موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
باكى - 67
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
الحربي - 36
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
زهرالورد - 30
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_rcap((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Voting_bar((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Vote_lcap 

 

 (( البخلاء )) للجاحظ

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 10:54


وتجد أحزم منه جواداً وإن كانت مملكته أضيق وخرجه أقل وعدوه أشد حركة.
وقد علمنا أن الزنج أقصر الناس مرة وروية وأذهلهم عن معرفة العاقبة.
فلو كان سخاؤهم إنما هو لكلال حدهم وتكون الروم أبخل من الصقالبة وكان ينبغي في الرجال في الجملة وكان ينبغي أن يكون أقل البخلاء عقلاً أعقل من أشد الأجواد عقلاً وكان ينبغي للكلب - وهو قالوا: " هو أسخى من لا فظة " و " الأم من كلب على جيفة " و " الأم من كلب على عرق ".
وقالوا: " أجع كلبك يتبعك " و " نعم كلب في بؤس أهله " ونشهد أن محمداً عبده ورسوله " سمن كلبك يأكلك " و " أحرص من كلب على عقي صبي " و " أجوع من كلبة حومل " و " لهو أبذأ من كلب " " حش فلان من خرء الكلب " و " اخسأ! " كما يقال للكلب و " كالكلب في الآرى: لا هو يعتلف ولا هو يترك الدابة تعتلف ".
وقال الشاعر: سرت ما سرت من ليلها ثم عرست على رجل بالعرج ألأم من كلب وقال الله جل ذكره: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث}.
وكان ينبغي في هذا القياس أن يكون المراوزة أعقل البرية وأهل خراسان أدرى البرية.
ونحن لا نجد الجواد يفر من اسم السرف إلى الجود كما نجد البخيل يفر من اسم البخل إلى الاقتصاد.
ونجد الشجاع يفر من اسم المنهزم والمستحي يفر من اسم الخجل.
ولو قيل لخطيب ثابت الجنان: وقاح لجزع - فلو لم يكن من فضيلة الجود إلا أن جميع المتجاوزين لحدود أصناف الخير يكرهون اسم تلك الفضلة - إلا الجواد لقد كان في ذلك ما يبين قدره ويظهر فضله.
المال فاتن والنفس راغبة والأموال ممنوعة وهي على ما منعت حريصة.
وللنفوس في المكاثرة علة معروفة لأن من لا فكرة له ولا روية موكل بتعظيم ذي الثروة وإن لم تكن منه منالة.
وقد قال الأول: وزادها كلفاً بالحب أن منعت أحب شيء إلى الإنسان ما منعا وفي بعض كتب الفرس: كل عزيز تحت القدرة فهو ليل.
وقالت معاذة العدوية: كل مقدور عليه فمقلي أو محقور.
ولو كانوا لأولادهم يجمعون ولهم يكدون ومن أجلهم يحرصون لجعلوا لهم كثيراً مما يطلبون ولتركوا محاسبتهم في كثير مما يشتهون.
وهذا بعض ما بغض بعض المورثين إلى الوارثين وزهد الأخلاف في طول عمر الأسلاف.
ولو كانوا لأولادهم يمهدون ولهم يجمعون لما جمع الخصيان الأموال ولما كنز الرهبان الكنوز ولاستراح العاقر من ذل الرغبة ولسلم العقيم من كد الحرص.
وكيف ونحن نجده بعد أن يموت ابنه الذي كان يعتل به والذي من أجله كان يجمع على حاله في الطلب والحرص وعلى مثل ما كان عليه من الجمع والمنع.
والعامة لم تقصر في الطلب والحكرة والبخلاء لم يحدوا شيئاً من جهدهم ولا أعفوا بعد قدرتهم ولا قصروا في شيء من الحرص والحصر لأنهم في دار قلعة وبعرض نقلة.
حتى لو فالبخيل مجتهد والعامي غير مقصر.
فمن لم يستعن على ما وصفنا بطبيعة قوية وبشهوة شديدة وبنظر شاف كان إما عامياً وإما بخيلاً شقياً - ففيم اعتلالهم بأولادهم واحتجاجهم بخوف التلون من أزمنتهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوافد كذب عنده كذبة وكان جواداً: لولا خصلة ومقك الله عليها لشردت بك من وافد قوم.
وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل لك في بيض النساء وأدم الإبل قال: ومن هم قال: بنو مدلج.
قال: يمنعني من ذاك قراهم الضيف وصلتهم الرحم.
وقال لهم أيضاً: إذا نحروا ثجوا وإذا لبوا عجوا.
وقال للأنصار: من سيدكم قالوا: الحر بن قيس على أنه يزن فينا ببخل فقال: وأي داء أدوأ من البخل ثم جعله من أدوإ الداء.
وقال للأنصار: أما والله ما علمتكم إلا لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع.
وقال: كفى بالمرء حرصاً ركوبه البحر.
وقال: لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى ثالثاً ولا يشبع ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
وقال: السخاء من الحياء والحياء من الإيمان.
وقال: إن الله جواد يحب الجود.
وقال: أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.
وقال: لا توكي فيوكي عليك.
وقال: لا تحص فيحصى عليك.
وقالوا: لا ينفعك من زاد ما تبقى.
ولم يسم الذهب والفضة بالحجرين إلا وهو يريد أن يضع من أقدارهما ومن فتنة الناس بهما.
وقال لقيس بن عاصم: إنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت وما لبست فأبليت أو أعطيت فأمضيت.
وما سوى ذلك فللوارث.
وقال النمر بن تولب: وحثت على جمع ومنع ونفسها لها في صروف الدهر حق كذوب وكائن رأينا من كريم مرزإ أخي ثقة طلق اليدين وهوب شهدت وفاتوني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 10:54


وكنت حبستني فقيراً إلى أن يشهدوا وتغيبي أعاذل إن يصبح صداي بقفرة بعيداً نآني صاحبي وقريبي ترى أن ما أبقيت لم أك ربه وأن الذي أمضيت كان نصيبي وذي إبل يسعى ويحسبها له أخي نصب في رعيها ودءوب وذي وغدا رب سواه يسوقها وبدل أحجار وجال قليب وقال أيضاً: قامت تباكي أن سبأت لفتية زقاً وخابية بعود مقطع وقريت في مقري قلائص أربعاً وقريت بعد قرى قلائص أربع أتبكيا من كل شيء هين سفه بكاء العين ما لم تدمع لا تطرديهم عن فراشي إنه لابد يوماً أن سيخلو مضجعي هلا سألت بعادياء وبيته والخيل والخمر التي لم تمنع وقال الحارث بن حلزة: بينا الفتى يسعى ويسعى له تاح له من أمره خالج يترك ما رقح من عيشه يعبث فيه همج هامج لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج وقال الهذلي: إن الكرام مناهبو نعم المجد كلهم فناهب أخلف وأتلف كل شي ء ذرعته الريح ذاهب وقالت امرأة: أنت وهبت الفتية السلاهب وإبلاً يحار فيها الحالب وغنماً مثل الجراد الهارب متاع أيام وكل ذاهب وقال تميم بن مقبل: وقال الخطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس وجاء في الأثر: إن أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة.
وفي المثل: اصنع الخير ولو إلى كلب: وقال في الحث على القليل فضلاً على الكثير: قال الله جل ذكره: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
وقالت عائشة في حبة عنب: إن فيها لمثاقيل ذر.
ولذلك قالوا في المثل: من حقر حرم.
وقال سلم بن قتيبة: يستحي أحدهم من تقريب القليل من الطعام ويأبى أعظم منه.
وقال: جهد المرء أكثر من عفوه.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جهد المقل على عفو المكثر وإن كان مبلغ جهده قليلاً ومبلغ عفو المكثر كثيراً.
وقالوا: لا يمنعك من معروف صغره.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا النار ولو بشق تمرة.
وقال: لا تحقروا اللقمة فإنها تعود كالجبل العظيم لقول الله جل ذكره: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.
وقال: لا تردوه ولو بصلة حبل.
وقالت العرب: أتاكم أخوكم يستتمكم فأتموا له.
وقالوا: مانع الإتمام ألوم.
وقالوا: البخيل إن سأل ألحف وإن سئل سوف.
وقالوا: إن سئل جحد وإن أعطى حقد.
وقالوا: يرد قبل أن يسمع ويغضب قبل أن يفهم.
وقالوا: البخيل إذا سئل ارتز وإذا سئل الجواد اهتز.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ينادي كل يوم مناديان من السماء: يقول أحدهما: اللهم عجل لمنفق خلفاً ويقول الآخر: اللهم عجل لممسك تلفاً ).
وقالوا: شر الثلاثة المليم يمنع دره ودر غيره.
وقال الله جل ذكره: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}.
وقالوا في المثل - إن ألجأك الدهر إلى بخيل: شر ما ألجأك إلى مخة عرقوب.
وقال: النبي صلى الله عليه وسلم: ( قل العدل وأعط الفضل ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنهاكم عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات ).
وقال الله عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}.
وقال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.
وقال: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وقالوا في الصبر على النائبة وفي عاقبة الصبر: عند الصباح يحمد القوم السري.
وقالوا: الغمرات ثم ينجلين.
وقال الخريمي: ودون الندى في كل قلب ثنية بها مصعد حزن ومنحدر سهل وود الفتى في كل نيل ينيله - إذا ما انقضى - لو أن نائله جزل وقالوا: خير الناس خير الناس للناس وشر الناس شر الناس للناس.
وقالوا: خير مالك ما نفعك.
وقالوا عجباً لفرط الكبرة مع شباب الرغبة! كلنا يأمل مداً في الأجل والمنايا هي آفات الأمل وقال عبيد الله بن عكراش: زمن خون ووارث شفون وكاسب زون.
فلا تأمن الخون وكن وارث الشفون.
وقال: يهرم ابن آدم ويشب معه خصلتان: الحرص والأمل.
وكانوا يعيبون من يأكل وحده وقالوا: ما أكل ابن عمر وحده قط.
وقالوا: ما أكل الحسن وحده قط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 10:56


وسمع مجاشع الربعي قولهم: الشحيح أعذر من الظالم فقال: أخزى الله أمرين خيرهما الشح.
وقال بكر بن عبد الله المزني: لو كان هذا المسجد مفعماً بالرجال ثم قيل لي: من خيرهم لقلت: خيرهم لهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بشراركم قالوا: بلى يا رسول الله
قال: من نزل وحده ومنع رفده وجلد عبده ).
وقالت امرأة عند جنازة رجل: أما والله ما كان مالك لبطنك ولا أمرك لعرسك.
فلما بلغت الرسالة ابن التوأم كره أن يجيب أبا العاص لما في ذلك من المناقشة والمباينة وخاف أن يترقى الأمر إلى أكثر من ذلك.
فكتب هذه وبعث بها إلى الثقفي: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغني ما كان من ذكر أبي العاص لنا وتنويهه بأسمائنا وتشنيعه علينا.
وليس يمنعنا من جوابه إلا أنه إن أجابنا لم يكن جوابنا إياه على قوله الثاني أحق بالترك من جوابنا له على قوله الأول.
فإن نحن جعلنا لابتدائه جواباً وجعلنا لجوابه الثاني جواباً خرجنا إلى التهاتر وصرنا إلى التخابر.
ومن خرج إلى ذلك فقد رضي باللجاج حظاً وبالسخف نصيباً.
وليس يحترس من أسباب اللجاج إلا من عرف أسباب البلوى.
ومن وقاه الله سوء التكفي وسخفه وعصمه من سوء التصميم ونكده فقد اعتدلت طباعه وتساوت خواطره.
ومن قامت أخلاطه على الاعتدال وتكافأت خواطره في الوزن لم يعرف من الأعمال إلا الاقتصاد ولم يجد أفعاله أبداً إلا بين التقصير والإفراط لأن الموزون لا يولد إلا موزوناً كما أن المختلف لا يولد إلا مختلفاً.
فالمتابع لا يثنيه زجر وليست له غاية دون التلف.
والمتكفي ليس له مأتى ولا جهة ولا له رقية ولا فيه حيلة.
وكل متلون في الأرض فمنحل العقد ميسر لكل ريح.
فدع عنك خلطة الإمعة فإنه حارص لا خير فيه واجتنب ركوب الجموح ذي النزوات فإن غايته القتل الزؤاف ولا في الحرون ذي التصمم.
والمتلون شر من المصمم إذ كنت لا تعرف له حالاً يقصد إليها ولا جهة يعمل عليها.
ولذلك صار العاقل يخدع العاقل ولا يخدع الأحمق لأن أبواب تدبير العاقل وحيلة معروفة وطرق خواطره مسلوكه ومذاهبه محصورة معدودة.وليس لتدبير الأحمق وحيله جهة واحدة من أخطأها كذب.
والخبر الصادق عن الشيء الواحد واحد.
والخبز الكاذب عن الشيء الواحد لا يحصى له عدد ولا يوقف منه على حد.
والمصمم قتله بالإجهاز والمتلون قتله بالتعذيب.
فإن قلنا فليس إليه نقصد وإن احتججنا فليسنا عليه نرد.
ولكنا إليك نقصد بالقول وإليك نريد بالمشورة.
وقد قالوا: احفظ سرك فإن سرك من دمك.
وسواء ذهاب نفسك وذهاب ما به يكون قوام نفسك.
قال المنجاب العنبري: " ليس بكبير ما أصلحه المال ".
وفقد الشيء الذي به تصلح الأمور أعظم من الأمور.
ولهذا قالوا في الإبل: " لو لم يكن فيها إلا أنها رقوء الدم " - فالشيء الذي هو ثمن الإبل وغير الإبل أحق بالصون.
وقد قضوا بأن حفظ المال أشد من جمعه.
ولذلك قال الشاعر: وحفظك مالاً قد عنيت بجمعه أشد من الجمع الذي أنت طالبه ولذلك قال مشتري الأرض لبائعها حين قال له البائع: دفعتها إليك بطيئة الإجابة عظيمة المؤنة.

