ادخلوا معمدانية الحزن : محمد على بكر

ادخلوا معمدانيةَ الحزن



أيُّها الحزنُ أقْبِلْ بديلاً عن الفرحِ في كلِّ شىءٍ

فنحنُ هنا بانتظارِكَ

كي تصفوَ النفسُ إذ تدخلُ المعمدانيَّةَ الطاهرة

أيها الحزنُ طالَ الغيابُ

و قد كنتَ تأتي لتحملَ للبشرِ الجاحدينَ المسرَّةَ

لكنَّهمْ أنكروكَ

فولَّيتَ عنا بوجهِكَ, حتى تهادى علينا غريباً

يريدُ طعاماً قليلاً, و ماءً قليلاً

و يحملُ خيراً وفيراً عدوُّكَ ذو البسمةِ الساحرة

أيها الحزنُ جاءَ إلينا بأزهارِهِ الباسماتِ التي لم نشمّ روائحَها في سنينكَ

إذْ كان جدبُكَ يُعملُ معولَهُ في مسالكِ أرواحِنا الحائرة

أيها الحزنُ لا تخشَ شيئاً فقد عاشَ فينا شريداً

و ما اسْطاعَ بعدَ قصيرِ الإقامةِ إلا الرحيلَ

بأزهارِهِ و أناقتِهِ الباهرة

أيها الحزنُ تُنكرُ أرواحُنا كلَّ شىءٍ سواكَ, و لو كانَ ما يحملُ الفرحُ

لكنَّنا حين أعمَتْ بصائرَنا كثرةُ الشوكِ قُمْنا نثورُ بوجهِ ورودِكَ

لمْ نُدرك اَنَّكَ بالشوكِ تنزعُ آثامَ أرواحِنا البائرة

أيها الحزنُ, يا خبزَنا إذْ نجوعُ

و يا ماءَنا إذ يكونُ الظَّما

كيف يحلو لنا العيشُ بعدَكَ

إِنَّا عرفنا_بُعيدَ رحيلِكَ_أنَّ الحياةَ بدونِكَ

لا تستقيمُ على حالِها السائرة

أيها الحزنُ يا سُكرَنا

زالَ خمرُكَ

حتى أفَقْنا على وحشَةِ العَيْشِ

فارجعْ إلينا نكنْ أوفياءَكَ

نُنْفِذْ أوامرَكَ المُشتهاةَ

فقدْ طالَ شوقُ النفوسِ إلى المعمدانيَّةِ النَّائِرَة


محمد علي بكر