موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
باكى - 67
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
الحربي - 36
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
زهرالورد - 30
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
السيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_rcapالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Voting_barالسيرة النبوية مشروعا حضاريا Vote_lcap 

 

 السيرة النبوية مشروعا حضاريا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

السيرة النبوية مشروعا حضاريا Empty
مُساهمةموضوع: السيرة النبوية مشروعا حضاريا   السيرة النبوية مشروعا حضاريا I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل 2018 - 12:52

 السيرة النبوية


 مشروعا حضاريا للدكتور عماد الدين خليل، حيث يؤصل فيه لضرورة اتخاذ السيرة النبوية على كونها مشروعا حضاريًا  من جميع جوانيه. 
1. النظرة التجزيئية إلى السيرة:
إلى عهد ليس ببعيد -ربما يكون منتصفَ القرن الماضي- كانت البحوث والدراسات والمصنفات المعنية بسيرة رسـول الله صلى الله عليه وسلم وعصر الرسالة تنحو -في معظمها- منحى تقليديا يرمي بثقله في اتجاه المعارك والغزوات والشمائل، وقد يعالج المفردات الدعوية والتشريعية والسلوكية منفصلة عن سياقها العضوي العام. لكنه لم يكد يلتفت إلى البعد الحضاري لهذا العصر الذي أقام دولة كبرى، ونسج تشريعا خصبا، وهيأ الشروط لقيام حضارة متميزة.


ثم إن معظم الباحثين سحَبوا رؤيتهم التجزيئية في تعاملهم مع العصر إلى صيَغ التعامل مع «المصادر» التي استقَوا منها مادتهم التاريخية؛ فلم يحاولوا -إلا في القليل النادر- أن يكسروا الفواصل بين أنماط تلك المصادر، وأن يستدعوا كل تلك الأنماط من أجل وضع أيديهم على الصورة الأكثر مقاربة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصر الرسالة: القرآن الكريم وتفاسيره، الحديث النبوي الشريف، كتب الأدب ودواوين الشعر، كتب الفقه، كتب الجغرافيا والرحلات؛ فضلاً عن كتب التاريخ في أنماطها كافة: السيرة، التاريخ العام، التاريخ المحلي، تواريخ المدن، التراجم، الأنساب والطبقات.


هذا إلى أنهم التزموا الخط الزمني لوقائع السيرة، فكانوا يتحدثون عن وقائع كل سنة مُجتزأةً عن وحدتها الموضوعية، أسوة بما كان الأجداد يفعلونه فيما يُسمّى بالحَوليات. وكان هذا يمارس تقطيعا للوقائع الأساسية، واختراقا لنسيجها بوقائع أخرى تتحرك في سياق مغاير، كأن يتم الحديث في السَّنة أو الحولية الواحدة عن الصراع ضد الوثنية واليهود والبيزنطيين والمنافقين، جنبًا إلى جنب مع المعطيات التشريعية أو الدعوية أو التعبدية أو السلوكية...إلخ.
كما أن الرؤية النقدية كادت أن تغيب عن تلك الأعمال؛ فكان أصحابها يسلمون بالغث والسمين، ما يمكن قبوله وما لا يمكن.. الأمر الذي أضاف إلى وقائع السيرة الأساسية أجساما غريبة، وقادها إلى نوع من التضخّم على حساب بنيتها الأصيلة المتَّفق عليها.


2. المنهج الأكاديمي والسيرة :  
ولحسن الحظ بدأ النصف الثاني من القرن الفائت يشهد تطورا ملحوظًا في دراسات السيرة، على مستوى المنهج والموضوع. وراحت هذه الدراسات تزداد -بمرور الوقت- نضجا وإحكاما بسبب من الوعي المتزايد بمطالب منهج البحث من جهة، والرغبة العلمية الصادقة في الرد على المحاولات الجانحة في التعامل مع السيرة، سواء جاءت من الخارج على يد المستشرقين بأجنحتهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم كافة، أو من الداخل على أيدي المغالين أو المنساقين وراء الميول والأهواء والتحزبات، أو المتأثرين بالمعطيات الاستشراقية في توجهاتها كافة.


