محمد منسى المشرف العام
عدد الرسائل : 20175 العمر : 45 الموقع : منتديات ابو ريوف تاريخ التسجيل : 26/03/2008
| موضوع: الطريق لحياة إسلامية بسيطة الجمعة 5 يناير 2018 - 12:09 | |
| الطريق لحياة إسلامية بسيطة أول الطريق لحياة إسلامية بسيطة: ترك الحرام بالكلية، واجتناب الكبائر، وأداء الفرائض، والتوبة الصادقة، وإخلاص العمل لله، وجهاد النفس في سبيله، والإقبال على القرآن علما وعملا، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثرة الذكر والصلاة والاستغفار والصدقة، والإحسان للخلق، مع سلامة الصدر، واعتدال النفس. وبحسب الشيخ الشعراوي فإن كل مخاوف، في هذه الحياة، تجلب لك الهموم؛ إلا الخوف من الله، فإنه يجلب لك أعظم ثمرة. قال تعالى: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ".(الرحمن:46). وفي الرؤية الإسلامية فإن السنين العجاف، التي قد نمر بها؛ بحاجة إلى رؤية رشيدة: "فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ" (يوسف:47)، وأحلامنا بحاجة ليقين: "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ. عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا. إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ". (يوسف:83)، وكشف الهموم يتحقق ب: "إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ".(يوسف:86)، أما الأحزان فوداعها بـ"وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ". (البقرة 155). وما أروع برمجة الذات على امتثال قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ". (الرعد: 11). أما إزالة قلق النفس من المستقبل فتتحقق بـ"لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ". (آل عمران: 128). وصدرك الضائق دواؤه: "فمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ". (الأنعام: 125). فإن تأخرت عن تحقيق أحلامك ترفق بنفسك، وقل: "قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا". (يوسف:100)، بل قل لهمّك الذي طال بقاؤك فيه، ما قاله يوسف، عليه السلام: "وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ".(يوسف:100). أما أحبابك الذين تخشى الفاقةَ عليهم؛ فقل لهم، ما قاله يعقوب، عليه السلام، لأبنائه: "وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللهِ مِن شَيْءٍ".(يوسف:67). وتيقن أنه يوماً ما سَيُقِر بفضلك من جحده: "تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ". (يوسف:91). أما حين لا يقدرك الآخرون حق قدرك فتذكر أن من شَروا يوسف، عليه السلام، شروه بثمن بخس، و"كَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ".(يوسف:20). وحتى تحافظ على توازنك الذاتي، ارفق بنفسك، حتى لا تَكونَ: "حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ".(يوسف:85). وأسلم أمرك لله؛ ودعه يُحْكِمُ قدرك: "وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ. وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ". (يونس:109). واعلم أن ربك - القادر، سبحانه، على نسف الجبال: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا". (طه:105) - قادر على نسف متاعبك.. فتوكل وأقبل عليه. إنها معادلات الإسلام للحياة، وبساطته التي غمرت كل شئ، وقوامها اليُسر، ورفع الحرج، بدءا بمسائل العقيدة، مرورا بالزواج والتكاليف الشرعية، وليس انتهاء بالجندية، والموت. قال تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ". (البقرة: 185). وقال: "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ". (الحج: 78). إن الإسلام ببساطته المعهودة يضبط حياتنا كلها، إذ يضبط أصواتنا، فجاء في القرآن: "وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ". (لقمان :19). ويضبط كلامنا، إذ قال سبحانه: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا". (البقرة : 83). وقال: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".(الإسراء:53). ويضبط مشيتنا، فيقول: "وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا" (الإسراء: 37). ويضبط نظرتنا بقوله: "وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ. وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ". (طه:131)، ويضبط سمعنا بقوله: "وَلَا تَجَسَّسُوا".(الحجرات:12)، ويضبط إنفاقنا فيقول: "وَلَا تُسْرِفُوا. إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ".(الأعراف:31). وداعيا للسماحة، ومنتهجا للبساطة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من جهته: "بُعثتُ بالحنيفيّة السمحة". (صحيح بشواهده). وقال: "يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا". (البخاري ومسلم). وعلق البخاري على الحديث فقال: "كان (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يحب التخفيف، واليسر على الناس". بل دعا، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلى أن يكون المسلم "هيِّنا ليِّنا" مع الناس. فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ، عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ". (رواه الترمذي وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"). وفي رواية: "حُرِّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس". ("صحيح الجامع" للألباني). وهيْن: من السكينة والوقار. وليْن: من اللين ضد الخشونة. وسهل: يقضي حوائجهم. قال الماوردي: "بيَّن الحديث أن حُسن الخلق يدخل صاحبَه الجنة، ويُحرمه على النار، فإنه عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة، لكن لهذه الأوصاف حدود مقدرة في مواضع مستحقة، فإن تجاوز بها الخير صارت مَلَقًا، وإن عدل بها عن مواضعها صارت نِفاقًا، والمَلَق ذُل، والنفاق لُؤم". وبرغم فجورهم في خصومته، كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رفيقا مع قومه، حتى إنهم لمَّا آذوه بشدة، عرض عليه "مَلَكُ الجبال" أن يطبق عليهم "الأخشبين"، وهما جبلان عظيمان محيطان بمكة، فكان رده، صلى الله عليه وسلم: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". (صحيح البخاري). وفي كثير من المواقف العملية بحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان هناك مَنْ، وما، يستفزه للخروج عن طوره وهدوئه، إلا أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يعالج الأمور ببساطة آسرة، وحكمة متناهية. فعن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: "مَهْ مَهْ".( أي: توقف)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: "لا تُزْرِمُوهُ (أي: لا تقطعوا بوله). دَعُوهُ"، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ.. إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"، فَأَمَرَ رَجُلا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ (صبه) عَلَيْهِ". (صحيح مسلم) ومن ذلك أيضا أن فتى شابا أتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يطلب منه أن يأذن له في الزنا، قائلا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ, ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا, فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ, فَزَجَرُوهُ, قَالُوا: مَهْ مَهْ, فَقَالَ: "ادْنُهْ", فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا, قَالَ: فَجَلَسَ, قَالَ: "أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟", قَالَ: لَا وَاللَّهِ, جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ, قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ", قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟", قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ, جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ, قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ, قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟", قَالَ: لَا وَاللَّهِ, جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ, قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ, قَال: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟", قَالَ: لَا وَاللَّهِ, جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ, قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ, قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟", قَالَ: لَا وَاللَّهِ, جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ, قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ", قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ, وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ, وَطَهِّرْ قَلْبَهُ, وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ". (السلسلة الصحيحة). والشاهد من ذلك أن الإسلام، بمواقف رسوله، صلى الله عليه وسلم، يطلب منا أن نواجه مواقف الحياة المختلفة، مهما كانت مستفزة أو مثيرة للغضب؛ بمنتهى البساطة والواقعية وضبط النفس، دون أي انفعال نفسي سلبي، أو خروج سلوكي عن الوقار والحكمة. | |
|