133 عاماً علي الثورة العرابية

يوافق غدا الثلاثاء ذكري مرور 133 عاما علي مظاهرة عابدين التي تمثل الفصل الثاني من الثورة العرابية التي بلغت أوجها عندما توجه قائدها أحمد عرابي علي رأس ضباط وجنود الجيش المصري لعرض مطالب الأمة علي الخديو توفيق بعد ظهر يوم الجمعة 9 سبتمبر 1881 التف الشعب المصري حول قائد ثورته وأعلن تأييده.
بدأ الفصل الأول من الثورة العرابية في يناير 1881 عندما قرر عثمان رفقي ناظر الجهادية "وزير الدفاع" نقل عدد من الضباط المصريين من مواقعهم وعين مكانهم آخرين من الجراكسة من بينهم عبدالعال حلمي أميرالاي اللواء السوداني الذي تم نقله إلي ديوان الجهادية وتخفيض درجته وعين مكانه ضابطا جركسيا أقل منه في كل شيء كما عزل أحمد بك عبدالغفار قائمقام السواري وعين ضابطا جركسيا وتكرر نفس الشيء مع ضابط ثالث.
ثار الضباط والجنود المصريون وفوضوا احمد عرابي للحديث بلسانهم وأقسموا علي المصحف والشعب أن يكونوا يدا واحدة تحت قيادته.
كتب عريضة مطالب الضباط ووقع معه رؤساء الآلايات احمد عرابي "المصري" وعبدالعال حلمي "المصري" وعلي فهمي "المصري" لتأكيد هويتهم الوطنية.
طالب الضباط بعزل ناظر الجهادية عثمان رفقي وتعيين ضابط مصري مكانه وتشكيل مجلس نواب من فقهاء الأمة تنفيذا لوعد الخديو توفيق عقب توليه السلطة.
جميلة هانم
في 17 يناير 1881 طلب رياض باشا مهلة من عرابي لحين انعقاد مجلس النظار "الوزراء" برئاسة الخديو.
في 31 يناير تم القبض علي عرابي وزميليه أرسلوا اليهم بطاقات دعوة للحضور إلي ديوان النظار بقصر النيل لبحث ترتيبات زفاف الأميرة جميلة هانم شقيقة الخديو لاستدراجهم واعتقالهم.
ثار الضباط والجنود المصريون وحاصروا ديوان الجهادية وأفرجوا عن الثوار المعتقلين وفي أول فبراير 1881 أجيبت مطالب الثوار وتم عزل رفقي وتعيين محمود سامي البارودي وزيرا للحربية واحمد عرابي وكيلا ونال عرابي رتبة الباشاوية وعرف هذا الحادث في التاريخ المصري "بحادث قصر النيل".
أسس الضباط المصريون الحزب العسكري وشعاره "مصر للمصريين" ومن بعده الحزب الوطني "الأول" وكان مقره مدينة حلوان وجاء الزعيم مصطفي كامل بعد ذلك ليؤسس الحزب الوطني الثاني ويصدر جريدة اللواء التي تحدثت بلسانه.
كلمات خالدة
في 9 سبتمبر 1881 قام الجيش المصري بمظاهرة سلمية بقيادة احمد عرابي بميدان عابدين "مقر الحكم" القريب من ميدان التحرير الذي كان يعرف أيامها بميدان الاسماعيلية نسبة إلي الخديوي اسماعيل مؤسس القاهرة الخديوية "التحرير رمسيس العتبة عابدين" وحمل الميدان اسم "التحرير" بعد ثورة 23 يوليه 1952 وصل الغضب مداه والمد الثوري منتهاه بعد الحوار الذي دار بين أحمد عرابي والخديو توفيق قال الخديو:
لماذا جئت بالجيش إلي هنا يا عرابي.
قال عرابي:
جئت لعرض مطالب الأمة.
وما هذه المطالب.
عزل وزارة رياض وإنشاء مجلس نواب علي النسق الأوروبي وزيادة عدد الجيش إلي الحد المقرر بالفرمانات السلطانية "18 ألف جندي" والتصديق علي القوانين العسكرية.
