قصة خسرو

كان خسرو عنده تساؤلات كتيرة عن معنى الحياة حتى من وهو صغير في السن. كل حاجة حواليه كانت لغز عاوز يحله: ليه الورد والزهور ليها ألوان مختلفة؟ يا ترى فيه حاجة أبعد من النجوم؟ هنروح فين بعد الموت؟ ولما ما لقاش حد يجاوب على أسئلته وبسبب مشاعره المُرهفة بدأ يدخل في دور اكتئاب.

لما كبر شوية وخلص مدرسة، قرر إنه ما يروحش جامعة واشتغل في وظيفة بدرجة قليلة في شركة تليفونات محلية. كان حاسس إن وجوده ما لهوش معنى ويوم بعد التاني حالته اتدهورت وبدأ يشعر بفراغ كبير جواه. حاول يتقرب من ربنا، قرأ عدد كبير من الكتب واشترك فى الأنشطة والتجمعات الدينية .

وفي يوم من الأيام وهو في طريقه للشغل، مر على الكنيسة الآشورية المسيحية اللي كان بيمر عليها كل يوم وهو رايح شغله، لكن المرة دي شعر بحاجة مختلفة وكأن صوت من الكنيسة نادى عليه. وفي طريق عودته من الشغل، قرر إنه يدخل المكان دا. وفي زيارته التانية شاف مجموعة من الناس الكبار في السن وقسيس بيوعظ باللغة الآشورية وهي لغة مش مفهومة بالنسبة له.

بعد انتهاء الخدمة في الكنيسة، قرر القسيس إنه يتكلم مع خسرو واعطاه مجموعة من الكتب باللغة الفارسية ومن بين الكتب دي كان العهد الجديد وقاله إن دا أهم كتاب على الإطلاق ممكن يقراه.

بدأ خسرو يقرأ العهد الجديد من أوله لآخره على أمل إنه يختبر تغيير إيجابي في حياته، لكن لم يحدث أي تغيير، فقرر إنه يقرأ العهد الجديد للمرة التانية والمرة الثالثة. وبرغم كدا، ما كانش فيه أي تغيير.

رجع خسرو من الشغل في يوم وهو حاسس إن مفيش أمل وقلبه مليان غضب، رمى العهد الجديد على الأرض وبقلب يائس صرخ لله وطلب منه إما إنه يعلن له نفسه أو يسيبه في حاله للأبد. في اللحظة دي ظهر قدامه شخص في رؤية وكان الشخص دا مادد إيده ناحية خسرو وقاله: “اعطني أيدك وحياتك هتتغير.” وفعلاً اعطى خسرو يديه للشخص دا وشعر وكأن “كهرباء” على حد تعبير خسرو سرت في كل جسمه. سجد خسرو وبدأ يبكي بصوت عالي لدرجة إن والديه سمعوه ودخلوا الغرفة علشان يعرفوا إيه اللي بيحصل. استغربوا جداً إنهم يشوفوا ابنهم بيبكي لأول مرة من فترة طويلة جداً.

ومن اليوم دا اتغيرت كل حاجة في حياة خسرو وكان بيقول على نفسه إنه “أصبح إنسان جديد” شعر بإن حمل كبير سقط من على كتافه وإن الاكتئاب اللي كان عنده لم يعد له وجود وحل محله حب لله ولعائلته وللناس.

زار خسرو القسيس الآشوري اللي اعطاه الكتب وحكى له عن اللي حصل معاه ووصف له الرؤيا اللي شافها. القسيس خبره إنه نال الولادة الجديدة وإنه محتاج يعرف أكثر عن المسيحية وارسله لقسيس تاني بيتكلم الفارسية. يوم بعد التاني زاد إيمان خسرو بالمسيح ودرس الكتاب المقدس بتعمق وبمرور الوقت أصبح قسيس وكمان اتجوز في الفترة دي.

وبسبب اضطهاد المسيحيين الشديد في إيران، اضطر خسرو إنه يهرب هو وزوجته واولاده لتركيا لأن الأضطهاد هناك كان أقل، لكن بعد فترة، اضطر إنه يترك تركيا والمرة دي قرر إنه يلجأ إلى النمسا. وعلشان يسافروا للنمسا، استقلوا الطيارة للبوسنة وبمساعدة اثنين من المهربين، سافروا بسيارة وبعدين على رجليهم لحد حدود النمسا. الكلام دا حصل في فصل الشتا وكان الجو قارس البرودة.

في أثناء عبورهم أحد الأنهار بالليل، اتزحلقت رجل يوسف ابنه من على العرق الخشب اللي كان محطوط علشان يعبروا من فوقه النهر ووقع في الميه الساقعه وأخذ معاه ابوه. كان النهر سريع وعميق، حاول خسرو إنه يلاقي ابنه لكن الدنيا كانت ظلمة جداً. وفجأة شعر خسرو بشخص بيحط ابنه بين إيديه وشعر بيه -برغم إنه مش شايفه- بيساعده يحمل ابنه لحد ما وصل لشاطئ النهر بأمان وسلام وكملوا الرحلة لحد ما وصلوا للنمسا.

بالنسبة لخسرو كان يسوع هو الشخص اللي ساعده ينقذ ابنه في الليلة دي وكان كمان هو ذات الشخص اللي شافه في الرؤية ولما كان بيقول القصة دي للناس ما كانش عنده أدنى شك إن دي هي الحقيقة ومش من نسج خياله. كانت بالنسبة له حقيقة لا يمكن التشكيك فيها.

» سفر نامه : المؤلف: ناصر خسرو