(( السيرة النبوية الشريفة ))

غزوة بدر

( 24 )

ما غـيّب الحـق من بين الوري فنـــد

إلا لحـــين ٍ .. وإن طالت به المـُــدَد

فدوحــــــة الحق فرعــــاء مثمـــرة

مهمــــا ترصدّها من حولهــا الجرد

ألقت علـى يثــــرب أفيـاءها ظألـــلا ً

من الأمــــان وعـَزّ الإلـْفُ والســــند

فتســامقت دولـــة الإســلام معرفـــة

وعلى الخلاق تسامى العقل والرشـَد

والمصطفي المنهـل الأصفي لوارده

تروى العقـــــول به والعلـــم يقتلـــد

وبه الرعــيل ربيب الوحى قد عقدت

له الإمامـــــــة فهـــو الأسـوة العمد

وبه إلى عرشها المهجور قـد رجعت

دنيـــــــا الحقيقة .. تيـّـــاه بها الأبـــد

وهــــذي دعوة المختــــار يعلنهـــــا

ما للــعدا اليـــوم إلا الدفــع والرصد

فسيفنــا مبضــــع الجـــــراح نـُعمله

فى الـــداء بترا ً كى لا يفسد الجسد

**********
******

( 25 )

ومضي فبث سرايــــاه مسالمــــــة

تدعو وإن حوربت فالحرب والذود

كم أخمدوا فتنـــا ً هوجاء لافحــــــة ً

بين القبائـــل تستشــــري وتنـتقــد

فمن يهود بوكر الكيد قد تبعــــــوا

ومنافقـــين هنـــــا وهناك قد بدأوا

يتآمرون على الإســـلام فـى سعــــر ٍ

وعلى الرسول وكم يغريهــــم اللـــدد

وقريش فى مكة والغيـــــظ يأكلهــــا

وملـــؤها الغيرة العميــاء والحســـــد

راحـــــت تبـيّـت للعــدوان يدفعهــــا

أبو الجهــالة ( عمرو ) ذلك الكنــــــد

وقـــــادهـــا رؤوس الجهــل تـتبعــه

فى ألف ذيل ٍ من السفهــــاء ترتعـــد

هبّ الرسول وهبّ المسلمون وهـُــمْ

مـــن المئــــات ثلاث مالهــــم عتـــد

كتب القتال وكانت ( بدر ) موقعـــة

مــــا للعتــــاد بهــــا وزنٌ ولا العـَدد

**********

( 26 )

ويستغيث رســـول الله فى ضــــرع

يارب وعدك أنت العــــون والمـــدد

ويشرق البشـْــروالبشري إذ انفتحت

حجب السمــــــاء بجند الله تحتشـــد

هذا هـــو الروح فى ألف ٍ مســـومة ٍ

من الملائك حـــــول الراي تنعقـــــد

وملائك البشـــــر الأبطــــال كوكبـة

هـــم غـُـرّة فى جبين الدهــــر تنفرد

صبرهــم ثبت عنـــــد اللقــــاء وقــد

صالوا وجالوا وما لانت لهــم عضد

سلــــوا السيوف فام تنم مضاربهـــا

لم ينج من وقعهــــــا رأس ولا كنـد

وتطايحت سادة البغضاء فى ضمة

فوق القليب حطامـــا كلهـــم هَمـَـد

ومن تبقي رعــاديـــد مهلهلـــــــــة

تلقــــاء مكة فــرّوا بعد ما اهتبدوا

الله أكبــــر : تفـــري كل طاغــية

وكل صوت سواها مخرس دوما ً

فنصرنا يوم ( بدر) كان بــادرة

للفتح يدنو.. وبالإيمـــان يطـّـرد

***********

غزوة أحـــــد

( 27 )

