حكاية كوبرى قصر النيل مع الخديو إسماعيل

حكاية كوبرى قصر النيل مع الخديو إسماعيل




أصدر الخديو إسماعيل فرمانا بإنشاء جسر (كوبري) يربط بين ضفتي النيل الضفة الشرقية (ميدان الإسماعيلية) التحرير حاليا والضفة الغربية (منطقة الجزيرة) عام 1869م، واستغرق تشييده ثلاث سنوات، حيث تم افتتاحه عام 1872م وكان الهدف من إنشاء هذا الكوبري هو تطوير المنطقة وظهورها بشكل حضاري يواكب التطوير المعماري لهذه الفترة في مدن أوروبا.

وكان عبور المصريين قبله علي مراكب مصطفة وعليها ألواح خشبية للمرور إلي الضفة الأخري مما يعرض حياتهم للخطر، وشهدت مصر بعد إنشائه رواجا اقتصاديا وتجاريا بين الوجهين القبلي والبحري حيث سهل عبور المشاة والدواب.

وفور إتمام البناء أصدر الخديو مرسوماا يقضي بوضع حواجز علي مدخلي الكوبري لدفع رسوم عبور نشرت تفاصيلها في جريدة الوقائع المصرية بتاريخ 27 فبراير 1872 بعد مرور 17 يوما من افتتاحه، وكان الهدف من فرض تلك الرسوم هو أن تستخدم لتغطية تكاليف الصيانة وبلغت الرسوم قرشين للجمل المحمل وقرشا واحدا للجمل الفارغ وكذلك هناك تعريفة خاصة لباقي الدواب، أما البشر فكانت رسوم العبور للرجال والنساء «فارغين وشايلين» 100 فضة، أما الإعفاء الوحيد فكان للأطفال دون سن ست سنوات من المارين مع أقاربهم.

وقد عهد الخديو اسماعيل إلي الفنان الفرنسي هنري الفريدجاكمار لإبداع أربعة تماثيل علي شكل أسود ضخمة لوضعها علي مدخلي الكوبري بواقع أسدين علي كل مدخل وقد قام الفنان الفرنسي بصنع التماثيل من البرونز وتم نقلها من فرنسا إلي الإسكندرية ومنها إلي موقعها الحالي، وأطلق المصريون لقب أبوالسباع علي الخديو إسماعيل كناية إلي سباع قصر النيل.

وبلغت تكلفة المشروع نحو 2.750 ألف فرنك، أو ما يعادل 108آلاف جنيه مصري في هذا الوقت وبلغ طول الكوبري 406 أمتار وعرضه 10.5 متر شاملة الأرصفة الجانبية التي بلغ عرضها مترين ونصف المتر، ويتكون من 8 أجزاء، منها جزء متحرك من ناحية ميدان الإسماعيلية طوله 64 مترًا لعبور المراكب والسفن يتم فتحه يدويًا من خلال تروس، علاوة علي جزءين نهائيين بطول 46 مترًا و5 أجزاء متوسطة بلغ طول كل منها 50 مترًا، وتم تأسيس دعائم الكوبري من الدبش المحاط بطبقة من الحجر الجيري الصلب.

وتم تسميته بكوبري قصر النيل نسبة إلي القصر الذي كان يوجد بالمنطقة وكان باسم زينب هانم بنت محمد علي باشا ورغم تغيير اسم الكوبري أكثر من مرة في أكثر من عهد فإن اسم كوبري قصر النيل ظل عالقاً بأذهان المصريين ولم يستطع أحد تغييره.

مع تزايد حركة النقل تقررهدم هذا الكوبري وإعادة بنائه من جديد، واشترط علي مقاول البناء أن يكون الكوبري جميل الشكل، والاحتفاظ بالأسود الموجودة عند مداخل الكوبري كما هي دون تغيير، وأن يستعمل فيه مصابيح كهربائية للإنارة، وقام بالتنفيذ شركة انجليزية، ووضع الملك فؤاد الأول حجر الأساس في 4 فبراير 1932 وأطلق عليه اسم والده الخديو اسماعيل إحياءً لذكراه، وطول الكوبري الجديد 382 مترا وعرضه 20 مترا وتكلف نحو 308 آلاف جنيه مصري وتم افتتاحه في 6 يونيو1933م.