حقوق إقطاعية ما زالت باقية في ميثاق عام ١٢٢٥م
كان هناك عدد من البنود في ميثاق عام ١٢٢٥م لم تكن سارية المفعول وليس لها مكان في عالم تخطى زمن النظام الإقطاعي. تشير البنود من رقم ٢ وحتى البند رقم ٧ إلى الرسوم الإقطاعية في حالة الوفاة، حيث تحدد هذه البنود المبالغ والأحكام التي تطبق على وارث الإقطاع القاصر أو في حال الأرامل. يوجب البند رقم ٢٣ على عدم إجبار بلدةٍ أو فرد ببناء جسر فوق نهر. ويطالب البند رقم ٣٣ بإزالة مصائد الأسماك. ويدرج البند رقم ٤٣ حكماً خاصاً للضريبة على العقارات التي أعيدت لملّاكها السابقين وأما بند رقم ٤٤ جاء بالنص على أن قانون الغابة Forest Law يشمل فقط من كان في غابة الملك.
حقوق إقطاعية لم ترد في ميثاق عام ١٢٢٥م: بعض الأحكام لا علاقة لها بالعالم اليوم لأنها حقوق إقطاعية ولم يتضمنها ميثاق عام ١٢٢٥ حتى. فالبنود من رقم ٩ وحتى رقم ١٢ ومن رقم ١٤ وحتى رقم ١٦ ومن رقم ٢٥ حتى رقم ٢٦ كلها تتعلق بالدَّين والضرائب ويتعلق البند رقم ٢٧ في حالة عدم وجود وصيّة.
تنص البنود الأخرى على منع أي أحد من تملك أرض بالدين إلّا إن كان هذا سبيله الوحيد. وأن الورثة القصّر والأرامل يجب ألّا يدفعون فائدة على القروض التي ورثوها. وستظل الإيجارات في المحافظات على نفس مبالغها القديمة. وأن الحكومة تأخذ فقط القيمة التي لم تسدد من القرض، وأن المساعدة يجب أن تكون معقولة (الضرائب التي تؤخذ في حال وقوع حرب أو أي طارئ آخر) وأن الجزية (حرفياً تعني مبلغ الحماية، المبلغ الذي يدفع عوضاً عن الخدمة الفعلية في الجيش وتستعمل لتمويل الحرب) لا تجمع إلا بموافقة الملك.
ينص البند رقم ١٤ على أن موافقة الملك المشتركة يجب أن تؤخذ من مجلس مكون من كبار الأساقفة والأساقفة والإيرلات وكبار البارونات. وأصبح هذا المجلس يعرف بالمجلس العظيم وظهر بظهوره أول برلمان.
الحقوق القضائية
سمح البنود من رقم ١٧ وحتى رقم ٢٢ بوجود محكمة عدل ثابتة والتي أصبحت فيما بعد بدار العدل، وتحدد البنود أيضاً نطاق الجلسات القضائية في المحافظة وتكرارها. وتنص أيضاً على أن الغرامات يجب أن تتناسب مع المخالفة بحيث يجب ألّا تتأثر بالخاصية الكنسية في محاكمات رجال الدِّين، وتنص على أن أفراد الشعب يحاكمهم أقرانهم. يظن العديد أن هذا أدى إلى ظهور المحاكمات التي تكون أمام قاضٍ وهيئة المحلفين ولكن ظهورها الوحيد في العالم الحديث كان من حق اللوردات في المحاكمات الجنائية التي تكون للمرة الأولى في مجلس اللوردات (ألغي ذلك عام ١٩٤٨م).
ينص البند رقم ٢٤ على أن المسئولون الحكوميون يجب ألّا ينصبوا أنفسهم قضاة في المحاكمات الجنائية. يمنع البند رقم ٣٤ استرداد الأملاك إلا بوثيقة مطالبة رسمية (writ precipe). تنص البنود من رقم ٣٦ وحتى ٣٨ على أن وثائق الوفاة ووثائق التعرض لبتر الأطراف تعطى مجاناً وتنص على السماح للفرد باستخدام القوة عند وجود مبرر لحماية أراضيه وتنص على ألّا يحاكم الشخص بناءً على أقواله وحده فقط.
تعرّف البنود رقم ٣٦ و٣٨ و٣٩ و٤٠ جميعها ما هو حق الهبيس كوربس (المثول أمام القضاء). فالبند رقم ٣٥ يطالب المحاكم بالقيام بالتحريات عن مكان سجين هارب دون فرض أي رسوم. والبند رقم ٣٧ يفرض عدم محاكمة أي شخص لمجرد أن مسئولا طلب بهذا. والبند رقم ٣٩ يعطي المحاكم حقٌ محصور لها فقط بمعاقبة من شاءت. أما البند رقم ٤٠ فيمنع تأخير إحقاق العدالة أو خيانتها. أزيلا كل من البندين رقم ٣٦ و٣٨ من الميثاق إصدار عام ١٢٢٥م ولكن أعيد نصهما في إصدارات جاءت لاحقاً. ونفذ حق الهبيس كوربس للمرة الأولى بصيغته هذه في المحاكم عام ١٣٠٥م.
ينص البند رقم ٥٤ على ألّا يسجن أي رجل بناء على شهادة امرأة إلا في حالة وفاة زوجها.
مكافحة الفساد والتجارة النزيهة
ينص البندان رقمي ٢٨ و٣٢ على منع أي ضابط ملكي من أخذ أي سلعة مثل الحبوب والخشب أو أن يستعمل وسيلة مواصلات دون أن يدفع لها مقابلاً أو أن يحصل على الموافقة وألّا يجبر فارساً على الدفع مقابل عمل يستطيع الفارس أن يقوم به بنفسه. وينص كذلك على أنه يجب على الملك إعادة الأراضي المصادرة من الجناة في مدة أقصاها سنة وعام
يضع البند رقم ٣٥ لائحة تحتوي على الإجراءات المعيارية ويضمن كل من البندين رقم ٤١ و٤٢ سلامة التجار الأجانب وضمان حقهم في دخول البلاد والخروج منها.
ينص البند رقم ٤٥ على أنه يجب على الملك أن يعيّن من الضباط الملكيين فقط من كان مناسباً للمنصب. وفسّرت المحكمة العليا بكاليفورنيا في الولايات المتحدة هذا البند عام ١٩٧٤م بأنه يضع متطلباً في القانون العام يفيد بأن المدعى عليه الذي يواجه عقوبة حبس محتملة مخولٌ للحصول على محاكمة يشرف عليها قاضٍ متمرس قانونياً.
و يكفل البند رقم ٤٦ للأديرة الحماية.
الأحكام المؤقتة
كانت بعض الأحكام قد وضعت للتنفيذ الفوري والبعض الآخر كانت غير موجودة في الإصدارات التي ظهرت لاحقاً من الميثاق. يلغي البندان رقمي ٤٧ و٤٨ معظم قانون الغابة (Forest Law)- التي أزيلت من الماجنا كارتا ووضعت في ميثاق آخر منفصل يعرف بميثاق الغابة (The Forest Charter). تكفل البنود رقم ٤٩ ومن الرقم ٥٢ إلى الرقم ٥٣ ومن الرقم ٥٥ حتى الرقم ٥٩ إرجاع ما أخد في عهد الملك جون من رهائن وأراضٍ وغرامات.
تنص المادة رقم ٥٠ على ألّا يصبح أي فرد من عائلة دي آثي d’Athee ضابطاً ملكياً. وتطلب المادة رقم ٥١ من الفرسان الأجانب والمرتزقة مغادرة البلاد.
تكفل المادة رقم ٦٠ و٦٢ و٦٣ تطبيق الميثاق ومتابعته وأن الملك ملزم بالميثاق هو وورثته إلى الأبد. ولكن هذا قُدّر له أن يعتمد على كل ملك يعقب في تولي الحكم ومصادقته للميثاق بختمه الخاص.
اليهود في إنجلترا
احتوت الماجنا كارتا على مادتين تخصا إقراض المال واليهود في إنجلترا. أوجدت علاقة اليهود بإقراض المال حقداً عند المسيحيين لأن الكنيسة حرّمت الربا فكان يعد خطيئة ويعاقب عليه بالحرمان من الكنيسة بالرغم من أن اليهود وغير المسيحيين لا يشملهم عقاب الحرمان من الكنيسة ولذلك كانوا في وضع قانوني غامض. القادة العلمانيون تقبلوا تعامل اليهود بالربا على عكس الكنيسة لأنها تعطيهم الفرصة لتحقيق ثراء شخصي. أدى ذلك إلى وضع قانوني معقد. المستدينون يحاولون مراراً أن يحضروا الدائنون اليهود ليحتكموا في محاكم الكنيسة حيث سينظر إلى الدين كدين غير شرعي. واليهود يحاولون أن يحضروا المستدينون منهم إلى محاكم علمانية حيث سترد لهم القرض والفائدة. غالباً ما تصبح العلاقة بين الدائن والمستدين سيئة جداً. كانت هناك محاولات عديدة على مر العصور لحل هذه المسألة. تحتوي الماجنا كارتا على مثال واحدة لقاعدة قانونية تعود لذلك الوقت فيما يخص هذه المسألة:
إن اقترض أحدٌ من يهودي أي مبلغ من المال، قليلاً كان أم كثير، وتوفي قبل أن يسدده والوريث كان قاصراً فلا تدفع الفائدة لهذا الدين طالما أنه لم يبغ سن الرشد كائناً من يكن الدائن. وإن وقع الدين في ذمتنا فلن نقبل منه سوى المبلغ الأساسي الذي يحتوي عليه المستند. وإن توفي أحد وهو مستدين من يهودي فسيكون لزوجته مهرها ولن تسدد شيئاً من ذلك الدين. وإن كان للمتوفى أطفال فسيتم تزويدهم باللوازم التي يحتاجونها للمحافظة على أملاك المتوفى وسيدفع الدين من ما يتبقى من المال بعد ذلك وتؤخذ على كل حال مستحق الخدمة للوردات الإقطاعيين. وبهذا النمط تحل مسائل الديون المستحقة للآخرين غير اليهود. بعد أن أبطل البابا ميثاق الماجنا كارتا لعام ١٢١٥م لم يأتِ أي ذكر لليهود في الإصدارات التي جاءت لاحقاً.