وبعد حـــول ٍ أعدّت فيــــه عـــدتها

قريش وهـــى لنيــــل الثأر ترتصـــد

خرجت مدججـــة فى جحفـــل عــرم

يحــــدوه ابليس والشحنــاء والكمــــد

هذا ابن حـــــرب وقد أولته إمرهــــا

كم شــــانئ هـو للإسلام .. كم جحـد

حـمّ اللقــــاء فخفّ المصطفي قدمـــا ً

والمسلمـــــون نفـــارا ً كلهــــم أسْــد

خط الرســـــول فمـــــا عنه نبــا أحد

كـــــلٌ بموقعــــه ثـَبـْـــت ٌ ومتحـّــــد

أما الرمـــــاة على( أحد ) مرابطــــة

إن الرمـــــاة حمـــــاة الظهــر والسند

حتى تقـــــاربت الفئتـــــان واشتجرت

بيض القنـــا واستشاط الضرب والوقـد

وزمجـــر الحــــق فانتفض الدعـــاة له

فوق الضلال مغـــاويرا ً وقد صمــدوا

وزلزلوا الأرض من تحت العدا وهووا

عليهــــم بالردي حتى بـــه انخمــــــدوا

أمـــا الـــذين نجـــــوا فـَــرّوا كأنهــــــم

بعــــض الغنيمــــات نحو البعض تنكسد

وحينــذاك رمـــــــــــاة المسلميـــــن وقد

أنســــاهم النصــــر والأنفــــال فابتعــدوا

**********

( 28 )

رغبـــــا َ إلى مغنـــم ٍ خلــوا أماكنهــم

وأبرقــــت لهــــم الدنيــــا فـمـا اتـأدوا

وتبـــدّت الفعلـــة الرعنــــاء سانحــــة

للشــــــرك يجمـــــع أفلالا .. ويتحــدّ

ولوت فــــــوارسـُـــه تــوّا ً أعنتــّــها

فتحصنـــوا وأعـــادوا الكـرّ والحشــد

هاجت وماجت صفوف المسلمـين وقد

حاقت بهــــم فتـنة .. فى ليلها اعتمدوا

حمـــل الكفـــار عليهم حملة غضـــبت

لهـــــا السمــــاء وماد السهــل والكلــد

واستشهدت من ذري الإيمان صفوتهم

وحمــــزة بين أبطــــال قضــــوا وجـد

****************

( 29 )

حتى النبي وقد حفّ الصحـــــاب به

درعــــــا يقيــــه أذاه الشبْــــح والدرد

هــولٌ ألــــمّ وذاق المسلمـــون بــــــه

والمصطفي الضر لولا الصبر والجلد

صلى الرسول على الشهدا وأودعهــم

أحضــــان ( أحــــد ) بقلب ٍ هدّه الفقد

وكان درســـا ً لـــن يخبــــــو توقـّـــده

للنفـــس حيث الهـــــوى بالروح يرتاد

وجرح ( أحــــد ) سيبقي غير منعمل

فينـــا يجـــد اســي ولوقعـــــه نـَجـِــــد

********

غزوة الأحزاب ( الخندق )

( 30 )

نــمّ الأعــــادى أراجيفــا ً بهــا ساروا

وفــى قلــــوب العــدا لا تخمــد النــار

خالوا خـُطا ( أحد ٍ ) صدعا ً بلا رأب ٍ

من بعـــــده قلعــــة الإســـــلام تنهـــار

وَهـْم ٌ مـُناهـــم .. ســـراب ٌ كل رؤيتهم

وخاب لهــم دومــــا ً حــــدسٌ ومعيــــار

فلا هزيمــــة للإســــلام فــى ( أحــــد ٍ )

كـــــلا ... ولــــم ينتصــر كفـــرٌ وكفـّار

إن نبـْـن ِ حكمــــا ً على أمــــر ٍ ونصدره

حين الوقـــــوع فذا ك الحكــــم إعثـــــــار

وإنهــــا لــَـدرس ٌ طـــيـّـا تــــها عـِـبـَـــــرٌ

فى ظلمـــــة ِ الريب التيهـــــــــــاء أقمـــار

ولــقد وعتــها جنــــود المسلميـــــن وقـــــد

بانت لهــــــــــم بعد أبعـــــــــــاد ُ وأســـرار

فجــــــــاء اليهود بصفعـــــــات ٍ بها انكشفت

للزيــف أقنعـــــــة ٌ ... للشــــــر أشـــــــرار

***********

( 31 )

