عن تهريب مخطوطات مسيحية قديمة من سوريا... لكن هل هي فعلاً أصلية؟
حين عُرضت مخطوطات مسيحية قديمة على علي دياب، كان همه الوحيد هو أن تقع في اليد المناسبة، وهي الكنيسة، أو أن يتمّ توثيقها من خلال عرضها على مختصين، في الأقل.
فهو لا يملك أي سلطة على مالكي هذه المخطوطات ليفرض عليهم تسليمها إلى أصحابها الأصليين.
لكنه تساءل: هل هي فعلاً مخطوطات أصلية؟
يتحدث دياب، الناشط السوري من منطقة القلمون والذي يعمل اليوم طبيب أسنان في تركيا، عن 3 حالات لقطع أثرية ومخطوطات وصلت إليه حين قصده أصحابها لمساعدتهم في بيعها، بعدما ادعوا أنهم عثروا عليها في القلمون وريف حلب وريف درعا.
تواصل الطبيب الشاب مع مختصين بالمخطوطات والآثار من السوريين المقيمين في لبنان، ليتبين أن توقعاته كانت في محلها: المخطوطات والقطع الأثرية كلّها مزورة، ومنها ما هو مزور تزويراً رفيع المستوى، ما يدل في رأيه على مدى احتراف من يقف وراء الأمر.
قصة تتكرر
للمخطوطات مفهومان. يقصد بالأول كل عمل مكتوب بخط اليد وغير منشور للعامة، ويستخدم عادة في مجال التأليف والطباعة والنشر.
أما الثاني، وهو المقصودة في هذا المقال، فهو الكتب والكراسات المنسوخة يدوياً، وهي الطريقة المتعارف عليها لنشر المعرفة قبل اختراع الطباعة، أو قبل انتشارها انتشاراً واسعاً. وتعتبر هذه المخطوطات تحفة قديمة وأثرية لها ارتباط بالعلم والتاريخ.
قبل قرابة عام، نشرت وسائل إعلام لبنانية خبر إلقاء السلطات اللبنانية القبض على مواطن لبناني أثناء محاولته تهريب مخطوط إنجيل مذهب وبيعه، سُرق من كنيسة معلولا في سوريا وفق قولها، وأوردت صوراً لما قالت أنه المخطوط وهو مشابه لآخر تم ضبطه في تركيا أخيراً.
فمنذ أسابيع، وصل الموضوع إلى الإعلام التركي، حين نشرت صحيفة "يني شفق" خبر إلقاء السلطات القبض على مواطن سوري في حوزته مخطوط إنجيل أثري، محاولاً تهريبه إلى خارج الأراضي التركية، وقد أورد الخبر أن المخطوط المزين بزخارف ذهبية يعود إلى العصر البيزنطي، وتبلغ قيمته التقديرية مليون ونصف المليون دولار أميركي.
هذين المخطوطين في حقيقة الأمر مزورين، كتلك المخطوطات التي عرضت على دياب، بحسب خبير أطلع على الصور المنشورة في وسائل إعلام لبنانية وجريدة "يني شفق" التركية.
بدأ هذا النوع من المخطوطات يظهر منذ منتصف عام 2012، تزامناً مع تطورات أمنية وعسكرية في منطقة القلمون السورية وهي منطقة تضم أديرة تاريخية وأثرية مثل دير مار موسى الحبشي في النبك، ودير مار سرجيوس وباخوس في معلولا، ودير مار يعقوب المقطع في قارة.
كانت القصص التي يرويها مروجو المخطوطات متعددة، منها أن بعضها وُجد إثر تنقيبات غير شرعية قرب أحد الأديرة أو الكنائس في القلمون، أو أن فصيلاً مسلحاً معارضاً أو فرقة من شبيحة النظام السوري سرقته من مكتبة دير أو خزانة كنيسة وتريد بيعها.
ويعمد المروجون الأساسيون أو الثانويون غالباً، إلى اللعب على وتر العاطفة الدينية نظراً إلى العنوان المفترض للمخطوطات ومحتواها المزعوم، وأيضاً على وتر قيمته المادية الكبيرة، مستهدفين العواطف الدينية وإغراء الكسب السريع لدى الزّبن المحتملين.