نظير". ولانعلم ممَّ كانت تصنع تلك المراجل والسيوف، والغالب أنها من البرونز.
أما الأوذيسة فهي الملحمة الثانية التي تنسب لهوميروس أيضاً، وفيها وصف لعودة الإغريق إلى بلادهم، بعد رحلة دامت عشر سنوات، لاقوا خلالها كثيراً من المشاق والأهوال في البر والبحر. وكلمة الأوذيسة مشتقة من أوذيس (أو عوليس) ملك إيتاكا، وقد خلده هوميروس في ملحمته وجعله خير أبطال الإغريق وأشجعهم.
تزوج أوذيس قبل سفره من بنلوب، ورزق منها ولداً اسمه تليماك. وحينما عاد أوذيس إلى بلده وجد حشداً من الخطّاب قد اغتنموا فرصة غيابه، وصغر سن ولده، فأخذوا يبذرون أمواله ويلحون على امرأته للزواج من أحدهم.
ونجد في الأوذيسة وصفاً رائعاً لعادات الإغريق وطرائق معيشتهم وآداب سلوكهم. أما الإلياذة فهي الملحمة التي مثّلت استعداد الإغريق للحرب، وتصرفهم في القتال حتى نوال النصر.
لقد ورد في الأوذيسة عدة فقر فيها ذكر لأنواع المعادن المستعملة منها: أن أوذيس كان يدخر في منزله قبل سفره الذهب والبرونز والثياب، إلى جانب زيت الزيتون والنبيذ. وأن أغنياء الإغريق كانوا يتناولون النبيذ بكؤوس من الذهب، ويشربون الماء بأباريق من ذهب أيضاً، ويغسلون أيديهم بطست من الفضة.
كانت مصر منذ القدم مصدراً لمعدن الذهب، ويدل على ذلك أن مانيلا ملك إسبارطة صادف بطريق الرجعة ريحاً شديدة قرب جزيرة كريت، فساقت سفينته إلى مصر. وهناك تاه طويلاً بين قوم غرباء اللسان، لكنه استطاع أن يجمع كثيراً من الذهب عن طريق عمله كعبد أسير.
كانت مدينة صيدا مركزاً لصناعة الأدوات الفضية والذهبية المتقنة، وقد تردد ذكرها عدة مرات في الملحمتين، منها أن الملك مانيلا، حينما أراد أن يكرم تلماك، قدم له كأساً من الفضة وحواشيها من الذهب، وقال له : إن ملك الصيداويين كان قد أهداها إليه.
واشتهر الفينيقيون بصنع سلاسل ذهبية تحمل كرات من الكهربا، وكان خطّاب بنلوب يقدمون لها هدايا، منها اثنا عشر مشبكاً ذهباً، واثنتا عشرة قلادة، وسلاسل فيها خرزات من الكهربا ، وهي غالباً من صنع الفينيقيين أيضاً.
دراسات تاريخية حديثة ورد فيها ذكر المعادن:
نظمت جامعة حلب بالتعاون مع جامعة روما ندوة عالمية، بتاريخ 17-20/10/1992، حول تاريخ سورية والشرق الأدنى خلال الفترة الممتدة من 3000 إلى 300 سنة قبل الميلاد.
وكان من بين البحوث التي ألقيت موضوع عنوانه: "رسائل جديدة عن تاريخ حلب وشمال سورية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد"
ألقاه الدكتور فيصل عبد اللّه، من جامعة دمشق، وجاء فيه مايلي:
كانت مدينة إيمار (مسكنة) المنفذ التجاري لمملكة حلب (يمحاض) على الفرات. وكانت دولة قطنة في منطقة حمص المنافس المزمن لمدينة حلب. وقد توطّدت العلاقات بين مملكتي حلب وماري بعدد من التحالفات الحربية، في مواجهة أعداء حلب في الجبال الشمالية وأعداء ماري في الشرق. وكانت حلب منطقة عبور نحاس الجبال إلى ماري، والمجلوب غالباً من قبرص عن طريق قطنة وفلسطين. وبما أن حلب كانت أيضاً بحاجة للقصدير لإنتاج البرونز كانت تستورده عن طريق تل ليلان (شبات انليل)، وإما بواسطة مملكة ماري".
لقد ورد في بعض النصوص المكتشفة في هذه المملكة وصف رحلة قام بها ملكها الأموري زمري ليم، حفيد حمورابي، إلى حلب،
من أجل تكريم إلاهها أدو، مصطحباً معه أواني ثمينة من ذهب وفضة. كما ورد في رسالة أخرى اكتشفت حديثاً وصف الهدايا التي قدمت إلى الأميرة شبتوبنت ياريم ليم ملك حلب، وزوجة زمري ليم ملك ماري، وكان من بينها خاتم ذهب وزنه ست مثاقيل.
لقد أتقن سكان ماري صياغة المعادن الثمينة وسكب البرونز، بدليل أن زمري ليم قد أرسل إلى حلب عن طريق إيمار (مسكنة) تمثالاً للإله بعل، وطبلاً كبيراً من البرونز بلغ من الضخامة والثقل ماجعل نقله من الصعوبة بمكان.
الرحلات الاستكشافية وأثرها في علم الجغرافية:
يقول المؤرخ فيليب حتّي، في كتابه تاريخ لبنان: "كانت كنعان خلال الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد جسراً عبرت عليه البضائع المصرية في طريقها إلى بابل، والبضائع البابلية إلى مصر. ولم يقتصر الأمر على البضائع المادية بل تعدّاها إلى انتقال الأفكار والتيارات الحضارية. كما أن الإغريق اقتبسوا من الفينيقيين الكثير: في الدين، واللغة، والزراعة، والصناعة، وفن العمارة، والأدب، والكتابة".
من المسلّمات التاريخية أن أكثر الشعوب القديمة كانت تشكل قبائل مفطورة على حبّ التنقل والترحال منذ فجر التاريخ. ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها: طلب الرزق من ماء وغذاء، وطلب الأمان، خشية الحيوان والإنسان، والفرار من أمكنة ينتشر فيها الوباء أو الكوارث الطبيعية.
ولكن حينما استقرت أكثر تلك القبائل في أماكن آمنة، يتوافر فيها الرزق والعمل، فقد أصبح للانتقال والرحلات الفردية أو الجماعية غايات أخرى، أهمها التجارة، وطلب العلم، وحب الاستطلاع.
ويقول العالم سارتون إن عدداً من المؤرخين اليونان قاموا برحلات عديدة القصد منها جمع معلومات خاصة بالجغرافيا البشرية، منهم هيرودوت وكيتسياس وهانون في القرن الخامس ق.م، وكسينوفون وبتياس في القرن الرابع ق.م، وباتروكليس السلوقي وإراتوستنيس البرقاوي في القرن الثالث ق.م.
ترك هؤلاء العلماء والرحّالون مذكرات عن أسفارهم البرية والساحلية، ورسوماً وخرائط بدائية استفاد منها السلوقيون والرومان في فتوحاتهم، كما استفاد منها علماء التاريخ والجغرافية العرب فيما بعد.
لقد اعترف الفيثاغوريون، حوالي القرن الخامس ق.م، بكروية الأرض، ولما جاء إراتوستنيس وضع خريطة للعالم مستنداً إلى أسس الجغرافية الرياضية المبنية على كروية الأرض. ولد هذا العالم في برقة نحو عام 273ق.م، وتلقى علومه في أثينا، ثم انتقل إلى الاسكندرية بدعوة من بطليموس الثالث، حيث قضى بقية حياته، وتوفي عام 192 ق.م. ترك هذا العالم عدة مؤلفات أهمها (مذكرات جغرافية) استفاد منها العالمان سترابون وبطليموس القلوذي .
وتتألف هذه المذكرات من ثلاثة أجزاء: الأول: مقدمة تاريخية. والثاني: قياس الأرض والجهات المسكونة منها.والثالث: الخرائط وتقويم البلدان.
استرابون Strabon:
ولد نحو عام 64ق.م في مدينة أماسيا عاصمة مملكة بنطس الواقعة على البحر الأسود. وهو من أسرة آسيوية يونانية، تعلم في روما وأتم دراسته في الاسكندرية. وتعود شهرته لتأليفه كتابين: الأول مفقود وعنوانه (دراسات تاريخية)، والثاني موجود وهو موسوعة بالجغرافية الطبيعية والبشرية، تعد من أهم ماتركه اليونانيون من تراث علمي، وهي تتألف من (17) جزءاً.
قام استرابون بعدة رحلات شملت كثيراً من بقاع آسيا الصغرى واليونان وإيطاليا ومصر والحبشة. أما بقية البلاد التي تكلم عليها، وهي الهند وفارس وبين النهرين، فقد كانت مقتبسة من مؤلفات من سبقه من الرحّالين وأصحاب الأخبار.
من أجل تكريم إلاهها أدو، مصطحباً معه أواني ثمينة من ذهب وفضة. كما ورد في رسالة أخرى اكتشفت حديثاً وصف الهدايا التي قدمت إلى الأميرة شبتوبنت ياريم ليم ملك حلب، وزوجة زمري ليم ملك ماري، وكان من بينها خاتم ذهب وزنه ست مثاقيل.
لقد أتقن سكان ماري صياغة المعادن الثمينة وسكب البرونز، بدليل أن زمري ليم قد أرسل إلى حلب عن طريق إيمار (مسكنة) تمثالاً للإله بعل، وطبلاً كبيراً من البرونز بلغ من الضخامة والثقل ماجعل نقله من الصعوبة بمكان.
الرحلات الاستكشافية وأثرها في علم الجغرافية:
يقول المؤرخ فيليب حتّي، في كتابه تاريخ لبنان: "كانت كنعان خلال الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد جسراً عبرت عليه البضائع المصرية في طريقها إلى بابل، والبضائع البابلية إلى مصر. ولم يقتصر الأمر على البضائع المادية بل تعدّاها إلى انتقال الأفكار والتيارات الحضارية. كما أن الإغريق اقتبسوا من الفينيقيين الكثير: في الدين، واللغة، والزراعة، والصناعة، وفن العمارة، والأدب، والكتابة".
من المسلّمات التاريخية أن أكثر الشعوب القديمة كانت تشكل قبائل مفطورة على حبّ التنقل والترحال منذ فجر التاريخ. ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها: طلب الرزق من ماء وغذاء، وطلب الأمان، خشية الحيوان والإنسان، والفرار من أمكنة ينتشر فيها الوباء أو الكوارث الطبيعية.
ولكن حينما استقرت أكثر تلك القبائل في أماكن آمنة، يتوافر فيها الرزق والعمل، فقد أصبح للانتقال والرحلات الفردية أو الجماعية غايات أخرى، أهمها التجارة، وطلب العلم، وحب الاستطلاع.
ويقول العالم سارتون إن عدداً من المؤرخين اليونان قاموا برحلات عديدة القصد منها جمع معلومات خاصة بالجغرافيا البشرية، منهم هيرودوت وكيتسياس وهانون في القرن الخامس ق.م، وكسينوفون وبتياس في القرن الرابع ق.م، وباتروكليس السلوقي وإراتوستنيس البرقاوي في القرن الثالث ق.م.
ترك هؤلاء العلماء والرحّالون مذكرات عن أسفارهم البرية والساحلية، ورسوماً وخرائط بدائية استفاد منها السلوقيون والرومان في فتوحاتهم، كما استفاد منها علماء التاريخ والجغرافية العرب فيما بعد.
لقد اعترف الفيثاغوريون، حوالي القرن الخامس ق.م، بكروية الأرض، ولما جاء إراتوستنيس وضع خريطة للعالم مستنداً إلى أسس الجغرافية الرياضية المبنية على كروية الأرض. ولد هذا العالم في برقة نحو عام 273ق.م، وتلقى علومه في أثينا، ثم انتقل إلى الاسكندرية بدعوة من بطليموس الثالث، حيث قضى بقية حياته، وتوفي عام 192 ق.م. ترك هذا العالم عدة مؤلفات أهمها (مذكرات جغرافية) استفاد منها العالمان سترابون وبطليموس القلوذي .
وتتألف هذه المذكرات من ثلاثة أجزاء: الأول: مقدمة تاريخية. والثاني: قياس الأرض والجهات المسكونة منها.والثالث: الخرائط وتقويم البلدان.
استرابون Strabon:
ولد نحو عام 64ق.م في مدينة أماسيا عاصمة مملكة بنطس الواقعة على البحر الأسود. وهو من أسرة آسيوية يونانية، تعلم في روما وأتم دراسته في الاسكندرية. وتعود شهرته لتأليفه كتابين: الأول مفقود وعنوانه (دراسات تاريخية)، والثاني موجود وهو موسوعة بالجغرافية الطبيعية والبشرية، تعد من أهم ماتركه اليونانيون من تراث علمي، وهي تتألف من (17) جزءاً.
قام استرابون بعدة رحلات شملت كثيراً من بقاع آسيا الصغرى واليونان وإيطاليا ومصر والحبشة. أما بقية البلاد التي تكلم عليها، وهي الهند وفارس وبين النهرين، فقد كانت مقتبسة من مؤلفات من سبقه من الرحّالين وأصحاب الأخبار.