كلمات خالدة
قال الخديو
ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.. قال عرابي:
لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا والله الذي لا إله لا هو: اننا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم.
الحصانة البرلمانية
ظهرت ثمار ونتائج الثورة العرابية واضحة جلية تم تشكيل حكومة الثورة برئاسة محمود سامي البارودي وتعيين عرابي ناظرا للجهادية والبحرية وإعلان أول دستور مصري وتشكيل مجلس شوري النواب ومقره "عروسة مصر" القاهرة.
وأقر الدستور حق المجلس في مساءلة الوزراء واقرار الميزانية مما أوقف المراقبة الثنائية "البريطانية الفرنسية" للاقتصاد المصري التي بدأت في عهد الخديو اسماعيل.
كما أقر الدستور الجديد حق الحصانة البرلمانية للنواب للمرة الأولي في التاريخ السياسي المصري غضبت القوي الاستعمارية الأوروبية من هذه الخطوات الثورية وقررت بريطانيا التدخل في مصر بحجة حماية المصالح الأجنبية بعد حادث فردي وقع بمدينة الاسكندرية وقاوم الجيش بقيادة عرابي في كل مكان وهزم في التل الكبير بسبب خيانة أحد الضباط وخداع فرديناند ديلسبس طلب من عرابي عدم إغلاق القناة ووعده بالحياد وعدم استخدامها في الأغراض العسكرية وأخلف وعده.
حكم بالإعدام
دخل الانجليز القاهرة في 14 سبتمبر 1882 وحلوا الجيش المصري وعطلوا الدستور واستولوا علي مقاليد الحكم في البلاد وحكموا علي أحمد عرابي بالإعدام وخففوا الحكم إلي النفي إلي سرنديب "سيلان" ومعه عدد من زملائه وظل بالمنفي 19 عاما عاد بعدها في عهد الخديو عباس حلمي الثاني سنة 1901 وتوفي بالقاهرة .1911
السفينة مريوط
في 28 ديسمبر 1882 وفي تمام الساعة الواحدة ظهرا غادر عرابي وزملاؤه أرض الوطن من ميناء السويس علي متن السفينة مريوط ترافقها وحدات الاسطول البريطاني إلي منفاهم ولحق بهم بعد ذلك الفارس الشاعر محمود سامي البارودي رئيس حكومة الثورة وسيلان جزيرة بالمحيط الهندي جنوب شرق الهند عاصمتها كولومبو معظم أراضيها جبلية تزرع الأرز والشاي وجوز الهند والمانجو والمطاط تغير اسمها من سرنديب إلي سيلان وفي 1972 تغير الاسم إلي سريلانكا وعرابي هو أول من جاء ببذور المانجو من سيلان إلي مصر بعد عودته من المنفي.
الشرارة الأولي
تولي الخديو محمد توفيق حكم مصر يوم الخميس 26 يونيه 1879 بعد عزل الخديو اسماعيل وكان عمره 28 سنة هجرية.
في 21 يوليو 1880 صدر مرسوم بتعديل قانون ترقي العسكريين فكانت الشرارة الأولي التي فجرت الغضب في صدور الضباط والجنود المصريين فتح القانون الباب أمام ترقي الجراكسة وأغلق في وجه المصريين تصدي عرابي وزملاؤه لهذا القانون بدأ رياض باشا رئيس مجلس النظار حكمه بإغلاق صحيفتين "مصر والتجارة" لأديب اسحاق تلميذ جمال الدين الأفغاني الذي سافر إلي باريس وأصدر صحيفة هناك تهاجم سياسات رياض باشا.
كما منعت الحكومة بعض الصحف من دخول مصر منها أبوصفارة وأبونظارة ليعقوب صنوع وأيضا النحلة والقاهرة والشرق.
كانت الصحافة المصرية قد بدأت دورها في قيادة الرأي العام في هذا الزمان تناولت القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقاومت الطغيان والاستبداد وساندت القيادات والزعامات الوطنية في مواقعها ودعت أبناء الشعب بالالتفاف حولها.
الصحافة والثورة
أيدت الصحافة الوطنية الثورة العرابية ووقفت بجانبها خاصة الوقائع المصرية أول صحيفة مصرية "1828 حتي الآن".
في 19 اكتوبر 1880 بدأ فصل جديد في حياتها بعد أن تولي رئاسة تحريرها الاستاذ الإمام الشيخ محمد عبده تحولت إلي منبر للرأي والفكر ونشرت المقالات والدراسات عن الاصلاح السياسي والاجتماعي والديني بأقلام كبار الكتاب أمثال رفاعة الطهطاوي وسعد زغلول وظهرت صحف للثورة منها التنكيت والتبكيت لخطيب الثورة العرابية عبدالله النديم وطلب عرابي تغيير اسمها إلي الطائف أثناء الثورة.
وواصل النديم رسالته الصحفية والثورية وأصدر جريدة الأستاذ خلال تسعينيات القرن التاسع عشر.
وملأ النديم الأسماع والأبصار بخطبه النارية ومقطوعاته الزجلية المؤيدة للثورة العرابية والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاجتماعية وتحرير الإرادة المصرية من كل غريب ودخيل.
رحلة عرابي
* أحمد عرابي 1841 - 1911
أحمد محمد عرابي محمد وافي محمد غنيم عبدالله ينتهي نسبه إلي الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما.
من مواليد قرية هرية رزنة مركز الزقازيق محافظة الشرقية في أول ابريل 1841
"في شهر رمضان"
توفي بالقاهرة في 21/9/1911
"عاش 70 عاما تقريبا"
قائد الثورة العرابية وأحد أبطال الحركة الوطنية المصرية.
حفظ القرآن الكريم في القرية وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وجاور بالأزهر عامين والتحق بالجيش وعمره 14 عاما ونال رتبة النقيب في سن العشرين.
عمل ياوراً للوالي سعيد باشا وشارك في حروب الحبشة في عهد الخديو اسماعيل ونال رتبة أميرالاي.
تولي منصب وزير الحربية في حكومة محمود سامي البارودي بعد الثورة العرابية.
وقف عرابي ضد النفوذ الجركسي في الجيش والتدخل الأجنبي في بلاده.
اختاره الضباط والجنود لعرض مطالبهم والحديث باسمهم لشجاعته وفصاحته ووطنيته.
الأثر الطيب
اختارت محافظة الشرقية يوم وقفته "9 سبتمبر 1881" عيدا قوميا لها وأطلقت اسمه علي أكبر ميادين الزقازيق ووضعت له تمثالا علي صهوة جواده بوسط الميدان وحملت جامعة الزقازيق اسمه عند تأسيسها وحمل شعارها صورته وأصدرت ثورة يوليو 1952 قانون الاصلاح الزراعي في 9/9/1952 وأعلنته عيدا للفلاح ولعرابي متحف في قريته هرية رزنة وأطلق اسمه علي العديد من الشوارع والميادين والمدارس في جميع المحافظات تخليدا لذكراه.
ويمتد الأثر الطيب والذكر المستمر لزعيم الثورة العرابية اعترافا بدوره وتكريما لرحلته وكفاحه علي امتداد عمره من أجل رفعة بلاده وحرية مواطنيه.
كتب عرابي مذكراته وطبعت في كتاب حمل عنوان "كشف الستار عن سر الأسرار" في جزءين.
قال عنه المفكر الكبير سلامة موسي: "ليس في تاريخ مصر منذ أكثر من ألفي عام من خدم بلاده بروح الشرف والوطنية مثل عرابي".
هوجة عرابي
كتب الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية كتابا لم يكمله بعنوان "الثورة العرابية" ونشر منقولا من تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا.
وكانت المرة الأولي التي يطلق فيها اسم الثورة بدلا من الاسم الذي عرفت به "هوجة عرابي" لم يكن مفهوم الثورة قد شاع علي ألسنة المصريين إلا في أوائل القرن العشرين.

» بعد عامين‏..‏ ماذا بقي من الثورة ؟
» جثة امرأه جميله عمرها 800 مليون عاماً تم العثور عليها | منغمسه بمادة غريبه جدا !!!!
» تأريخ الثورة
» 23 يوليو .. عصر الثورة
» الثورة الفرنسية