الظواهري لا يقرأ أوراق الحقيقة

في أحد بياناته التي يطلقها من وقت إلي آخر لإثبات أنه قادر علي الإمساك بتلابيب الأحداث، أعلن أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة أن هناك ضرورة إلي عدم تحويل النزاع في سوريا لقضية داخلية وعدم «علمنته».. والحقيقة أن أيمن بذلك لا يقرأ أوراق الواقع علي نحو دقيق، ويحاول تكييف هذا الواقع علي أهدافه ومقاصده هو وتنظيمه الذي أعلن أخيرا تغيير اسمه إلي «هيئة فتح الشام»، إذ يخوض هذا التنظيم حربا ضروسا ضد النظام العربي السوري ويستخدم في هذا الإطار آلاف المقاتلين الأجانب من أفغانستان وباكستان وسائر أنحاء أوروبا وأمريكا واستراليا ومن تركيا وبعض بلاد إفريقيا، ومن ثم فإن تحويل الصراع في سوريا إلي قضية داخلية تُحل بالمفاوضات بين أطراف «الموزاييك» السوري وبالتفاوض وجها لوجه والالتجاء إلي الحل السياسي لا يلائم واقع تنظيم القاعدة وفرعه «جبهة النصرة» الذي بات «هيئة فتح الشام» فكيف يمكن تحويل أزمة سوريا إلي «قضية داخلية» ليبحثها من وجهة نظره أجانب يشكلون جل قوته التنظيمية والحركية، ثم إن تغيير اسم «جبهة النصرة» إلي «هيئة فتح الشام» كان خطوة فاشلة استهدفت الخروج من قوائم الإرهاب الدولي، وكيف هذا أيضا مع بقاء محمد الجولاني قائد «جبهة النصرة» قائدا لـ«هيئة فتح الشام»؟

ثم كيف يتحدث الظواهري عن تحذيرات من «علمنة» الصراع السوري؟ إذ إن ذلك أمر لا يخصه ولا يجب أن يكون من شواغل الأجانب الذين يشغي تنظيمه بهم، انه يحاول أن يعطي مسحة دينية مقدسة علي تنظيمه وعلي الصراع السوري بما يعطي مبررا لإقحامه نفسه في ذلك الصراع وإلا لو صار الصراع «علمانيا» لن يكون حشر نفسه وتنظيم «هيئة فتح الشام» فيه متاحا، ولذلك فإن الظواهري دعا في بيانه إلي «تكوين اتحاد للفصائل السورية لبناء حلف ضد العدو الصليبي ودحره» إذ لا يمكن تحقيق ذلك «بتحويل الصراع السوري إلي موضوع داخلي» «وعلمنته»!

الظواهري يحاول إيجاد مبرر لدخوله وتنظيمه علي خط الأزمة السورية وبخاصة أن التنظيمات التي تحالفت مع «هيئة فتح الشام» أو «جبهة النصرة» وهي «نورالدين زنكي» و«استقم كما أُمرت» و«جيش الإسلام» فشلت هي الأخري في النأي بنفسها عن قوائم الإرهاب الدولي، ومن ثم راح الظواهري يتخبط في بيانه باحثا عن صيغة تسمح «للقاعدة» أو «جبهة النصرة» أن تكون طرفا في الصراع السوري أو تمنح للدولة التي تقف وراءها ما يجعل من تورطها في سوريا أمرا معقولا.