ثم جاء تنامي النشاط الأكاديمي، وتزايد رسائل الدراسات العليا في المعاهد والجامعات، لا لكي تُعزز القيم المنهجية الأصيلة في التعامل مع وقائع السيرة فحسب، وإنما أيضًا لكي تنفّذ دراسات معمَّقة في هذه الواقعة أو تلك، وفق معايير نقدية صارمة، وقدرة على الإمساك بالدقائق والتفاصيل والجزئيات، تُعين الباحث على الإيغال في شرايين الواقعة من أجل الوصول أو محاولة الوصول إلى بنيتها الأساسية كما تشكلت فعلاً، لا كما إراد لها الرواة والأخباريون والمؤرخون أن تكون.


وفي موازاة هذا، أخذت تظهر دراسات تخصصية في السيرة باتجاه آخر... لا تقف عند هذه الواقعة أو تلك في نسيجها العام، وإنما تتعامل معها ككل؛ ولكن من منطلق منهجي محدد يسعى لأن يتابع معطيات السيرة عبر هذا التوجه أو ذاك من مجراها العام.


وهكذا ظهر كتاب «فقه السيرة» للغزالي لكي يقدم رؤية دعَوية للسيرة، وكتاب البوطي بالعنوان نفسه لكي يقدم رؤية فقهية، والشهيد سيد قطب ومنير الغضبان لكي يقدما رؤية حرَكية، وباحثون أخرون قدموا رؤية تربوية أو أخلاقية أو سلوكية أو سياسية.. هذا إلى قيام الدكتور أكرم العُمري وعدد من طلبة الدراسات العليا بتنفيذ منهج المحدّثين في التعامل مع مرويات السيرة.


وفي موازاة هذا كله استمرت مكتبة السيرة تشهد دراسات شمولية تتناول السيرة في حلقاتها كافة؛ ولكن وفق منهج أكثر دقة وانضباطا وإحكاما، يسعى لأن يضم جناحَيه على أبعاد السيرة كافة؛ دعوية وحركية وفقهية وسلوكية وسياسية وعسكرية... محاولا ألا يمرر إلا المرويات الأكثر قبولا على مستوى الرواية والدراية، أو الإسناد والمتن.


3. البعد الحضاري للسيرة:
ولكن رغم هذا العطاء السخي، ظلّت هنالك حلَقة لم تنل حظها من البحث والدرس والاستقصاء والتحليل، بالمقارنة مع الحلقات الأخرى؛ تلك هي الحلقة الحضارية، أو بعبارة أكثر دقة، محاولة متابعة البُعد الحضاري للسيرة، وتقديم تصوّر متكامل عن معطياته الأساسية.


وعلى الرغم من أن العقدين الأخيرين شهدا عددًا من المحاولات في هذا الاتجاه لا تتجاوز -ربما- أصابع اليد الواحدة، فإن الحاجة لا تزال تتطلب المزيد من المحاولات، من أجل إعطاء هذا الجانب من السيرة حقه، والإلمام بجوانبه كافة.
لقد بشر عصرُ الرسالة بمشروع حضاري، وتمكّن من تنفيذ العديد من حلقاته، ووضع شبكة من الشروط التأسيسية التي مكّنت الأمة الناشئة من بناء حضارتها المتميزة بعد عقود معدودة من الزمن.


ولعل المدوَّنات الأولى لأخباريّي ومؤرخي السيرة كمغازي الواقدي، وسيرة ابن إسحاق، وطبقات ابن سعد، وأنساب البلاذري، وتاريخ الطبري...إلخ، بإعطائها مساحة واسعة للمغازي -وأحيانًا للرجال أو الشمائل- ضيّقَت الخناق على البعد العمراني أو الحضاري لعصر الرسالة الذي تمكن بعد كفاح مرير من إقامة دولة الإسلام، ووضع التأسيسات الأولى لحضارته المتميزة.
عشرات السنين ومئاتها، ونحن نتحدث عن هذا العصر من الداخل، وبرؤية تجزيئية تتمرْكَز عند الغزوات، والشمائل، والمفردات الفقهية. ولقد آن الأوان لاعتماد «رؤية الطائر» إذا صح التعبير، لاستشراف الملامح الأساسية للعصر، والإنجازات الكبرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم.


ولا بد، من أجل التحقق برؤية كهذه، من استدعاء المؤرِّخ والمفسر والمحدّث والفقيه والجغرافي وفيلسوف التاريخ والأديب لتوسيع نطاق الفضاء المعرفيّ عن العصر.. هاهنا حيث يصير النصّ القرآني والحديث النبوي الصحيح والممارسة التاريخية لعصر الرسالة التي يقدمها المؤرخ والفقيه، والملامح البيئية التي يقدمها الجغرافي، والخبرة الذاتية والموضوعية التي يقدمها الشاعر أو الأديب، فضلاً عن الدلالات المحدَّدة للكلمات والتعابير التي يحددها اللغوي.. هاهنا المصادر الأساسية التي يكمّل بعضها الآخر من أجل تحديد ملامح المشروع الحضاري الذي وعدت به ومهدت له، ووضعت شروطه التأسيسية، ونفّذت بعض حلقاته، «سيرةُ» رسول الله صلى الله عليه وسلم.


إننا ونحن نتحدث عن «السيرة» وشروطها المنهجية، يجب ألا ننسى لحظة واحدة أن القرآن الكريم هو الوثيقة «التاريخية» الأكثر أهمية في دراسة العصر ومحاولة الإلمام بنبضه الأساسي وملامحه المتفرّدة. وإنه (أي القرآن الكريم) ينطوي على شبكة خصبة من المعطيات التاريخية التي تحمل مصداقيتها المطلقة، والتي تشكل -بالتالي- نقاط الارتكاز في بنية السيرة حيث يجيء المحدث والفقيه والمؤرخ واللغوي والجغرافي والأديب فيقيم بنيانه عليها.


4. الالتحام الحميم بين التنـزيل والتاريخ:
وبنظرة سريعة إلى «أسباب النـزول» في التفاسير القرآنية والمصادر الخاصة بالموضوع، يتبين للمرء الالتحام الحميم بين التنـزيل والتاريخ. إن المعطى القرآني يرهص، ويصف، ويعقب، وينذر، ويعد.. وهو في خطواته الخمس هذه يمارس تغطية تاريخية للعديد من وقائع السيرة المتشكلة في الزمن والمكان، أي في التاريخ.


ولقد تحدث الشهيد سيد قطب طويلا عن هذه المسألة وهو يكتب مقدماته الخصبة في «الظلال»، عبر تفسيره للسور التي قدَّمت مادة سخية عن العديد من الغزوات والوقائع والمعطيات التشريعية، على مدى عصر الرسالة من بدئه حتى منتهاه. كما تحدث عن طريقة عمل القرآن الكريم في إحداث التغيير، وهو في بدء التحليل ونهايته، تغيير تاريخي ينطوي بالضرورة على بعده الحضاري أو العمراني، بالمفهوم الشامل للكلمة.


لقد كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الكادحة وجهده الموصول حتى آخر لحظة، شهادةً حية على قدرة هذا الرجل النبي، على الإنجاز والتغيير بكل ما تنطوي عليه الكلمتان مِن بعد حضاريّ. ولقد جاءت شهادة الباحث الأميركي المعاصر «مايكل هارت» في «المائة الأوائل» تأكيدا لهذا المعنى.


لقد حاول الباحث المذكور أن يستقصي ويدرس بمعيارَي الإنجاز والتغيير، أعظم مائةِ شخصية في تاريخ البشرية... ثم مضى لكي ينفّذ خطوة تالية، باختيار أعظم رجل من بين هذه الشخصيات المائة، وبالمعيارين ذاتهما، فإذا باختياره يقع على محمد صلى الله عليه وسلم فيعتبره أعظم شخصية في التاريخ؛ وذلك في قدرته على تنفيذ إنجاز كبير ومتغيرات انقلابية تنطوي على الديني والدنيوي معًا.


