المجموعة المصرية
لوحة تصوّر حكاية "أبي قير وأبي صير"، رسمها المستشرق الفرنسي ليون كاري.
أما عن المجموعة المصرية من الحكايات فيرى كثير من الباحثين في الأدب أن صورة كتاب ألف ليلة وليلة وصلت إلى مصر في منتصف القرن الخامس الهجري تقريباً، وأن القصص ظلّ يزاد فيها على مرّ الزمن فتكوّنت المجموعة المصرية الجديدة التي تعدّ أكبر أقسام ألف ليلة وليلة، وفيها تكررت بعض الموضوعات، وإن تغيرت أسماء أبطالها ثم أُلفت قصص جديدة. تضم هذه المجموعة ما كتب من القصص في مصر أو بلاد الشام، لاتصال البلدين بصلة وثيقة أيام الفاطميين ثم المماليك والعثمانيين، وقد تألفت هذه القصص ما بين القرنين الخامس والعاشر الهجريين من القصص العربية والتقاليد الإسلامية والأساطير الشرقية. ويشير «المَقَّري» في نفح الطيب إلى أن «ابن سعيد الأندلسي الغرناطي» (المتوفي سنة 685 هـ) يذكر في كتابه «المحلى بالأشعار» ما يدل على أن كتاب ألف ليلة وليلة كان شائعاً ومعروفاً في مصر في القرنين الخامس والسادس الهجريين.
تتألف قصص ألف ليلة وليلة في المجموعة المصرية من قسمين، أحدهما قديم ينتهي في القرن الثامن الهجري، والآخر حديث ينتهي في القرن العاشر الهجري. فالقسم القديم يتمتع بأسلوب حسن مطّرد السياق مهذب العبارة، يدور حول المغامرة والحرب وتعارض الأخلاق وتضارب العواطف، وتعتمد القصص فيه على الطلاسم والأرصاد والجن والسحر والقدر، كحكاية "جودر التاجر وإخوته"، وحكاية "مسرور التاجر مع معشوقته زين المواصف"، وحكاية "علي شار مع زمرد الجارية".
رسم لإحدى رحلات السندباد.
أما القسم الثاني من الحكايات المصرية فأكثره ركيك الأسلوب جريء العبارة، تدور أحداثه حول حيل المحتالين ومكايد العيّارين ومخاطر اللصوص، إلى جانب قصص التصوف والزهد السائدين في المجتمع المصري آنذاك، وأشهر حكايات هذا القسم حكاية "معروف الإسكافي". وحكاية "أبي قير وأبي صير" وحكاية "مدينة النحاس" وحكاية "علي الزيبق ودليلة المحتالة" وحكاية "زينب النصابة" وحكاية "الرجل الصعيدي وامرأته الإفرنجية".[19][22][23]
المجموعات الأخرى
هناك مجموعة من القصص قد أضيفت كاملة إلى كتاب ألف ليلة وليلة، وهي ترد في نسخ دون الأخرى، وكان السبب في إضافتها ليبلغ عدد الليالي الألف، كما يدلّ على ذلك عنوان الكتاب، وأشهر هذه القصص قصة "السندباد". بالإضافة إلى مجموعة الأخبار، وهي الأخبار المنتزعة من التاريخ الماضي والتاريخ المعاصر لتلك القصص عن عجائب البلاد والخلق وأخبار الملوك وآدابهم.[19]
الترجمات الحديثة
غلاف مصوَّر من النسخة الفرنسية (1704 - 1717) للمستشرق الفرنسي أنطوان غالان، والتي كانت قد أُصدِرت تحت عنوان «ألف ليلة وليلة، حكايات عربية تُرجِمت إلى الفرنسية».[24] تمت الرسوم بواسطة الفنان الهولندي ديفيد كوستر.
