الحزن : محمد على بكر

الحــــــــــــــــزن


الحزن يا صديقتي قد أثقل الكواهلا

فكيف لي أن أحملا

هذى السنين دون أن أُدخِّنَ الحشيشَ أو أُضاجعَ الأفيون؟

لا تضحكي, فلو عرفتِ ما عرفتُهُ لكنتِ مثلما أكون

في كلِّ صباحٍ أخرج من بيتي محموما

أخشى أن تحملَ لي الأيام هموما

تسحبني قدمايَ إلى المقهى عن عمدٍ حتى ألقى الأخدان

أغمس رأسي فى التبغِ و في النردِ لأنسى ما في الروح

لكنْ ضحكاتي تُظهرُ ما أُخفي من وجدٍ و تباريح

في آخر يومي تُسْلِمُني النارجيلةُ للبَوْح

في آخر يومي يُسْلِمُني البَوْحُ إلى النَوْح

يتداخل عُريي في عُري صديقي حتى ننسجَ منهُ أرديةً تسترُ سوءتَنا

في كلِّ مساءٍ يعلوني صدأُ الأحزان

تدهمني تذكاراتُ الأيامِ الفائتةِ الممرورة

إذ تمتزجُ بصورِ الأيامِ الحاضرةِ الممرورة

لكني_يا فرحةَ عمري_أَجْبَنُ من أنْ أنظرَ للمستقبل

أحيانا أقتاتُ الكتبَ المُهترئةَ, حتى أدفنَ نضرةَ أيامي

و أظلُّ كذلك حتى يُلْقِيَني صبحُ اليومِ التالي في بئرِ التكرار

في البدءِ, يا صديقتي, عانيْتُ وخزةَ الأفيون

لكنني عاشرتُهُ حتى عرفْتُه

و وقت أن عرفْتُهُ سئمْتُه

و وقت أن سئمْتُهُ, أحببْتُه

فصار خدرَنا الحنون

من حزنِنا الذي يكون حين لا نكون

و أنتِ لستِ_مثلَنا_قعيدة

حتى تذوقي ما نذوقُهُ من الآلامِ و السأم

و حبُّنا الذي ظننتُهُ ينشلني من الضياع

ليس سوى عدم

فأنتِ_يا صديقتي_سعيدة

هل يستقيمُ الحبُّ بين امرأةٍ سعيدةٍ و رجلٍ حزين؟






قبـــــضُ الريـــــح


"كلُّ الأنهارِ تجري إلى البحرِ, و البحرُ ليسَ بملآن"



يطول بنا الدربُ أو لا يطول

فماذا سنجني, و كيف تكون النهاية؟

أليس إلى نفسِ وهدةِ آبائِنا الأوَّلين؟

و مهما تبدَّلَ شكلُ القرون

فهل يُنزلُ الركبُ رحلَ الحياةِ بغيرِ المكانِ المُقدَّر؟

مكانِ التقاءِ الجميعِ, و قد دبَّ فيهم سكون

طويلٌ هوَ الدربُ منذ الكهوفِ إلى ناطحاتِ السحاب

طويلٌ و ما زال نفسُ المصيرِ المُهاب

يعانقُ أهلَ الخيامِ, و أهلَ سفائن غزوِ الفضاء

فما أجدت الحاسبات؟

و ما أجدت الناطحات؟

و ما أجدت التقنياتُ سوى كلِّ هذا التوتر؟

هباءٌ...و أيُّ هباء

و عمَّا قليلٍ سنرجعُ حتى الوراء

سيرجعُ كلٌّ إلى أوَّلِ الأمرِ حين تزولُ الحضارة

فما قام فوقَ الأباطيلِ لابدَّ يُهدم

و لابدَّ ينهارُ ذاك التقدم

فهذا مصيرُ الخلائقِ...لا شىءَ غيرُ الرحيل

و كلُّ الذي جمَّلتْهُ الفصول

يحينُ الأوانُ لفقدِه

فأين ستفلتُ هذى الحضارةُ, و الكلُّ باطل؟

و أين ستفلتُ هذي الحضارةُ, و الكلُّ زائل؟

نعم. كلُّ شىءٍ خلا الله باطل

و كلُّ نعيمٍ على الأرضِ زائل


محمد علي بكر