بداية بلا نهاية : طه حسين

بداية بلا نهاية

فى الأيام الأولى لثورة يوليو عام ١٩٥٢ لم يكن أحد يعرف أسماء أعضاء مجلس قيادتها، ولم يكن أحد يعرف إلا اسم اللواء محمد نجيب الذى اختاره مجلس القيادة قبل شهور معدودة ليكون واجهتها ورئيسا لمجلس قيادتها لأسباب محسوبة، وقد أدى واجبه وماعليه، ولم يكن أحد يعرف أن صاحب الإطلالة فى هذه الصورة هو مؤسس خلية الضباط الأحرار منذ ما يقرب من ثمان سنوات،

ولم يكن أحد يعرف أن دوره كقائد للثورة ورئيسا لمجلسها قيادتها الحقيقى يجعله يتردد على مقر مجلس الوزراء في شارع القصر العينى فإذا مانزل من سيارته وأطل برأسه بنظرات متقدة تنبه الحاضرون وسكت كل ضجيج، ولفتت هذه الهيبة نظر مصور الأهرام فالتقط هذه الصورة وفى فكره أنه لابد أن يكون هذا الضابط مهما، وبعد قليل كشفت الأحداث أن صاحبها هو البكباشي جمال عبد الناصر حسين قائد الثورة ومفجرها وضمير هذه الأمة وباعث إحساسها باستقلاليتها وشعورها بالظلم ومعبرا عن رغبتها فى التحرر، وأحقيتها فى أن يكون الاستقلال بداية بلا نهاية، وهو الرجل بدأت ملامحه الفكرية والفلسفية تتبلور فى مقال ننشره على هذه الصفحة كتبه بخط يده تحت عنوان «هذا مذهبى» ونشره عميد الأدب العربى طه حسين في كتاب الهلال عام 1955، وهو الرجل الذى نحتفى به اليوم فى الأهرام على طريقتنا بما تيسر من سيرته بمناسبة مرور مائة عام على مولده فى 15 يناير 1918م.

طه حسين

كان مولده إيذانا بمولد الثورة الوطنية عام 1919، وكان فى الثانية عشرة من عمره حينما التحق بمدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية عام 1930، والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1938، وعين ضابطا بالجيش، فأخذ يدعو فى صفوفه إلى الاخاء والتعاون، وعمل فى السودان حينا، ثم عين مدرسا بالكلية الحربية، فمدرسا بكلية أركان الحرب عقب تخرجه فيها عام 1948.

واشترك فى حملة فلسطين حيث جرح وانتصر فى كثير من المعارك وشهد حصار الفالوجة. وفى خلال ذلك أعد العدة لثورة 23 يوليو عام 1952 مع من اصطفاهم من الضباط