أى قانون يا أمريكا؟

أى قانون يا أمريكا؟

ل الكونجرس الأمريكى الرأى العام العالمي،فى الأيام القليلة الماضية، باصدار «قانون» يمنح الولايات المتحدة ورعاياها حق، ملاحقة الدول او الكيانات او التنظيمات او الاشخاص «المتورطين» فى جرائم أو عمليات ارهابية أو معادية، أيا كانت الدولة وأيا كانت الجهة أو الشخص «المتهم!».. أى إقرار سريان القانون الأمريكى على دول اخرى وهو ما يحدث لأول مرة فى التاريخ، والواقع ان ذلك هوت تتويج لنشر ثقافة القبول بمنطقها ورؤاها الأنانية البحت، كما جسدته أفلام رعاة البقر، بخبث ودهاء، والانتصارت لوحشيتهم وهم يبيدون الهنود الحمر،أبناء القارة الاصليين، والجمهور «المغيب» يصفق بحماس وانبهار بسيادة غطرسة القوة، بل وتجردها من ابسط القواعد الأخلاقية والانسانية..

قانون جاستا الصادر فى نهاية شهر سبتمبر الماضي، يعتبر الولايات المتحدة، الحاكم والمتحكم فى العالم بأسره!!.ولا يخفى على أكثر المراقبين سذاجة وحسن نية، ان قصد القانون المشبوه، هو المملكة العربية السعودية، على أساس اتهامها بأنها وراء عدوان سبتمبر، ايلول 2001، على برجى التجارة الذى اوقع آلاف الضحايا، حيث كان الإرهابيون 19، بينهم 15 سعوديا، ولا أحد يجهل ان الهجوم كان ذريعة واشنطن فى تدمير العراق،.. ويبقى التساؤل: ما هى معايير المحامى أو القاضى الأمريكى لتحديد مسئولية دولة اجنبية، ذات سيادة، عن عدوان سبتمبر؟.. وقد حذر بعض الخبراء من خطورة هذا التشريع الأمريكى الغريب، المتوقع ان يتسبب، فى تفشى فوضى قانونية عارمة فى العالم، بأسره، وترك الحبل على الغارب للامريكيين من أصول اوكرانية او ايرلاندية مثلا فى ملاحقة روسيا وبريطانيا، وفى حالة الإدانة، يقرر القاضى الأمريكي، تجميد أرصدة الدولة المدانة.. ويكاد يجمع المحللون السياسيون، على ان الكونجرس، يرمى من وراء تشريعه الصادر بعد مرور اكثر من عشر سنوات على احداث سبتمبر، الى الاستيلاء على اكبر قدر ممكن من أرصدة المملكة العربية السعودية، والتى يُقدر احتياطييها النقدى بنحو 560 مليار دولار منها 96 مليارا اذونات خزانة امريكية..ويرى البعض ان القانون، بمنزلة قنبلة، من شأنها الإضرار البالغ بسمعة الولايات المتحدة المالية، ناهيك عن إلحاق الضرر ايضا بالعلاقات الاستراتيجية العسكرية، بين واشنطن والرياض !!..

وتكثر التساؤلات فى هذا السياق، ومن أهمها، دور واشنطن ذاتها، فى دعم وتسليح التنظيمات الإرهابية التى تدثرت برداء الاسلام ولا ينسى احد كيف كان بن لادن وتنظيم القاعدة، ركيزة اساسية لواشنطن ابان حرب افغانستان ودورهم فى هزيمة الاتحاد السوفيتى السابق، والغريب ان الرئيس الامريكى رونالد ريجان كان يصف هؤلاء بالمجاهدين طوال الحرب، وما ان انهار الاتحاد السوفيتى، حتى سارع بوصفهم بالإرهابيين!. وقد تثور تساؤلات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، ما تعلق بمسئولية واشنطن فى تسليح التنظيمات الإرهابية وحث الدول النفطية على تمويلها. مثلما جرى فى سوريا، واعتبار داعش بديلا مقبولا لنظام الرئيس بشار الأسد!!...

الولايات المتحدة، لم تقل لنا، عن حقوقنا نحن العرب، وفق القانون الدولى وحتى وفق قانون، جاستا، فى ملاحقة جورج بوش والدولة الأمريكية ذاتها، بتهمة تدمير العراق وقتل الملايين من ابنائه وتشريد ملايين أخري، بدعوى انه يمتلك اسلحة دمار شامل!.. وهو ما ثبت كذبه واكتفى المعتدون بمنحنا شرف الاعتذار عن هذا الخطأ البسيط!! بعد ما مزقت ثورة يونيو العظيمة المخطط الجهنمي، والذى لخصه وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، هنرى كيسنجر، فى أن أكبر ضمان لبقاء اسرائيل فى المنطقة العربية، هو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية!

علينا الانتباه الى الدافع الاساسى وراء الهجمة الأمريكية الشرسة ضد السعودية وهو، فى رأى بعض كبار الخبراء والمحللين السياسيين،معاقبة المملكة،على دعمها لمصر بعد نجاح ثورة يونيو، وكيف يمكن ان تتسامح صاحبة مشروع التفتيت مع دولة تساند مصر، التى مزقته، وجعلت دولا عربية، كانت قاب قوسين او ادنى من الانهيار، تستعيد وحدتها خطوة خطوة؟..قانون جاستا يقول بأعلى صوت.. حذار من استئأمنت امريكا على، ولو، ربع دولار، وليتنا نحقق حلم الشعوب بأن تحل العملة العربية يوما محل الدولار..

والله خير الماكرين
الله معنا