فى غزوة تلـــو أخـــري فى معاقلهـــم

قد حطمـــوا كل مــا كادوا ومــا جادوا

فبنــو النضــير وغطفــــان وغـيرهـــم

وبنــــو قــــريظة بالإســــــلام غــــدّار

حتى التقــت رؤوس الثــــالوث يدفهـــم

دفعــــا ً ابو قــــترة بالســـــوء أمـّــــار

دبّ النفــــــاق وشبّ الشـــــرك فاتحــدا

ومع اليهوديــــة استشرت لهــــم ثـــــار

وتواترت زمــــر الأحـــــزاب زاحفـــة

فــــى فيلــــق عـــــرم تزهيــــــه أوزار

ويستشـــــير رســــــول الله صـحبتـــــه

فحصـــــار يثـــرب للإسلام إحصــــــار

وإذا مشـــــــورة سلمـــــــان ورؤيـــتــه

تحظــــــى القبـــــول بإجمــــاع وتختـار

فأجمعـــــوا الأمــــر وانهالت معاولهـــم

فالأرض منشقـــــة والصخــــر ينهـــــار

وإذا المدينــــــــــة فى حصـــن مؤمنـــة

من حولهـــــا خنــــدق منه العــدا حاروا

**************

( 32 )

وفى مواجهــة الأحزاب قد صمدت

كتـائب الحق ... والأعصـاب أوتـار

فما استطاعـــوا مضيّـا نحو غايتهم

وإذا حسابــــاتهم فى الغزو أصفــار

دام الحصـــار ليال ٍ زاد كربتـهــــا

رصـــد العيــــون وإقبـــال وإدبـــار

والمؤمنون وبحر الهول يصرعهـــم

ويصارعـــون ومــوج الهــول هـدّار

بلغــــت قلوبهـــم حــتى حنــــاجرهم

والزيــــغ كاد بهــــم يـــودى وأفكــار

وإنـــــه لإبتــــلاء الله يصــهرهــــــم

صهـــــرا ً تذوب به النفس أوضـــــار

حتى أتت ليلــــــــة غــدراء داجيــــة

وريحهــــا صرصر عـــات ٍ وإعصـار

وإذا الفضــــاء قتــــام بعدهــا انســدلت

من السمـــــاء ومنه حتى الأرض أستار

ونكـّس الله الأحـــــــــزاب رايتـهـــــــــم

فلا ســـــواه لقــهـــــر البغـــي قــــهـّـــار

**********

( 33 )

وأضــــلّ سعيهـــم فتساقطوا ورقا

يبســا ً تنـــاثر أو كالعـِهْــــن ينمار
فمـــــا بقي لهــــم كـُـنّ ٌ يضمهـــــم
وتـبــــرأت مـنهـــــم أرض وأوكــار
لفظتهـــــم فى العـــراء أشلاء لاهثـة
يتمـــللـــــون .. فـــــــلا ردء ولا دار
راموا النجــاة ولا منحى سوى هرب
هو للجبـان حياة وكأنها ( عــــــــاد )

والمسلمــــــون بإذن الله قد سلمــــوا
صبـــــروا فوافتهــــم بالنصر أقـــدار
مهمــــا ربت قسـوة الأشرار واتحدت
زبـــد ــ وتبقي ــ ليبقي الخيــر أخيـار

**************

فتح مكـــــه

( 34 )

هيّا افتحــــى لبنيك ِ اليوم أبوابـــا

واستقبليهـــم ميامينــا ً وأحبــــابـا

ولتنــثري الورد بــاقـاتٍ تلــفهــــم

ولهــم مُـدّي من الديبــــاج أعتابــا

كفــــاك ِ دجــوا ً سنينا ً والسنا بهر

لكل قلــــــب ٍ يري فيعـــود أوّابـــا

هذا هو المــــوكب الأسمى بطلعته

آت ٍ إليك ِ فبالأحضـــان ترحابـــــا

هيّــا خــذي النور من أبهى مطالعه

وتنفسّـي نسمــــات الصبح أطيابــــا

فلقد جنى القـــوم يا أم القري زمنـــا ً

عليك ِ طـــال وعاثـــوا فيك ِ أحقابـا

كل العهـــــود أضاعوهــا وآخرهـــا

على ( حديبـــية ) جهـــلا ً وإجدابــا

والمسلمــــون على ميثاقهـــم نبــــت

حتى ولو صابهم فى الأمر ما صــابا

***********

( 35 )

عامان من بعد ست بعد هجرتهم

وقريش فى كفرهم والليل ما انجابا

فليدخلـــــوا مكـة فتحــــا ً بلا مهـَـل ٍ

وبضــــربوا الشرك عُبـّـادا ً وأربابا

وليعـــــــبد الله ربــا ً واحــدا ً أحــدا ً

ومـــن يري غيــــره ربا ً فقــد خابـا

ماعـــــاد للخــير أن تثــنيه مرحمــة

عن أن يحطـــــم للأشـــرار أنيابـــــا

ويعــــود البيت بالإســـلام حُــــرمته

وتعـــــود ملــّـة ابراهيـــم محرابـــــا

وأشــــرقت شمــس يوم مــا له لــــدة

فى الدهر شب .. ومهما طال أو شابا

يـــوم بدا فانبــــري التــاريخ منتفخــا

يخــط أسمى معـــانى النصــر أبوابــا

جنـــــاه عشــــرة آلاف ٍٍ بمــــا بذلـــوا

لله فى نصــــرة الإســــلام أسبابــــــــا

***************

( 36 )

طلعـــوا على مكة فرسانـــا عمالقـة

نــارا على الأشــقي .. نورا لمـن آبا

طارت رؤوس ذئاب الشرك من هلع

من صـدمة الحق صـاروا بعـد أذنابا

يتكبكبـــون ســـدى .. أين المفـر ولا

مفـــر .. إذ طـــوقوا كالبهـم أسرابا

لحن التهـــاليل قدسي بــه صدحـــت

آفــــاق مكـــــة إشــراقـا وإغـــرابــا

بطحـــاؤها بندى التكبــير قد رحبــت

وتنزلــت فوقهــــا الرحمـات تســكابا

والمسلمــــون بدمـــع الفرح أعينهـــم

تفيــــض لله شكــــرانـا وترحــــابــــا

وأمســـــت الكعبة الغــــرّاء طاهـــرة

والبيــت أمـْـنا ًً وظـــلا سابغـــا طابـا

هـــذي قريــش وقد جـــــاءت نهايتهـا

من بعد أن شـــــابت التـــاريخ أوصادا

رفعـــــوا أياديهـــــم والخــزى جللهــم

فاستسلمــــوا واكتســــوا بالخزي جلبابا

***********

( 37 )

وتشـــــرق الرحمــــة المهداة ساطعة

تجلى الضبــــاب وتمحـــو كل ما رابا

كلمــــاته البرد فى عـزّ الهجير سـرت

وحديثـــه الشهـــد فيهـم سكـر الصابــا

ماذا تظنــــــون أنى فاعـــــل بكــــم ؟؟

أخ كريـــــم علا كرمــــا ًُ وأحسابـــــا

فالعفـــــو شيمـــــته يعطيـــه مقتــــدرا

فى ذروة النصــــر تأســــاء وتطـبابـــا

بخ بخ يا ابن عبــــــد الله .. لا عجــــب

ممن تتيــــه به الأخــــــلاق إعجابــــــا

من يدخـــــل البيت يامن بين حرمتــــه

ومن ـــ لدار ابن حرب ـــ يا وقد صابا

هيا اذهبــوا أنتم الطلقـــــاء فانطلقــــوا

كل ٌ إلــــــى نفســــه لومــا ً و تعتابـــا

يا للسمـــــــــاحة قد روّت قلوبهــــــــم

فاخضوضرت وابتدت بالري إخصابا

وأسلــــــم القــــوم أفواجــــا و كلهـــم

مستغفـــــــــــــرين وكان الله تــــــوّابا

*************

» السيرة النبوية المعطرة
» الضحك فى السنة النبوية
» (( السيرة النبوية للاطفال ))
» السيرة النبوية مشروعا حضاريا
» بيعة الرضوان وصلح الحديبية من سلسلة السيرة النبوية