من أجل تكريم إلاهها أدو، مصطحباً معه أواني ثمينة من ذهب وفضة. كما ورد في رسالة أخرى اكتشفت حديثاً وصف الهدايا التي قدمت إلى الأميرة شبتوبنت ياريم ليم ملك حلب، وزوجة زمري ليم ملك ماري، وكان من بينها خاتم ذهب وزنه ست مثاقيل.
لقد أتقن سكان ماري صياغة المعادن الثمينة وسكب البرونز، بدليل أن زمري ليم قد أرسل إلى حلب عن طريق إيمار (مسكنة) تمثالاً للإله بعل، وطبلاً كبيراً من البرونز بلغ من الضخامة والثقل ماجعل نقله من الصعوبة بمكان.
الرحلات الاستكشافية وأثرها في علم الجغرافية:
يقول المؤرخ فيليب حتّي، في كتابه تاريخ لبنان: "كانت كنعان خلال الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد جسراً عبرت عليه البضائع المصرية في طريقها إلى بابل، والبضائع البابلية إلى مصر. ولم يقتصر الأمر على البضائع المادية بل تعدّاها إلى انتقال الأفكار والتيارات الحضارية. كما أن الإغريق اقتبسوا من الفينيقيين الكثير: في الدين، واللغة، والزراعة، والصناعة، وفن العمارة، والأدب، والكتابة".
من المسلّمات التاريخية أن أكثر الشعوب القديمة كانت تشكل قبائل مفطورة على حبّ التنقل والترحال منذ فجر التاريخ. ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها: طلب الرزق من ماء وغذاء، وطلب الأمان، خشية الحيوان والإنسان، والفرار من أمكنة ينتشر فيها الوباء أو الكوارث الطبيعية.
ولكن حينما استقرت أكثر تلك القبائل في أماكن آمنة، يتوافر فيها الرزق والعمل، فقد أصبح للانتقال والرحلات الفردية أو الجماعية غايات أخرى، أهمها التجارة، وطلب العلم، وحب الاستطلاع.
ويقول العالم سارتون إن عدداً من المؤرخين اليونان قاموا برحلات عديدة القصد منها جمع معلومات خاصة بالجغرافيا البشرية، منهم هيرودوت وكيتسياس وهانون في القرن الخامس ق.م، وكسينوفون وبتياس في القرن الرابع ق.م، وباتروكليس السلوقي وإراتوستنيس البرقاوي في القرن الثالث ق.م.
ترك هؤلاء العلماء والرحّالون مذكرات عن أسفارهم البرية والساحلية، ورسوماً وخرائط بدائية استفاد منها السلوقيون والرومان في فتوحاتهم، كما استفاد منها علماء التاريخ والجغرافية العرب فيما بعد.
لقد اعترف الفيثاغوريون، حوالي القرن الخامس ق.م، بكروية الأرض، ولما جاء إراتوستنيس وضع خريطة للعالم مستنداً إلى أسس الجغرافية الرياضية المبنية على كروية الأرض. ولد هذا العالم في برقة نحو عام 273ق.م، وتلقى علومه في أثينا، ثم انتقل إلى الاسكندرية بدعوة من بطليموس الثالث، حيث قضى بقية حياته، وتوفي عام 192 ق.م. ترك هذا العالم عدة مؤلفات أهمها (مذكرات جغرافية) استفاد منها العالمان سترابون وبطليموس القلوذي .
وتتألف هذه المذكرات من ثلاثة أجزاء: الأول: مقدمة تاريخية. والثاني: قياس الأرض والجهات المسكونة منها.والثالث: الخرائط وتقويم البلدان.
استرابون Strabon:
ولد نحو عام 64ق.م في مدينة أماسيا عاصمة مملكة بنطس الواقعة على البحر الأسود. وهو من أسرة آسيوية يونانية، تعلم في روما وأتم دراسته في الاسكندرية. وتعود شهرته لتأليفه كتابين: الأول مفقود وعنوانه (دراسات تاريخية)، والثاني موجود وهو موسوعة بالجغرافية الطبيعية والبشرية، تعد من أهم ماتركه اليونانيون من تراث علمي، وهي تتألف من (17) جزءاً.
قام استرابون بعدة رحلات شملت كثيراً من بقاع آسيا الصغرى واليونان وإيطاليا ومصر والحبشة. أما بقية البلاد التي تكلم عليها، وهي الهند وفارس وبين النهرين، فقد كانت مقتبسة من مؤلفات من سبقه من الرحّالين وأصحاب الأخبار.
ألمّ استرابون بالعلوم الفلكية التي عرفها المصريون والكلدانيون. وذكر أن الفينيقيين من أهل صيداهم الذين نقلوا مبادئ علم الفلك والحساب إلى بلاد اليونان. عاش استرابون في زمن الامبراطور الروماني أوغسطس، وتكلم على مناجم الفضة الموجودة في إقليم لوريون في اليونان، وعلى صناعة الزجاج المتقدمة في الاسكندرية.
ويقول العالم سارتون: إن كتاب استرابون، على الرغم من ضخامته وأهميته، فإن الحكومة ورجال الأعمال في الامبراطورية الرومانية لم يستفيدوا منه. والسبب في ذلك ربما يعود لإخفاء أصحاب هذه الموسوعة النسخ الأولى منها لاستخدامها في أغراضهم الخاصة. وإن المؤرخ يوسفوس كان أول من اطلع على هذا الكتاب، واستفاد منه في القرن الأول للميلاد. بينما لم يعرفه أحد من علماء اليونان ولا بطليموس القلوذي و بليني الروماني.
وفي العصر البيزنطي (القرن السادس للميلاد) اكتُشف أول مخطوطاته، ثم ظهرت له بعد ذلك ثلاث مخطوطات أخرى باليونانية. ثم ترجمت أجزاؤه إلى اللاتينية على دفعات، وأخيراً طبع بكامله باللغتين اليونانية واللاتينية بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد.
لقد بقي كتاب استرابون مجهولاً عند المؤرخين والجغرافيين المسلمين، علماً بأنه ترجم إلى الفرنسية في خمسة مجلدات، بأمر من نابوليون بونابرت، كما ترجم إلى الإنكليزية، وظهر في ثمانية مجلدات بين عامي (1917-1932)م.
بطليموس القلوذي (Ptolémus Claudius):
فلكي يوناني، ولد في مدينة تدعى (Ptolmais Hermius) ، التي كانت في مصر العليا خلال القرن الثاني بعد الميلاد. اشتهر بتأليف كتابين: الأول في الرياضيات وعلم الفلك، عرف باسم الماجسطي (Almageste) ، والثاني في وصف الأرض وعرف باسم الجغرافية (Géography). ترجم الأول إلى العربية في زمن الخليفة أبي جعفر المنصور ترجمة أبي يحيى البطريق، ثم أعاد نقله فيما بعد الحجاج ابن مطر وغيره.
أما كتاب الجغرافية فقد استخرج منه محمد بن موسى الخوارزمي كتابه المعروف باسم (صورة الأرض من المدن والجبال والبحار والجزائر والأنهار)، وذلك في خلافة المأمون (196-218 هـ) الذي ولاه رئاسة بيت الحكمة.
ويقول المرحوم الدكتور عمر فروخ : إن الجغرافيين العرب صنعوا صورة للأقاليم (خريطة) تظهر عليها المناطق والبلدان، موّقعة بأسمائها العربية، غير أن حدود القسم المعمور من الأرض، وكذلك حدود الأقاليم، كانت كلها حسب ماوردت في كتاب المجسطي لبطليموس.
تطور علم الجغرافيا في الدول العربية الإسلامية:
اندفعت القبائل العربية منذ ابتداء الدعوة الإسلامية إلى خارج الجزيرة، فتعرفت بلاداً وأقاليم وشعوباً غريبة عنها، علماً ولغة وديانة وغذاء وملبساً. وعلى الرغم من التفاوت الحضاري بين القبائل العربية وتلك الشعوب، فقد استطاع الإنسان العربي المؤمن أن يسيطر على تلك الشعوب بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يأخذ عنها ويستفيد منها كثيراً من الأمور المادية والعلمية، وأن يمنحها السلام والإيمان بالوحدانية، والعدالة الاجتماعية.
وفي القرن الثاني للهجرة تحولت الدولة الأموية إلى إمبراطورية مترامية الأطراف، تضم دويلات عديدة، تخضع لسلطة الخلافة الدينية والزمنية. وأصبح من الواجب أولاً: معرفة حدود تلك الدول وحمايتها من هجمات الأعداء.
ثانياً- التجسس على الأعداء، وتسقط أخبراهم، وذلك كما فعل الرشيد حينما أرسل رجلاً إلى بلاد الروم، كما ذكر ابن حوقل.
ثالثاً- توزيع القوات المسلحة حول المناطق السكنية المكتظة لحمايتها من اللصوص وقطاع الطرق، وذكر أسماء المدن والقرى والمسافات الفاصلة