- قال: دفعتها إليك بطيئة الاجتماع سريعة التفرق.
والدرهم هو القطب الذي تدور عليه رحى الدنيا.
واعلم أن التخلص من نزوات الدرهم وتقلبه - من سكر الغنى - وتفلته شديد.
فلو كان إذ تفلت كان حارسه صحيح العقل سليم الجوارح لرده في عقاله ولشده بوثاق.
ولكنا وجدنا ضعفه عن ضبطه بقدر قلقه في ولا تغتر يقولهم: مال صامت فإنه أنطق من كل خطيب وأنم من كل نمام.
فلا تكترث بقولهم: هذين الحجرين فتتوهم جمودهما وسكونهما وقلة ظعنهما وطول إقامتهما فإن عملهما وهما ساكنان ونقضهما للطبائع وهما ثابتان أكثر من صنيع السم الناقع والسبع العادي.
فإن كنت لا تكتفي بصنيعه حتى تمده ولا تحتال فيه حتى يحتال له فالقبر خير لك من الفقر والسجن خير لك من الذل.
وقولي هذا مرة يعقب حلاوة الأبد.
فخذ لنفسك بالثقة.
فقولك الماضي حلو يعقب مرارة الأبد.
فخذ لنفسك بالثقة.
ولا ترض أن يكون الحرباء الراكب العود أحزم منك فإن الشاعر يقول: أني أتيح لها حرباء تنضبة لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا واحذر أن تخرج من مالك درهماً حتى ترى مكانه خيراً منه.
ولا تنظر إلى كثرته فإن رمل عالج فلو أخذ منه ولم يرد عليه لذهب عن آخره.
إن القوم قد أكثروا في ذكر الجود وتفضيله وفي ذكر الكرم وتشريفه وسموا السرف جوداً وجعلوه كرماً.
وكيف يكون كذلك وهو نتاج ما بين الضعف والنفج وكيف والعطاء لا يكون سرفاً إلا بعد مجاوزة الحق وليس وراء الحق إلى الباطل كرم.
وإذا كان الباطل كرماً كان الحق لؤماً.
والسرف - حفظك الله - معصية.
وإذا كانت معصية الله كرماً كانت طاعته لؤماً.
ولئن جمعهما اسم واحد وشملهما حكم واحد ومضادة الحق للباطل كمضادة الصدق للكذب والوفاء للغدر والجور للعدل والعلم للجهل ليجمعن هذه الخصال اسم واحد وليشملنها حكم واحد.
وقد وجنا الله عاب السرف وعاب الحمية وعاب المعصية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 10:57


\ووجدناه خص السرف بما لم يخص به الحمية لأنه ليس حب المرء لرهطه من المعصية ولا أنفقته من الضيم من حمية الجاهلية.
وإنما المعصية ما جاوز الحق والحمية المعيبة ما تعدى القصد.
فوجدنا اسم الأنفة قد يقع محموداً ومذموماً وما وجدنا اسم المعصية ولا اسم السرف يقع أبداً إلا مذموماً.
وإنما يسر باسم السرف جاهل لا علم له أو رجل إنما يسر به لأن أحداً لا يسميه مسرفاً حتى يكون عنده قد جاوز حد الجود وحكم له بالحق ثم أردفه بالباطل.
فإن سر من غير هذا الوجه فقد شارك المادح في الخطإ وشاكله في وضع الشيء في غير موضعه.
وقد أكثروا في ذكر الكرم.
وما الكرم إلا كبعض الخصال المحمودة التي لم يعدمها بعض الذم.
وليس شيء يخلوا من بعض النقص والوهن.
وقد زعم الأولون أن الكرم يسبب الغبا وأن الغبا يسبب البله وأنه ليس وراء البله إلا العته.
وقد حكوا عن كسرى أنه قال: " احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع " - وسواء جاع فظلم وأحفظ وعسف أم جاع وكذب وضرع وأسف.
وسواء جاع فظلم غيره أم جاع فظلم نفسه.
والظلم لؤم.
وإن كان الظلم ليس بلؤم فالإنصاف ليس بكرم.
فالجود إذا كان لله كان شكراً له والشكر كرم.
ولن يكون الجود - إذا كان معصية - كرماً.
فكيف يتكرم من يتوصل بأياديك إلى معصيتك وبنعمتك إلى سخطك فليس الكرم إلا الطاعة.
وليس اللؤم إلا المعصية وليس بجود ما جاوز الحق وليس بكرم ما خالف الشكر.
ولئن كان مجاوز الحق كريماً ليكونن المقصر دونه كريماً.
فإن قضيتم بقول العامة فالعامة ليست بقدوة.
وكيف يكون قدوة من لا ينظر ولا يحصل ولا يفكر ولا يمثل وإن قضيتم بأقاويل الشعراء وما كان عليه أهل الجاهلية الجهلاء فما قبحوه مما لا يشك في حسنه أكثر من أن نقف عليه أو نتشاغل باستقصائه.
على أنه ليس بجود إلا ما أوجب الشكر كما أنه ليس ببخل إلا ما أوجب اللؤم.
ولن تكون العطية نعمة على المعطى حتى تراود بها نفس ذلك المعطى.
ولن يجب عليه الشكر إلا مع شريطة القصد.
وكل من كان جوده يرجع إليه ولولا رجوعه إليه لما جاد عليك ولو تهيأ له ذلك المعنى في سواك لما قصد إليك - فإنما جعلك معبراً لدرك حاجته ومركباً لبلوغ محبته.
ولولا بعض القول لوجب لك عليه حق يجب به الشكر.
فليس يجب لمن كان كذلك شكر وإن انتفعت بذلك منه إذا كان لنفسه عمل لأنه لو تهيأ له ذلك النفع في غيرك لما تخطاه إليك.
وإنما يوصف بالجود في الحقيقة ويشكر على النفع في حجة العقل - الذي إن جاد عليك فلك جاد ونفعك أراد من غير أن يرجع إليه جوده بشيء من المنافع على جهة من الجهات وهو الله وحده لا شريك له.
فإن شكرنا للناس على بعض ما قد جرى لنا على أيديهم فإنما هو لأمرين: أحدهما التعبد وقد نعبد الله بتعظيم الوالدين وإن كانا شيطانين وتعظيم من هو أسن منا وإن كنا أفضل منه.
والآخر لأن النفس ما لم تحصل الأمور وتميز المعاني فالسابق إليها حب من جرى لها على يده خير وإن كان لم يردها ولم يقصد إليها.
ووجدنا عطية الرجل لصاحبه لا تخلوا أن تكون لله أو لغير الله.
فإن كانت لله فثوابه على الله.
وكيف يجب علي في حجة العقل شكره وهو لو صادف ابن سبيل غيري لما حملني ولا أعطاني - وإما أن يكون إعطاؤه إياي للذكر.
فإذا كان الأمر كذلك فإنما جعلني سلماً إلى تجارته وسبباً إلى بغيته أو يكون إعطاؤه إياي من طريق الرحمة والرقة ولما يجد في فؤاده من الغصة والألم فإن كان لذلك أعطى فإنما داوى نفسه من دائه وكان كالذي رفه من خناقه.
وإنه كان إنما أعطاني من خوف يدي أو لساني أو اجترار معونتي ونصرتي فسبيله سبيل جميع ما وصفنا وفصلنا.
فلاسم الجود موضعان: أحدهما حقيقة والآخر مجاز.
فالحقيقة ما كان من الله والمجاز المشتق له من هذا الاسم.
وما كان لله كان ممدوحاً وكان لله طاعة.
فإذا لم تكن العطية من الله ولا لله فليس يجوز هذا فيما سموه جوداً فما ظنك بما سموه سرفاً أفهم ما أنا مورده عليك وواصفه لك: إن التربح والتكسب والإستئكال بالخديعة والطعم الخبيثة فاشيةغالبة ومستفيضة ظاهرة.
على أن كثيراً ممن يضاف اليوم إلى النزاهة والتكرم وغلى الصيانة والتوقي ليأخذ من ذلك بنصيب واف.
فما ظنك بدهماء الناس وجمهورهم بل ما ظنك بالشعراء والخطباء الذين إنما تعلموا المنطق لصناعة التكسب وهؤلاء قوم بودهم أن أرباب الأموال قد جاوزوا حد السلامة غلى الغفلة حتى لا يكون للأموال حارس ولا دونها مانع.
فاحذرهم ولا تنظر إلى بزة أحدهم فإن المسكين أقنع منه ولا تنظر غل موكبه فإن السائل أعف منه.
واعلم أنه مسك مسكين وإن كان في ثياب جواد وروحه روح نذل وإن كان في جرم ملك.
وإن اختلفت وجوه مسألتهم واختلفت أقدار مطالبهم فهو مسكين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 10:58


إلا أن واحداً يطلب العلق وآخر يطلب الخرق وآخر يطلب الدوانيق وآخر يطلب الألوف.
فجهة هذا هي جهة هذا وطعمة هذا هي طعمة هذا.
وإنما يختلفون في أقدار ما يطلبون على قدر الحذق والسبب.
فأحذر رقاهم وما نصبوا لك من الشرك واحرس نعمتك وما دسوا لها من الدواهي.
واعمل على أن سحرهم يسترق الذهن ويختطف البصر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً.
وسمع عمر بن عبد العزيز رجلاً يتكلم في حاجة فقال: هذا والله سحر الحلال.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خلابة - واحذر احتمال مديحهم فإن محتمل المديح في وجهه كمادح نفسه.
إن مالك لا يسع مريديه ولا يبلغ رضا طالبيه.
ولو أرضيتهم بإسخاط مثلهم لكان ذلك خسرانا مبيناً.
فكيف ومن يسخط أضعاف من يرضى وهجاء الساخط أضر من فقد مديح الراضي.
وعلى أنهم إذا اعتوروك بمشاقصهم وتداولوك بسهامهم لم تر ممن أرضيته بإشخاطهم أحداً يناضل عنك ولا يهاجي شاعراً دونك.
بل يخليك غرضاً لسهامهم ودريئة لنبالهم.
ثم يقول: وما كان عليه لو أرضاهم! فكيف يرضيهم ورضا الجميع شيء لا ينال إني أحذرك مصارع المخدوعين وأرفعك عن مضاجع المغبونين.
إنك لست كمن لم يزل يقاسي تعذر الأمور ويتجرع مرارة العيش ويتحمل ثقل الكد ويشرب بكأس الذل حتى كان يمرن على ذلك جلده ويسكن عليه قلبه.
وفقر مثلك مضاعف الألم وجزع من لم يعرف الألم أشد.
ومن لم يزل فقيراً فهو لا يعرف الشامتين ولا يدخله المكروه من سرور الحاسدين ولا يلام على فقره ولا يصير موعظة لغيره وحديثاً يبقى ذكره ويلعنه بعد الممات ولده.
ودعني من حكايات المستأكلين ورقي الخادعين فما زال الناس يحفظون أموالهم من مواقع السرف ويخبئونها من وجوه التبذير.
ودعني مما لا نراه إلا في الأشعار المتكلفة والأخبار المولدة والكتب الموضوعة.
فقد قال بعض أهل زماننا: ذهبت المكارم إلا من الكتب! فخذ فيما تعلم ودع نفسك مما لا تعلم.
هل رأيت أحداً قط أنفق ماله على قوم كان غناهم سبب فقره أنه سلم عليهم حين افتقر فردوا عليه - فضلاً على غير ذلك أولست قد رأيتهم بين محمق ومحتجب عنه وبين من يقول: فهلا أنزل حاجته بفلان الذي كان يفضله ويقدمه ويؤثره ويخصه - ثم لعل بعضهم أن يتجنى عليه ذنوباً ليجعلها عذراً في منعه وسبباً إلى حرمانه.
قال الله جل ذكره: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}.
فأنا القائم عليك بالموعظة والزجر والأمر والنهي وأنت سالم العقل والعرض وافر المال حسن الحال.
فاتق أن أقوم غداً على رأسك بالتقريع والتعبير والتوبيخ والتأنيب وأنت عليل القلب مختل العرض.
عديم من المال سيئ الحال.
ليس جهد البلاء مد الأعناق وانتظار وقع السيوف لأن الوقت قصير والحس مغمور.
ولكن جهد البلاء أن تظهر الخلة وتطول المدة وتعجز الحيلة ثم لا تعدم صديقاً مؤنباً وابن عم شامتاً وجاراً حاسراً وولياً قد تحول عدواً وزوجة مختلعة وجارية مستبيعة وعبداً يحقرك وولداً ينتهرك.
فانظر أين موقع فوت الثناء من موقع ما عددنا عليك من البلاء على أن الثناء طعم ولعلك ألا تطعمه والحمد أرزاق ولعلك ألا تحرمه.
وما يضيع من إحسان الناس أكثر.
وعلى أن الحفظ قد ذهب بموت أهله.
ألا ترى أن الشعر لما كسد أفحم أهله ولما دخل النقص على كل شيء أخ الشعر منه بنصيبه ولما تحولت الدولة في العجم - والعجم لا تحوط الأنساب ولا تحفظ المقامات - لأن من كان في الريف والكفاية وكان مغموراً بسكر الغنى كثر نسيانه وقلت خواطره.
ومن احتاج تحركت همته وكثر تنقيره.
وعيب الغني أنه يورث البلادة وفضيلة الفقر أنه يبعث الفكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:03


.
وإن أنت صحبت الغني بإهمال النفس أسكرك الغني.
وسكر الغني سبة المستأكلين وتهمة الخداعين.
وإن كنت لا ترضى بحظ النائم وبعيش البهائم وأحببت أن تجمع مع تمام نفس المثري ومع عز الغني وسرور القدرة فطنة المخف وخواطر المقل ومعرفة الهارب واستدلال الطالب - اقتصدت في الإنفاق وكنت معداً للحدثان ومحترساً من كل خداع.
لست تبلغ حيل لصوص النهار وحيل سراق الليل و حيل طراق البلدان وحيل أصحاب الكيمياء وحيل التجار في الأسواق والصناع في جميع الصناعات وحيل أصحاب الحروب وحيل المستأكلين والمتكسبين ولو جمعت الخبر والسحر والتمائم و السم لكانت حيلهم في الناس أشد تغلغلاً وأعرض وأسرى في عمق البدن وأدخل إلى سويداء القلب وإلى أم الدماغ وإلى صميم الكبد ولهي أدق مسلكاً وأبعد غاية من العرق الساري والشبه النازع ولو اتخذت الحيطان الرفيعة الثخينة والأقفال المحكمة الوثيقة ولو اتخذت الممارق والجواسق والأبواب الشداد والحرس المتناوبين بأغلظ المؤن وأشد الكلف وتركت التقدم فيما هو أحضر ضرراً وأدوم شراً ولا غرم عليك في الحراسة فيه ولا مشقة عليك في التحفظ منه.
إنك إن فتحت لهم على نفسك مثل سم الخياط جعلوا فيه نهجاً ولقي رحباً.
فأحكم بابك ولو جعلت الباب مبهماً والقفل مصمتاً لتسوروا عليك من فوقك.
ولو رفعت سمكة إلى العيوق لنقبوا عليك من تحتك.
قال أبو الدرداء: نعم صومعة المؤمن بيته.
وقال ابن سيرين: العزلة عبادة.
حلاوة حديثهم تدعو إلى الاستكثار منهم وتدعو إلى إحضار غرائب شهواتهم.
فمن ذلك قول بعضهم لبعض أصحابه: كل رخلة واشرب مشعلاً ثم تجشأ واحدة لو أن عليها رحى لطحنت! ومن ذلك قول الآخر حين دخل على قوم وهم يشربون وعندهم قيلن فقالوا: اقترح أي صوت شئت قال: أقترح نشيش مقلي! ومن ذلك قول المديني: من تصبح بسبع موزات وبقدح من لبن الأوراك تجشأ بخور الكعبة.
ومن ذلك قولهم لبعض هؤلاء وقدامهم خبيص: أيما أطيب هذا أو الفالوذج أواللوزينج قال: لا أقضي على غائب.
ومن ذلك كلام الجارود بن أبي سبرة لبلال بن أبي بردة حين قال له: صف لي عبد الأعلى وطعامه.
قال: يأتيه الخباز فيمثل بين يديه فيقول: ما عندك فيقول: عندي جدي كذا وعناق كذا وبطة كذا - حتى يأتي على جميع ما عنده.
قال: وما يدعوه إلى هذا قال: ليقتصر كل امرئ في الأكل حتى إذا أتي بالذي يشتهي بلغ منه حاجته.
قال: ثم ماذا قال: ثم يؤتى بالمائدة فيتضايقون حتى يخوي تخوية الظليم.
فيجدون ويهزل حتى إذا فتروا أكل أكل الجائع المقرور.
وقال آخر: أشتهي ثريدة دكناء من الفلفل ورقطاء من الحمص ذات جفافين من اللحم لها جناحان من العراق أضرب فيها ضرب اليتيم عند وصي السوء! وسئل بعضهم عن حظوظ البلدان في الطعام وما قسم لكل قوم منه فقال: ذهبت الروم بالجشيم والحشو وذهبت فارس بالبارد والحلو.
وقال عمر: لفارس الشفارج والحموض.
فقال دوسر المديني: لنا الهرائس والقلايا ولأهل البدو اللبأ والسلاء والجراد والكمأة والخبزة في الرائب والتمر بالزبد.
وقد قال الشاعر: ألا ليت خبزاً قد تسربل رائباً وخيلاً من البرني فرسانها الزبد ولهم البرمة والخلاصة والحيس والوطيئة.
وقال أعرابي: أتينا ببر كأفواه البعران فخبزنا منه خبزة زيت في النار فجعل الجمر يتحدر عنها تحدر الحشو عن البطان.
ثم ثردناها فجعل الثريد يجول في الإهالة جولان الضبعان في ونعت السويق بأنه من عدد المسافر وطعام العجلان وغذاء المبكر وبلغة المريض.
يشد فؤاد الحزين ويرد من نفس المحدود.
وحيد في السمين ومنعوت في الطيب.
قفاره يجلو البلغم ومسمونه يصفي الدم إن شئت كان ثريداً وإن شئت كان خبيصاً وإن شئت كان طعاماً وإن شئت كان شراباً.
وقيل لبعض هؤلاء اللعامظة والمستأكلين والسفافين المقفعين ورئي سميناً: ما أسمنك قال: أكلي الحار وشربي القار والاتكاء على شمالي وأكلي من غير مالي.
وقد قال الشاعر: وإن امتلأ البطن في حسب الفتى قليل الغناء وهو في الجسم صالح وقيل لآخر: ما أسمنك قال: قلة الفكرة وطول الدعة والنوم على الكظة.
وقال الحجاج للغضبان بن القبعثري: ما أسمنك قال: القيد والرتعة.
ومن كان في ضيافة الأمير سمن.
وقيل لآخر: إنك لحسن السمنة.
قال: آكل لباب البر وصغار المعز وأدهن بخام البنفسج وألبس الكتان.
والله لو كان من يسأل يعطى لما قام كرم العطية بلؤم المسألة.
ومدار الصواب على طيب المكسبة والاقتصاد في النفقة.
وقد قال بعض العرب: اللهم إني أعوذ بك من بعض الرزق حين رأى نافجة من ماله من صداق أمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:04


وأي سائل كان ألحف مسألة من الخطيئة وألأم ومن ألأم من جرير بن الخطفي وأبخل ومن أمنع من كثير وأشح من ابن هرمة ومن كان يشق غبار ابن أبي حفصة ومن كان يصطلي بنار أبي العتاهية ومن كأبي نواس في بخله أو كان كأبي يعقوب الخريمي في دقة نظره وكثرة كسبه ومن كان أكثر نحراً لجزرة لم تخلق من ابن هرمة وأطعن برمح لم ينبت وأطعم لطعام لم يزرع من الخريمي فأين أنت عن ابن يسير وأين تذهب عن ابن أبي كريمة ولم تقصر في ذكر الرقاشي ولم تذكر سره إن الأعرابي شر من الحاضر سائل جبار وثابة ملاق إن مدح كذب وإن هجا كذب وإن سب كذب وإن طمع كذب.
لا يعرفه إلا نطف أو أحمق ولا يعطيه غلا من يحبه ولا يحبه غلا من هو في طباعه.
ما أبطأكم عن البذل في الحق! وأسرعكم إلى البذل في الباطل! فإن كنتم الشعراء تفضلون وإلى قولهم ترجعون فقد قال الشاعر: قليل المال تصلحه فيبقى ولا يبقى الكثير على الفساد وقد قال الشماخ بن ضرار: وقال أحيحة بن الجلاح: استغن أو مت ولا يغررك ذو نشب من ابن عم ولا عم ولا خال إني أكب على الزوراء أعمرها إن الكريم على الأقوام ذو مال وقال أيضاً: استغن عن كل ذي قربى وذي رحم إن الغني من استغنى عن الناس والبس عدوك في رفق وفي دعة لباس ذي إربة للدهر لباس ولا يغرنك أضغان مزملة قد يضرب الدبر الدامي بأحلاس وقال سهل بن هارون: إذا امرؤ ضاق عني لم يضق خلقي من أن يراني غنياً عنه بالياس فلا يراني إذا لم يرع آصرتي مستمر يا درراً منه بإبساس لا أطلب المال كي أغني بفضلته ما كان مطلبه فقراً إلى الناس وقال أبو العتاهية: أنت ما استغنيت عن صا - حبك الدهر أخوه فلو أني أشاء نعمت بالاً وباكرني صبوح أو نشيل
ولاعبني على الأنماط لعس على أنيابهن الزنجبيل ولكني خلقت إزاء مال فأبخل بعد ذلك أو أنيل وقال آخر: أبا مصلح أصلح ولا تك مفسداً فإن صلاح المال خير من الفقر ألم تر أن المرء يزداد عزة على قومه أن يعلموا أنه مثري وقال عروة بن الورد: ذريني للغنى أسعى فإني رأيت الناس شرهم الفقير وأبعدهم وأهونهم عليهم وإن أمسى له نسب وخير ويقصى في الندى وتزدريه حليلته وينهره الصغير وتلقى ذا الغنى وله جلال يكاد فؤاد صاحبه يطير قليل ذنبه والذنب جم ولكن الغني رب غفور وقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: فلعلي أن يكثر المال عندي ويعرى من المغارم ظهري ويرى أعبد لنا وأواق ومناصيف من خوادم عشر وتجر الأذيال في نعمة زو ل تقولان: ضع عصاك لدهر وى كأن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر ويجنب سر النجى ولكن أخا الفقر محضر كل شر وقال آخر: وللمال مني جانب لا أضيعه وللهو مني والبطالة جانب وقال الأخنس بن شهاب: وقد عشت دهراً والغواة صحابتي أولئك إخواني الذين أصاحب فأديت عني ما استعرت من الصبا وللمال مني اليوم راع وكاسب وقال ابن أذينة الثقفي: أطعت العرس في الشهوات حتى أعادتني عسيفاً عبد عبد إذا ما جئتها قد بعت عتقاً تعانق أو تقبل أو تفدى من يجمع المال ولا يثبه ويترك العام لعام جدبه يهن على الناس هوان كلبه وقد قيل في المثل: الكد قبل المد وقال لقيط: الغزو أدر للقاح وأحد للسلاح.
وقال أبو المعافى: وإن التواني أنكح العجز بنته وساق إليها حين زوجها مهراً فراشاً وطيئاً ثم قال لها: اتكي فقصركما - لابد - أن تلدا الفقرا وقال عثمان بن أبي العاص: ساعة لدنياك وساعة لآخرتك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
وقال: خير الصدقة ما أبقى غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الثلث. والثلث كثير إنك إن تدع ولدك أغنياء خير من أن يتكففوا الناس ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:48


وقال ابن عباس: وددت أن الناس غضوا من الثلث شيئاً لقول النبي عليه السلام: الثلث.
والثلث كثير.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.
وأنتم ترون أن المجد والكرم أن أفقر نفسي بإغناء غيري وأن أحوط عيال غيري بإضاعة عيالي! كتاركة بيضها بالعراء وملبسة بيض أخرى جناحا وقال آخر: كمفسد أدناه ومصلح غيره ولم يأتمر في ذاك أمر صلاح وقال آخر: كمرضعة أولاد أخرى وضيعت بنيها ولم ترقع بذلك مرقعا وقال الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}.
وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}.
فأذن في العفو ولم يأذن في الجهد وأذن في الفضول ولم يأذن في الأصول.
وأراد كعب بن مالك أن يتصدق بماله.فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك مالك.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يمنعه من إخراج ماله في الصدقة وأنتم تأمرونه بإخراجه في السرف والتبذير! وخرج غيلان بن سلمة من جميع ماله فأكرهه عمر على الرجوع فيه وقال: لو مت لرجمت قبرك كما يرجم قبر أبي رغال.
وقال الله جل وعز: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يكفيك ما بلغك المحل.
وقال: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.
وقال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
وقال الله جل ذكره: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.
ولذلك قالوا: خير مالك ما نفعك وخير الأمور أواسطها وشر السير الحقحقة والحسنة بين السيئتين.
وقالوا: دين الله بين المقصر والغالي.
وقالوا حنيفة المثل: بينهما يرمى الرامي.
وقالوا: عليك بالسداد والاقتصاد ولا وكس ولا شطط.
وقالوا: بين الممخة والعجفاء.
وقالوا: لا تكن حلواً فتبتلع ولا مراً فتلفظ.
وقالوا في المثل: ليس الري عن التشاف.
وقالوا: يا عاد اذكر حلاً.
وقالوا: الرشف أنقع للظمآن.
وقالوا: القليل الدائم أكثر من الكثير المنقطع.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي ببعض الباطل كراهة أن أحمل عليها من الحق ما ملها.
وقال الشاعر: وإني لحلو تعتريني مرارة وإني لصعب الرأس غير جموح وقالوا في عدل المصلح ولائمة المقتصد: الشحيح أعذر من الظالم.
وقالوا: ليس من العدل سرعة العذل.
وقالوا: لعل له عذراً وأنت تلوم.
وقالوا: رب لائم مليم.
وقال الأحنف: رب ملوم لا ذنب له.
وقال: إعطاء السائل تضرية وإعطاء الملحف مشاركة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصلح المسألة إلا في ثلاث: فقر مدقع وغرم مفظع ودم موجع.
وقال الشاعر: الحر يلحى والعصا للعبد وليس للملحف غير الرد وقالوا: إذا جد السؤال جد المنع.
وقالوا: احذر إعطاء المخدوعين وبذل المغبونين فإن المغبون لا محمود ولا مأجور.
ولذلك قالوا: لا تكن أدنى العيرين إلى السهم.
يقول: إذا أعطيت السائلين مالك صارت مقاتلك أظهر لأعدائك من مقاتلهم.
وقالوا: الفرار بقراب أكيس.
وقال أبو الأسود: ليس من العز أن تتعرض للذل ولا من الكرم أن تستدعي اللؤم.
ومن أخرج ماله من يده افتقر ومن افتقر فلا بد له من أن يضرع والضرع لؤم.
وإن كان الجود شقيق الكرم فالأنفة أولى بالكرم.
وقد قال الأول: اللهم لا تنزلي ماء سوء فأكون امرأ سوء.
وقد قال الشاعر: واخط مع الدهر إذا ما خطا واجر مع الدهر كما يجري وقد قال الآخر: يا ليت لي نعلين من جلد الضبع وشركاً من ثغرها لا تنقطع وقد صدق قول القائل: من احتاج اغتفر ومن اقتضى تجوز.
وقيل لريسيموس: تأكل في السوق قال: إن جاع ريسيموس في السوق أكل في السوق.
وقال: من أجدب انتجع ومن جاع جشع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:49


وقال: احذروا نفار النعمة فإنها نوار وليس كل شارد بمردود ولا كل ناد بمصروف وقال علي بن أبي طالب: قلما أدبر شيء فأقبل.
وقالوا: رب أكلة تمنع أكلات ورب عجلة تهب ريثاً.
وعابوا من قال: أكلة وموتة.
وقالوا: لا تطلب أثراً بعد عين.
وقالوا: لا تكن كمن تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن.
فانظر كيف تخرج الدرهم ولم تخرجه.
وقالوا: شر من المررئة سوء الخلف.
وقال الشاعر: إن يكن ما به أصبت جليلاً فذهاب العزاء فيه أجل ولأن تفتقر بجائحة نازلة خير لك من أن تفتقر بجناية مكتسبة.
ومن كان سبباً لذهاب وفره لم تعدمه الحسرة من نفسه واللائمة من غيره وقلة الرحمة وكثرة الشماتة مع الإثم الموبق والهوان على الصاحب.
وذكر عمر بن الخطاب فتيان قرش وسرفهم في الإنفاق ومسابقتهم في التبذير فقال: لخرقة أحدهم أشد علي من عيلته يقول: إن إغناء الفقير أهون علي من إصلاح الفاسد.
ولا تكن على نفسك أشأم من خوتعة وعلى أهلك أشأم من البسوس وعلى قومك أشأم من عطر مشم.
ومن سلط الشهوات على ماله وحكم الهوى في ذات يده فبقي حسيراً فلا يلومن إلا نفسه.
وطوبى لك يوم تقدر على قديم تنتفع به.
وقال بعض الشعراء: أرى كل قوم يمنعون حريمهم وليس لأصحاب النبيذ حريم أخوفهم إذا ما دارت الكأس بينهم وكلهم رث الوصال سئوم فهذا بياني لم أقل بجهالة ولكنني بالفاسقين عليم وقد كان هذا المعنى في أصحاب النبيذ أوجد.
فأما اليوم فقد استوى الناس.
قال الأضبط بن قريع لما انتقل في القبائل فأساءوا جواره بعد أن تأذى ببني سعد: بكل وا بنو سعد.
خذ بقولي ودع قول أبي العاص.
وخذ بقول من قال: عش ولا تغتر وبقول من قال: لا تطلب أثراً بعد عين وبقول من قال: املأ حبك من أول مطرة ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
أخوك من صدقك ومن أتاك من جهة عقلك ولم يأتك من جهة شهوتك.
وأخوك من احتمل ثقل نصيحتك في حظك ولم تأمن لائمته إياك في غدك.
إن أخاك الصدق من لن يخدعك ومن يضير نفسه لينفعك وقال عبيد بن الأبرص: واعلمن علماً يقيناً أنه ومن يرجى لك من ليس معك ولا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وعين من عقلك على طباعك أو ما كان لك أخ نصيح ووزير شفيق.
والزوجة الصالحة عون صدق.
والسعيد من وعظ بغيرة.
فإن أنت لم ترزق من هذا الخصال صل واحدة فلابد لك من نكبة موجعة يبقى أثرها ويلوح لك ذكرها.
ولذلك قالوا: خير مالك ما نفعك.
ولذلك قالوا: لم يذهب من مالك ما وعظك.
إن المال محروص عليه ومطلوب في قعر البحار وفي رءوس الجبال وفي دغل الغياض ومطلوب في الوعورة ا يطلب في السهولة.
وسواء فيها بطون الأودية وظهور الطرق ومشارق الأرض ومغاربها.
فطلبت بالعز وطلبت بالذل وطلبت بالوفاء وطلبت بالغدر وطلبت بالنسك كما طلبت بالفتك وطلبت بالصدق كما طلبت بالكذب وطلبت بالبذاء وطلبت بالملق - فلم تترك فيها حيلة ولا رقية حتى طلبت بالكفر بالله كما طلبت بالإيمان.
وطلبت بالسخف كما طلبت بالنبل.
فقد نصبوا الفخاخ بكل موضع ونصبوا الشرك بكل ربع.
وقد طلبك من لا يقصر دون الظفر.
وحسدك من لا ينام دون الشفاء.
وقد يهدأ الطالب الطوائل والمطلوب بذات نفسه ولا يهدأ الحريص.
يقال إنه ليس في الأرض بلدة واسطة ولا بادية شاسعة ولا طرف من الأطراف إلا وأنت واجد بها المديني والبصري والحيري.
وقد ترى شنف الفقراء للأغنياء وتسرع الرغبة إلى الملوك وبغض الماشي للراكب وعموم الحسد في المتفاوتين.
وإن لم تستعمل الحذر وتأخذ بنصيبك من المداراة وتتعلم الحزم وتجالس أصحاب الاقتصاد وتعرف الدهور - ودهرك خاصة - وتمثل لنفسك الغير حتى تتوهم نفسك فقيراً ضائعاً وحتى تتهم شمالك على يمينك وسمعك على بصرك ولا يكون أحد أتهم عند نفسك من ثقتك ولا أولى بأخذ الحذر منه من أمينك - اختطفت اختطافاً واستلبت استلاباً وذوبوا مالك وتحيفوه وألزموه السل ولم يداووه.
وقد قالوا: بلي المال ربه وإن كان أحمق.
فلا تكونن دون ذلك الأحمق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:50


وقالوا: لا تعدم صناع ثلة.
فلا تكونن دون تلك الصناع.
وقد قال الأول في المال المضيع المسلط عليه شهوات العيال: ليس لها راع ولكن حلبة.
وليس مالك المال المعفى من الأضراس فيقال فيه: مرعىً ولا أكولة وعشب ولا بعير.
فقصاراك مع الإصلاح أن يقوم ببطنك وبحوائجك وبما ينوبك.
ولا بقاء للمال على قلة الرعي وكثرة الحلب.
فكس في أمرك وتقدم في حفظ مالك فإن من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين.
والأكرمان: الدين والعرض.
وقد قيل: للرمي يراش السهم وعند النطاح تغلب القرناء.
وإذا رأت العرب مستأكلاً وافق غمراً قالت: ليس عليك نسجه فاسحب وخرق.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس كلهم سواء كأسنان المشط والمرء كثير بأخيه) ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك ما يرى لنفسه.
فتعرف شأن أصحابك ومعنى جلسائك.
فإن كانوا في هذه الصفة فاستعمل الحزم وإن كانوا في خلاف ذلك عملت على حسب ذلك.
إني لست أمرك إلا بما أمرك به القرآن.
ولست أوصيك إلا بما أوصاك به الرسول.
ولا أعظك إلا بما وعظ به الصالحون بعضهم بعضاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعقلها وتوكل).
وقال مطرف بن الشخير: من نام تحت صدف مائل وهو ينوي التوكل فليرم بنفسه من طمار وهو ينوي التوكل! فأين التوقي الذي أمر الله به وأين التغرير الذي نهى عنه ومن طمع في السلامة من غير تسلم فقد وضع الطمع في موضع الأماني.
وإنما ينجز الله الطمع إذا كان فيما أمر به وإنما يحقق من الأمل ما كان هو المسبب له.
وفر عمر من الطاعون فقال له أبو عبيدة: أتفر من قدر الله قال نعم إلى قدر الله وقيل له: هل ينفع الحذر من القدر فقال: لو كان الحذر لا ينفع لكان الأمر به لغواً.
فإبلاء العذر هو التوكل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل قال في خصومة: حسبي الله: أبل الله عذراً فإذا أعجزك أمر فقل: حسبي الله.
وقال الشاعر: ومن يك مثلي ذا عيال ومقتراً من المال يطرح نفسه كل مطرح ليبلي عذراً أو ليبلغ حاجة ومبلغ نفس عذرها مثل منجح وقال الآخر: فإن لم يكن القاضي قضى غير عادل فبعد أمور لا ألوم لها نفسي وقال زهير البابي: إن كان التوكل أن أكون متى أخرجت مالي أيقنت بالخلف وجعلت الخلف مالاً يرجع في كيسي ومتى ما لم أحفظه أيقنت بأنه محفوظ فإني أشهدكم أني لم أتوكل قط.
إنما التوكل أن تعلم أنك متى أخذت بأدب الله أنك تتقلب في الخير فتجزى بذلك إما عاجلاً وإما آجلاً - ثم قال: فلم تجر أبو بكر ولم تجر عمر ولم تجر عثمان ولم تجر الزبير ولم تجر عبد الرحمن ولم علم عمر الناس يتجرون وكيف يشترون ويبيعون ولم قال عمر: إذا اشتريت جملاً فاجعله ضخماً فإن لم يبعه الخبر باعه المنظر ولم قال عمر: فرقوا بين المنايا واجعلوا الرأس رأسين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:52


ولم قال عثمان حين سئل عن كثرة أرباحه قال: لم أرو من ربح قط.
ولم قيل: لا تشتر عيباً ولا شيباً وهل حجر علي بن أبي طالب على ابن أخيه عبد الله بن جعفر إلا في إخراج المال في غير حقه وإعطائه في هواه وهل كان ذلك إلا في طلب الذكر والتماس الشكر وهل قال أحد: إن إنفاقه كان في الخمور والقمار وفي الفسولة والفجور وهل كان إلا فيما تسمونه جوداً وتعدونه كرماً ومن رأى أن يحجر على الكرام لكرمهم رأى أن يحجر على الحلماء لحلمهم.
وأي إمام بعد أبي بكر تريدون وبأي سلف بعد علي تفتدون.
وكيف نرجو الوفاء والقيام بالحق والصبر على النائبة من عند لعموظ مستأكل وملاق مخادع ومنهوم بالطعام شره لا يبالي بأي شيء أخذ الدرهم ومن أي وجه أصاب الدينار ولا يكترث للمنة ولا يبالي أن يكون أبداً منهوماً منعوماً عليه وليس يبالي - إذا أكل - كيف كان ذلك الطعام وكيف كان سببه وما حكمه فإن كان مالك قليلاً فإنما هو قوام عيالك وإن كان كثيراً فاجعل الفاضل لعدة نوائبك.
ولا يأمن الأيام إلا المضلل ولا يغتر بالسلامة إلا المغفل.
فأحذر طوارق البلاء وخدع رجال الدهاء.
سمنك في أديمك وغثك خير من سمين غيرك لو وجدته فكيف ودونه أسل حداد وأبواب شداد قالت امرأة لبعض العرب: إن تزوجتني كفيتك فأنشأ يقول: وما خير مال ليس نافع أهله وليس لشيخ الحي في أمره أمر وقال المعلوط القريعي: أبا هانئ لا تسأل الناس والتمس بكفيك ستر الله فالله واسع فلو تسأل الناس التراب لأوشكوا إذا قلت: هاتوا أن يملوا فيمنعوا ثم رجع إلى أحاديث البخلاء وإلى طرف معانيهم وكلامهم.
قال ابن حسان: كان عندنا رجل مقل و كان له أخ مكثر وكان مفرط البخل شديد النفح فقال له يوماً أخوه: ويحك! أنا فقير معيل وأنت غني خفيف الظهر لا تعينني على الزمان و لا تواسيني ببعض مالك و لا تتفرج لي عن شيء! و الله ما رأيت قط ولا سمعت أنحل منك! قال: ويحك! ليس الأمر كما تظن ولا المال كما تحسب ولا أنا كما تقول في البخل ولا في اليسر والله لو ملكت ألف ألف درهم لوهبت لك خمسمائة ألف درهم.
يا هؤلاء فرجل يهب في ضربة واحدة خمسمائة الف درهم يقال له: بخيل! وأما صاحب الثريدة البلقاء فليس عجبي من بلقة ثريدته وسائر ما كان يظهر على خوانه كعجبي من شيء واحد وكيف ضبطه وحصره وقوي عليه مع كثرة أحاديثه وصنوف مذاهبه وذلك أني في كثرة ما جالسته وفي كثرة ما كان فيه يفنن من الأحاديث لم أره خبر أن رجلاً وهب لرجل درهماً واحداً! فقد كان يفنن في الحزم والعزم وفي الحلم والعلم وفي جميع المعاني إلا ذكر الجود فإني لم أسمع هذا الاسم منه قط: خرج هذا الباب من لسانه كما خرج من قلبه! ويؤكد ما قلت ما حدثني به طاهر الأسير فإنه قال: ومما يدل على أن الروم أبخل الأمم أنك لا تجد للجود في لغتهم اسماً.
يقول: إنما يسمى الناس ما يحتاجون إلى استعماله.
ومع الاستغناء يسقط التكلف.
وقد زعم ناس أن مما يدل على غش الفرس أنه ليس للنصيحة في لغتهم اسم واحد يجمع المعاني التي يقع عليها هذا الاسم.
وقول القائل: نصيحة ليس يراد به سلامة القلب فقد يكون أن يكون الرجل سليم الصدر ولم يحدث سبب من أجله يقصد إلى المشورة عليك بالذي هو أرد عليك - على حسب رأيه فيك - وجهاً لنفعك.
ففي لغتهم اسم للسلامة واسم لإرادة الخير وحسن المشورة وحملك بالرأي على الصواب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:53


.
فللنصيحة عندهم أسماء مختلفة إذا اجتمعت دلت على ما يدل عليه الاسم الواحد في لغة العرب.
فمن قضى عليهم بالغش من هذا الوجه فقد ظلم.
وحدثني إبراهيم بن عبد العزيز قال: تغديت مع راشد الأعور فأتونا بجام فيه بيان سبخي الذي يقال له الدراج فجعلت آخذ الواحدة فأقطع رأسها ثم أعزله ثم أشقها باثنين من قبل بطنها فآخذ شوكة الصلب والأضلاع فأعزلها وأرمي بما في بطنها وبطرف الذنب والجناح.
ثم أجمعها في لقمة واحدة وآكلها.
وكان راشد يأخذ البياحة فيقطعها قطعتين فيجعل قطعة في لقمة لا يلقي رأساً ولا ذنباً - فصبر لي على لقم عدة.
فلما بلغت المجهود منه قال: أي بني إذا أكلت الطعام فكل خيره بشره! قال: وكان يقول: لم أنتفع بأكل التمر إلا مع الزنج وأهل أصبهان.
فأما الزنجي فإنه لا يتخير وأنا أتخير.
وأما الأصبهاني فإنه يقبض القبضة ولا يأكل من غيرها ولا ينظر إلى ما بين يديه حتى يفرغ من القبضة. وهذا عدل. والتخير قرفة وجور. لا جرم أن الذي يبقى من التمر لا ينتفع به العيال إذا كان قدام من يتخير.
وكان يقول: ليس من الأدب أن تجول يدك في الطبق وإنما هو تمر وما أصاب.
وزعم سري بن مكرم وهو ابن أخي موسى بن جناح قال: كان موسى يأمرنا ألا نأكل ما دام أحد منا مشغولاً بشرب الماء وطلبه.
فلما رآنا لا نطاوعه دعا ليلة بالماء ثم خط بإصبعه خطاً وأحاديثه في صدر هذا الكتاب.
وهذا منها.
وقال المكي لبعض من كان يتعشى ويفطر عند الباسياني: ويحكم! كيف تسيغون طعامه وأنتم تسمعونه يقول: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}.
ثم ترونه لا يقرؤها إلا وأنتم على العشاء ولا يقرأ غير هذه الآية.
أنتم والله ضد الذي قال: ألبان إبل تعلة بن مسافر ما دام يملكها على حرام وطعام عمران بن أوفى مثله ما دام يسلك في البطون طعام إن الذين يسوغ في أعناقهم زاد يمن عليهم للئام قال: فمتى تعجب أعجب من خمسين رجلاً من العرب فيهم أبو رافع الكلابي وهو شاعر ندى يفطرون عند أبي عثمان الأعور.
فإفطاري من طعام نصراني أشد من إفطاري من طعام مسلم يقرأ القرآن ويقول الحق.
وحدثني أبو المنجوف السدوسي قال: كنت مع أبي ومعنا شيخ من موالي الحي.
فمررنا بناطور على نهر الأبلة ونحن تعبون.
فجلسنا إليه.
فلم يلبث أن جاءنا بطبق عليه رطب سكر وجيسوان أسود فوضعه بين أيدينا.
فأكل الشيخ الذي كان معنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:54


فلما رأيت أبي لا يأكل لم آكل وبي إلى ذلك حاجة.
فأقبل الناطور على أبي فقال: لم لا تأكل قال: والله إني لأشتهيه.
ولكن لا أظن صاحب الأرض أباح لك طعام الناس من الغريب.
فلو جئتنا بشيء من السهريز والبرني لأكلنا.
فقال مولانا وهو شيخ كبير السن: ولكني أنا لم أنظر في شيء من هذا قط.
قال المكي: دخل إسماعيل بن غزوان إلى بعض المساجد يصلي.
فوجد الصف تاماً فلم يستطع أن يقوم وحده.
فجذب ثوب شيخ في الصف ليتأخر فيقوم معه.
فلما تأخر الشيخ ورأى الفرج تقدم فقام في موضع الشيخ وترك الشيخ قائماً خلفه ينظر في قفاه ويدعو الله عليه.
وكان ثمامة يحتشم أن يقعد على خوانه من لا يأنس به.
ومن رأيه أن يأكل بعض غلمانه معه.
فحبس قاسم التمار يوماً على غدائه بعض من يحتشمه.
فاحتمل ذلك ثمامة في نفسه.
ثم عاد بعد ذلك إلى مثلها ففعل ذلك مراراً حتى ضج ثمامة واستفرغ صبره.
فأقبل عليه فقال: ما يدعوك إلى هذا لو أردتم لكان لساني مطلقاً وكان رسولي يؤدي عني.
فلم تحبس على طعامي من لا آنس به قال: إنما أريد أن اسخيك فأنفي عنك التبخيل وسوء الظن.
فلما أن كان بعد ذلك أراد بعضهم الانصراف قال له قاسم: أين تريد قال: قد تحرك بطني فأريد المنزل.
قال: فلم لا تتوضأ هاهنا فإن الكنيف خال نظيف والغلام فارغ نشيط وليس من أبي معن حشمة ومنزله منزل إخوانه! فدخل الرجل فتوضأ.
فلما كان بعد أيام حبس آخر.
فلما كان بعد ذلك حبس آخر! فاغتاظ ثمامة وبلغ في الغيظ مبلغاً لم يكن على مثله قط.
ثم قال: هذا يحبسهم على غدائي لأن يسخيني بحبسهم على أن يخرءوا عندي! لمه لأن من لم يخرأ الناس عنده فهو بخيل على الطعام! وقد سمعتهم يقولون: فلان يكره أن يؤكل عنده.
ولم أسمع أحداً قط قال: فلان يكره أن يخرأ عنده! وكان قاسم شديد الأكل شديد الخبط قذر المؤاكلة.
وكان أسخى الناس على طعام غيره وأبخل الناس على طعام نفسه.
وكان يعمل عمل رجل لم يسمع بالحشمة ولا بالتجمل قط.
فكان لا يرضى بسوء أدبه على طعام ثمامة حتى يجر معه ابنه إبراهيم.
وكان بينه وبين إبراهيم ابنه في القذر ما بينه وبين جميع العالمين! فكانا إذا تقابلا على خوان ثمامة لم يكن لأحد على أيمانهما وشمائلهما حظ في الطيبات! فأتوه يوماً بقصعة ضخمة فيها ثريدة كهيئة الصومعة مكللة بإكليل من عراق بأكثر ما يكون من العراق.
فأخذ قاسم الذي يستقبله ثم أخذ يمنة وأخذ ما بين يدي من كان بينه وبين ثمامة حتى لم يدع إلا عرقاً قدام ثمامة.
ثم مال على جانبه الأيسر فصنع مثل ذلك الصنيع.
وعارضه ابنه وحاكاه! فلما أن نظر ثمامة إلى الثريدة مكشوفة القناع مسلوبة عارية واللحم كله بين يديه وبين يدي ابنه إلا قطعة واحدة بين يديه تناولها فوضعها قدام إبراهيم ابنه ولم يدفعها.
واحتسب بها في الكرامة والبر.
فقال قاسم لما فرغ من غدائه: أما رأيتم إكرام ثمامة لابني وكيف خصه فلما حكى هذا لي قلت: ويلك! ما أظن أن في الأرض عرقاً أشام على عيالك منه! فلما حكى هذا لي قلت: ويلك! ما أظن أن في الأرض عرقاً أشأم على عيالك منه! هذا أحرجه الغيظ وهذا الغيظ لا يتركه حتى يتشفى منك.
فإن قدر لك على ذنب فقد والله هلكت.
وإن لم يقدر أقدره لك الغيظ.
وأبواب التجني كثيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:55


.
وليس أحد إلا وفيه ما إن شئت جعلته ذنباً.
فكيف وأنت ذنوب من قرنك إلى قدمك! وكان ثمامة يفطر أيام كان في أصحاب الفساطيط ناساً.
فكثروا عليه وأتوه بالرقاع والشفاعات.
وفي حشوة المتكلمين أخلاق قبيحة وفيهم على أهل الكلام وعلى أرباب الصناعات محنة عظيمة.
فلما رأى ثمامة ما قد دهمه أقبل عليهم وهم يتعشون فقال: إن الله عز وجل لا يستحيي من الحق.
كلكم واجب الحق.
ومن لم تجئنا شفاعته فأكرمه كمن تقدمت شفاعته.
كما أنا لو فكذلك أنتم إذا أعجزنا أو بدا لنا فليس بعضكم أحق بالحرمان من بعض أو بالحمل عليه أو بالاعتذار إليه من بعض.
ومتى قربتكم وفتحت بابي لكم وباعدت من هو أكثر منكم عدداً وأغلقت بابي دونهم لم يكن في إدخالي إياكم عذر لي ولا في منع الآخرين حجة.
فانصرفوا ولا تعودوا! قال أبو محمد العروضي: وقعت بين قوم عربدة فقام المغني يحجز بينهم وكان شيخاً معيلاً بخيلاً.
فمسك رجل بحلقه فعصره فصاح: معيشتي! معيشتي! فتبسم وتركه.
وحثني ابن كريمة قال: وهبوا للكناني المغني خابية فارغة.
فلما كان عند انصرافه وضعوها له على الباب.
ولم يكن عنده كراء حمالها.
وأدركه ما يدرك المغنين من التيه فلم يحملها.
فكان يركلها ركلة فتدحرج وتدور بمبلغ حمية الركلة.
ويقوم من ناحية كي لا يراه إنسان ويرى ما يصنع.
ثم يدنو منها ثم يركلها أخرى فتدحرج وتدور ويقف من ناحية.
فلم يزل يفعل ذلك إلى أن بلغ بها المنزل! قالوا: كان عبد النور كاتب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن قد استخفى بالبصرة في عبد القيس من أمير المؤمنين أبي جعفر وعماله.
وكان في غرفة قدامها جناح.
وكان لا يطلع رأسه منها.
فلما سكن الطلب شيئاً وثبت عنده حسن جوار القوم صار يجلس في الجناح يرضى بأن يسمع الصوت ولا يرى الشخص لما في ذلك من الأنس عند طول الوحشة.
فلما طالت به الأيام ومرت أيام السلامة جعل في الجناح خرقاً بقدر عينه.
فلما طالت الأيام صار ينظر من شق باب كان مسموراً.
ثم ما زال يفتحه الأول فالأول إلى أن صار يخرج رأسه ويبدي وجهه.
فلما لم ير شيئاً يريبه قعد في الدهليز.
فلما زاد في الأنس جلس على باب الدار! ثم صلى معهم في مصلاهم ودخل.
ثم صلى بعد ذلك وجلس.
والقوم عرب.
وكانوا يفيضون في الحديث ويذكرون من الشعر الشاهد والمثل ومن الخبر الأيام والمقامات.
وهو في ذلك ساكت إذا أقبل عليه ذات يوم فتى منهم خرج عن أدبهم وأغفل بعض ما راضوه به من سيرتهم فقال له: يا شيخ إنا قوم نخوض في بعض ضروب فربما تكلمنا بالمثلبة وأنشدنا الهجاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:56


فلوا أعلمتنا ممن أنت تجنبنا كل ما يسوءك.
ولو اجتنبنا أشعار الهجاء كلها وأخبار المثلب بأسرها لم نأمن أن يكون ثناؤنا ومديحنا لبعض العرب مما يسوءك.
فلو عرفتنا نسبك كفيناك سماع ما يسوءك من هجاء قومك ومن مديح عدوك.
فلطمه شيخ منهم وقال: لا أم لك! محنة كمحنة الخوارج وتنقير كتنقير العيابين ولم لا تدع ما يريبك إلى مالا يريبك فتسكت إلا عما توقن بأنه يسره.
قال: وقال عبد النور: ثم إن موضعي نبا بي لبعض الأمر.
فتحولت إلى شق بني تميم فنزلت برجل فأخذته بالثقة وأكمنت نفسي إلى أن أعرف سبيل القوم.
وكان للرجل كنيف إلى جانب داره يشرع في طريق لا ينفذ.
إلا أن من مر في ذلك الشارع رأى مسقط الغائط من خلاء ذلك الجناح.
وكان صاحب الدار ضيق العيش فاتسع بنزولي عليه.
فكان القوم إذا مروا به ينظرون إلى موضع الزبل والغائط فلا يذهب قلبي إلى شيء مما كانوا يذهبون إليه.
فبينا أنا جالس ذات يوم إذا أنا بأصوات ملتفة على الباب وإذا صاحبي ينتفي ويعتذر وإذا الجيران قد اجتمعوا إليه وقالوا: ما هذا الثلط الذي يسقط من جناحك بعد أن كنا لا نرى إلا شيئاً كالبعر من يبس الكعك وهذا ثلط يعبر عن أكل غض! ولولا أنك انتجعت على بعض من تستر وتواري لأظهرته.
وقد قال الأول: الستر دون الفاحشات ولا يلقاك دون الخير من ستر ولولا أن هذا طلبة السلطان لما توارى.
فلسنا نأمن من أن يجر على الحي بلية.
ولست تبالي - إذا حسنت حالك في عاجل أيامك - إلام يفضي بك الحال وما تلقى عشيرتك.
فإما أن تخرجه إلينا وإما أن تخرجه عنا.
قال عبد النور: فقلت: هذه والله القيافة ولا قيافة بني مدلج! إنا لله! خرجت من الجنة إلى النار! وقلت: هذا وعيد. وقد اعذر من انذر.
فلم أظن أن اللؤم يبلغ ما رأيت من هؤلاء ولا ظننت أن الكرم يبلغ ما رأيت من أولئك! شهدت الأصمعي يوماً وأقبل على جلسائه يسألهم عن عيشهم وعما يأكلون ويشربون.
فأقبل على الذي عن يمينه فقال: أبا فلان ما أدمك قال: اللحم.
قال: أكل يوم لحم قال: نعم.
قال: وفيه الصفراء والبيضاء والحمراء والكدراء والحامضة والحلوة والمرة قال: نعم.
قال: بئس العيش هذا! ليس هذا عيش آل الخطاب.
كان عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه يضرب على هذا.
وكان يقول: مد من اللحم كمد من الخمر.
ثم سأل الذي يليه قال: أبا فلان ما أدمك قال: الآدام الكثير والألوان الطيبة.
قال: أفي آدامك سمن قال: نعم.
قال فتجمع السمن والسمين على مائدة قال: نعم.
قال: ليس هذا عيش آل الخطاب.
كان ابن الخطاب رحمة الله عله ورضوانه يضرب على هذا.
وكان إذا وجد القدور المختلفة الطعوم كدرها في قدر واحدة وقال: إن العرب لو أكلت هذا لقتل بعضها بعضاً.
ثم يقبل على الآخر فيقول: أبا فلان ما أدمك قال: اللحم السمين والجداء الرضع.
قال: فتأكله بالحوارى قال: نعم.
قال: ليس هذا عيش آل الخطاب.
كان ابن الخطاب يضرب على هذا.
أو ما سمعته يقول: أتروني لا أعرف الطعام الطيب لباب البر بصغار المعزى.
ألا تراه كيف ينتفي من أكله وينتحل معرفته ثم يقبل على الذي يليه فيقول: أبا فلان ما أدمك فيقول: أكثر ما نأكل لحوم الجزور ونتخذ منها هذه القلايا ونجعل بعضها شواء.
قال: أفتأكل من أكبادها وأسمنتها وتتخذ لك الصباغ قال: نعم.
قال: ليس هذا عيش آل الخطاب.
كان ابن الخطاب يضرب على هذا.
أو ما سمعته يقول: أتروني لا أقدر أتخذ أكباداً وأفلاذاً وصلائق وصناباً ألا تراه كيف ينكر أكله ويستحسن معرفته ثم يقول للذي يليه: أبا فلان ما أدمك فيقول: الشبارقات والأخبصة والفالوذجات.
قال: طعام العجم وعيش كسرى ولباب البر بلعاب النحل بخالص السمن - حتى أتى على آخرهم.
كل ذلك يقول: بئس العيش هذا! ليس هذا عيش آل الخطاب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:57


كان ابن الخطاب يضرب على هذا.
فلما انقضى كلامه أقبل عليه بعضهم فقال: يا أبا سعيد ما أدمك قال: يوماً لبن ويوماً زيت ويوماً سمن ويوماً تمر ويوماً جبن ويوماً قفار ويوماً لحم.
عيش آل الخطاب.
ثم قال: قال أبو الأشهب: كان الحسن يشتري لأهله كل يوم بنصف درهم لحماً.
فإن غلا فبدرهم.
فلما حبس عطاؤه كانت مرقته بشحم.
ونبئت عن رجل من قريش أنه كان يقول: من لم يحسن يمنع لم يحسن يعطى وأنه قال لابنه: أي بني إنك إن أعطيت في غير موضع الإعطاء أوشك أن تستعطي الناس فلا تعطي.
ثم أقبل علينا فقال: هل علمتم أن اليأس أقل من القناعة وأعز.
إن الطمع لا يزال طمعاً وصاحب الطمع لا ينتظر الأسباب ولا يعرف الطمع الكاذب من الصادق.
والعيال عيالان: شهوة مفسدة وضرس طحون.
وأكل الشهوة أثقل من أكل الضرس.
وقد زعموا أن العيال سوس المال وأنه لا مال لذي عيال.
وأنا أقول: إن الشهوة تبلغ ما لا يبلغ السوس وتأتي على ما يقصر دونه العيال.
وقد قال الحسن: ما عال أحد قط عن قصد.
وقيل ليشخ من أهل البصرة: مالك لا ينمي لك مال قال: " لأني اتخذت العيال قبل المال واتخذ الناس المال قبل العيال ".
وقد رأيت من تقدم عياله ماله فجبره الإصلاح ورفده الاقتصاد وأعانه حسن التدبير.
وقال: أر لشهواني تدبيراً ولا لشره صبراً.
وقال إياس بن معاوية: إن الرجل يكون عليه ألف فينفق ألفاً فيصلح فتصلح له الغلة.
ويكون عليه ألفان فينفق ألفين فيصلح فتصلح له الغلة.
ويكون عليه ألفان فينفق ثلاثة آلاف فيتبع العقار في فضل النفقة.
وذكر الحديث عن أبي لينة قال: كنت أرى زياداً وهو أمير يمر بنا على بغلة في عنقها حبل من ليف مدرج على عنقها.
وكان سلم بن قتيبة يركب بغلة وحده ومعه أربعة آلاف رابطة.
ورآه الفضل بن عيسى على حمار وهو أمير فقال: بذلة نبي وقعود جبار! ولو شاء أبو سيارة أن يدفع بالعرب على جمل مهري أو فرس عتيق لفعل.
ولكنه أراد هدى الصالحين.
وحمل عمر على برذون فهملج تحته.
فنزل عنه.
فقال لأصحابه: جنبوني هذا الشيطان.
ثم قال لأصحابه: لا تطلبوا العز بغير ما أعزكم الله به.
قد كنت أعجب من بعض السلف حيث قال: ما أعرف شيئاً مما كان الناس عليه إلا الأذان.
وأنا أقول ذلك.
ولم يزل الناس في هبوط ما ترفعوا بالإسراف وما رفعوا البنيان للمطاولة.
وإن من أعجب ما رأيت في هذا الزمان أو سمعت مفاخرة مويس بن عمران لأبي عبيد الله بن سليمان في أيهما كان أسبق إلى ركوب البراذين! وما للتاجر وللبرذون وما ركوب التاجر للبراذين إلا كركوب العرب للبقر! ولو كانوا إذا جلسوا في الخيوش واتخذوا الحمامات في الدور وأقاموا وظائف الثلج والريحان واتخذوا القيان والخصيان استرد الناس ودائعهم واسترجعت القضاة أموال الأيتام والحشرية منهم لعادوا إلى دينهم وعيشهم واقتصادهم.
وإذا رآهم أصحاب الغلات وأهل الشرف والبيوتات أنفوا أن يكونوا دونهم في البزة والهيئة.
فهلكوا وأهلكوا.
زعم أبو يعقوب الخريمي أن جعفر بن يحيى أراد يوماً حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعي وأنه دفع إلى خادم له كيساً فيه ألف دينار وقال له: سأنزل في رجعتي إلى الأصمعي.
وسيحدثني ويضحكني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 11:59


.
فإذا رأيتني قد ضحكت فضع الكيس بين يديه.
فلما دخل فرأى حباً مقطوع الرأس وجرة مكسورة العروة وقصعة مشعبة وجفنة أعشاراً ورآه على مصلى بال وعليه بركان أجرد - غمز غلامه بعينه ألا يضع الكيس بين يديه ولا يدفع إليه شيئاً.
فلم يدع الأصمعي شيئاً مما يضحك الثكلان والغضبان إلا أورده عليه فما تبسم فقال له إنسان: ما أدري من أي أمر يك أعجب أمن صبرك على الضحك وقد أورد عليك ما لا يصبر على مثله أم من تركك إعطاءه وقد كنت عزمت على إعطائه وهذا خلاف ما أعرفك به! قال: ويلك! من استرعى الذئب فقد ظلم. ومن زرع سبخة حصد الفقر.
إني والله لو علمت أنه يكتم المعروف بالفعل لما ارتفقت بنشره له باللسان.
وأين يقع مديح اللسان من مديح آثار الغنى على الإنسان فاللسان قد يكذب والحال لا تكذب.
لله در نصيب حيث يقول: فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب أعلمت أن ناووس أبرويز أمدح له من شعر زهير لآل سنان بن أبي حارثة لأن الشاعر يكذب ويصدق وبنيان لا يكذب مرة ويصدق مرة.
فلست بعائد إلى هذا بمعروف أبداً.
كان الأصمعي يتعوذ بالله من الاستقراض والاستقراض.
فأنعم الله عليه حتى صار هو المستقرض منه والمستفرض ما عنده.
فاتفق أن أتاه في يوم واحد رجلان.
وكان أحدهما يطلب الفرض والآخر يطلب القرض.
هجما عليه معاً فأثقله ذلك وملأ صدره! ثم أقبل على صاحب السلف فقال: " تتبدل الأفعال بتبدل الحال.
ولكل زمان تدبير ولكل شيء مقدار والله في كل يوم في شأن.
كان الفقيه يمر باللقطة فيتجاوزها ولا يتناولها كي يمتحن بحفظها سواه إذ كان جل الناس في ذلك الدهر يريدون الأمانة ويحوطون اللقطة.
فلما تبدلوا وفسدوا وجب على الفقيه إحرازها والحفظ لها وأن يصبر على ما نابه من المحنة واختبر به من الكلفة ".
" وقد بلغني أن رجلاً أتي صديقاً له يستقرض منه مالاً فتركه بالباب ثم خرج إليه مؤتزراً.
فقال له: مالك قال: جئت للقتال والطام والخصومة والصخب.
قال: ولم قال: لأنك في أخذ مالي بين حالين: إما أن تذهب به.
وإما أن تمطلني به.
فلو أخذته على طريق البر والصلة لاعتددت عليك بحق ولوجب عليك به شكر.
وإذا أخذته من طريق السلف كانت العادة في الديون والسيرة في الأسلاف الرد أو التقاضي.
وإذا تقاضيتك أغضبتك وإذا أغضبتك أسمعتني ما أكره فتجمع على المطل وسوء اللفظ والوحشة وإفساد اليد في الأسلاف وأنت أظلم فأغضب كما غضبت.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:00


فإذا نقلتني إلى حالك فعلت فعلك وصرت أنا وأنت كما قال العربي: أنا تئق وصاحبي مئق - فما ظنك بمئق من الغيظ مملوء من الغضب لاقى متأقاً من الموق مملوءاً من الكفران - ولكني أدخل إلى المنزل فأخرج إليك مؤتزراً فأعجل لك اليوم ما أخرته إلى غد.
وقد علمت أن ضرب الموعظة دون ضرب الحقد والسخيمة فتربح صرف ما بين الألمين وفضل ما بين الشتمين ".
" وبعد فأنا أضن بصداقتي لك وأشح على نصيبي منك من أن أعرضه للفساد وأن أعينك على القطيعة.
فلا تلمني على أن كنت عندي واحداً من أهل عصرك.
فإن كنت عند نفسك فوقهم وبعيداً من مذهبهم فلا تكلف الناس علم الغيب فتظلمهم ".
ثم قال: " وما زالت العارية مؤداة والوديعة محفوظة.
فلما قالوا: أحق الخيل بالركض المعار بعد أم كان يقال: أحق الخيل بالصون المعار وبعد المؤمنين قيل لبعضهم: ارفق به قال: إنه عارية وقال الآخر: فاقتل! - فسدت العارية واستد هذا الباب.
ولما قالوا: واخفض جناحك إن مشيت تخشعاً حتى تصيب وديعة ليتيم " " وحين أكلت الأمانات الأمناء والأوصياء ورتع فيها المعدلون والصارفون وجب حفظها ودفنها وكان أكل الأرض لها خيراً من أكل الخئون الفاجر واللئيم الغادر.
وهذا مع قول أكثم بن صيفي في ذلك الدهر: لو سئلت العارية: أين تذهبين قالت: أكسب أهلي ذماً ".
" وأنا اليوم أنهي عن العارية والوديعة وعن القرض والفرض وأكره أن يخالف قولي فعلي.
أما القرض فما أنبأتك وأما الفرض فليس يسعه إلا بيت المال.
ولو وهبت لك درهماً واحداً لفتحت على مالي باباً لا تسده الجبال والرمال ولو استطعت أن أجعل دونه ردماً كردم ياجوج ومأجوج ".
" إن الناس فاغرة أفواههم نحوه من عنده دراهم فليس يمنعهم من النهس إلا اليأس.
وإن طعموا لم تبق راغية ولا ثاغية ولا سبد ولا لبد ولا صامت ولا ناطق إلا ابتلعوه والتهموه! أتدري ما تريد بشيخك إنما تريد أن تفقره.
فإذا أفقرته فقد قتلته.
وقد تعلم ما جاء في قتل النفس المؤمنة "! فلم أشبه قول الأصمعي لهذا الرجل حين قال: " أنا أضن بك وأشح على نصيبي منك من أن أعرضه للفساد " إلا بقول ثمامة حين قال لابن سافري: " بالنظر مني أقول لك والشفقة مني أسبك ".
وذلك أنه ندم فرأى أن هذا القول يجعل ذلك منه يداً ونعمة.
وشهدت ثمامة وقد أتاه رجل قال: لي إليك حاجة فقال ثمامة: ولي إليك أيضاً حاجة.
قال: وما حاجتك قال: لست أذكرها لك حتى تضمن لي قضاءها.
قال: نعم.
قال: فحاجتي ألا تسألني هذه الحاجة.
قال: إنك لا تدري ما هي قال: بلى قد دريت.
قال: فما هي قال: هي حاجة.
وليس يكون الشيء حاجة إلا وهي تخرج إلى شيء من الكلفة.
قال: فقد رجعت عما أعطيتك.
قال: لكني لا أرد ما أخذت.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:14


وقال ابن عباس: وددت أن الناس غضوا من الثلث شيئاً لقول النبي عليه السلام: الثلث.
والثلث كثير.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.
وأنتم ترون أن المجد والكرم أن أفقر نفسي بإغناء غيري وأن أحوط عيال غيري بإضاعة عيالي! كتاركة بيضها بالعراء وملبسة بيض أخرى جناحا وقال آخر: كمفسد أدناه ومصلح غيره ولم يأتمر في ذاك أمر صلاح وقال آخر: كمرضعة أولاد أخرى وضيعت بنيها ولم ترقع بذلك مرقعا وقال الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}.
وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}.
فأذن في العفو ولم يأذن في الجهد وأذن في الفضول ولم يأذن في الأصول.
وأراد كعب بن مالك أن يتصدق بماله.فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك مالك.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يمنعه من إخراج ماله في الصدقة وأنتم تأمرونه بإخراجه في السرف والتبذير! وخرج غيلان بن سلمة من جميع ماله فأكرهه عمر على الرجوع فيه وقال: لو مت لرجمت قبرك كما يرجم قبر أبي رغال.
وقال الله جل وعز: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يكفيك ما بلغك المحل.
وقال: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.
وقال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
وقال الله جل ذكره: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}.
ولذلك قالوا: خير مالك ما نفعك وخير الأمور أواسطها وشر السير الحقحقة والحسنة بين السيئتين.
وقالوا: دين الله بين المقصر والغالي.
وقالوا حنيفة المثل: بينهما يرمى الرامي.
وقالوا: عليك بالسداد والاقتصاد ولا وكس ولا شطط.
وقالوا: بين الممخة والعجفاء.
وقالوا: لا تكن حلواً فتبتلع ولا مراً فتلفظ.
وقالوا في المثل: ليس الري عن التشاف.
وقالوا: يا عاد اذكر حلاً.
وقالوا: الرشف أنقع للظمآن.
وقالوا: القليل الدائم أكثر من الكثير المنقطع.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي ببعض الباطل كراهة أن أحمل عليها من الحق ما ملها.
وقال الشاعر: وإني لحلو تعتريني مرارة وإني لصعب الرأس غير جموح وقالوا في عدل المصلح ولائمة المقتصد: الشحيح أعذر من الظالم.
وقالوا: ليس من العدل سرعة العذل.
وقالوا: لعل له عذراً وأنت تلوم.
وقالوا: رب لائم مليم.
وقال الأحنف: رب ملوم لا ذنب له.
وقال: إعطاء السائل تضرية وإعطاء الملحف مشاركة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصلح المسألة إلا في ثلاث: فقر مدقع وغرم مفظع ودم موجع.
وقال الشاعر: الحر يلحى والعصا للعبد وليس للملحف غير الرد وقالوا: إذا جد السؤال جد المنع.
وقالوا: احذر إعطاء المخدوعين وبذل المغبونين فإن المغبون لا محمود ولا مأجور.
ولذلك قالوا: لا تكن أدنى العيرين إلى السهم.
يقول: إذا أعطيت السائلين مالك صارت مقاتلك أظهر لأعدائك من مقاتلهم.
وقالوا: الفرار بقراب أكيس.
وقال أبو الأسود: ليس من العز أن تتعرض للذل ولا من الكرم أن تستدعي اللؤم.
ومن أخرج ماله من يده افتقر ومن افتقر فلا بد له من أن يضرع والضرع لؤم.
وإن كان الجود شقيق الكرم فالأنفة أولى بالكرم.
وقد قال الأول: اللهم لا تنزلي ماء سوء فأكون امرأ سوء.
وقد قال الشاعر: واخط مع الدهر إذا ما خطا واجر مع الدهر كما يجري وقد قال الآخر: يا ليت لي نعلين من جلد الضبع وشركاً من ثغرها لا تنقطع وقد صدق قول القائل: من احتاج اغتفر ومن اقتضى تجوز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:16


