القوة الناعمة المصرية ورسالتها العربية

قبل متابعة الحديث عن التحالف القطري الإخواني المسنود من تركيا والذي يقود برنامجه الثقافي الإعلامي الدكتور عزمي بشارة في حلف غريب مريب يثير العديد من التساؤلات حول الأفكار والأهداف والأشخاص قبل متابعة هذا هناك نقاط يجب أن توضع فوق الحروف كي لا نضل ولا يضل غيرنا:
** العبد لله واحد ممن يؤرقهم ويزعجهم إلي أقصي حد التمزق العربي في أية مرحلة من المراحل وبالأخص في المرحلة الراهنة.
** ويترتب علي هذا ايمان عميق لم ولن يتزعزع بالدعوة إلي التوحد عربياً.
** تكاد تكون جميع البلاد العربية عندي سواء من حيث حب أهلها وتقديرهم مع تفاوت في الطبع في أدوار بعض الأقطار في العمل العربي المشترك فمن الطبيعي ألا تكون دويلة مثل قطر في أهمية مصر أو العراق أو سوريا أو الجزائر أو السعودية.
** مع اني أكاد أردد مقولة معروفة وهي اني "عربي مولود في مصر" إلا اني أؤمن إيمانا لا يتزعزع بأنه ليس في عقله أو قلبه ذرة من عروبة من عنده ذرة من كراهية لمصر.
** وفي ضوء هذا كله فإن فلسطين قضية العرب الأولي كانت وستبقي شاء من شاء وأبي من أبي ومن ثم فإن أعداء العرب أساسا هم اسرائيل والصهاينة وكل من يواليهم ويؤيدهم أياً كانت قوميته أو دينه أو ملته..
وبناء علي هذا يتكون ويتبلور عداء المرء بلا حدود للحلف القطري الإخواني المسنود تركيا والذي يقود تعبيره وعمله الثقافي الإعلامي شخص تثور حوله شكوك وتحيط به اتهامات من يطلقونها يسوقون بينات وأدلة وبراهين عليها.. وأرجو أن يكون واضحا أمامنا ان العداء لمصر الشعب والوطن والتاريخ والدور يحاول في أحيان كثيرة أن يظهر في ثوب العداء لنظام الحكم في مصر.. فهل من المنطقي أن يكره شخص ما أو جماعة ما جميع الأنظمة التي توالت علي مصر من القرن التاسع عشر إلي اليوم أو من ثورة 23 يوليو 1952 المجيدة إلي اليوم ولم يكن حكام مصر طيلة هذه السنوات سواء بل بينهم خلافات واختلافات جذرية وترتبط بهذا بشكل مباشر حقيقة معروفة تاريخيا وهي ان مصر تتطهر من داخلها وان أية معارضة مصرية من الخارج تكاد تكون صفرا علي الشمال وليت جميع الأطراف تدرك هذا وليت من يرتكبون هذه الخطيئة يستعيدون التاريخ القريب لجماعة الاخوان المسلمين في المهاجر من المانيا إلي الخليج العربي فيما بين 1954 و1970 حيث قادتهم أقدامهم إلي مواقف هم أنفسهم يعرفونها ويعترفون بها قبل غيرهم.
ما العمل؟
أرجو ألا تتطرق ذرة من شك بعد كل ما سبق بالاستهانة بالعمل الثقافي الاعلامي لحلف الكراهية المشبوه. بالعكس نحن مطالبون بمتابعة هذا العمل ورصده ليس من أجل الرد عليه ولكن من أجل شحذ قوة مصر الناعمة وتعبئتها ونشرها عربيا بشكل صحيح وعلي أوسع نطاق ممكن ونحن لا نبدأ من الصفر بل لدينا رصيد بل أرصدة كبيرة وتجارب وخبرات متعددة وكل ما نحتاجه هو قدر من التخطيط والتنظيم في عمل يجمع بين وزارة الثقافة بأجهزتها وإداراتها ومجلاتها المتعددة وبين المجالس الاعلامية التي ستتولي مسئوليات وزارة الاعلام إلي جانب الأزهر الشريف ووزارة التعليم العالي وبعض المراكز المهمة "شبه المهملة" أو "المركونة علي الرف" مثل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ومجمع اللغة العربية وغيرهما من جامعات ومراكز بحوث وطنية "لا أتحدث بالطبع عن مراكز البحوث الممولة من دول معروفة وهي للأسف تتزايد ولعل جهات ما تعرف أين تصب أعمال هذه المراكز التي تمثل جزءا من الاختراق الخطير!!".
وهنا تأتي مسئولية المجلس الأعلي للثقافة الذي يستطيع جمع كل هذه الهيئات وممثليها ويضع بالتعاون معهم خطة عاجلة وأخري متوسطة المدي لمواجهة الخطاب الاعلامي الثقافي الموجه ضد مصر.
3 إجراءات عاجلة
وإذا جاز للمرء أن يطرح بعض ما يراه من خطوات فإن هناك ثلاثة إجراءات عاجلة هي:
أولاً: وجود متحدث رسمي باسم الحكومة يعقد مؤتمرا صحفيا يوميا للصحفيين المصريين والمراسلين والأجانب.. والصفات المطلوبة في مثل هذا المتحدث معروفة بحيث يكون علي اطلاع جيد بتطورات الأحداث وبحيث تكون لديه ردود جاهزة علي كل ما يمكن أن يطرح عليه من أسئلة ومع كل الاحترام والتقدير لكل من تولي هذا العمل. فإن الرجل القدوة في هذا المجال كان هو الدكتور محمد حسن الزيات الذي تولي وزارة الخارجية فيما بعد.. وبالتأكيد فإننا لن نعدم اليوم وجود من يماثله أو حتي يتفوق عليه بين وزاراتنا وأجهزتنا المختلفة والعديدة.
ثانياً: العمل وبسرعة لإنشاء قناة فضائية إخبارية علي مستوي دولي رفيع ولدي المرء عميق الثقة اننا بقدر قليل من التخطيط والإعداد والتدريب والتمويل الجيد و"المعقول" نستطيع أن ننتقي من بين آلاف العاملين في قنواتنا الفضائية المختلفة والعديدة جهازا قادرا علي أن يقدم بكفاءة واقتدار عملا يضاهي القنوات الإخبارية الدولية خاصة ان الظروف مواتية لذلك بعد أن فقدت قنوات الجزيرة جزءا غير قليل من مصداقيتها كما فقدت جزءا كبيرا من مشاهديها.
وعندنا قناة فضائية لا نجيد استغلالها علي الوجه الصحيح وهي القناة الثقافية التي لا أعرف هل تصل إلي جميع البلاد العربية أم لا؟ وهل تهتم بتقديم المفكرين والمثقفين العرب الكبار وهل تغطي المؤتمرات والمهرجانات الثقافية في البلاد العربية.. كل هذا يحتاج إلي مراجعة وإلي توسع وإلي علاقات وثيقة بين هذه القناة ووزارة الثقافة وجميع هيئاتنا الثقافية الرفيعة المستوي والتي لا يسمع عنها أحد شيئا.
واسلمي يا مصر.