) عقبت الإمبراطوريّةَ العربيّة الإمبراطوريّةُ العثمانيّة ، الإسلاميّة هي أيضًا مع أنّها ليست بعربيّة ، وتأسّست على منهج خاصّ ، مصارعةً ، في آن ، القوى الأوروبيّة وأقاليم الإمبراطوريّة العربيّة الإسلاميّة نفسها الحريصة على استقلالها النسبيّ . في الواقع بدا الأمر كأنّ العثمانيّين ، من جهة ، والقوى الأوروبيّة ، من جهة ثانية ، يتنازعون أشلاء الإمبراطوريّة العربيّة الإسلاميّة . وتبيّن أنّ النصر كان حليف العثمانيّين في هذا النزاع . إلاّ أنّ خسارة القوى الأوروبيّة لم تكن كلّيّة . هذه الفقرة تعرض انتصارات العثمانيّين . أمّا الفقرة التالية فتعرض ما حصل عليه الأوروبيّون من مكاسب . قصد العثمانيّون العاصمة البيزنطيّة . فراحوا يعزلونها شيئًا فشيئًا عن المناطق المحيطة بها ، في الأناضول من جهة ، وفي البلقان من جهة ثانية . فدخلوا بورصهBrousse (1326) ، وكاليبوليس (غاليبولي) (1354-1356) ، وأدريانوبوليس (أدِرنه) Andrinople (1361-1362) . وأخضعوا بانتصارهم في كوسوفو Kosovo الأراضي الصربيّة . فانحصرت الإمبراطوريّة البيزنطيّة في حدود عاصمتها القسطنطينيّة .
وكان لا بدّ من انتظار نهاية الفاصل الزمنيّ – احتلال تيمورلنك بلاد ما وراء النهر (آمودريا) Transoxiane (1363) وبلاد الشام (1400-1402) – لكي يستولي العثمانيّون على المدينة (1453) . فجعلوها عاصمتهم باسم إستانبول (إسطنبول) حتّى سنة 1922 : بذلك يكون العثمانيّون قد ورثوا إمبراطوريّة الشرق الرومانيّة أكثر ممّا ورثوا الإمبراطوريّة العربيّة .
لقد ورثوا في الواقع كلتا الإمبراطوريّتين ، وانطلاقًا من هذه النواة الأولى وسّعوا هيمنتهم باتّجاه أوروبا ، والشرق ، وساحل المتوسّط الجنوبيّ . استولوا على طرابزون Trébizonde (1462) ، وعلى كرمانيا Karamanie (1464) (منطقة قونية) ، وعلى القرم Crimée (1475) . وهزموا الصفويّين (1514) ، ووصلوا بلاد الشام ومصر (1516-1517) ، واستولوا على الحجاز وصولاً إلى مكّة (1517) . وتمكّنوا من بلغراد (1521) ورودس (1522) ، وأخضعوا هنغاريا بانتصارهم في موهاكس (1526) . واستولوا على بغداد (1534) . كما أنّهم استولوا على ممتلكات البندقيّة في بحر إيجه (1537) ، وهاجموا كركيرا (كورفو) Kérkyra (Corfou) وسيطروا على عدن (1538) ، وجرّدوا حملة ضدّ المؤسّسة البرتغاليّة في ديو Diu (1539) . واستولوا على بودا Buda ، واصبحت هنغاريا ولاية عثمانيّة (1541) . ثمّ استولوا على مدينة الجزائر (1541) ، وضربوا حصارًا على مدينة نيقية (نيس) Nice (1543) . وسيطروا على اليمن (1546) . وبعد فشل سينان باشا في الاستيلاء على مالطة ، استولى على طرابلس الغرب في ليبيا (1551) . ثمّ عاد العثمانيّون وحاصروا مالطة (1565) ، وسيطروا على قبرص (1573) ، واحتلّوا نهائيًّا تونس (1574) ، وطردوا البرتغاليّين من المغرب (1578) ، كما سيطروا على هيراكليون (قندية) Héraclion (Candie) (1669) .
وأخيرًا ، قبل أن يحمل بونابرت إلى مصر حداثة الثورة الفرنسيّة ، أفاد السلطان سليم الثالث من علاقات أمبراطوريّته بالدول الأوروبيّة ، محاولاً تحديث الإمبراطوريّة العثمانيّة (1789) .
5) خلال هذا الوقت كلّه ، لم يقبع الأوروبيّون مكتوفي الأيدي . بل احتلّوا مراكز على طريق الهند وعلى طول الساحل الإفريقيّ الشماليّ . وسعوا إلى اكتشاف طرُق جديدة للمواصلات . وصمدوا في وجه المدّ العثمانيّ . وحصلوا على امتيازات . واستعادوا أقاليم كان العثمانيّون قد استولوا عليها . وانقادوا إلى منافسات دون رحمة في ما بينهم ، حتى إنّ بعضهم ذهب إلى التحالف مع العثمانيّين ضدّ منافسيهم الأوروبيّين . في ما يلي بعض المواقع المعْلَميّة في حركة الأخذ والردّ هذه بين أوروبا والإمبراطوريّة العثمانيّة .
منذ سنة 1415 كان البرتغاليّون في سبتة Ceuta . وفي السنة نفسها التي سقطت فيها غرناطة ، اكتشف كريستوف كولومبوس أميركا (1492) . وقاد البحّار العربيّ ابن ماجد فاسكو دي غاما Vasco de Gama من الساحل الإفريقيّ إلى كاليكوت Calicut (1498) . وطُرد العرب المسلمون غير المرتدّين إلى المسيحيّة Maures من إسبانيا (1502) . ووصل البرتغاليّون إلى سوقُطرة (1506) ، وإلى هرمز (1507) ، وإلى الجديدة (مازاجان) وأزمّور (1513) ، وإلى كنتون Canton (1517) . واستولى الإسبان على مدن في إفريقيا الشماليّة (1505-1516) . وأبحر الرحّالة ماجلاّن Magellan سنة 1519 . وحصلت فرنسا على امتيازات من العثمانيّين (1535-1536) . وسُحق المسلمون المرتدّون عنوةً إلى المسيحيّة Morisques في إسبانيا (1571) . وحصلت إنكلترا على امتيازات (1580) . وتأسّست شركة المشرق الإنكليزيّة (1581) . وأصبحت فرنسا حامية الأماكن المقدّسة (1604) . وحصل الهولنديّون على امتيازات (1612) . وصمدت فيينّا في وجه حصارَين (1529، 1683) . واستعيدت بودا Buda (1686) . وكانت معاهدات كارلوفيتز Karlowitz (1699) ، وباساروفيتز Passarowitz (1718) ، وكوتشوك كاينارجي Kutchuk- Kaïnardji (1774) . واستعاد الروس القرم Crimée (1783) .
وفي ما يلي معالم أخرى : سيطر البرتغاليّون على سواحل الجزيرة العربيّة الشرقيّة (1507-1650) ، تبعهم في ذلك الهولنديّون والفرنسيّون والإنكليز ، وانتهى الإنكليز إلى إبعاد مزاحميهم من المنطقة في القرن التاسع عشر . ووقع البحرين تحت السيطرة البرتغاليّة (1521-1602) . وارتفعت القلاع البرتغاليّة في عُمان وفي مراني Merani وجلالي Jalali (1587-1588) . وقام الأميرال بلاك Blake بقصف طرابلس الغرب في ليبيا انتقامًا للقرصنة (1672) ، وحذا حذوه في ذلك الهولنديّ دي رويتر De Ruyter (1669، 1672) . ومن منتصف القرن السابع عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر ، تمكّن أئمّة يعربة في عُمان من دفع البرتغاليّين نحو إفريقيا الشرقيّة ، مستفيدين من الصراع القائم بين البرتغاليّين والبريطانيّين حول سيادة المحيط الهنديّ . وبين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر ، فرض العرب والأوروبيّون المتمركزون على ساحل القراصنة ضرائب على بواخر التجارة البحريّة السالكة طريق الهند . وفي نهاية القرن التاسع عشر أصبحت رأس الخيمة مركز المنطقة ومحور نشاطاتها . واستولت عُمان على المنشآت البرتغاليّة على ساحل إفريقيا الشرقيّة ، بما فيه مقديشو ومومبسّه وزنجبار (1730) . وفي سنة 1766 انتهت السيطرة الهولنديّة على ساحل الخليج الفارسيّ . وقام صراع في إيران بين أسرة القاجار المالكة والاستعمار الأوروبيّ الروسيّ والبريطانيّ (1786-1925) .
6) من الواضح إذن أنّ الإمبراطوريّة العثمانيّة شارفت على الزوال . لكن يمكن تحديد بدء النهاية مع قيام الحملة الفرنسيّة على مصر بقيادة بونابرت (1798-1801) . وقد استغرق هذا التفكّك مدّة تخطّت القرن بقليل . وقد أحدثته عيوب النظام العثمانيّ الداخليّة . وخطّطت له ، على ما يبدو ، الدول الأجنبيّة . وقد شهد القرن التاسع عشر اكتمال تكوين الإمبراطوريّة الأوروبيّة ، وعلى وجه الخصوص الإمبراطوريّة الفرنسيّة ، وعلى الأخصّ الإمبراطوريّة البريطانيّة التي تخطّت بكثير سعةُ أراضيها مساحاتِ إمبراطوريّات الإسكندر وروما والعرب والعثمانيّين وغيرهم مجتمعةً . وكان من المتوقّع قيام هذه الإمبراطوريّة ، كي تتوفّر أفضل الخدمات للمصالح البريطانيّة . فاقتضى تسهيلُ الاتّصال والتبادل الإشرافَ على طرُق المواصلات ، وبالتالي احتلالَ جميع مراحلها . وتهيّأ لهذه الإمبراطوريّة أن تنتشر في أرجاء المعمورة جميعًا . فالوسائل التقنيّة باتت متوفّرة ومتطوّرة للسيطرة على بلاد في حجم الهند أو الكونغو أو البرازيل ، حتّى على قارّات بأكملها ، ولاستثمارها ، وفي موجز القول للسيطرة على البحار والأراضي التي يتكوّن منها كوكبنا . المشكلة الوحيدة هي كثرة الطامعين وتنافسهم . فكان الحلّ الوحيد التقاسم بحسب نسبة القوّة التي تحدّدها درجة التطوّر الصناعيّ . لذلك كانت بريطانيا في المقدّمة ، تليها فرنسا .