المجلس العظيم
ثمرة دستورية طويلة المدى من البندين رقم ١٤ و٦١ اللتان سمحتا بإقامة مجلس مكون من أكثر رجال الدولة نفوذاً لمنفعة البلاد وليس لإظهار الولاء للحاكم. يُسمَح لأعضاء المجلس بنقض يمين الولاء التي أقسموها للملك في الظروف الملحّة وأن يتعهدوا للولاء للمجلس وليس للملك في حالات معينة. كان مجلس العموم مسئولاً عن فرض الضرائب بالرغم من أنه لم يوجد أي ممثلين العامة في هذا المجلس وكان الأعضاء ملزمين بالقرارات التي تصدر في غيابهم. كان مجلس العموم والذي سمي لاحقاً بالمجلس العظيم نموذجاً أولياً لبرلمان إنجلترا.
وُجد المجلس العظيم ليقدم مداخلات فيما يتعلق بالمملكة ككل. ولم يتمكن من التدخل في إدارة الجزية حتى عام ١٢٥٨م عندما غرق هنري الثالث في الدين أثناء حربه مع سيسلي من أجل البابا. وافق البارونات على الضريبة مقابل أن يحصلوا على عملية إصلاح وهذا أدى إلى ظهور أحكام أوكسفورد Provisions of Oxfords. ولكن هنري حصل على وثيقة بابوية تسمح له بالتخلي عن هذه الأحكام وفي عام ١٢٦٢م أمر الضباط الملكيين بتجاهلها وأن يلتزموا بطاعة الماجنا كارتا فقط. ثار البارونات واستولوا على أبراج لندن والموانئ الخمسة Cinque Ports وجلوستر. استسلم الملك في البداية ولكن قام لويس التاسع حاكم فرنسا بفصل النزاع لصالح هنري وبذلك حطّم هنري المتمردون. قام هنري لاحقاً ببعض التنازلات، فسن لائحة النظام الداخلي الأساسي لمارلبورو Statute of Marlborough عام ١٢٦٧م التي جعلت وثائق انتهاك الماجنا كارتا تعطى بالمجان لتتيح لأي أحد أن يتقدم ويطبق الميثاق.
ضَمن هذا مكانة المجلس العظيم إلى الأبد ولكن نفوذ المجلس ما زالت محدودة للغاية. التقى أعضاء المجلس في الأساس ثلاث مرات في السنة وكان كذلك تابعاً لمجلس الملك الذي يسمى كوريا ريجيس Curiae Regis (في اللاتينية تعني المجلس الملكي) والذي يتبع الملك أينما حل على عكس المجلس العظيم.
لكن كان المجلس بطريقةٍ أو بأخرى الشكل البدائي للبرلمان وكان لديه القدرة على عقد اجتماعات بعيداً عن حكم الملك ولم يكن أعضاؤه من تعيين الملك. بينما كانت الحكومة التنفيذية تنحدر من الكوريا ريجيس فلقد كان البرلمان ينحدر من المجلس العظيم والذي سمي لاحقاً بالبرلمانتوم (باللاتينية parliamentum). لقد كان المجلس العظيم مختلف اختلافاً كبيراً عن البرلمان في العصر الحديث. ولم يكن فيه أي فارس أو أحد من العموم وكان يتكون من أكثر الرجال نفوذاً وليس من مواطنين منتخبين.
كان للماجنا كارتا أثر بسيط على التطور اللاحق للبرلمان حتى جاء عهد التيودر. فحضر الفرسان ونواب المحافظات المجلس العظيم (برلمان سيمون دي مونتفورت) وأضحى المجلس مليئاً بالنواب على طراز برلمان إدوارد الأول الذي تضمن فارسين من كل محافظة ومواطنين من كل مدينة ذات حكم محلي ومواطنين من كل مدينة أخرى. كان العموم مفصولين عن اللوردات في عام ١٣٤١م وأعيد الاعتراف بانحصار العموم في حق الموافقة على الضرائب عام ١٤٠٧م (بناءً على حكم مسحوب من الماجنا كارتا) بالرغم من أنه لم يكن ساري التنفيذ في ذلك الوقت. أعطيت السلطة التي كانت معطاة للمجلس العظيم لمجلس العموم بموجب بند في الماجنا كارتا(بالرغم من أنه سُحِب). ولكن الماجنا كارتا أصبحت أمراً منسياً لحوالي قرن من الزمان حتى قدم التودريون.