محمد منسى المشرف العام
عدد الرسائل : 20175 العمر : 45 الموقع : منتديات ابو ريوف تاريخ التسجيل : 26/03/2008
| موضوع: وصية الاستاذ الاخيرة الجمعة 25 مارس 2016 - 9:59 | |
| وصية الاستاذ الاخيرة رحل من دنيا اللهب إلي عالم النور 0421هيكل هذا زمانكم أنتم.. نحن عشنا عصرنا.. ووضعنا مشروعنا.. وأدينا واجبنا.. المطلوب منكم أن تثورا علي تجربتنا لتحديثها مع العصر الجديد.. كانت هذه آخر وصايا الأستاذ هيكل لأسرة تحرير الأهرام قبل شهر واحد من رحيله.. أول ماتعنيه هذه الوصية أنه ليس أسطورة, وما فعله ليس وحيا يوحي أو قدس الأقداس المحصن ضد الأسئلة, بل هو إنسان صاحب تجربة صحفية أصلها ثابت وفروعها في الفضاء الإنساني كله, فهذا العدد من ملحق الجمعة لاعلاقة له بذكري الأربعين ولا هو دعوة فرعونية لشق الجيوب, ولا للطم الخدود علي رحيل مؤرخ عبقري وأمين علي أسرار عصر بأكمله, والمؤسس الثاني للأهرام في عصرها الحديث, بل هو مجرد فقيد الأهرام والصحافة المصرية كلها والسياسة والأمن القومي والثقافة الإنسانية, عاش زمنه عمرا عملا, آمن بموهبته وبكل المواهب وكان حريصا علي التواصل مع شباب الأهرام والصحافة سواء في بيته بالجيزة أو منزله الريفي ببرقاش, كما دعم الأهرام بالقامات الفكرية التي شكلت قوي مصر الناعمة فأعطته تجربة سيبقي اسمها محمد حسنين هيكل الذي نعرفه. إن ملحق الجمعة هذا الأسبوع, عدد للحرية والأسئلة, فأكبر مميزات هيكل أنه كالنهر الجارف, ترك تراثا إنسانيا و,تجربة متدفقة; تجربة بنيت في عصور مضت علي قواعد ثابتة مازالت صالحة لاقتحام ومعايشة عصر جديد. اجتهد.. انتقد.. إعمل عقلك وفكرك.. فكر علي الموضة خارج الصندوق في تراث الأستاذ, لا تقلق أنت تنفذ أول وصاياه! الأستاذ أو الحاكم أو المؤسسة الذي يخاف من النقد, لا يستحق أن يعيش, وهيكل سيعيش بقدر ما بني وبقدر ما بذل من جهد وعرق في بناء نفسه وتحقيق رؤيته إلي واقع.. فجهد اليوم الواحد الذي بذله حتي في أيام مرضه الأخير, يساوي أضعاف ما بذله الآخرون في سنوات, لذلك استحق أرفع المناصب وحجز لنفسه العنوان والمانشيت الأول, وما يفكر فيه هو الموضوع الرئيسي. يحكي حازم فودة في كتابه نجوم شارع الصحافة أنه نظر من شرفة الأهرام الحديث علي شارع الصحافة عام1972 وقال لهيكل إنه سبق كل الصحف بعشر سنوات, فقال له هيكل ظلمت الأهرام, فكل الخبراء الأجانب الذين زارونا شهدوا بأنه سبق صحفهم بـ40 سنة, وقال علي المغربي يومها إن هيكل نظر إلي بيته القديم أخبار اليوم نظرة واسعة وقال إنني أتمني أن أري أخبار اليوم أضخم وأعظم من الأهرام وأتمني أن أري في مصر عشرات الدور التي تنافس الأهرام, وهذا صحيح فقد كان أمله في آخر لقاءاتي به أن تقود الأهرام ثورة حديثة تنتشل الصحافة المصرية من رقدتها.
تمني المؤرخ الصحفي منير عامر أن يعيش هيكل حتي يحكي كل ما في جعبته عن ثورة مصر وأحداثها وذكرياتها وأشخاصها وقراراتها وسياساتها. ما لم يقله هيكل وما لم يكتبه لا يقل أهمية للحقيقة وللتاريخ عما قاله وكتبه ووثقه بالصوت والصورة والكتاب. في يوم أصدر حلمي سلام رئيس مجلس إدارة دار التحرير قرارا بفصل150 صحفيا في أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربي الثاني, أعلن الخبر للصحفيين حسن الحديدي كبير المذيعين, جري أحدهم إلي السيد محمد زغلول كامل مدير الخدمة السرية بمكتب جمال عبدالناصر متسائلا: كيف يتم فصل صحفيين منهم طه حسين الذي تحولت بسببه أحداث23 يوليو من حركة مباركة إلي ثورة؟.. أسرع زغلول كامل إلي مكتب سامي شرف وعاد ليقول: إن الأستاذ هيكل حل المشكلة وتدخل وأصدر عبدالناصر قرارا بتعيين طه حسين رئيسا للمجلس الأعلي للفنون والآداب. ولكن لماذا لم يضم طه حسين إلي قائمة كتاب الأهرام؟.. لم يبح بالحقيقة إلا منير عامر الذي قال إن السيدة سوزان طه حسين كانت تصر علي أن عميد الأدب العربي يساوي اثنين توفيق الحكيم, ولما كان الأهرام يدفع لكبار الكتاب, ومنهم توفيق الحكيم مكافأة500 جنيه, وهو ما يعادل مرتب رئيس الجمهورية.. توقفت المفاوضات. ولم تتوقف الحكايات التي كان بطلها هيكل ولن تتوقف.. فهو ليس أسطورة,كما قال منذ46 عاما عن جمال عبد الناصر في مقال بمناسبة ذكراه الأربعين, بل عاش الأستاذ كل أزمات مصر والمنطقة علي مدي74 سنة من بينها حريق القاهرة في يناير1952 الذي عايشه من اللهب إلي الرماد, ليؤكد للعالم أنه إنسان يخضع لقانون الوجود العربي .. فالحقيقة في كل الدنيا نسبية إلا عندنا ليس لها إلا وجه واحد, فبقدر ثراء الشخصية تتلون وتتعدد الحقائق.وتبقي الحقيقة الوحيدة أن هيكل ليس أسطورة وأنه قد رحل من لهيب عالم مضطرب إلي رحاب الله في عالم من نور. رابط دائم:
3 | |
|