وتسنّى فعلاً لكلٍّ من هذين البلدين أن يضمّ إلى إمبراطوريّته المقاطعات العربيّة الإسلاميّة الممتدّة من إفريقيا الشماليّة حتّى حدود الإمبراطوريّة العثمانيّة الشرقيّة ، من جهة ، والبلدان الإسلاميّة الواقعة شرق هذه الحدود الشرقيّة نفسها ، من جهة أخرى . وقد تُركت حصّةٌ لكلٍّ من الدول الأوروبيّة الأخرى ، وعلى وجه الخصوص لهولندا وإيطاليا . في ما يلي التواريخ التي طبعت الحركة الأوروبيّة في تطويق الإمبراطوريّة العثمانيّة ، والتدخّل في شؤونها ، والتملّك التدريجيّ للأراضي التابعة لها .
التطويق . – معاهدة صداقة بين سعيد بن سلطان إمام عُمان وبريطانيا العظمى (1798-1800) . احتلال البريطانيّين والفرنسيّين والإيطاليّين للصومال (القرن التاسع عشر) . تبادل علاقات قنصليّة بين سعيد بن سلطان وبريطانيا العظمى (1839) ، وفرنسا (1844) ، وهولندا (1877) . حملة بريطانيّة على ساحل القراصنة ، وأخيرًا تدمير مركز القيادة ، رأس الخيمة ، على يد البحريّة البريطانيّة (1806-1818) . أعاد الأوروبيّون السينيغال وموريتانيا إلى فرنسا ، ومعاهدة فيينّا (1816) . معاهدة سلام بين بريطانيا العظمى وشيوخ ساحل القراصنة وشيوخ البحرين ، مع وقف عمليّات القرصنة وتجارة الرقيق (1820-1853) . معاهدة سلام بحريّ دائم بين ساحل القراصنة وبريطانيا العظمى ، مقابل الحماية البريطانيّة (1853) . في اليمن الجنوبيّ ، احتلّت الشركة البريطانيّة للهند الشرقيّة جزيرة سوقطرة (1834) . احتلال عدن ، ومعاهدة سلام ، ومَنْح السلطان ستّة آلاف دولار سنويًّا ، عدن تحكمها حكومة بومباي (1839) ، سلام دائم مع بريطانيا العظمى (1857) . في قَطر ، نصّبت بريطانيا العظمى في الحكم أسرة آل ثاني (1860) . انحطاط عُمان وانعزالها : تصاعد القوّة البريطانيّة في المحيط الهنديّ ، وظهور السفن البخاريّة الأوروبيّة ، ونموّ التجارة الأوروبيّة ، وحظر الرقّ ، وعمل بريطانيا العظمى على الفصل بين سلطنة مسقط وعُمان وسلطنة زنجبار ، وتبعيّة سياسيّة واقتصاديّة لبريطانيا العظمى (بعد 1860) . اتّفاق بين البحرين وبريطانيا العظمى ، أقصي بموجبه أيّ اتّفاق مع بلدان أخرى (1880 و 1892) . ادّعت إسبانيا الحماية على القسم الجنوبيّ من المغرب الذي أصبح الصحراء الإسبانيّة (1884) ، واتّفاق بين فرنسا وإسبانيا حول حدود هذه المحميّة (1900) . معاهدة صداقة وتجارة وملاحة بين عُمان وبريطانيا العظمى ، مقابل مساعدة عسكريّة بريطانيّة (1891) ، جُدّدت سنة 1939 و سنة 1951 . اتّفاق بين ساحل القراصنة وبريطانيا العظمى ، أقصي بموجبه أيّ اتّفاق مع بلدان أخرى (1892) . سيادة مشتركة إنكليزيّة مصريّة على السودان ، ففي سنة 1896 دخلت الفِرَق المصريّة البريطانيّة بقيادة اللورد كيتشنر Lord Kitchener ساحة المعركة ، وهزمت المهديّين في أمّ دُرمان (1898) ، لكن في الواقع أصبح السودان مستعمرة بريطانيّة : زراعة القطن دون غيرها ، وإدارة أثارت النزاعات الاجتماعيّة ، والفصل بين الشمال والجنوب على أساس الاختلاف الإثنيّ والثقافيّ والدينيّ (1899-1955) . توافق بين فرنسا وإسبانيا تُمنَح إسبانيا بموجبه منطقتَي نفوذ في شمال المغرب وجنوبه (1904) . في مؤتمر الجزيرة Algésiras في إسبانيا ، ضمن الألمان توافق القوى الكبرى على تدويل اقتصاديّات المغرب (1906) . أرسل الألمان سفينة حربيّة إلى أغادير Agadir ، واعترفوا بالنفوذ الفرنسيّ في المغرب ، مقابل امتيازات إقليميّة لهم في الكونغو (1911) . صار المغرب محميّة فرنسيّة ، وكان ليوتي Lyautey المندوب السامي فيه (1912-1925) ، وتمّ إحلال السلام في المغرب بكامله ، وجُعلت طنجة Tanger منطقة دوليّة ، وبات المغرب محميّة إسبانيّة في الشمال ومحميّة فرنسيّة في الجنوب ، مع سيادة شكليّة للسلطان (1934) .
التدخّل العسكريّ والدبلوماسيّ حتّى الإيديولوجيّ . – الحملة الفرنسيّة على مصر بقيادة بونابرت (1798-1801) . المندوب السامي البريطانيّ ببغداد في العراق (1800) . قنصليّة بريطانيّة في بغداد (1802) . في العراق نفوذ أوروبيّ وسفن بخاريّة في الأنهار (1836) . حقبة التنظيمات في الإمبراطوريّة العثمانيّة ، وهي كناية عن إصلاح قضى باستيعاب عناصر من الحضارة الغربيّة من دون التخلّي عن جوهر التراث (1839-1876) . ثورة في سوريا ، فأجبر التدخّل الأوروبيّ محمّد علي على العزوف عن السيطرة على سوريا (1840) . وجرّ العداء بين الموارنة والدروز في لبنان إلى حرب أهليّة أثارها جزئيًّا التدخّل الأوروبيّ (1841-1845 و 1860) ، فصار جبل لبنان مقاطعة مستقلّة تحميها فرنسا (1861-1918) . وقفت بريطانيا العظمى وفرنسا إلى جانب العثمانيّين في مواجهة العدوان الروسيّ (1854) . شُقّت قناة السويس في مصر (1854-1869) ، فاستعادت عدن أهمّيّتها . في تونس وُضع الدستور الأوّل ، وكان ليبراليًّا ، نتيجة الضغط الأوروبيّ (1857) ، ثمّ جُدّد (1861) . في لبنان : رسم الحدود ، ونظام طائفيّ نسبيّ ، وحاكم مسيحيّ عثمانيّ غير لبنانيّ يعيّنه السلطان بالتوافق مع الدول الأوروبيّة الكبرى (1861 و 1864) . في مصر خضع الخديوي إسماعيل للإشراف الدوليّ (1863-1881) . افتتاح قناة السويس (1869) . ألّفت فرنسا وبريطانيا العظمى وإيطاليا لجنة لإصلاح الشؤون الماليّة التونسيّة (1879) . اتّفاق بين الكويت وبريطانيا العظمى وإقصاء أيّ علاقة مع بلدان أخرى ، مقابل حماية بريطانيّة ، فتوقّف المشروع الألمانيّ الرامي إلى مدّ السكّة الحديديّة من بغداد إلى الكويت (1899) . ديكتاتوريّة جمعيّة تركيا الفتاة العسكريّة ، ونفوذ متزايد لألمانيا ، أدّى إلى التقارب بين روسيا والدول الغربيّة (1908) .
تملّك أراضٍ عثمانيّة . – احتلّ البريطانيّون جزيرة بريم على مدخل البحر الأحمر ، وشكّلت عدن موقعًا استراتيجيًّا لبريطانيا العظمى (1799) . باشرت الشركة البريطانيّة للهند الشرقيّة العمل على دمج الكويت في نظام السيطرة البريطانيّة على الخليج (أواخر القرن الثامن عشر) . استولى الفرنسيّون على مدينة الجزائر ، وأصبحت الجزائر من ثمّ مستعمرة فرنسيّة (1830-1962) ، وانهزم عبد القادر أمام بيجو Bugeaud (1847) ، وأُخضعت منطقة القبيليّين Kabylie (1857) . استعمر الفرنسيّون تونس (1881-1956) ، وحوّلوها إلى محميّة (معاهدة 1883) ، ولكنّهم في الواقع حوّلوها إلى مستعمرة استيطانيّة . أصبحت عدن مستعمرة بريطانيّة ، وتحوّل اليمن إلى محميّة بريطانيّة (1882-1956) . هيمن المفوّض والقنصل البريطانيّ على الحكومة المصريّة (1883-1907) ، واشتهر اللورد كرومر Lord Cromer (1891) . اعترفت بريطانيا العظمى بالمصالح الفرنسيّة في المغرب ، مقابل الاعتراف بالمصالح البريطانيّة في مصر (1904) . إنزال إيطاليّ في طرابلس الغرب في ليبيا (1911) ، وبموجب معاهدة أوشي Ouchy، تخلّى الأتراك عن ليبيا لصالح إيطاليا (1912) .
بقي أن نسجّل بعض مظاهر الرفض للسيطرة الأوروبيّة : ثورة عُرابي في مصر (1881-1882) . في تونس برز الوعي الوطنيّ وحركة التحرير ، ردًّا على تدمير الاستعمار للبنى الاجتماعيّة ولأنماط الإنتاج التقليديّة . فكانت المكننة ، والبطالة ، والنزوح إلى المدن ، والفقر في الضواحي ، وتحويل الشعب إلى بروليتاريا (1897) . قامت حركة الدستور التونسيّة تهدف إلى إعادة السلطة للداي Dey وإلى الإصلاح الديمقراطيّ ، وكان الثعالبي أحد مؤسّسي الحركة (1908) . رئيس الجماعة السنوسيّة أحمد الشريف قاتل الإيطاليّين ، ثمّ منذ سنة 1916 أخذ يقاتل الإنكليز الذين احتلّوا مصر ، وفي سنة 1916 التجأ إلى تركيا ، تاركًا القيادة لابن عمّه إدريس .
7) مع الحرب العالميّة الأولى (1914-1918) كانت نهاية الإمبراطوريّة العثمانيّة ، فأخذت الدول الأوروبيّة تتقاسم أشلاءها . علاوة على الأعمال الحربيّة ، كان لهذه الحقبة الممتدّة حتّى الحرب العالميّة الثانية ثلاثة وجوه : انحسار الإمبراطوريّة العثمانيّة إلى حدود تركيا الحاليّة ، وتحويل مناطق الإمبراطوريّة إلى مستعمرات أو محميّات أو بلدان واقعة تحت الانتداب ، ونضال قوميّ ووطنيّ قامت به هذه المناطق في سبيل استقلالها . في الفقرة التالية عرض لهذا النضال .
الأعمال الحربيّة . – في أكتوبر 1914 دخلت الإمبراطوريّة العثمانيّة الحرب ضدّ بريطانيا العظمى (1914) . احتلّ الجيش البريطانيّ منطقة شطّ العرب وحوّل البصرة إلى مرفأ حربيّ . إنزال فرنسيّ إنكليزيّ فاشل في الدردنيل (1915) . انتصر الإنكليز على الأتراك في فلسطين (30 سبتمبر 1918) . هُزمت تركيا وتقسّمت الإمبراطوريّة ، ووُقّعت الهدنة في مدروس Mudros (30 أكتوبر 1918) . ثورة مصطفى كمال الوطنيّة ضدّ معاهدة سيفر Sèvres : مجلس وطنيّ في أنقرة (1920) . بتحريض من الإنكليز هاجم اليونانيّون تركيا ، فانتصروا وهدّدوا أنقرة (1920-1921) . إلاّ أنّ الانتصار الحاسم كان للأتراك (1922) . فوُقّعت الهدنة في مُدانيا Mudanya (11 أكتوبر 1922) .
مصير تركيا . – انسحب الفرنسيّون والإيطاليّون من مواقعهم في الأناضول (1920) ، وكان السوفيات قد انسحبوا من قبل . بعد انتصار الأتراك على اليونانيّين اعترفت حكومات الحلفاء بالسيادة التركيّة على تراقيا Thrace الشرقيّة (1922) . عُزل السلطان (1922) . بموجب معاهدة لوزان Lausanne حُصرت تركيا بالأناضول وتراقيا . كانت أهداف تركيا : بناء الدولة القوميّة على النسق الأوروبيّ ، وإحداث تغيير في المجتمع التركيّ على الصعد الاجتماعيّة والإيديولوجيّة والثقافيّة (24 يوليو 1923) . إلغاء الخلافة (1924) . وضع الدستور (20 أبريل) . اعتماد ستة مبادئ : قوميّة أو وطنيّة (دولة قوميّة أو وطنيّة من دون عثمانيّة ولا عثمنة شاملة) ، علمانيّة ، نظام جمهوريّ (لا سلطنة ولا خلافة) ، نظام شعبيّ (إقامة العدالة) ، نظام دولتيّ (تأكيد دور الدولة في الإنماء الاقتصاديّ) ، إصلاح (استمرار عمليّة تطوّر الدولة والمجتمع) . اتّخاذ إجراءات ، منها اعتماد التقويم الدوليّ . اعتماد التشريع الأوروبيّ (تشريع مستوحًى من القانون المدنيّ السويسريّ ومن القانون الجزائيّ الفرنسيّ والإيطاليّ) ، حقّ الانتخاب للمرأة ، إلغاء تعدّد الزوجات ، عدم الاعتراف بالإسلام دينًا للدولة ، اعتماد الحرف اللاتينيّ ، إلغاء الطربوش (1926-1928) . فرنسا تمنح تركيا سنجق إسكندرون (يونيو 1939) .
