(( السيرة النبوية الشريفة ))

هدية منى إلى كل مسلمى الكون وأعضاء منتدانا الراقي

وأخص الحبيب الفاضل محمد ابو ريوف والأختين الفاضلتين : ملكة الحب مديرة المنتدي وجلالة الملكه المشرف العام

أرجو شفاعة الحبيب عليه الصلاة والسلام

ما قبل مولده صلى الله عليه وسلم

***********
( 1 )

يا مصطفى أخبرتنا عنكم الكتبُ

إذ كنت َ أنت الذى فى الغيب تـُرتقبُ

مذ كان آدم بين الطين مستترا ً

والماء ــ من قبل أن يبري لنا نسبُ

براك ربك من أنواره قبسا ً

فى أصلب الخلق للأعقاب ينسرب

كل النبيين منك النور قد قبسوا

ودعوا بدعواك أجيالا لك انتسبوا

جاءوا تباعا ً وذات الدرب قد سلكوا

ولوحدة الله عاشوا العمر واحتسبوا

قد وحدوه إلها ً واحدا ً أحدا ً

فلا يكون له ثان ٍ... ولا يجب ُ

( 2 )
نادى على قومه نوح وأنذرهم

والقوم فى ضرم الإشراك تلتهب ُ

وأتى الخليل حنيفا ً قائما ً فهما

من بعد شك ٍ تداعت عنده الريَبُ

فما تكون تلك الدمى التى انتصبت

صُمّـا ً وبكما ً وعميا ً .. كيف تطلب ُ

ما هذه الشمس ربي لا ولا قمر

كلا و لا نيرات الأفق والشهبُ

قالكل يأفل ُ لا يبقي له كبر

وكيف يظهر ربّ ٌ ثم يحتجبُ

وجد الإله الذي قد ظل يطلبه

فى نفسه واهتدى وانزاحت الحجب ُ

فإن قوّة ً فوق القوي انفردت

خلاقة وحدها آياتها عجبُ

وقام يصدع بالإيمان ما انصدعت

به النفوس وقد أضري بها العطب ُ

موسي وعيسي على آثاره مشيا

كل يروي ثري قد صابه الجدب ُ

والرسل غيرهما تتري وكلهم

داعون لله ما حلوا وما تغتربوا

***********

( 3 )

*****

وبعثت يا مصطفى وغدوت َ خاتمهم

وأنت أولــــُـهم معنىً إذا حُسـِبـــــوا

وجئت َ والنــاسُ فى أقصي تململهم

من الحيــــــاة التى تشكـــو وتنتحب ُ

أحلامهـــــم سَفـَـه ٌ.. آمالـُهــم نــزق ٌ

وقلوبهـــم بالهـــوى تلهـو وتحتربُ

قبائل العـُرْب شتــى فى مشــاربهم

متفرقــــون وبالإلحـــاد قد عصبـوا

عاشـــوا على نهم والإثم مرتعهـــم

والشر دومـــا له فى ساحه ِ غلــبُ

إن كان ضغـــن فأضغـــان مؤلبة

تذكى الصراع على أحقادهم دأبوا

السيف فى غمــــده لا يستقـــر به

إلا ليستل وليــــوقد به الضـــــرب

عافوا الضميروخاقوا الأمن فاقتتلوا

أما الســــــلام فأمر ليس يُـرتقـــبُ

هاموا غبـــــاءا ً بأحجـــار مسندة

عكفوا عليها جثيا ً وهى تنتصب

قد ألــهوهــا فأربابٌ لهـــم كـُثــُرُ

يدعونها إن نأوْ عنها أو اقتربــوا

يتقربـــون لهــــــا زلفي لتـنفعهــم

وتذود عنهـــــم إن نابتهم النـٌـوَبُ

يا للعقول التى فى جهلها جمدت

فإذا الجمـــــاد لهـــا ربّ ومنقلبُ

حلغاء ابليس فى صفـو ٍ وفى كدر ٍ

دنياهم اللهو والإربــــاء والقضبُ

*************

*****

( 4 )

مولد رسول الله

صلى الله عليه وسلم

************

ولدت يا ( مصطفي ) فى عالم هرم ِ

شـــابت سوالفـــــه من نقمة ٍ عمــــم ِ

شبـــه الجزيرة بالأعـراب لا هيــــــة

والفرس والروم ضدان على ضــــرم ِ

وقريش تحمى الحمى فى مكة ولهـــا

الأمــر والنهى فوق المقعـــــد الأمـَـم ِ

ســـدانة الكعبة الغـــراء قد شرفــــوا

بهـــا بنـــو هــاشم إرثا ً مــن القـِـدم ِ

وكان جَــدّك بيــن القــوم سيدهـــــم

كم كان شيــــبة ذا عــزم وذا همـــم

كان المــرجى لهم فى كل أمـــــرهم

وإليه يهـــــــرع فى نصح ومحتكــم

أولاده العشــــر عبد الله أصغــــرهم

كان الوسيـــــم النقـي الطيـّب الشــيم

فى صلبـــه النـــــور القــــــاه لآمنــة ٍ

بعد الزواج ليـــأتى أشـــرف الـنســـم ِ

فى ليلـة مـن ربيــــع الأول انفـــردت

بين الليـــــالي بمولـــد سيــد الأمــــم

غمر الضياء السماوالأرض وانسكبت

صبـــابة النور تمحى طـــامى السـغم

*********
***** ِ

( 5 )

مــلائك الله طيــــارون بينهمــــــا

فى نشوة الفـرح بالمولـــود والعلم

مـــواكب الحق بالتهليل صـــادحة

تـــوحــــد الله بالتكبـــير والعظـــم

وعلى جبين الثري الدامى بلوعـته

تراوحــــت نسمـــات الطيب بالديم

كل الشياطين فى الأصفــــاد موثقة

ورصد الشهب ترميهــــا من السدم

وساعة المولد الأسمى له انصدعت

عرش الأباطر واندكت ذري الأطم

كل الطــــواغيت قد حلـــت نهايتها

وعــالم الشرك منســــاق الى العدم

فذاك كســــري الذي للنــار سجدته

سيكون طعمــــا لها فى وقدة الحمم

والعرب عــــابدة الأوثـــان ويلهـــم

من ذلك اليوم يأتى فى غـــــد النقــم

قد جاء من ذكره فى الكتب سابقـــــه

وأنبــأت عنــــه رهبـــــــان بعلمهـــم

وبه النبيـــون فى أقوامهـــــم شهــدوا

بأنــــه خــــير مـبعـــــوث ومؤتمــــم

*************************

حياته ودنياه قبل زواجه وبعثته

صلى الله عليه وسلم

********

( 6 )

ولد اليتيـــم ومــا فــــى البيت إثــــراء

والأم هدهدهـــــا فقــــــد و ضـــــــراء

كل المراضع عــن إرضاعــــه رغبت

تبغى المزيد ومـــــا فى الوسع إعطـاء

فــازت به مــــن بنى سعــد حليمتهـــم

ما صـــدها عنه إقــــــــلال وإقـــــــواء

بشــــــراك ِ يا بنت سعد شاءك ِ القـــدر

والسعـــد وافـــــــاك ِ والأيـــام ســــرّاء

وترعـــــرع الطفل فى أحضـــان بادية

تحــــدوه فوق ثراها الجـــدب أنـــــداء

ويعـــود للأهـــــل إذ تم الفطـــــام وقد

استــــودع السر يومــــا وانمحى الداء

وتحت أفيـــــــاء أم طـــــار طائرهــــا

لهفــــــا عليه وأشــقى النفـــــس لأواء

وجـَدّه الشيــــخ إن أضنـــــته شيبـــته

مازال فيـــه غنى .. لبنيـــــه معطــاء

وفى حمى عبد المطلـــــب وآمنـــــــة

لمحمــــــــــد : طاب إصباح وإمساء

***************

( 7 )

حتى دعـــا أمـّه داعى الردى ومضـي

أحنى فـــــــؤاد .. فلا يبلغــــــه إنــداء

ومحمد الغضّ مــــا زالت ســـــواعده

فى سادس الحول لا تقوى .. وخضراء

وتكفل الجـدّ فى ذوب وفـــــى حــــدب

بحفيــــده واستفـــاضت منـــــه نعمــاء

ومضي محمـّـد فى الدنيــــا ليعركهــــا

فى غمـــــــرة العــيش روّاح وغــــدّاء

يرعي الغنيمـــــات فى صبر وفى جـلد

لا يشتكى الضـــرّ .. لا تثنيه رمضـــاء

ويعـــــود للأهــــــل راض ٍ فى قنــــــع

من بعد ما طــويت بخطـــــــاه بيــــــداء

يغشي المجــــالس فى صفــو فما انتشت

أنفاســـــه الحقــد أو شـــــابته بغضـــاء

يلهــوبريئــــا مـــع الأتـــراب فى خفـــر

مــــا كان يومــــا لتستهويـــــه أهـــــواء

منـــذ الحداثة كـل الدون يرفضـــــــــه

فالنفـــس عاليــــــة وأما الــــروح شــــماء

ما قـــــارف الإثم أو أغــــوته منقصــــة

ولا استمـــــالته دنيــــــا وهـــى إغـــراء

**************

( 8 )

بلغ الحجـــــا فيه شامخــــا عجبـــا

وله أقــــرت بطــون العرب جمعاء

يباكــــر الكعبة الغـرا .. يبارحهـــا

بعد الطــــواف ومــا تعنيه أسمــــاء

فهـــذه اللات والعــــزي وذا هبــــل

ما تستحـــــق رنــــوا منه حصبـــاء

هؤلاء هـــــم الأربــــــاب نعبدهــــا

كلا .. أآلهـــة صمــــاء خرســـاء ؟؟

فما دعا صنمــــا أو هـــــام فى وثن

أو قلــــد القـــوم في نكر به بـــاءوا

فلقد سمـــــا بالنهي حتى غــــدا مثلا

لرجاحــــة العقــل يرجى منه إفتــاء

وغـــدا الأمين الذي طابت مكارمــه

وشدت به ألســـن تطــري وأصــداء

ويمــــوت شيبـــة إذ أدي رسالتــــــه

ويبرح المصطــفى هـــــمّ وغمـــّـــاء

ويضمه عمــّــه جــــذلان مبتهجــــــا

وهـــو الذي عبئـــــــه عســـر وأبنــاء

لكن أبــــا طالــــب والعــــــيث أدركـه

ما عـــاد يشكو خوى فالحــال غضراء

أجري علي ابن أخيه الحب فى غــــدق

ومن الرعــــاية ما يجريه آبـــــــــــــاء

****************

( 9 )

وبحكمة العقـــــل والتدبير فى ثقة

تفتحت سبـــل للعيــــش وفـــــــراء

ولى الأميـــــن تزكيــــه أمانتـــــه

عمــــل التجارة يستدعى ويرتــــاء

فالصدق وازعه والعــفّ دافعـــــه

ما عنهما حــــاد أو أعرته غلـــواء

وبان منه الذي من فيضه انبهــرت

خديجــــــة وسبتهــــا عنه أنبـــــــاء

ومــا خديجـــــــة إلا ذات مكـــــرمة

ثريـّــة برزت فى القـــوم عصمــــاء

بنت الأكابــــر من مخــزوم دوحتها

ويالهـــــا دوحــــة بالعـــــز فيحــــاء

فدعت محمـّـد كى ينمى تجــــــارتها

ونمــــا اليه بهــــــا شــوق وإصغاء

أصغــت لميســـرة يروى لها عجبــا

فبينما الشمس فوق الركب حـــــــرّاء

إذا الأميــــن كوجــه البــدر طلعتــه

من فوق ناقتــــه تكســـوه أفيـــــــاء

********

( 10 )

تلـــك الغمــــــامة أعـــــلاه ترافـقــه

طول السفـــــار فلا تؤذيــــه وعثــاء

وما رواه ( بحيـرى ) عن نبـــــوئته

لمـــــا جلتهـــــا له آي وأصــــــــواء

وغيره من ذوى الأسفـــــار قد علموا

عن بعثــــه : كان إرهـــــاص وإنبـاء

تجاوبت صيحـة الحنفــاء من عـــرب

ورددتهــا بكـل الشـــوق أصـــــــــداء

فاستشرفوا الغيب إذ ضاقوا بحاضرهم

واستلهمـــــوا النور إذ أخفـته ظلمـــاء

وإلى الحقيقة عاشـــوا العمر فى شغف

من بعد ما ملئت بالحبــــط بطحــــــــاء

وألان يبــدو طلـــوع الفجــر عــن كثب

وزمــانه فـــوق كـــــل الكــــــون لألأء

*****************

زواجه صلى الله عليه وسلم

ونزول الوحى

( 11 )

طيف الأمانى يراوح قلبهـــــا الخـــالى

وهى الشريفــــة فى الأخـــــلاق و الآل ِ

ربحــت تجارتهــــــــا بمحمــــد ونمت

لكن ذات الحجــــا تسمــو على المـــال

فالطيــبون هـــــم للطيبــــــــات .. ولا

يهــــدى الى المجد إلا المـــــاجد العالى

خديجـــــة من سواهـــــا يبتغى أمـــــلا ً

وزوجــــــة للأمين الصــــادق الغــالى

ما كان أسعــدهــــا إذ راح يطلبهـــــــا

لمحمــــد ٍ عمـّـُه فى قـــــرّة البـــــــــال ِ

كانت له سكنـــــا ً من نفسهـــا وحمى

وشريكة العمـــــر فى فعــل ٍ وأقـــوال ِ

ألقت عليه ظـــــلال الأمن وارفـــــــة ً

أوفــت وبــرّت وأسدت كل إجـــــلال

طاب الزواج وآتى ثمــــــــره ومضت

بهمـــــا الحياة على يُمـْـن ٍ وإقبــــــــال ِ

وتفيض بالمصطفى أشواقــــــــه رغبا ً

يستشـــــرف الحق فى فكر ِ وتســـــآل ِ

شفـّـت ْ حنايــــــاه بالأنــوار تملــؤهـــــا

ويشّع فيها السنـــــــا فى كل أوصــــــال ِ

*************

( 12 )

وإلى الحقيقة هامت روحه ظمأ

يترقب الغيث فيضا بعد إمهال ِ

قد وحـّـد الله ربـّـا واحـدا ً أحدا

ونزّه الربّ عن شرك ٍ وأمثال ِ

وباليقين تسامت روحهومضي

يسبّح الله فى غدو ٍ وأصـــــال

طابت له خلوة ٌ بالله يخلوهـــا

هناك فى الغار فى ذكر ٍ وإهلال

يدعو .. يناجى إله الكون مبتهلا ً

ويذوب وجدا ً بدمع العيـن سيّال

يستمطر الغيب أن يأتى برحمته

ليريح كل فؤاد .. صابـر ٍ صال

ولقد أتم سنيــــــن الأربعين وقد

آن الأوان فلا وقت ٌ لإمهـــــــال

فليأت ِ وعد السما حقا وموعدها

ليغيّر الأرض من حال ٍ إلى حال

***************

( 13 )

وكان يوما ً أغرا ً زاهرا ً خضـِـرا ً

قيه ابتدى الوحى فضلا ً بدء أفضال ٍ

وجاء جبريل بالآيــــات ِ صــــادحة ً

إقرأ محمد فى نشــــوى وتـرتيــــــل

إقرأ محمـــد بسم اللــــــه أنزلهـــــــا

عليك ربـــّــك َ يا خاتــــــم الرســــل

إقرأ محمـــــد : صبح الحـــق منبلــج

سيكشف الدجــــو يمحــو كل إبطــال

ويهرع المصطفي لخديجــــــة فزعا ً

مروع النفــــس من غطــّــات جبريل

فتزود عنــــه الشجـــا وتذب وحشته

وتعيـــذه بالدعــا من شــــر بلبـــــال

جاءتــه بالبشـــر والبشري مصدقـــة ً

وفى يقيــــن ٍ تحـــــدّى كل إجفـــــال

أبشر : أنت النبيّ المرتجـــى وبكـــم

تحقق اليــــوم ما فـــى الكتب من قال ٍ

وخاتم الرسل للأجيـــــــال قاطبـــــــة ً

وللأساود مــــن نــــــاس ٍ وأقيــــــــال ِ

*************

بعثته صلى الله عليه وسلم

وقيامه بالدعوة

( 14 )

وأذن الفجر هبّــــــوا أيهــــا البشر

آن الأوان لدجـــــو الليل ينحســـــر

وأبرقـــت كلمــــات الله وامضـــــة

من فــــوق مكــــة بانــوار تنهمـــر

وســـري شــــذاها عابقـــــا دفقــــــا

يضوع طيبــــا على الأجـواء ينتشر

توســــم الأفــــق أنـــــوارا غلالتهـــا

تنســـاب فــوق الربي كالدر ينتشــــر

وجلل الأرض نفــخ الحــق رواحــــة

همس الشفـــــاه وجــلى مسهــــا الخبر

خبر السماء تعالى اللـــــــــــه نزلــــــه

فى طــيّ آيـــاته التبشيـــــر والنــــــذر

والقوم يصفــون قــــد قاموا على شدّة

هــــــذا يقـــر يإحســــــاس ٍ طلاوتــــه

يعلــــو ولا يعتـــلى : ما قـــــاله بشــــر

فيستجيــــب لداعى الحــــــق فى يقــــن ٍ

ويذوب وجــــدا ً وبالإيمـــــان ينصهـــر

************

( 15 )

وذا يردد : سحرٌ مؤثـرٌ غـَـــــرِدُ

وما تروى فأوري عجبه البطـــــر

لكن تولى ليرضي خير عترتــــــه

والقلب من هزّة الإعجاز ينفطــــــر

والوحى يتري يدّق الشرك فى نقــل

والشركُ من تحته يهوى وينكســـــر

وعصبة الشرك يذكي الشرُ جذوتها

دوما فلا ينطفي فى قلبهـــــا الشـــر

كيف التحـــــوّل عن دين توارثـــــه

آباؤنــــــا وإليــــــه فهـــــــو ينحــدر

أنستعيــــــن برب واحــــــــدٍ أحـــــدٍ

وكيف هــــذا وأربــــــابٌ لنــا كـُثــُـرُ

يتســـــاءلون : أحقـــــا ً بعــد موتـتنــا

نحيـــا وبعد البـــــلي بعـــث ومستقــر؟

**********

( 16 )

ركبوا الرؤوس وهاموا فى الخوى لججا ُ

واستمرؤا الخنسري فــي إثمها وزروا

ومحمــــد فـــوق كل الدون مرتفــــــع

بالوحــى و المنطق الأسمى ويقتــــدر

وفى رســـــوخ يهــّـــد الطــــود داعية ً

وفى سمـــــاح كروق الماء ينهمـــــــر

يدعو بذات الدعا للـــــــه .. ما هتفت

به النبيّـون ما عاشــــوا وما ذكـــروا

أســــرّ بالأمــــر إسرارا وأجهــــره

لمــــا بــــه آمــــن الرواد بل أزروا

السابقــون إلى الإسلام قـــد بكــــروا

إلى الحقيقــــة : ما ارتابوا وما فتروا

وصدقوا المصطفي فى التو واستبقوا

بذلا ً لنصــــرة دين الله مــا قدروا

هـــذا أبو بكر .. هذا حمــزة وكذا

زيد ,, علىّ ,, وعثمان كذا عمـــر

سمـــيّة ياســــر عمّـــار نجلهمـــا

بلال ,, مصعب ,, خبّـاب وكم أخَر

**********

( 17 )

حول الرسول تلاقوا وحدة عظمت

قلبا وروحا ً وعزما ً ليس ينتشــــر

نيطت بهم عزة الإسلام فارتفعـــت

أعلامــــه ... وتواعد معهـــم القدر

هتكوا ثياب الدجى المأفون وانتفضوا

عمالقــة فى ثيــــــــاب النور تأتـــزر

خلق الرسول تساقوهـــا وقد كملــــت

فيــه المكارم فهــو الكامـــل الظفــــر

وقد غـــدا منهــم للعين قـــرّتهــــــا

وبحبـــه نبضــات القلـــب تنسجـــــر

قريش فى سعـــر تجتــّـــر خيبتهـــــا

خزيا ً وبين رحى الأحقــــاد تعتصـــر

فحاصروا إخوة الإيمـــان واجترحــوا

عهــد القطيعــة لا أخـْـــذ ٌ ولا شتــــر

حقد تمـــادى وضاق المسلمــــــون بـه

ذرعا ً .. ولكن بإصرار قد اصطبـــروا

ورد اللــــه كيدهـــــم لنحــــورهــــــم

أوهى من الوهـي قد أفنى الذي سطروا

**************

( 18 )

لم يبق منـــــه سوى اســــم الله تذكرة ً

لكل بــاغ ٍ بغـــى .. لو كان يعتــــــبر

وتثــور ثائـــــــرة الكفار إذ علمــــوا

من يثـــرب قـــد سعى لمحمــد نفـــر

حداهـــــم الشــوق للدين الجـــديد به

طابت مسامعهــــم .. فليستطبْ بصر

فسعوا إلى المصطفى والروح هائمة

وسبت قلوبهم الأصــــداء والســـور

وتمت البيعـــــة الأولى وأعقبهــــــا

أخــرى وكم بهمـــا قد أثلجت صدر

عهــــــد مبارك ميمــــون بدايتـــــه

من بعد يثرب والإســــلام يذدهـــــر

أموالهــــــم ودمــــاؤهم للنبي فِـــــدا

ولنصـــرة الدين كل حياتهــــم نذروا

هبت نسائمـــــه من فوق اربعُهـــــــا

فى همســــة للفجـــر أن الليــل منستر

ويثرب أوسهـــــا تحيــــا وخزرجهــا

ويهودهــــا فـتـنــة عميـــاء تستعـــــر

وغـَـــدَا يهددها الإســــــلام مقتــــدرا

وبــــه تطيــب قلوب القوم بالعـِــبَـــر

الهجرة إلى يثرب

( 19 )

عهــــد تولىّ برغــم الهون ما هانوا

كلا ولا طأطأوا الهامـــــات أو دانوا

أمضي من السيف قد ظلت عزائمهم

وحيـــاتهم لحيــاة الديــــن قربـــــــان

حـــول الرسول رجــال لا كمثلهـــــم

جيــــــــل فــدائي قــــــوّام وفرســـان

ثبـْتُ العقيــــــدة لا ميْــل ولا حـــــور

أو الشهــــادة فيهــــا وهــــو جــــذلان

وهــــــذه طـغمــة الإلحـــاد يدفـعـهــــا

حقــد ضريـــر وإخفـاق وطغيـــــــــان

كادت لتطـــــفئ نـــور الله فاعتــــزمت

قتـْــل الرســـول وعقبي الشـــر خسران

لكنــــه الله يبقــــــي نــــوره أبــــــــــــدا

ومكرهــــم أبــــــدا ً حبــْـط وخـــــــذلان

************

( 20 )

يا للصنــــاديد إذ أزري بهــــم قدر

كل ٌ بحملتــــــه سيف وشيطــــــان

فإذا النمور التى من غابهـــا انطلقت

يحثى الرغــــام عليهـــا وهى جرذان

ألقاهم النوم صرعـــى , سخرة عجـبا ً

فإذا هــــــم هـُـمـُـلٌ ملــــقي وأبـــدان

وها هو المصطفـــي فى خيـــر عافية

فلقد قضي الأمـــر فى العليـــــاء ديـّـان

صبــاح الإثنــين كانت فيـــه هجـــــرته

ليثـــرب حيــث أنصــــار وأعــــــــوان

باتــــوا على الشــــوق والبشري لمقدمه

وكلهــــــم برســـــــول الله هيمـــــــــان

والمصطفي معــــه الصـــديق صاحبـــه

عليهمــــــا من وقـــــــاء الله أكنــــــــــان

والشــــــرك خلفهمــــــا فى هــــوج لوثته

طارت إلى كل صــــــوب منـــه غربـان

************

( 21 )

وتطايحوا زمـــرا ً فى البيد لاهثــة

تعلو وتهوى بهــــم أكم ووديـــان

عادوا بخفيّ حنيــــن كــــل غنمهم

والصاب كل الذي يجنيــه غيــــــان

وفى الوصيد تواري الصاحبان وقد

أوتهما فى حنـــــان الأم جـــــدران

باض الحمام وخاط العنكبوت فمــن

يظن أن بقلـــب الغـــار إنســــان ؟؟

لكنها معجــزات المصطفي ولكـــم

عنت العقول لهـــا وإنهــــا حسبــان

أمــا همــا أمـــــة الإسلام ناهضــــة

والله ثـــالثـهمــــــا سنــد ورحـــــمن

وفى سمـــا يثرب لاحـــت بشـــائره

وسرت بها أرقي نشــــوة ورجلان

هذا هـو البـــــــدر عمـّـتنـــــا طلاوته

تزهــــو به أرضنـــــا والأفــق يزدان

أهـــلا حللت وسهـــلا خيــر داعيــــة

إنا على العهــــد حـُـفـّاظ وخلصــــــان

***********

( 22 )

لبيـــك إنــا لمــــــا جئــت تدعــــونا

طـــــوع ولله قــوّامــــون عبـــــــدان

فخض بنا البحــــر إنا لخائضون معك

ومــــا لنــــا ودمــــانا اليــــوم قربـــان

وترعرع الدوح ممتد الأصــول كمـــا

تعانقــــت فى هــوى الإســــلام أفنـــان

فتدافع الركب أنصــارا ً ... مُهـــــاجرة

فى وحــــدة الصف بالتوحـيــد إخـوان

ومن قبــــاء هـَمَي السلســال فى غـــدق

تنـدى به الروح يستمريــــــه وجـــــدان

وسري نــــدى الصدى فى الخافقين مدى

وفى الحنايـــــا هو السلـــــوى وتحنــــان

**********

( 23 )

وتصاعدت سبحــــــات الله عاليـة

تعنوا لعصــــاة لها وبذل عصيــان

شيدت على العــــزة العلياء دولتهم

وعلت بمنعتهــــم للديـــــــن أركان

سـَلْ الوغـَى عنهــم سينبــأك أنهـــم

جند المعامـــــع بواســــل شجعـــان

فى مشرق النور قد خطوا ملامحهم

تبرا ً يشــــع وتستمــليـــه أزمـــــان

والمسطفى القـــدوة المثلى ورائدهـم

منه الريـــــادة والفتيـــــا وعرفــــان

وفى الجهــادين هاديهـــم فمنطقـُـــه

لا عن هـــوى .. بل وحى وقــــرآن

***********