.. الشيطان والإنسان

نظرات فى القرآن.. الشيطان والإنسان




من الأمور الثابتة في الفكر الإسلامي أن الشيطان عدو للإنسان، يريد أن يميل به عن الصراط المستقيم، وأنه لن يترك في سبيل ذلك وسيلةً لإضلاله إلا استعملها، وأنه يستطيع رؤية البشر وهم لا يَرَوْنه، ووُصِف في القرآن في ثمانية مواضع بالعدو المبين؛ وجاء الخطاب للناس كافة في سورة فاطر: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)».



وهذه العداوة كما يقول مصطفى حمدون أمين ـ الباحث في الفكر الإسلامي بكلية دار العلوم تقتضي مِن الإنسان أن يكون شديد الاحتياط والمراقبة؛ حتى يعي خُطَط هذا العدو المبين، ويتمكن من مواجهته والنجاة مِن أَسْرها، وهذا ما أكده مجيء النهي أربع مرات في القرآن عن اتباع خطوات الشيطان.



ومع ذلك نجد في سورة النساء: «... إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)»؛ وما ذلك إلا لأنه مغرور مستكبر، فكيف ينتصر على الذين استعاذوا بربّه وربِّهم رب العالمين؟!



والذين يدركون هذه الحقيقة اعتقادًا وعملًا يكونون جديرين بأن ينسبهم الرحيمُ لنفسه، وهم المعنيُّون بقوله -تعالى- للشيطان كما في سورة الإسراء: «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)»



أما الذين استطاع الشيطان أن ينتصر عليهم، فإنه لم يستطع ذلك لقوة فيه، وإنما لضعفٍ وجَهلٍ فيهم، وهم الذين مكّنوه من أنفسهم حين أعرضوا عن اتباع الحق من ربهم، واتبعوا شهواتهم التي زينها لهم الشيطان؛ ولذلك سيقول الشيطان للذين اتبعوه كما في سورة إبراهيم: «... إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ... (22)»



إنّ أقصى ما يستطيعه الشيطان مع عباد الله أن ينزغ بينهم، ويستفزّ فيهم طباعهم البشرية، ولكنهم إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا، فإذا هم مبصرون يستعينون بخالقه وخالقهم عليه، يتوبون من قريب، يستعيذون بربهم بقلوبهم وألسنتهم من هذا الشيطان الرجيم، إنه -سبحانه- يسمع ويعلم وسوسته في صدور الناس، إنه هو السميع العليم؛ ولذلك جاء في سورة النحل: «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ».