قصائد من «الجحيم»

قصائد من «الجحيم»

ريشة تفكر فى جناح الدجاجة

آمل أن يحدث هذا قريبًا

ليس قريبا جدًا

ـ كى لا أخدع نفسى

لكن على مدى البصر؛

أن تطير النافذة فى الهواء

ترفرف بضلفتيها كنسر

تغمض وتفتح شيشها، كعينى مراهقة على شفا الحب

أن يُحَلّق السقف

ويمطر مصابيح على القرى المظلمة

أن يسير الباب

يلقى التحية على الباعة الجائلين فى الشارع

ويحتسى القهوة مع عجوز وحيدة

على أطراف المدينة

أن تتهدم حوائط البيت فوقي

حتى تضحى هرمًا

ليس أكبر من خوفو ولا أصغر من منقرع

يصبح عجيبة جديدة

تحير المنقبين وعلماء الآثار

ومريدى الأولياء الصالحين

يبحثون جميعًا

عن باب الطريق إلى المقبرة

عن كنه الساكن بالداخل

بلا جدوى

فيما أُطِلُّ عليهم

من تحت الركام

وحيدًا

ومهجورًا

إلى الأبد.

صحراء معلقة على الحائط

معظم الذين عثروا على ذاكرتى

فى الركام

فقدوا أعينهم

لم يقولوا: هل أعماهم وهجها

أم قفزت كائنات مجهولة منها

أفسدت ما رأوه.

.لا أذكر كيف فقدتها

ولا أين

لكن بينما أقلّب صحيفة الصباح

وجدتها فى أيدى الصبية

فى صدر الصفحة الأولي

مرسومة خلفهم على الجدران

مثل شعار قرصان أو ثورة قادمة

ملقاة أسفل أقدامهم

كصندوق مغلق على كارثة

تشع من عيونهم

كعيدان ثقاب

أُشْعِلَت للتو

.ليس من حق «دار الوثائق» إتلافها

سأقاضى التليفزيون إذا بث محتوياتها

فى عرض مباشر،

فمن سيعالج كل هؤلاء المشاهدين

من رؤيتها معلقة فى الفراغ،

وأنا، لسنين طوالٍ

لا أفعل شيئًا

سوى الدوران حولها

مقلدًا حركة الكواكب.

.اتركوها هناك

حيث ضاعت

حيث أسقطْتُها ونسيت

لا تبنوا لها ضريحًا

ولا نصبًا تذكاريا

ربما تورق ذات يوم

طفلًا سعيدًا لا يشبهنى

ربما تصير قنبلة

تنفجر فتنثر أيامى بطول الأرض

رزنامة فى كل بيت

سوداء

وفارغة تمامًا.

الحياة دون خوذة قيادة

لا أريد أن أعيش طويلًا

ومع ذلك، أخشى الموت الآن،

ـ أقصد فى هذه الأيام ـ

فلم أحقق شيئًا

لم أُنهِ معجزتى بعد

لا صارت يدى خضراء فى جيبي

ولا شققت البحر بسكين

لم أطفئ المصباح قبل أن أنام

ولا انتهيت من عد النجوم

لم أعمل صيادًا فى أوقات الفراغ

ليس لدى وقت فراغ أصلًا

كى أصيد أو أفكر فى الموت

أعمل، أعمل، أعمل

كماكينة فقدت مفتاح إيقافها

اِنْسَ كل القصائد التى كتبتها من قبل

لم أفكر أبدًا فى الموت بجدية

فكرت فى طرق طهى المكرونة بالصلصة أكثر

فى آخر كوب كاكاو مُتبقٍ فى العلبة.

علبة الكاكاو ما زالت ممتلئة فى المطبخ

لأننى تَوَقّفْتُ عن شربه

وربما بعد أيام

أحب الموت

ولا آبه أبدًا بكيف ستكون النهايه