هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم | أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ |
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي | وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي |
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها | فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ |
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا | بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ |
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ | أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ |
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت | عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ |
عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها | زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ |
وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ | مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ |
كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها | بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ |
إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما | زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ |
ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها | وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ |
فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً | سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ |
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح | عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم |
وكأَنَّ فَارَة َ تاجرٍ بقسيمَة ٍ | سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ |
أوْ روْضَة ً أُنُفاً تضمَّنَ نبتَها | غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ |
جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ | فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ |
سَحّاً وتسْكاباً فَكلَّ عشيَّة ٍ | يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم |
وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ | غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ |
هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ | قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ |
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشية ٍ | وأبيتُ فوق سرَاة ِ أدْهم مُلْجَم |
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى | نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ |
هل تبلغنى دارها شدنية | لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصرَّم |
خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ | تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ |
وكأنما أقصُ الإكام عشية ً | بقريبِ بينِ المنْسِمين مُصلَّم |
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ | حزقٌ يمانية ٌ لأعجمَ طمطمِ |
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ | حِدْجٌ على نعْش لهُنَّ مخيَّمِ |
صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ | كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ |
شَربتْ بماءِ الدُّحرُضينِ فأَصْبحتْ | زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم |
هِرٍّ جَنيبٍ كلّما عطفتْ لهُ | غضبى اتقاها باليدين وبالفم |
بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّما | بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ |
وَكأَنَّ رُبّاً أَو كُحَيلاً مُعقَداً | حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ |
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ | زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ |
إنْ تغدفي دوني القناع فانني | طبٌّ بأخذ الفارس المستلــــئم |
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني | سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم |
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ | مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم |
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما | رَكَدَ الهواجرُ بالمشوفِ المُعْلمِ |
بزُجاجة ٍ صفْراءَ ذاتِ أسرَّة ٍ | قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم |
فإذا شربتُ فإنني مُسْتَهْلِكٌ | مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم |
وإذا صَحَوْتُ فما أَقصِّرُ عنْ ندى ً | وكما عَلمتِ شمائلي وَتَكَرُّمي |
وحليل غانية ٍ تركتُ مجدلاً | تَمكو فريصتُهُ كشدْقِ الأَعْلَمِ |
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنة ٍ | ورشاشِ نافذَة ٍ كلوْن العَنْدَمِ |
هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ | إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي |
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح | نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ |
طَوْراً يجَرَّدُ للطعانِ وتارة ً | يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ |
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني | أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم |
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ | لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم |
جادتْ له كفي بعاجل طعنة ٍ | بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّم |
فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ | لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ |
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ | يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم |
وَمِشَكِّ سابغة ٍ هَتكتُ فروجَها | بالسيف عن حامي الحقيقة معلم |
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا | هتَّاك غايات التجار ملوَّم |
لما رآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ | أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم |
عهدي به مَدَّ النّهار كأَنما | خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم |
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ | بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم |
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ | يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوأَمِ |
يَا شَاة َ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ | حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم |
فَبَعَثْتُ جاريتي فقلْتُ لها اذْهبي | فَتجسَّسي أخبارَها ليَ واعلمي |
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّة ً | والشاة ُ مُمكِنة ٌ لمنْ هُو مُرْتَمِ |
وكأنما التفتتْ بجيدِ جداية ٍ | رَشَاءٍ من الغِزْلانِ حُرٍّ أرثم |
نِبِّئتُ عَمرواً غَيرَ شاكِرِ نِعمَتي | وَالكُفرُ مَخبَثَةٌ لَنَفسِ المُنعِمِ |
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى | إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم |
في حومة ِ الحربِ التى لا تشتكي | غَمَرَاتِها الأَبطالُ غيْرَ تَغَمْغُمِ |
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ | عنها ولكني تضايق مُقدَمي |
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم | يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم |
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها | أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم |
ما زلتُ أرميهمْ بثغرة ِ نحره | ولِبانِهِ حتى تَسَرْبلَ بالدّم |
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ | وشكا إليّ بعَبْرة ٍ وَتَحَمْحُمِ |
لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى | وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي |
ولقد شفى نفسي وأبرأ سُقمها | قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم |
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً | ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم |
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي | لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ |
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ | للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ |
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما | والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي |
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما | جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم |