دخول القوات البريطانية إلى القدس عام 1917
الانتداب البريطاني على فلسطين كان نظام السلطة على فلسطين والأردن لما يزيد عن عقدين ونصف ابتداء من 1920 وبالحدود التي قررتها بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الامبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى وبموجب معاهدة سيفر.
في 11 سبتمبر 1922 أقرت عصبة الأمم الانتداب بشكل رسمي على أساس وعد بلفور. غطت منطقة الانتداب ما يعرف اليوم فلسطين التاريخية (أي المنطقة التي تقع فيها اليوم كل من دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية - الضفة الغربية وقطاع غزة) بالإضافة إلى منطقة شرق الأردن (اليوم: المملكة الأردنية الهاشمية) غير أن منطقة شرق الأردن تمتعت بحكم ذاتي (فيما كان يعرف بامارة شرق الأردن) ولم تخضع لمبادئ الانتداب أو لوعد بلفور.
كانت مدينة القدس عاصمة الانتداب حيث سكن الحاكم البريطاني ومؤسسات حكومة الانتداب. عند بداية فترة الانتداب أعلنت بريطانيا هدفا له تحقيق وعد بلفور، أي فتح الباب أمام اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين وإقامة "بيت وطني" يهودي فيها. أما في منتصف ثلاثينات القرن العشرين فغيرت بريطانيا سياستها وحاولت وقف توافد اليهود على فلسطين ومنع شراء الأراضي من قبل اليهود.
طابع بريد من فترة الانتداب
التاريخ
في 1917 احتلت القوات البريطانية المتجهة من مصر جنوبي بلاد الشام من الدولة العثمانية، وفرضت عليها حكما عسكريا. في 9 ديسمبر 1917 دخل قائد القوات البريطانية الجنرال أدموند أللنبي مدينة القدس، مما أثار مشاعر الابتهاج في أوروبا إذ وقعت القدس تحت السيطرة المسيحية لأول مرة منذ أكتوبر 1187.
كانت بريطانيا وفرنسا قد اتفقت على تقسيم بلاد الشام بينهما في اتفاقية سرية في 16 مايو 1916. في هذه الاتفاقية وعد الجانبين جعل منطقة فلسطين (من بئر السبع جنوبا إلى عكا شمالا تقريبا) منطقة دولية، ولكن بعد انتهاء الحرب ندمت بريطانيا على هذا المبدأ من الاتفاقية إذ أرادت إنشاء معبر متواصل بين الخليج العربي وميناء حيفا.
في أبريل 1920 اجتمع مندوبي "دول الاتفاق" المنتصرة في الحرب العالمية الأولى في مدينة سان ريمو الإيطالية، بما يسمى مؤتمر سان ريمو، ليقرروا الشكل النهائي لتقسيم الأراضي المحتلة من الدولة العثمانية. في هذا المؤتمر اتفقت الجوانب على منح منطقة فلسطين لبريطانيا رغم المتفق عليه سابقا.
كان التعامل التجاري في هذا المنطقة يتم بالجنيه المصري في بداية الانتداب، لكنه سرعان ما تم تشكيل مجلس يعمل عمل البنك المركزي في إصدار العمل المحلية سمي بمجلس فلسطين للنقد، والذي بدوره قام بإصدار أول عملة فلسطينية عام 1927 وهي الجنيه الفلسطيني.
والذي اعتمد في جميع أرجاء فلسطين حتى مطلع الخمسينات، بما في ذلك شرق الأردن التي كانت اراضيها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية وتعرف بصحراء فلسطين والتي سرعان ما نالت استقلالها عن بريطانيا وخروجها من دائرة الانتداب في عام 1946 حيث تم إعلان المملكة الأردنية الهاشمية وعاصمتها عمّان, وكان هذا قبل عامين فقط من خروج آخر جندي بريطاني من القدس وإعلان اليهود قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين - أو ما يصطلح عليه بالنكبة.
عملة فلسطينية قديمة تعود إلى عام 1927
الهجرة
حسب الإحصائيات الرسمية، هاجر 367,845 شخصا (من اليهود وغير اليهود) إلى فلسطين منذ نهاية القرن ال19، منهم 33,304 هاجروا من الناحية القانونية بنظرهم بين 1920 و1945. كذلك هاجر حوالي 50,000-60,000 من اليهود، وعدد قليل من غير اليهود، بطريقة غير قانونية خلال هذه الفترة. أدت الهجرة لمعظم الزياده في عدد السكان اليهود، في حين ان غير اليهود اتت الزيادة إلى حد كبير الزياده السكانيه الطبيعية. لا توجد معطيات وثيقة بشأن الهجرة إلى فلسطين من البلدان العربية.
بدأت بريطانيا بالتعامل بحذر مع الطرفين العربي واليهودي ولكن بحجة معاداه الساميه في أوروبا التي نمت خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطلع العشرين قرون، كان نتيجتها ان الهجرة اليهودية (ومعظمها من أوروبا) إلى فلسطين بدأت على زيادة ملحوظه، مما خلق الكثير من الاستياء العربي. مما أدى لوضع الحكومة البريطانية قيود على الهجرة اليهودية إلى فلسطين حيث اصدرت الكتاب الأبيض لوقف وتنظيم هجرة اليهود لفلسطين. هذه الحصص مثيرة للجدل، ولا سيما في السنوات الأخيرة من الحكم البريطاني.
وقد تنامى الشعور في العديد من الدول العربية لمقاتلة البريطانيين وبعض المنظمات اليهودية التي هاجمت السكان العرب. اعتمد اليهود من ناحية عسكرية على منظمة "الهجناه" التي كانت ميليشيا شبه سرية تعاونت مع السلطات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، ثم قاتلت البريطانيين والعرب عشية إلغاء الانتداب. في تلك الفترة نشطت أيضا منظمات يهودية أكثر تطرفا مثل "إرجون" ومجموعة شتيرن (ليحي) التي قامت بعمليات إرهابية وشنت حملة عنيفة ضد الأهداف العربية والبريطانية.
الثورة والإضراب 1936 - 1939
أدت وفاة الشيخ عز الدين القسام على أيدي الشرطة البريطانية بالقرب من جنين في تشرين الثاني / نوفمبر 1935 إلى غضب الجماهير الفلسطينية على نطاق واسع، وقد رافقت الحشود الضخمة جثمان القسام حتى قبره في حيفا. وبعد أشهر قليلة، في نيسان / أبريل 1936، دعت اللجنة القومية العربية إلى الإضراب العام الذي استمر حتى تشرين الأول / أكتوبر 1936 ولازمته موجة من أعمال مقاومة المستعمر. في عام 1937، اقترحت بريطانيا تشكيل لجنة سميت بلجنة بيل الملكية، هدفها تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية (في جزء من الأراضي كان السكان العرب فيها يشكلون الأغلبية)، ودولة عربية على أن ترفق بالأردن. تم رفض الاقتراح من قبل العرب. أما المؤتمر الصهيوني فقد رفضه أيضا (300 صوتا مقابل 158) ولكن قَبِلَ أن يكون أساسا للمفاوضات بين السلطة التنفيذية والحكومة البريطانية.
في أعقاب اقتراح اللجنة للتقسيم اندلعت المقاومة المسلحة على نطاق واسع. خلال الأشهر ال 18 التالية فَقَدَ البريطانيون السيطرة على القدس ونابلس والخليل. قمعت القوات البريطانية (وبدعم من 6000 شرطي صهيوني) أعمال المجاهدين. أوصى الضابط البريطاني تشارلز أورد وينغيت بدعم المناطق اليهودية لأسباب دينية. نظمت فرق ليلية بريطانية خاصة مؤلفة من جنود بريطانيين ومتطوعين صهاينة (مثل ايغآل ألون) غارات على قرى عربية في الجليل الأدنى وفي مرج بن عامر. المقاومة أسفرت عن استشهاد 5000 فلسطيني وجرح 10000، مقتل 262 جندي بريطاني وجرح 550، مقتل 300 صهيوني.
بين عام 1947 مرورًا بحرب 1948 نزح حوالي 750,000 عربي فلسطيني عن بلداتهم. بعد نهاية الحرب تقسمت منطقة الانتداب بين إسرائيل والأردن ومصر حيث منحت إسرائيل الجنسية الإسرائيلية لليهود (وبعد أربعة أعوام لغير اليهود ممن بقي داخل حدودها) ورفضت عودة النازحين الفلسطينيين من خارج هذه الحدود. أما الأردن فمنحت جنسيتها لسكان الضفة الغربية بما في ذلك اللاجئين إليها. أما سكان قطاع غزة واللاجئين إليها فبقوا دون مواطنة إذ رفضت مصر منحهم الجنسية المصرية.