أثارت قاضية بريطانية مخضرمة. جدلاً واسعاً في صحافة وتليفزيون بلادها. أعتقد انه سيجد صدي في بلاد أخري.
القاضية اسمها: ليندساي كيشنر. وتبلغ الرابعة والستين من عمرها.
جاءت في الأسبوع الماضي إلي المحكمة التي ترأسها في مدينة "مانشستر" البريطانية. لكي تصدر حكماً في قضية فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تعرضت للاغتصاب من أحد الشباب.
أوراق القضية تقول إن الفتاة لحظة تعرضها للاغتصاب كانت مخمورة وفي حالة "سكر" بيّن.
دافعت الفتاة عن نفسها أمام القاضية. وكذلك الشاب المتهم.
أدانت القاضية الشاب. وحكمت عليه بالسجن.
إلي هنا. والموقف عادي. ولا جديد فيه. فهو تكرار لعشرات القضايا المماثلة التي نظرتها ليندساي من قبل.
لكن هذه القضية بالنسبة لها كانت مختلفة. فقد كان اليوم الذي أصدرت حكمها فيها هو آخر يوم عمل لها قبل أن تتقاعد.. كما كان ضمن أسبوع الاحتفال بيوم المرأة العالمي.
وأرادت القاضية ليندساي أن تقول شيئاً قبل أن تودع المنصة.
قالت إن الاغتصاب جريمة لا يمكن تبريرها أو الدفاع عنها. لكني أريد أن أوجه حديثي إلي كل فتاة وامرأة. وأقول لها: تجنبي كل ما يمكن أن يجعلك ضعيفة عندما تتعرضين لمثل هذه الجريمة.
أضافت: حالة الُسكر الشديد تجعلك أكثر قابلية للانسياق. وأقل قدرة علي المقاومة في مواجهة شخص في لحظة تتملكه نوازع شيطانية.
وفجر هذا النداء عاصفة من الجدل في بريطانيا.
عارض المسئولون في إدارة الأمن الجنائي بالشرطة النداء.
قالوا إن ما أعلنته القاضية يدخل في باب "لوم الضحية" بدلاً من التركيز علي الجريمة والمتهم فيها.
وأضافوا أن ذلك يمكن أن يجعل الفتيات والنساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب وهن مخمورات. يترددن في الابلاغ عن الجريمة. وهذا يخدم المتهمين.
وثارت منظمات نسائية وحقوقية علي القاضية باعتبار انه ليس من المعتاد أن يتضمن حكم قضائي نصائح لأحد طرفي القضية يمكن أن تقلل من فداحة الجريمة التي ارتكبها الطرف الآخر.
وقالت المنظمات إن من تتعرض للاغتصاب تشعر بالذنب والعار. وتجد صعوبة كبيرة في الابلاغ عما تعرضت له. فإذا قال القاضي لها: حسناً.. رب حالة السكر التي كنت فيها جعلتك أكثر عرضة للاغتصاب. فإن هذا يجعل وضع الضحية أسوأ.
لكن القاضية ليندساي وجدت أصواتاً تدافع عنها أيضاً. وتقول إنها بحكم انها امرأة. أرادت أن تختتم حياتها القضائية بنصيحة توجهها لبنات جنسها بأن يكن أكثر حرصاً علي حماية أنفسهن. ولا يساهمن في تعريض أنفسهن لمثل هذه الأخطار.
ورغم اننا في مصر ليس لدينا فتيات أو نساء مخمورات. فإن لدينا أصواتاً عديدة. تحمل بعض الفتيات والنساء جزءاً من المسئولية حين يتعرضن للتحرش بسبب أزيائهن أو تصرفاتهن التي قد تخرج عن نطاق التقاليد المصرية.