الزلزال السعودى .. ووفاة آخر العمالقة.!

هل أنت آخر العمالقة ؟ قبل أن أشرح ما أعنيه بالسئوال لابد ان أسجل اعجابى بما يجرى فى مدينة السلام بشرم الشيخ حيث تتواصل جلسات وفعاليات منتدى شباب العالم برعاية الرئيس السيسى، وفى حضور واسع من كافة الجنسيات والأعراق تتوصل دوائر الحوار .. وما يهمنى هو دلالة انعقاد هذا المؤتمر بحضور اكثر من ثلاثة الاف شاب من ٥٢ دولة يمثلون مختلف الثقافات والأديان والاعراق ، فى توقيت بالغ الدقة لما يجرى فى الداخل المصرى، وما يجرى فى محيطنا العربى ومجالنا الحيوى !

ـ ففى الداخل: لا تنقطع ولن تنقطع محاولات تعكير وتسمم العلاقة بين الدولة وشبابها، مع تواصل آليات النهوض والبناء وزرع الثقة بطريقة ديمقراطية صحية، وقد حفل المؤتمر طوال أمس بجلسات حوار مفتوحة وصريحة فى كافة القضايا بلا حدود ولا قيود، فجاء هذا الحوار ليدعم محاولات الجيش والشرطة بردع الفتنة وتعقبها ومطاردتها فى البر والبحر والواحات،، وكانت كلمة الرئيس أكبر دعم لشباب مصر وأبلغ رد على محاولات القطيعة بين الدولة ومستقبلها، فقد أشاد برؤية شباب مصر ونجاحاته وتجاربه التى تخطت حدود الوطن لتشمل الانسانية جمعاء، رؤية تستلهم تراث مصر الحضارى العريق وانتماءها العربى والإفريقى فى صياغة تصور للغد خالى من التعصب لدين او لطائفة او لجنس، بقى أن تترجم توصيات المنتدى هذا البعد فى (وثيقة شرم الشيخ 2017) وتتضمن نصوصا تنبذ العنف والتعصب وتحدد الطريق الصحيح لمجتمع يتمتع الإنسان فيه ـ مدنيين وعسكريين وشرطة بحق الحياة فى مجتمع بلا إرهاب . ولن يتحقق ذلك إلا بعدالة اجتماعية وسياسية ومصالحة مع الأجيال لا يحتكر فيه جيل حق الآخرين فى التربية والتعلم والمشاركة وتحمل المسئولية!

وفى محيطنا الحيوى بالخارج : أستطيع أن أفهم الزلزال السياسى و(ثورة التصحيح) التى تجرى فى المملكة العربية السعودية والحرب الحتمية على مراكز القوى والفساد، وسوء استغلال النفوذ ـ التى تذكرنا بثورة التصحيح التى قادها الرئيس السادات فى مايو 1971ـ وقد كشفتها قرارات الملك سلمان بن عبد العزيز ويقودها الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى، وهى محاولة للإمساك بالفرصة، وإذا كان مايجرى فى هذا البلد الشقيق صدى وقراءة صحيحة لما يجرى فى مصر والعالم من تفاعلات، وصحوة لاستعادة حق الدولة وعودة الوعى بقيمة الشباب والإيمان المفاجئ بدوره فى تقرير مصير مستقبل عادل لا يتستر فيه على فساد أمير أو وزير، فإن من مسئولية الدولة المركز والقائد ـ مصرـ كما قلت الأسبوع الماضى ان تدير «الحراك الاجتماعى والسياسى» بأسس تضمن تداول المشاركة بين الأجيال بديمقراطية مدنية حديثة، وليست على أساس دينى وطائفى ـ كما كان يراد لها قبل 30 يونيو ـ وخاصة بعد أن شاهدنا تجربة تسييس جماعات (الأمر بالمعروف) وتصديرها مع المعونات ولحوم الأضاحى تترنح على الحدود!

.............

ومما لا يبعد كثيرا عن حق الأجيال فى المشاركة هذه الظاهرة المصرية الفريدة.. اسمها (آخر العمالقة)، كلما مات أحد كبار القوم.. لطمنا الخدود وشققنا الجيوب وضربنا الصدور.. وقلنا مات آخر العمالقة.. يحدث ذلك فى كل المجالات.. الصحافة والسياسة والاقتصاد والفن، ففى مجال الأدب وحده.. مات طه حسين فقلنا إنه آخر العمالقة وعندما انتقل توفيق الحكيم الى جوار ربه قلنا إنه آخر العمالقة حتى فوجئنا بأن بيننا عبد الرحمن الشرقاوى ونعمان عاشور والفريد فرج ـ وعندما انتقلوا إلى رحمة الله نظر الجميع الى نجيب محفوظ بخجل قبل أن يندبوا حظهم على موت (آخر العمالقة)... أعلم انه لا احد يحل محل الآخر فكل واحد فى الدنيا حباه الله بموهبة لا تعوض وكل صاحب إبداع مدينة وحده ، لكن تعبير آخر العمالقة صار موروثا مصريا، تكرر كثيرا فى عصور مختلفة عندما مات سعد زغلول والنحاس.. وعندما مات جمال عبد الناصر خرجت الكتب والقصص.. تتحدث عن آخر العمالقة ولم يبالغ نذار قبانى حين قال إن البشرية من بعده تعود الى عصر البداوة فى مرثيته الشهيرة قتلناك ياآخر الانبياء!

.. ولا ندرى أن (العملاق) عندما ينتهى أجله ولا يترك من يحل محله ويسير الحياة من بعده بكفاءة تتماشى مع عصرها، لا يستحق هو ولا يستحق الجيل الذى ينتمى اليه لقب آخر العمالقة الذى لا يعوض، فأكبر شهادة للعملاق ليست فى أعماله أو تراثه لكنها أيضا تاتى ممن أعده لتحمل المسئولية.. فاذا غاب المسئول أو الموظف أو المدير الكبير وحدثت مشاكل بسبب غيابه ووجد اتباعه ان الطريق مظلمة فى وجوههم من بعده فهو لا يستحق أن يبقى فى الذاكرة يوما واحدا لأن هذا معناه ببساطة أنه كان حريصا ـ أو أخفق ـ فى وضع آليات الفرز الصحيحة لمن يليه فى المسئولية، ولم يكن يؤمن بروح الجماعة والفريق ولا يستحق أن نترحم عليه، أما اذا غاب المسئول أو الأب ولم تحدث أى مشاكل فى العمل ولا فى الميراث ووجد رعاياه أنه ترك آليات لفرز ألف نابغة من بعده هنا فقط نترحم عليه ونقول مات آخر العمالقة لأنه ترك فينا الف ولد صالح يدعو له ، وخلف فينا دستورا للنبوغ ما إن تمسكنا به لن نضل بعده أبدا .

وبمناسبة منتدى شباب العالم والزلزال السعودى..ونحن نتحدث عن ديمقراطية المشاركة بين الأجيال.. أنظر حولك عزيزى الشاب المواطن المسئول على أى مستوى فى مؤسسات الدولة أو إدارة أى مصنع أو مدرسة أو حى أو مدينة أو عزبة أو بيت .. واسأل نفسك هل أنت آخر العمالقة؟

» يــا رفيـــــق الصحــــــو ::للشاعر السعودى / إبراهيم العواجي
» العاهل السعودى: الإرهاب والتطرف أخطر ما يواجه الأمة
» السفير السعودى: مصر تحظى بمكانة خاصة فى وجدان خادم الحرمين
» مونديال روسيا 2018 نجاة المنتخب السعودى من كارثة جوية
» مونديال روسيا 2018 نجاة المنتخب السعودى من كارثة جوية