اقتسام المغانم . – اتّفاق لضمّ قَطر إلى الإمبراطوريّة البريطانيّة ومنع أيّ علاقة مع غيرها من البلدان . اتّفاق سايكس بيكو Sykes-Picot على تقاسم الأراضي العثمانيّة بين فرنسا وبريطانيا العظمى . اعتُبرت سوريا داخل منطقة النفوذ الفرنسيّ (1916) . العراق تحت الانتداب البريطانيّ (1917-1932) . فلسطين تحت الانتداب الفعليّ البريطانيّ . الأردنّ تحت الانتداب البريطانيّ . لبنان تحت الانتداب الفرنسيّ (1918) . استولى البريطانيّون على كركوك في العراق ، وحَكم العراقَ من البصرة حتّى الموصل مفوّضٌ بريطانيّ قائد الجيش ، جهاز إداريّ عصريّ (1918-1920) . اعتبار موريتانيا وحدة إداريّة ، عاصمتها سان لوي Saint-Louis في السنغال ، وضمن اتّحاد الولايات الثماني في إفريقيا الغربيّة الفرنسيّة ، وفي البحرين ممثّل بريطانيّ كمفوّض سياسيّ (1920) . مؤتمر سان ريمو San Remo (24 أبريل 1920) : انتداب بريطانيّ على فلسطين ، انتداب فرنسيّ على سوريا ، الجيش الفرنسيّ يحتلّ دمشق ، قُسم ما كانوا يسمّونه سوريا أربع مناطق ، هي لبنان (يضمّ بيروت وطرابلس) ، والجمهوريّة السوريّة ، واللاذقيّة ، وجبل الدروز (1920) . معاهدة سيفر Sèvres (10 أغسطس 1920) : انتداب بريطانيّ وفرنسيّ على الأقاليم العربيّة . توسيع لبنان وجعله لبنان الكبير (سبتمبر 1920) . وافقت تركيا على جعل سنجق الإسكندرون تحت الانتداب الفرنسيّ ، شرط أن يتمتّع بنظام مميّز (1921) . نصّب البريطانيّون على الأردنّ الأمير عبد الله بن الحسين شريف مكّة (1921) . انتداب بريطانيّ شرعيّ على فلسطين (1922) . أعلنت بريطانيا العظمى استقلال مصر (22 فبراير 1922) ، استقلال شكليّ . معاهدة إنكليزيّة عراقيّة : انتداب (10 أكتوبر 1922) . أعلنت إيطاليا الفاشيّة حربًا ثانية على ليبيا (1922) ، إعدام عمر المختار (1931) ، انتصار إيطاليا (1932) ، دوافع الحرب كما أعلنها موسوليني Mussolini (1934) : نشر الحضارة الغربيّة على وجه العموم ، والحضارة الفاشيّة على وجه الخصوص . إعترف البريطانيّون بالأردنّ دولة شبه مستقلّة تحت الانتداب البريطانيّ ، مع تقديم إعانات ماليّة من قبَل بريطانيا العظمى ، جعل حفظ الأمن الخارجيّ من مسؤوليّة الفرقة العربيّة Légion arabe التي أسّسها البريطانيّون (1923) . باشر البريطانيّون ممارسة الانتداب على فلسطين (23 سبتمبر 1923) ، في فلسطين شكّل العرب % 92 من السكّان ولهم % 98 من الأرض . في السودان ، تعزيز نفوذ الإقطاعيّين على حساب النخبة القوميّة والوطنيّة المثقّفة التي تألّفت في هيئة مؤتمر حاملي الشهادات الأكاديميّة ، والتي طلبت من البريطانيّين من دون جدوى حقوقًا أكثر في التربية والإدارة المشتركة ، البريطانيّون يعلنون إغلاق المنطقة الجنوبيّة : ترحيل العرب ، وحظر على اللغة العربيّة وعلى الإسلام ، وتقسيم المنطقة الشماليّة الإسلاميّة منطقتين ، الأولى للختميّة والثانية للمهديّين المحدَثين (1924) . في تونس ألغي الدستور (1925) . بغية إخماد الثورة في سوريا ، قصف الفرنسيّون دمشق (أكتوبر 1925 ومايو 1926) . في لبنان ، وضْع الدستور ، نظام جمهوريّ ، نظام طائفيّ نسبيّ (1926) . في المغرب ، هيمن المفوّض السامي على السلطان سيدي محمّد بن يوسف لكونه قاصرًا (1927) . في سوريا (1928) ، انتخابات (أبريل) لتكوين مجلس تأسيسيّ ، وضْع الدستور (أغسطس) ، رفْض الدستور من قبَل المفوّض السامي . في سوريا أيضًا (1930) ، حلّ المفوّض السامي مجلس النوّاب ، وفرض دستورًا جديدًا بقي ساري المفعول حتى سنة 1950 : رئيس الدولة ينتخبه مجلس النوّاب ، لكنّه غير مسؤول أمام المجلس ، مجلس الوزراء يعيّنه رئيس الدولة ، لكنّه مسؤول أمام مجلس النوّاب . معاهدة إنكليزيّة عراقيّة (1930) . في سوريا (1932) ، انتخابات جديدة ، ومفاوضات لعقد معاهدة فرنسيّة سوريّة على مثال معاهدة 1930 الإنكليزيّة العراقيّة . في عُمان ، سعيد بن تيمور ، مطلق السلطة ، خاضع للبريطانيّين (1932-1970) . في سوريا ، حلّ المفوّض السامي مجلس النوّاب (1934) . معاهدة فرنسيّة سوريّة (سبتمبر 1936) : الاستقلال في مهلة ثلاث سنوات ، ضمّ جبل الدروز واللاذقيّة إلى سوريا . في عدن ، حكم ذاتيّ (أبريل 1937) . في العراق ، تدهور العلاقات مع بريطانيا العظمى بسبب معاداة العراق للصهيونيّة ، وتزايد نفوذ ألمانيا حتى 1941 : انقلاب عسكريّ ، العراق لا يدخل الحرب (1937-1941) . رفضت باريس الإقرار بمعاهدة 1936 الفرنسيّة السوريّة (1938) . في نهاية الثلاثينات بدأ الاستعمار السكّانيّ في ليبيا : مئة ألف إيطاليّ ، وتدمير البنى التقليديّة ، ومنها خصوصًا الجماعات ، والعودة إلى البداوة ، لا تربية ولا حقوق مدنيّة .
الردّ الطبيعيّ على الاستعمار ، ولو سمّي حماية او انتدابًا ، هو النضال في سبيل التحرّر القوميّ والوطنيّ . ومن دوافع اشتداد هذا النضال كان مكر الدول المتحالفة : الاستقلال الموعود به في وقت الحرب تحوّل استعمارًا بعد الحرب ، فانفقدت بذلك الصدقيّة وانقطع الاتّصال وبات النضال أمرًا محتّمًا . بدأ ذلك سنة 1914 : وعدت بريطانيا سوريا بالاستقلال ولم تفِ بوعدها . في السنة عينها منع الليبيّون بقيادة الأمير إدريس الإيطاليّين من احتلال داخل البلاد ، حيث اعتُرف بالسيادة الفعليّة للجماعة السنوسيّة . في سنة 1915 اعترفت بريطانيا العظمى باستقلال المملكة السعوديّة . بين يوليو 1915 ونوفمبر 1916 تراسل الحسين شريف مكّة ومكماهون McMahon ، شجّع مكماهون القوميّين العرب وأوهمهم بقيام مملكة عربيّة كبيرة بعد الحرب ، خيّبت الآمالَ اتّفاقاتُ سايكس بيكو Sykes-Picot (1916) ، تمّ التفاوض حولها سرًّا بين فرنسا وبريطانيا العظمى وروسيا . بدء الحركة القوميّة الجزائريّة (1918) . ثورة في مصر (1919) . سنة 1920 طالبت حركة الدستور التونسيّة ، وهم أرستقراطيّون من أصل تركيّ ، بالمشاركة في الحياة الاجتماعيّة ، وتحوّلت الحركة إلى حركة مثقّفين ليبراليّة تهيمن عليها البورجوازيّة الكبيرة ، وعلى أساس البنود الأربعة عشر التي أعلنها الرئيس الأميركيّ ويلسون Wilson طالبت الحركة بدستور يضمن مبدأ تقاسم السلطة والمساواة في الحقوق بين التونسيّين والفرنسيّين ، وبموازاة حركة الدستور هذه التي أنشأها الشيخ الثعالبي ، تكوّنت حركة نقابيّة ضمّت عمّال مرافئ ونقليّات ومزارعين . في العشرينات في المغرب قامت حركة قوميّة كما في المشرق العربيّ ، ارتبطت بالسلفيّة المصريّة ، وعارضت المرابطيّة والأخويّات الدينيّة غير الخاضعة للمخزن العلويّ . في مارس سنة 1920 أعلن القوميّون السوريّون مملكة سوريا الكبرى المستقلّة ، وقد تضمّنت لبنان وفلسطين . في سبتمبر 1920 ، عندما تحوّل لبنان إلى لبنان الكبير ، أعرب السنّة والروم الأرثوذكس عن استيائهم لكونهم فُصلوا عن سوريا دون أن يُستشاروا وأُخضعوا للسيطرة المارونيّة والفرنسيّة . في العراق (1920) تألّفت الحكومة الأولى للإعداد لتنصيب فيصل بن الحسين ، وقام نظام ملكيّ (1920-1958) . في 23 أغسطس 1921 نُصّب فيصل بن الحسين ملكًا على العراق في بغداد . في السودان (1924) تألّفت النخبة القوميّة المثقّفة في شكل مؤتمر حاملي الشهادات ، وطلبت دون جدوى من البريطانيّين مزيدًا من الحقوق في التربية والمشاركة في الإدارة . في سنة 1924 أسّس الطالب مصلّي حاجّ في باريس أوّل جريدة قوميّة جزائريّة بالتعاون مع الحزب الشيوعيّ الفرنسيّ . ثورة في سوريا : قصف الفرنسيّون دمشق في أكتوبر 1923 ومايو 1926 . أكّد الدستور السوريّ (أبريل 1928) سوريا الكبرى ، ورفض المفوّض السامي هذا البند . في الثلاثينات في تونس حُظّر حزب الدستور الجديد (شبّان مثقّفون من البورجوازيّة الصغيرة ، على رأسهم الحبيب بورقيبة) حتّى سنة 1954 . في العراق (1932) انتهى الانتداب البريطانيّ (3 أكتوبر) ، استقلال شكليّ . في تونس (1934) أسّس أعضاء حزب الدستور الشباب ، بقيادة الحبيب بورقيبة ، حزب الدستور الجديد ، فحدثت اضطرابات ونُفي بورقيبة . نشوء القوميّة المغربيّة (1934) . معاهدة فرنسيّة سوريّة (سبتمبر 1936) : الاستقلال خلال ثلاث سنوات ، ضمّ جبل الدروز واللاذقيّة إلى سوريا . في لبنان (1936) : اضطرابات ، تأسيس تنظيمات شبابيّة شبه عسكريّة (الكتائب المارونيّة) . اتّفاق إنكليزيّ مصريّ : الجيش الإنكليزيّ ينسحب إلى منطقة قناة السويس (1936) . عودة بورقيبة من المنفى (1936) . في الجزائر (1936) أسّس مصلّي حاجّ ، بعد أن أخلي سبيله ، حزب الشعب الجزائريّ . في لبنان (1937) ، تأسّس حزب النجّادة السنّيّ ، وفقد أهمّيّته في السبعينات .
9) فتحت الحرب العالميّة الثانية للبلدان العربيّة الإسلاميّة عهد الاستقلال ، لكنّها وضعتها أمام مشكلات ثلاث هي في العمق تهدّد وجودها ، وهي : التبعيّة للمستعمرين القدامى والمستعمرين الجدد ، والنفط ، ودولة إسرائيل الصهيونيّة . في هذه الفقرة عرض لتتابع الاستقلالات التي حصلت عليها البلدان العربيّة الإسلاميّة بعد تلك الحرب التي شارك فيها الكثير من البلدان العربيّة الإسلاميّة . تجدر الإشارة أوّلاً إلى أنّ هذه الاستقلالات غالبًا ما كانت شكليّة ، ثمّ إلى أنّ هذه البلدان المستقلّة حافظت على التقسيم والشكل الجغرافيّ الذي فرضه عليها الاستعمار ، وأخيرًا إلى أنّ البلدان العربيّة الإسلاميّة استحدثت الوسائل التي مكّنتها من تحويل الاستقلال الشكليّ إلى استقلال فعليّ ، وهي جامعة الدول العربيّة ، والمؤتمر الإسلاميّ ، والانضمام إلى البلدان غير المنحازة .
في ما يلي أوّلاً بعض الأحداث المتعلّقة بمجرى الحرب . لم يشارك العراق في الحرب . توقّفت موقّتًا النشاطات القوميّة الجزائريّة . شارك المغرب في الحرب إلى جانب فرنسا . في ليبيا أنهت جيوش الحلفاء ، يدعمهم جيش التحرير السنوسيّ الذي تأسّس في القاهرة سنة 1940 ، الاستعمار الإيطاليّ في منطقة قيرينة Cyrénaïque ، وبقي في منطقة طرابلس Tripolitaine أربعون ألف إيطاليّ حتّى سنة 1970 ، فاحتلّ الإنكليز الشمال ، وأقيمت قواعد أميركيّة في منطقة طرابلس ، واحتلّ الفرنسيّون منطقة الفزّان . في مايو 1941 احتلّ الحلفاء البصرة وبغداد . في يونيو 1941 احتلّ الحلفاء سوريا ، ووعدت فرنسا بلسان الجنرال كاترو Catroux سوريا بالاستقلال . في 1942 وقف المغرب إلى جانب القوى الفرنسيّة الحرّة ، وفي ليبيا احتلّ البريطانيّون منطقتَي قيرينة وطرابلس ، واحتلّ الفرنسيّون منطقة الفزّان . في 1943 انتصر الحلفاء في تونس على جيوش المحور .
في باب الاستقلال تجدر الإشارة إلى أنّ بلدَين عربيَّين لم يفقدا البتّة استقلالهما ، هما البلد العربيّ الذي أنشأه ابن سعود والذي سمّي في 1932 المملكة العربيّة السعوديّة ، واليمن الشماليّ الذي تحوّل في 27 سبتمبر 1962 إلى جمهوريّة اليمن العربيّة . أمّا البلدان العربيّة الأخرى فقد نالت استقلالها أو انتزعته بسهولة أو ببعض الصعوبة ، وغالبًا ما فصلت مدّة من الوقت بين إعلان الاستقلال وجلاء الجيوش الأجنبيّة . – مصر : اعتُرف باستقلالها في 22 فبراير 1922 ، وصارت مملكة مستقلّة في الأوّل من مارس من السنة عينها ، ثمّ كانت ثورة 23 يوليو 1952 ، فأُعلنت الجمهوريّة سنة 1953 ، وفي 13 يونيو تمّ جلاء آخر فرقة بريطانيّة . – لبنان : اتّفاق سنة 1943 على إنهاء الانتداب الفرنسيّ ، وميثاق وطنيّ غير مدوّن . انتهى الانتداب في 23 ديسمبر 1945 ، وبجلاء الجيوش الفرنسيّة والإنكليزيّة تمّ الاستقلال الفعليّ سنة 1946 . – الأردنّ : استقلال في 5 مارس 1946 ، إلغاء المعاهدة الإنكليزيّة الأردنيّة في 24 أكتوبر 1956 ، جلاء الجيش البريطانيّ سنة 1958 (20-29 أكتوبر) . – سوريا : استقلال في أبريل 1946 . في سنة 1945 أجبر التدخّل البريطانيّ الفرنسيّين على الجلاء ، وقد كانوا يحاولون ربط جلائهم بمعاهدة عسكريّة واقتصاديّة . – ليبيا : أعلن الاستقلال في بنغازي في 24 ديسمبر 1951 ، في الفاتح من سبتمبر 1969 ثورة القذّافي . انسحاب بريطانيّ في مايو 1970 . انسحاب أميركيّ من قاعدة هويلس فيلد Wheelus Field في يونيو 1970 . – السودان : استقلال في الأوّل من يناير 1956 ، وفي 25 مايو 1969 وصل إلى السلطة الضبّاط الأحرار وعلى رأسهم جعفر النميري .