وعندما جاءت السنة التاسعة للهجرة، ونزلت آيات (أو إعلان) براءة في صدر سورة التوبة، لتصفية الوجود الوثَني في جزيرة العرب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حقّق، وصحابته الكرام رضي الله عنهم على مستوى الفعل التاريخي، المنجزات التالية التي ينطوي كل منها على بُعد حضاري مؤكد:


أولاً: التوحيد في مواجهة الشرك والتعدد.


ثانيًا: الوحدة في مواجهة التجزّؤ.


ثالثًا: الدولة في مواجهة القبيلة.


رابعًا: التشريع في مواجهة العرف.


خامسًا: المؤسسة في مواجهة التقاليد.


سادسًا: الأمة في مواجهة العشيرة.


سابعًا: الإصلاح والإعمار في مواجهة التخريب والإفساد.


ثامنًا: المنهج في مواجهة الفوضى والخرافة والظن والهوى.


تاسعًا: المعرفة في مواجهة الجهل والأمية.


عاشرًا: الإنسان المسلم الجديد الملتزم بمنظومة القيم الخلُقية والسلوكية المتجذّرة في العقيدة، في مواجهة الجاهليّ المتمرس على الفوضى والتسيّب وتجاوز الضوابط وكراهية النظام.


وكانت آيـات القرآن الكريم وأحاديث رسـول الله صلى الله عليه وسلم وتعاليمه قد أرستْ جملة من القيم المنهجية وآليات العمل التي مهّدت للمتغيرات العشرة الآنفة الذكر، ودعمتْها، ووضعت -إلى جانبها- شبكة من الشروط هيأت المناخ الملائم للفعل الحضاري، ومن بين تلك القيم والآليات:


1. المعرفة هي حجر الزاوية.
2. النـزوع إلى الأمام.
3. التحذير من هدر الطاقة.
4. مبدأ الاستخلاف.
5. مبدأ التسخير.
6. التحفيز على العمل والإبداع.
7. مجابهة التخريب والإفساد.
8. التوازن بين الأضداد والثنائيات، وتوحدها.
9. التناغم والوفاق مع الطبيعة والعالم والكون.
10. تحرير الإنسان والجماعات والشعوب على المستويات كافة.[1]


لقد جاء الإسلام لكي يتحرك وفق دوائر ثلاث: تبدأ بالإنسان وتمر بالدولة وتنتهي إلى الحضارة التي سيقدر لها أن تَنْداح لكي تغطي مساحات واسعة من العالم القديم.
لقد كان هدف الجهد النبوي في عصر الرسالة هو التأسيس لحضارة إيمانية تستمد منهجها ومفرداتها من هدي الله سبحانه، وتقوم على لقاء الوحي بالوجود، لمجابهة حضارات الكفر والضلال، وإزاحتها، والتحقق بالبديل الحضاري الملائم للإنسان ووظيفته التعبدية والعمرانية.. البديل المتوازن في مواجهة حضارات الميل والانحراف: ﴿وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا﴾ (النساء: 27).


ويبقى عصر الرسالة منجما سخيا للعطاء وفق هذا المنهج أو ذاك فيما لم يشهده عصر من العصور. وما ذاك إلا لما حققه هذا العصر من تغيير جذري محليًّا وإقليميًّا وعالميا، وعلى كل المستويات، ولما انطوى عليه من قيم وخبرات تملك القدرة على الفاعلية والحضور في كل زمان ومكان.


[1] تمت معالجة هذه المباديء بالتفصيل في كتاب (مدخل إلى التاريخ والحضارة والإسلامية) للمؤلف، الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا - 2001 م، ص309 –328.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
السيرة النبوية مشروعا حضاريا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى الركن الاســـــــلامي-
انتقل الى: