(( بدأوا المؤامرة بالفعل.. ))

فى كل ساعة نتبين الجديد وتنكشف أمور كانت مستتره تجب ما كتبناه بالأمس :
دروس مستفادة.. لا يصح تجاهلها..
تقدم البرادعي.. واستقبله الناس في مصر بكل الترحاب والقبول.. لكن بمجرد أن ظهرت نواياه واتجاهاته الحقيقية.. وارتباطاته "المشبوهة".. تخلي عنه الجميع وتركوه وحيداً مكشوفاً.. ولم يجد أمامه من طريق.. إلا الانسحاب.. والهروب إلي الجهة التي جاء منها..
ثم تقدم حمدين صباحي.. رافعاً راية الثورية.. وشعارات الناصرية.. وانتماءاته الشبابية.. لكنه لم يستطع أن يصمد.. وانكشف.. فأخذ "يزايد" علي الجميع.. وأخذ يشكك في الحاضر والمستقبل دون تمييز.. وجاءت النتيجة مخجلة. بل مرعبة.. فلا مَن حاول أن يتحدث باسمهم وهم الشباب.. وقفوا معه.. ولا من ادعي. أنهم ظهيره وسنده قد صوتوا له.. فلجأ إلي الأكاذيب والادعاءات.. وخرج من "اللعبة كلها".. غير مأسوف عليه.
في نفس الوقت. وبعد أن سقط الإخوان. وعصاباتهم "المنظمة".. والمدبرة.. وبعد أن وصل حجم الكراهية والرفض. في الشارع المصري إلي ذروته.. استبدلتهم القوي المدبرة والمنظمة لحركات الرفض والفوضي. بقوة أخري بديلة. متمثلة في أعداد من المتمسحين. والمدعين بأنهم "قوي الليبرالية".. وحقوق الإنسان. والديمقراطية.
إلا أن مصير هذه المحاولة "المكشوفة".. لم يختلف عن مصير "الجماعة".. كشفهم الشعب. كما كشف خديعة غيرهم.
الملفت للنظر.. أن هناك إصراراً علي عقد مقارنات..:
بين ما جري.. خلال الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير. واستمرت حتي انتخاب مرسي رئيساً.. ثم حتي بعد عزله من الحكم.. وإلقاء القبض عليه.. نتيجة للثورة الثانية في 30 يونيه 2013. و3 يوليو من نفس العام.
المقارنة بين هذه المرحلة.. وبين عملية التصحيح التي بدأت بإعلان المرحلة الانتقالية.. واختيار رئيس مؤقت.. وتحديد مراحل الانتقال بوضع دستور دائم للبلاد والاستفتاء عليه.. وانتخاب رئيس شرعي دائم لا مؤقت.. ثم انتخاب مجلس نيابي.. وإعلان تشكيل حكومة الدولة الجديدة.
عقد المقارنات بين الحالتين.. هو محاولة "مشبوهة".. وكاذبة.
ففي المرحلة السابقة لثورة يونيه.. لم يكن الاستقطاب. والتآمر قد وصل إلي ما وصل إليه بعد ذلك.. كان "النجوم" مازالوا يلعبون في الساحة بحرية.. وكان الوهم مازال سائداً.. وكان الإخوان يحاولون السيطرة علي كل مراكز السلطة والحكم. والتمكين لرجالهم.. بل وكان سوء الحساب. وخطأ التقدير هو الفاعل الأصلي في اتخاذ القرارات.
وهو الأمر الذي أدي في النهاية إلي كشف جميع الأوراق:
فسقط الإخوان.. العميل الأول.. والأداة المبتغاة.
ثم سقط من بعدهم مباشرة.. "الرديف".. أو الاحتياطي الذي أعده الغرب الأمريكي الأوروبي.. لنقل مهمة التغيير له.. وهو "الليبراليون" الذين تم إعدادهم. وتدريبهم. وتأهيلهم. وتمويلهم. للقيام بالمهمة.
وبالتالي.. فالمقارنة.. أو الحديث عن أرقام. وإحصاءات ونتائج. تجمع ما بين قبل 30 يونيه.. وما بعده.. تزييف متعمد.
إذ لا يصح المقارنة بين ما حصل عليه مرسي.. وما حصل عليه السيسي..
وبين ما جمعه حمدين من أصوات في انتخابات ..2012 وبين هذا الرقم "المخزي" والهزيل الذي جناه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.
فما أكثر الحقائق. والخبايا. والأسرار والأكاذيب.. التي تتكشف كل لحظة. وكل يوم.
وما أكثر المؤامرات التي تحاك.. والجرائم التي ترتكب.. والحملات التي يشنونها علي مصر وشعبها. من الداخل والخارج.
* * *
هلع.. وفزع. وجنون.. طغوا علي المشهد المصري.. بمجرد أن تبينت الحقائق.. وظهرت النتائج.. وحتي قبل أن يتولي الرئيس المنتخب مهامه.. بل حتي قبل أن يتم الإعلان رسمياً عن النتيجة.
أطراف هذه "الحالة المجنونة".. عديدون.
بعضهم من الداخل..
والأغلبية هم أصحاب التخطيط. والتدبير. والتمويل. والتآمر من الخارج.. قد يبدو مفاجئاً. ومستغرباً.. أن يهرع من سقطوا في الانتخابات. بهذا المستوي المخجل.. أن يسارعوا بالحديث.. عن المعارضة.
وعن التحالفات التي يتهيأون. لإقامتها.. والجبهات التي يودون تشكيلها.. والخرائط السياسية التي يتحدثون عن رسمها.
قد يبدو هذا وغيره مثيراً للدهشة.. بل وللعجب..
كيف هذا كله.. وحجم الهزيمة. مرعب ومخجل؟!!
الأولي بكم.. أن تتمهلوا.. وأن تراجعوا أنفسكم في صمت. وبقدر من الروية.
تحدثتم عن تمثيلكم للثورة.. فإذا بالثورة تقف في الناحية الأخري.
وادعيتم. أنكم معسكر الشباب.. فرأينا الشباب مقاطعاً لكم.
وحملتم شعارات. وهتافات ونداءات الديمقراطية.. فخرج الشعب بنسائه ورجاله.. وبصباياه. وشبابه.. يمارسون ديمقراطية الاختيار. والتصويت. بعيداً عن ادعاءاتكم.
هل بعد هذا وغيره.. يمكن أن يصدق أحد من أهل مصر.. أنكم جادُّون؟!!
هل بعد أن "جَبُنَ" وارتعد "زعماء" هذا التيار. من خوض المعركة الانتخابية.. يمكن أن يصدقهم. أو يتبعهم أحد؟!!
لماذا هرب عبدالمنعم أبوالفتوح من المعركة؟!!
ولماذا اختفي البرادعي. وتواري.. وكَمُن في أحضان الخارج؟!!
وأي منطق أو عقل. يبرر أن "يحشر".. حمدين صباحي نفسه وسط هذا الفصيل الغريب. الذي يجمع شتات. إخوان وسلفيين. ومتمردين. وبلطجية. وعملاء. وليبراليين. ونشطاء؟!!
وهو الذي ملك "شجاعة".. التحدي. والمواجهة. وخاض المعركة الانتخابية؟!!
* * *
لقد أدرك الشعب المصري. بكل طوائفه..:
ما لم يدركه "جهابذة". "السياسة".. وأدعياء المعرفة والعلم.. وقرأ الشعب المصري. حقيقة الأوضاع ببساطة وعمق.
ووضع يده. وعينه. علي ما يحتاجه الناس. في التو واللحظة. ونأي الشعب وابتعد عن الفلسفات. والادعاءات. والشعارات. التي وإن كانت في جوهرها صحيحة.. إلا أنها ليست ضرورات اللحظة.
ولهذا أحسن الاختيار.. واستجاب لما أملاه عليه ضميره.. ولا شك أن أكبر "درس". قدمته جماهير مصر. "للمتفزلكين".. والمتاجرين بالوهم هو..:
هذا التمييز الواضح.. بين الثورة.. وبين الإثارة.
هو هذا التمييز. المفحم.. بين أن تثور لتُغيِّر نظاماً فاسداً.. وبين أن تنتقل بالبلاد والعباد للمرحلة. التي تعقب التغيير. وإسقاط النظام الفاسد.
فالثورة لا تعني أن تبقي في الشارع "أربعين عاماً".. تهتف. وتُهيِّج. وتقود المظاهرات. وتُعطل المؤسسات.. وتفتح أبواباً واسعة للعملاء. والمخربين والمجرمين.. ليصنعوا الفوضي.. ويفسدوا عقول البسطاء.
إن ما يبحثون عنه اليوم.. هم ومن يحركهم ويمولهم ويخطط لهم هو..:
ألا يسمحوا لهذا البلد وشعبه. أن يلم شتات دولته. التي أرهقتها المؤامرات طوال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة.
هم يريدون أن يظل البلد في حالة صراع وخلاف وفوضي.
هذه الفوضي التي يبحثون عنها ويدبرون لها. ويجمعون لها الأتباع. هي. ودون غيرها. الكفيلة بالحيلولة دون الخروج من المأزق الذي نعيشه.
فقد فشلوا. يوم جاءوا بالإخوان للحكم.
وفشلوا يوم حاولوا الاحتكام لصناديق الاقتراع في انتخاب الرئاسة.
وفشلوا عندما استبدلوا شعارات الإخوان والدولة الإسلامية.. بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وليس أمامهم اليوم إلا أن يضعوا في عيونهم "فص" ملح. ويتركوا المصريين. يصنعون مصيرهم ومستقبلهم بأيديهم.. وبضمائرهم.
* * *
إن من يتابع.. ولو من بعيد.. هذا الصرع الذي أصاب الغرب. الأمريكي الأوروبي. بعد نتائج الانتخابات الرئاسية.. يدرك علي الفور أبعاد وأسباب ما نشاهده علي الساحة المصرية.
هي الهزائم تتوالي عليهم..
هو الشعب صامد.. رافض لكل ما يقدمون ويفعلون..
هم لم يستطيعوا أن يقدموا نموذجاً واحداً. قبله الشعب والتف حوله.. الكل.. ممن. صنعوا وقدموا. سقطوا سقوطاً مريعاً.. وتواري واختبأ!!
لا شيء يملكونه.. غير صناعة الفوضي.. وبث الفُرقة..
جاءوا لمصر. يتابعون الانتخابات.. أو يراقبونها..
وخرجوا. يرددون الأكاذيب والضلال..
ليتهم وجدوا شيئاً يستندون إليه..
ليتهم حصلوا علي أصوات تسند ادعاءاتهم..
ليتهم نجحوا في تشكيل نُخَب أو جماعات تعزز افتراءاتهم..
الفشل. والخسران. هو ما جنوه..
الأكثر أهمية من كل هذا. ورغم أهميته. أن أمام شعب مصر مهمة كبري.. هي أن يتجنب السقوط. في الفخاخ. والحيل والمؤامرات التي تُحاك.. وأن يشحذ الشعب. هممه وقواه.. وأن يبدأ علي الفور في تغيير الواقع.. وبناء الدولة الحديثة.. وعلي أسس راسخة.. أهمها: بناء مؤسسات قوية وقادرة يحكمها النظام والقانون..
التركة ثقيلة.. والمهمة شاقة.. ولكن صاحب الثورتين المنتصر في معارك التحدي الأخيرة. قادر علي تحقيق المستحيل..
وقادر علي صنع مستقبل جدير بشعب عظيم..