أشهر المعارك بين الشخصيات التاريخية.. «أحدهم تسبب في اغتيال آخر»
الشعراوي - فرج فودة - عباس العقاد - الغزالي - سعد زغلول - أحمد عرابي
«صـَغـار في الذهـاب وفي الإياب .. أهــذا كـــل شــأنك يـا عرابي؟
عفـا عــنك الأبـاعد والأداني .. فمـن يعـفو عن الوطـن المصـاب؟».
هكذا استهل أمير الشعر العربي أحمد شوقي، قصيدته الأولى في هجاء الزعيم أحمد عرابي، بعدما عاد من المنفى في إسبانيا، كانت بعنوان «عاد لها عرابي»، نظمها عام 1901، والثانية بعنوان «عرابي وما جنى»، في نفس العام أيضًا، وهذه القصائد في مجملها تزيد علي مائة وخمسين بيتًا، وقد دافع «شوقي» في هذه القصائد عن أعداء «عرابي» خاصة الخديوي توفيق وابنه الخديوي عباس حلمي الثاني.
عداء «شوقي وعرابي» ليس الأول وليس الأخير بالنسبة للشخصيات التي تركت بصمتها في التاريخ المصري الحديث، وسيبقى التاريخ ما بقى الدهر شاهدًا على العديد والمزيد من الصراعات والحروب بين مشاهير؛ وفي هذا التقرير ترصد «التحرير» عددًا من المعارك التي دارت بين شخصيات تاريخية.
سعد زغلول وعدلي يكنالتنافس بين عدلي وسعد كان له دلالته خاصة أن كل منهما يمثل تيارًا بعينه، فـ«سعد باشا» ابن الفلاحين الذي سار حافيًا وتدرج في المناصب وقاد ثورة، و«عدلي باشا» ابن الأصول التركية، سليل الأسرة العريقة، وابن الذوات كما يطلق عليه، زعيم الأمة ناضل من أجل أن يحكم، أما ابن الأسرة التركية فقد ولد ليحكم كل شيء تحت يديه ميسرًا.
دبت شرارة الخلاف بين زعيم حزب الوفد، وزعيم حزب الأحرار الدستوريين، في أكثر من موقف علي مدى نصف قرن، ظهرت خلالها ملامح التناحر السياسي بينهم في خطاباتهم ومقالاتهم السياسية، مما أثر علي أحزابهم محدثًا انقسامات حادة ما بين مؤيد ومعارض وأدى إلى انقسام ليس فقط المثقفين بل الأمة بأكملها إلى سعديين وعدليين.
كانت بداية المعركة بين الرجلين، عقب ترك سعد الوزارة ليخوض معركة الانتخابات البرلمانية ويفوز، ولكن وجود سعد تحت قبة البرلمان كان يؤهله إلى منصب وكيل البرلمان وهو ما حظى به بجانب عدلي يكن، الوكيل المعين من قبل الحكومة وفق قوانين المجلس آنذاك، وبمجرد انعقاد المجلس بدأت المعركة بين الرجلين التي لم تخلوا من إعجاب كل واحد بالآخر وفقًا لأحمد بهاء الدين في كتابه «أيام له تاريخ»، وبدأ الخلاف بعد أن سأل أحد الأعضاء في حالة تغيب رئيس الجمعية من المسئول، وهنا هب عدلي ليعلن إنه المسئول في حالة غياب رئيس المجلس فثار سعد ليعلن أن كلمة «الأمة فوق الجميع»؛ الأمر لم يقف مع سعد عند هذا الحد بل لجأ إلى المناورات البرلمانية من خلال كتلة الأعضاء والانسحاب لجعل القرارات غير قانونية وكان لها صدى واسع في إثبات صلاحية الأمة.
يتكرر الصدام مرة أخرى بعد تصعيد المصريين ضد الإنجليز فكان طلب عدلي باشا السفر إلى مؤتمر الصلح ليحصلوا على مكتسبات دستورية لكن مع بقاء الحماية الإنجليزية، فيما طلب الوفد أن يسافر لكي يعلن رفضه للحماية وهنا تتخذ الحكومة المصرية موقف المؤيد لعدلي باشا ويثور زعيم الأمة بالبيانات التي تطالب بإلغاء الحماية، في حين أن الساسة وقيادات حزب الوفد نفسها تناصر عدلي بينما يقف سعد مدعومًا بالشباب فقط، الذين يجمعون التوكيلات لتفويض سعد باشا وكان يقود هؤلاء الشاب مصطفى النحاس، وتطورت الأحداث إلا أن سمح الإنجليز بسفر وفد سعد باشا الذي كان أحد أعضاءه عدلي يكن، ومن ثم كان فشل الوفد بعد أن اجتمع أعضاء الوفد على اكتساب حكم دستوري، بينما وقف زغلول فقط يطالب بالغاء الحماية بكل عنف.
واشتعلت الحرب الباردة بين الرجلين، سعد يرسل الجوابات إلى القاهرة لإشعال الثورة في أقرب وقت، وعدلي يتقرب إلى الإنجليز يقنعهم بالخلاص من سعد واكتساب حقوق دستورية بعيدًا عن إلغاء الحماية.
ودب الخلاف مجددًا حول رئاسة الوفد، حيث يسمح الإنجليز بمقابلة الوفد المصري فيتم اقتراح من يكون رئيس الوفد، عدلي باشا يرى بصفته رئيسًا لمجلس الوزراء أنه الأحق برئاسة الوفد فلا يمكن أن يعلو عليه أحد، وزعيم الأمة ما زال على رأيه «الأمة فوق الجميع»، ويحبس الناس أنفاسهم من يكون الرئيس كما حبسوا أنفاسهم لمن الغلبة وكيل الجمعية المعين أم المنتخب، وانقسم المجتمع بين «سعديين وعدليين»، وانتهي الأمر بمفاوضة «عدلي» بعد أن فضل «سعد» أن يحمل لواء المقاومة في القاهرة.
واستمر صراع العدليين مع السعديين أو صراع الاعتماد على النفعية والواقعية للوصول للأهداف، الذى انتهجه عدلي يكن، مقابل الاعتماد على نهج الشعبوية، الذي انتهجه سعد زغلول، حتى انصرف كل من عدلي وسعد بعد عام 1924 بعيدًا عن السياسة، فقد اتجه الأول للإقامة في لندن والتجول في أوروبا، بينما اتجه الثاني لقريته «مسجد وصيف» حتى أدركه الموت فيها وقال كلمته الشهيرة «مفيش فايدة»، ويقول آخرون إن آخر كلمة قالها هي «خلاص أنا انتهيت».
الشيخ الغزالي وفرج فودةعلى هامش معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 1992، جرت مناظرة شارك فيها عن الجانب الإسلامي الشيخ محمد الغزالي والمستشار محمد مأمون الهضيبي، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حينها، والدكتور محمد عمارة، وعن الجانب المدني شارك الدكتور محمد خلف الله، العضو البارز في حزب التجمع، والدكتور فرج فودة، رئيس حزب المستقبل، وقد كان عدد حضور هذه المناظرة ثلاثون ألف شخص، وكان موضوع المناظرة يدور حول أن تكون مصر دولة إسلامية أو دولة علمانية، وتم الإثبات من هذه المناظرة أن مصر دولة إسلامية تقر التطور المدني وأن الإسلام لا يعارض ولا يقف حائلًا بين التطور المدني وبين تعاليمه.
المثير أنه بعد انعقاد هذه المناظرة بستة أشهر تقريبًا وقع حادث اغتيال «فودة»؛ وفي أثناء المحاكمة الجنائية، طلب دفاع المتهمين شهادة الشيخ الغزالي، وهناك أفتى بـ«جواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتئاتًا على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة»، وكان معنى ذلك واضحًا، أنه يرى أن فرج فودة «مرتد»، كما أنه يجوز تطبيق حد الردة عليه، وهو القتل.
عباس العقاد ومصطفى صادق الرافعيكانت حياة «الرافعي» سلسلة من المعارك، فما يكاد ينتهي من معركة إلا ليبدأ في معركة جديدة، لكن يتفق النقاد والأدباء على أن معركته مع عباس العقاد كانت من أعنف المعارك التي خاضها الرافعي في حياته، بل تعد أعنف معركة في ميدان الأدب بوجه عام، ذلك لأن العقاد، آنذاك، قد بلغ أعلى مراتب المجد والشهرة لدى جماهير القراء في مجال الشعر قصائد ودواوين ومواقف وآراء لا يستهان بها.
قيل إن معارك «الرافعي والعقاد» كانت لها خلفية تاريخية تمتد إلى سنة 1911، حينما كان العقاد يكتب في مجلة «البيان» وكان الرافعي محررها الأول وصاحب الرأي في نشر واختصار وحذف ما يشاء من الموضوعات، ومن بين هذه الموضوعات ما كان يكتبه العقاد، ومن هنا بدأ بينه وبين العقاد خلاف امتد إلى مفاهيم في الشعر والنثر.
وبدأ هذا الخلاف على صفحات «المؤيد» الصادر في 16 مايو 1914، حيث نجد للعقاد موضوعًا عنوانه «فائدة من أفكوهة» يدور حول اضطراب القياس عند «الرافعي»، حينما كتب عن جهاز النطق لدى الإنسان والحيوان، وأخذ العقاد على الرافعي تناقضه بين قوله بصدور اللغة في الحيوان عن الإحساس وبين كونه يتعلم حرفًا أو أحرفًا من لغة الناس.
ثم يستدرك الرافعي فيكتب في هامشه: «أما الحيوان المروض المأخوذ بالعناية والتعليم والتلقين فقد يقتبس جملة من حروف اللغة التي يتعلم بها، وبذلك تأتى لبعض الألمانيين أن ينطق كلبه بألفاظ خالصة من اللغة الألمانية ولكنها في الجملة من حاجات الكلب الطبيعية كالأكل والشرب فلا تخرج عن معنى الإحساس أيضًا»، ويعلّق العقاد في مقالته بقوله: «إن مثل هذا القياس أفكوهة فلم يكن من سبيل أمام الرافعي إلا أن يطنب فيذكر لغة الحيوان الطبيعية الخالدة ولغة الهمج وموقف الحروف التي ينطقونها والتي لا ينطقونها»، وينهي العقاد مقالته بأن «الرافعي» منشئ مكين يحس اضطراب القياس لديه ويعمل القلم ولا يعمل الرأي، لأنه لا يستطيع أن يصنع غير ذلك، وإن كتاب الرافعي «تاريخ آداب العرب» في نظره كتاب أدب لا تاريخ أدب، لأن البحث في هذا الفن يتطلب من المنطق ما يتطلبه «الرافعي» نفسه ولا يجده في استعداده.
ويشتعل الصراع ونيران الخصومة بين العقاد والرافعي بسبب الصراع على صداقة الزعيم «سعد زغلول»، فالأول هو كاتب الأمة الذي أحبه سعد واحترمه، والثاني له مكانته عند سعد أيضًا، أمرًا جعله يقول عن كتابه «إعجاز القرآن»: «كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم»، وتتأجج الخصومة أكثر وأكثر حين يعلن العقاد بأن هذه الكلمة التي يتشدق بها الرافعي ويفتخر لم تصدر عن سعد زغلول وإنما هو خالقها ومزوِّرها، ليصدّر بها كتابه حتى يروج عند الشعب، وهنا جنّ جنون الرافعي، فخاض معركته الخفية ضد العقاد وهي عبارة عن سلسلة من المقالات السامة أو الحارقة التي نشرها، دون توقيع، في مجلة «العصور» تحت عنوان «على السفود».
وهدأت الخصومة بين الطرفين فترة لتبدأ من جديد بعد صدور ديوان «وحي الأربعين» للعقاد، ولكن الرافعي كان قد فارق صولجانه في جريدة «البلاغ» فاستطاع العقاد عن طريق البلاغ أن يحمل عليه حملة عنيفة تحدث بها الثقلان، وسارت بها الركبان، وكان مما قاله العقاد آنذاك: «مصطفى صادق الرافعي رجل عامي من فرعه إلى قدمه أو من قدمه إلى فرعه، يظن كما يظن كل عامي أن المناقشة هي أن يغلِب، وأن علامة الغَلَب أن يظل يتكلم ويتكلم، لا يا هذا عندي ما يشغلني عن ضغينة نفسك الصغيرة فاذهب إلى عالم الأشباح، الذي ألقيت بك فيه منذ سنوات»، وما كاد يموت الرافعي حتى نُشر له حديثًا فيه رأيه عن العقاد، قال فيه: «أما العقاد فإني أكرهه وأحترمه، أكرهه لأنه شديد الاعتداد بنفسه قليل الإنصاف لغيره، ولعله أعلم الناس بمكاني من الأدب، ولكنه ينعى عليّ قوة البيان فيتجاهلني حتى لا أجري معه في عنان»، وقد أجاب العقاد على هذا الاتهام فقال: «كنتُ أعلم أن الرافعي يقول عني أحياناً غير ما يكتب، وإنني كتبت عن الرافعي مرات أن له أسلوبًا جزلًا، وأن له صفحات من بلاغة الإنشاء تسلكه في الطبقة الأولى من كتاب العربية المنشئين، وقلتُ أنا لا أنكر عليه فلسفة البحث وصحة المنطق ودقة القياس، وهبنا توافقنا على المودة، ولم نتفرق في الخصومة، فأنا قد شهدتُ له بالبلاغة الإنشائية وأنكرتُ عليه الفلسفة المنطقية لأنني أستطيع أن أسلكه مع الجاحظ وعبد الحميد، ولا أستطيع أن أسلكه مع كانْت وهيوم، وابن سينا».
وقيل أن هناك سببًا آخر، وراء احتدام الصراع بين «الرافعي» و«العقاد»، هذا السبب يدور حول الأديبة والكاتبة «ميّ زيادة»، الفتاة اللبنانية الرقيقة المهذبة، حيث أن الرافعي كان واحدًا من المتدلهين بحب «ميّ» بل كان بينهما حريق من الحب، على حد تعبير الرافعي، وكان أحد رواد صالونها الثقافي الذي كان يلتقي فيه أقطاب الفكر والأدب، أمثال: إسماعيل صبري، وطه حسين، وخليل مطران، وأحمد حسن الزيات، ولطفي السيد، وأنطون الجُميّل؛ وكتبت ذات مرة تقول له: «سأدعوكَ أبي وأمي متهيبة فيك سطوة الكبير وتأثير الآمر، وسأدعوك قومي وعشيرتي، أنا التي أعلم أن هؤلاء ليسوا دوماً بالمحبين، وسأدعوك أخي وصديقي، أنا التي لا أخ لها ولا صديق، وسأطلعك على ضعفي واحتياجي إلى المعونة أنا التي تتخيل فيك قوة الأبطال ومناعة الصناديد»، وكتبت أيضًا: «سأستعيد ذكرك متكلماً في خلوتي لأسمع منك حكاية همومك وأطماعك وآمالك، حكاية البشر المتجمعة في فرد واحد، وسأتسمع إلى جميع الأصوات لعلي أعثر فيها على لهجة صوتك، وأشرح جميع الأفكار وأمتدح الصائب من الآراء ليتعاظم تقديري لآرائك وأفكارك، وسأبتسم في المرآة ابتسامتك في حضورك، سأتحول عن نفسي لأفكر فيك، وفي غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك».
في ذات الوقت، كانت «ميّ» تطوي بين جوانحها شوقًا وإعجابًا وإجلالًا كبيرًا للعقاد، وهذا مما أثار حفيظة الرافعي ضد صاحبه، وكظم في نفسه غيظًا لا يحتمل، خاصة عندما كان يجدها عنده، ويراها شغوفة بكلامه وآرائه، وزاد الأمر سوءًا عندما علم بحكاية الرسالة التي أرسلتها «ميّ» للعقاد من روما سنة 1925 مرفقًا بها مقالها في مناجاة ينابيع فرونديزي بروما، ثم جواب العقاد عليها بقصيدته المعروفة والتي مطلعها:
«أنت في روما وفي مصر أنا.. بعدت شقتنا لولا النجاء»، حتى علمت بقصته مع «سارة»، معشوقته، وبعدها أرسل الرافعي دموعه لميّ زيادة، ورفضت أن تتزوجه عندما طلب الزواج منها، لأنها كانت لا تؤمن بالقيد الحديدي للرجل، وقالت له:«يا مصطفى.. من حقك أن تحب كما تريد، ودعني أن أحب كما أشاء»، وتركت قلب «الرافعي» يتحطم، وروحه تتناثر كالنسيم في يد الرياح، كما جعلت «العقاد» يكتب لنا أروع إبداعاته العاطفية على الإطلاق، وهي القصة الشهيرة «سارة».
الشعراوي في مواجهة توفيق الحكيم ويوسف إدريسلم يكن الشيخ محمد متولى الشعراوي مشغولًا بفكرة الصراع والزج باسمه مع كبار الكتاب والمبدعين، ولكن كان لتوفيق الحكيم ويوسف إدريس معه معركة انتهت بخسارتهما، بدأت بما كتبه توفيق حكيم بمقاله: «حديث مع الله»، فعلق الشعرواي: « هذه أول مرة اسمع فيها أن الله كلم واحدًا من البشر من غير الأنبياء والرسل»، وفى دفاع «الحكيم» عن نفسه يقول إنه تخيل ذلك؛ وفى حديث آخر فى مجلة «اللواء الإسلامى»، 17 مارس 1983، واصل الشيخ هجومه على «الحكيم» بقوله: «لقد شاء الله ألا يفارق هذا الكاتب الدنيا إلا بعد أن يكشف للناس ما يخفيه من أفكار وعقائد كان يهمس بها ولا يجرؤ على نشرها، وشاء الله ألا تنتهي حياته إلا بعد أن يضيع كل خير عمله في الدنيا فيلقى الله بلا رصيد إيماني».
أما يوسف إدريس فكتب مقالًا فى الأهرام، أبريل 1983، بعنوان «عفوًا يا مولانا»، قال فيه بأن الشيخ «يتمتع بكل خصال راسبوتين المسلم، قدرة على إقناع الجماهير البسيطة، وقدرة على التمثيل بالذراعين وتعبيرات الوجه، وإن له قدرة على جيب كبير مفتوح دائمًا للأموال، وأنه يملك قدرات أي ممثل نصف موهوب»؛ المقال الذي أثار غضب ملايين محبي الشيخ الشعراوي، لدرجة أن وزير الثقافة آنذاك، الدكتور أحمد هيكل، قال إن هذا الكلام ساقط، وأكد على أن الشعراوي مفخرة لمصر، وعلق سعد الدين وهبه، قائلًا: «هذا كلام لا صلة له بأي فكر أو ثقافة، هذا سقوط من الكاتب وإسفاف»، وشارك وكيل مجلس الشعب، المستشار أحمد موسى، في الرد على «إدريس» بقوله: «هذا شيء مؤسف حقيقة، هذا الكلام لا يهدم الشيخ بل يهدم من كتبه»، كما شارك نقيب المحامين، أحمد الخواجة، قائلًا: «هذا الكلام لا صلة له بالخلاف في الرأي بل هو قذف في حق الآخرين».
وطالب الشيخ بعقد ندوة في التليفزيون مع توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكي نجيب محمود، لمناقشة ما كتبوه، وقال: «لكي اكشف للناس ما نشروه من أفكار خاطئة عن الدين، وإذا كان لديهم ذرة حق فليأتوا، وليكن النقاش أمام الناس جميعًا، وأنا فى انتظارهم»، المفارقة أنه لم يتقدم أحدًا منهم لهذه المبارزة العلنية، بسبب الحجة القوية للشيخ، وكذلك ضغط الرأى العام المؤيد له.
وتراجع توفيق الحكيم، وقام بتغيير عنوان مقالاته من «حديث مع الله»، إلى «حديث إلى الله»، ثم غير العنوان مرة أخرى، ليصبح «حديث إلى نفسي»، وتراجع «إدريس» عما كتبه، وكتب اعتذارًا، جاء فيه: «أن ما نشر هو بالتأكيد خطأ فني مطبعي سقط إصلاحه سهوًا بحسن نية، وأنا لا يمكن أن أتولى بنفسي أي تجريح لشخصية عظيمة كشخصية الشيخ الشعراوي، وكنت قد صححت الجملة في البروفات، ولكن التصحيح لم ينفذ ما جعل الفقرة تبدو هجومًا غير معقول أن يصدر مني تجاه الشيخ الذي أكن له -رغم الفوارق الفكرية- أعمق آيات الود والتقدير والحب والاحترام، وأنا -حتى في قمة خلافي معه- حين اتهمنا فضيلته بالكفر، أنا والأستاذين الجليلين توفيق الحكيم وزكي نجيب، رددت عليه ردًا كان عنوانه (عفوا يا مولانا)».