتزلة لا يفرقون بين الإرادتين الكونية والشرعية فيعتقدون أن كل ما أراده الله فقد أحبه.
وبذلك توصلوا إلى أن المعاصي لا يريدها الله تعالى ولا يحبها وبالتالي فلم يأمر بها ولا إرادة له في وقوعها وإلا لكان مريداً للمعاصي وبالتالي فلا يعاقِب عليها حسب زعمهم.
بينما ذهبت الجبرية إلى عدم التفريق بين الإرادتين أيضاً ولكنهم ناقضوا المعتزلة فقالوا كل ما يقع من أفعال خيِّرة كانت أم شريرة طاعة أم معصية كلها بإرادة الله تعالى ومحبته ورضاه وإلا لما وقعت فاحتجوا بالقدر على أفعالهم كالمشركين الذين احتجوا بمشيئة الله ورضاه على وقوعهم في الشرك وفي التحليل والتحريم. وبالتأمل في مذهب أهل السنة والمخالفين لهم يتضح تماماً وسطية أهل السنة بين غلو القدرية والجبرية وعدم وقوف القدرية والجبرية عند الحق الذي هدى الله إليه أهل السنة بلطفه وكرمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 11:45

المطلب الرابع: وسطيتهم في موقفهم من الصحابة رضي الله عنهم

وكما توسط أهل السنة في تلك المعتقدات السابقة توسطوا أيضاً في قضية أخرى تتعلق بالصحابة رضوان الله عليهم وقبل بيان هذا الجانب أقول أن العقل لا يكاد يتصور أن يمس جانب الصحابة بأدنى أذى احتراماً لهم وتوقيراً واعترافاً بجميل ما قدموه للبشرية جمعاء وأياً كان الحال فقد وقعت الخصومة فيهم بين مختلف الطوائف التي تنتسب إلى الإسلام وكان لأهل السنة موقفاً مشرفاً منهم كانوا به وسطاً فيهم فكيف تم ذلك؟
وقف أهل السنة بالنسبة للصحابة بين غلو الغالين وتقصير المخالفين وقد تميز موقفهم منهم بأمور كثيرة منها:
1- أن الصحابة هم خير البشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم .
2- الاعتراف بكل ما ذكر عنهم من الفضائل في القرآن والسنة وأقوال أهل العلم.
3- السكوت عما شجر بينهم من اختلاف وفتن داخلية ولا نذكرهم إلا بخير.
4- الشهادة بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بها أو جاءت في القرآن.
5- الاعتراف بأنهم كلهم على فضل ولكنهم يتفاضلون فيما بينهم وأن أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم جميعاً دون انتقاص لفضل كل منهم وأن خلافة كل واحد منهم ثابتة على النهج الصحيح وأن من أسلم قبل الفتح وبيعة الرضوان أفضل ممن أسلم بعد ذلك.
6- الاقتداء بهم والتحلي بفضائلهم واقتفاء آثارهم.
7- لا نرفع أحداً منهم فوق منزلته ولا ندعي له فضائل لم تثبت وهم في غنى عن مدحهم بما لم يثبت لهم.
8- الإيمان بأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم طاهرات مطهرات وأنهن أمهات المؤمنين ويؤمنون بوجوب محبة أهل البيت ويقدمونهم وفق وصية النبي صلى الله عليه وسلم بهم دون إفراط ولا تفريط.
9- لا يدّعون عصمة أي شخص كائناً من كان مع الاعتقاد أن من جاء بعدهم لا يصل إلى جزيل ما أعد الله لهم من الثواب لأن مُدَّ أحدهم خير من إنفاق مثل جبل أحد ذهباً من غيرهم.
10- لا يكفرون أحداً من الصحابة ولا اعتبار للمرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
11- يتولون الصحابة كلهم ويترضون عنهم بخلاف الرافضة وغيرهم من الفرق الضالة وبهذه المزايا التي اتسم بها أهل السنة كانوا وسطاً فيما يتعلق بجانب الصحابة وستتضح وسطيتهم من خلال ما تلاحظه في مواقف المخالفين لهم فيما يأتي:
فالخوارج كفّروا الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكفروا كل من شارك في قضية التحكيم وتبرؤوا منهم بل وأوجبوا لهم النار كما تبرؤوا من الحسن والحسين وكفروا الخليفة ذي النورين أيضاً رضي الله عنه وكذا طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم جميعاً وهذا الموقف منهم غاية في الغلو المذموم وجرأة ممقوتة على هؤلاء الأخيار وقد تبعهم في هذا الموقف الشنيع بعض كبار المعتزلة كواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد حيث قالوا بفسق أصحاب الجمل وعلي ومعاوية ومن معهم من أهل صفين ومن عثمان كذلك رضي الله عنه، وهذا قول عمرو بن عبيد وأما شيخه واصل بن عطاء فقد قال بفسق أحد الفريقين دون تعيين كما تتبرأ المعتزلة من معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما وبالجملة فإن المعتزلة كان موقفهم من الصحابة قريب من مواقف الخوارج في غلوهم متناسين ما قدمه أولئك الفضلاء من خيرٍ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بل غلبوا ما تصوروه عنهم من بعض المواقف التي لم يفهموا تفسيرها أو كانت تخالف آراءهم الاعتزالية فوقفوا منهم تلك المواقف الشنيعة وخالفوا ما أمرهم الله به من الاستغفار والترحم والترضي على من سبق بالإيمان فضلاً عن خيرة الناس بعد الأنبياء والمرسلين. وأما الرافضة فقد كان موقفهم من صحابة نبي الله صلى الله عليه وسلم سبة وعاراً فقد وصلوا في حمقهم وغبائهم أن شتموا الصحابة بل وتقربوا بسبهم إلى الله تعالى ولهذا كان النصارى أعقل منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ فقالوا أصحاب عيسى وكان اليهود أعقل منهم حين قيل لهم من خير أهل ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى أما الرافضة فإنهم لو قيل لهم من شر أهل ملتكم لقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, عليه ولهذا نجد كثيراً من المسلمين الذين هم على الفطرة يترضون عن جميع الصحابة وما أن يدخل الشخص في مذهبهم إلا وأصبح لعن الصحابة وخصوصاً من شهد له الله تعالى بصحبة نبيه من أول التزاماته العقدية.
فما الذي سيجنيه المسلمون من شخص يزعم أنه مسلم وهو عدو مبين لسلف هذه الأمة مقتدياً بابن سبأ والحاقدين من أصحاب الديانات التي قضى عليها الفتح الإسلامي على أيدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وإذا كان موقفهم تجاه الصحابة كله موقف عداء وبغض وشتم فإن موقفهم تجاه أهل البيت وعلي بخصوصه أشد شناعة وعداوة وإن كان ظاهرهم أنهم يحبونهم ويتشيعون لهم ذلك أن التاريخ كله يشهد بأن أكثر المآسي وأفدحها التي وقعت لأهل البيت كان وراءها عقول الرافضة وسيوفهم ابتداء بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وابنه الحسين ومن جاء بعده من أهل البيت الذين استدرجهم الرافضة للخروج على الدولة الأموية ثم خذلانهم في أحرج المواقف كما وقع لمسلم بن عقيل والحسن بن علي وزيد بن علي بن الحسين وابنه يحيى وغيرهم.
ولقد غلا الرافضة غلواً فاحشاً في حق علي رضي الله عنه ورفعوه إلى منزلة أحرق من قال بها في حياته وهي تأليههم له.
فقد فضلوه على سائر الصحابة وادعوا أنه سيرجع قبل يوم القيامة وأنه خير الأوصياء وأنه لم يجمع القرآن كما أنزل إلا هو.
وأن أهل بيته كلهم من الأئمة المعصومين عن الذنوب والخطايا وأنهم يعلمون الغيب وأنهم لا يموتون إلا بإذنهم وإرادتهم وأنهم أفضل من الأنبياء والمرسلين وعندهم الجفر والجامعة ومصحف فاطمة وأنهم يوحى إليهم وغير ذلك من غلوهم الفاحش المدون في كتبهم يتوارثونه خلفاً عن سلف كما في كتابهم الكافي للكليني وغيره.
وفي المقابل صبوا جام غضبهم على الخلفاء الثلاثة وأم المؤمنين عائشة وحفصة وسائر الصحابة وأنهم حسب افترائهم ارتدوا عن الإسلام وخصوصاً من حضر غدير خم لعدم مبايعتهم علي بن أبي طالب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولولا أن الحديث لا يتطلب تفصيل هذه الافتراءات والأباطيل لكان إثبات ذلك عنهم من مراجعهم من أيسر الأمور فليرجع إليها الباحث عن الحق النهم بالمعرفة ليقف على كل ضلالات الرافضة وخروجهم عن الحق وليظهر له توسط أهل السنة والجماعة في موقفهم من كل صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفيما تقدم إشارة كافية للبيب ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:19


موسوعة الفرق » الباب الثاني: أهل السنة والجماعة  » الفصل التاسع  أخلاق أهل السنة والجماعة


تمهيد:

إنَّ السلوك الصحيح وتزكية النفوس من أعظم أمور الدين، وأجل خصاله، حيث اهتم سلفنا الصالح بالسلوك الشرعي علماً وعملاً، فالسلوك الظاهر ملازم للإيمان الباطن، وصلاح الظاهر ناشئ عن صلاح الباطن، وكذا العكس.... ولما كان السلوك - عند السلف - يعد إيماناً وديناً، فإننا نراهم يفردونه بكتب مستقلة، بل ويوردون الجوانب السلوكية ضمن كتب العقيدة، لأن السلوك وما يتعلق بالصفات الأخلاقية من شعب الإيمان وخصاله، فلا تنفك عنه.
لقد كان للنزعة الإرجائية الكلامية أثر ظاهر في إهمال موضوعات السلوك والأخلاق، فلما كان الإيمان - عندهم - تصديقاً فحسب، أهملوا أعمال القلوب والجوارح.
ولما كان توحيدهم - فقط - هو توحيد اعتقاد الربوبية لله تعالى، أعرضوا عن توحيد العبادة والإرادة والطلب، ما يتبعه من الجوانب السلوكية والأخلاقية. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
وأهل السنة تميزوا عن غيرهم بأنهم أثَّرت فيهم المتابعة وأثَّرَ فيهم الاعتقاد فهم أهل اتباع للنبي عليه الصلاة والسلام في المسائل العلمية وفي المسائل العملية.
أما أهل البدع فقد جعلوا المسائل العملية والأخلاق، في مرتبة ليست بمهمة وقالوا: إن هذه من قشور الدين.
وأهل السنة من جهة اعتنائهم وفقههم واتباعهم للنبي عليه الصلاة والسلام تابعوا في المسائل العلمية والمسائل العملية.
والمسائل العملية منها الأحكام الفرعية ومنها الأخلاق، فلذلك هم في السلوك أهل اتباع لسبيل المؤمنين لطريقة المصطفى صلى الله عليه وسلم وطريقة الصحابة رضوان الله عليهم من بعده.
والفِرَق المخالفة لطريقة أهل السنة في باب الأخلاق تنوعت:
منهم من لم يهتم بهذا أصلاً، وإنما يهتمون بالأمور الكلية وأما إذا أتيت إلى سلوكهم وعملهم وأخلاقهم وديانتهم فإنهم لا يهتمون بذلك، لا من جهة حقوق الله جل وعلا، ولا من جهة حقوق الخلق: من الواجبات والمستحبات، فهم مفرطون في ذلك كله، وقد أخذوا الاعتقاد من جهة العقليات، فصارت عندهم مباحث أشبه ما تكون بمباحث اللاهوت عند النصارى، وليست بمباحث عقدية تؤثر في القلب عقداً فتستجيب لها الجوارح فعلاً وسلوكاً وحركة.
فالمتكلمون أقسى قلوباً مع أنهم يُثبتون وجود الله جل وعلا بما يثبتونه به ويثبتون البعث ويثبتون أشياء مما هي معلومة في العقيدة ويخالفون فيما يخالفون لكنهم ليسوا بذوي ذكاء في قلوبهم، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في وصف أئمتهم: (أوتوا ذكاءً ولم يؤتوا زكاء، وأوتوا علوماً ولم يؤتوا فُهُوما). وهذا واقع فإن كثيرين دخلوا في مباحث الاعتقاد من جهةٍ عقلية بحتة ولم يستفيدوا منها في تعظيم الله جل وعلا كما ينبغي له جل وعلا ولا في تعظيم رسوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم التعظيم الذي أذن الله به لرسوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم من جهة محبته وطاعته واتباع ما جاء به.
فهذه الفئة، المتكلمون ومن شابههم، هؤلاء لم يعتنوا أصلاً بالأخلاق ولا بالعمل ومثلهم الفلاسفة الإسلاميين كذلك لم يهتموا بالعمل، وهؤلاء أصناف متنوعة.
يقابلهم جهة أخرى غلت في الأخلاق حتى جاوزت المأذون به وجاوزت السنة في ذلك وهم المتصوفة.
والصوفية فرقة نشأت في أواسط القرن الثاني للهجرة وكان لنشوئها سبب أو أسباب ومنها مخالطتهم للنصارى خارج الأمصار، وخارج البلاد المتأهلة بالسكان – مثل بغداد ودمشق ونحو ذلك- وقد كان النصارى يميلون إلى الرهبنة وينعزلون فلما خالطهم طائفة من جهلة المسلمين قلَّدُوهم في ذلك حتى غلوا في جانب الأخلاق، فصاروا مخالفين لطريقة السلف الصالح فيه.
وهؤلاء الذين غلوا وهم الصوفية نُسِبوا إلى لُبْسِهِم الصوف تقليداً للنصارى وهناك أقوال أخر، في سبب تسمية الصوفية، لكن هذا هو أظهرها.
ففي المقامات والأحوال لم يتابعوا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما دخلوا بالذوق...
فأهل السنة رأوا كلام الذين بدأ فيهم الزيغ فتكلموا في الأخلاق وفي إصلاح النفس بغير ما دلت عليه النصوص، مثل جماعة ممن كانوا في عصر الإمام أحمد وقبله، كانوا يتكلمون في هذه المسائل على غير طريقة السلف، وصنفوا فيها مصنفات معروفة وموجودة؛ ولهذا قابلهم السلف بتأصيل الأخلاق، ومخالفة أهل الضلال فيها، عن طريق كتب الزهد والرقائق، فتصنيف كتب  الزهد والرقائق كان مقصوداً لمخالفة هذه الطائفة التي غلت في الأخلاق والسلوك وتركت طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً للرد على الذين نظروا الدنيا وأخذوا بالعقليات ونسوا يوم الحساب.
فهؤلاء وهؤلاء رَدَّ عليهم السلف بكتب الزهد والرقائق، بما كان عليه صلوات الله وسلامه من الزهد وبما كان عليه أصحابه وبما كان عليه الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه وهكذا.
فصار أهل السنة في باب إصلاح النفس مخالفين للجفاة الذين لم يعتنوا بإصلاح الأخلاق وللذين غلوا فابتدعوا طرقاً في إصلاح النفس والأخلاق.
وكلمة الأخلاق هذه كلمة عامة والمقصود منها الصورة الباطنة؛ لأن الخَلْق، خَلَقَ يخلُقُ خلْقاً هو الإيجاد.
وهذا المخلوق له صورتان، صورةٌ ظاهرة وهي الخَلْق، خَلْقُه خِلْقَتُهُ وصورة باطنة وهي خُلُقُه.
ولهذا عظَّم النبي عليه الصلاة والسلام حسن الخلق في أحاديث كثيرة متعددة. ..
فأهل السنة ذكروا في تصانيفهم ما يتعلق بالزهد والأخلاق وإصلاح العمل والصورة الباطنة المتابعة للظاهرة وإصلاح الصورة الباطنة من مكارم الأخلاق، ونهوا عن كل ما يخالف طريقة السلف في هذا الأمر، ذلك لأن مسألة التربية والأخلاق وإصلاح النفس قد تكون على غير طريقة السلف الصالح.
فلهذا ذكروا أصول ما هم عليه في باب إصلاح الخُلُق، وإصلاح الصورة الباطنة، وإصلاح النفس. ...
المقصود في هذا البيان أن ذكر الأخلاق في كتب أهل السنة والجماعة مقصودٌ وهو من جملة ما تميزوا به عن غيرهم.
فغيرهم في هذا الباب ما بين جافٍ وغالٍ. .... فإذًا الدعوة إلى هذه الأخلاق هذه من خصائص أهل السنة ومن أثر العقيدة على النفس، ومن تَمَثَّلَ العقيدة الصحيحة فهو الصالح، فالصالح من عباد الله هو الذي صَلُحَ باطنه وظاهره، وصلاح باطنه بالاعتقاد الصحيح والأخلاق الفاضلة، وظاهره بأن يكون مقيماً لحقوق الله ومقيماً لحقوق الخلق.
فالصالح عند أهل العلم هو القائم بحقوق الله وحقوق الخلق، فمن جمع القيام بهذا وهذا فهو صالح، ومن فرط في شيء من هذين فهو ينقصه من الصلاح ويدخله شيء من ضده بحسب ما فرط وترك.((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:19

المبحث الأول: أسباب الاهتمام بالناحية السلوكية:

1- اهتم السلف الصالح بتزكية النفوس، واعتنوا بالجانب السلوكي والأخلاقي علماً وفقهاً، كما حققوه عملاً وهدياً، فأفردوا كتباً مستقلة في الزهد والرقائق ونحوهما بل إن أئمة السلف يوردون الصفات السلوكية والأخلاقية لأهل السنة في ثنايا كتب العقيدة.
كما قال الإسماعيلي (ت 371هـ ) في اعتقاد أهل السنة:
( ويرون مجانبة البدعة والآثام، والفخر، والتكبر، والعجب، والخيانة، والدغل، والاغتيال، والسعاية، ويرون كف الأذى، وترك الغيبة، إلا لمن أظهر بدعة وهوى يدعو إليهما، فالقول فيه ليس بغيبة عندهم) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الصابوني (ت 449هـ ) في عقيدة السلف: (والمنكح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبدار إلى فعل الخيرات أجمع، ويتحابون في الدين ويتباغضون فيه ويتقون الجدال في الله، والخصومات فيه، ويجانبون أهل البدع والضلالات، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال قوام السنة إسماعيل بن محمد الأصفهاني (ت 535هـ):
(ومن مذهب أهل السنة التورع في المآكل والمشارب والمناكح، والتحرر من الفواحش والقبائح، والتحريض على التحابّ في الله عز وجل، واتقاء الجدال والمنازعة في أصول الدين، ومجانبة أهل الأهواء والضلالة، وهجرهم ومباينتهم، والقيام بوفاء العهد والأمانة، والخروج من المظالم والتبعات، وغض الطرف عن الريبة والحرمات، ومنع النفس عن الشهوات، وترك شهادة الزور، وقذف المحصنات، وإمساك اللسان عن الغيبة والبهتان، والفضول من الكلام، وكظم الغيظ والصفح عن زلل الإخوان، والمسابقة إلى فعل الخيرات، والإمساك عن الشبهات، وصلة الأرحام، ومواساة الضعفاء، والنصيحة في الله والشفقة على خلق الله، والتهجد لقيام الليل لا سيما لحملة لقرآن، والبدار إلى أداء الصلوات) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وذكر ابن تيمية - رحمه الله - جملة من الصفات السلوكية والأخلاقية لأهل السنة، ومن ذلك قوله: (يأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ))، ويندبون أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفا سفها) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
2- هناك تلازم بين السلوك والاعتقاد، فالسلوك الظاهر مرتبط بالاعتقاد الباطن، ومن ثم فإن الانحراف الواقع في سلوكنا وأخلاقنا الظاهرة إنما هو ناشئ عن نقص في إيماننا الباطن.
يقول ابن تيمية موضحا ًهذا التلازم: (إذا انقضت الأعمال الظاهرة الواجبة، كان ذلك نقص ما في القلب من الإيمان، فلا يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب أن تعدم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجود هذا كاملاً وجود هذا كاملاً، كما لزم من نقص هذا نقص هذا، إذ تقدير إيمان تام في القلب بلا ظاهر من قول وعمل، كتقدير موجب بلا موجبه، وعلة تامة بلا معلولها، وهذا ممتنع) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول أيضاً: (وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له، لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الباطنة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه ودليله ومعلولة، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضاً تأثير فيما في القلب، فكل منهما يؤثر في الآخر، لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول الشاطبي في هذه المسألة: (الأعمال الظاهرة في الشرع دليل على ما في الباطن، فإن كان الظاهر منخرماً، حكم على الباطن بذلك، أو مستقيماً حكم على الباطن بذلك أيضاً، وهو أصل عام في الفقه، وسائر الأحكام العاديات، والتجريبيات، بل الالتفات إليهما من هذا الوجه نافع في جملة الشريعة جداً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إضافة إلى ذلك، فإن الإيمان إذا جاء مطلقاً مجرداً  فإنه يندرج فيه السلوك والأخلاق وسائر الأعمال الصالحة، كما في حديث الإيمان -مثلا - حيث قال صلى الله عليه وسلم:
((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).
وكما يقول ابن تيمية: (اسم الإيمان يستعمل مطلقاً، ويستعمل مقيداً، وإذا استعمل مطلقاً فجميع ما يحبه الله ورسوله من أقوال العبد وأعماله الباطنة والظاهرة، يدخل في مسمى الإيمان عند عامة السلف والأئمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم الذين يجعلون الإيمان قولاً وعملاً. .. ودخل في ذلك ما قد يسمى مقاماً وحالاً، مثل الصبر، والشكر، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرضا، والخشية، والإنابة، والإخلاص، والتوحيد وغير ذلك) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
3- يترتب على تحقيق الجانب الخلقي السلوكي الأجر الكثير والثواب الجزيل، كما دلت على ذلك النصوص الشرعية.
فقد عد الله تعالى في كتابه مخالقة الناس بخلق حسن من خصال التقوى، بل بدأ بذلك في قوله أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133-134].
وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الخلق أكمل خصال الإيمان فقال: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا ً)).
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صاحب الخلق الحسن يبلغ بخلقه درجة الصائم القائم فقال: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات الصائم القائم )).
وجاء في أحاديث أخرى أن حسن الخلق أثقل ما يوضع في الميزان وأن صاحبه أحب الناس إلى الله وأقربهم من النبيين مجلساً.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من شئ يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق)) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأحبكم إلى الله وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة ؟ قالوا: بلى: قال: أحسنكم خلقاً)) .
قال ابن القيم رحمه الله: (الدين كله خلق، فما زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال ابن رجب رحمه الله - عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)).
(هذا من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفرده بالذكر للحاجة إلى بيانه، فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده فنص له على الأمر بإحسان العشرة للناس، فكثيراً ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله، والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمالُ حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها، والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جداً لا يقوى عليه إلا الكُمَّل من الأنبياء والصديقين) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
4- وإذا كان سلفنا الصالح قد اعتنوا كثيراً بالسلوك علماً وعملاً، لأهميته وقيام التلازم بين السلوك الظاهر والإيمان الباطن، إضافة إلى الوعد الكريم والأجر الكبير لأصحاب السلوك الشرعي.
مع ذلك كله فإن الناظر إلى واقع الكثير منا - معشر المنتسبين لأهل السنة - يرى تقصيراً وتهاوناً في هذا المجال، فأنت تشاهد تفرقاً وخصومة، وجدلاً ومراءً، وأهواء وشهوات ولا حول ولا قوة إلا بالله.((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:21

المطلب الأول: مصدر السلوك والأخلاق هو الكتاب والسنة:

 إن مصدر تلقي السلوك والأخلاق عند السلف الصالح هو الكتاب والسنة، فإنهم أهل أتباع، وأرباب طريقة أثرية.
قال تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ[النحل: 99] وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[النساء: 59] وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ((لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً)).
يقول ابن تيمية: (إن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق وهذا كله مبين في الكتاب والسنة، فإن هذا بمنزلة الغذاء الذي لا بد للمؤمن منه. ولهذا كان جميع الصحابة يعلمون السلوك بدلالة الكتاب والسنة والتبليغ عن الرسول، لا يحتاجون في ذلك إلى فقهاء الصحابة.
وفي السلوك مسائل تنازع فيها الشيوخ، لكن يوجد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على الصواب في ذلك ما يفهمه غالب السالكين، فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد كلها منصوصة في الكتاب والسنة) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .                                                             
ويقول أيضاً: (المعلم المشروع والنسك المشروع مأخوذ عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ن فمن بنى الكلام في العلم – الأصول والفروع – على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة، وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البد نية على الإيمان والسنة والهدى الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أصاب طريق النبوة، وهذه طريقة أئمة الهدى) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وعندما ذكر الإمام الذهبي السلوك الصحيح، نجده لا يورد إلا ما دل عليه الدليل، كما هو ظاهر مقالته الآتية (السلوك الكامل هو الورع في القوت، والورع في النطق، وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاء على الخطيئة والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها في ذات الله، والإكثار من الصوم المشروع، ودوام التهجد، والتواضع للمسلمين، وصلة الرحم، والسماحة وكثرة البشر والإنفاق مع الخصاصة، وقول الحق المر برفق وتؤدة، والأمر بالمعروف، والأخذ بالعفو، والإعراض عن الجاهلين والرباط بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات في الأحايين، وكثرة الاستغفار في السحر، فهذه شمائل الأولياء، وصفات المحمديين، أماتنا الله على محبتهم) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقرر ابن القيم أن السلوك وتزكية النفوس لا يكون إلا عن طريق الرسل عليهم السلام فيقول: (وتزكية النفوس مسلم إلى الرسل)، وإنما بعثهم الله لهذه التزكية وولاهم إياها، وجعلها على أيديهم دعوة، وتعليماً، وبياناً، فهم المبعثون لعلاج نفوس الأمم. قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ[الجمعة: 2].
وتزكية النفوس أصعب من علاج الأبدان وأشد، فمن زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة، التي لم يجئ بها الرسل، فهو كالمريض الذي يعالج نفسه برأيه، وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؟ فالرسل أطباء القلوب، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم، وعلى أيديهم، وبمحض الانقياد، والتسليم لهم، والله المستعان) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وهذا السلوك الشرعي على مرتبتين كما قرره ابن تيمية بقوله: (والسلوك سلوكان: سلوك الأبرار أهل اليمن، وهو أداء الواجبات وترك المحرمات باطنًا وظاهراً ). والثاني: سلوك المقربين السابقين وهو فعل الواجب والمستحب بحسب الإمكان، وترك المكروه والمحرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) .
وإذا كان عامة من ضل في باب الاعتقاد بسبب الإعراض عن ما جاء به الرسول ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip ، فكذلك الضلال في باب السلوك، إنما كان ناشئاً – في الجملة – بسبب الإعراض عن نصوص الوحيين، كما هو ظاهر في متأخري الصوفية، وأرباب الطرق المحدثة ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
قال تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى[طه: 123- 126].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل به، أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية).
بل إن البدع في باب السلوك أكثر من البدع الاعتقادية، كما بين ذلك ابن تيمية بقوله: (ولا ريب أن البدع كثرت في باب العبادة والإرادة أعظم مما كثرت في باب الاعتقاد والقول، لأن الإرادة يشترك الناس فيها أكثر مما يشتركون في القول، فإن القول لا يكون إلا بعقل، والنطق من خصائص الإنسان، وأما جنس الإرادةفهو مما يتصف به كل الحيوان فما من حيوان إلا وله إرادة) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
لقد صنف متأخرو الصوفية كتبًا كثيرة في السلوك، وغلب على تلك الكتب قلة العلم بالسنن والآثار، وكثرة الموضوعات، والتعويل على أخبار متأخري الزهاد، ومع ذلك فلا تخلو تلك الكتب من حق وصواب ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وسمى أرباب الطرق الصوفية ما أحدثوه من البدع (حقيقة)، فطريق الحقيقة عندهم هو السلوك الذي لا يتقيد صاحبه بأمر الشارع ونهيه ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip ، بل قدموا أذواقهم ومواجيدهم وكشوفاتهم الباطلة على نصوص الوحيين ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
يقول ابن تيمية في هذا الصدد :
(من عارض كتاب الله وجادل فيه بما يسميه معقولات وبراهين وأقيسة، أو ما يسميه مكاشفات ومواجيد وأذواق، من غير أن يأتي على ما يقوله بكتاب منزل فقد جادل في آيات الله بغير سلطان، هذا حال الكفار الذين قال فيهم: مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا[غافر: 4].
فهذه حال من يجادل في آيات الله مطلقاً ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال ابن القيم – مبيناً خطورة الابتداع في السلوك:
(وعامة من تزندق من السالكين فلإعراضه عن دواعي العلم، وسيره على جادة الذوق والوجد، ذاهبة به الطريق كل مذهب فهذه فتنته ن والفتنة به شديدة) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وليس هذا فحسب، بل أغلوا في الانحراف والإعراض عن هدي الله تعالى، حتى قال قائلهم: حدثني قلبي عن ربي وقال بعضهم: نحن نأخذ علمنا من الحي الذي لا يموت وأنتم تأخذونه من حي يموت، وقال الآخر: العلم حجاب بين القلب وبين الله عز وجل، وقال رابعهم: إذا رأيت الصوفي يشتغل بـ (أخبرنا) و (حدثنا) فأغسل يدك منه !!
قال أبو الوفاء ابن عقيل (ت 513هـ ) في نقد تلك الأقاويل:
(فإذا قالوا (أي الصوفية ) عن أصحاب الحديث قالوا: أخذوا علمهم ميتًا عن ميت، فقد طعنوا في النبوات، وعولوا على الواقع، ومتى أزري على طريق، سقط الأخذ به ومن قال: حدثني قلبي عن ربي فقد صرح أنه غني عن الرسول، ومن صرح بذلك فقد كفر، فهذه كلمة مدسوسة في الشريعة تحتها هذه الزندقة، ومن رأيناه يزري أن يكون من إلقاء الشياطين ن فقد قال الله عز وجل: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ[الأنعام: 121]. وهذا هو الظاهر، لأنه ترك الدليل المعصوم وعول على ما يلقى في قلبه الذي لم تثبت حراسته من الوساوس) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال ابن القيم معلقاً على تلك العبارات :
(ومن أحالك على غير (اخبرنا) و(حدثنا) فقد أحالك إما على خيال صوفي، أو قياس فلسفي، أو رأي نفسي، فليس بعد القرآن و(ـخبرنا) و(حدثنا) إلا شبهات المتكلمين، وآراء المنحرفين، وخيالات المتصوفين، وقياس المتفلسفين، ومن فارق الدليل ضل عن سواء السبيل، ولا دليل إلى الله والجنة سوى الكتاب والسنة، وكل طريق لم يصحبها دليل القرآن والسنة فهي طريق الجحيم والشيطان الرجيم) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
فلما أعرض أهل التصوف عن الطريقة النبوية السلفية، تلاعب بهم الشيطان، فأوقعهم في الإفراط والتفريط، فتراهم أصحاب تشدد وتنطع ورهبانية محدثة، وحديث عن الدقائق من (الوساوس) و (الخطرات).
ثم في المقابل تجدهم أهل سماع بدعي، وأرباب رقص وغناء، ومصاحبة للأحداث، وعشق للصور المحرمة.
قال ابن رجب - في بيان حال القوم :-
( ومما أحدث من العلوم، الكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمال القلوب وتوابع ذلك، بمجرد الرأي والذوق أو الكشف، وفيه خطر عظيم وقد أنكره أعيان الأئمة كالإمام أحمد وغيره.
وقد اتسع الخرق في هذا الباب، ودخل فيه قوم إلى أنواع الزندقة والنفاق، ودعوى أن أولياء الله أفضل من الأنبياء، أو أنهم مستغنون عنهم...
وأدخلوا في هذا الطريق أشياء كثيرة ليست من الدين في شئ، فبعضها زعموا أنه يحصل به ترقيق القلوب كالغناء والرقص، وبعضها زعموا أنه يراد لرياضة النفوس كعشق الصور المحرمة ونظرها، وبعضها زعموا أنه لكسر النفوس والتواضع كشهرة اللباس وغير ذلك مما لم تأت به الشريعة، وبعضه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة والغناء والنظر المحرم، وشابهوا بذلك الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إذا تقرر ما سبق، وعرفنا اعتماد السلف الصالح على الكتاب والسنة، وأن طريقهتم في السلوك في غاية الإتباع، وأما أرباب الطرق الصوفية ففي منتهى الإحداث والابتداع. فها هنا سؤال يفرض نفسه وهو إذا لم يتيسر المسلك الشرعي الخالص إلا بنوع من الابتداع فما العمل؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – مجيبًا عن هذا السؤال: (وقد يتعذر أو يتعسر على السالك سلوك الطرق المشروعة المحضة إلا بنوع من المحدث لعدم القائم بالطريق المشروعة علماً وعملاً، فإذا لم يحصل النور الصافي، بأن لم يوجد إلا النور الذي ليس بصاف، وإلا بقي الإنسان في الظلمة، فلا ينبغي أن يعيب الرجل وينهى عن نور فيه ظلمة، إلا إذا حصل نور لا ظلمة فيه، وإلا فكم ممن عدل عن ذلك يخرج عن النور بالكلية..) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book المطلب الثاني: الوسطية:
من المعلوم أن أهل السنة والجماعة هم الوسط في فرق الأمة، فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية، وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الوعيدية الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار، ويخرجونهم من الإيمان بالكلية، ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبين المرجئة الذين يقولون إيمان الفساق مثل إيمان الأنبياء، والأعمال الصالحة ليست من الإيمان، ويكذبون بالوعيد والعقاب بالكلية، كما أنهم وسط في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج. فإذا كان أهل السنة وسطاً في باب الاعتقاد، فكذلك هم وسط في باب السلوك بين طرفي الإفراط والتفريط، فدين اله بين الغالي فيه والجافي عنه. إن إيمان أهل السنة بجميع النصوص الثابتة في مسألة ما قد أورثهم الخيرية والوسطية بين الفرق، وكما قال ابن تيمية:
(وكذلك (أهل السنة) في سائر أبواب السنة هم وسط، لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون والأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقرر الشاطبي مفهوم الوسطية في هذا الدين فيقول:
(الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحت كسب العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جارٍ على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال.. فإن كان التشريع لأجل انحراف المكلف، أو وجود مظنة انحرافه عن الوسط إلى احد الطرفين، كان التشريع رادا إلى الوسط الأعدل، لكن على وجه يميل فيه إلى الجانب الآخر ليحصل الاعدال فيه.. إلى أن قال :- فإذا نظرت في كلية شرعية فتأملها تجدها حاملة على التوسط، فإن رأيت ميلاً إلى جهة طرف من الأطراف، فذلك في مقابلة واقع أو متوقع في الطرف الآخر.
فطرف التشديد – وعامة ما يكون في التخويف والترهيب والزجر – يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الانحلال في الدين.
وطرف التخفيف – وعامة ما يكون في الترجية والترغيب والترخيص – يؤتى به في مقابلة من غلب عليه الحرج في التشديد، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحاً، ومسلك الاعتدال واضحاً، وهو الأصل الذي يرجع إليه.
وعلى هذا إذا رأيت في النقل من المتبرعين في الدين من مال عن التوسط، فاعلم أن ذلك مراعاة منه لطرف واقع أو متوقع في الجهة الأخرى، وعليه يجري النظر في الورع والزهد، وأشباههما، وما قابلهما) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
والآن نورد أمثلة على وسطية أهل السنة في السلوك على النحو التالي:-
أ- أهل السنة والجماعة وسط في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الوعيدية والمرجئة، فالوعيدية من الخوارج والمعتزلة قد ينكرون المنكر، لكن بنوع من التعدي والإفراط، فجوزوا الخروج على أئمة الجور وقتالهم، مما ترتب عليه أنواع من الفساد والمنكرات أكثر مما أزالوه..
وأما المرجئة فقد تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظناً أن ذلك من باب ترك الفتنة.
أهل السنة يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، مع مراعاة مقاصد الشريعة، والحرص على لزوم الجماعة والائتلاف، والبعد عن الفرقة والاختلاف. يقول ابن تيمية:
(أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والشيعة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور، والخروج عليهم إذا فعلوا ماهو ظلم، أو ماظنوه هم ظلماً، ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وآخرون من المرجئة وأهل الفجور قد يرون ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظناً أن ذلك من باب ترك الفتنة، وهؤلاء يقابلون لأولئك، ولهذا ذكر الأستاذ أبو منصور الماتريدي المصنف في الكلام وأصول الدين من الحنفية الذين وراء النهر ما قابل به المعتزلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذكر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سقط في هذا الزمان) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول في موضع آخر :
(الطريقة الوسطى التي هي دين الإسلام المحض جهاد من يستحق الجهاد، كهؤلاء القوم المسئول عنهم (التتار)، مع كل أمير وطائفة هي أولى بالإسلام منهم، إذا لم يمكن جهادهم إلا كذلك، واجتناب إعانة الطائفة التي تغزو معها على كل شئ من معاصي الله، بل يطيعهم في طاعة الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديماً وحديثاً، وهي واجبة على كل مكلف، وهي متوسطة بين طرفي الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشئ عن قلة العلم، وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقاً وإن لم يكونوا أبراراً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ب- أهل السنة والجماعة وسط في باب الإخلاص بين المرائين والملامية.
فالمراؤن يعملون الصالحات بقصد رؤية الناس وطلب مدحهم وثنائهم، وأما الملامية فعلى النقيض من ذلك، فهم يفعلون ما يلامون عليه، ويقولون نحن متبعون في الباطن ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
فأهل السنة يعملون الطاعات ابتغاء وجه الله تعالى، فإذا ألقى الله لهم الثناء الحسن في قلوب الناس بذلك، فتلك عاجل بشرى المؤمن، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير ويحمده الناس عليه، فقال ((تلك عاجل بشرى للمؤمن)).
لقد جمع أهل السنة بين صحة القصد والإرادة، وصلاح العمل وموافقته للشرع، تحقيقاً لقوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً[الكهف: 110].
ج – أهل السنة والجماعة وسط بين المشتغلين بالعبادات القلبية فقط – كالصوفية -، والمشتغلين بالعبادات الظاهرة فحسب – مثل بعض الفقهاء – فقام أهل السنة بالعبادات الظاهرة والباطنة معاً.
يقول ابن تيمية: (كثر في المتفقهة من ينحرف عن طاعات القلب وعباداته، من الإخلاص لله، والتوكل عليه، والمحبة له، والخشية منه، ونحو ذلك.
وكثر في المتفقرة والمتصوفة من ينحرف عن الطاعات الشرعية، فلا يسألوا إذا حصل لهم توحيد القلب وتأهله أن يكون ما أوجبه الله من الصلوات، وشرعه من أنواع القراءة والذكر والدعوات أن يتناولوا ما حرم الله من المطاعم، وأن يتعبدوا بالعبادات البدعية من الرهبانية ونحوها، ويعتاضوا بسماع المكاء والتصدية عن سماع القرآن) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول ابن القيم: (إن لله على العبد عبوديتين: عبودية باطنة، وعبودية ظاهرة فله على قلبه عبودية، وعلى لسانه وجوارحه عبودية، فقيامه بصورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه إلى ربه، ولا يوجد له الثواب وقبول عمله. ولما رأى بعض أرباب القلوب طريقة هؤلاء (الفقهاء)، انحرف عنها هو إلى أن صرف همه إلى عبودية القلب، وعطل عبودية الجوارح، وقال المقصود قيام القلب بحقيقة الخدمة والجوارح تبع.
والطائفتان متقابلتان أعظم تقابل، هؤلاء لا التفات لهم إلى عبودية جوارحهم، ففسدت عبودية قلوبهم، وأولئك لا التفات لهم إلى عبودية قلوبهم، ففسدت عبودية جوارحهم، والمؤمنون العارفون بالله وبأمره قاموا له بحقيقة العبودية ظاهراً وباطناً، وقدموا قلوبهم في الخدمة، وجعلوا الأعضاء تبعاً لها، فأقاموا الملك وجنوده في خدمة المعبود، وهذا هو حقيقة العبودية) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
د- أهل السنة وسط بين من يريد من الله ولا يريد الله، وبين من يريد الله ولا يريد منه، فأهل السنة يريدون الله تعالى، ويريدون ثوابه، فهم خواص خلقه، قال تعالى: وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً[الأحزاب: 29].
وأما الذين يريدون من الله ولا يريدون الله، فهؤلاء ليس في قلوبهم غير إرادة نعيم الجنة المخلوق، كحال أكثر المتكلمين، المنكرين رؤية الله تعالى، والتلذذ بالنظر على وجهه في الآخرة، وهم عبيد الأجرة المحضة، فهؤلاء لا يريدون الله تعالى وتقدس، ومنهم من يصرح بأن إرادة الله تعالى محال.
وأما الذين يريدون الله ولا يريدون منه، فكحال الصوفية..
ومنشأ اشتباه واضطراب كلا الفريقين أنهم ظنوا أن الجنة التنعم بالمخلوق من أكل وشرب ونكاح ولباس... ثم صاروا فريقين، أحدهما: أنكروا رؤية المؤمنين لربهم كالمتكلمين من المعتزلة والجهمية ونحوهم، والفريق الآخر أثبتوا الرؤية، لكن اخطؤا من جهة أنهم جعلوا ذلك خارجاً عن الجنة، فاسقطوا حرمة اسم الجنة.
هـ- أهل السنة وسط بين أهل الفجور والفواحش، وأصحاب الرهبانية والتشدد.
فأهل الفجور هم المترفون المنعمون، ممن أسرفوا على أنفسهم، فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وأما المترهبون فأوقعهم في البدع غلوهم وتشديدهم، فحرموا ما أحل الله من الطيبات.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[المائدة: 87].
فنهى سبحانه عن تحريم ما أحل الله من الطيبات، وعن الاعتداء في تناولها وهو مجاوزة الحد، وقد فسر الاعتداء في الزهد والعبادة، بأن يحرموا الحلال ويفعلوا من العبادة ما يضرهم، فيكونوا قد تجاوزوا الحد وأسرفوا، وقيل: لا يحملنكم أكل الطيبات على الإسراف وتناول الحرام من أموال الناس ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:22

المطلب الثالث: موافقة النصوص الشرعية لفظا ومعنى:

من معالم أهل السنة في السلوك: موافقة النصوص الشرعية لفظاً ومعنى ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
فيتأدبون مع المصطلحات الشرعية الدينية، ويستمسكون بألفاظها ومعانيها، ويحققون حدودها وتعريفاتها علماً وعملاً.
وسنتحدث عن هذه المسألة من خلال ما يلي:
أ- أثنى الله على من عرف حدود ما أنزل الله تعالى على رسوله، وذم من جهلها فقال سبحانه: الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ [التوبة: 97].
يقول ابن القيم:
(معرفة منازل العبودية ومراتبها من تمام معرفة حدود ما انزل الله على رسوله، وقد وصف الله تعالى من لم يعرفها بالجهل والنفاق، فقال تعالى: الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 97]..
فبمعرفة حدودها دراية والقيام بها رعاية، يستكمل العبد الإيمان ويكون من أهل إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول أيضاً:
(فمن أشرف العلوم وأنفعها علم الحدود، ولا سيما حدود المشروع المأمور والمنهي، ولا يخرج منها ما هو داخل فيها... واعدل الناس من قام بحدود الأخلاق والأعمال والمشروعات معرفة وفعلاً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ب – يقرر ابن تيمية الواجب نحو الألفاظ الشرعية فيقول:
(الألفاظ التي جاء بها الكتاب والسنة علينا أن نتبع ما دلت عليه، مثل لفظ الإيمان، والبر، والتقوى والصدق، والعدل، والإحسان والصبر، والشكر، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحب لله، والطاعة لله وللرسول، وبر الوالدين، والوفاء بالعهد ونحو ذلك مما يتضمن ذكر ما أحبه الله ورسوله من القلب والبدن، فهذه الأمور التي يحبها الله ورسوله هي الطريق الموصل إلى الله، مع ترك ما نهى الله عنه ورسوله كالكفر والنفاق والكذب، والإثم والعدوان، والظلم والجزع والهلع، والشرك والبخل والجبن، وقسوة القلب والغدر وقطيعة الرحم ونحو ذلك، فعلى كل مسلم أن ينظر فيما أمر الله به ورسوله فيفعله، وما نهى الله عنه ورسوله فيتركه، هذا هو طريق الله وسبيله ودينه الصراط المستقيم ) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول أيضاً: (الألفاظ الشرعية لها حرمة، ومن تمام العلم أن يبحث عن مراد رسوله بها ليثبت ما أثبته، وينفي ما نفاه من المعاني، فإنه يجب علينا أن نصدقه في كل ما اخبر، ونطيعه في كل ما أوجب وأمر...) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ج- إن تحقيق معنى الأمور السلوكية، والعلم بحدودها وضوابطها الشرعية هو السبب في تمييز تلك الأمور المشروعة من غيرها.
فكثيراً ما يشتبه الزهد الشرعي -مثلاً- بالكسل والعجز والبطالة عن الأوامر الشرعية، وكثيراً ما تشتبه الرغبة الشرعية بالحرص والطمع والعمل الذي ضلّ سعي صاحبه. وكثيراً ما يشتبه التوكل بالإضاعة، فيضيع العبد حظه، ظنَّا منه أن ذلك تفويض وتوكل، وإنما هو تضيع. د- إن كان ثمت ألفاظ مجملة   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip في باب الاعتقاد، كالحيز والجوهر والجسم.. الخ، فذلك في باب السلوك توجد ألفاظ مجملة كالتصوف والفناء والفقر ونحوه.
وقد تقرر أن موقف السلف الصالح من الألفاظ المجملة في الاعتقاد هو التفصيل، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا بين ما أثبت بها، فهو ثابت، وما نُفي بها، فهو منفي، فهم ينظرون في مقصود قائلها فإن كان معنى صحيحاً قُبِل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص الشرعية دون الألفاظ المجملة، إلا عند الحاجة ن مع قرائن تبين المراد والحاجة، مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
يقول ابن تيمية – موضحاً الموقف الصحيح من هذه الألفاظ:
(وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها، فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول اقر به، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره. ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها، بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيراً من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وإذا كان أهل الكلام أحدثوا ألفاظاً مجملة في أسماء الله وصفاته، فإن أرباب الطرق الصوفية قد أحدثوا ألفاظاً مجملة في السلوك، وهذه الألفاظ عموماً لا تخلو من مخالفات للكتاب والسنة، إضافة إلى ما فيها من التكلف الشديد، والتعقيد في الألفاظ والمعاني، فوعروا – أي المتكلمون والمتصوفة – الطريق إلى تحصيلها، وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها، فهو لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل، فيطول عليك الطريق، ويوسع لك العبارة، ويأتي بكل لفظ غريب ومعنى أغرب من اللفظ، فإذا وصلت لم تجد معك حاصلاً طائلاً، ولكن تسمع جعجعة ولا ترى طحنًا ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ومع ذلك كله فإن الموقف الصحيح من تلك الألفاظ المجملة في السلوك هو التفصيل، فلا تنفى بإطلاق، كما لا تثبت بإطلاق، وإنما يستفسر عن مقصود قائلها، فإن قصد معنى صحيحاً قُبل مع مراعاة التعبير عنه بألفاظ النصوص الشرعية، وإن قصد معنى فاسداً ردَّ.
وإليك أقوال بعض الأئمة في هذه المسألة: يقول ابن تيمية: (لفظ الفقر ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip والتصوف قد أُدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله، فتلك يؤمر بها وإن سميت فقراً أو تصوفاً، لأن الكتاب والسنة إذا دلّ على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب كالتوبة والصبر والشكر والرضا..، وقد أدخل فيها أمور يكرهها الله ورسوله كما يدخل فيه بعضهم نوعاً من الحلول والاتحاد، وآخرون نوعاً من الرهبانية المبتدعة في الإسلام..
فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق الفقر كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام المخالف للكتاب والسنة والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة
والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة وأطاعوا فيه الله ورسوله، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة، أو عصوا فيه الله ورسوله..) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول ابن القيم: (أعلم أن في لسان القوم من الاستعارات، وإطلاق العام وإرادة الخاص، وإطلاق اللفظ وإرادة إشارته دون حقيقة معناه ما ليس في لسان أحد من الطوائف غيرهم، ولهذا يقولون نحن أصحاب إشارة لا أصحاب عبارة، وقد يطلقون العبارة التي يطلقها الملحد، ويريدون بها معنى لا فساد فيه، وصار هذا سبباً لفتنة طائفتين تعلقوا عليهم بظاهر عباراتهم، فبدعوهم وضللوهم، وطائفة نظروا إلى مقاصدهم ومغزاهم، فصوبوا تلك العبارات، وصححوا تلك الإشارات، فطالب الحق يقبله ممن كان، ويرد ما خلفه على من كان).
ويقول الشاطبي: (وأما الكلام في دقائق التصوف، فليس ببدعة بإطلاق، ولا هو مما صح بالدليل بإطلاق، بل الأمر ينقسم.
ولفظ التصوف لابد من شرحه أولاً، حتى يقع الحكم على أمر مفهوم، لأنه أمر مجمل عند هؤلاء المتأخرين) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ثم ذكر – رحمه الله - المعاني الصحيحة والفاسدة للتصوف ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:23

المطلب الرابع: مراعاة أحوال المكلفين وقدراتهم وطبائعهم:

من سمات السلوك الشرعي: مراعاة أحوال المكلفين وقدراتهم وطبائعهم، والاهتمام بالجانب الواقعي الإيجابي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا )).
يقول الحافظ ابن حجر: (قوله (سددوا) معناه: اقصدوا السداد أي الصواب، وقوله: (وقاربوا) أي لا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فتفرطوا) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إن من مزايا هذا الدين وخصائصه: مراعاة أحوال المكلفين، وملائمة طبيعة الإنسان بقوته وضعفه، ونوازعه ومشاعره.
وقد أشار ابن القيم إلى هذه (الواقعية) بقوله:
(لما كان العبد لا ينفك عن الهوى مادام حياً، فإن هواه لازم له، كان الأمر بخروجه عن الهوى بالكلية كالممتنع، لكن المقدور له والمأمور به أن يصرف هواه عن مراتع الهلكة إلى مواطن الأمن والسلامة، مثاله أن الله سبحانه وتعالى لم يأمره بصرف قلبه عن هوى النساء جملة، بل أمره بصرف ذلك إلى نكاح ما طاب له منهن من واحدة إلى أربع، ومن الإماء ما شاء، فانصرف مجرى الهوى من محل إلى محل، وكانت الريح دبوراً فاستحالت صباً، وكذلك هوى الظفر والغلبة والقهر، لم يأمر بالخروج عنه، بل أمر بصرفه إلى الظفر والقهر والغلبة للباطل وحزبه، وشرع له من أنواع المغالبات بالسباق وغيره مما يمرنه ويعده للظفر ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ولقد كان الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- مدركًا لهذا الأمر، فلما قال له ابنه عبد الملك: يا أبة ما يمنعك أن تمضي لما تريد من العدل فوالله ما كنت أبالي ولو غلت بي وبك القدور في ذلك. فقال عمر: يا بني إنما أنا أروض الناس رياضة الصعب. إني لأريد أن احيي الأمر من العدل فأوخره حتى اخرج معه طمعاً من الدنيا فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وللحسن البصري مقالة نفيسة في هذا المقام، نوردها بتمامها حيث يقول رحمه الله: (إن هذا الدين دين واصب، وأنه من لا يصبر عليه يدعه، وإن الحق ثقيل، وإن الإنسان ضعيف، وكان يقال: ليأخذ أحدكم من العمل ما يطيق، فإنه لا يدري ما قدر أجله، وإن العبد ركب بنفسه العنف، وكلف نفسه ما لا يطيق أوشك أن يسيِّب ذلك كله، حتى لعله لا يقيم الفريضة، وإذا ركب نفسه التيسير والتخفيف وكلف نفسه ما تطيق كان أكيس وأمنعها من هذا العدو، وكان يقال شر السير الحقحقة ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وهذا أبو حازم سلمة بن دينار –رحمه الله– يقر هذه (الواقعية) فيجمع بين موافقة الفطرة وملائمة نوازع الإنسان، مع الاعتناء بترويض النفس وتهذيبها على طاعة الله تعالى (فلما جاء رجل لأبي حازم وقال: إني لأجد شيئاً يحزنني. قال أبو حازم: وما هو يا ابن أخي؟ قال: حبي الدنيا. فقال لي: اعلم يا ابن أخي إن هذا الشئ ما أعاتب نفسي على حب شئ حببه الله تعالى إلي، لأن الله عز وجل قد حبب هذه الدنيا إلينا ولكن لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا، أن لا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئاً من شئ يكرهه الله، ولا أن نمنع شيئاً من شئ أحبه الله، فإذا نحن فعلنا ذلك لا يضرنا حبنا إياها) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقد أعرض طائفة من الصوفية عن تلك الواقعية في الإنسان، فلم يلتفوا إلى نوازع الإنسان وغرائزه، وخالفوا الفطرة السوية، ولذا تعذر عليهم قمع تلك الغرائز، ثم انتكسوا إلى الإغراق في الشهوات والإباحة.
ولقد تحدث ابن الجوزي عن هذا الصنف مبيناً سبب انحرافهم فقال: (إن قوماً منهم وقع لهم أن المراد رياضة النفوس لتخلص من اكدارها المردية، فلما راضوها مدة ورأوا تعذر الصفاء، قالوا: مالنا نتعب أنفسنا في أمر لا يحصل لبشر، فتركوا العمل. وكشف هذا التلبيس أنهم ظنوا أن المراد قمع ما في البواطن من الصفات البشرية مثل قمع الشهوة والغضب وغير ذلك، وليس هذا مراد الشرع، ولا يتصور إزالة ما في الطبع بالرياضة، وإنما خُلقت الشهوات لفائدة، إذ لولا شهوة الطعام هلك الناس، ولولا شهوة النكاح انقطع النسل، ولولا الغضب لم يدفع الإنسان عن نفسه ما يؤذيه، وإنما المراد من الرياضة كف النفس ما يؤذيه، وإنما المراد الرياضة كف النفس عن الهوى، وإنما تنتهي عما تطلبه، ولو كان طلبه قد زال عن طبعها ما احتاج الإنسان إلى نهيها، وقد قال الله عز وجل: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [آل عمران: 134].
وما قال: والفاقدين الغيظ، والكظم رد الغيظ..) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إضافة إلى ذلك فإن بعض أرباب الزهد والسلوك قد أهملوا هذا الجانب الواقعي، وحملوا أنفسهم ما لا قبل لهم به، حيث قالوا كلمات لم يفكروا في عواقبها وآثارها. كما يُذكر عن سمنون المحب أنه كان يقول:
وليس لي في سواك حظ... فكيف ما شئت فاختبرني
فأخذ الأسْر من ساعته، أي حُصِر بوله، فكان يدور على المكاتب ويفرِّق الجوز على الصبيان، ويقول: ادعوا لعمكم الكذّاب.
وفي رواية أنه قال: يارب قد رضيت بكل ما تقضيه علي، فاحتُبس بوله أربعة عشر يوماً، فكان يتلوى كما تتلوى الحية على الرمل، يتلوى يميناً شمالاً، فلما أطلق بوله قال: يا رب تبت إليك ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
يقول ابن تيمية معلقاً على هذه الحكاية وأمثالها:
(وهذه الكلمات التي تصدر عن صاحب حال لم يفكر في لوازم أقواله وعواقبها لا تجعل طريقة ولا تتخذ سبيلاً، ولكن قد يُستدل بها على ما لصاحبها من الرضا والمحبة ونحو ذلك، وما معه من التقصير في معرفة حقوق الطريق..
والرسل صلوات الله عليهم أعلم بطريق سبيل الله وأهدى وأنصح، فمن خرج عن سنتهم وسبيلهم كان منقوصاً مخطئاً محروماً.
ويشبه هذا الأعرابي الذي دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض كالفرخ فقال: هل كنت دعوت الله بشئ ؟ فقال: كنت أقول: اللهم ما كنت معذبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال: سبحان الله لا تستطيعه – أو لا تطيقه – هلاّ قَلت ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:25

المطلب الرابع: الاهتمام بالجانب الواقعي الإيجابي:

حرص السلف الصالح على ما ينفع، فاشتغلوا فيما تحته عمل، واجتهدوا في طاعة الله تعالى والإتباع، وانقادوا لشرع الله وحكمه، دون الخوض في إشارات صوفية، أو مسالك كلامية. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه).
(دخل الحسن البصري – رحمه الله – المسجد فقعد إلى جنب حلقة يتكلمون، فأنصت لحديثهم، ثم قال: هؤلاء قوم ملوا العبادة، ووجدوا الكلام أهون عليهم، وقلّ ورعهم فتكلموا) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
(وقال الأوزاعي -رحمه الله-:إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً، وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
(وكان مالك بن أنس يقول: الكلام في الدين أكرهه، ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه.. ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل , لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
( ولما سئل الإمام مالك عن طلب العلم، قال: حسن جميل، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
(وتحقيقاً للاشتغال بما هو أنفع كره الإمام احمد بن حنبل – رحمه الله – توسعة الكلام في دقائق أعمال القلوب والتي تنقل عن الصحابة والتابعين) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إضافة إلى أن الاشتغال بتلك الدقائق والآفات الخفية ربما أوقع فيما هو أشك منها كما نبه على ذلك الإمام ابن القيم -رحمه الله- فقال:
(فلا إله إلا الله. كم في النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة، وأن تصل إليه ؟
فبين العمل وبين القلب مسافة، وفي تلك المسافة قطاع تمنع وصول العمل إلى القلب... ثم بين القلب وبين الرب مسافة، وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه، من كبر وإعجاب، ورؤية العمل، ونسيان المنة، وعلل خفية لو استقصى في طلبها لرأي العجب، ومن رحمة الله تعالى سترها على أكثر العمال، إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشد منها، من اليأس والقنوط والاستسحار، وترك العمل، وخمود العزم، وفتور الهمة، ولهذا لما ظهرت (رعاية) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip أبي عبد الله بن الحارث بن أسد المحاسبي، واشتغل بها العباد، عطلت منهم مساجد كانوا يعمرونها، بالعبادة، والطبيب الحاذق يعلم كيف يطبّ النفوس، فلا يعمر قصراً ويهدم مصراً ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip.
ويقول في موضع آخر:
(وسألت يوماً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن هذه المسألة (تهذيب الأخلاق وترويضها) وقطع الآفات، والاشتغال بتنقية الطريق وبتنظيفها ؟
فقال لي جملة كلام: النفس مثل الباطوس – وهو جبّ القذر – كلما نبشته ظهر وخرج، ولكن إن أمكنك أن تسقف عليه، وتعبره وتجوزه، فافعل، ولا تشتغل بنبشه، فإن لن تصل إلى قراره، وكلما نبشت شيئاً ظهر غيره.
فقلت: سألت عن هذه المسألة بعض الشيوخ، فقال لي: مثل آفات النفس مثل الحيات والعقارب التي في طريق المسافر، فإن أقبل على تفتيش الطريق عنها، والاشتغال بقتلها انقطع، ولم يمكنه السفر قط، ولتكن همتك المسير، والإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، فإذا عرض لك فيها ما يعوقك عن المسير فاقتله، ثم امض على سيرك. فاستحسن شيخ الإسلام ذلك جداً، وأثنى على قائله) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
كما أن الاشتغال بتلك الدقائق ينبغي أن يكون مسبوقاً بما هو آكد فرضاً من فعل الواجبات الظاهرة وترك المحرمات الظاهرة.
ولذا يقول ابن رجب – رحمه الله:-
( وهاهنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شئ من دقائق الشبه، فإنه لا يحتمل له ذلك، بل يُنكر عليه، كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألوني عن دم البعوض، وقد قتلوا الحسين )((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:26

المطلب الخامس: مراعاة تفاوت الناس في فعل الطاعات:

 من معالم السلوك الشرعي: مراعاة تفاوت قدرات الناس في فعل الطاعات، وذلك بسبب اختلاف استعداداتهم، وتنوع مواهبهم وميولهم.
وقد قرر الإمام مالك بن انس -رحمه الله- هذا المعْلَم وذلك لما كتب عبد الله العُمري العابد إلى مالك يحضّه على الانفراد والعمل، فكتب إليه مالك: إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فُتح له في الصلاة، ولم يُفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشْر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فُتح لي فيه، وما أظن ما أنا فه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ولما سئل ابن تيمية – رحمه الله – عن الأسباب التي يقوى بها الإيمان إلى أن يكمل.. هل يبدأ بالزهد ؟ أو بالعلم ؟ أم يجمع بين ذلك على حسب طاقته ؟
أجاب بقوله: (الناس يتفاضلون في هذا الباب، فمنهم من يكون العلم أيسر عليه من الزهد، ومنهم من يكون الزهد أيسر عليه، ومنهم من تكون العبادة أيسر عليه منهما، فالمشروع لكل إنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير، كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16].
وإذا ازدحمت شعب الإيمان قدم ما كان أرضى لله وهو عليه أقدر، فقد يكون على المفضول أقدر منه على الفاضل، ويحصل له أفضل مما يحصل من الفاضل، فالأفضل لهذا أن يطلب ما هو أنفع له، وهو في حقه أفضل، ولا يطلب ما هو أفضل مطلقاً، إذا كان متعذراً في حقه أو متعسراً يفوته ما هو أفضل له وأنفع كمن يقرأ القرآن فيتدبره وينتفع بتلاوته، والصلاة تثقل عليه، ولا ينتفع منها بعمل أو ينتفع بالذكر أعظم مما ينتفع بالقراءة، فأي عمل كان له أنفع ولله أطوع أفضل في حقه من تكلف عمل لا يأتي به على وجهه، بل على وجه ناقص، يفوته ما هو أنفع له) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال – في موضع آخر:-
(وأما ما سألت عنه أفضل الأعمال بعد الفرائض، فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه وما يناسب أوقاتهم، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد...) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وتحدث ابن القيم عن هذا المعلم فكان مما قاله: (والمقصود أن الطريق إلى الله واحد، فإنه الحق المبين، والحق واحد، مرجعه على واحد. وأما الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل. فالباطل متعدد، وطرقه متعددة، وأما ما يقع في كلام بعض العلماء أن الطريق على الله متعددة متنوعة، جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها رحمة منه وفضلاً, فهو صحيح لا ينافي ما ذكرناه من حدة الطريق. وكشف ذلك وإيضاحه أن الطريق هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله، وما يرضيه متعدد متنوع، فجميع ما يرضيه طريق واحد، ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال،كلها طرق مرضاته، فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته كثيرة متنوعة جداً لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم.
وإذا علم هذا فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم، وقد وفر عليه زمانه مبتغياً به وجه الله، فلا يزال كذلك عاكفاً على طريق العلم والتعليم حتى يصل من تلك إلى الله، ويفتح له فيها الفتح الخاص أو يموت في طريق طلبه فيرجى له الوصول إلى مطلبه بعد مماته...
ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أو قصر رأى انه قد غبن وخسر.
ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى قصر في ورده منها ومضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أو مستعد لها أظلم عليه وقته وضاق صدره.
ومن الناس من يكون كريقه الإحسان والنفع المتعدي كقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان وأنواع الصدقات.
ومنهم من يكون طريقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه.
ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة.
ومنهم جامع المنفذ السالك إلى الله تعالى في كل واد، الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة ونصب عينه يؤمها أين كانت، ويسير معها حيث سارت، قد ضرب مع كل فريق بسهم، فأين كانت العبودية وجدته هناك، إن كان علم وجدته مع أهله، أو جهاد وجدته في صف المجاهدين، أو صلاة وجدته في القانتين، أو ذكر وجدته في الذاكرين، أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين..يدين بدين العبودية أنى استقلت ركائبها ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربُها، لو قيل له: ما تريد من الأعمال ؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربي حيث كانت ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وهذا الصنف الأخير- الذي ذكره ابن القيم آنفاً هم الصديقون. سلكوا كل أبواب الخير، وحققوا جميع خصال البر وأعماله ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip ، كما قال تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[البقرة :177].
وخير مثال على الصديقين: أبو بكر الصديق رضي الله عنه والذي كان له السبق في جميع القربات والصالحات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم اليوم صائماً)): قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا. قال: ((فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟)). قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: ((فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟)) قال أبو بكر: أنا. قالSad( فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟)) قال أبو بكر أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad( ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)) كما أن هذا الصنف الكريم هم أصحاب التعبد المطلق، فليس لهم غرض في تعبد بعينه يؤثر على غيره، بل غرضهم تتبع مرضاة الرب تعالى في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:27

المطلب الأول: أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق

أهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق من الصفات السلوكية المهمة لأهل السنة أنهم يعلمون الحق ويرحمون الخلق، فإنهم أصحاب هدي واتباع، وأرباب عمل وإقتداء، ومن ثم كانوا أعلم الناس بالحق – حيث يقبلون الحق حيث كان ومع من كان – وأحرص الناس على تبليغ الدين والدعوة إليه، ومنابذة أهل الأهواء والبدع ،وفي نفس الوقت فإنهم يرحمون الخلق، ويريدون لهم الخير والهدى، ولذا كانوا أوسع الناس رحمةً وأعظمهم شفقة، وأصدقهم نصحاً.
يقول ابن تيمية في هذا المقام:
(وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم كما قال تعالى: كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة: 8].
ويرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداء، بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ويقول ابن رجب في هذا الصدد: (كان خلفاء الرسل وأتباعهم من أمراء العدل وأتباعهم وقضاتهم لا يدعون إلى تعظيم نفوسهم البتة، بل إلى تعظيم الله وحده وإفراده بالعبودية والإلهية ومنهم من كان لا يريد الولاية إلا للاستعانة بها على الدعوة إلى الله وحده.
وكانت الرسل وأتباعهم يصبرون على الأذى في الدعوة إلى الله ويتحملون في تنفيذ أوامر الله من الخلق غاية المشقة وهم صابرون بل راضون بذلك، كما كان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول لأبيه في خلافته: إذا حرص على تنفيذ الحق وإقامة العدل يا أبت لوددت  أني غلت بي وبك القدور في الله عز وجل، وقال بعض الصالحين: وددت أن جسمي قُرِض بالمقاريض وأن هذا الخلق كلهم أطاعوا الله عز وجل (ومعنى هذا أن صاحب هذا القول قد يكون لحظ نصح الخلق والشفقة عليهم من عذاب الله بأذى نفسه، وقد يكون لحظ جلال الله وعظمته وما يستحقه من الإجلال والإكرام والطاعة والمحبة، فود أن الخلق كلهم قاموا بذلك وإن حصل له في نفسه غاية الضرر) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
إن التزام أهل السنة بالعلم والعدل أورثهم هذه الخصلة الرفيعة، فمسلك أهل السنة قائم على العلم والعدل لا الجهل والظلم، حتى كان أهل السنة لكل طائفة من المبتدعة خير من بعضهم لبعض (بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض. وهذا مما يعترفون هم به، ويقولون أنتم تنصفونا ما لا ينصف بعضنا بعضاً) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
لقد تلقي أهل السنة هذه الصفة الحميدة من صاحب الخلق العظيم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالحق وأعظم الناس رحمةً ورأفة، فمن أجل إظهار الحق بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، ومن أجل نصرة الحق نجده صلى الله عليه وسلم يغضب أشد الغضب فكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب، وكذلك حين رأى بعض أصحابه -رضي الله عنهم- يتخاصمون في القدر، ثم قال: (مهلاً يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذّب بعضه بعضاً، وإنما نزل يصدق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه).
ومع ذلك كله فقد كان صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة، قال تعالى: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة: 128].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى اله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما مالم يكن إثماً، كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها)).
وتأمل – أخي القارئ – ما لقيه صلى الله عليه وسلم من أنواع الأذى في سبيل دعوته ونصحه للخلق، ولما سألته عائشة رضي الله عنها قائلة: يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد، فقال: لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذا عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال وسلم عليّ ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)).
بل إن الرحمة بالخلق والتمسك بالحق خصلة من خصال الأنبياء كما هو ظاهر في قصصهم عليهم السلام، ومثال ذلك ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: كأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكى نبياً من أنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)).
ولقد سار سلف الأمة على ذلك، فهذا أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول الحق ويرحم الخلق، فإنه لما رأى سبعين رأساً من الخوارج وقد جزت تلك الرؤوس ونُصبت على درج دمشق، فقال رضي الله عنه إعلاماً بالحق: سبحان الله، ما يصنع الشيطان ببني آدم، كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء.
ثم بكى قائلاً: (بكيتُ رحمة لهم حين رأيتهم كانوا من أهل الإسلام) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وكان أويس القرني – رحمه الله – إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضْل من الطعام والشراب، ثم يقول: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وكان عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – يقول: يا ليتني عملتُ فيكم بكتاب الله وعملتم به، فكلما عملت فيكم بسنة وقع مني عضو حتى يكون آخر شئ منها خروج نفسي ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال الفضيل بن عياض – رحمه الله -: إني لأستحي من الله أن أشبع حتى أرى العدل قد بسط، وأرى الحق قد قام ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وهذا الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل – رحمه الله – يثبت على كلمة الحق لا يخشى في الله لومة لائم، فيقول بكل يقين: القرآن كلام الله غير مخلوق، ويصبر الإمام على ما أصابه من أنواع الإيذاء والفتنة من قبل رؤوس المعتزلة – آنذاك – ومن تبعهم من خلفاء كالمأمون والمعتصم والواثق.
(ولما جاءه أحدهم وهو في السجن فقال: الإمام أحمد: إن كان هذا عقلك فقد استرحت) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ومما قاله الإمام الذهبي – رحمه الله – في شأن محنة الإمام احمد: (الصدع بالحق عظيم، يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن بهما كاملاً، فهو صديق، ومن ضَعُف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب، وليس وراء ذلك إيمان، فلا قوة إلا بالله) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
لقد كان الإمام أحمد بن حنبل رجلاً ليناً، لكن رأى الناس يجيبون ويعرضون عن الحق، عندئذ ذهب اللين، وانتفخت أوداجه واحمرت عيناه ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ومع ذلك البطش والجلد والسجن من قبل أولئك الخلفاء إلا أننا نجد هذا الإمام يقول:
(كل من ذكرني  ففي حل إلا مبتدعاً، وقد جعلت أبا إسحاق – يعني المعتصم – في حل، ورأيت لله يقول: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور: 22]. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح، -ثم قال- وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سبيلك؟ ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وهناك مثالاً آخر لأئمة أهل السنة، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقرر عقيدة السلف الصالح، ويجاهد بلسانه وسنانه طوائف الزيغ والانحراف، فيرد على أهل الكتاب، ويقمع أكاذيب الباطنية، ويناظر الصوفية وأهل الكلام... وكل ذلك من أجل بيان الحق وتبليغه.
وفي نفس الوقت فقد كان رحمه الله من أعظم الناس شفقة وإحساناً، وإليك المشاهد الدالة على ذلك:
يقول تلميذه البار ابن القيم: (جئت يوماً مبشراً له (أي لابن تيمية) بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسروا به ودعوا له) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
ولما مرض ابن تيمية –مرض الوفاة– دخل عليه أحدهم فاعتذر له، والتمس منه أن يحلله فأجابه الشيخ: (إني قد أحللتك وجميع من عاداني وهو لا يعلم أني على الحق. وإني قد أحللت السلطان المعظم الملك الناصر من حبسه إياي، كونه فعل ذلك مقلداً غيره...) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال أحد خصومه –ابن مخلوف-: (ما رأينا مثل ابن تيمية، حرضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:28

الفرع الأول :معنى التزكية:

التزكية... يقصد بها تنمية القلوب وإصلاحها وتطهيرها، يقولون زكا الزرع إذا نما وصلح وبلغ كماله، وسميت صدقة المال الواجبة زكاة لأن المال يطهر بها وينمو، فهي طهارة للمال، وطهارة للمزكي، وطهارة للمجتمع، وعكس التزكية التدسية: وهي التصغير والتحقير حتى تصير النفس حقيرة دنيئة لا تكاد ترى من حقارتها ودناءتها، ومنه قوله عز وجل: أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل: 59] أي يخفيه في التراب((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:30

أولًا: فلاح العبد منوط بتزكية نفسه

أقسم الله عز وجل في كتابه أحد عشر قسما متواليا على أن صلاح العبد منوط بتزكية نفسه، وخيبته منوطة بتدسية نفسه قال تعالى: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [الشمس: 1-10] قال الشيخ عطية سالم في تتمة الأضواء: واختلف في موضع الضمير في زَكَّاهَا دَسَّاهَا وهو يرجع إلى اختلافهم في فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا فهل يعود على الله تعالى كما في وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، أم يعود على العبد، ويمكن أن يستدل لكل قوم ببعض النصوص، فمما يستدل به للقول الأول قوله تعالى: بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء: 49]، وقوله: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا [النور: 21]، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند هذه الآية: ((اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها)) ومما استدل به للقول الثاني: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى: 14]، وقوله: وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [فاطر: 18].
والذي يظهر والله أعلم، أن ما يتزكى به العبد، وعمل في طاعة وترك معصية فإنه بفضل من الله.
كما تفضل عليه بالهدى والتوفيق للإيمان، فهو الذي يتفضل عليه بالتوفيق إلى العمل الصالح وترك المعاصي، في قولك (لا حول ولا قوة إلا بالله) بل إن في قوله تعالى: بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء: 49]، الجمع بين الأمرين القدري والشرعي، بل الله يزكي من يشاء بفضله،ولا تظلمون فتيلا بعدله، والله تعالى أعلم ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip . فصلاح العباد وفلاحهم وفوزهم ونجاتهم في تعهد أنفسهم بالإصلاح، وتطهير بواطنهم وظواهرهم من الشرك بالله عز وجل ومن سائر الصفات المذمومة، وتحليتها بالتوحيد واستسلامها للشرع المجيد.((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:31

ثانياً: التزكية من مقاصد الشرع:

والشرع كله تزكية لنفوس العباد حتى يصلحوا لمجاورة الله في الجنة، فالتوحيد تزكية: قال الله تعالى: وَوَيْلٌ للْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت: 6-7]، قال ابن كثير رحمه الله: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله وكذا قال عكرمة. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip والصلاة تزكية: قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [العنكبوت: 45].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ما تقولون ذلك يبقى من درنه؟ قالوا لا يبقى من درنه شيئا. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا)).
والصدقة تزكية: قال الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة: 103]، والحج تزكية: قال الله تعالى: فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197].
فالله عز وجل شرع لنا الشرائع من أجل أن تزكو نفوسنا، وأن تصلح دنيانا وآخرتنا، والله عز وجل أغنى وأعز من أن ينتفع بطاعات العباد، أو أن يتضرر بمعاصيهم كما في الحديث القدسي ((يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني)). بل العباد أنفسهم يتضررون بمعاصيهم، وهم أنفسهم ينتفعون بطاعاتهم، والله تعالى غني عنهم وعن طاعاتهم قال تعالى: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج: 37]، ألا ترى أن العباد يذبحون الهدايا والأضاحي ويأكلون لحومها، وهم مع ذلك يتقربون بها إلى الله عز وجل، لأنهم يستجيبون لأمر الله، ويستسلمون لشرعه، فالإيمان والعمل الصالح سبب سعادة الدنيا، أنه سبب سعادة الآخرة قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل: 97] والسعادة سعادة القلوب، والشقاء شقاء القلوب، والقلوب لا تسعد إلا بالله، ولا تطمئن إلا بذكره وطاعته قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28] فلا تسعد بالمال، ولا تسعد بالجاه، ولا تسعد بالشهرة، والتعاسة والشقاء تلاحقان العبد إذا تعلق القلب بغير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:32

ثالثًا: التزكية سبب دخول الجنة

تزكية النفس سبب الفوز بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، كما قال عز وجل: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى [طه: 75-76].
أي طهّر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده لا شريك له واتبع المرسلين فيما جاءوا به من خبر وطلب ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم آت نفسي تقواها. وزكِّها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:33

أولًا: التزكية بالعقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد

لاشك أن أوجب أنواع التزكية، التزكية بالتوحيد قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة: 28] وهذه النجاسة ليست نجاسة عينية بحيث أن المسلم إذا مس كافرا يغسل يده، فقد أبيح للمسلم أن يتزوج بالكتابية ولا يسلم من عرقها، والواجب عليه من الطهارة كما هو الواجب على من تزوج بالمسلمة، فهذه نجاسة معنوية، قلوبهم نجسة لأنها لا تعرف الله عز وجل معرفة صحيحة، ولا تعبده وحده لا شريك له عبادة صحيحة. ونجاسة الشرك ملازمة لا تطهرها المصائب المكفرة ولا الحسنات الماحية، بعكس تدنس المسلم بشيء من نجاسات المعاصي التي هي دون الشرك، فإنما تطهرها المصائب المكفرة والحسنات الماحية، ودعاء المؤمنين، واستغفار الملائكة، وغير ذلك من مكفرات الذنوب والخطايا، لذا كان أول الواجبات أن يطهر العبد نفسه من أنجاس الشرك، ويزكيها بالتوحيد، كما قال ابن عباس في قوله تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت: 6-7] قال: الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله، وكذلك قول موسى عليه السلام لفرعون هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى [النازعات: 18] أي تتطهر من هذا الشرك بالتوحيد، فأصل التزكية، التزكية بالتوحيد، بل لا تزكو النفس بسائر أنواع العبادات حتى تزكو بالتوحيد أولا، ومن اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأصل لما أرسل معاذا إلى اليمن قال: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة )) الحديث.
وأيضا فإن الزكاة هي التطهير، وهل هناك نجاسة أشد من الشرك قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء: 48].
وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 20:34

ثانياً: التزكية بأداء الواجبات وترك المحرمات

وهذه تزكية واجبة بعد التزكية بالتوحيد، وأولى ما يتقرب به العبد إلى ربه بعد توحيد الله عز وجل أداء الفرائض واجتناب المحرمات، والعمدة في ذلك حديث الولي في صحيح البخاري عنه صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالىSad(وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)).
قال ابن حجر رحمه الله: (ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله) قال الشوكاني: وجه ذلك أن النكرة وقعت في سياق النفي فتعم كل ما يصدق عليه معنى الشيء، فلا يبقى شيء من القرب إلا وهو داخل في هذا العموم، لأن كل قربه كائنه ما كانت يقال لها شيء، سواء كانت من الأفعال أو الأقوال، أو مضمرات القلوب أو الخواطر الواردة على العبد أو التروك للمعاصي التي هي ضد فعلها... قال الشوكاني رحمه الله: واعلم أن من أعظم فرائض الله سبحانه ترك معاصيه التي هي حدوده، التي من تعداها كان عليه من العقوبة ما ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، ولا خلاف أن الله افتراض على العباد ترك كل معصية كائنة ما كانت، فكان ترك المعاصي من هذه الحثيثة داخلا تحت عموم قوله: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من مما افترضت عليه)) بل دخول فرائض الترك للمعاصي أولى من دخول فرائض الطاعات كما يدل عليه حديث(( إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فلا تقربوه)).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله، وحسن النية فيما عند الله عز وجل، والمقصود أن أهل السنة، يزكون أنفسهم بعد التوحيد بتكميل الفرائض من فعل الواجبات وترك المحرمات، فلا يفتحون على أنفسهم أبواب النوافل، وهم بعد مقصورون في أداء الفرائض، كما يذهب كثير من الناس إلى الحج والعمرة كل عام ولا يؤدون زكاة أموالهم، أو يهتمون ببناء المساجد وينفقون في أبواب البر لا بنية الزكاة الواجبة في المصارف الثمانية التي حددها الله عز وجل ويصح هنا قول القائل: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.
والله عز وجل لا يقبل النفل حتى تؤدي الفريضة، فأهل السنة يزكون أنفسهم بالمشروع، ومع ذلك يقدمون في العمل ما قدمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((نبدأ بما بدأ الله به)) ثم تلا إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ [البقرة: 158].((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 21:19

ثالثًا: التزكية بالنوافل

النوافل هي ما عدا الفرائض من جميع أجناس الطاعات، وكل ما ندب الله سبحانه إليه ورغب فيه من غير حتم وافتراض، وتختلف النوافل باختلاف ثوابها، فما كان ثوابه أكثر كان فعله أفضل، وتختلف كذلك باختلاف ما ورد في الترغيب فيها، فبعضها قد يقع الترغيب فيه ترغيبا مؤكدا، وقد يلازمه النبي صلى الله عليه وسلم مع الترغيب للناس في فعله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه)).
قال الحافظ رحمه الله: وقد استشكل بما تقدم أولا أن الفرائض أحب العبادات المتقرب بها إلى الله فكيف لا تنتج المحبة؟ والجواب أن ما كانت حاوية للفرائض مشتملة عليها ومكملة لها، ويؤيده أن رواية أبي أمامة: ((ابن آدم إنك لن تدرك ما عندي إلا بأداء ما افترضت عليك)).
قال الفاكهاني: معنى الحديث أنه إذا أدى الفرائض ودام على إتيان النوافل من صلاة وصيام وغيرهما أفضى به ذلك إلى محبة الله.
قلت: ويفهم منه أن العبد إذا قصر في الفرائض وأكثر من النوافل لا تكون هذه الطريق موصلة له إلى محبة الله عز وجل: فلا يتم التقرب بالنوافل حتى يتقرب أولا بالفرائض، فهذه سبيل التزكية عند أهل السنة.
وقال ابن هبيرة: ويؤخذ من قوله: ((ما تقرب... إلخ)) أن النافلة لا تقدم على الفريضة، لأن النافلة إنما سميت نافلة لأنها تأتي زائدة على الفريضة فما لم تؤد الفريضة لا تحصل النافلة، ومن أدى الفرائض ثم زاد عليه النفل وأدام ذلك تحققت منه إرادة التقرب انتهى. وأيضا فقد جرت العادة أن التقرب يكون غالبا بغير ما وجب على المتقرب كالهدية والتحفة خلاف من يؤدي ما عليه من خراج أو يقضي ما عليه من دين، وأيضا فإن من جملة ما شرعت له النوافل جبر الفرائض، كما صح في الحديث: ((انظروا هل لعبدي من تطوع فتكمل به فريضته)) الحديث بمعناه.
فتبين أن المراد من التقرب بالنوافل أن تقع ممن أدى الفرائض لا من أخل بها. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 21:21

المطلب الثالث أهل السنة يدعون إلى مكارم الأخلاق
[*]الفرع الأول: صور من مكارم الأخلاق التي يدعون إليها .
[*]الفرع الثاني: صور من الأخلاق المذمومة التي ينهون عنها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 21:22

الفرع الأول: صور من مكارم الأخلاق التي يدعون إليها

ومن مكارم الأخلاق التي يدعون إليها، أنهم يحضُّون أن يَصَل المسلم من قطعه، قال ابن تيمية: (وَيَنْدُبُونَ إِلَى أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ).
يندبون أي يحضون ويأمرون بذلك على جهة الدعوة والحض والأمر بذلك، يندبون، يُرَغِّبُون في أن تصل من قطعك
والذي يَصِل من قَطَعَهُ هو الواصل.
وأما الذي يَصِلْ من وصله وأما من قَطَعَهُ فإنه يقطعه فهذا قد عامل بالعدل ولم يَصِلْ كما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال ((ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصلها))، ولقد جاءه عليه الصلاة والسلام رجل فقال ((يارسول الله إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، قال إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُم المَلَّ سفَّاً)) - الرماد الحار في وجوههم - لأنك... وقد قال جل وعلا وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى [النور: 22] وهذا في قصة أبي بكر مع قريبه الذي قطعه. والمقصود من ذلك أن صلة الرحم واجبة فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد: 22]، وصلة الرحم تكون بصلة من قطع، وقد جاء في مسلم وفي غيره أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ((يُغْفَرُ لكل مؤمن في يوم الاثنين من كل أسبوع ويوم الخميس إلا رجل كانت بينه وبين أخيه خصومة فيقال اركوا هذين حتى يصطلحا، انْظِرُوا هذين حتى يصطلحا)) فكل خير في الصلة وكل شر في القطيعة.
والوصل يكون صلة الرحم وصلة المسلم بعامة، فتصل من قطعك.
وإعطاء المسلم أخاه المسلم حقه ليس مبنياً أن ذاك يعطيك حقك، لا بل تعطيه حقه لأن الله أوجب ذلك ولو حَرَمك حقك. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
ويعفون عمَّن ظلمهم-قال ابن تيمية- (وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ). تعفو عمَّن ظلمك لأن العفو عن من ظَلَمْ هذا مُستحب. من أخذ بالقصاص فلا بأس، هذا عدل ولكن الإحسان بالعفو عن من ظلمك، كما قال جل وعلا: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ [النحل: 126] وقال جل وعلا في آية الشورى وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى: 43] وهذا هو الأفضل أن يصبر المرء وأن يعفو عن من ظلمه وأن يعفو عن من أساء إليه وهكذا كان عليه الصلاة والسلام.
(تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ) الظلم قد يكون في البدن وقد يكون في العرض وقد يكون في المال ونحو ذلك.. ... أحياناً يكون الظلم عظيماً، ورد القول السيئ بمثله جائز لكن ليس هو الأفضل كما قال الله جل وعلا ?لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ? يعني من ظُلِمَ فإن الله جل وعلا أباح أن يُجْهَرَ له بالسيء من القول من جهة الجزاء.
لكن. ... الأفضل أن يعفو الرجل عن من ظلمه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ((وما ازداد عبدٌ بعفوٍ إلا عزاً)) فالذي يعفو لا يظن أنه ينقص بل هو يعتز يُظْهِرْ الله جل وعلا له مناراً لأنه تخلص من حظ نفسه وفعل ما ندبه الله جل وعلا إليه. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
ويأمرون ببرِّ الوالدين وحسن الجوار-قال ابن تيمية- (وَيَأْمُرُونَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ).
وبر الوالدين فرض وقطيعة الوالدين كبيرة من الكبائر قرنت بالشرك وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23] والآيات في ذلك معلومة...
وحسن الجوار أن تحسن إلى جارك، والإحسان إلى الجار يشمل مرتبتين :
المرتبة الأولى أن تؤدي له حقه.
والثانية أن تكف الأذى عنه.
والجوار - يعني الجيران - الذين لهم حق حسن الجوار على مراتب:
أعظمهم حقاً الملاصق، وهذا الجار الملاصق هذا أعظمهم حقاً، وقد جاء في الندب إلى حسن الجوار معه أحاديث كثيرة حتى جاء فيها قوله عليه الصلاة والسلام ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))، هذه المرتبة الأولى، الملاصق القريب منك، ملاصق هنا أو هنا أو هنا، يعني من الجهات، هذا له حق.
والمرتبة الثانية الجار الجُنُبْ، الجُنُبْ يعني البعيد.
ما حد الجُنُبْ؟
اختلف فيه السلف وهو ما ذُكِر في آية النساء ?وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ?
الجار الجُنُبْ البعيد.
ما حده ؟
قال بعضهم سبعة أبيات، يعني بيت، سبعة أبيات من كل جهة، هذا يُعتبرُون جيران جنب أمر الله جل وعلا ووصى بهم.
قال آخرون أربعون داراً، وقد جاء فيها حديث ولكنه ضعيف، أربعون داراً يعني من كل جهة، كل الجهات، أربعون داراً من هنا ومن هنا ومن هنا، هؤلاء يدخلون في الجار الجُنُبْ، جار بعيد.
والثالث من الجيران جيران البلد، من يساكنك في البلد التي أنت فيها، ولو كان في طرف البلد وأنت في طرف البلد فإنه يسمى جاراً  كما قال جل وعلا: ولا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً فالذي يسكن معك في نفس البلد يعتبر جاراً، فله حق الإحسان، حسن الجوار، لكن مراتب:
أولها أعظمها.
والثاني الجار الجنب متوسط وله حق عظيم أمر الله به.
والثالث من باب العموم وحسن الجوار للعامة.
القريب يعني المرتبة الأولى والثانية تنقسم أيضاً إلى مراتب بحسب الحق:
- إذا كان جاراً وصاحب رَحِم ومسلم صار له ثلاثة حقوق، حق الجوار، وحق الإسلام، وحق الرَحِم.
- وإذا كان جاراً مسلماً ولي بذي رَحِم صار له حقان.
- وإذا كان جاراً وليس بمسلم ولا بذي رَحِمْ صار له حق الجوار.
وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يزور بعض جيرانه اليهود ويرسل لهم من بعض الطعام ونحو ذلك، فهذا فيه حق الجوار. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
ويأمرون بالإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، قال ابن تيمية: (وَالإِحْسِانِ إلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ). اليتامى معروف أنهم هم من دون سن الإحتلام ممن مات من يعيلهم.
والمساكين، يدخل فيه الفقراء، من لم يجد حاجته.
وابن السيبل المنقطع.
وَالرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ:
المملوك هو الخادم يعني الرقيق، العبد، يُرْفَقْ به ولا يُكلف من العمل إلا ما يطيق، يُعان عليه ويطعم مما يطعمه الإنسان ويكسى مما يكتسي منه ونحو ذلك. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 21:23

الفرع الثاني: صور من الأخلاق المذمومة التي ينهون عنها

وينهون عن الفخر، والخيلاء، والبغي، قال ابن تيمية: (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ، وَالْخُيَلاءِ، وَالْبَغْيِ). الفخر والبغي متقاربان، لكن الفخر يكون بذكر ما أنت عليه بحق، يعني يكون فيك وتفخر بما أنت عليه بصدق.
والبغي فيه افتخار بالباطل، شيء لست أنت عليه.
والفخر نوعان: منه ما هو مأذون به، ومنه ما هو مذموم.
والمذموم هو الذي أراده شيخ الإسلام في هذا الموضع.
قال (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ) يعني الفخر المذموم، وأما الفخر المحمود، تَذْكُرُ ما أنت فيه على جهة بيان الأمر، وذِكْرُ ذلك للناس كما قال عليه الصلاة والسلام ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) وقال سعد (أنا أول من رمى بسهم في سبيل الله) ونحو ذلك مما يُذْكَرُ فيه الأعمال الصالحة على جهة بيانها للخلق، هذا إذا لم يكن على جهة الاستطالة على الخلق والترفع عليهم بفساد الباطن فإنه يكون محموداً ولا يصير من الفخر المذموم.
والضابط في الفرق بين الفخر المذموم والفخر المحمود، أن الفخر المحمود أن يذكر شيئاً تحدثاً بنعمة الله عليه، هذه هي الصورة الأولى.
الثاني لأجل أن يُقتدى به، يذكر ذلك ليشجع على العمل، أنا فعلت كذا وكذا ليشجع الناس عليه، لكن باطنه منطو على كراهة الفخر والإستطالة على الخلق، فإذا ذكر ذلك لأجل التحدث بنعمة الله أو لدلالة الخلق على الفعل فإن هذا لا بأس به، كما ذكر ذلك العلامة شمس الدين ابن القيم وغيره.
أما الفخر المذموم فهو أن يذكر ذلك استطالة على الخلق وترفعاً عليهم.
وجاء تعريف الكِبِرْ بأنه (بطر الحق وغمط الناس) رفض الحق وغمط الناس والإستطالة والله جل وعلا لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا.
قال بعض أهل العلم الفخر بالاستطالة والترفع والإختيال ليس محموداً إلا بحالين:
الحال الأولى الجهاد، والثانية الصدقة.
فالاختيال في الجهاد، يمشي بين الصفوف مختالاً يقابل العدو باختيال، هذا مأذون به كما جاء في الحديث ((إن هذه مشية يُبْغِضُهَا الله إلا في هذا الموطن))، يعني مشية الخيلاء.
وكذلك الصدقة، الفخر بالصدقة والفرح بها وإظهارها هذا ممدوح عند طائفة من أهل العلم.((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
وينهون عن الاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، قال ابن تيمية: (وَالاسْتِطَالَةِ عَلَى الْخَلْقِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ)
الاستطالة على الخلق مذمومة بل الواجب على العبد أن يلين مع الخلق وأن يعتبر نفسه إن لم يرحمه الله جل وعلا هو أهون الخلق، فلهذا لا يستطيل وينصف من نفسه.
قال: -أي ابن تيمية - (ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفسافها... وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره؛ فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم).
هذا فيه تنبيه على. ..أن أهل السنة والجماعة في طريقتهم في باب الأخلاق إنما يتابعون فيه ما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا ليفارقوا به أهل الضلال من الجفاة والغلاة.((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))   ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 18 سبتمبر 2014 - 21:24

الفصل العاشر: علامات وسمات الفرقة الناجية وعلامات وسمات الفرق الهالكة (مزايا العقيدة السلفية وأصحابها)

امتازت عقيدة السلف بمزايا عظمية ميزتهم عن جميع العقائد التي قامت على الهوى وما أفرزته العقول البشرية.
لأن العقيدة السلفية مصدرها غير مصدر العقائد البدعية فلا بد أن يحصل بينهم التمايز وإضافة إلى أنها قامت على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإنها لم تدنس بعلم الكلام والمنطق وسائر ما أفرزته عقول فلاسفة اليونان وغيرهم, بل هي عقيدة نقية تملأ النفوس يقيناً وطمأنينة وأتباعها يعظمون كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يجتمعون عليها ولا يتفرقون في ثبات عظيم كثبات عقيدتهم الناصعة التي رضيها الله عزّ وجلّ وهدى أحباءه إليها.
فقد انعكست هذه العقيدة بصفائها على معتنقيها فصاروا أثبت الناس على الحق بخلاف أهل الأهواء الذين تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه وسبب ثباتهم يعود إلى يقينهم بصحة ما هم عليه واقتناعهم به, وهم من أكثر الناس اتفاقاً وأقلهم اختلافاً لأن هدفهم أصبح واحداً وتفكيرهم واحداً وهذا التوحد سببه تمسكهم بعقيدة واحدة, وثقتهم أن السلف من قبلهم كانوا على الحق والصراط المستقيم فاحتذوا أثرهم وسلكوا مسالكهم وأخلصوا في نشر عقيدتهم فملأت الدنيا نوراً وأخرج الله بهم أقواماً من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام وكانوا أمة وسطاً عدولاً يستحقون ثناء الله وثناء رسوله عليهم وكانوا من أحرص الناس على اجتماع الكلمة وعدم التفرق في الآراء والأفكار ولا أدل على هذا من أن بعضهم كان إذا اختلف مع آخر في قضية واشتد الخلاف بينهم وخشي أن تكون فتنة كان يترك خلافه لأخيه حباً في اجتماع الكلمة وكراهية للتفرق كما يذكر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولهذا استحقوا أن يسموا أهل السنة والجماعة وهما وصفان يدلان على أفضليتهم وحسن ما هم عليه من السلوك الحميد والمعتقد السليم.
وإذا كنا نذكر سماتهم هنا وسمات غيرهم من أهل الأهواء فإنما ذلك على حد ما قال الشاعر: (وبضدها تتميز الأشياء) والناظر في مذهب السلف والخلف يجد لكل منهم علامات تميزهم نابعة عن اعتقاد كل منهم لأنه كما يقال: (كل إناء بالذي فيه ينضح). فلأهل السنة علامات وصفات ولغيرهم من المخالفين علامات وصفات ولا تشكل على طالب العلم التمييز بينها.
فإن المتتبع لسلوك السلف سيجد أنهم تميزوا بصفات كثيرة منها:
أنهم أعرف الأمة بالحق.
وأرحم الأمة بالخلق.
وأرحم الناس بخصومهم من بعضهم البعض.
ومن أشد الناس رجوعاً إلى الحق وانقياداً له ووقوفاً عنده.
ومن أشدهم رحابة صدر ودماثة خلق وتسامح وإنصاف في حال قدرتهم على المخالفين لهم.
ومن أكثرهم تواضعاً وتلطفاً وأبعدهم عن السباب والفحش وسيء الأخلاق.
لا يشمتون بأحد ولا يظهرون الاستهزاء إلا بالقدر الذي يتبين به غرضهم من الرد على المخالفين إن كان ذلك ضرورياً.
ولقد كانت لهم مواقف تشهد بنبل أخلاقهم وحبهم للتسامح والشفقة على المخالفين يتمثلون ما كان عليه نبيهم الكريم من الصبر حينما كان يؤذيه قومه وهو يقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip
والأمثلة على هذا كثيرة سجلها التاريخ لهم وتاريخ الصحابة مليء بالأمثلة المشرفة ومن ذلك:
- مواقفهم في سقيفة بني ساعدة.
- مواقفهم تجاه أهل الذمة.
- مواقفهم في حال الحرب مع المخالفين.
- مواقفهم في الحفاظ على العهود والمواثيق.
وكان نصيب الخلفاء الراشدين من تلك الصفات القمة والحظ الأعلى ومن اطلع على تاريخهم عرف ذلك فهذا الخليفة الصديق صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كان من أشد الناس شفقة ورحمة بالمخالفين له وفي غاية التسامح مع كل من أساء إليه يبادر بالعفو إذا ذُكّر به مهما كان الحال.
وقصته مع مسطح خير دلالة على ذلك فإنه حين غضب عليه لمشاركته مع أصحاب الإفك وكان ينفق عليه آلى على نفسه أن لا يُنفق عليه بعدها فلما أنزل الله تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[النور:22] فرجع ينفق عليه حباً في مغفرة الله.
ومواقف أخرى عديدة كلها تدل على تأصل هذه الصفة في نفسه، ومثل موقفه حين تشاجر مع عمر وشكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم على عمر واحمر وجهه وأخذ يعاتبه حتى أشفق أبو بكر على عمر وهدّأ من غضب الرسول صلى الله عليه وسلم شفقة بعمر رضي الله عنهما.
وكذلك عمر الفاروق رضي الله عنه فقد كان من أشد الناس رحمة على رعيته وأبنائه، وكل المسلمين كانوا عنده كأنهم رجل واحد يتعهد فقراءهم فيواسيهم ويرشد ضالهم ويعلمه وقصته مع المرأة التي باتت تعلل بنيها بالماء فوق النار توهمهم أن بها أكلا ليناموا فلما وقف عليها عمر رضي الله عنه وسألها عن حالها وشكت فقرها فذهب وجاء بالدقيق والسمن وكان ينفخ النار والدخان يخرج من خلال لحيته حتى أنضج لهم الطعام ولم ينصرف إلا والأطفال يلعبون فرحين من الشبع.
وكان من رحمته برعيته أنه كان يبذل النصيحة ويرشد المخطئ حتى في أحرج المواقف فقد دخل عليه رجل يعوده حين طعنه أبو لؤلؤة المجوسي فلما خرج الشاب رأى عمر أن ثوبه طويل فاستدعاه وهو في تلك الحال التي كان يجود بنفسه فيها وقال له: ارفع ثوبك يا ابن أخي فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك.
وما فعله مع صبيغ من تأديبه لإرجاعه إلى الحق وغير ذلك من المواقف التي تدل على رحمته وحبه للمسلمين.
وكذلك عثمان رضي الله عنه وما كان يتصف به من الرقة والحياء والكرم أمر مشهور في كتب التاريخ فقد كان سريع العفو لا ينتقم لنفسه محباً للعافية تجاه رعيته فقد واساهم في زمن المجاعة ابتغاء مرضاة الله بقافلة من الشام وقعد لتمريض زوجته رضي الله عنهما بل عفا عن البغاة الذين أتوا للنقمة عليه في المدينة.
ومثلهم علي رضي الله عنه وما ميزه به الله من الأخلاق الطيبة والرحمة بالمساكين والعطف على رعيته وتقديم نفسه في المعارك حماية للمسلمين ودفاعاً عنهم.
وإذا تجاوزنا الحديث عن بقية الصحابة الكرام ومآثرهم العظيمة وانتقلنا إلى علماء السلف من المسلمين فإننا نجدهم من أرحم الناس وأشدهم شفقة على المخالفين وأنصحهم لهم ويأتي في أول هؤلاء إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله وتاريخه مع القائلين بخلق القرآن وما لقيه من الآلام التي تنفطر لها القلوب خير شاهد على ذلك وعلى محبته للمسلمين ولقد ابتلي بالضراء فكان أصلب من الرواسي وابتلي بالسراء فكان شديد الحلم والتواضع لم تخضعه نقمة ولم تستخفه نعمة.
وتاريخ السلف غني بالرجال الأفذاذ فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كان من أحرص الناس على بيان الحق ومن أشدهم عفواً عمن ظلمه لم يبال بالسجن والإهانات التي وجهت له من قبل المخالفين الحاقدين عليه وطالما تمكن من الانتصاف منهم ولكنه كان يبادر إلى العفو عنهم ولا يطلب منهم إلا معرفة الحق والتبصر في الدين قال رحمه الله عن إنصاف أهل السنة وشفقتهم بمخالفيهم: (أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي فليس الإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك فليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأن الكذب والزنى حرام لحق الله وكذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلى من كفره الله ورسوله) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وإذا تجاوزنا تاريخ تلك الحقبة ورجالاتها إلى رجال العصور الأخيرة من السلف فسنجد رجالاً كانوا مثال الأخلاق الفاضلة وحب الخير للناس جميعاً ومن أشدهم رحمة بكل المسلمين حتى المخالفين منهم وفي أول هؤلاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي بذل نفسه لخدمة العقيدة وتفهيم الناس بدينهم الصحيح.
وكذا من سار على طريقته مثل الشيخ عبد الله القرعاوي رحمه الله، الذي أخرج الله به أقواماً من الظلمات إلى النور ومن الشرك إلى التوحيد ومن الخرافات الجاهلية إلى الحقائق الإسلامية في منطقة جيزان ففتح الله به القلوب ونور به البصائر وكان رحمة من الله تمكن حبه في القلوب وتمكنت دعوته في النفوس ولن تزال أبداً إن شاء الله قوة راسخة.هذه نماذج سقتها على عجل مكتفياً بمن تقدم ذكرهم كأمثلة مشرفة لسلف هذه الأمة وما امتازوا به من حميد الصفات وهناك مئات الأمثلة التي لا تكاد تحصى إلا بالكلفة .
ومن المعلوم أن هذا التسامح ليس هو تسامح العاجزين فقد كانوا فرسان الوغى وليوث الحروب لا يخافون إلا ربهم من فوقهم وإنما هو تسامح الواقف عند الحق المقدم له الراضي به, أما بالنسبة لسمات أهل البدع من الفرق الهالكة فقد اتصفوا بأسوأ الصفات التي أبانت عن سوء معتقداتهم لعدم تحليهم بآداب السنة الغراء وهو أمر بدهي فإن المخالف لها لا بد أن يركب هوى نفسه والهوى من أخطر المطايا وأسرعها إلى الهلاك ومخالفة الشرع.
وبتتبع الصفات التي يتصف بها هؤلاء تجد أنها كثيرة ومنها:
بغي بعضهم على بعض والتطاول في السباب.
اختلافهم لأتفه الأسباب وكثرة تفرقهم.
اتباعهم لما يهوون حسبما تمليه عليهم رغباتهم وتكفير بعضهم البعض وتكفير كل طائفة لما عداها.
تتبعهم المتشابه وإثارة الخلافات حوله.
بغضهم لأهل السنة واختراع الألقاب الباطلة لهم تنفيراً عنهم.
بغض مذهب السلف وتسميته بالأسماء والألقاب الباطلة.
قبولهم للروايات الكاذبة وعدم تحريهم النصوص الصحيحة.
قبولهم للأخبار التي لا يصدقها العقل ولا تعضدها حجة.
عدم اهتمامهم –كما يجب بالسنة النبوية- وتسلطهم عليها بالتأويل أو الرد بحجة أنها غير ملزمة مثل القرآن.
وغير ذلك من الصفات التي عرفت عنهم قديماً وحديثاً.
فالخوارج وهم أول الفرق الهالكة خروجاً تجد أنهم يتصفون بالجفاء والخروج عن الدين وضيق الأفق وتكفير المخالفين لهم واستحلال دمائهم وأموالهم فكانوا يقتلون المصلين في المساجد حينما يغيرون عليهم محكمين بزعم أنهم كفار وأن جهادهم قربة إلى الله، وقد كفروا خيرة الناس بعد الأنبياء والمرسلين من عظماء الصحابة رضوان الله عليهم مثل علي بن أبي طالب وعثمان وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص والحسن والحسين وغيرهم من فضلاء الصحابة ومن سار المسلمين.
وكفروا الناس بالمعاصي واستحلوا دماءهم بها وأوجبوا الخروج على الحكام لأتفه الأسباب فسفكوا من الدماء ما لا يعلمه إلى الله وحده وتفرقوا فيما بينهم تفرقاً لا يكاد يكون له نظير إذ كان أقل خلاف يحصل بينهم يختلفون ويتقاتلون لا يرعون في بعضهم إلاًّ ولا ذمة. فكانوا أشبه ما يكونون بالوحوش المسعورة لقي الناس منهم الأمرين وشغلوا الناس حكاماً ومحكومين وأذاقوهم الفتن المتلاحقة والويلات المتعاقبة، وما ذلك إلا لبعدهم عن هدي الكتاب والسنة وطريق سلف هذه الأمة وهو طريق من تركه ضل وارتكب الظلم وفعل المحرمات وخرج عن الحق وتلقفته السبل التي أخبر عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه حينئذ يصبح مثل البهيمة التائهة أو الجمل الذي لا خطام له.
وبعد الخوارج نجد مثالاً آخر من تلك الطوائف وهم الرافضة الضالة الذين وقفوا أسوأ المواقف من الصحابة وسائر أهل السنة كما لا يخفى على طالب العلم.
ثم نبغت المعتزلة الذين تشبعوا بآراء الخوارج وبعلم الكلام وآراء الشيعة فإذا بهم يملؤون كتبهم سباباً لأهل السنة والمتمسكين بها وإذا بهم يحرضون الحكام عليهم ليشفوا غيظ صدورهم وما فعله ابن أبي دؤاد بإمام أهل السنة وغيره من علماء المسلمين المخالفين لآراء هذه الفرقة الضالة لهو أقوى مثال على ذلك.
ثم توالت الأمثلة على مر العصور فظهرت المرجئة والقدرية والأشعرية وغيرها من الطوائف الكثيرة الذين اتصفوا بضيق الأفق والشدة على كل من خالف آراءهم حتى وإن كان في المسائل البسيطة الاجتهادية، فكان المعتزلة لا يرجعون إلى كتاب ولا إلى سنة في مسائل الصفات ولا في أحكامهم على المخالفين لهم وإنما يأخذون ما تمليه عليهم عقولهم إضافة إلى الشبهات التي تلقفوها من علماء الكلام.
ولذلك تقرر في مذهبهم أنه إذا تعارض العقل والنقل فإنه يقدم العقل ويؤول النص أو يترك. مع أنه في الواقع الصحيح لا تعارض أبداً بين العقل السليم والنص الصحيح وكذلك الجهمية وهم مشائخ المعتزلة الذين أسسوا كثيراً من الشبهات وفتحوا أبواب الجدل والخوض في مسائل العقيدة فضلوا وأضلوا وفرقوا الأمة وكانوا من أسوأ الناس أخلاقاً وفظاظة على المخالفين لهم ولعل القارئ قد سمع عن هذا النمط من المنحرفين وما يقولونه عن أهل الحق.
ولعل القارئ أيضاً لا يخالفني في أن الكوثري في وسط أهل البدع والخرافات شيخ الإسلام رحمه الله في وسط أهل السنة والجماعة وكم للكوثري ولمشائخه ومن سار على نهجه من أفكار خاطئة وكم له من الردود والسباب والشتائم لأهل السنة ولعقيدتهم الصافية وقد صب جام غضبه على مشاهير أهل السنة على مدار تاريخهم وأطلق عليهم عدة ألقاب باطلة هم منها براء، جاءت منه على طريقة أهل البدع في التسرع إلى التكفير والسخرية بالصالحين لغلبة الهوى عليهم وضيق أفهامهم.
وقد رد عليه علماء السلف قديماً وحديثاً ردوداً كالصواعق وبينوا أخطاءه بالدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة مجانبين التجني عليه أو على غيره- كما هي عادتهم- في رأفتهم بالمخالفين وبالتالي دعوتهم بالتي هي أحسن. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف أهل الأهواء والبدع: ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه أولئك الذين سماهم الله فاحذروهم))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip وقد تحدث علماء السلف عن سمات الفرق الهالكة وأسباب تفرقهم وما أحدثوه في الدين تحدثوا من باب النصيحة والتحذير.
فقد سأل عمرو بن قيس الحكم بن عتبة: ((ما اضطر الناس إلى هذه الأهواء أن يدخلوا فيها؟ قال الخصومات))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip وقال الفضيل بن عياض: ((لا تجادلوا أهل الخصومات فإنهم يخوضون في آيات الله))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip وفي مصنف عبد الرزاق أن رجلاً قال لابن عباس: الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم. فقال: كل هوى ضلالة)) ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وعن أبي قلابة قال: ((ما ابتدع قوم بدعة إلا استحلوا السيف))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وقال علي بن المديني: ((من قال فلان مشبه علمنا أنه جهمي ومن قال فلان مجبر علمنا أنه قدري ومن قال فلان ناصبي علمنا أنه رافضي))((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Tip .
وأقوالهم في هذا كثيرة جداً وما قصدناه هو الإشارة التي يفهم بها اللبيب. ((  موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام  )) - صفحة 3 Book
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
(( موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام ))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 5انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» سرحية عربية تسيء للإسلام
» (( موسوعة الأخلاق الإسلامية ))
» موسوعة الشعراء
» موسوعة الاساطير
» بيان للأزهر يدين نشر رسوم مسيئة للإسلام والرسول بصحيفة فرنسية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى الركن الاســـــــلامي-
انتقل الى: