غزوة ذي قرد
معركة ذي قرد وقعت في السنة السادسة للهجرة بين 500 إلى 700م أذ أغارت قوات المسلمين بقيادة الرسول محمد على أربعين راكباً وعيينة بن حصن الفزاري مع جماعة من غطفان لأنهم أغاروا على لقاح (حوامل الإبل ذات اللبن) الرسول محمد بالغابة وقتلوا حارسها وسبوا امرأته مع الإبل وفروا نحو نجد.
جاء في “البداية والنهاية” لابن كثير: “قال ابن إسحاق: ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلم يقم بها إلا ليالي قلائل، حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، في خيل من غطفان على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم بالغابة، وفيها رجل من بني غفار ومعه امرأته، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح.
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ومن لا أتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك – كل قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث – أنه كان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، غداً يريد الغابة متوشحاً قوسه ونبله، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله، معه فرس له يقوده، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم.
فأشرف في ناحية سلع ثم صرخ: واصباحاه ! ثم خرج يشتد في آثار القوم وكان مثل السبع، حتى لحق بالقوم، فجعل يردهم بالنبل ويقول: خذها وأنا ابن الأكوع * اليوم يوم الرضَّع
فإذا وجهت الخيل نحوه، انطلق هارباً ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى، ثم قال: خذها وأنا ابن الأكوع * اليوم يوم الرضع
قال: فيقول قائلهم: أويكعنا هو أول النهار.
قال: وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع، فصرخ بالمدينة: ((الفزع الفزع)) فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول من انتهى إليه من الفرسان:
المقداد بن الأسود، ثم عباد بن بشر، وسعد بن زيد، وأسيد بن ظهير – يشك فيه – وعكاشة بن محصن، ومحرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة، وأبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة، وأبو عياش عبيد بن زيد بن الصامت أخو بني زريق.
قال: فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّر عليهم سعد بن زيد، ثم قال: ((اخرج في طلب القوم حتى ألحقك في الناس).
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عياش فيما بلغني عن رجال من بني زريق: ((يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلاً هو أفرس منك فلحق بالقوم)).
قال أبو عياش: فقلت يا رسول الله أنا أفرس الناس، ثم ضربت الفرس فوالله ما جرى بي خمسين ذراعاً حتى طرحني، فعجبت من ذلك، فزعم رجال من زريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص، أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة، وكان ثامناً.
قال: وبعض الناس يعد سلمة بن الأكوع ثامناً، ويطرح أسيد بن ظهير، فالله أعلم أي ذلك كان.
قال: ولم يكن سلمة بن الأكوع يومئذ فارساً قد كان أول من لحق بالقوم على رجليه.
قال: فخرج الفرسان حتى تلاحقوا، فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة، وكان يقال له: الأخرم،
ويقال له: قمير، وكانت الفرس التي تحته لمحمود بن مسلمة، وكان يقال للفرس ذو اللمة. فلما انتهى إلى العدو قال لهم: قفوا معشر بني اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار، قال: فحمل عليه رجل منهم فقتله، وجال الفرس، فلم يقدر عليه حتى وقف على أرية من بني عبد الأشهل، أي: رجع إلى مربطه الذي كان فيه بالمدينة. قال ابن إسحاق: ولم يقتل يومئذ من المسلمين غيره. قال ابن هشام: وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنه قد قتل معه أيضاً وقاص بن مجرز المدلجي. قال ابن إسحاق: وحدثني بعض من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك: أن محرزاً كان على فرس لعكاشة بن محصن يقال لها: الجناح، فقتل محرز واستلب جناح، فالله أعلم.