على الرغم من أن هناك إشارات على أن بداية دخول حكايات «ألف ليلة وليلة» إلى الأدب الأوروبي كانت في منتصف القرن الرابع عشر،[25] إلا أن أول ترجمة كاملة لحكايات «الف ليلة وليلة» ظهرت باللغة الفرنسية سنة 1704، والتي قام بها المستشرق أنطوان غالان.[5] وقد صدرت هذه الترجمة في اثني عشر مجلداً. لكن هذه الترجمة رغم تكاملها النسبي عانت الكثير من الحذف والبتر وخاصة للفقرات والمقاطع المنافية للأخلاق، كما أن ترجمة غالان لم تكن مطابقة للنصوص الأصلية بل كان فيها نوعاً من التصرف لتناسب اللغة الفرنسية، بما في ذلك القصائد الشعرية. كان لظهور هذه الترجمة دور في انتعاش الحياة الأدبية هناك، ثم ترجمت إلى الإنجليزية والألمانية والدنماركية.[25][26]
حينما تُرجِمت «ألف ليلة وليلة» إلى اللغة الإنجليزية انعكس تأثيرها على الأدب والشعر الإنجليزي، فتأثر بها عدد من الشعراء الإنجليز، منهم والتر سكوت، واللورد بايرون، وتوماس مور، وجون كيتس. ويبدو هذا واضحاً في ديوان اللورد بايرون "حكايات شرقية" وهو ديوان شعر رومانسي، وكذلك عند توماس مور في روايته "لالا روخ". أما في فن التصوير فقد برز هذا التأثير في لوحات ديلاكروا ودي كامب وجيروم.[25]
كذلك صدرت الترجمة الألمانية عن اللغة الفرنسية، والتي بدأت منذ عام 1710 على يد تالاندر، ولكن الألمان أصدروا ترجمة من اللغة العربية في النصف الأول من القرن التاسع عشر وذلك عن النسخة العربية التي طُبِعت في كلكتا سنة 1814، وعن النسخة المصرية طبعة بولاق في العشرينات من نفس القرن. كان من ضمن مستشرقي ألمانيا اللذين اهتموا بهذا العمل، المستشرق فردريش روكرت الذي قدم العديد من الدراسات التي تتناول هذا الموضوع مثل "مباهج وتأملات شرقية " و "سبعة كتب وأساطير وحكايات من الشرق"، ومارست «ألف ليلة وليلة» تأثيرها على الأدب الألماني، حيث أن لشتينبرج قد استعان بها في إخراج شعره الرومانسي، وكذلك جوته الشاعر الألماني الكبي الذي كان مهتماً بالشرق وآدابه وقبل «ألف ليلة وليلة» ظهر تأثره بالإسلام وشخصية محمد، وقد قام بترجمة بعض النصوص القرآنية عن ترجمة ماركيوس إلى اللغة اللاتينية، وتوالت اهتماماته إلى أن أصدر روايته الشعرية "الديوان الشرقي الغربي" ويبدو فيها تأثره بالشعر العربي والفارسي والقرآن وشعر المتصوفين خاصة جلال الدين الرومي وكذلك حكايات ألف ليلة وليلة. كما قام أوجست فون بلاتين بنظم ديوانه الشعري "العباسيون" مستوحياً إبداعه من ألف ليلة وليلة.[25]
تُرجِم العمل إلى البولندية في منتصف القرن الثامن عشر، وذلك سنة 1768 ويقع في اثني عشر مجلداً، وتمت عن ترجمة غالان، وأعيد طباعتها في 1772 - 1774. كما قام بوهموليتس بترجمة ونشر بعض القصص في مجلة مونيتور البولندية، وفي سنة 1819 نشرت ترجمة جديدة في فيلنا عن ترجمة غالان، تبعها في سنة 1873 ترجمة أخرى في وارسو، وكلها نقلت عن ترجمة غالان. في الخمسينيات صدرت بعض المختارات المترجمة عن طريق كوبياك وتوبيليفتش، ثم في عام 1959 صدرت طبعة أخرى تحتوي على عدد أكبر من المختارات ترجمها كوبياك من اللغة العربية، إلى أن تمت الترجمة البولندية الحديثة التي بدأت مع منتصف الخمسينيات حين تشكلت لجنة من أساتذة متخصصين من الأقسام الشرقية في بولندا، وعلى رأسها جامعة ياجيلونسكي متمثلة في معهد فقه اللغة، وجامعة وارسو متمثلة في قسم الدراسات العربية، عملت على نقل العمل من اللغة العربية إلى اللغة البولندية، وقد تمت الترجمة عن طريق طبعة بولاق المصرية الموجودة في أربعة مجلدات. وبالرغم من أن عملية الترجمة قد بدأت في الفترة 1957 - 1958 وانتهت مع بداية الستينيات إلا أنها لم تصدر إلا في سنة 1974، وكانت قد صدرت في طبعتين إحداهما مختصرة في مجلد واحد، والأخرى مفصلة للمهتمين وتقع في تسع مجلدات.[25][27]
أما فيما يتعلّق بالترجمة البوسنية، فقد بدأت الترجمة الأولى الكاملة في فترة حصار سراييفو، عن طريق أسعد دوراكوفيتش الذي كان قد انتخب لتوه كأول بوسنوي يكون عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ونشرت تلك الترجمة سنة 1999،[28][29] وقد أراد لهذا العمل أن يشكل صلة للبوسنة مع العالم العربي والإسلامي بشكل خاص ليعيد إثبات الهوية البوسنية في وجه اللغة الصربو كرواتية.[30]