(( برهامى.. عاشق التحريم ))

آخر صيحات الحرام أطلقها فى وجهنا ياسر برهامى نائب الدعوة السلفية حول «حرمة تولى المرأة رئاسة الدولة» مؤكدا إجماع الفقهاء على أنها من معانى الولاية العظمى وإن لم تتطابق معها، ومستنكرا ترشح بعض النساء للرئاسة، ومستبعدا تخطى نسبة التوكيلات المطلوبة ومتحدثا نيابة عن الشعب المصرى المسلم الذى يأبى أن تحكمه امرأة».

قبل أن يطلع علينا من يمجد علم برهامى وفقهه فإن العلامة الشيخ محمد الغزالى فى كلماته العامة حول أن الدين نفحة من رحمة الله ينبغى استقبالها بالبشاشة التى تستقبل بها النعم ولندع أفكار القاصرين المتزمتين الذين يقتربون من حقائق الأديان كما يقترب الذباب من الحلوى قد رد على من يحرم حلالا وغيره فى هذه القضية ـ أعرض لرأى رفاعة الطهطاوى صاحب التوجيهات التى ربت أمة بكاملها حيث يرى أن للمرأة قوة عقل ووحدة إحساس وإدراك تعوضها عن بنيتها الضعيفة وأن ذكاءها الغريزى جعلها تدرك حقائق الإشارات ودقائق الكنايات ورقائق التوجيهات والتلميحات وتؤول المعنى الذى تسمعه بأحسن التأويلات وهى قديرة على التلميح والتعريض والتورية فى الخطابات والمحاورات وإذا رأيت أى انحراف عن تلك الطبيعة تكون ناشئة من ظروف البيئة
والتربية. وأن الله وهبها قوة غريزية تمكنها من اقتسام السعادة والشقاء مع الرجل واليسر والعسر وعندما يشعر الرجل بالضيق يجد العطف والحب من المرأة وكأنها بهذا الخلق الحميد تملك نفسا ملائكية ملهمة بالألطاف الخفية كما لديها مقدرة على إخفاء التأثر الوجدانى وهى بذلك تقدر على مايعجز عنه صناديد الرجال.
ألا تروا معى أن هذه الملكات تؤهل المرأة مع العلم والتربية لتولى رئاسة دولة.

فى كتابه السنة النبوية بين أهل الفقة وأهل الحديث يقول الشيخ الغزالى بأنه ليس من عشاق جعل النساء رئيسات للدول وإنما أن يرأس الدولة أكفأ إنسان فى الأمة..

عطفا على ما سبق نكمل الرد على ياسر برهامى نائب الدعوة السلفية الذى حرم تولى المرأة رئاسة الدولة، بزعمه أنها من معانى الولاية العظمى، كما يزعم أن الفقهاء أجمعوا على ذلك.

إن الاتجاه المجدد والذى ذهب اليه كثير من الفقهاء المعاصرين أمثال الشيخ محمد الغزالى وغيره يرى بجواز تولية المرأة رئاسة الجمهورية فى دولة إسلامية، وهو ما أقرته دار الإفتاء المصرية بفتوى رقم (6670) لسنة 2008 على يد الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية وقتها وفيها إن بعض النصوص الشرعية تدل فى ظاهرها، أو فى معناها على جواز تولى المرأة الرئاسة ومن ذلك عموم قوله تعالى فى سورة التوبة «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» ثم ما جاء فى قصة ملكة سبأ التى حكاها القرآن الكريم من غير نكير، فكانت دليلا على مشروعية رئاستها، يقول الشيخ الغزالى إن استشهاد القرآن بقصة نجاح ملكة سبأ فى قيادة قومها تدل على الإيمان بحكمتها وذكائهاولنا فى رسول الله أسوة حسنة حيث كان يعمل فى مال السيدة خديجة دون غضاضة شرعية، ثم إن التاريخ أثبت نجاح بعض النساء فى الحكم مالم يكن بيد كثير من الرجال ومن هؤلاء ما ذكره الشيخ الغزالى فى كتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» فمنهن مارجريت ثاتشر وأنديرا غاندى وجولدا مائير، ويعلق الشيخ على ذلك بقوله «امرأة ذات دين أفضل من ذى لحية كفور».

أليست السيدة (ميجاواتى سوكارنو) قد انتخبها الشعب الإندونيسى من عام 2001 حتى 2004كأول سيدة تتولى رئاسة واحدة من كبرى الجمهوريات الإسلامية؟

ولنا وقفة مع الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ليؤصل فقهيا لهذه القضية التى أراها من الأهداف الإنسانية الرفيعة للإسلام، فهى تحرير للعقل وجعله يتحرك دون تحميله موروثات خاطئة.

رئاسة الدولة ليست كالخلافة أو الامامة الكبرى ولاتأخذ حكمها ذلك أن الرئاسة مؤقتة بفترة محددة ومقيدة بضوابط معينة ويخضع صاحبها للمساءلة اذا خالف تلك الضوابط، وهو لاينفرد باتخاذ قرار الحرب الا بعد موافقة مجلس الشعب فهو بمثابة موظف عند الشعب بالعقد الانتخابى وليس من اختصاصاته القيام بالوظائف الدينية لأنها مسئولية المؤسسة الدينية تحت رعايته وذلك عكس الإمامة الكبرى التى تقوم على حراسة الدين والدنيا مما يجعل رئاسة دولة فى نظر السياسة الشرعية ولاية اقليم.

بهذا يرد الدكتور سعد الدين الهلالى استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر على من يحرم تولى المرأة الرئاسة لأنها من معانى الولاية العظمى.
فى تأصيله فقهيا يفند الهلالى القول بحرمة تولى المرأة الرئاسة من باب سد الذرائع التى هى الفتنة والخلوة وضياع هيبة الدولة لضعف المرأة ورقة مشاعرها حتى ولو كان فى هذه التولية مصلحة تأكيدا للقاعدة الفقهية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، يقول ان التوسع فى سد الذرائع يمنع كثيرا من الحلال بما يضيق على
الناس على خلاف قوله تعالى فى سورة «الحج»، «وماجعل عليكم فى الدين من حرج» وأن المفاسد المتوهمة من تولية المرأة للرئاسة يمكن منعها برسم الضوابط التى تؤمن الممارسة والاختيار.

ما يدل بمعناه على جواز تولى المرأة الرئاسة ماجاء بحديث رسول الله «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».

مادخل الأنوثة والذكورة فى اختيار الشعب لحاكم عادل، صالح كفء، .

لذا تم التأصيل الفقهى لهذه القضية بحيث يثبت قول المجيزين كما يثبت قول المانعين ولايملك أحد الاتجاهين أن يتهم الآخر بالبطلان.

قد بات تراثا وسرابا ومضيعة للوقت والجهد الحديث عن الإمامة العظمى التى تجمع سلطات الحكم التنفيذية والتشريعية والقضائية فى يد الحاكم ومايترتب على ذلك من اشتراط الذكورة، كفانا ولننظر إلى الأمام

» (( اوزن دينك عند «برهامى»! ))
» (( اوزن دينك عند «برهامى»! ))
» (( معاناة عاشق ))
» بين عاشق وثائــــــــــر
» السـادات.. «أيقونة الحرب والسلام».. عاشق الحياة