وقيل لريسيموس: تأكل في السوق قال: إن جاع ريسيموس في السوق أكل في السوق.
وقال: من أجدب انتجع ومن جاع جشع.
وقال: احذروا نفار النعمة فإنها نوار وليس كل شارد بمردود ولا كل ناد بمصروف وقال علي بن أبي طالب: قلما أدبر شيء فأقبل.
وقالوا: رب أكلة تمنع أكلات ورب عجلة تهب ريثاً.
وعابوا من قال: أكلة وموتة.
وقالوا: لا تطلب أثراً بعد عين.
وقالوا: لا تكن كمن تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن.
فانظر كيف تخرج الدرهم ولم تخرجه.
وقالوا: شر من المررئة سوء الخلف.
وقال الشاعر: إن يكن ما به أصبت جليلاً فذهاب العزاء فيه أجل ولأن تفتقر بجائحة نازلة خير لك من أن تفتقر بجناية مكتسبة.
ومن كان سبباً لذهاب وفره لم تعدمه الحسرة من نفسه واللائمة من غيره وقلة الرحمة وكثرة الشماتة مع الإثم الموبق والهوان على الصاحب.
وذكر عمر بن الخطاب فتيان قرش وسرفهم في الإنفاق ومسابقتهم في التبذير فقال: لخرقة أحدهم أشد علي من عيلته يقول: إن إغناء الفقير أهون علي من إصلاح الفاسد.
ولا تكن على نفسك أشأم من خوتعة وعلى أهلك أشأم من البسوس وعلى قومك أشأم من عطر مشم.
ومن سلط الشهوات على ماله وحكم الهوى في ذات يده فبقي حسيراً فلا يلومن إلا نفسه.
وطوبى لك يوم تقدر على قديم تنتفع به.
وقال بعض الشعراء: أرى كل قوم يمنعون حريمهم وليس لأصحاب النبيذ حريم أخوفهم إذا ما دارت الكأس بينهم وكلهم رث الوصال سئوم فهذا بياني لم أقل بجهالة ولكنني بالفاسقين عليم وقد كان هذا المعنى في أصحاب النبيذ أوجد.
فأما اليوم فقد استوى الناس.
قال الأضبط بن قريع لما انتقل في القبائل فأساءوا جواره بعد أن تأذى ببني سعد: بكل وا بنو سعد.
خذ بقولي ودع قول أبي العاص.
وخذ بقول من قال: عش ولا تغتر وبقول من قال: لا تطلب أثراً بعد عين وبقول من قال: املأ حبك من أول مطرة ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
أخوك من صدقك ومن أتاك من جهة عقلك ولم يأتك من جهة شهوتك.
وأخوك من احتمل ثقل نصيحتك في حظك ولم تأمن لائمته إياك في غدك.
إن أخاك الصدق من لن يخدعك ومن يضير نفسه لينفعك وقال عبيد بن الأبرص: واعلمن علماً يقيناً أنه ومن يرجى لك من ليس معك ولا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك وعين من عقلك على طباعك أو ما كان لك أخ نصيح ووزير شفيق.
والزوجة الصالحة عون صدق.
والسعيد من وعظ بغيرة.
فإن أنت لم ترزق من هذا الخصال صل واحدة فلابد لك من نكبة موجعة يبقى أثرها ويلوح لك ذكرها.
ولذلك قالوا: خير مالك ما نفعك.
ولذلك قالوا: لم يذهب من مالك ما وعظك.
إن المال محروص عليه ومطلوب في قعر البحار وفي رءوس الجبال وفي دغل الغياض ومطلوب في الوعورة ا يطلب في السهولة.
وسواء فيها بطون الأودية وظهور الطرق ومشارق الأرض ومغاربها.
فطلبت بالعز وطلبت بالذل وطلبت بالوفاء وطلبت بالغدر وطلبت بالنسك كما طلبت بالفتك وطلبت بالصدق كما طلبت بالكذب وطلبت بالبذاء وطلبت بالملق - فلم تترك فيها حيلة ولا رقية حتى طلبت بالكفر بالله كما طلبت بالإيمان.
وطلبت بالسخف كما طلبت بالنبل.
فقد نصبوا الفخاخ بكل موضع ونصبوا الشرك بكل ربع.
وقد طلبك من لا يقصر دون الظفر.
وحسدك من لا ينام دون الشفاء.
وقد يهدأ الطالب الطوائل والمطلوب بذات نفسه ولا يهدأ الحريص.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:17


.


يقال إنه ليس في الأرض بلدة واسطة ولا بادية شاسعة ولا طرف من الأطراف إلا وأنت واجد بها المديني والبصري والحيري.
وقد ترى شنف الفقراء للأغنياء وتسرع الرغبة إلى الملوك وبغض الماشي للراكب وعموم الحسد في المتفاوتين.
وإن لم تستعمل الحذر وتأخذ بنصيبك من المداراة وتتعلم الحزم وتجالس أصحاب الاقتصاد وتعرف الدهور - ودهرك خاصة - وتمثل لنفسك الغير حتى تتوهم نفسك فقيراً ضائعاً وحتى تتهم شمالك على يمينك وسمعك على بصرك ولا يكون أحد أتهم عند نفسك من ثقتك ولا أولى بأخذ الحذر منه من أمينك - اختطفت اختطافاً واستلبت استلاباً وذوبوا مالك وتحيفوه وألزموه السل ولم يداووه.
وقد قالوا: بلي المال ربه وإن كان أحمق.
فلا تكونن دون ذلك الأحمق.
وقالوا: لا تعدم صناع ثلة.
فلا تكونن دون تلك الصناع.
وقد قال الأول في المال المضيع المسلط عليه شهوات العيال: ليس لها راع ولكن حلبة.
وليس مالك المال المعفى من الأضراس فيقال فيه: مرعىً ولا أكولة وعشب ولا بعير.
فقصاراك مع الإصلاح أن يقوم ببطنك وبحوائجك وبما ينوبك.
ولا بقاء للمال على قلة الرعي وكثرة الحلب.
فكس في أمرك وتقدم في حفظ مالك فإن من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين.
والأكرمان: الدين والعرض.
وقد قيل: للرمي يراش السهم وعند النطاح تغلب القرناء.
وإذا رأت العرب مستأكلاً وافق غمراً قالت: ليس عليك نسجه فاسحب وخرق.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس كلهم سواء كأسنان المشط والمرء كثير بأخيه) ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك ما يرى لنفسه.
فتعرف شأن أصحابك ومعنى جلسائك.
فإن كانوا في هذه الصفة فاستعمل الحزم وإن كانوا في خلاف ذلك عملت على حسب ذلك.
إني لست أمرك إلا بما أمرك به القرآن.
ولست أوصيك إلا بما أوصاك به الرسول.
ولا أعظك إلا بما وعظ به الصالحون بعضهم بعضاً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعقلها وتوكل).
وقال مطرف بن الشخير: من نام تحت صدف مائل وهو ينوي التوكل فليرم بنفسه من طمار وهو ينوي التوكل! فأين التوقي الذي أمر الله به وأين التغرير الذي نهى عنه ومن طمع في السلامة من غير تسلم فقد وضع الطمع في موضع الأماني.
وإنما ينجز الله الطمع إذا كان فيما أمر به وإنما يحقق من الأمل ما كان هو المسبب له.
وفر عمر من الطاعون فقال له أبو عبيدة: أتفر من قدر الله قال نعم إلى قدر الله وقيل له: هل ينفع الحذر من القدر فقال: لو كان الحذر لا ينفع لكان الأمر به لغواً.
فإبلاء العذر هو التوكل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل قال في خصومة: حسبي الله: أبل الله عذراً فإذا أعجزك أمر فقل: حسبي الله.
وقال الشاعر: ومن يك مثلي ذا عيال ومقتراً من المال يطرح نفسه كل مطرح ليبلي عذراً أو ليبلغ حاجة ومبلغ نفس عذرها مثل منجح وقال الآخر: فإن لم يكن القاضي قضى غير عادل فبعد أمور لا ألوم لها نفسي وقال زهير البابي: إن كان التوكل أن أكون متى أخرجت مالي أيقنت بالخلف وجعلت الخلف مالاً يرجع في كيسي ومتى ما لم أحفظه أيقنت بأنه محفوظ فإني أشهدكم أني لم أتوكل قط.
إنما التوكل أن تعلم أنك متى أخذت بأدب الله أنك تتقلب في الخير فتجزى بذلك إما عاجلاً وإما آجلاً - ثم قال: فلم تجر أبو بكر ولم تجر عمر ولم تجر عثمان ولم تجر الزبير ولم تجر عبد الرحمن ولم علم عمر الناس يتجرون وكيف يشترون ويبيعون ولم قال عمر: إذا اشتريت جملاً فاجعله ضخماً فإن لم يبعه الخبر باعه المنظر ولم قال عمر: فرقوا بين المنايا واجعلوا الرأس رأسين.
ولم قال عثمان حين سئل عن كثرة أرباحه قال: لم أرو من ربح قط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:19


ولم قيل: لا تشتر عيباً ولا شيباً وهل حجر علي بن أبي طالب على ابن أخيه عبد الله بن جعفر إلا في إخراج المال في غير حقه وإعطائه في هواه وهل كان ذلك إلا في طلب الذكر والتماس الشكر وهل قال أحد: إن إنفاقه كان في الخمور والقمار وفي الفسولة والفجور وهل كان إلا فيما تسمونه جوداً وتعدونه كرماً ومن رأى أن يحجر على الكرام لكرمهم رأى أن يحجر على الحلماء لحلمهم.
وأي إمام بعد أبي بكر تريدون وبأي سلف بعد علي تفتدون.
وكيف نرجو الوفاء والقيام بالحق والصبر على النائبة من عند لعموظ مستأكل وملاق مخادع ومنهوم بالطعام شره لا يبالي بأي شيء أخذ الدرهم ومن أي وجه أصاب الدينار ولا يكترث للمنة ولا يبالي أن يكون أبداً منهوماً منعوماً عليه وليس يبالي - إذا أكل - كيف كان ذلك الطعام وكيف كان سببه وما حكمه فإن كان مالك قليلاً فإنما هو قوام عيالك وإن كان كثيراً فاجعل الفاضل لعدة نوائبك.
ولا يأمن الأيام إلا المضلل ولا يغتر بالسلامة إلا المغفل.
فأحذر طوارق البلاء وخدع رجال الدهاء.
سمنك في أديمك وغثك خير من سمين غيرك لو وجدته فكيف ودونه أسل حداد وأبواب شداد قالت امرأة لبعض العرب: إن تزوجتني كفيتك فأنشأ يقول: وما خير مال ليس نافع أهله وليس لشيخ الحي في أمره أمر وقال المعلوط القريعي: أبا هانئ لا تسأل الناس والتمس بكفيك ستر الله فالله واسع فلو تسأل الناس التراب لأوشكوا إذا قلت: هاتوا أن يملوا فيمنعوا ثم رجع إلى أحاديث البخلاء وإلى طرف معانيهم وكلامهم.
قال ابن حسان: كان عندنا رجل مقل و كان له أخ مكثر وكان مفرط البخل شديد النفح فقال له يوماً أخوه: ويحك! أنا فقير معيل وأنت غني خفيف الظهر لا تعينني على الزمان و لا تواسيني ببعض مالك و لا تتفرج لي عن شيء! و الله ما رأيت قط ولا سمعت أنحل منك! قال: ويحك! ليس الأمر كما تظن ولا المال كما تحسب ولا أنا كما تقول في البخل ولا في اليسر والله لو ملكت ألف ألف درهم لوهبت لك خمسمائة ألف درهم.
يا هؤلاء فرجل يهب في ضربة واحدة خمسمائة الف درهم يقال له: بخيل! وأما صاحب الثريدة البلقاء فليس عجبي من بلقة ثريدته وسائر ما كان يظهر على خوانه كعجبي من شيء واحد وكيف ضبطه وحصره وقوي عليه مع كثرة أحاديثه وصنوف مذاهبه وذلك أني في كثرة ما جالسته وفي كثرة ما كان فيه يفنن من الأحاديث لم أره خبر أن رجلاً وهب لرجل درهماً واحداً! فقد كان يفنن في الحزم والعزم وفي الحلم والعلم وفي جميع المعاني إلا ذكر الجود فإني لم أسمع هذا الاسم منه قط: خرج هذا الباب من لسانه كما خرج من قلبه! ويؤكد ما قلت ما حدثني به طاهر الأسير فإنه قال: ومما يدل على أن الروم أبخل الأمم أنك لا تجد للجود في لغتهم اسماً.
يقول: إنما يسمى الناس ما يحتاجون إلى استعماله.
ومع الاستغناء يسقط التكلف.
وقد زعم ناس أن مما يدل على غش الفرس أنه ليس للنصيحة في لغتهم اسم واحد يجمع المعاني التي يقع عليها هذا الاسم.
وقول القائل: نصيحة ليس يراد به سلامة القلب فقد يكون أن يكون الرجل سليم الصدر ولم يحدث سبب من أجله يقصد إلى المشورة عليك بالذي هو أرد عليك - على حسب رأيه فيك - وجهاً لنفعك.
ففي لغتهم اسم للسلامة واسم لإرادة الخير وحسن المشورة وحملك بالرأي على الصواب.
فللنصيحة عندهم أسماء مختلفة إذا اجتمعت دلت على ما يدل عليه الاسم الواحد في لغة العرب.
فمن قضى عليهم بالغش من هذا الوجه فقد ظلم.
وحدثني إبراهيم بن عبد العزيز قال: تغديت مع راشد الأعور فأتونا بجام فيه بيان سبخي الذي يقال له الدراج فجعلت آخذ الواحدة فأقطع رأسها ثم أعزله ثم أشقها باثنين من قبل بطنها فآخذ شوكة الصلب والأضلاع فأعزلها وأرمي بما في بطنها وبطرف الذنب والجناح.
ثم أجمعها في لقمة واحدة وآكلها.
وكان راشد يأخذ البياحة فيقطعها قطعتين فيجعل قطعة في لقمة لا يلقي رأساً ولا ذنباً - فصبر لي على لقم عدة.
فلما بلغت المجهود منه قال: أي بني إذا أكلت الطعام فكل خيره بشره! قال: وكان يقول: لم أنتفع بأكل التمر إلا مع الزنج وأهل أصبهان.
فأما الزنجي فإنه لا يتخير وأنا أتخير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:20


وأما الأصبهاني فإنه يقبض القبضة ولا يأكل من غيرها ولا ينظر إلى ما بين يديه حتى يفرغ من القبضة. وهذا عدل. والتخير قرفة وجور. لا جرم أن الذي يبقى من التمر لا ينتفع به العيال إذا كان قدام من يتخير.
وكان يقول: ليس من الأدب أن تجول يدك في الطبق وإنما هو تمر وما أصاب.
وزعم سري بن مكرم وهو ابن أخي موسى بن جناح قال: كان موسى يأمرنا ألا نأكل ما دام أحد منا مشغولاً بشرب الماء وطلبه.
فلما رآنا لا نطاوعه دعا ليلة بالماء ثم خط بإصبعه خطاً وأحاديثه في صدر هذا الكتاب.
وهذا منها.
وقال المكي لبعض من كان يتعشى ويفطر عند الباسياني: ويحكم! كيف تسيغون طعامه وأنتم تسمعونه يقول: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}.
ثم ترونه لا يقرؤها إلا وأنتم على العشاء ولا يقرأ غير هذه الآية.
أنتم والله ضد الذي قال: ألبان إبل تعلة بن مسافر ما دام يملكها على حرام وطعام عمران بن أوفى مثله ما دام يسلك في البطون طعام إن الذين يسوغ في أعناقهم زاد يمن عليهم للئام قال: فمتى تعجب أعجب من خمسين رجلاً من العرب فيهم أبو رافع الكلابي وهو شاعر ندى يفطرون عند أبي عثمان الأعور.
فإفطاري من طعام نصراني أشد من إفطاري من طعام مسلم يقرأ القرآن ويقول الحق.
وحدثني أبو المنجوف السدوسي قال: كنت مع أبي ومعنا شيخ من موالي الحي.
فمررنا بناطور على نهر الأبلة ونحن تعبون.
فجلسنا إليه.
فلم يلبث أن جاءنا بطبق عليه رطب سكر وجيسوان أسود فوضعه بين أيدينا.
فأكل الشيخ الذي كان معنا.
فلما رأيت أبي لا يأكل لم آكل وبي إلى ذلك حاجة.
فأقبل الناطور على أبي فقال: لم لا تأكل قال: والله إني لأشتهيه.
ولكن لا أظن صاحب الأرض أباح لك طعام الناس من الغريب.
فلو جئتنا بشيء من السهريز والبرني لأكلنا.
فقال مولانا وهو شيخ كبير السن: ولكني أنا لم أنظر في شيء من هذا قط.
قال المكي: دخل إسماعيل بن غزوان إلى بعض المساجد يصلي.
فوجد الصف تاماً فلم يستطع أن يقوم وحده.
فجذب ثوب شيخ في الصف ليتأخر فيقوم معه.
فلما تأخر الشيخ ورأى الفرج تقدم فقام في موضع الشيخ وترك الشيخ قائماً خلفه ينظر في قفاه ويدعو الله عليه.
وكان ثمامة يحتشم أن يقعد على خوانه من لا يأنس به.
ومن رأيه أن يأكل بعض غلمانه معه.
فحبس قاسم التمار يوماً على غدائه بعض من يحتشمه.
فاحتمل ذلك ثمامة في نفسه.
ثم عاد بعد ذلك إلى مثلها ففعل ذلك مراراً حتى ضج ثمامة واستفرغ صبره.
فأقبل عليه فقال: ما يدعوك إلى هذا لو أردتم لكان لساني مطلقاً وكان رسولي يؤدي عني.
فلم تحبس على طعامي من لا آنس به قال: إنما أريد أن اسخيك فأنفي عنك التبخيل وسوء الظن.
فلما أن كان بعد ذلك أراد بعضهم الانصراف قال له قاسم: أين تريد قال: قد تحرك بطني فأريد المنزل.
قال: فلم لا تتوضأ هاهنا فإن الكنيف خال نظيف والغلام فارغ نشيط وليس من أبي معن حشمة ومنزله منزل إخوانه! فدخل الرجل فتوضأ.
فلما كان بعد أيام حبس آخر.
فلما كان بعد ذلك حبس آخر! فاغتاظ ثمامة وبلغ في الغيظ مبلغاً لم يكن على مثله قط.
ثم قال: هذا يحبسهم على غدائي لأن يسخيني بحبسهم على أن يخرءوا عندي! لمه لأن من لم يخرأ الناس عنده فهو بخيل على الطعام! وقد سمعتهم يقولون: فلان يكره أن يؤكل عنده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:21


ولم أسمع أحداً قط قال: فلان يكره أن يخرأ عنده! وكان قاسم شديد الأكل شديد الخبط قذر المؤاكلة.
وكان أسخى الناس على طعام غيره وأبخل الناس على طعام نفسه.
وكان يعمل عمل رجل لم يسمع بالحشمة ولا بالتجمل قط.
فكان لا يرضى بسوء أدبه على طعام ثمامة حتى يجر معه ابنه إبراهيم.
وكان بينه وبين إبراهيم ابنه في القذر ما بينه وبين جميع العالمين! فكانا إذا تقابلا على خوان ثمامة لم يكن لأحد على أيمانهما وشمائلهما حظ في الطيبات! فأتوه يوماً بقصعة ضخمة فيها ثريدة كهيئة الصومعة مكللة بإكليل من عراق بأكثر ما يكون من العراق.
فأخذ قاسم الذي يستقبله ثم أخذ يمنة وأخذ ما بين يدي من كان بينه وبين ثمامة حتى لم يدع إلا عرقاً قدام ثمامة.
ثم مال على جانبه الأيسر فصنع مثل ذلك الصنيع.
وعارضه ابنه وحاكاه! فلما أن نظر ثمامة إلى الثريدة مكشوفة القناع مسلوبة عارية واللحم كله بين يديه وبين يدي ابنه إلا قطعة واحدة بين يديه تناولها فوضعها قدام إبراهيم ابنه ولم يدفعها.
واحتسب بها في الكرامة والبر.
فقال قاسم لما فرغ من غدائه: أما رأيتم إكرام ثمامة لابني وكيف خصه فلما حكى هذا لي قلت: ويلك! ما أظن أن في الأرض عرقاً أشام على عيالك منه! فلما حكى هذا لي قلت: ويلك! ما أظن أن في الأرض عرقاً أشأم على عيالك منه! هذا أحرجه الغيظ وهذا الغيظ لا يتركه حتى يتشفى منك.
فإن قدر لك على ذنب فقد والله هلكت.
وإن لم يقدر أقدره لك الغيظ.
وأبواب التجني كثيرة.
وليس أحد إلا وفيه ما إن شئت جعلته ذنباً.
فكيف وأنت ذنوب من قرنك إلى قدمك! وكان ثمامة يفطر أيام كان في أصحاب الفساطيط ناساً.
فكثروا عليه وأتوه بالرقاع والشفاعات.
وفي حشوة المتكلمين أخلاق قبيحة وفيهم على أهل الكلام وعلى أرباب الصناعات محنة عظيمة.
فلما رأى ثمامة ما قد دهمه أقبل عليهم وهم يتعشون فقال: إن الله عز وجل لا يستحيي من الحق.
كلكم واجب الحق.
ومن لم تجئنا شفاعته فأكرمه كمن تقدمت شفاعته.
كما أنا لو فكذلك أنتم إذا أعجزنا أو بدا لنا فليس بعضكم أحق بالحرمان من بعض أو بالحمل عليه أو بالاعتذار إليه من بعض.
ومتى قربتكم وفتحت بابي لكم وباعدت من هو أكثر منكم عدداً وأغلقت بابي دونهم لم يكن في إدخالي إياكم عذر لي ولا في منع الآخرين حجة.
فانصرفوا ولا تعودوا! قال أبو محمد العروضي: وقعت بين قوم عربدة فقام المغني يحجز بينهم وكان شيخاً معيلاً بخيلاً.
فمسك رجل بحلقه فعصره فصاح: معيشتي! معيشتي! فتبسم وتركه.
وحثني ابن كريمة قال: وهبوا للكناني المغني خابية فارغة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البخلاء )) للجاحظ   ((  البخلاء   ))  للجاحظ - صفحة 3 I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل 2012 - 12:22


فلما كان عند انصرافه وضعوها له على الباب.
ولم يكن عنده كراء حمالها.
وأدركه ما يدرك المغنين من التيه فلم يحملها.
فكان يركلها ركلة فتدحرج وتدور بمبلغ حمية الركلة.
ويقوم من ناحية كي لا يراه إنسان ويرى ما يصنع.
ثم يدنو منها ثم يركلها أخرى فتدحرج وتدور ويقف من ناحية.
فلم يزل يفعل ذلك إلى أن بلغ بها المنزل! قالوا: كان عبد النور كاتب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن قد استخفى بالبصرة في عبد القيس من أمير المؤمنين أبي جعفر وعماله.
وكان في غرفة قدامها جناح.
وكان لا يطلع رأسه منها.
فلما سكن الطلب شيئاً وثبت عنده حسن جوار القوم صار يجلس في الجناح يرضى بأن يسمع الصوت ولا يرى الشخص لما في ذلك من الأنس عند طول الوحشة.
فلما طالت به الأيام ومرت أيام السلامة جعل في الجناح خرقاً بقدر عينه.
فلما طالت الأيام صار ينظر من شق باب كان مسموراً.
ثم ما زال يفتحه الأول فالأول إلى أن صار يخرج رأسه ويبدي وجهه.
فلما لم ير شيئاً يريبه قعد في الدهليز.
فلما زاد في الأنس جلس على باب الدار! ثم صلى معهم في مصلاهم ودخل.
ثم صلى بعد ذلك وجلس.
والقوم عرب.
وكانوا يفيضون في الحديث ويذكرون من الشعر الشاهد والمثل ومن الخبر الأيام والمقامات.
وهو في ذلك ساكت إذا أقبل عليه ذات يوم فتى منهم خرج عن أدبهم وأغفل بعض ما راضوه به من سيرتهم فقال له: يا شيخ إنا قوم نخوض في بعض ضروب فربما تكلمنا بالمثلبة وأنشدنا الهجاء.
فلوا أعلمتنا ممن أنت تجنبنا كل ما يسوءك.
ولو اجتنبنا أشعار الهجاء كلها وأخبار المثلب بأسرها لم نأمن أن يكون ثناؤنا ومديحنا لبعض العرب مما يسوءك.
فلو عرفتنا نسبك كفيناك سماع ما يسوءك من هجاء قومك ومن مديح عدوك.
فلطمه شيخ منهم وقال: لا أم لك! محنة كمحنة الخوارج وتنقير كتنقير العيابين ولم لا تدع ما يريبك إلى مالا يريبك فتسكت إلا عما توقن بأنه يسره.
قال: وقال عبد النور: ثم إن موضعي نبا بي لبعض الأمر.
فتحولت إلى شق بني تميم فنزلت برجل فأخذته بالثقة وأكمنت نفسي إلى أن أعرف سبيل القوم.
وكان للرجل كنيف إلى جانب داره يشرع في طريق لا ينفذ.
إلا أن من مر في ذلك الشارع رأى مسقط الغائط من خلاء ذلك الجناح.
وكان صاحب الدار ضيق العيش فاتسع بنزولي عليه.
فكان القوم إذا مروا به ينظرون إلى موضع الزبل والغائط فلا يذهب قلبي إلى شيء مما كانوا يذهبون إليه.
فبينا أنا جالس ذات يوم إذا أنا بأصوات ملتفة على الباب وإذا صاحبي ينتفي ويعتذر وإذا الجيران قد اجتمعوا إليه وقالوا: ما هذا الثلط الذي يسقط من جناحك بعد أن كنا لا نرى إلا شيئاً كالبعر من يبس الكعك وهذا ثلط يعبر عن أكل غض! ولولا أنك انتجعت على بعض من تستر وتواري لأظهرته.
وقد قال الأول: الستر دون الفاحشات ولا يلقاك دون الخير من ستر ولولا أن هذا طلبة السلطان لما توارى.
فلسنا نأمن من أن يجر على الحي بلية.
ولست تبالي - إذا حسنت حالك في عاجل أيامك - إلام يفضي بك الحال وما تلقى عشيرتك.
فإما أن تخرجه إلينا وإما أن تخرجه عنا.
قال عبد النور: فقلت: هذه والله القيافة ولا قيافة بني مدلج! إنا لله! خرجت من الجنة إلى النار! وقلت: هذا وعيد. وقد اعذر من انذر.
فلم أظن أن اللؤم يبلغ ما رأيت من هؤلاء ولا ظننت أن الكرم يبلغ ما رأيت من أولئك! شهدت الأصمعي يوماً وأقبل على جلسائه يسألهم عن عيشهم وعما يأكلون ويشربون.
فأقبل على الذي عن يمينه فقال: أبا فلان ما أدمك قال: اللحم.
قال: أكل يوم لحم قال: نعم.
قال: وفيه الصفراء والبيضاء والحمراء والكدراء والحامضة والحلوة والمرة قال: نعم.
قال: بئس العيش هذا! ليس هذا عيش آل الخطاب.
كان عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه يضرب على هذا.
وكان يقول: مد من اللحم كمد من الخمر.
ثم سأل الذي يليه قال: أبا فلان ما أدمك قال: الآدام الكثير والألوان الطيبة.
قال: أفي آدامك سمن قال: نعم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
(( البخلاء )) للجاحظ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 4انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» تلخيص قصة البخلاء للجاحظ
» ((( العثمانية ))) للجاحظ
» كتاب البخلاء
»  من كتاب البخلاء
»  الجاحظ - البخلاء)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى همسات وخواطر-
انتقل الى: