موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
باكى - 67
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
الحربي - 36
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
زهرالورد - 30
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_rcap((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Voting_bar((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Vote_lcap 

 

 (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 9 ... 14, 15, 16, 17, 18, 19  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:12

فصل فيما وقع من الآيات ليلة مولده عليه الصلاة والسلام


قد ذكرنا في باب هواتف الجان ما تقدم من خرور كثير من الأصنام ليلتئذ لوجوهها وسقوطها عن أماكنها، وما رآه النجاشي ملك الحبشة، وظهور النور معه حتى أضاءت له قصور الشام حين ولد، وما كان من سقوطه جاثيا رافعا رأسه إلى السماء، وانفلاق تلك البرمة عن وجهه الكريم، وما شوهد من النور في المنزل الذي ولد فيه ودنو النجوم منهم وغير ذلك.
حكى السهيلي عن تفسير بقي بن مخلد الحافظ، أن إبليس رن أربع رنات: حين لعن، وحين أهبط، وحين ولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وحين أنزلت الفاتحة.
قال محمد بن إسحاق: وكان هشام بن عروة يحدث عن أبيه، عن عائشة قالت: كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال في مجلس من قريش: يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟
فقال القوم: والله ما نعلمه. فقال: الله أكبر أما إذا أخطأكم فلا بأس، انظروا واحفظوا ما أقول لكم: ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس، لا يرضع ليلتين، وذلك أن عفريتا من الجن أدخل أصبعه في فمه فمنعه الرضاع، فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه.
فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله، فقالوا: قد والله ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدا. فالتقى القوم، فقالوا: هل سمعتم حديث اليهودي، وهل بلغكم مولد هذا الغلام؟
فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر، قال: فاذهبوا معي حتى أنظر إليه، فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا: أخرجي إلينا ابنك فأخرجته، وكشفوا له عن ظهره، فرأى تلك الشامة فوقع اليهودي مغشيا عليه، فلما أفاق قالوا له: مالك ويلك؟
قال: قد ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل، فرحتم بها يا معشر قريش، والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب
وقال محمد بن إسحاق: حدثني صالح بن إبراهيم، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: حدثني من شئت من رجال قومي ممن لا أتهم، عن حسان بن ثابت قال: إني لغلام يفعة ابن سبع سنين - أو ثمان سنين - أعقل ما رأيت وسمعت، إذا بيهودي في يثرب يصرخ ذات غداة: يا معشر يهود، فاجتمعوا إليه - وأنا أسمع - فقالوا: ويلك ما لك؟ قال: قد طلع نجم أحمد الذي يولد به في هذه الليلة.
وروى الحافظ أبو نعيم في كتاب (دلائل النبوة) من حديث أبي بكر بن عبد الله العامري، عن سليمان بن سحيم، وذريح بن عبد الرحمن كلاهما، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: سمعت أبي مالك بن سنان يقول: جئت بني عبد الأشهل يوما لأتحدث فيهم، ونحن يومئذ في هدنة من الحرب فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظل خروج نبي يقال له أحمد يخرج من الحرم.
فقال له خليفة بن ثعلبة الأشهلي كالمستهزئ به: ما صفته؟ فقال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يلبس الشملة ويركب الحمار، سيفه على عاتقه، وهذا البلد مهاجره.
قال: فرجعت إلى قومي بني خدرة، وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع، فأسمع رجلا منا يقول، ويوشع يقول هذا وحده؟! كل يهود يثرب يقولون هذا.
قال أبي مالك بن سنان: فخرجت حتى جئت بني قريظة، فأجد جمعا، فتذاكروا النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلى لخروج نبي أو ظهوره، ولم يبق أحد إلا أحمد، وهذا مهاجره.
قال أبو سعيد: فلما قدم النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أخبره أبي هذا الخبر، فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « لو أسلم الزبير لأسلم ذووه من رؤساء اليهود إنما هم له تبع ».
وقال أبو نعيم: حدثنا عمر بن محمد، حدثنا إبراهيم بن السندي، حدثنا النضر بن سلمة، حدثنا إسماعيل بن قيس بن سليمان بن زيد بن ثابت، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع سمعت زيد بن ثابت يقول: كان أحبار يهود بني قريظة والنضير يذكرون صفة النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فلما طلع الكوكب الأحمر أخبروا أنه نبي وأنه لا نبي بعده، واسمه أحمد، ومهاجره إلى يثرب، فلما قدم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg المدينة أنكروا، وحسدوا، وكفروا.
وقد أورد هذه القصة الحافظ أبو نعيم في كتابه من طرق أخرى ولله الحمد.
وقال أبو نعيم ومحمد بن حبان: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أسامة بن زيد قال: قال زيد بن عمرو بن نفيل: قال لي حبر من أحبار الشام: قد خرج في بلدك نبي - أو هو خارج - قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبعه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:17

ذكر ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط الشرفات


ذكر ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط الشرفات، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، وغير ذلك من الدلالات
قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب (هواتف الجان): حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران - من آل جرير بن عبد الله البجلي - حدثني مخزوم بن هاني المخزومي، عن أبيه - وأتت عليه خمسون ومائة سنة - قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام.
وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أنه لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك ذلك.
فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران، فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم بما رأى وما هاله، فقال الموبذان - وأنا أصلح الله الملك - قد رأيت في هذه الليلة رؤيا، ثم قصَّ عليه رؤياه في الإبل. فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟
قال: حدث يكون في ناحية العرب - وكان أعلمهم من أنفسهم - فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد: فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني.
فلما ورد عليه قال له: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ فقال: لتخبرني، أو ليسألني الملك عما أحب، فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلم. فأخبره بالذي وجه به إليه فيه.
قال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له: سطيح، قال فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره.
فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح، وقد أشفى على الضريح، فسلم عليه وكلمه فلم يرد إليه سطيح جوابا، فأنشأ يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن * أم فاد فاز لم به شأو العنن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن * أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذئب بن حجن * أزرق نهم الناب صرار الأذن
أبيض فضفاض الرداء والبدن * رسول قيل العجم يسري للوسن
يجوب بي الأرض علنداة شزن * لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
ترفعني وجنا وتهوي بي وجن * حتى أتى عاري الجآجي والقطن
تلفه في الريح بوغاء الدمن * كأنما حثحث من حضني ثكن
قال: فلما سمع سطيح شعره، رفع رأسه يقول: عبد المسيح على جمل مشيح، أتى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها.
يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكلما هو آت آت، ثم قضى سطيح مكانه، فنهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول:
شمر فإنك ماضي العزم شمير * لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم * فإن ذا الدهر أطوار دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلة * يخاف صولهم الأسد المهاصير
منهم أخو الصرح بهرام وإخوته * والهرمزان وشابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا * أن قد أقل فمحقور ومهجور
ورب قوم لهم صحبان ذي أذن * بدت تلهيهم فيه المزامير
وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان في قرن * فالخير متبع والشر محذور
قال: فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بما قال له سطيح، فقال كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا، كانت أمور وأمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه.
ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، عن علي بن حرب الموصلي بنحوه.
قلت: كان آخر ملوكهم الذي سلب منه الملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، وهو الذي انشق الإيوان في زمانه، وكان لأسلافه في الملك ثلاثة آلاف سنة ومائة وأربعة وستون سنة، وكان أول ملوكهم خيومرت بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح.
أما سطيح هذا فقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه: هو الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدي بن مازن بن الأزد. ويقال: الربيع بن مسعود، وأمه ردعا بنت سعد بن الحارث الحجوري. وذكر غير ذلك في نسبه. قال: وكان يسكن الجابية.
ثم روي عن أبي حاتم السجستاني قال: سمعت المشيخة منهم أبو عبيدة وغيره قالوا: وكان من بعد لقمان بن عاد. ولد في زمن سيل العرم وعاش إلى ملك ذي نواس، وذلك نحو من ثلاثين قرنا، وكان مسكنه البحرين، وزعمت عبد القيس أنه منهم، وتزعم الأزد أنه منهم، وأكثر المحدثين يقولون هو من الأزد. ولا ندري ممن هو، غير أن ولده يقولون إنه من الأزد.
وروي عن ابن عباس أنه قال: لم يكن شيء من بني آدم يشبه سطيحا، إنما كان لحما على وضم، ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعينيه وكفيه، وكان يطوى كما يطوى الثوب من رجليه إلى عنقه، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه.
وقال غيره: إنه كان إذا غضب انتفخ وجلس.
ثم ذكر ابن عباس أنه قدم مكة فتلقاه جماعة من رؤسائهم منهم عبد شمس، وعبد مناف أبناء قصي، فامتحنوه في أشياء، فأجابهم فيها بالصدق، فسألوه عما يكون في آخر الزمان فقال: خذوا مني ومن إلهام الله إياي: أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم، سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم، وينشو من عقبكم ذوو فهم، يطلبون أنواع العلم فيكسرون الصنم، ويتبعون الردم، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم.
ثم قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد، ليخرجن من ذا البلد نبي مهتد، يهدي إلى الرشد، يرفض يغوث والفند، يبرأ عن عبادة الضدد، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه الله بخير دار محمودا من الأرض مفقودا، وفي السماء مشهودا.
ثم يلي أمره الصديق، إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرب غطريف، قد أضاف المضيف، وأحكم التحنيف، ثم ذكر عثمان ومقتله، وما يكون بعد ذلك من أيام بني أمية ثم بني العباس، وما بعد ذلك من الفتن والملاحم، ساقه ابن عساكر بسنده عن ابن عباس بطوله.
وقد قدمنا قوله لربيعة بن نصر ملك اليمن حين أخبره برؤياه قبل أن يخبره بها، ثم ما يكون في بلاد اليمن من الفتن وتغيير الدول، حتى يعود إلى سيف بن ذي يزن، فقال له: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟
قال: نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي. قال: وممن هذا النبي؟ قال: من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون. قال: أحق ما تخبرني؟
قال: نعم، والشفق والغسق والقمر إذا اتسق، إن ما أنبأتك عليه لحق، ووافقه على ذلك شق سواء بسواء بعبارة أخرى كما تقدم.
ومن شعر سطيح قوله:
عليكم بتقوى الله في السر والجهر * ولا تلبسوا صدق الأمانة بالغدر
وكونوا لجار الجنب حصنا وجنة * إذا ما عرته النائبات من الدهر
وروى ذلك الحافظ ابن عساكر.
ثم أورد ذلك المعافي بن زكريا الجريري فقال: وأخبار سطيح كثيرة، وقد جمعها غير واحد من أهل العلم. والمشهور أنه كان كاهنا، وقد أخبر عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وعن نعته، ومبعثه.
وروي لنا بإسناد الله به أعلم، أن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg سئل عن سطيح فقال: نبي ضيعه قومه.
قلت: أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة، ولم أره بإسناد أصلا.
ويروي مثله في خبر خالد بن سنان العبسي، ولا يصح أيضا، وظاهر هذه العبارات تدل على علم جيد لسطيح، وفيها روائح التصديق، لكنه لم يدرك الإسلام كما قال الجريري، فإنه قد ذكرنا في هذا الأثر أنه قال لابن أخته: يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، وكان ذلك بعد مولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بشهر- أو شية - أي أقل منه، وكانت وفاته بأطراف الشام مما يلي أرض العراق، فالله أعلم بأمره وما صار إليه.
وذكر ابن طرار الحريري أنه عاش سبعمائة سنة. وقال غيره: خمسمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة سنة، فالله أعلم.
وقد روى ابن عساكر أن ملكا سأل سطيحا عن نسب غلام اختلف فيه، فأخبره على الجلية في كلام طويل مليح فصيح، فقال له الملك: يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ فقال: إن علمي هذا ليس مني ولا بجزم ولا بظن، ولكن أخذته عن أخ لي قد سمع الوحي بطور سيناء.
فقال له: أرأيت أخاك هذا الجني أهو معك لا يفارقك؟ فقال إنه ليزول حيث أزول، ولا أنطق إلا بما يقول. وتقدم أنه ولد هو وشق بن مصعب بن يشكر بن رهم بن بسر بن عقبة الكاهن الآخر، ولدا في يوم واحد.
فحملا إلى الكاهنة طريفة بنت الحسين الحميدية، فتفلت في أفواههما فورثا منها الكهانة وماتت من يومها. وكان نصف إنسان. ويقال إن خالد بن عبد الله القسري من سلالته، وقد مات شق قبل سطيح بدهر.
وأما عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن نفيلة الغساني النصراني فكان من المعمرين. وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه، وقال: هو الذي صالح خالد بن الوليد على.... وذكر له معه قصة طويلة، وأنه أكل من يده سم ساعة فلم يصبه سوء، لأنه لما أخذه قال: بسم الله وبالله، رب الأرض والسماء الذي لا يضر مع اسمه أذى. ثم أكله فعلته غشية فضرب بيديه على صدره ثم عرق وأفاق رضي الله عنه.
وذكر لعبد المسيح أشعارا غير ما تقدم.
وقال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا المسيب بن شريك، حدثنا محمد بن شريك، عن شعيب بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان بمر الظهران راهب من الرهبان يدعى: عيصا من أهل الشام، وكان متخفرا بالعاص بن وائل.
وكان الله قد آتاه علما كثيرا، وجعل فيه منافع كثيرة لأهل مكة من طيب ورفق وعلم، وكان يلزم صومعة له، ويدخل مكة في كل سنة، فيلقى الناس ويقول: إنه يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة، يدين له العرب، ويملك العجم، هذا زمانه ومن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن أدركه فخالفه أخطأ حاجته، وبالله ما تركت أرض الخمر والخمير والأمن، ولا حللت بأرض الجوع والبؤس والخوف، إلا في طلبه.
وكان لا يولد بمكة مولود إلا يسأل عنه فيقول: ما جاء بعد. فيقال له: فصفه. فيقول: لا. ويكتم ذلك للذي قد علم أنه لاق من قومه مخافة على نفسه أن يكون ذلك داعية إلى أدنى ما يكون إليه من الأذى يوما.
ولما كان صبيحة اليوم الذي ولد فيه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg خرج عبد الله بن عبد المطلب حتى أتي عيصا، فوقف في أصل صومعته ثم نادى: يا عيصاه، فناداه من هذا؟ فقال: أنا عبد الله فأشرف عليه فقال: كن أباه، فقد ولد المولود الذي كنت أحدثكم عنه يوم الاثنين، ويبعث يوم الاثنين، ويموت يوم الاثنين.
قال: فإنه قد ولد لي مع الصبح مولود؟ قال: فما سميته؟ قال: محمدا. قال: والله لقد كنت أشتهي أن يكون هذا المولود فيكم أهل البيت لثلاث خصال نعرفه بها منها: أن نجمه طلع البارحة، وأنه ولد اليوم، وأن اسمه محمد. انطلق إليه فإن الذي كنت أخبركم عنه ابنك. قال: فما يدريك أنه ابني ولعله أن يولد في هذا اليوم مولود غيره؟
قال: قد وافق ابنك الاسم، ولم يكن الله ليشبه علمه على العلماء فإنه حجة، وآية ذلك أنه الآن وجع، فيشتكي أياما ثلاثة، فيظهر به الجوع ثلاثا ثم يعافى، فاحفظ لسانك فإنه لم يحسد أحد حسده قط، ولم يبغ على أحد كما يبغي عليه، إن تعش حتى يبدو مقاله، ثم يدعو لظهر لك من قومك ما لا تحتمله إلا على صبر، وعلى ذلك فاحفظ لسانك ودار عنه.
قال: فما عمره؟ قال: إن طال عمره وإن قصر لم يبلغ السبعين، يموت في وتر دونها من الستين في إحدى وستين، أو ثلاث وستين، في أعمار جل أمته.
قال: وحمل برسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في عاشر المحرم، وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل. هكذا رواه أبو نعيم، وفيه غرابة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:20

حواضنه ومراضعه عليه الصلاة والسلام


كانت أم أيمن واسمها: بركة، تحضنه، وكان قد ورثها عليه الصلاة والسلام من أبيه، فلما كبر أعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد رضي الله عنهم وأرضعته مع أمه عليه الصلاة والسلام مولاة عمه أبي لهب ثويبة قبل حليمة السعدية.
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: يا رسول الله أنكح أختي بنت أبي سفيان - ولمسلم عزة بنت أبي سفيان - فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « أو تحبين ذلك ».
قلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي.
فقال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « فإن ذلك لا يحل لي ».
قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة - وفي رواية درة بنت أبي سلمة -.
قال: « بنت أم سلمة ».
قلت: نعم.
قال: « إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن عليَّ بناتكن ولا أخواتكن ». زاد البخاري: قال عروة.
وثويبة مولاة لأبي لهب، أعتقها فأرضعت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر خيبة، فقال له: ماذا لقيت؟
فقال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم خيرا، غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة - وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع -
وذكر السهيلي وغيره: أن الرائي له هو أخوه العباس، وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر، وفيه: أن أبا لهب قال للعباس: إنه ليخفف عليَّ في مثل يوم الاثنين.
قالوا: لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله أعتقها من ساعته، فجوزي بذلك لذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:23

رضاعه عليه الصلاة والسلام من حليمة


رضاعه عليه الصلاة والسلام من حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية وما ظهر عليه من البركة وآيات النبوة
قال محمد بن إسحاق: فاسترضع له عليه الصلاة والسلام من حليمة بنت أبي ذؤيب، واسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر.
قال: واسم أبي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg الذي أرضعه - يعني زوج حليمة - الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن. وأخوته عليه الصلاة والسلام - يعني من الرضاعة - عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء، وذكروا أنها كانت تحضن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مع أمه إذ كان عندهم.
قال ابن إسحاق: حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب، ويقال له: مولى الحارث بن حاطب. قال: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: حدثت عن حليمة بنت الحارث أنها قالت:
قدمت مكة في نسوة، وذكر الواقدي بإسناده أنهن كن عشرة نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن بها الرضعاء من بني سعد، نلتمس بها الرضعاء في سنة شهباء، فقدمت على أتان لي قمراء، كانت أذّمت بالركب ومعي صبي لنا، وشارف لنا والله ما تبض بقطرة.
وما ننام ليلتنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك، ما نجد في ثديي ما يغنيه، ولا في شارفنا ما يغذيه، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج. فخرجت على أتاني تلك، فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا، فقدمنا مكة فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه، قلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه، إنما نرجو المعروف من أبي الولد، فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا؟ فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري، فلما لم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق، قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه.
فقال: لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة. فذهبت فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره، فما هو إلا أن أخذته، فجئت به رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، وشرب أخوه حتى روي، وقام صاحبي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا، فبتنا بخير ليلة.
فقال صاحبي حين أصبحنا: يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة، ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه؟ فلم يزل الله عز وجل يزيدنا خيرا، ثم خرجنا راجعين إلى بلادنا، فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار، حتى أن صواحبي ليقلن: ويلك يا بنت أبي ذؤيب هذه أتانك التي خرجت عليها معنا؟
فأقول: نعم والله إنها لهي، فقلن: والله إن لها لشأنا، حتى قدمنا أرض بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعا لبنا فتحلب ما شئنا، وما حوالينا أو حولنا أحد تبض له شاة بقطرة لبن، وإن أغنامهم لتروح جياعا، حتى إنهم ليقولون لرعاتهم أو لرعيانهم: ويحكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم، فيسرحون مع غنمي حيث تسرح، فتروح أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن، وتروح أغنامي شباعا لبنا نحلب ما شئنا.
فلم يزل الله يرينا البركة نتعرفها حتى بلغ سنتين، فكان يشب شبابا لا تشبه الغلمان، فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلاما جفرا، فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة، فلما رأته أمه قلت لها: دعينا نرجع بابننا هذه السنة الأخرى، فإنا نخشى عليه وباء مكة، فوالله ما زلنا بها حتى قالت نعم، فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أو ثلاثة.
فبينما هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بهم لنا، جاء أخوه ذلك يشتد فقال: ذاك أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه، فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه، فنجده قائما منتقعا لونه، فأعتنقه أبوه وقال: يا بني ما شأنك؟
قال: جاءني رجلان عليهما ثياب بيض أضجعاني وشقا بطني، ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه، ثم رداه كما كان، فرجعنا به معنا، فقال أبوه: يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب، فانطلقي بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف.
قالت حليمة: فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به، فقدمنا به عليها فقالت: ما ردكما به يا ظئر، فقد كنتما عليه حريصين؟ فقالا: لا والله إلا أن الله قد أدى عنا وقضينا الذي علينا، وقلنا نحشى الإتلاف والأحداث نرده إلى أهله، فقالت: ما ذاك بكما فأصدقاني شأنكما؟ فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره.
فقالت: أخشيتما عليه الشيطان، كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، والله إنه لكائن لابني هذا شأن، ألا أخبركما خبره، قلنا: بلى
قالت: حملت به، فما حملت حملا قط أخف علي منه، فأريت في النوم حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام، ثم وقع حين ولدته وقوعا ما يقعه المولود، معتمدا على يديه، رافعا رأسه إلى السماء، فدعاه عنكما.
وهذا الحديث قد روي من طرق أخر، وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السير والمغازي.
وقال الواقدي: حدثني معاذ بن محمد بن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: خرجت حليمة تطلب النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وقد وجدت البهم تقيل، فوجدته مع أخته فقالت: في هذا الحر؟ فقالت أخته: يا أمه ما وجد أخي حرا، رأيت غمامة تظلل عليه إذا وقف وقفت، وإذا سار سارت، حتى انتهى إلى هذا الموضع.
وقال ابن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أنهم قالوا له: أخبرنا عن نفسك. قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى عليهما السلام، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام.
واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينما أنا مع أخ لي في بهم لنا أتاني رجلان عليهما ثياب بيض، معهما طست من ذهب مملوء ثلجا، فأضجعاني فشقا بطني، ثم استخرجا قلبي فشقاه، فأخرجا منه علقة سوداء فألقياها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج، حتى إذا ألقياه رداه كما كان.
ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بعشرة فوزنتهم، ثم قال زنه بمائة من أمته، فوزنني بمائة فوزنتهم، ثم قال زنه بألف من أمته، فوزنني بألف فوزنتهم، فقال دعه عنك فلو وزنته بأمته لوزنهم. وهذا إسناد جيد قوي.
وقد روى أبو نعيم الحافظ في (الدلائل) من طريق عمر بن الصبح - وهو أبو نعيم - عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن شداد بن أوس هذه القصة مطولة جدا، ولكن عمر بن صبح هذا متروك كذاب، متهم بالوضع، فلهذا لم نذكر لفظ الحديث إذ لا يفرح به.
ثم قال: وحدثنا أبو عمر بن حمدان، حدثنا الحسن بن نفير، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا بقية بن الوليد، عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، عن عتبة بن عبد الله أنه حدثه أن رجلا سأل النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقال: كيف كان أول شأنك يا رسول الله؟
قال: كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زادا، فقلت يا أخي اذهب فائتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخي ومكثت عند البهم فأقبل إلي طائران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ فقال: نعم.
فأقبلا يبتدراني، فأخذاني فبطحاني للقفا، فشقا بطني ثم استخرجا قلبي، فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين. فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي، ثم قال: ائتني بماء برد فغسلا به قلبي. ثم قال: ائتني بالسكينة فذرها في قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه: خطه فخاطه، وختم على قلبي بخاتم النبوة.
فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفة واجعل ألفا من أمته في كفة، فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يخر علي بعضهم، فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم، ثم انطلقا فتركاني وفرقت فرقا شديدا، ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت، فأشفقت أن يكون قد لبس بي، فقالت: أعيذك بالله، فرحلت بعيرا لها، وحملتني على الرحل، وركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي فقالت: أديت أمانتي وذمتي، وحدثتها بالذي لقيت، فلم يرعها وقالت: إني رأيت خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام.
ورواه أحمد من حديث بقية بن الوليد به. وهكذا رواه عبد الله بن المبارك وغيره عن بقية بن الوليد به.
وقد رواه ابن عساكر من طريق أبي داود الطيالسي، حدثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي، أخبرني عمير بن عمر بن عروة بن الزبير قال: سمعت عروة بن الزبير يحدث عن أبي ذر الغفاري قال: قلت يا رسول الله كيف علمت أنك نبي حين علمت ذلك، واستيقنت أنك نبي؟
قال: « يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة، فوقع أحدهما على الأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟
قال: هو هو.
قال: زنه برجل، فوزنني برجل فرجحته... ».
وذكر تمامه، وذكر شق صدره وخياطته، وجعل الخاتم بين كتفيه، قال: فما هو إلا أن وليا عني فكأنما أعاين الأمر معاينة.
ثم أورد ابن عساكر، عن أبي بن كعب بنحو ذلك. ومن حديث شداد بن أوس بابسط من ذلك.
وثبت في صحيح مسلم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، واستخرج منه علقة سوداء فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طشت من ذهب بماء زمزم ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون.
قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
وقد رواه ابن عساكر من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن ثابت البناني، عن أنس: أن الصلاة فرضت بالمدينة، وأن ملكين أتيا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فذهبا به إلى زمزم، فشقا بطنه فأخرجا حشوته في طشت من ذهب فغسلاه بماء زمزم، ثم لبسا جوفه حكمة وعلما.
ومن طريق ابن وهب أيضا، عن يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عامر بن عتبة بن أبي وقاص، عن أنس قال: أتى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ثلاث ليال قال: خذوا خيرهم وسيدهم، فأخذوا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فعمد به إلى زمزم، فشق جوفه ثم أتى بتور من ذهب فغسل جوفه ثم ملئ حكمة وإيمانا.
وثبت من رواية سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس وفي الصحيحين من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس، وعن الزهري، عن أنس، عن أبي ذر، وقتادة، عن أنس، وعن مالك بن صعصعة، عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في حديث الإسراء.
كما سيأتي قصة شرح الصدر ليلتئذ، وإنه غسل بماء زمزم، ولا منافاة لاحتمال وقوع ذلك مرتين: مرة وهو صغير، ومرة ليلة الإسراء، ليتأهب للوفود إلى الملأ الأعلى ولمناجاة الرب عز وجل، والمثول بين يديه تبارك وتعالى.
وقال ابن إسحاق: وكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يقول لأصحابه: « أنا أعربكم، أنا قرشي، واسترضعت في بني سعد بن بكر ».
وذكر ابن إسحاق أن حليمة لما أرجعته إلى أمه بعد فطامه، مرت به على ركب من النصارى فقاموا إليه عليه الصلاة والسلام فقلبوه، وقالوا: إنا سنذهب بهذا الغلام إلى ملكنا فإنه كائن له شأن، فلم تكد تنفلت منهم إلا بعد جهد.
وذكر أنها لما ردته حين تخوفت عليه أن يكون أصابه عارض، فلما قربت من مكة افتقدته فلم تجده، فجاءت جده عبد المطلب فخرج هو وجماعة في طلبه فوجده ورقة بن نوفل، ورجل آخر من قريش فأتيا به جده، فأخذه على عاتقه، وذهب فطاف به يعوذه، ويدعو له، ثم رده إلى أمه آمنة.
وذكر الأموي من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي - وهو ضعيف - عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قصة مولده عليه الصلاة والسلام، ورضاعه من حليمة على غير سياق محمد بن إسحاق.
وذكر أن عبد المطلب أمر ابنه عبد الله أن يأخذه فيطوف به في أحياء العرب ليتخذ له مرضعة، فطاف حتى استأجر حليمة على رضاعه، وذكر أنه أقام عندها ست سنين، تزيره جده في كل عام، فلما كان من شق صدره عندهم ما كان، ردته إليهم فأقام عند أمه حتى كان عمره ثماني سنين ماتت، فكفله جده عبد المطلب فمات وله عليه الصلاة والسلام عشر سنين، فكفله عماه شقيقا أبيه: الزبير، وأبو طالب.
فلما كان له بضع عشرة سنة خرج مع عمه الزبير إلى اليمن، فذكر أنهم رأوا منه آيات في تلك السفرة، منها أن فحلا من الإبل كان قد قطع بعض الطريق في واد ممرهم عليه، فلما رأى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg برك حتى حك بكلكله الأرض، فركبه عليه الصلاة والسلام.
ومنها أنه خاض بهم سيلا عرما فأيبسه الله تعالى حتى جاوزوه، ثم مات عمه الزبير وله أربع عشرة سنة، فانفرد به أبو طالب.
والمقصود أن بركته عليه الصلاة والسلام حلت على حليمة السعدية وأهلها وهو صغير، ثم عادت على هوازن بكمالهم، فواضله حين أسرهم بعد وقعتهم، وذلك بعد فتح مكة بشهر، فمتوا إليه برضاعه فأعتقهم وتحنن عليهم، وأحسن إليهم، كما سيأتي مفصلا في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال محمد بن إسحاق: في وقعة هوازن، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو قال: كنا مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بحنين، فلما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول الله إنا أهل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا من الله عليك.
وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إن ما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، فلو أنا ملحنا ابن أبي شمر، أو النعمان بن المنذر، ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك، رجونا عائدتهما وعطفهما، وأنت خير المكفولين ثم أنشد:
امنن علينا رسول الله في كرم * فإنك المرء نرجوه وندخر
امنن على بيضة قد عاقها قدر * ممزق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركها نعماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك يملؤه من محضها درر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
وقد رويت هذه القصة من طريق عبيد الله بن رماحس الكلبي الرملي، عن زياد بن طارق الجشمي، عن أبي صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال: لما أسرنا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يوم حنين، فبينا هو يميز بين الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه، وأسمعته شعرا أذكّره حين شب ونشأ في هوازن حيث أرضعوه:
امنن علينا رسول الله في دعة * فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر * ممزق شملها في دهرها غير
أبقت لنا الحرب هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركها نعماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه * من أمهاتك إن العفو مشتهر
إنا نؤمل عفوا منك تلبسه * هذي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت راهبه * يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر
قال:
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم ».
فقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لله ولرسوله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg. وسيأتي أنه عليه الصلاة والسلام أطلق لهم الذرية وكانت ستة آلاف ما بين صبي وامرأة، وأعطاهم أنعاما وأناسي كثيرا.
حتى قال أبو الحسين ابن فارس: فكان قيمة ما أطلق لهم يومئذ خمسمائة ألف ألف درهم، فهذا كله من بركته العاجلة في الدنيا، فكيف ببركته على من اتبعه في الدار الآخرة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:24

فصل ذكر رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى أمه آمنة بعد رضاعة حليمة


قال ابن إسحاق: بعد ذكر رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى أمه آمنة، بعد رضاعة حليمة له، فكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مع أمه آمنة بنت وهب، وجده عبد المطلب في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته، فلما بلغ ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن أم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg آمنة توفيت وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة.
وذكر الواقدي بأسانيده: أن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg خرجت به أمه إلى المدينة، ومعها أم أيمن وله ست سنين، فزارت أخواله. قالت أم أيمن: فجاءني ذات يوم رجلان من يهود المدينة، فقالا لي: أخرجي إلينا أحمد ننظر إليه، فنظرا إليه وقلباه، فقال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، وسيكون بها من القتل والسبي أمر عظيم، فلما سمعت أمه خافت وانصرفت به، فماتت بالأبواء وهي راجعة.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أيوب بن جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حتى إذا كنا بودَّان قال:
« مكانكم حتى آتيكم ».
فانطلق ثم جاءنا وهو ثقيل، فقال: « إني أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة - يعني لها - فمنعنيها، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام فكلوا وأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن الأشربة في هذه الأوعية فاشربوا ما بدا لكم ».
وقد رواه البيهقي: من طريق سفيان الثوري، عن علقمة بن يزيد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال:
انتهى النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى رسم قبر، فجلس وجلس الناس حوله، فجعل يحرك رأسه كالمخاطب، ثم بكى فاستقبله عمر فقال: ما يبكيك يا رسول الله؟
قال: « هذا قبر آمنة بنت وهب، استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فأبى عليّ، وأدركتني رقتها فبكيت ».
قال فما رؤيت ساعة أكثر باكيا من تلك الساعة. تابعه محارب بن دثار، عن بريدة، عن أبيه.
ثم روى البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن بحر بن نصر، عن عبد الله بن وهب: حدثنا ابن جريج، عن أيوب بن هاني، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ينظر في المقابر وخرجنا معه، فأمرنا فجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلا، ثم ارتفع نحيب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg باكيا، فبكينا لبكاء رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
ثم إن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أقبل علينا، فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ما الذي أبكاك لقد أبكانا وأفزعنا؟
فجاء فجلس إلينا فقال: « أفزعكم بكائي ».
قلنا: نعم.
قال: « إن القبر الذي رأيتموني أناجي قبر آمنة بنت وهب، و، إني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه، ونزل علي: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة: 113-114] فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة فذلك الذي أبكاني » . [1]
وروى مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن عبيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: زار النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، ثم قال: « استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي، فزوروا القبور تذكركم الموت ».
وروى مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟
قال: « في النار ».
فلما قفا دعاه فقال: « إن أبي وأباك في النار ».
وقد روى البيهقي من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقال: إن أبي كان يصل الرحم، وكان وكان فأين هو؟
قال: « في النار ».
قال: فكأن الأعرابي وجد من ذلك، فقال: يا رسول الله أين أبوك؟
قال: « حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار ». قال: فأسلم الأعرابي بعد ذلك.
فقال لقد كلفني رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg تعبا ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. غريب ولم يخرجوه من هذا الوجه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا سعيد - هو ابن أبي أيوب - حدثنا ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو قال: بينما نحن نمشي مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إذ بصر بامرأة لا يظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقال:
« ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟ ».
فقالت: أتيت أهل هذا البيت فترحمت إليهم ميتهم وعزيتهم.
قال: « لعلك بلغت معهم الكدى ».
قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها معهم، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر.
قال: « لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك ».
ثم رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والبيهقي من حديث ربيعة بن سيف بن مانع المعافري الصنمي الإسكندري.
وقد قال البخاري: عنده مناكير.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال مرة: صدوق. وفي نسخة: ضعيف.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطئ كثيرا.
وقال الدارقطني: صالح.
وقال ابن يونس في (تاريخ مصر) في حديثه مناكير.
توفي قريبا من سنة عشرين ومائة، والمراد بالكدى: القبور، وقيل: النوح.
والمقصود أن عبد المطلب مات على ما كان عليه من دين الجاهلية، خلافا لفرقة الشيعة فيه، وفي ابنه أبي طالب على ما سيأتي في وفاة أبي طالب.
وقد قال البيهقي بعد روايته هذه الأحاديث في كتابه (دلائل النبوة) وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة، وقد كانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام، لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن، إذا كان مثله يجوز في الإسلام، وبالله التوفيق انتهى كلامه.
قلت: وأخباره ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار، لا ينافي الحديث الوارد عنه من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سندا ومتنا في تفسيرنا عند قوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [الإسراء: 15] فيكون منهم من يجيب ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب، فلا منافاة، ولله الحمد والمنة.
وأما الحديث الذي ذكره السهيلي، وذكر أن في إسناده مجهولين إلى ابن أبي الزناد، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg سأل ربه أن يحيي أبويه فأحياهما وآمنا به، فإنه حديث منكر جدا، وإن كان ممكنا بالنظر إلى قدرة الله تعالى، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه، والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:25

فصل كفالة عبد المطلب للنبي عليه الصلاة والسلام


قال ابن إسحاق: وكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مع جده عبد المطلب بن هاشم - يعني بعد موت أمه آمنة بنت وهب - فكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، وكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له.
قال: فكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فوالله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري. وحدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله. وحدثنا هاشم بن عاصم الأسلمي، عن المنذر بن جهم. وحدثنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
وحدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن أبي الحويرث. وحدثنا ابن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم، عن نافع، عن ابن جبير - دخل حديث بعضهم في بعض - قالوا: كان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يكون مع أمه آمنة بنت وهب، فلما توفيت قبضه إليه جده عبد المطلب، وضمه ورق عليه رقة لم يرقها على ولده، وكان يقربه منه ويدنيه، ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام، وكان يجلس على فراشه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك: دعوا ابني إنه يؤسس ملكا.
وقال قوم من بني مدلج لعبد المطلب: احتفظ به، فإنا لم نر قدما أشبه بالقدم الذي في المقام منه. فقال عبد المطلب لأبي طالب: اسمع ما يقول هؤلاء، فكان أبو طالب يحتفظ به.
وقال عبد المطلب لأم أيمن - وكانت تحضنه - يا بركة لا تغفلي عن ابني، فإني وجدته مع غلمان قريب من السدرة، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة، وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما إلا يقول: علي بابني فيؤتى به إليه.
فلما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وحياطته، ثم مات عبد المطلب ودفن بالحجون.
وقال ابن إسحاق: فلما بلغ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ثمان سنين هلك جده عبد المطلب بن هاشم.
ثم ذكر جمعه بناته وأمره إياهن أن يرثينه، وهن: أروى، وأميمة، وبرة، وصفية، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء، وذكر أشعارهن، وما قلن في رثاء أبيهن وهو يسمع قبل موته. وهذا أبلغ النوح، وبسط القول في ذلك. وقد قال ابن هشام: ولم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر.
قال ابن إسحاق: فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولي السقاية وزمزم بعده ابنه العباس، وهو من أحدث إخوته سنا، فلم تزل إليه حتى قام الإسلام، وأقرها في يده رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بعد جده عبد المطلب مع عمه أبي طالب، لوصية عبد المطلب له به، ولأنه كان شقيق أبيه عبد الله، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.
قال: فكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بعد جده، وكان إليه ومعه.
وقال الواقدي: أخبرنا معمر، عن ابن نجيح، عن مجاهد. وحدثنا معاذ بن محمد الأنصاري، عن عطاء، عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن صالح، وعبد الله بن جعفر، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة - دخل حديث بعضهم في حديث بعض -
قالوا: لما توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبه حبا شديدا، لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وصب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها بشيء قط، وكان يخصه بالطعام، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg شبعوا.
فكان إذا أراد أن يغديهم قال: كما أنتم حتى يأتي ولدي، فيأتي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فيأكل معهم، فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن لم يكن منهم لم يشبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك، وكان الصبيان يصبحون رمصا شعثا، ويصبح رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg دهينا كحيلا.
وقال الحسن بن عرفة: حدثنا علي بن ثابت، عن طلحة بن عمرو، سمعت عطاء بن أبي رباح، سمعت ابن عباس يقول: كان بنو أبي طالب يصبحون رمصا عمصا، ويصبح رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg صقيلا دهينا، وكان أبو طالب يقرب إلى الصبيان صفحتهم أول البكرة، فيجلسون وينتهبون، ويكف رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يده فلا ينتهب معهم، فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه على حدة.
وقال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن أباه حدثه، أن رجلا من لهب كان عائفا، فكان إذا قدم مكة أتاه رجال من قريش بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم.
قال: فأتي أبو طالب برسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو غلام مع من يأتيه، قال: فنظر إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ثم شغله عنه شيء، فلما فرغ قال: الغلام عليَّ به.
فلما رأى أبو طالب حرصه عليه غيبه عنه، فجعل يقول: ويلكم ردوا على الغلام الذي رأيته آنفا، فوالله ليكونن له شأن. قال وانطلق به أبو طالب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:27

فصل في خروجه عليه الصلاة والسلام مع عمه أبي طالب إلى الشام


في خروجه عليه الصلاة والسلام مع عمه أبي طالب إلى الشام وقصته مع بحيرى الراهب.
قال ابن إسحاق: ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام، فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير صب به رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg - فيما يزعمون - فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي ولا أفارقه ولا يفارقني أبدا - كما قال - فخرج به، فلما نزل الركب بصري من أرض الشام وبها راهب يقال له: بحيرى في صومعة له، وكان إليه علم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب فيها إليه يصير علمهم عن كتاب فيما يزعمون، يتوارثونه كابرا عن كابر.
فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى - وكانوا كثيرا ما يمرون به فلا يكلمهم ولا يعرض لهم - حتى كان ذلك العام فلما نزلوا قريبا من صومعته، صنع لهم طعاما كثيرا، وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته، يزعمون أنه رأى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في الركب حتى أقبل وغمامة تظلله من بين القوم.
ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حتى استظل تحتها، فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته، وقد أمر بطعام فصنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، فأنا أحب أن تحضروا كلكم كبيركم، وصغيركم، وعبدكم، وحركم.
فقال له رجل منهم: والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟
قال له بحيرى: صدقت، قد كان ما تقول ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلون منه كلكم، فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة.
فلما رآهم بحيرى لم ير الصفة التي يعرف ويجده عنده، فقال: يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي.
قالوا: يا بحيرى ما تخلف أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدثنا سنا فتخلف في رحالنا.
قال: لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم.
قال: فقال رجل من قريش مع القوم واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا. ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم.
فلما رأى بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا، قام إليه بحيرى وقال له يا غلام: أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه، وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما، فزعموا أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال له: لا تسألني باللات والعزى شيئا، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما.
فقال له بحيرى: فبالله ألا ما أخبرتني عما أسألك عنه. فقال له: سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه، وهيئته، وأموره، فجعل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يخبره، فوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته.
ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه، موضعه من صفته التي عنده، فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال بحيرى: ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا. قال: فإنه ابن أخي. قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به.
قال: صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به إلى بلاده. فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام.
قال ابن إسحاق: فزعموا فيما روى الناس أن زريرا وثماما ودريسما - وهم نفر من أهل الكتاب - قد كانوا رأوا من رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مثلما رأى بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب، فأرادوه فردهم عنه بحيرى.
فذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته، وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه، حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال، فتركوه وانصرفوا عنه.
وقد ذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق أن أبا طالب قال في ذلك ثلاث قصائد. هكذا ذكر ابن إسحاق هذا السياق من غير إسناد منه. وقد ورد نحوه من طريق مسند مرفوع.
فقال الحافظ أبو بكر الخرائطي: حدثنا عباس بن محمد الدوري، حدثنا قراد أبو نوح، حدثنا يونس عن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه قال:
خرج أبو طالب إلى الشام ومعه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب - يعني بحيرى - هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج ولا يلتفت إليهم، قال: فنزل وهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقال: هذا سيد العالمين.
وفي رواية البيهقي زيادة: هذا رسول رب العالمين، بعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به -وكان هو في رعية الإبل - فقال: أرسلوا إليه.
فأقبل وغمامة عليه تظله، فلما دنا من القوم قال: انظروا إليه عليه غمامة، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه قال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، قال: فبينما هو قائم عليهم وهو ينشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه. فالتفت فإذا هو بسبعة نفر من الروم قد أقبلوا.
قال: فاستقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذه. قال لهم: فهل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا: لا، إنما أخبرناه خبره إلى طريقك هذه. قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ فقالوا: لا. قال: فبايعوه، وأقاموا معه عنده.
قال: فقال الراهب: أنشدكم الله أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب فلم يزل يناشده حتى رده، وبعث معه أبو بكر بلالا، وزوده الراهب من الكعك والزيت.
هكذا رواه الترمذي عن أبي العباس الفضل بن سهل الأعرج عن قراد أبي نوح به. والحاكم، والبيهقي، وابن عساكر، من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن عباس بن محمد الدوري به.
وهكذا رواه غير واحد من الحفاظ من حديث أبي نوح عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي مولاهم، ويقال له: الضبي، ويعرف بقراد، سكن بغداد وهو من الثقات الذين أخرج لهم البخاري، ووثقه جماعة من الأئمة والحفاظ، ولم أر أحدا جرحه، ومع هذا في حديثه هذا غرابة.
قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال عباس الدوري: ليس في الدنيا أحد يحدث به غير قراد أبي نوح، وقد سمعه منه أحمد بن حنبل رحمه الله، ويحيى بن معين لغرابته وانفراده، حكاه البيهقي وابن عساكر.
قلت: فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة، فإن أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر سنة سبع من الهجرة، ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة، وعلى كل تقدير فهو مرسل.
فإن هذه القصة كانت ولرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg من العمر فيما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة، ولعل أبا موسى تلقاه من النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة رضي الله عنهم، أو كان هذا مشهورا مذكورا أخذه من طريق الاستفاضة.
الثاني: أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا.
الثالث: أن قوله وبعث معه أبو بكر بلالا، إن كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك ثنتي عشرة سنة، فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشرة، وعمر بلال أقل من ذلك، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثم أين كان بلال؟ كلاهما غريب، اللهم إلا أن يقال إن هذا كان ورسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كبيرا.
إما بأن يكون سفره بعد هذا، أو إن كان القول بأن عمره كان إذ ذاك ثنتي عشرة سنة غير محفوظ، فإنه إنما ذكره مقيدا بهذا الواقدي.
وحكى السهيلي عن بعضهم أنه كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك تسع سنين، والله أعلم.
قال الواقدي: حدثني محمد بن صالح، وعبد الله بن جعفر، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين قالوا: لما بلغ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg اثنتي عشرة سنة، خرج به عمه أبو طالب إلى الشام في العير التي خرج فيها للتجارة، ونزلوا بالراهب بحيرى، فقال لأبي طالب بالسر ما قال، وأمره أن يحتفظ به، فرده معه أبو طالب إلى مكة.
وشبَّ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مع أبي طالب يكلؤه الله عز وجل، ويحفظه، ويحوطه من أمور الجاهلية ومعائبها، لما يريد به من كرامته حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما وأمانة، وأصدقهم حديثا، وأبعدهم من الفحش والأذى، ما رؤي ملاحيا ولا مماريا أحدا، حتى سماه قومه الأمين، لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة، فكان أبو طالب يحفظه، ويحوطه، وينصره، ويعضده حتى مات.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا خالد بن معدان، حدثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز أن عبد المطلب - أو أبا طالب شك خالد - قال: لما مات عبد الله عطف على محمد، فكان لا يسافر سفرا إلا كان معه فيه، وإنه توجه نحو الشام فنزل منزلا فأتاه فيه راهب، فقال: إن فيكم رجلا صالحا.
ثم قال: أين أبو هذا الغلام؟ قال: فقال ها أنا ذا وليه - أو قيل هذا وليه - قال: احتفظ بهذا الغلام ولا تذهب به إلى الشام، إن اليهود حسَّد، وإني أخشاهم عليه. قال: ما أنت تقول ذلك، ولكن الله يقوله فرده، وقال: اللهم إني أستودعك محمدا، ثم إنه مات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:32

قصة بحيرا


حكى السهيلي عن سير الزهري أن بحيرى كان حبرا من أحبار اليهود.
قلت: والذي يظهر من سياق القصة أنه كان راهبا نصرانيا، والله أعلم.
وعن المسعودي أنه كان من عبد القيس، وكان اسمه جرجيس. وفي كتاب (المعارف) لابن قتيبة: سمع هاتف في الجاهلية قبل الإسلام بقليل يهتف ويقول: ألا إن خير أهل الأرض ثلاثة: بحيرى، ورئاب بن البراء الشني، والثالث المنتظر. وكان الثالث المنتظر هو الرسول ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال ابن قتيبة: وكان قبر رئاب الشني وقبر ولده من بعده لا يزال يرى عندهما طش، وهو المطر الخفيف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:34

فصل في منشئه ومرباه عليه الصلاة والسلام


في منشئه عليه الصلاة والسلام ومرباه وكفاية الله له وحياطته وكيف كان يتيما فآواه وعائلا فأغناه.
قال محمد بن إسحاق: فشب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية، لما يريد من كرامته ورسالته، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم حسبا، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين، لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة.
وكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg - فيما ذكر لي - يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته، أنه قال:
« لقد رأيتني في غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب الغلمان كلنا قد تعرى، وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة، فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر، إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة، ثم قال: شدَّ عليه إزارك.
قال: فأخذته فشددته علي، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي، وإزاري علي من بين أصحابي ».
وهذه القصة شبيهة بما في (الصحيح) عند بناء الكعبة، حين كان ينقل هو وعمه العباس، فإن لم تكنها فهي متقدمة عليها كالتوطئة لها والله أعلم.
قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ينقل الحجارة، فقال العباس لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء.
ثم قام فقال: « إزاري ».
فشد عليه إزاره.
أخرجاه في (الصحيحين) من حديث عبد الرزاق.
وأخرجاه أيضا: من حديث روح بن عبادة عن زكرياء بن أبي إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن جابر بنحوه.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا محمد بن بكير الحضرمي، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن عكرمة، حدثني ابن عباس، عن أبيه: أنه كان ينقل الحجارة إلى البيت، حين بنت قريش البيت.
قال: وأفردت قريش رجلين رجلين، الرجال ينقلون الحجارة، وكانت النساء تنقل الشيد، قال: فكنت أنا وابن أخي، وكنا نحمل على رقابنا، وأزرنا تحت الحجارة، فإذا غشينا الناس أئتزرنا، فبينما أنا أمشي ومحمد أمامي، قال: فخر وانبطح على وجهه، فجئت أسعى وألقيت حجري، وهو ينظر إلى السماء فقلت:، ما شأنك؟ فقام وأخذ إزاره قال:
« إني نهيت أن أمشي عريانا ».
قال: وكنت أكتمها من الناس مخافة أن يقولوا مجنون.
وروى البيهقي من حديث يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يقول:
« ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء إلا ليلتين كلتاهما عصمني الله عز وجل فيهما، قلت: ليلة لبعض فتيان مكة - ونحن في رعاء غنم أهلها - فقلت لصاحبي: أبصر لي غنمي، حتى أدخل مكة أسمر فيها كما يسمر الفتيان، فقال: بلى. قال: فدخلت حتى جئت أول دار من دور مكة، سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير، فقلت: ما هذا؟
قالوا: تزوج فلان فلانة.
فجلست أنظر وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟
فقلت: ما فعلت شيئا، ثم أخبرته بالذي رأيت.
ثم قلت له ليلة أخرى: أبصر لي غنمي حتى أسمر بمكة ففعل، فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة، فسألت: فقيل نكح فلان فلانة فجلست أنظر، وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي.
فقال: ما فعلت؟
فقلت: لا شيء، ثم أخبرته الخبر، فوالله ما هممت ولا عدت بعدهما لشيء من ذلك حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته ».
وهذا حديث غريب جدا، وقد يكون عن علي نفسه، ويكون قوله في آخره:
« حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته » مقحما، والله أعلم.
وشيخ ابن إسحاق هذا، ذكره ابن حبان في الثقات، وزعم بعضهم أنه من رجال الصحيح. قال شيخنا في تهذيبه: ولم أقف على ذلك، والله أعلم.
وقال الحافظ البيهقي: حدثني أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، حدثنا أبو أسامة، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال:
كان صنم من نحاس، يقال له: أساف ونائلة، يتمسح به المشركون إذا طافوا، فطاف رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وطفت معه، فلما مررت مسحت به فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « لا تمسه ».
قال زيد: فطفنا، فقلت في نفسي لأمسنه حتى أنظر ما يكون، فمسحته.
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « ألم تنه ».
قال البيهقي: زاد غيره عن محمد بن عمرو بإسناده، قال زيد: فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب، ما استلم صنما قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه، وأنزل عليه.
وتقدم قوله عليه الصلاة والسلام لبحيرى حين سأله باللات والعزى: « لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما »
فأما الحديث الذي قاله الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو سعد الماليني، أنبأنا أبو أحمد ابن عدي الحافظ، حدثنا إبراهيم بن أسباط، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن سفيان الثوري، عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كان النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يشهد مع المشركين مشاهدهم قال: فسمع ملكين خلفه، وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال: كيف نقوم خلفه، وإنما عهده باستلام الأصنام؟
قال: فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم.
فهو حديث أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان بن أبي شيبة، حتى قال الإمام أحمد فيه: لم يكن أخوه يتلفظ بشيء من هذا.
وقد حكى البيهقي عن بعضهم أن معناه: أنه شهد مع من يستلم الأصنام، وذلك قبل أن يوحى إليه، والله أعلم.
وقد تقدم في حديث زيد بن حارثة أنه اعتزل شهود مشاهد المشركين حتى أكرمه الله برسالته. وثبت في الحديث أنه كان لا يقف بالمزدلفة ليلة عرفة، بل كان يقف مع الناس بعرفات، كما قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عثمان بن أبي سليمان، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه جبير قال:
لقد رأيت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو على دين قومه، وهو يقف على بعير له بعرفات من بين قومه، حتى يدفع معهم توفيقا من الله عز وجل له.
قال البيهقي: معنى قوله: (على دين قومه) ما كان بقي من إرث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في حجهم و مناكحهم و بيوعهم دون الشرك، ولم يشرك بالله قط صلوات الله وسلامه عليه دائما.
قلت: ويفهم من قوله هذا أيضا أنه كان يقف بعرفات قبل أن يوحى إليه. وهذا توفيق من الله له.
ورواه الإمام أحمد عن يعقوب، عن محمد بن إسحاق به، ولفظه: رأيت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قبل أن ينزل عليه، وإنه لواقف على بعير له مع الناس بعرفات، حتى يدفع معهم توفيقا من الله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: أضللت بعيرا لي بعرفة، فذهبت أطلبه فإذا النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg واقف فقلت: إن هذا من الحمس ما شأنه ههنا؟ وأخرجاه من حديث سفيان بن عيينة به.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:35

شهوده عليه الصلاة والسلام حرب الفجار


قال ابن إسحاق: هاجت حرب الفجار ورسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ابن عشرين سنة، وإنما سمي يوم الفجار بما استحل فيه هذان الحيان - كنانة وقيس عيلان - من المحارم بينهم.
وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس، وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة، حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس.
وقال ابن هشام: فلما بلغ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أربع عشرة سنة - أو خمس عشرة سنة - فيما حدثني به أبو عبيدة النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء: هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان، وكان الذي هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أجاز لطيمة - أي تجارة - للنعمان بن المنذر.
فقال له البراض بن قيس - أحد بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة -: أتجيزها على كنانة؟ قال: نعم، وعلى الخلق. فخرج فيها عروة الرحال، وخرج البراض يطلب غفلته، حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية، غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام، فلذلك سمي الفجار.
وقال البراض في ذلك:
وداهية تهم الناس قبلي * شددت لها بني بكر ضلوعي
هدمت بها بيوت بني كلاب * وأرضعت الموالي بالضروع
رفعت له بذي طلال كفي * فخر يميد كالجذع الصريع
وقال لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب:
وأبلغ - إن عرضت - بني كلاب * وعامر والخطوب لها موالي
وأبلغ - إن عرضت - بني نمير * وأخوال القتيل بني هلال
بأن الوافد الرحال أمسى * مقيما عند تيمن ذي طلال
قال ابن هشام: فأتى آت قريشا، فقال: إن البراض قد قتل عروة، وهو في الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر بهم، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم، فاقتتلوا حتى جاء الليل، فدخلوا الحرم فأمسكت هوازن عنهم، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما، والقوم متساندون على كل قبيل من قريش وكنانة رئيس منهم، وعلى كل قبيل من قيس رئيس منهم.
قال: وشهد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بعض أيامهم، أخرجه أعمامه معهم، وقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « كنت أنبل على أعمامي » أي: أرد عليهم نبل عدوهم، إذا رموهم بها.
قال ابن هشام: وحديث الفجار طويل، هو أطول مما ذكرت، وإنما منعني من استقصائه قطعه حديث سيرة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
وقال السهيلي: والفجار بكسر الفاء، على وزن: قتال، وكانت الفجارات في العرب أربعة، ذكرهن المسعودي، وآخرهن فجار البرض هذا. وكان القتال فيه في أربعة أيام: يوم شمطة، ويوم العبلاء، وهما عند عكاظ، ويوم الشرب - وهو أعظمها يوما - وهو الذي حضره رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وفيه قيدا رئيس قريش وبني كنانة: وهما حرب بن أمية، وأخوه سفيان أنفسهما لئلا يفروا.
وانهزمت يومئذ قيس إلا بني نضر، فإنهم ثبتوا، ويوم الحريرة عند نخلة، ثم تواعدوا من العام المقبل إلى عكاظ، فلما توافوا الموعد، ركب عتبة بن ربيعة جمله ونادى: يا معشر مضر علام تقاتلون؟ فقالت له هوازن: ما تدعو إليه؟ قال: الصلح. قالوا: وكيف؟ قال: ندي قتلاكم، ونرهنكم رهائن عليها، ونعفو عن دياتنا.
قالوا: ومن لنا بذلك؟ قال: أنا. قالوا: ومن أنت؟ قال: عتبة بن ربيعة، فوقع الصلح على ذلك، وبعثوا إليهم أربعين رجلا فيهم حكيم بن حزام، فلما رأت بنو عامر بن صعصعة الرهن في أيديهم، عفوا عن دياتهم وانقضت حرب الفجار.
وقد ذكر الأموي حروب الفجار، وأيامها، واستقصاها مطولا، فيما رواه عن الأثرم - وهو المغيرة بن علي - عن أبي عبيدة معمر بن المثنى فذكر ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:36

فصل شهود رسول الله عليه الصلاة والسلام حلف المطيبين مع عمومته


قال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو سعد الماليني، أنبأنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، حدثنا يحيى بن علي بن هاشم الخفاف، حدثنا أبو عبد الرحمن الأزدي، حدثنا إسماعيل بن علية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال:
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « شهدت مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن أنكثه - أو كلمة نحوها - وإن لي حمر النعم ».
قال: وكذلك رواه بشر بن المفضل عن عبد الرحمن.
قال: وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، حدثنا أبو عمرو ابن مطر، حدثنا أبو بكر ابن أحمد بن داود السمناني، حدثنا معلى بن مهدي، حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « ما شهدت حلفا لقريش إلا حلف المطيبين وما أحب أن لي حمر النعم وأني كنت نقضته ».
قال: والمطيبون: هاشم، وأمية، وزهرة، ومخزوم.
قال البيهقي: كذا روى هذا التفسير مدرجا في الحديث، ولا أدري قائله، وزعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول، فإن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لم يدرك حلف المطيبين.
قلت: هذا لا شك فيه، وذلك أن قريشا تحالفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبد الدار من السقاية، والرفادة، واللواء، والندوة، والحجابة، ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش وتحالفوا على النصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنة فيها طيب فوضعوا أيديهم فيها وتحالفوا، فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت، فسموا المطيبين كما تقدم.
وكان هذا قديما، ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان، كما رواه الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وألا يعد ظالم مظلوما ».
قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر، وذلك لأن الفجار كان في شعبان من هذه السنة، وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به، وأشرفه في العرب، وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب.
وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل، فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف عبد الدار، ومخزوما، وجمحا، وسهما، وعدي بن كعب، فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل وزبروه أي: انتهروه.
فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس -وقريش في أنديتهم حول الكعبة - فنادى بأعلى صوته:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الدار والنفر
ومحرم أشعث لم يقض عمرته * يا للرجال وبين الحجر والحجر
إن الحرام لمن أثت كرامته * ولا حرام لثوب الفاجر الغدر
فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا متروك؟ فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان، فصنع لهم طعاما وتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم، حتى يؤدي إليه حقه، ما بل بحر صوفة، وما رسى ثبير وحراء مكنهما، وعلى التأسي في المعاش.
فسمت قريش ذلك الحلف: حلف الفضول، وقالوا: لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر، ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه.
وقال الزبير بن عبد المطلب في ذلك:
حلفت لنعقدن حلفا عليهم * وإن كنا جميعا أهل دار
نسميه الفضول إذا عقدنا * يعزبه الغريب لذي الجوار
ويعلم من حوالي البيت أنا * أباة الضيم نمنع كل عار
وقال الزبير أيضا:
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا * ألا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا * فالجار والمعتر فيهم سالم
وذكر قاسم بن ثابت في - غريب الحديث - أن رجلا من خثعم قدم مكة حاجا - أو معتمرا - ومعه ابنة له يقال لها القتول من أوضأ نساء العالمين، فاغتصبها منه نبيه بن الحجاج وغيبها عنه.
فقال الخثعمي: من يعديني على هذا الرجل؟
فقيل له: عليك بحلف الفضول.
فوقف عند الكعبة ونادى: يا آل حلف الفضول، فإذا هم يعنقون إليه من كل جانب، وقد انتضوا أسيافهم، يقولون: جاءك الغوث فما لك؟
فقال: إن نبيها ظلمني في بنتي وانتزعها مني قسرا، فساروا معه حتى وقفوا على باب داره، فخرج إليهم فقالوا له: أخرج الجارية ويحك فقد علمت من نحن وما تعاقدنا عليه، فقال: أفعل ولكن متعوني بها الليلة. فقالوا: لا والله ولا شخب لقحة، فأخرجها إليهم وهو يقول:
راح صحبي ولم أحيي القتولا * لم أودعهم وداعا جميلا
إذ أجد الفضول أن يمنعوها * قد أراني ولا أخاف الفضولا
لا تخالي أني عشية راح الركب * هنتم علي أن لا يزولا
وذكر أبياتا أخر غير هذه، وقد قيل: إنما سمي هذا حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على مثل هذا من نصر المظلوم على ظالمه، وكان الداعي إليه ثلاثة من أشرافهم، اسم كل واحد منهم فضل، وهم: الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة، والفضل بن الحارث، هذا قول ابن قتيبة.
وقال غيره: الفضل بن شراعة، والفضل بن بضاعة، والفضل بن قضاعة. وقد أورد السهيلي هذا رحمه الله.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: وتداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه، وكان حلفهم عنده بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، وبنو أسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة، فتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها، وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا كانوا معه، وكانوا على من ظلمه، حتى يرد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
قال محمد بن إسحاق: فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعي به في الإسلام لأجبت ».
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه: أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير المدنية أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان - منازعة في مال كان بينهما بذي المروة، فكان الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه.
فقال له الحسين: احلف بالله لتنصفني من حقي، أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ثم لأدعون بحلف الفضول.
قال: فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال - وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه، أو نموت جميعا.
قال: وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك، وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك. فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:38

تزويجه عليه الصلاة والسلام خديجة بنت خويلد


قال ابن إسحاق: وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجرا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة.
فقبله رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي. ثم باع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg سلعته - يعني تجارته - التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبا.
وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها، بعثت إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقالت له - فيما يزعمون - يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك، وأمانتك وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت نفسها عليه، وكانت أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهن شرفا، وأكثرهن مالا، كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه.
فلما قالت ذلك لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام.
قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
قال ابن إسحاق: فولدت لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ولده كلهم إلا إبراهيم: القاسم - وكان به يكنى - والطيب، والطاهر، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
قال ابن هشام: أكبرهم القاسم، ثم الطيب، ثم الطاهر.
وأكبر بناته: رقية، ثم زينب، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة.
قال البيهقي، عن الحاكم: قرأت بخط أبي بكر بن أبي خيثمة، حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: أكبر ولده عليه الصلاة والسلام: القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. وكان أول من مات من ولده القاسم مات بمكة، ثم عبد الله.
وبلغت خديجة خمسا وستين سنة، ويقال خمسين وهو أصح.
وقال غيره: بلغ القاسم أن يركب الدابة والنجيبة، ثم مات بعد النبوة، وقيل مات وهو رضيع، فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« إن له مرضعا في الجنة يستكمل رضاعه ».
والمعروف أن هذا في حق إبراهيم.
وقال يونس بن بكير: حدثنا إبراهيم بن عثمان، عن القاسم، عن ابن عباس قال: ولدت خديجة لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg غلامين وأربع نسوة: القاسم، وعبد الله، وفاطمة، وأم كلثوم، وزينب، ورقية.
وقال الزبير بن بكار: عبد الله هو الطيب، وهو الطاهر، سمي بذلك لأنه ولد بعد النبوة، فماتوا قبل البعثة.
وأما بناته فأدركن البعثة ودخلن في الإسلام، وهاجرن معه ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال ابن هشام: وأما إبراهيم فمن مارية القبطية، التي أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية من كورة أنصنا، وسنتكلم على أزواجه وأولاده عليه الصلاة والسلام في باب مفرد لذلك، في آخر السيرة إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
قال ابن هشام: وكان عمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حين تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة، فيما حدثني غير واحد من أهل العلم منهم: أبو عمرو المدني.
وقال يعقوب بن سفيان كتبت عن إبراهيم بن المنذر حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، حدثني غير واحد: أن عمرو بن أسد زوج خديجة من رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وعمره خمسا وعشرين سنة، وقريش تبني الكعبة.
وهكذا نقل البيهقي عن الحاكم: أنه كان عمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حين تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة، وكان عمرها إذ ذاك خمسا وثلاثين، وقيل: خمسا وعشرين سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالأحد 28 سبتمبر 2014 - 21:43

باب ما كان يشتغل به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة


وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا عمرو بن أبي يحيى بن سعيد القرشي، عن جده سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« ما بعث الله نبيا إلا راعي غنم ».
فقال له أصحابه: وأنت يا رسول الله؟
قال: « وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط ».
رواه البخاري عن أحمد بن محمد المكي، عن عمرو بن يحيى به.
ثم روى البيهقي من طريق الربيع بن بدر - وهو ضعيف - عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص ».
وروى البيهقي من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس: أن أبا خديجة زوج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو - أظنه - قال: سكران.
ثم قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل القطان، أنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، حدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، حدثني عبد الله بن أبي عبيد بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن مقسم بن أبي القاسم - مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل - أن عبد الله بن الحارث حدثه:
أن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث به الناس عن تزويج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg خديجة وما يكثرون فيه يقول: أنا أعلم الناس بتزويجه إياها، إني كنت له تربا، وكنت له إلفا وخدنا.
وإني خرجت مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ذات يوم حتى إذا كنا بالحزورة، أجزنا على أخت خديجة وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني، فانصرفت إليها، ووقف لي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقالت: أما بصاحبك هذا من حاجة في تزويج خديجة.
قال عمار: فرجعت إليه فأخبرته، فقال: « بل لعمري ».
فذكرت لها قول رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقالت: اغدوا علينا إذا أصبحنا، فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرة، وألبسوا أبا خديجة حلة وصفرت لحيته، وكلمت أخاها، فكلم أباه، وقد سقى خمرا، فذكر له رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ومكانه، وسألته أن يزوجه فزوجه خديجة، وصنعوا من البقرة طعاما فأكلنا منه.
ونام أبوها ثم استيقظ صاحيا فقال: ما هذه الحلة؟ وما هذه الصفرة وهذا الطعام؟
فقالت له ابنته التي كانت قد كلمت عمارا: هذه حلة كساكها محمد بن عبد الله ختنك، وبقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة، فأنكر أن يكون زوجه، وخرج يصيح حتى جاء الحجر، وخرج بنو هاشم برسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فجاؤه فكلموه.
فقال: أين صاحبكم الذي تزعمون أني زوجته خديجة؟ فبرز له رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فلما نظر إليه قال: إن كنت زوجته فسبيل ذاك، وإن لم أكن فعلت فقد زوجته.
وقد ذكر الزهري في سيره أن أباها زوجها منه وهو سكران، وذكر نحو ما تقدم، حكاه السهيلي.
قال المؤملي: المجتمع عليه أن عمها عمرو بن أسد هو الذي زوجها منه، وهذا هو الذي رجحه السهيلي، وحكاه عن ابن عباس وعائشة قالت:
وكان خويلد مات قبل الفجار، وهو الذي نازع تبعا حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن، فقام في ذلك خويلد وقام معه جماعة من قريش، ثم رأى تبع في منامه ما روعه، فنزع عن ذلك وترك الحجر الأسود مكانه.
وذكر ابن إسحاق في آخر السيرة: أن أخاها عمرو بن خويلد هو الذي زوجها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فالله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:14

فصل ذكر خديجة لورقة بن نوفل عن النبي عليه الصلاة والسلام


قال ابن إسحاق: وقد كانت خديجة بنت خويلد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي - وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب، وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها من قول الراهب، وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه - فقال ورقة: لئن كان هذا حقا يا خديجة، إن محمدا لنبي هذه الأمة قد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه - أو كما قال - فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول: حتى متى؟ وقال في ذلك:
لججت وكنت في الذكرى لجوجا * لهمٍّ طالما ما بعث النشيجا
ووصف من خديجة بعد وصف * فقد طال انتظاري يا خديجا
ببطن المكتين على رجائي * حديثك أن أرى منه خروجا
بما خبرتنا من قول قس * من الرهبان أكر أن يعوجا
بأن محمدا سيسود قوما * ويخصم من يكون له حجيجا
ويظهر في البلاد ضياء نور * يقوم به البرية أن تموجا
فيلقى من يحاربه خسارا * ويلقى من يسالمه فلوجا
فيا ليتني إذا ما كان ذاكم * شهدت وكنت أولهم ولوجا
وَلوجا في الذي كرهت قريش * ولو عجت بمكتها عجيجا
أرجي بالذي كرهوا جميعا * إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا
وهل أمر السفالة غير كفر * بمن يختار من سمك البروجا
فإن يبقوا وأبق يكن أمور * يضج الكافرون لها ضجيجا
وإن أهلك فكل فتى سيلقى * من الأقدار متلفة خروجا
وقال ورقة أيضا فيما رواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق عنه:
أتبكر أم أنت العشية رائح * وفي الصدر من إضمارك الحزن قادح
لفرقة قوم لا أحب فراقهم * كأنك عنهم بعد يومين نازح
وأخبار صدق خبرت عن محمد * يخبرها عنه إذا غاب ناصح
أتاك الذي وجهت يا خير حرة * بغور وبالنجدين حيث الصحاصح
إلى سوق بصرى في الركاب التي غدت * وهن من الأحمال تعص دوالح
فيخبرنا عن كل خير بعلمه * وللحق أبواب لهن مفاتح
بأن ابن عبد الله أحمد مرسل * إلى كل من ضمت عليه الأباطح
وظني به أن سوف يبعث صادقا * كما أرسل العبدان هود وصالح
وموسى وإبراهيم حتى يرى له * بهاء ومنشور من الذكر واضح
ويتبعه حيا لؤي وغالب * شبابهم والأشيبون الجحاجح
فإن أبق حتى يدرك الناس دهره * فإني به مستبشر الود فارح
وإلا فإني يا خديجة فاعلمي * عن أرضك في الأرض العريضة سائح
وزاد الأموي:
فمتبع دين الذي أسس البنا *وكان له فضل على الناس راجح
وأسس بنيانا بمكة ثابتا * تلألأ فيه بالظلام المصابح
مثابا لأفناء القبائل كلها * تخب إليه اليعملات الطلائح
حراجيج أمثال القداح من السرى * يعلق في أرساغهن السرايح
ومن شعره فيما أورده أبو القاسم السهيلي في (روضه)
لقد نصحت لأقوام وقلت لهم * أنا النذير فلا يغرركم أحد
لا تعبدن إلها غير خالقكم * فإن دعوكم فقولوا بيننا حداد
سبحان ذي العرش سبحانا يدوم له * وقبلنا سبح الجودي والجمد
مسخر كل ما تحت السماء له * لا ينبغي أن يناوي ملكه أحد
لا شيء مما نرى تبقى بشاشته * يبقى الإله ويودي المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح به * والجن والإنس فيما بينها مرد
أين الملوك التي كانت لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذب * لا بد من ورده يوما كما وردوا
ثم قال: هكذا نسبه أبو الفرج إلى ورقة قال: وفيه أبيات تنسب إلى أمية بن أبي الصلت.
قلت: وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يستشهد في بعض الأحيان بشيء من هذه الأبيات، والله أعلم.
[th][/th]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:19

فصل في تجديد قريش بناء الكعبة قبل المبعث بخمس سنين


ذكر البيهقي في بناء الكعبة قبل تزويجه عليه الصلاة والسلام خديجة، والمشهور أن بناء قريش الكعبة بعد تزويج خديجة كما ذكرناه بعشر سنين.
ثم شرع البيهقي في ذكر بناء الكعبة في زمن إبراهيم كما قدمناه في قصته، وأورد حديث ابن عباس المتقدم في صحيح البخاري، وذكر ما ورد من الإسرائيليات في بنائه في زمن آدم ولا يصح ذلك.
فإن ظاهر القرآن يقتضي أن إبراهيم أول من بناه مبتدئا، وأول من أسسه، وكانت بقعته معظمة قبل ذلك، معتنى بها مشرفة في سائر الأعصار والأوقات. قال الله تعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا } [آل عمران: 96-97] .
وثبت في الصحيحين عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع أول؟
قال: « المسجد الحرام ».
قلت: ثم أي؟
قال: « المسجد الأقصى ».
قلت: كم بينهما؟
قال: « أربعون سنة ».
وقد تكلمنا على هذا فيما تقدم. وإن المسجد الأقصى أسسه إسرائيل - وهو يعقوب عليه السلام -
وفي الصحيحين أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: كان البيت قبل الأرض بألفي سنة { وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ } [الانشقاق: 3] قال: من تحته مدت.
قال: وقد تابعه منصور عن مجاهد.
قلت: وهذا غريب جدا، وكأنه من الزاملتين اللتين أصابهما عبد الله بن عمرو يوم اليرموك، وكان فيهما إسرائيليات يحدث منها، وفيهما منكرات وغرائب.
ثم قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا أبو صالح الجهني، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا، فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل، حتى أجابه الماء نودي من تحته حسبك يا آدم، فلما بنيا أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به، وقيل له أنت أول الناس، وهذا أول بيت، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه ».
قال البيهقي: تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا.
قلت: وهو ضعيف، ووقفه على عبد الله بن عمرو أقوى وأثبت، والله أعلم.
وقال الربيع بن سليمان: أنبأنا الشافعي، أنبأنا سفيان، عن ابن أبي لبيد، عن محمد بن كعب القرظي - أو غيره - قال: حج آدم فلقيته الملائكة فقالوا: بر نسكك يا آدم، لقد حججنا قبلك بألفي عام.
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني بقية - أو قال ثقة - من أهل المدينة، عن عروة بن الزبير أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت إلا ما كان من هود وصالح.
قلت: وقد قدمنا حجهما إليه، والمقصود الحج إلى محله وبقعته، وإن لم يكن ثم بناء، والله أعلم.
ثم أورد البيهقي حديث ابن عباس المتقدم في قصة إبراهيم عليه السلام بطوله وتمامه، وهو في صحيح البخاري.
ثم روى البيهقي من حديث سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة قال: سأل رجل عليا عن قوله تعالى: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ } أهو أول بيت بني في الأرض؟
قال: لا، ولكنه أول بيت وضع فيه البركة للناس والهدى ومقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا، وإن شئت نبأتك كيف بناؤه:
إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض، فضاق به ذرعا، فأرسل إليه السكينة، وهي ريح خجوج لها رأس فاتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت، ثم تطوقت في موضع البيت تطوق الحية، فبنى إبراهيم وكان يبني هو ساقا كل يوم حتى بلغ مكان الحجر قال لابنه: ابغني حجرا، فالتمس حجرا حتى أتاه به، فوجد الحجر الأسود قد ركب، فقال لأبيه: من أين لك هذا؟
قال: جاء به من لا يتكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء فأتمه، قال فمر عليه الدهر فانهدم، فبنته العمالقة، ثم انهدم فبنته جرهم، ثم انهدم فبنته قريش، ورسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يومئذ رجل شاب، فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه، فقالوا: نحكِّم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة، فكان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أول من خرج عليهم، فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط، ثم ترفعه جميع القبائل كلهم.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا حماد بن سلمة، وقيس، وسلام كلهم عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة، عن علي بن أبي طالب قال: لما انهدم البيت بعد جرهم بنته قريش، فلما أرادوا وضع الحجر تشاجروا من يضعه، فاتفقوا أن يضعه أول من يدخل من هذا الباب، فدخل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg من باب بني شيبة، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل فخذ أن يأخذوا بطائفة من الثوب، فرفعوه وأخذه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فوضعه.
قال يعقوب بن سفيان: أخبرني أصبغ بن فرج، أخبرني ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب قال: لما بلغ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg الحلم جمرت امرأة الكعبة، فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فاحترقت فهدموها، حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن، اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه، فقالوا: تعالوا نحكم أول من يطلع علينا.
فطلع عليهم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو غلام عليه وشاح نمرة، فحكموه فأمر بالركن فوضع في ثوب، ثم أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب، ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن، فكان هو يضعه، فكان لا يزداد على السن الأرضي حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي، فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه، فيدعو لهم فيها.
وهذا سياق حسن وهو من سير الزهري، وفيه من الغرابة قوله: فلما بلغ الحلم، والمشهور أن هذا كان ورسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg عمره خمس وثلاثون سنة، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله.
وقال موسى بن عقبة: كان بناء الكعبة قبل المبعث بخمس عشرة سنة، وهكذا قال مجاهد، وعروة، ومحمد بن جبير بن مطعم وغيرهم، فالله أعلم.
وقال موسى بن عقبة: كان بين الفجار، وبين بناء الكعبة خمس عشرة سنة.
قلت: وكان الفجار وحلف الفضول في سنة واحدة، إذ كان عمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg عشرون سنة، وهذا يؤيد ما قال محمد بن إسحاق، والله أعلم.
قال موسى بن عقبة: وإنما حمل قريشا على بنائها أن السيول كانت تأتي من فوقها، من فوق الردم الذي صفوه، فخر به فخافوا أن يدخلها الماء، وكان رجل يقال له: مليح، سرق طيب الكعبة، فأرادوا أن يشيدوا بنيانها، وأن يرفعوا بابها حتى لا يدخلها إلا من شاؤوا، فأعدوا لذلك نفقة وعمالا، ثم غدوا إليها ليهدموها على شفق وحذر أن يمنعهم الذي أرادوا، فكان أول رجل طلعها وهدم منها شيئا هو الوليد بن المغيرة.
فلما رأوا الذي فعل الوليد تتابعوا فوضعوها فأعجبهم ذلك، فلما أرادوا أن يأخذوا في بنيانها أحضروا عمالهم، فلم يقدر رجل منهم أن يمضي أمامه موضع قدم، فزعموا أنهم رأوا حية قد أحاطت بالبيت رأسها عند ذنبها، فأشفقوا منها شفقة شديدة، وخشوا أن يكونوا قد وقعوا مما عملوا في هلكة.
وكانت الكعبة حرزهم ومنعتهم من الناس، وشرفا لهم، فلما سقط في أيديهم والتبس عليهم أمرهم، قام فيهم المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم فذكر ما كان من نصحه لهم، وأمره إياهم أن لا يتشاجروا، ولا يتحاسدوا في بنائها، وأن يقتسموها أرباعا، وأن لا يدخلوا في بنائها مالا حراما.
وذكر أنهم لما عزموا على ذلك ذهبت الحية في السماء، وتغيبت عنهم، ورأوا أن ذلك من الله عز وجل. قال: ويقول بعض الناس: إنه اختطفها طائر، وألقاها نحو أجياد.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: فلما بلغ رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبناء الكعبة، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها، وإنما كانت رضما فوق القامة، فأرادوا رفعها وتسقيفها، وذلك أن نفرا سرقوا كنز الكعبة، وإنما كان في بئر في جوف الكعبة، وكان الذي وجد عنده الكنز دويك مولى لبني مليح بن عمرو بن خزاعة، فقطعت قريش يده، وتزعم قريش أن الذين سرقوه وضعوه عند دويك.
وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت، فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها.
قال الأموي: كانت هذه السفينة لقيصر ملك الروم، تحمل آلات البناء من الرخام والخشب والحديد، سرحها قيصر مع باقوم الرومي إلى الكنيسة التي أحرقها الفرس للحبشة، فلما بلغت مرساها من جدة، بعث الله عليها ريحا فحطمتها.
قال ابن إسحاق: وكان بمكة رجل قبطي نجار، فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحها، وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كانت تطرح فيها ما يهدى إليها كل يوم، فتشرف على جدار الكعبة، وكانت مما يهابون، وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها، فكانوا يهابونها.
فبينما هي يوما تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع، بعث الله عليها طائرا فاختطفها فذهب بها، فقالت قريش: إنا لنرجو أن يكون الله تعالى قد رضي ما أردنا، عندنا عامل رقيق، وعندنا خشب، وقد كفانا الله الحية.
وحكى السهيلي عن رزين: أن سارقا دخل الكعبة في أيام جرهم ليسرق كنزها، فانهار البئر عليه حتى جاءوا فأخرجوه، وأخذوا منه ما كان أخذه، ثم سكنت هذا البئر حية رأسها كرأس الجدي، وبطنها أبيض، وظهرها أسود، فأقامت فيها خمسمائة عام، وهي التي ذكرها محمد بن إسحاق.
قال محمد بن إسحاق: فلما أجمعوا أمرهم لهدمها وبنيانها، قام أبو وهب عمرو بن عابد بن عبد بن عمران بن مخزوم - وقال ابن هشام - عابد بن عمران بن مخزوم فتناول من الكعبة حجرا، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال: يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس، والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.
ثم رجح ابن إسحاق أن قائل ذلك: أبو وهب بن عمرو، قال: وكان خال أبي النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وكان شريفا ممدحا.
وقال ابن إسحاق: ثم أن قريشا تجزأت الكعبة، فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة، وما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم، وقبائل من قريش انضموا إليهم، وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم، وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن عبد العزى، ولبني عدي بن كعب - وهو الحطيم -
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه، فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم في هدمها، فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول: اللهم لم ترع، اللهم إنا لا نريد إلا الخير، ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة، وقالوا: ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله ما صنعنا من هدمها.
فأصبح الوليد غديا على عمله، فهدم وهدم الناس معه، حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس - أساس إبراهيم عليه السلام - أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنة أخذ بعضها بعضا - ووقع في صحيح البخاري عن يزيد بن رومان كأسنمة الإبل -
قال السهيلي: وأرى رواية السيرة كالألسنة وهما، والله أعلم.
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش ممن كان يهدمها، أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما، فلما تحرك الحجر انتفضت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس.
وقال موسى بن عقبة: وزعم عبد الله بن عباس: أن أولية قريش كانوا يحدثون أن رجلا من قريش لما اجتمعوا لينزعوا الحجارة وانتهوا إلى تأسيس إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، عمد رجل منهم إلى حجر من الأساس الأول، فرفعه وهو لا يدري أنه من الأساس الأول.
فأبصر القوم برقة تحت الحجر كادت تلتمع بصر الرجل، ونزا الحجر من يده فوقع في موضعه، وفزع الرجل والبناة.
فلما ستر الحجر عنهم ما تحته إلى مكانه، عادوا إلى بنيانهم وقالوا: لا تحركوا هذا الحجر، ولا شيئا بحذائه.
قال ابن إسحاق: وحُدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية فلم يعرفوا ما هو، حتى قرأه لهم رجل من يهود، فإذا هو: أنا الله ذو بكة، خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض، وصورت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، لا تزول حتى يزول أخشباها - قال ابن هشام: يعني جبلاها - مبارك لأهلها في الماء واللبن.
قال ابن إسحاق: وحُدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه: مكة بيت الله الحرام، يأتيها رزقها من ثلاثة سبل، لا يحلها أول من أهلها.
قال: وزعم ليث بن أبي سليم أنهم وجدوا في الكعبة قبل مبعث النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بأربعين سنة - إن كان ما ذكر حقا -مكتوبا فيه: من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة، يعملون السيئات ويجزون الحسنات؟! أجل، كما يجتنى من الشوك العنب.
وقال سعيد بن يحيى الأموي: حدثنا المعتمر بن سليمان الرقي، عن عبد الله بن بشر الزهري - يرفع الحديث إلى النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg - قال: وجد في المقام ثلاثة أصفح:
في الصفح الأول: إني أنا الله ذو بكة، صنعتها يوم صنعت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، وباركت لأهلها في اللحم واللبن.
وفي الصفح الثاني: إني أنا الله ذو بكة، خلقت الرحم وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته.
وفي الصفح الثالث: إني أنا الله ذو بكة، خلقت الخير والشر وقدرته، فطوبى لمن أجريت الخير على يديه، وويل لمن أجريت الشر على يديه.
قال ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها حتى بلغ البناء موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحارروا أو تحالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما. ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم.
فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا، فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم - وكان عامئذ أسن قريش كلها - قال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا فكان أول داخل دخل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « هلموا إلي ثوبا ».
فأُتي به، وأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثم قال:
« لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا ».
ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ثم بنى عليه، وكانت قريش تسمي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: (الأمين).
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا ثابت - يعني أبا يزيد - حدثنا هلال - يعني ابن حبان - عن مجاهد، عن مولاه - وهو السائب بن عبد الله - أنه حدثه أنه كان فيمن بنى الكعبة في الجاهلية قال: وكان لي حجر - أنا نحته أعبده من دون الله - قال: وكنت أجيء باللبن الخاثر الذي آنفه على نفسي، فأصبه عليه، فيجيء الكلب فيلحسه، ثم يشغر فيبول عليه.
قال: فبنينا حتى بلغنا موضع الحجر، ولا يرى الحجر أحد، فإذا هو وسط أحجارنا مثل رأس الرجل، يكاد يترايا منه وجه الرجل. فقال: بطن من قريش نحن نضعه. وقال آخرون: نحن نضعه. فقالوا: اجعلوا بينكم حكما. فقالوا: أول رجل يطلع من الفج.
فجاء رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقالوا: أتاكم الأمين، فقالوا له فوضعه في ثوب، ثم دعا بطونهم فرفعوا نواحيه، فوضعه هو ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg
قال ابن إسحاق: وكانت الكعبة على عهد النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ثماني عشرة ذراعا، وكانت تكسى القباطي، ثم كسيت بعد البرور، وأول من كساها الديباج: الحجاج بن يوسف.
قلت: وقد كانوا أخرجوا منها الحجر - وهو ستة أذرع أو سبعة أذرع من ناحية الشام - قصرت بهم النفقة أي: لم يتمكنوا أن يبنوه على قواعد إبراهيم.
وجعلوا للكعبة بابا واحدا من ناحية الشرق، وجعلوه مرتفعا لئلا يدخل إليها كل أحد، فيدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا.
وقد ثبت في (الصحيحين) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال:
« ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة، ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابا شرقيا، وبابا غربيا، وأدخلت فيها الحجر ».
ولهذا لما تمكن ابن الزبير، بناها على ما أشار إليه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وجاءت في غاية البهاء والحسن والسناء كاملة على قواعد الخليل، لها بابان ملتصقان بالأرض شرقيا وغربيا، يدخل الناس من هذا ويخرجون من الآخر.
فلما قتل الحجاج ابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان - وهو الخليفة يومئذ - فيما صنعه ابن الزبير، واعتقدوا أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه، فأمر بإعادتها إلى ما كانت عليه، فعمدوا إلى الحائط الشامي فحصوه، وأخرجوا منه الحجر ورصوا حجارته في أرض الكعبة، فارتفع باباها، وسدوا الغربي، واستمر الشرقي على ما كان عليه.
فلما كان في زمن المهدي - أو ابنه المنصور - استشار مالكا في إعادتها على ما كان صنعه ابن الزبير، فقال مالك رحمه الله: إني أكره أن يتخذها الملوك ملعبة، فتركها على ما هي عليه فهي إلى الآن كذلك.
وأما المسجد الحرام: فأول من أخَّر البيوت من حول الكعبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اشتراها من أهلها وهدمها، فلما كان عثمان اشترى دورا وزادها فيه، فلما ولي ابن الزبير أحكم بنيانه، وحسن جدرانه، وأكثر أبوابه، ولم يوسعه شيئا آخر.
فلما استبد بالأمر عبد الملك بن مروان زاد في ارتفاع جدرانه، وأمر بالكعبة فكسيت الديباج، وكان الذي تولى ذلك بأمره الحجاج بن يوسف.
وقد ذكرنا قصة بناء البيت والأحاديث الواردة في ذلك في تفسير سورة البقرة، عند قوله: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } وذكرنا ذلك مطولا مستقصى، فمن شاء كتبه هاهنا، ولله الحمد والمنة.
قال ابن إسحاق: فلما فرغوا من البنيان، وبنوها على ما أرادوا، قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها:
عجبت لما تصوبت العقاب * إلى الثعبان وهي لها اضطراب
وقد كانت تكون لها كشيش * وأحيانا يكون لها وثاب
إذا قمنا إلى التأسيس شدت * تهيبنا البناء وقد نهاب
فلما أن خشينا الزجر جاءت * عقاب تتلئب لها انصباب
فضمتها إليها ثم خلت * لنا البنيان ليس لها حجاب
فقمنا حاشدين إلى بناء * لنا منه القواعد والتراب
غداة يرفع التأسيس منه * وليس على مساوينا ثياب
أعز به المليك بني لؤي * فليس لأصله منهم ذهاب
وقد حشدت هناك بنو عدي * ومرة قد تقدمها كلاب
فبوأنا المليك بذاك عزا * وعند الله يلتمس الثواب
وقد قدمنا في فصل ما كان الله يحوط به رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg من أقذار الجاهلية، أنه كان هو والعباس عمه ينقلان الحجارة، وأنه عليه الصلاة والسلام لما وضع إزاره تحت الحجارة على كتفه نهي عن خلع إزاره، فأعاده إلى سيرته الأولى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:21

فصل تعظيم قريش للحرم تعظيما زائدا أدى إلى الابتداع


وذكر ابن إسحاق ما كانت قريش ابتدعوه في تسميتهم الحمس، وهو الشدة في الدين والصلابة، وذلك لأنهم عظموا الحرم تعظيما زائدا، بحيث التزموا بسببه أن لا يخرجوا منه ليلة عرفة.
وكانوا يقولون: نحن أبناء الحرم وقطان بيت الله، فكانوا لا يقفون بعرفات مع علمهم أنها من مشاعر إبراهيم عليه السلام، حتى لا يخرجوا عن نظام ما كانوا قرروه من البدعة الفاسدة.
وكانوا لا يدخرون من اللبن أقطا ولا سمنا، ولا يسلون شحما وهم حرم، ولا يدخلون بيتا من شعر، ولا يستظلون إن استظلوا إلا ببيت من أدم.
وكانوا يمنعون الحجيج والعمار - ما داموا محرمين - أن يأكلوا إلا من طعام قريش، ولا يطوفوا إلا في ثياب قريش، فإن لم يجد أحد منهم ثوب أحد من الحمس وهم قريش وما ولدوا ومن دخل معهم من كنانة وخزاعة، طاف عريانا ولو كانت امرأة، ولهذا كانت المرأة إذا اتفق طوافها لذلك، وضعت يدها على فرجها وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله * وبعد هذا اليوم لا أحله
فإن تكرم أحد ممن يجد ثوب أحمسي فطاف في ثياب نفسه، فعليه إذا فرغ من الطواف أن يلقيها فلا ينتفع بها بعد ذلك، وليس له ولا لغيره أن يمسها، وكانت العرب تسمى تلك الثياب اللقي.
قال بعض الشعراء:
كفى حزنا كرى عليه كأنه * لقي بين أيدي الطائفين حريم
قال ابن إسحاق: فكانوا كذلك حتى بعث الله محمدا ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأنزل عليه القرآن رداُ عليهم فيما ابتدعوه. فقال تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } أي: جمهور العرب من عرفات { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 199] .
وقد قدمنا أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كان يقف بعرفات قبل أن ينزل عليه توفيقا من الله له، وأنزل الله عليه ردا عليهم فيما كانوا حرموا من اللباس والطعام على الناس { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ... } الآية [الأعراف: 31-32]
وقال زياد البكائي عن ابن إسحاق: ولا أدري أكان ابتداعهم لذلك قبل الفيل أو بعده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:22

مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وذكر شيء من البشارات بذلك


قال محمد بن إسحاق رحمه الله: وكانت الأحبار من اليهود والكهان من النصارى ومن العرب، قد تحدثوا بأمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قبل مبعثه، لما تقارب زمانه.
أما الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى فعما وجدوا في كتبهم من صفته، وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه.
قال الله تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ... } الآية [الأعراف: 157] .
وقال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ... } [الصف: 6] .
وقال الله تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعا سُجَّدا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ... } الآية [الفتح: 29] .
وقال الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } [آل عمران: 81] .
وفي (صحيح البخاري): عن ابن عباس قال: ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه. يعلم من هذا أن جميع الأنبياء بشروا وأمروا باتباعه.
وقد قال إبراهيم عليه السلام فيما دعا به لأهل مكة: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ... } الآية [البقرة: 129] .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا الفرج بن فضالة، حدثنا لقمان بن عامر سمعت أبا أمامة قال: قلت: يا رسول الله، ما كان بدء أمرك؟
قال: « دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام ».
وقد روى محمد بن إسحاق، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg عنه مثله. ومعنى هذا أنه أراد بدء أمره بين الناس، واشتهار ذكره، وانتشاره، فذكر دعوة إبراهيم الذي تنسب إليه العرب، ثم بشرى عيسى الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل كما تقدم، يدل هذا على أن من بينهما من الأنبياء بشروا به أيضا.
أما في الملأ الأعلى فقد كان أمره مشهورا مذكورا معلوما من قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام كما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي، عن العرباض بن سارية قال:
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« إني عبد الله خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين ».
وقد رواه الليث عن معاوية بن صالح وقال: إن أمه رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول الله، متى كنت نبيا؟
قال: « وآدم بين الروح والجسد ». تفرد بهن أحمد.
وقد رواه عمر بن أحمد بن شاهين في كتاب (دلائل النبوة) من حديث أبي هريرة فقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز - يعني أبا القاسم البغوي - حدثنا أبو همام الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، حدثني يحيى عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سُئل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg متى وجبت لك النبوة؟
قال: « بين خلق آدم ونفخ الروح فيه ».
ورواه من وجه آخر عن الأوزاعي به: وقال: « وآدم منجدل في طينته ».
وروي عن البغوي أيضا: عن أحمد بن المقدام، عن بقية بن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي هريرة مرفوعا في قول الله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ } [الأحزاب: 7] .
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث ».
ومن حديث أبي مزاحم عن قيس بن الربيع، عن جابر، عن الشعبي، عن ابن عباس قيل: يا رسول الله متى كنت نبيا؟
قال: « وآدم بين الروح والجسد ».
وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع، إذ كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما بعض ذكر أموره، ولا يلقي العرب لذلك فيه بالا، حتى بعثه الله تعالى، ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها.
فلما تقارب أمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وحضر زمان مبعثه حجبت الشياطين عن السمع، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تعقد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم فعرفت الشياطين أن ذلك لأمر حدث من أمر الله عز وجل.
قال: وفي ذلك أنزل الله على رسوله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنا عَجَبا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدا.... } [الجن: 1-28] إلى آخر السورة.
وقد ذكرنا تفسير ذلك كله في كتابنا التفسير، وكذا قوله تعالى: { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ... } [الأحقاف: 29-30] الآيات، ذكرنا تفسير ذلك كله هناك.
قال محمد بن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها - هذا الحي من ثقيف - وإنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له: عمرو بن أمية أحد بني علاج، وكان أدهى العرب وأمكرها، فقالوا له: يا عمرو ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم؟
قال: بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدي بها في البر والبحر، ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء، لما يصلح الناس في معايشهم هي التي يرمي بها، فهو والله طي الدنيا وهلاك هذا الخلق، وإن كانت نجوما غيرها وهي ثابتة على حالها، فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فما هو؟
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن امرأة من بني سهم يقال لها الغيطلة، كانت كاهنة في الجاهلية جاءها صاحبها ليلة من الليالي، فانقض تحتها ثم قال: أدر ما أدر يوم عقر ونحر. قالت قريش حين بلغها ذلك: ما يريد؟
ثم جاءها ليلة أخرى فانقض تحتها، ثم قال: شعوب ما شعوب تصرع فيه كعب الجنوب، فلما بلغ ذلك قريشا قالوا: ماذا يريد إن هذا لأمر هو كائن فانظروا ما هو؟ فما عرفوه حتى كانت وقعة بدر وأحد بالشعب، فعرفوا أنه كان الذي جاء به إلى صاحبته.
قال ابن إسحاق: وحدثني علي بن نافع الجرشي أن جنبا - بطنا من اليمن - كان لهم كاهن في الجاهلية، فلما ذكر أمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وانتشر في العرب قالت له جنب: انظر لنا في أمر هذا الرجل، واجتمعوا له في أسفل جبله.
فنزل إليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائما متكئا على قوس له، فرفع رأسه إلى السماء طويلا، ثم جعل ينزو، ثم قال: أيها الناس إن الله أكرم محمدا واصطفاه، وطهر قلبه وحشاه، ومكثه فيكم أيها الناس قليل، ثم اشتد في جبله راجعا من حيث جاء.
ثم ذكر ابن إسحاق قصة سواد بن قارب، وقد أخرناها إلى هواتف الجان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:24

فصل طلب اليهود من الله تعالى أن يبعث لهم نبيا يحكم بينهم وبين الناس


قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام - مع رحمة الله تعالى وهداه لنا - أن كنا نسمع من رجل من يهود - وكنا أهل شرك أصحاب أوثان - وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا يزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم.
فلما بعث الله رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أجبناه حين دعانا إلى الله، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزلت هذه الآية: { وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } [البقرة: 89] .
وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح عن علي الأزدي: كانت اليهود تقول: اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس يستفتحون به - أي يستنصرون به على الناس - رواه البيهقي.
ثم روي من طريق عبد الملك بن هارون بن عنبرة، عن أبيه، عن جده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت اليهود بخيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالوا: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم.
قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بعث النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كفروا به، فأنزل الله عز وجل: { وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا... } الآية.
وروى عطية، عن ابن عباس نحوه.
وروي عن عكرمة من قوله نحو ذلك أيضا.
وقال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد، عن سلمة بن سلام بن وقش - وكان من أهل بدر - قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال: فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل، قال سلمة: وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا، علي فروة لي مضطجع فيها بفناء أهلي، فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار
قال: فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان، أو ترى هذا كائنا؟ أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟
قال: نعم، والذي يحلف به ويود أن له تحطة من تلك النار أعظم تنور في الدار، يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبقونه عليه، وأن ينجو من تلك النار غدا.
قالوا له: ويحك يا فلان، فما آية ذلك؟
قال: نبي مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده إلى نحو مكة واليمن.
قالوا: ومتى نراه؟
قال: - فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا - فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه.
قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا رسوله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وهو حي بين أظهرنا، فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا.
قال: فقلنا له: ويحك يا فلان ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟
قال: بلى، ولكن ليس به. رواه أحمد، عن يعقوب، عن أبيه، عن ابن عباس.
ورواه البيهقي، عن الحاكم بإسناده من طريق يونس بن بكير.
وروى أبو نعيم في (الدلائل) عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن محمد بن سلمة قال:
لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له يوشع، فسمعته يقول - وإني لغلام في إزار - قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت، ثم أشار بيده إلى بيت الله، فمن أدركه فليصدقه، فبعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا
وقد قدمنا حديث أبي سعيد، عن أبيه في أخبار يوشع هذا عن خروج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وصفته، ونعته وإخبار الزبير بن باطا عن ظهور كوكب مولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ورواه الحاكم عن البيهقي بإسناده من طريق يونس بن بكير عنه.
قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بني قريظة قال: قال لي هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد - نفر من بني هدل إخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتهم في الإسلام -
قال: قلت: لا.
قال: فإن رجلا من اليهود من أرض الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبل الإسلام بسنين، فحل بين أظهرنا، لا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا، فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة. فنقول له: كم؟
فيقول: صاعا من تمر، أو مدين من شعير.
قال: فنخرجها، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا، فيستسقي لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب، ويسقي، قد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثا.
قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع.
قال: قلنا: أنت أعلم.
قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجره، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء فيمن خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه.
فلما بعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وحاصر بني قريظة قال هؤلاء الفتية - وكانوا شبابا أحداثا - يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيبان، قالوا: ليس به. قالوا: بلى والله إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا فأحرزوا دماءهم، وأموالهم، وأهليهم.
قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغنا عن أحبار يهود.
قلت: وقد قدمنا في قدوم تبع اليماني - وهو أبو كرب تبان أسعد - إلى المدينة ومحاصرته إياها، وإنه خرج إليه ذانك الحبران من اليهود فقالا له: إنه لا سبيل لك عليها، إنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان، فثناه ذلك عنها.
وقد روى أبو نعيم في (الدلائل) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، عن جده قال: قال عبد الله بن سلام:
إن الله لما أراد هدي زيد بن سعية قال زيد: لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما.
قال: فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فذكر قصة إسلافه للنبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مالا في ثمرة. قال: فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه - وهو في جنازة مع أصحابه - ونظرت إليه بوجه غليظ، وقلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل.
قال: فنظر إلى عمر وعيناه يدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم قال: يا عدو الله أتقول لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ما أسمع، وتفعل ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم.
ثم قال: أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزد عشرين صاعا من تمر. فأسلم زيد بن سعية رضي الله عنه، وشهد بقية المشاهد مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وتوفي عام تبوك رحمه الله.
ثم ذكر ابن إسحاق رحمه الله إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه فقال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي - من فيه - قال:
كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية يقال لها جي، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار التي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.
قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: ولا تحتبس عني، فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلى من ضيعتي، وشغلتني عن كل شيء من أمري.
قال: فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها
ثم قلت لهم: أين أصل هذا الدين؟
قالوا: بالشام.
فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي، وشغلته عن أمره كله، فلما جئت قال: أي بني أين كنت، ألم أكن أعهد إليك ما عهدته؟
قال: قلت: يا أبة مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس. قال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه.
قال: قلت: كلا والله، إنه لخير من ديننا.
قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيتي.
قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشام فجاءني النصارى فأخبروني بهم. فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني.
قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين علما؟
قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك، وأخدمك في كنيستك، وأتعلم منك فأصلي معك.
قال: ادخل. فدخلت معه فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا له شيئا كنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق. قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات واجتمعت له النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها كنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا.
قال: فقالوا لي: وما علمك بذلك؟
قال: فقلت لهم: أنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه.
قال: فأريتهم موضعه، فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا لا ندفنه أبدا. قال: فصلبوه ورجموه بالحجارة، وجاؤا برجل آخر فوضعوه مكانه.
قال سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه، وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه، قال: فأحببته حبا لم أحب شيئا قبله مثله.
قال: فأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة فقلت له: إني قد كنت معك، وأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى فإلى من توصى بي وبم تأمرني به؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:24

قال: أي بني، والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس، وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه، فالحق به.
قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له: يا فلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره، فقال لي: أقم عندي، فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له: يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصى بي، وبم تأمرني؟
قال: يا بني، والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين، وهو فلان فالحق به.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين، فأخبرته خبري وما أمرني به صاحباي.
فقال: أقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت له: يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصى بي، وبم تأمرني؟
قال: يا بني، والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجل بعمورية من أرض الروم، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فائته فإنه على أمرنا، فلما مات وغيب، لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري فقال: أقم عندي. فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم، قال: واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة.
قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان، فأوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصى بي، وبم تأمرني؟
قال: أي بني، والله ما أعلم أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب، مهاجره إلى الأرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
قال: ثم مات وغيب ومكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار، فقلت لهم: احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه. قالوا: نعم فأعطيتهموها وحملوني معهم، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا، فكنت عنده ورأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق في نفسي.
فبينا أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة، فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها، وبعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فأقام بمكة ما أقام، ولا أسمع له بذكر مما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس تحتي، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال يا فلان: قاتل الله بني قيلة، والله إنهم لمجتمعون الآن بقباء على رجل قدم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
قال سلمان: فلما سمعتها أخذتني الرعدة، حتى ظننت أني ساقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه: ماذا تقول، ماذا تقول؟
قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك.
قال: فقلت: لا شيء، إنما أردت أن أستثبته عما قال.
قال: وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته، ثم ذهبت به إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو بقباء، فدخلت عليه فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم.
قال: فقربته إليه، فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لأصحابه: كلوا، وأمسك يده فلم يأكل.
فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا، وتحول رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى المدينة، ثم جئته فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها.
قال: فأكل رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان ثنتان.
قال: ثم جئت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه وعليه شملتان، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدبرته أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رآني رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي.
فقال لي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « تحول ». فتحولت بين يديه، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أن يسمع ذاك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بدر وأحد.
قال سلمان: ثم قال لي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « كاتب يا سلمان ».
فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية.
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لأصحابه:
« أعينوا أخاكم ».
فأعانوني في النخل: الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين ودية، والرجل بخمس عشرة ودية، والرجل بعشرة، يعين الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية، فقال لي رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فائتني أكن أنا أضعها بيدي ».
قال: ففقرت وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg معي إليها، فجعلنا نقرب إليه الودي، ويضعه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بيده، حتى إذا فرغنا فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل، وبقي على المال.
فأتى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن، فقال:
« ما فعل الفارسي المكاتب؟ »
قال: فدعيت له.
قال: « خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان ».
قال: قلت: وأين تقع هذه مما علي يا رسول الله؟
قال: « خذها فإن الله سيؤدي بها عنك ».
قال: فأخذتها فوزنت لهم منها - والذي نفس سلمان بيده - أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان، فشهدت مع رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg الخندق حرا، ثم لم يفتني معه مشهد.
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن أبي حبيب، عن رجل من عبد القيس، عن سلمان أنه قال: لما قلت: وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله؟ أخذها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فقلبها على لسانه، ثم قال: « خذها فأوفهم منها ».
فأخذتها فأوفيتهم منها حقهم كله أربعين أوقية.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، حدثني من لا أتهم، عن عمر بن عبد العزيز بن مروان قال: حدثت عن سلمان أنه قال لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حين أخبره أن صاحب عمورية قال له: إيت كذا وكذا من أرض الشام، فإن بها رجلا بين غيضتين يخرج كل سنة من هذه الغيضة مستجيزا يعترضه ذوو الأسقام، فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي، فاسأله عن هذا الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه.
قال سلمان: فخرجت حتى جئت حيث وصف لي، فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هناك، حتى يخرج لهم تلك الليلة مستجيزا من إحدى الغيضتين إلى الأخرى، فغشيه الناس بمرضاهم، لا يدعو لمريض إلا شفي، وغلبوني عليه، فلم أخلص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه.
قال: فتناولته، فقال: من هذا؟ والتفت إليّ، قال: قلت: يرحمك الله، أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم، قال: إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم، قد أظلك زمان نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم فأته فهو يحملك عليه، ثم دخل.
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لسلمان: « لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم ».
هكذا وقع في هذه الرواية، وفيها رجل مبهم - وهو شيخ عاصم بن عمر بن قتادة - وقد قيل: إنه الحسن بن عمارة، ثم هو منقطع بل معضل بين عمر بن عبد العزيز، وسلمان رضي الله عنه.
قوله: لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم، غريب جدا بل منكر. فإن الفترة أقل ما قيل فيها أنها أربعمائة سنة وقيل: ستمائة سنة بالشمسية، وسلمان أكثر ما قيل إنه عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة.
وحكى العباس بن يزيد البحراني إجماع مشايخه على أنه عاش مائتين وخمسين سنة، واختلفوا فيما زاد إلى ثلاثمائة وخمسين سنة، والله أعلم.
والظاهر أنه قال: لقد لقيت وصي عيسى بن مريم فهذا ممكن بالصواب.
وقال السهيلي: الرجل المبهم هو الحسن بن عمارة، وهو ضعيف، وإن صح لم يكن فيه نكارة، لأن ابن جرير ذكر أن المسيح نزل من السماء بعد ما رفع فوجد أمه وامرأة أخرى يبكيان عند جذع المصلوب فأخبرهما أنه لم يقتل، وبعث الحواريين بعد ذلك.
قال: وإذا جاز نزوله مرة جاز نزوله مرارا، ثم يكون نزوله الظاهر حين يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويتزوج حينئذ امرأة من بني جذام، وإذا مات دفن في حجرة روضة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
وقد روى البيهقي في كتاب (دلائل النبوة) قصة سلمان هذه من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق كما تقدم..
ورواها أيضا عن الحاكم، عن الأصم، عن يحيى بن أبي طالب: حدثنا علي بن عاصم، حدثنا حاتم بن أبي صفرة، عن سماك بن حرب، عن يزيد بن صوحان أنه سمع سلمان يحدث كيف كان أول إسلامه، فذكر قصة طويلة وذكر أنه كان من رامهرمز، وكان له أخ أكبر منه غني، وكان سلمان فقيرا في كنف أخيه، وأن ابن دهقانها كان صاحبا له، وكان يختلف معه إلى معلم لهم، وأنه كان يختلف ذلك الغلام إلى عباد من النصارى في كهف لهم.
فسأله سلمان أن يذهب به معه إليهم، فقال له: إنك غلام وأخشى أن تنم عليهم فيقتلهم أبي، فالتزم له أن لا يكون منه شيء يكرهه، فذهب به معه فإذا هم ستة أو سبعة، كأن الروح قد خرجت منهم من العبادة، يصومون النهار، ويقومون الليل، يأكلون الشجر وما وجدوا، فذكر عنهم أنهم يؤمنون بالرسل المتقدمين، وأن عيسى عبد الله ورسوله وابن أمته، أيده بالمعجزات.
وقالوا له: يا غلام إن لك ربا، وإن لك معادا، وإن بين يديك جنة ونارا، وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى الله بما يصنعون، وليسوا على دينه.
ثم جعل يتردد مع ذلك الغلام إليهم، ثم لزمهم سلمان بالكلية، ثم أجلاهم ملك تلك البلاد، وهو أبو ذلك الغلام الذي صحبه سلمان إليهم عن أرضه، واحتبس الملك ابنه عنده، وعرض سلمان دينهم على أخيه الذي هو أكبر منه فقال: إني مشتغل بنفسي في طلب المعيشة، فارتحل معهم سلمان حتى دخلوا كنيسة الموصل فسلم عليهم أهلها.
ثم أرادوا أن يتركوني عندهم فأبيت إلا صحبتهم، فخرجوا حتى أتوا واديا بين جبال، فتحدر إليهم رهبان تلك الناحية يسلمون عليهم، واجتمعوا إليهم، وجعلوا يسألونهم عن غيبتهم عنهم، ويسألونهم عني، فيثنون علي خيرا.
وجاء رجل معظم فيهم فخطبهم فأثنى على الله بما هو أهله، وذكر الرسل وما أيدوا به، وذكر عيسى بن مريم وأنه كان عبد الله ورسوله، وأمرهم بالخير ونهاهم عن الشر، ثم لما أرادوا الانصراف تبعه سلمان ولزمه.
قال: فكان يصوم النهار، ويقوم الليل من الأحد إلى الأحد، فيخرج إليهم ويعظهم ويأمرهم وينهاهم، فمكث على ذلك مدة طويلة، ثم أراد أن يزور بيت المقدس فصحبه سلمان إليه.
قال: فكان فيما يمشي يلتفت إلي ويقبل علي فيعظني، ويخبرني أن لي ربا، وأن بين يدي جنة ونارا وحسابا، ويعلمني ويذكرني نحو ما كان يذكر القوم يوم الأحد. قال فيما يقول لي: يا سلمان إن الله سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج من تهامة، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب.
فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه، فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه، قلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه؟ قال: وإن أمرك فإن الحق فيما يجيء به ورضى الرحمن فيما قال.
ثم ذكر قدومهما إلى بيت المقدس، وأن صاحبه صلى فيه هاهنا وهاهنا، ثم نام وقد أوصاه أنه إذا بلغ الظل مكان كذا أن يوقظه، فتركه سلمان حينا آخر أزيد مما قال ليستريح.
فلما استيقظ ذكر الله، ولام سلمان على ترك ما أمره من ذلك، ثم خرجا من بيت المقدس فسأله مقعد، فقال: يا عبد الله سألتك حين وصلت فلم تعطني شيئا وها أنا أسألك، فنظر فلم يجد أحدا فأخذ بيده وقال: قم بسم الله، فقام وليس به بأس ولا قلبة، كأنما نشط من عقال.
فقال لي: يا عبد الله احمل علي متاعي حتى أذهب إلى أهلي فأبشرهم، فاشتغلت به ثم أدركت الرجل فلم ألحقه، ولم أدر أين ذهب، وكلما سألت عنه قوما قالوا: أمامك، حتى لقيني ركب من العرب من بني كلب، فسألتهم فلما سمعوا لغتي أناخ رجل منهم بعيره فحملني خلفه، حتى أتوا بي بلادهم، فباعوني فاشترتني امرأة من الأنصار، فجعلتني في حائط لها.
وقدم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ثم ذكر ذهابه إليه بالصدقة والهدية ليستعلم ما قال صاحبه، ثم تطلب النظر إلى خاتم النبوة، فلما رآه آمن من ساعته، وأخبر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg خبره الذي جرى له.
قال: فأمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أبا بكر الصديق فاشتراه من سيده فأعتقه، ثم قال: سألته يوما عن دين النصارى فقال: لا خير فيهم، قال: فوقع في نفسي من أولئك الذين صحبتهم، ومن ذلك الرجل الصالح الذي كان معي ببيت المقدس، فدخلني من ذلك أمر عظيم حتى أنزل الله على رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } [المائدة: 82] .
فدعاني رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فجئت وأنا خائف، فجلست بين يديه فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ.. } الآيات.
ثم قال: يا سلمان أولئك الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى كانوا مسلمين.
فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لهو أمرني باتباعك.
فقلت له: فإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، قال: نعم فاتركه فإن الحق وما يرضي الله فيما يأمرك.
وفي هذا السياق غرابة كثيرة، وفيه بعض المخالفة لسياق محمد بن إسحاق، وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسنادا، وأحسن اقتصاصا، وأقرب إلى ما رواه البخاري في (صحيحه) من حديث معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب، أي: من معلم إلى معلم ومرب إلى مثله، والله أعلم.
قال السهيلي: تداوله ثلاثون سيدا من سيد إلى سيد، فالله أعلم.
وكذلك استقصى قصة إسلامه الحافظ أبو نعيم في (الدلائل) وأورد لها أسانيد وألفاظا كثيرة، وفي بعضها أن اسم سيدته التي كاتبته حلبسة، فالله أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:34

ذكر أخبار غريبة في ذلك


قال أبو نعيم في (الدلائل) حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي السوية المنقري، حدثنا عباد بن كسيب، عن أبيه، عن أبي عتوارة الخزاعي، عن سعير بن سوادة العامري قال:
كنت عشيقا لعقيلة من عقائل الحي، أركب لها الصعب والذلول، لا أبقي من البلاد مسرحا أرجو ربحا في متجر إلا أتيته، فانصرفت من الشام بحرث وأثاث أريد به كبة الموسم ودهماء العرب، فدخلت مكة بليل مسدف، فأقمت حتى تعرى عني قميص الليل، فرفعت رأسي فإذا قباب مسامته شعف الجبال مضروبة بأنطاع الطائف، وإذا جزر تنحر، وأخرى تساق، وإذا أكلة وحثثة على الطهاة يقولون: ألا عجلوا ألا عجلوا.
وإذا رجل يجهر على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله ميلوا إلى الغداء، وأنيسان على مدرجة يقول: يا وفد الله من طعم فليرح إلى العشاء، فجهرني ما رأيت، فأقبلت أريد عميد القوم، فعرف رجل الذي بي فقال أمامك، وإذا شيخ كأن في خديه الأساريع، وكأن الشعرى توقد من جبينه، قد لاث على رأسه عمامة سوداء، قد أبرز من ملائها جمة فينانة كأنها سماسم.
قال في بعض الروايات: تحته كرسي سماسم، ومن دونها نمرقة، بيده قضيب متخصر به، حوله مشايخ، جلس نواكس الأذقان ما منهم أحد يفيض بكلمة، وقد كان نمى إلى خبر من أخبار الشام أن النبي الأمي هذا أوان نجومه، فلما رأيته ظننته ذلك.
فقلت: السلام عليك يا رسول الله. فقال: مه مه كلا، وكأن قد وليتني إياه.
فقلت: من هذا الشيخ؟ فقالوا: هذا أبو نضلة، هذا هاشم بن عبد مناف، فوليت وأنا أقول: هذا والله المجد لا مجد آل جفنة - يعني ملوك عرب الشام من غسان كان يقال لهم آل جفنة - وهذه الوظيفة التي حكاها عن هاشم هي الرفادة: يعني إطعام الحجيج زمن الموسم.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا سعيد بن عثمان، حدثنا علي بن قتيبة الخراساني، حدثنا خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب قال:
بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت منها فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز، وجمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغيير، وأنا يومئذ سيد قومي، فقالت: ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر شيء؟
فقلت لها: بلى، وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى، ثم يضع يده على أم رأسها، ثم يذكر حاجته، ولم أفعل لأني كبير قومي.
فجلست فقلت: إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة تنبت قد نال رأسها السماء، وضربت بأغصانها المشرق والمغرب، وما رأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم ساجدين لها، وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا، ساعة تخفى وساعة تزهر، ورأيت رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها.
ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها، ولا أطيب منه ريحا، فيكسر أظهرهم، ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا، فمنعني الشاب فقلت: لمن النصيب؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها، فانتبهت مذعورا فزعا، فرأيت وجه الكاهنة قد تغير ثم قالت:
لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب، ويدين له الناس، ثم قال: - يعني عبد المطلب - لأبي طالب: لعلك تكون هذا المولود. قال: فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث بعد ما ولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، وبعد ما بعث.
ثم قال: كانت الشجرة والله أعلم أبا القاسم الأمين، فيقال: لأبي طالب ألا تؤمن؟ فيقول: السبة والعار.
وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي، حدثنا العباس بن بكار الضبي، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال العباس خرجت في تجارة إلى اليمن في ركب منهم أبو سفيان ابن حرب، فقدمت اليمن فكنت أصنع يوما طعاما وأنصرف بابي سفيان وبالنفر، ويصنع أبو سفيان يوما ويفعل مثلى ذلك.
فقال لي في يومي الذي كنت أصنع فيه: هل لك يا أبا الفضل أن تنصرف إلى بيتي وترسل إلي غداءك؟ فقلت: نعم. فانصرفت أنا والنفر إلى بيته وأرسلت إلى الغداء، فلما تغدى القوم قاموا واحتبسني، فقال: هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله؟
فقلت: أي بني أخي؟ فقال أبو سفيان: إياي تكتم، وأي بني أخيك ينبغي أن يقول هذا إلا رجل واحد؟
قلت: وأيهم على ذلك؟
قال: هو محمد بن عبد الله. فقلت: قد فعل؟ قال: بلى قد فعل، وأخرج كتابا باسمه من ابنه حنظلة بن أبي سفيان فيه أخبرك أن محمدا قام بالأبطح، فقال: أنا رسول أدعوكم إلى الله عز وجل.
فقال العباس: قلت أجده يا أبا حنظلة صادق، فقال: مهلا يا أبا الفضل، فوالله ما أحب أن يقول مثل هذا، إني لا أخشى أن يكون على ضير من هذا الحديث يا بني عبد المطلب، إنه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم هنة وهنة، كل واحدة منهما غاية لنشدتك يا أبا الفضل هل سمعت ذلك؟
قلت: نعم قد سمعت.
قال: فهذه والله شؤمتكم، قلت: فلعلها يمنتنا.
قال: فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبد الله بن حذافة بالخبر وهو مؤمن، ففشا ذلك في مجالس اليمن، وكان أبو سفيان يجلس مجلسا باليمن يتحدث فيه حبر من أحبار اليهود، فقال له اليهودي: ما هذا الخبر؟ بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ما قال.
قال أبو سفيان: صدقوا وأنا عمه.
فقال اليهودي: أخو أبيه؟
قال: نعم.
قال: فحدثني عنه.
قال: لا تسألني ما أحب أن يدعى هذا الأمر أبدا، وما أحب أن أعيبه وغيره خير منه، فرأى اليهودي أنه لا يغمس عليه، ولا يحب أن يعيبه.
فقال اليهودي: ليس به بأس على اليهود وتوراة موسى.
قال العباس: فناداني الحبر فجئت فخرجت حتى جلست ذلك المجلس من الغد، وفيه أبو سفيان ابن حرب والحبر، فقلت للحبر: بلغني أنك سألت ابن عمي عن رجل منا زعم أنه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأخبرك أنه عمه، وليس بعمه، ولكن ابن عمه، وأنا عمه وأخو أبيه.
قال: أخو أبيه؟
قلت: أخو أبيه، فأقبل على أبي سفيان فقال: صدق؟
قال: نعم صدق.
فقلت: سلني، فإن كذبت فليرد علي، فأقبل علي فقال: نشدتك هل كان لابن أخيك صبوة أو سفهة. قلت: لا، وإله عبد المطلب ولا كذب ولا خان، وإنه كان اسمه عند قريش الأمين.
قال: فهل كتب بيده؟
قال: العباس فظننت أنه خير له أن يكتب بيده فأردت أن أقولها، ثم ذكرت مكان أبي سفيان يكذبني ويرد علي. فقلت: لا يكتب، فوثب الحبر ونزل رداؤه، وقال: ذبحت يهود وقتلت يهود.
قال العباس: فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبو سفيان: يا أبا الفضل إن اليهود تفزع من ابن أخيك، قلت: قد رأيت ما رأيت، فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به، فإن كان حقا كنت قد سبقت، وإن كان باطلا فمعك غيرك من أكفائك.
قال: لا أؤمن به حتى أرى الخيل في كداء.
قلت: ما تقول؟
قال: كلمة جاءت على فمي، إلا أني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع من كداء.
قال العباس: فلما استفتح رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مكة ونظرنا إلى الخيل وقد طلعت من كداء، قلت: يا أبا سفيان تذكر الكلمة؟
قال: إي والله إني لذاكرها، فالحمد لله الذي هداني للإسلام.
وهذا سياق حسن عليه البهاء والنور، وضياء الصدق، وإن كان في رجاله من هو متكلم فيه، والله أعلم.
وقد تقدم ما ذكرناه في قصة أبي سفيان مع أمية بن أبي الصلت، وهو شبيه بهذا الباب، وهو من أغرب الأخبار، وأحسن السياقات، وعليه النور، وسيأتي أيضا قصة أبي سفيان مع هرقل ملك الروم، حين سأله عن صفات رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأحواله، واستدلاله بذلك على صدقه ونبوته، ورسالته.
وقال له: كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أكن أظن أنه فيكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقيه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ولئن كن ما تقول حقا ليملكن موضع قدمي هاتين وكذلك وقع، ولله الحمد والمنة.
وقد أكثر الحافظ أبو نعيم من إيراد الآثار والأخبار عن الرهبان، والأحبار، والعرب، فأكثر وأطنب وأحسن وأطيب، رحمه الله ورضي عنه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:35

قصة عمرو بن مرة الجهني


قال الطبراني: حدثنا علي بن إبراهيم الخزاعي الأهوازي، حدثنا عبد الله بن داود بن دلهاث بن إسماعيل بن عبد الله بن شريح بن ياسر بن سويد صاحب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، حدثنا أبي، عن أبيه دلهاث عن أبيه إسماعيل أن أباه عبد الله حدثه عن أبيه: أن أباه ياسر بن سويد حدثه عن عمرو بن مرة الجهني قال:
خرجت حاجا في جماعة من قومي في الجاهلية، فرأيت في نومي وأنا بمكة نورا ساطعا من الكعبة حتى وصل إلى جبل يثرب، وأشعر جهينة، فسمعت صوتا بين النور وهو يقول:
انقشعت الظلماء، وسطع الضياء، وبعث خاتم الأنبياء. ثم أضاء إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة، وأبيض المدائن، وسمعت صوتا من النور وهو يقول:
ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام، فانتبهت فزعا فقلت لقومي: والله ليحدثن لهذا الحي من قريش حدث - وأخبرتهم بما رأيت - فلما انتهينا إلى بلادنا جاءني الخبر أن رجلا يقال له: أحمد قد بعث، فأتيته فأخبرته بما رأيت.
فقال لي: « يا عمرو بن مرة أنا النبي المرسل إلى العباد كافة، أدعوهم إلى الإسلام، وآمرهم بحقن الدماء، وصلة الأرحام، وعبادة الله، ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، من اثني عشر شهرا، فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار، فآمن يا عمرو يؤمنك الله من هول جهنم ».
فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، آمنت بما جئت من حلال وحرام، وأن رغم ذلك كثيرا من الأقوام.
ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به، وكان لنا صنم، وكان أبي سادنا له، فقمت إليه فكسرته، ثم لحقت بالنبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأنا أقول
شهدت بأن الله حق وإنني * لآلهة الأحجار أول تارك
وشمرت عن ساق الإزار مهاجرا * إليك أجوب القفر بعد الدكادك
لأصحب خير الناس نفسا ووالدا * رسول مليك الناس فوق الحبائك
فقال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « مرحبا بك يا عمرو بن مرة ».
فقلت: يا رسول الله ابعثني إلى قومي لعل الله يمن عليهم بي كما من علي بك.
فبعثني إليهم وقال: « عليك بالرفق والقول السديد، ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا ».
فذكر أنه أتى قومه فدعاهم إلى ما دعاه إليه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فأسلموا كلهم، إلا رجلا واحدا منهم، وأنه وفد بهم إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فرحب بهم وحياهم.
وكتب لهم كتابا هذه نسخته: « بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز، على لسان رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بكتاب صادق، وحق ناطق، مع عمرو بن مرة الجهني، لجهينة بن زيد: إن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها، تزرعون نباته، وتشربون صافيه، على أن تقروا بالخمس، وتصلوا صلاة الخمس، وفي التبيعة والصريمة، إن اجتمعتا وإن تفرقتا شاة شاة، ليس على أهل الميرة صدقة، ليس الوردة اللبقة، وشهد على نبينا ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg من حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس ».
وذكر شعرا قاله عمرو بن مرة في ذلك، كما هو مبسوط في المسند الكبير، وبالله الثقة وعليه التكلان.
وقال الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقا غَلِيظا } [الأحزاب: 7] .
قال كثيرون من السلف لما: أخذ الله ميثاق بني آدم: يوم (ألست بربكم) أخذ من النبيين ميثاقا خاصا، وأكد مع هؤلاء الخمسة أولي العزم، أصحاب الشرائع الكبار، الذين أولهم نوح، وآخرهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد روى الحافظ أبو نعيم في كتاب (دلائل النبوة) من طرق عن الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: سُئل النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg متى وجبت لك النبوة؟
قال: « بين خلق آدم ونفخ الروح فيه ». [1]
وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي، حدثنا أبو جعفر النفيلي، حدثنا عمرو بن واقد، عن عروة بن رويم، عن الصنابحي قال:
قال عمر: يا رسول الله، متى جعلت نبيا؟
قال: « وآدم منجدل في الطين ».
ثم رواه من حديث نصر بن مزاحم، عن قيس بن الربيع، عن جابر الجعفي، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله، متى كنت نبيا؟
قال: « وآدم بين الروح والجسد ».
وفي الحديث الذي أوردناه في قصة آدم حين استخرج الله من صلبه ذريته، خصَّ الأنبياء بنور بين أعينهم، والظاهر - والله أعلم - أنه كان على قدر منازلهم ورتبهم عند الله، وإذا كان الأمر كذلك فنور محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كان أظهر وأكبر وأعظم منهم كلهم. وهذا تنويه عظيم، وتنبيه ظاهر على شرفه وعلو قدره.
وفي هذا المعنى الحديث الذي قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي، عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg:
« إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين يرين ».
ورواه الليث وابن وهب، عن عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح وزاد: « إن أمه رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثما منصور بن سعيد، عن بديل عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر قال:
قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟
قال: « وآدم بين الروح والجسد ». وإسناده جيد أيضا.
وهكذا رواه إبراهيم بن طهمان، وحماد بن زيد، وخالد الحذاء، عن بديل بن ميسرة به.
ورواه أبو نعيم عن محمد بن عمر بن أسلم، عن محمد بن بكر بن عمرو الباهلي، عن شيبان، عن الحسن بن دينار، عن عبد الله بن سفيان، عن ميسرة الفجر قال:
قلت: يا رسول الله، متى كنت نبيا؟
قال: « وآدم بين الروح والجسد ».
وقال الحافظ أبو نعيم في كتابه (دلائل النبوة): حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، عن خليد بن دعلج وسعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة عن النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ } قال: « كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث ».
ثم رواه من طريق هشام بن عمار، عن بقية، عن سعيد بن نسير، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا مثله.
وقد رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة وشيبان، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال مثله، وهذا أثبت وأصح، والله أعلم.
وهذا إخبار عن التنويه بذكره في الملأ الأعلى، وأنه معروف بذلك بينهم بأنه خاتم النبيين وآدم لم ينفخ فيه الروح، لأن علم الله تعالى بذلك سابق قبل خلق السموات والأرض لا محالة، فلم يبق إلا هذا الذي ذكرناه من الأعلام به في الملأ الأعلى، والله أعلم.
وقد أورد أبو نعيم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة الحديث المتفق عليه: « نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم ».
وزاد أبو نعيم في آخره: فكان ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg آخرهم في البعث، وبه ختمت النبوة، وهو السابق يوم القيامة لأنه أول مكتوب في النبوة والعهد.
ثم قال: ففي هذا الحديث الفضيلة لرسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، لما أوجب الله له النبوة قبل تمام خلق آدم، ويحتمل أن يكون هذا الإيجاب هو ما أعلم الله ملائكته ما سبق في علمه وقضاءه من بعثته له في آخر الزمان، وهذا الكلام يوافق ما ذكرناه ولله الحمد.
وروى الحاكم في (مستدركه) من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - وفيه كلام - عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي. فقال الله: يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد؟ فقال: يا رب، لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك، رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي، وإذ قد سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك ». [2]
وقد قال الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 81-82] .
قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء، إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو حي ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به، ولينصرنه، وهذا تنويه وتنبيه على شرفه وعظمته في سائر الملل، وعلى ألسنة الأنبياء، وإعلام لهم ومنهم برسالته في آخر الزمان. وإنه أكرم المرسلين، وخاتم النبيين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:36

وقد أوضح أمره، وكشف خبره، وبين سره، وجلى مجده ومولده وبلده إبراهيم الخليل، في قوله عليه السلام حين فرغ من بناء البيت: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [البقرة: 129] .
فكان أول بيان أمره على الجلية والوضوح بين أهل الأرض على لسان إبراهيم الخليل، أكرم الأنبياء على الله بعد محمد صلوات الله عليه وسلامه عليهما وعلى سائر الأنبياء.
ولهذا قال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا الفرج - يعني ابن فضالة - حدثنا لقمان بن عامر، سمعت أبا أمامة قال: قلت: يا نبي الله، ما كان بدء أمرك؟
قال: « دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام ».
تفرد به الإمام أحمد، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة.
وروى الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم في كتاب (المولد) من طريق بقية، عن صفوان بن عمرو بن حجر، عن حجر، عن أبي مريق أن أعرابيا قال:
يا رسول الله أي شيء كان أول أمر نبوتك؟
فقال: « أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم، ورأت أم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام ».
وقال الإمام محمد بن إسحاق بن يسار: حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أصحاب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أنهم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك؟
قال: « دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حبلت كأنه خرج منها نور أضاءت له بصرى من أرض الشام ».
إسناده جيد أيضا، وفيه بشارة لأهل محلتنا أرض بصرى، وإنها أول بقعة من أرض الشام، خلص إليها نور النبوة، ولله الحمد والمنة، ولهذا كانت أول مدينة فتحت من أرض الشام، وكان فتحها صلحا في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، كما سيأتي بيانه.
وقد قدمها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مرتين في صحبة عمه أبي طالب، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وكانت عندها قصة بحيرى الراهب كما بيناه، والثانية ومعه ميسرة مولى خديجة في تجارة لها، وبها مبرك الناقة التي يقال لها ناقة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بركت عليه، فأثر ذلك فيها فيما يذكر.
ثم نقل وبنى عليه مسجد مشهور اليوم، وهي المدينة التي أضاءت أعناق الإبل عندها من نور النار التي خرجت من أرض الحجاز سنة أربع وخمسين وستمائة، وفق ما أخبر به رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في قوله: « تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ».
وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
وقال الله تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الآية [الأعراف: 157] .
قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل عن الجريري، عن أبي صخر العقيلي، حدثني رجل من الأعراب قال: جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
فلما فرغت من بيعي قلت: لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه، قال: فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون، فتبعتهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها، يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان وأجملهم.
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجدني في كتابك ذا صفتي ومخرجي؟ ».
فقال برأسه هكذا - أي لا - فقال ابنه: إي والذي أنزل التوراة، إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
فقال: « أقيموا اليهودي عن أخيكم ».
ثم ولى كفنه، والصلاة عليه.
هذا إسناد جيد، وله شواهد في (الصحيح): عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا عبد الواحد بن غياث - أبو بحر - حدثنا عبد العزيز بن مسلم، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن الصلتان بن عاصم، وذكر أن خاله قال: كنت جالسا عند النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، إذ شخص بصره إلى رجل فإذا يهودي عليه قميص وسراويل ونعلان، قال: فجعل النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يكلمه، وهو يقول: يا رسول الله.
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « أتشهد أني رسول الله؟ »
قال: لا.
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « أتقرأ التوراة؟ »
قال: نعم.
قال: « أتقرأ الإنجيل؟ »
قال: نعم.
قال: « والقرآن؟ »
قال: لا، ولو تشاء قرأته، فقال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « فبم تقرأ التوراة والإنجيل أتجدني نبيا؟ » قال: إنا نجد نعتك ومخرجك، فلما خرجت رجونا أن تكون فينا، فلما رأيناك عرفناك أنك لست به.
قال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « ولم يا يهودي؟ »
قال: إنا نجده مكتوبا: يدخل من أمته الجنة سبعون ألفا بغير حساب، ولا نرى معك إلا نفرا يسيرا. فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « إن أمتي لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا ». [3]
وقال محمد بن إسحاق: عن سالم مولى عبد الله بن مطيع، عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يهود فقال: « أخرجوا أعلمكم ».
فقالوا: عبد الله بن صوريا.
فخلا به رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فناشده بدينه، وما أنعم الله به عليهم، وأطعمهم من المن والسلوى، وظللهم به من الغمام: « أتعلمني رسول الله؟ »
قال: اللهم نعم، وإن القوم ليعرفون ما أعرف، وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة، ولكنهم حسدوك. قال: « فما يمنعك أنت؟ ».
قال: أكره خلاف قومي، وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم.
وقال سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقول: كتب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إلى يهود خيبر: « بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صاحب موسى وأخيه والمصدق بما جاء به موسى، ألا إن الله قال لكم: يا معشر يهود وأهل التوراة إنكم تجدون ذلك في كتابكم: إن محمدا: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعا سُجَّدا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرا عَظِيما } [الفتح: 29] . وإني أنشدكم بالله وبالذي أنزل عليكم، وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسلافكم وأسباطكم المن والسلوى، وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاكم من فرعون وعمله، إلا أخبرتمونا هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد؟ فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم، قد تبين الرشد من الغي، وأدعوكم إلى الله وإلى نبيه ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg ».
وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب (المبتدأ) عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن كعب الأحبار.
وروى غيره عن وهب بن منبه أن بختنصر بعد أن خرب بيت المقدس، واستذل بني إسرائيل بسبع سنين، رأى في المنام رؤيا عظيمة هالته، فجمع الكهنة والحزار وسألهم عن رؤياه تلك، فقالوا: ليقصها الملك حتى نخبره بتأويلها، فقال: إني نسيتها، وإن لم تخبروني بها إلى ثلاثة أيام قتلتكم عن آخركم.
فذهبوا خائفين وجلين من وعيده، فسمع بذلك دانيال عليه السلام وهو في سجنه، فقال للسجان: اذهب إليه، فقل له إن هاهنا رجلا عنده علم رؤياك وتأويلها، فذهب إليه فأعلمه فطلبه، فلما دخل عليه لم يسجد له.
فقال له: ما منعك من السجود لي؟ فقال: إن الله آتاني علما، وعلمني وأمرني أن لا أسجد لغيره. فقال له بختنصر: إني أحب الذين يوفون لأربابهم بالعهود، فأخبرني عن رؤياي؟ قال له دانيال: رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض، ورأسه في السماء، أعلاه من ذهب، ووسطه من فضة، وأسفله من نحاس، وساقاه من حديد، ورجلاه من فخار.
فبينا أنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه، وإحكام صنعته، قذفه الله بحجر من السماء، فوقع على قمة رأسه حتى طحنه، واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده وفخاره، حتى تخيل لك أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك.
ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم وينتشر، حتى ملأ الأرض كلها، فصرت لا ترى إلا الحجر والسماء، فقال له بختنصر: صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها، فما تأويلها؟
فقال دانيال: أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان، وفي وسطه، وفي آخره، وأما الحجر الذي قذف به الصنم، فدين يقذف الله به هذه الأمم في آخر الزمان، فيظهره عليها، فيبعث الله نبيا أميا من العرب، فيدوخ به الأمم والأديان، كما رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم.
ويظهر على الأديان والأمم، كما رأيت الحجر ظهر على الأرض كلها، فيمحص الله به الحق، ويزهق به الباطل، ويهدي به أهل الضلالة، ويعلم به الأميين، ويقوي به الضعفة، ويعز به الأذلة، وينصر به المستضعفين.
وذكر تمام القصة في إطلاق بختنصر بني إسرائيل على يدي دانيال عليه السلام.
وذكر الواقدي بأسانيده عن المغيرة بن شعبة في قصة وفوده على المقوقس ملك الإسكندرية، وسؤاله له عن صفات رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قريباُ من سؤال هرقل لأبي سفيان صخر بن حرب. وذكر أنه سأل أساقفة النصارى في الكنائس عن صفة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأخبروه عن ذلك، وهي قصة طويلة ذكرها الحافظ أبو نعيم في (الدلائل).
وثبت في الصحيح أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg مر بمدارس اليهود فقال لهم: « يا معشر اليهود، أسلموا فوالذي نفسي بيده إنكم لتجدون صفتي في كتبكم » الحديث.
وقال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفات رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في التوراة؟
فقال: أجل والله، إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيموا الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، يفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
ورواه البخاري عن محمد بن سنان العوفي، عن فليح به.
ورواه أيضا عن عبد الله - قيل: ابن رجاء وقيل: ابن صالح - عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن هلال بن علوية، ولفظه قريب من هذا، وفيه زيادة.
ورواه ابن جرير من حديث فليح، عن هلال، عن عطاء، وزاد قال عطاء: فلقيت كعبا فسألته عن ذلك، فما اختلف حرفا.
وقال في البيوع: وقال سعيد عن هلال، عن عطاء، عن عبد الله بن سلام.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرناه أبو الحسين بن المفضل القطان، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن ابن سلام أنه كان يقول:
إنا لنجد صفة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميته المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزئ السيئة بمثلها، ولكن يعفو، و يغفر، ويتجاوز، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله، يفتح به أعينا عميا، وأذانا صما، وقلوبا غلفا.
وقال عطاء بن يسار: وأخبرني الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قال ابن سلام.
قلت: وهذا عن عبد الله بن سلام أشبه، ولكن الرواية عن عبد الله بن عمرو أكثر، مع أنه كان قد وجد يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، وكان يحدث عنهما كثيرا، وليعلم أن كثيرا من السلف كانوا يطلقون التوراة على كتب أهل الكتاب، فهي عندهم أعم من التي أنزلها الله على موسى. وقد ثبت شاهد ذلك من الحديث.
وقال يونس عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن ابن أبي أوفى، عن أم الدرداء قالت: قلت لكعب الأحبار كيف تجدون صفة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في التوراة؟
قال: نجده محمد رسول الله، اسمه المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، وأعطى المفاتيح، فيبصر الله به أعينا عورا، ويسمع آذانا وقرا، ويقيم به ألسنا معوجة، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله واحد لا شريك له، يعين به المظلوم ويمنعه. وقد روي عن كعب من غير هذا الوجه.
وروى البيهقي عن الحاكم، عن أبي الوليد الفقيه، عن الحسن بن سفيان، حدثنا عتبة بن مكرم، حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم، حدثنا حمزة بن الزيات، عن سليمان الأعمش، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } [القصص: 46]
قال: نودوا يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني.
وذكر وهب بن منبه أن الله تعالى أوحى إلى داود في الزبور يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد، صادقا سيدا، لا أغضب عليه أبدا، ولا يغضبني أبدا، وقد غفرت له قبل أن يعصيني، ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة، أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وفرضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، إلى أن قال: يا داود إني فضلت محمدا وأمته على الأمم كلها.
والعلم بأنه موجود في كتب أهل الكتاب معلوم من الدين ضرورة، وقد دل على ذلك آيات كثيرة في الكتاب العزيز، تكلمنا عليها في مواضعها، ولله الحمد.
فمن ذلك قوله تعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } [القصص: 52-53] .
وقال تعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [البقرة: 146] .
وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا } [الإسراء: 107-108] أي: إن كان وعدنا ربنا بوجود محمد وإرساله لكائن لا محالة، فسبحان القدير على ما يشاء، لا يعجزه شيء.
وقال تعالى إخبارا عن القسيسين والرهبان: { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين } [المائدة: 83]
وفي قصة النجاشي، وسلمان، وعبد الله بن سلام، وغيرهم، كما سيأتي شواهد كثيرة لهذا المعنى، ولله الحمد والمنة.
وذكرنا في تضاعيف قصص الأنبياء، ما تقدم الإشارة إليه من وصفهم لبعثة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ونعته، وبلد مولده، ودار مهاجره، ونعت أمته، في قصة موسى، وشعيا، وأرمياء، ودانيال، وغيرهم.
وقد أخبر الله تعالى عن آخر أنبياء بني إسرائيل، وخاتمهم عيسى بن مريم، أنه قام في بني إسرائيل خطيبا قائلا لهم { إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } [الصف: 6]
وفي الإنجيل: البشارة بالفارقليط، والمراد: محمد ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
وروى البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن يونس بن عمرو، عن العيزار بن حرب، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال: « مكتوب في الإنجيل لا فظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، بل يعفو ويصفح »
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا فيض البجلي، حدثنا سلام بن مسكين، عن مقاتل بن حيان قال: أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم: جد في أمري، واسمع، وأطع يا ابن الطاهرة البكر البتول، أنا خلقتك من غير فحل، فجعلتك آية للعالمين، فإياي فاعبد، و علي فتوكل، فبين لأهل سوران بالسريانية، بلغ من بين يديك:
إني أنا الحق القائم، الذي لا أزول، صدقوا بالنبي الأمي العربي، صاحب الجمل والمدرعة والعمامة - وهي التاج - والنعلين والهراوة - وهي القضيب - الجعد الرأس، الصلت الجبين، المقرون الحاجبين، الأنجل العينين، الأهدب الأشفار، الأدعج العينين، الأقنى الأنف، الواضح الخدين، الكث اللحية، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، ريح المسك ينضح منه. كأن عنقه إبريق فضة، وكأن الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب، ليس في بطنه شعر غير شثن الكف والقدم، إذا جاء مع الناس غمرهم، وإذا مشى كأنما ينقلع من الصخر، ويتحدر من صبب، ذو النسل القليل - وكأنه أراد الذكور من صلبه.
هكذا رواه البيهقي في (دلائل النبوة) من طريق يعقوب بن سفيان.
وروى البيهقي عن عثمان بن الحكم بن رافع بن سنان: حدثني بعض عمومتي وآبائي، أنهم كانت عندهم ورقة يتوارثونها في الجاهلية، حتى جاء الله بالإسلام وبقيت عندهم، فلما قدم رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg المدينة ذكر وهاله، وأتوه بها مكتوب فيها: بسم الله وقوله الحق، وقول الظالمين في تباب، هذا الذكر لأمة تأتي في آخر الزمان، ليبلون أطرافهم، ويوترون على أوساطهم، ويخوضون البحور إلى أعدائهم، فيهم صلاة لو كانت في قوم نوح ما أهلكوا بالطوفان، وفي عاد ما أهلكوا بالريح، وفي ثمود ما أهلكوا بالصيحة:
بسم الله وقوله الحق، وقول الظالمين في تباب. ثم ذكر قصة أخرى، قال: فعجب رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg لما قرأت عليه فيها.
وذكرنا عند قوله تعالى في سورة الأعراف: { الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ } قصة هشام بن العاص الأموي، حين بعثه الصديق في سرية إلى هرقل يدعوه إلى الله عز وجل، فذكر أنه أخرج لهم صور الأنبياء في رقعة من آدم إلى محمد صلوات الله عليه وسلامه عليهم أجمعين، على النعت والشكل الذي كانوا عليه.
ثم ذكر أنه لما أخرج صورة رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قام قائما إكراما له، ثم جلس وجعل ينظر إليها ويتأملها، قال: فقلنا له من أين لك هذه الصورة؟ فقال: إن آدم سأل ربه أن يريه جميع الأنبياء من ذلك، فأنزل عليه صورهم، فكان في خزانة آدم عليه السلام عند مغرب الشمس، فاستخرجها ذو القرنين، فدفعها إلى دانيال.
ثم قال: أما والله إن نفسي قد طابت بالخروج من ملكي، وأني كنت عبدا لاشركم ملكة حتى أموت، ثم أجازنا فأحسن جائزتنا وسرحنا، فلما أتينا أبا بكر الصديق فحدثناه بما رأينا وما أجازنا وما قال لنا، قال: فبكى، وقال: مسكين لو أراد الله به خيرا لفعل.
ثم قال: أخبرنا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg أنهم واليهود يجدون نعت محمد عندهم. رواه الحاكم بطوله فليكتب هاهنا من التفسير. ورواه البيهقي في (دلائل النبوة)
وقال الأموي: حدثنا عبد الله بن زياد، عن ابن إسحاق قال: وحدثني يعقوب بن عبد الله بن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه، عن جده عمرو بن أمية قال: قدمت برقيق من عند النجاشي أعطانيهم فقالوا لي: ياعمرو لو رأينا رسول الله لعرفناه من غير أن تخبرنا، فمر أبو بكر فقلت: أهو هذا؟
قالوا: لا. فمر عمر فقلت: أهو هذا؟
قالوا: لا. فدخلنا الدار فمر رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فنادوني: يا عمرو هذا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فنظرت فإذا هو هو، من غير أن يخبرهم به أحد، عرفوه بما كانوا يجدونه مكتوبا عندهم.
وقد تقدم إنذار سبأ لقومه، وبشارته لهم بوجود رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في شعر أسلفناه في ترجمته، فأغنى عن إعادته.
وتقدم قول الحبرين من اليهود لتبع اليماني حين حاصر أهل المدينة: إنها مهاجر نبي، يكون في آخر الزمان، فرجع عنها ونظم شعرا يتضمن السلام على النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:37

قصة سيف بن ذي يزن وبشارته بالنبي


وقال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتابه (هواتف الجان): حدثنا علي بن حرب، حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا عمرو بن بكر - هو ابن بكار القعنبي - عن أحمد بن القاسم، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن عباس قال:
لما ظهر سيف بن ذي يزن قال ابن المنذر - واسمه النعمان بن قيس - على الحبشة وذلك بعد مولد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg بسنتين، أتته وفود العرب وشعراؤها تهنئه وتمدحه وتذكر ما كان من حسن بلائه، وأتاه فيمن أتاه وفود قريش، فيهم عبد المطلب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس أبي عبد الله، وعبد الله بن جدعان، وخويلد بن أسد، في أناس من وجوه قريش.
فقدموا عليه صنعاء، فإذا هو في رأس غمدان الذي ذكره أمية أبي الصلت:
واشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا * في رأس غمدان دارا منك محلالا
فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم، فأذن لهم، فدنا عبد المطلب فاستأذنه في الكلام، فقال له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك، فقد أذنا لك. فقال له عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا، وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعذيت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه في أكرم موطن وأطيب معدن.
فأنت - أبيت اللعن - ملك العرب وربيعها الذي تخصب به البلاد، ورأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، وسلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يخمد من هم سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه.
ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجك من كشف الكرب الذي قد فدحنا، وفد التهنئة لا وفد المرزئة.
قال له الملك: وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم. قال: ابن أختنا؟ قال: نعم. قال: ادن، فأدناه، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا ربحلا، يعطي عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالتكم، وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، فأنتم أهل الليل والنهار، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم.
ثم نهضوا إلى دار الكرامة والوفود، فأقاموا شهرا لا يصلون إليه، ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة، فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه، ثم قال: يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي ما لو يكون غيرك لم أبح به، ولكني رأيتك معدنه، فاطلعتك طليعه، فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره.
إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، واجتجناه دون غيرنا، خبرا عظيما، وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة.
فقال عبد المطلب: أيها الملك مثلك سر وبر، فما هو فداؤك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟ قال: إذا ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.
قال عبد المطلب - أبيت اللعن -: لقد أبت بخير ما آب به وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله واعظامه، لسألته من بشارته إياي، ما ازداد به سرورا.
قال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد، واسمه محمد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، ولدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، يعزبهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم أهل الأرض، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، يعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.
فقال عبد المطلب: أيها الملك - عز جدك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك - فهذا نجاري، فهل الملك سار لي بافصاح، فقد أوضح لي بعض الإيضاح.
فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النقب، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدا فقال: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟
فقال: أيها الملك كان لي ابن، وكنت به معجبا، وعليه رفيقا، فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام سميته محمدا، فمات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه.
قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود، فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخل لهم النفاسة، من أن تكون لكم الرياسة، فيطلبون له الغوائل، وينصبون له الحبائل، فهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه، لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته.
فإني أجد في الكتاب الناطق، والعلم السابق، أن بيثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولأوطأت أسنان العرب عقبه، ولكني صارف ذلك إليك، عن غير تقصير بمن معك.
قال: ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد، وعشرة إماء، وبمائة من الإبل، وحلتين من البرود، وبخمسة أرطال من الذهب، وعشرة أرطال فضة، وكرش مملوء عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك.
وقال له: إذا حال الحول فأتني. فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول. فكان عبد المطلب كثيرا ما يقول يا معشر قريش: لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك و إن كثر، فإنه إلى نفاد، ولكن ليبغبطني بما يبقى لي ولعقبي ومن بعدي، ذكره، وفخره، وشرفه، فإذا قيل له متى ذلك؟ قال: سيعلم ولو بعد.
قال: وفي ذلك يقول أمية بن عبد شمس:
جلبنا النصح تحقبه المطايا * على أكوار أجمال ونوق
مقلفة مراتعها تعالى * إلى صنعاء من فج عميق
تؤم بنا ابن ذي يزن وتغري * بذات بطونها ذم الطريق
وترعى من مخائله بروقا * مواصلة الوميض إلى بروق
فلما واصلت صنعاء حلت * بدار الملك والحسب العريق
وهكذا رواه الحافظ أبو نعيم في (الدلائل) من طريق عمرو بن بكير بن بكار القعنبي.
ثم قال أبو نعيم: أخبرت عن أبي الحسن علي بن إبراهيم بن عبد ربه بن محمد بن عبد العزيز بن عفير بن عبد العزيز بن السفر بن عفير بن زرعة بن سيف بن ذي يزن، حدثني أبي أبو يزن إبراهيم، حدثنا عمي أحمد بن محمد أبو رجاء به، حدثنا عمي محمد بن عبد العزيز، حدثني عبد العزيز بن عفير، عن أبيه، عن زرعة بن سيف بن ذي يزن الحميري قال: لما ظهر جدي سيف بن ذي يزن على الحبشة. وذكره بطوله.
وقال أبو بكر الخرائطي: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي، حدثنا العلاء بن الفضل بن أبي سوية، أخبرني أبي، عن أبيه عبد الملك بن أبي سوية، عن جده أبي سوية، عن أبيه خليفة قال: سألت محمد بن عثمان بن ربيعة بن سواة بن خثعم بن سعد فقلت: كيف سماك أبوك محمدا؟
فقال: سألت أبي عما سألتني عنه فقال: خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا منهم، وسفيان بن مجاشع بن دارم، وأسامة بن مالك بن جندب بن العقيد، ويزيد بن ربيعة بن كنانة بن حربوص بن مازن، ونحن نريد ابن جفنة ملك غسان، فلما شارفنا الشام نزلنا على غدير عليه شجرات فتحدثنا، فسمع كلامنا راهب فأشرف علينا فقال: إن هذه لغة ما هي بلغة هذه البلاد!
فقلنا: نعم نحن قوم من مضر. قال: من أي المضرين؟
قلنا: من خندف. قال: أما إنه سيبعث وشيكا نبي خاتم النبيين فسارعوا إليه، وخذوا بحظكم منه ترشدوا.
فقلنا له: ما اسمه؟ قال: اسمه محمد، قال: فرجعنا من عند ابن جفنة فولد لكل واحد منا ابن فسماه محمدا، يعني أن كل واحد منهم طمع في أن يكون هذا النبي المبشر به ولده.
وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي: حدثنا عبد الله بن أبي سعد، حدثنا حازم بن عقال بن الزهر بن حبيب بن المنذر بن أبي الحصين بن السموأل بن عاديا، حدثني جابر بن جدان بن جميع بن عثمان بن سماك بن الحصين بن السموأل بن عاديا قال: لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر الوفاة اجتمع إليه قومه من غسان فقالوا: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى، وكنا نأمرك بالتزوج في شبابك فتأبى، وهذا أخوك الخزرج له خمسة بنين وليس لك ولد غير مالك.
فقال: لن يهلك هالك ترك مثل مالك، إن الذي يخرج النار من الوثيمة قادر أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بسلا وكل إلى الموت.
ثم أقبل على مالك وقال: أي بني المنية ولا الدنية، العقاب ولا العتاب، التجلد ولا التلدد، القبر خير من الفقر، إنه من قل ذل، ومن كر فر، من كرم الكريم الدفع عن الحريم، ولدهر يومان فيوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصطبر، وكلاهما سينحسر، ليس يثبت منهما الملك المتوج، ولا اللئيم المعلهج، سلم ليومك حياك ربك، ثم أنشأ يقول:
شهدت السبايا يوم آل محرِّق * وأدرك أمري صيحة الله في الحجر
فلم أر ذا ملك من الناس واحدا * ولا سواقة إلا إلى الموت والقبر
فعل الذي أردى ثمودا وجرهما * سيعقب لي نسلا على آخر الدهر
تقربهم من آل عمرو بن عامر * عيون لدى الداعي إلى طلب الوتر
فإن لم تك الأيام أبلين جِدّتي * وشيّبن رأسي والمشيب مع العمر
فإن لنا ربا علا فوق عرشه * عليما بما يأتي من الخير والشر
ألم يأت قومي أن لله دعوة * يفوز بها أهل السعادة والبر
إذا بعث المبعوث من آل غالب * بمكة فيما بين مكة والحجر
هنالك فابغوا نصره ببلادكم * بني عامر إن السعادة في النصر
قال: ثم قضى من ساعته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:39



باب في هواتف الجان


وقد تقدم كلام شق وسطيح لربيعة بن نصر ملك اليمن في البشارة بوجود رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، رسول ذكي يأتي إليه الوحي من قبل العلي، وسيأتي في المولد قول سطيح لعبد المسيح: إذا كثرت التلاوة، وغاضت بحيرة ساوة، وجاء صاحب الهراوة، يعني بذلك رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg كما سيأتي بيانه مفصلا.
وقال البخاري: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدثني ابن وهب، حدثني عمرو - هو محمد بن زيد - أن سالما حدثه عن عبد الله بن عمر قال: ما سمعت عمر يقول لشيء قط إني لأظنه إلا كان كما يظن. بينما عمر بن الخطاب جالس إذ مر به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، علي الرجل، فدعى به فقال له ذلك فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجلا مسلما.
قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني. قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك؟ قال: بينما أنا في السوق يوما جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت:
ألم تر الجن وإبلاسها * ويلسها من بعد أنكاسها؟
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
قال عمر: صدق، بينا أنا نائم عند آلهتهم، جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح أمر نجيح، رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم فقلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى يا جليح أمر نجيح، رجل فصيح يقول لا إله إلا الله، فقمت فما نشبنا أن قيل هذا نبي. تفرد به البخاري.
وهذا الرجل هو: سواد بن قارب الأردي، ويقال: السدوسي من أهل السراة من جبال البلقاء له صحبة ووفادة.
قال أبو حاتم، وابن منده: روى عنه سعيد بن جبير، وأبو جعفر محمد بن علي. وقال البخاري: له صحبة.
وهكذا ذكره في أسماء الصحابة أحمد بن روح البرذعي الحافظ، والدارقطني، وغيرهما.
وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري: سواد بن قارب بالتخفيف.
وقال عثمان الوقاصي، عن محمد بن كعب القرظي: كان من أشراف أهل اليمن، ذكره أبو نعيم في (الدلائل) وقد روى حديثه من وجوه أخر مطولة بالبسط من رواية البخاري.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أنه حدث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بينما هو جالس في الناس في مسجد رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg إذ أقبل رجل من العرب داخل المسجد، يريد عمر بن الخطاب، فلما نظر إليه عمر قال: إن الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد، أو لقد كان كاهنا في الجاهلية.
فسلم عليه الرجل ثم جلس، فقال له عمر: هل أسلمت؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فهل كنت كاهنا في الجاهلية؟
فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين، لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت، فقال عمر: اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا، نعبد الأصنام، ونعتنق الأوثان، حتى أكرمنا الله برسوله وبالإسلام.
قال: نعم، والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية.
قال: فأخبرني ما جاء به صاحبك؟
قال: جاءني قبل الإسلام بشهر أو شيعه، فقال: ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإياسها من دينها، ولحوقها بالقلاص وإحلاسها.
قال ابن إسحاق: هذا الكلام سجع ليس بشعر.
قال عبد الله بن كعب: فقال عمر عند ذلك يحدث الناس: والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا، فنحن ننتظر قسمه أن يقسم لنا منه، إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط أشد منه، وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه، يقول: يا ذريح أمر نجيح، رجل يصيح يقول: لا إله إلا الله.
قال ابن هشام: ويقال: رجل يصيح بلسان فصيح يقول: لا إله إلا الله. قال وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر:
عجبت للجن وإبلاسها * وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن كأنجاسها
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا يحيى بن حجر بن النعمان الشامي، حدثنا علي بن منصور الأنباري، عن محمد بن عبد الرحمن الوقاصي، عن محمد بن كعب القرظي قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم جالس، إذ مر به رجل فقيل: يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟
قال: ومن هذا؟ قالوا: هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيه بظهور رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg.
قال: فأرسل إليه عمر فقال له: أنت سواد بن قارب؟
قال: نعم، قال: فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟
قال: فغضب، وقال: ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين! فقال عمر: يا سبحان الله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، فأخبرني ما أنبأك رئيك بظهور رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين، بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني رئي فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب واسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتطلابها * وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس قداماها كأذنابها
قال: قلت: دعني أنام، فإني أمسيت ناعسا.
قال: فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب واسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته.
ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتحيارها * وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها
قال: قلت: دعني أنام فإني أمسيت ناعسا، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتحساسها * وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * واسم بعينيك إلى راسها
قال: فقمت وقلت: قد امتحن الله قلبي، فرحلت ناقتي، ثم أتيت المدينة - يعني مكة - فإذا رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg في أصحابه، فدنوت فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله، قال: هات. فأنشأت أقول:
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة * ولم يك فيما قد تلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت * بي الدعلب الوجناء غبر السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره * وأنك مأمون على كل غالب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال: ففرح رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وأصحابه بمقالتي فرحا شديدا حتى رؤي الفرح في وجوههم، قال: فوثب إليه عمر بن الخطاب فالتزمه وقال: قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك، فهل يأتيك رئيك اليوم؟
قال: أما منذ قرأت القرآن فلا، ونعم العوض كتاب الله من الجن.
ثم قال عمر: كنا يوما في حي من قريش يقال لهم: آل ذريح، وقد ذبحوا عجلا لهم والجزار يعالجه، إذ سمعنا صوتا من جوف العجل - ولا نرى شيئا - قال: يا آل ذريح: أمر نجيح، صائح يصيح، بلسان فصيح، يشهد أن لاإله إلا الله. وهذا منقطع من هذا الوجه. ويشهد له رواية البخاري، وقد تساعدوا على أن السامع الصوت من العجل هو عمر بن الخطاب، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتابه الذي جمعه في (هواتف الجان): حدثنا أبو موسى عمران بن موسى المؤدب، حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا سعيد بن عبيد الله الوصابي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: دخل سواد بن قارب السدوسي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: نشدتك بالله يا سواد بن قارب هل تحسن اليوم من كهانتك شيئا؟
فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين، ما استقبلت أحدا من جلسائك بمثل ما استقبلتني به.
قال: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه من شركنا أعظم مما كنت عليه من كهانتك، والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث إنه لعجيب من العجب.
قال: إي والله يا أمير المؤمنين إنه لعجب من العجب.
قال: فحدثنيه.
قال: كنت كاهنا في الجاهلية فبينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجي فضربني برجله، ثم قال: يا سواد اسمع أقل لك.
قلت: هات. قال:
عجبت للجن وأنجاسها * ورحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * واسم بعينيك إلى رأسها
قال: فنمت ولم أحفل بقوله شيئا، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله، ثم قال لي: قم يا سواد بن قارب اسمع أقل لك. قلت: هات. قال:
عجبت للجن وتطلابها * وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس المقاديم كأذنابها
قال: فحرك قوله مني شيئا ونمت، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله، ثم قال: يا سواد بن قارب أتعقل أم لا تعقل؟
قلت: وما ذاك. قال: ظهر بمكة نبي يدعو إلى عبادة ربه فالحق به، اسمع أقل لك.
قلت: هات.
قال:
عجبت للجن وتنفارها * ورحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها
قال: فعلمت أن الله قد أراد بي خيرا فقمت إلى بردة لي ففتقتها ولبستها، ووضعت رجلي في غرز ركاب الناقة، وأقبلت حتى انتهيت إلى النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، فعرض علي الإسلام فأسلمت، وأخبرته الخبر فقال: « إذا اجتمع المسلمون فأخبرهم ».
فلما اجتمع المسلمون قمت فقلت:
أتاني نجي بعد هدء ورقدة * ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ذيلي الأزار ووسطت * بي الدعلب الوجناء غبر السباسب
وأعلم أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
قال: فسر المسلمون بذلك، فقال عمر: هل تحس اليوم منها بشيء؟
قال: أما إذ علمني الله القرآن فلا.
وقد رواه محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن عمر بن حفص قال: لما ورد سواد بن قارب على عمر قال: يا سواد بن قارب ما بقي من كهانتك؟ فغضب وقال: ما أظنك يا أمير المؤمنين استقبلت أحدا من العرب بمثل هذا، فلما رأى ما في وجهه من الغضب قال: انظر سواد للذي كنا عليه قبل اليوم من الشرك أعظم.
ثم قال: يا سواد حدثني حديثا كنت أشتهي أسمعه منك، قال: نعم، بين أنا في إبل لي بالسراة ليلا وأنا نائم، وكان لي نجي من الجن أتاني، فضربني برجله فقال لي: قم يا سواد بن قارب فقد ظهر بتهامة نبي يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فذكر القصة كما تقدم، وزاد في آخر الشعر:
وكن لي شفيعا يوم لا ذو قرابة * سواك بمغن عن سواد بن قارب
فقال رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « سر في قومك وقل هذا الشعر فيهم ».
ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق سليمان بن عبد الرحمن، عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، عن عباد بن عبد الصمد، عن سعيد بن جبير قال: أخبرني سواد بن قارب الأزدي قال: كنت نائما على جبل من جبال السراة، فأتاني آت فضربني برجله، وذكر القصة أيضا.
ورواه أيضا من طريق محمد بن البراء، عن أبي بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: قال سواد بن قارب: كنت نازلا بالهند فجاءني رئي ذات ليلة فذكر القصة. وقال بعد إنشاد الشعر الأخير:
فضحك رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg حتى بدت نواجذه وقال: « أفلحت يا سواد ».
وقال أبو نعيم في كتاب (دلائل النبوة): حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن علي بن حرب، حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله العماني قال:
كان منا رجل يقال له مازن بن العضوب يسدن صنما بقرية يقال لها سمايا من عمان، وكانت تعظمه بنو الصامت، وبنو حطامة، ومهرة - وهم أخوال مازن - أمه زينب بنت عبد الله بن ربيعة بن خويص أحد بني نمران.
قال مازن: فعترنا يوما عند الصنم عتيرة - وهي الذبيحة - فسمعت صوتا من الصنم يقول: يا مازن اسمع تسر ظهر خير وبطن شر، بعث نبي من مضر بدين الله الأكبر، فدع نحيتا من حجر، تسلم من حر سقر.
قال: ففزعت لذلك فزعا شديدا، ثم عترنا بعد أيام عتيرة أخرى، فسمعت صوتا من الصنم يقول: أقبل إلي، أقبل تسمع ما لا تجهل، هذا نبي مرسل، جاء بحق منزل، فآمن به كي تعدل عن حر نار تشعل، وقودها الجندل.
قال مازن: فقلت: إن هذا لعجب، وإن هذا لخير يراد بي، وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت: ما الخبر وراءك؟ فقال: ظهر رجل يقال له أحمد، يقول لمن أتاه: أجيبوا داعي الله.
فقلت: هذا نبأ ما سمعت، فثرت إلى الصنم فكسرته جذاذا، وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فشرح الله صدري للإسلام فأسلمت، وقلت:
كسرت باجرا أجذاذا وكان لنا * ربا نطيف به ضلا بتضلال
فالهاشمي هدانا من ضلالتنا * ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلِّغن عمرا وإخوتها * إني لمن قال ربي باجر قالي
يعني يعمرو الصامت وإخوتها حطامة. فقلت يا رسول الله: إني امرؤ مولع بالطرب، وبالهلوك من النساء وشرب الخمر، وألحت علينا السنون فأذهبن الأموال، وأهزلن السراري، وليس لي ولد، فادعُ الله أن يذهب عني ما أجد ويأتينا بالحيا، ويهب لي ولدا.
فقال النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: « اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن، وبالحرام الحلال، وبالإثم وبالعهر عفة، وآته بالحيا وهب له ولدا ».
قال: فأذهب الله عني ما أجد، وأخصبت عمان، وتزوجت أربع حرائر، وحفظت شطر القرآن، ووهب لي حيان بن مازن، وأنشأ يقول:
إليك رسول الله خبت مطيتي * تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطىء الحصى * فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر خالفت في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرءا بالخمر والعهر مولعا * شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية * وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي * فلله ما صومي ولله ما حجي
قال: فلما أتيت قومي أنبوني وشتموني، وأمروا شاعرا لهم فهجاني، فقلت: إن رددت عليه فإنما أهجو نفسي، فرحلت عنهم فأتتني منهم زلفة عظيمة، وكنت القيم بأمورهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 Empty
مُساهمةموضوع: رد: (( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))   ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 I_icon_minitimeالإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:40

فقالوا: يا ابن عم عبنا عليك أمرا وكرهنا ذلك، فإن أبيت ذلك فارجع، وقم بأمورنا، وشأنك وما تدين، فرجعت معهم وقلت:
لبغضكم عندنا مر مذاقته * وبغضنا عندكم يا قومنا لبن
لا يفطن الدهر إن بثت معائبكم * وكلكم حين يثني عيبنا فطن
شاعرنا مفحم عنكم وشاعركم * في حدبنا مبلغ في شتمنا لسن
ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر * وفي قلوبكم البغضاء والإحن
قال مازن: فهداهم الله بعد إلى الاسلام جميعا.
وروى الحافظ أبو نعيم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: إن أول خبر كان بالمدينة بمبعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: أن امرأة بالمدينة كان لها تابع من الجن، فجاء في صورة طائر أبيض، فوقع على حائط لهم. فقالت له: لم لا تنزل إلينا فتحدثنا ونحدثك، وتخبرنا ونخبرك؟
فقال لها: إنه قد بعث نبي بمكة، حرم الزنا، ومنع منا القرار.
وقال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن الزهري، عن علي بن الحسين قال: إن أول خبر قدم المدينة عن رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg: أن امرأة تدعى فاطمة كان لها تابع، فجاءها ذات يوم فقام على الجدار، فقالت: ألا تنزل؟
فقال: لا إنه قد بعث الرسول الذي حرم الزنا.
وأرسله بعض التابعين أيضا وسماه بابن لوذان، وذكر أنه كان قد غاب عنها مدة، ثم لما قدم عاتبته فقال: إني جئت الرسول فسمعته يحرم الزنا فعليك السلام.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: قال عثمان بن عفان: خرجنا في عير إلى الشام - قبل أن يبعث رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg - فلما كنا بأفواه الشام - وبها كاهنة - فتعرضتنا فقالت: أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت: ألا تدخل؟
فقال: لا سبيل إلى ذلك خرج أحمد، وجاء أمر لا يطاق. ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قد خرج بمكة، يدعو إلى الله عز وجل.
و قال الواقدي: حدثني محمد بن عبد الله الزهري قال: كان الوحي يسمع، فلما كان الإسلام منعوا، وكانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيرة لها تابع من الجن، فلما رأى الوحي لا يستطاع، أتاها فدخل في صدرها، فضج في صدرها فذهب عقلها، فجعل يقول من صدرها: وضع العناق، ومنع الرفاق، وجاء أمر لا يطاق، وأحمد حرم الزنا.
وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي - بمصر - حدثنا عمارة بن زيد، حدثنا عيسى بن يزيد، عن صالح بن كيسان، عمن حدثه، عن مرداس بن قيس السدوسي قال: حضرت النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg - وقد ذكرت عنده الكهانة وما كان من تغييرها عند مخرجه -
فقلت: يا رسول الله قد كان عندنا في ذلك شيء، أخبرك أن جارية منا يقال لها: الخلصة لم يعلم عليها إلا خيرا، إذا جاءتنا فقالت: يا معشر دوس العجب العجب لما أصابني، هل علمتم إلا خيرا؟
قلنا: وما ذاك. قالت: إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة، ووجدت كحس الرجل مع المرأة فقد خشيت أن أكون قد حبلت، حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاما أغضف له أذنان كأذني الكلب، فمكث فينا حتى إنه ليلعب مع الغلمان، إذ وثب وثبة وألقى إزاره وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويلة يا ويلة، يا عولة يا عولة، يا ويل غنم، يا ويل فهم من قابس النار، الخيل والله وراء العقبة، فيهن فتيان حسان نجبة.
قال: فركبنا وأخذنا للأداة، وقلنا: يا ويلك ما ترى؟
فقال: هل من جارية طامث، فقلنا: ومن لنا بها؟
فقال شيخ منا: هي والله عندي عفيفة الأم، فقلنا: فعجلها، فأتى بالجارية وطلع الجبل، وقال للجارية اطرحي ثوبك، واخرجي في وجوههم.
وقال للقوم: اتبعوا أثرها.
وقال لرجل منا يقال له أحمد بن حابس: يا أحمد بن حابس عليك أول فارس، فحمل أحمد فطعن أول فارس فصرعه، وانهزموا فغنمناهم.
قال: فابتنينا عليهم بيتا وسميناه ذا الخلصة، وكان لا يقول لنا شيئا إلا كان كما يقول، حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوما: يا معشر دوس نزلت بنو الحارث بن كعب فركبنا، فقال لنا: اكدسوا الخيل كدسا، احشوا القوم رمسا، انفوهم غدية واشربوا الخمر عشية.
قال: فلقيناهم، فهزمونا وغلبونا، فرجعنا إليه فقلنا: ما حالك وما الذي صنعت بنا؟ فنظرنا إليه وقد احمرت عيناه، وانتصبت أذناه، وانبرم غضبانا، حتى كاد أن ينفطر وقام، فركبنا واغتفرنا هذه له، ومكثنا بعد ذلك حينا، ثم دعانا فقال: هل لكم في غزوة تهب لكم عزا، وتجعل لكم حرزا، ويكون في أيديكم كنزا؟
فقلنا: ما أحوجنا إلى ذلك. فقال: اركبوا فركبنا، فقلنا: ما نقول؟ فقال: بنو الحارث بن مسلمة. ثم قال: قفوا. فوقفنا.
ثم قال: عليكم بفهم، ثم قال: ليس لكم فيهم دم، عليكم بمضرهم أرباب خيل، ونعم. ثم قال: لا، رهط دريد بن الصمة قليل العدد، وفي الذمة ثم قال: لا. ولكن عليكم بكعب بن ربيعة وأسكنوها ضيعة عامر بن صعصعة، فليكن بهم الوقيعة.
قال: فلقيناهم فهزمونا، وفضحونا فرجعنا، وقلنا: ويلك ماذا تصنع بنا؟ قال: ما أدري كذبني الذي كان يصدقني، اسجنوني في بيتي ثلاثا، ثم ائتوني، ففعلنا به ذلك ثم أتيناه بعد ثالثة، ففتحنا عنه فإذا هو كأنه حجرة نار.
فقال: يا معشر دوس، حرست السماء وخرج خير الأنبياء. قلنا: أين؟ قال: بمكة، وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل، فإني سوف أضطرم نارا، وإن تركتموني كنت عليكم عارا، فإذا رأيتم اضطرامي وتلهبي فاقذفوني بثلاثة أحجار، ثم قولوا مع كل حجر: بسمك اللهم فإني أهدى وأطفى.
قال: وإنه مات فاشتعل نار، ففعلنا به ما أمر، وقد قذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر: بسمك اللهم فخمد وطفى، وأقمنا حتى قدم علينا الحاج فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله. غريب جدا.
وروى الواقدي، عن أبيه، عن ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب، عن النضر بن سفيان الهذلي، عن أبيه قال: خرجنا في عير لنا إلى الشام، فلما كنا بين الزرقا ومعان، قد عرسنا من الليل، فإذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض: أيها النيام هبوا، فليس هذا بحين رقاد، قد خرج أحمد فطردت الجن كل مطرد، ففزعنا ونحن رفقة حزورة، كلهم قد سمع بهذا.
فرجعنا إلى أهلنا، فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش في نبي قد خرج فيهم من بني عبد المطلب اسمه أحمد، ذكره أبو نعيم.
وقال الخرائطي: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي - بمصر - حدثنا عمارة بن زيد، حدثني عبد الله بن العلاء، حدثني يحيى بن عروة، عن أبيه أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وعبد الله بن جحش بن رئاب، وعثمان بن الحويرث كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه، قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا.
كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور، ثم يأكلون ويشربون الخمر، ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل، فرأوه مكبوبا على وجهه، فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله، فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا، فأخذوه فردوه إلى حاله، فانقلب الثالثة، فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك.
فقال عثمان بن الحويرث: ما له قد أكثر التنكس إن هذا الأمر قد حدث، وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فجعل عثمان يقول:
أبا صنم العيد الذي صُفَّ حوله * صناديد وفد من بعيد ومن قُرب
تنكّست مغلوبا فما ذاك قُلْ لنا * أذاك سفيه أم تنكست للعتب
فإن كان من ذنب أتينا فإننا * نبوءُ بإقرار ونلوي عن الذنب
وإن كنت مغلوبا ونُكِّست صاغرا * فما أنت في الأوثان بالسيد الرب
قال: فأخذوا الصنم فردوه إلى حاله، فلما استوى هتف بهم هاتف من الصنم بصوت جهير وهو يقول:
تردّى لمولود أنارتْ بنوره * جميع فجاج الأرض في الشرق والغرب
وخرت له الأوثان طرا وأرعدتْ * قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
ونار جميع الفرس باخت وأظلمت * وقد بات شاهُ الفرس في أعظم الكرب
وصدّتْ عن الكهان بالغيب جنّها * فلا مخبرُ عنهم بحق ولا كذب
فيا لقصيِّ ارجعوا عن ضلالكم * وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
قال: فلما سمعوا ذلك خلصوا نجيا، فقال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض، فقالوا: أجل. فقال لهم ورقة بن نوفل: تعلمون والله ما قومكم على دين، ولقد اخطئوا الحجة وتركوا دين إبراهيم، ما حجر تطيفون به لا يسمع، ولا يبصر، ولا ينفع، ولا يضر، يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين، فإنكم و الله ما أنتم على شيء.
قال: فخرجوا عند ذلك يضربون في الأرض، ويسألون عن الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام ؛ فأما ورقة بن نوفل فتنصر وقرأ الكتب حتى علم علما.
وأما عثمان بن الحويرث فسار إلى قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده.
وأما زيد بن عمرو بن نفيل فأراد الخروج فحبس، ثم إنه خرج بعد ذلك فضرب في الأرض حتى بلغ الرقة من أرض الجزيرة، فلقي بها راهبا عالما فأخبره بالذي يطلب، فقال له الراهب: إنك لتطلب دينا ما تجد من يحملك عليه، ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلدك، يبعث بدين الحنيفية، فلما قال له ذلك، رجع يريد مكة فغارت عليه لخم فقتلوه.
وأما عبد الله بن جحش فأقام بمكة حتى بعث النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg، ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة، فلما صار بها تنصر وفارق الإسلام فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيا. تقدم في ترجمة زيد بن عمر بن نفيل له شاهد.
وقد قال الخرائطي: حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح أبو بكر الوراق، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن عبد العزيز، حدثني محمد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن أنس السلمي، عن العباس بن مرداس أنه كان يعر في لقاح له نصف النهار، إذ طلعت عليه نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بياض مثل اللبن.
فقال: يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء قد كفت أحراسها، وأن الحرب تجرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي نزل بالبر والتقوى، يوم الإثنين ليلة الثلاثاء، صاحب الناقة القصوى.
قال: فرجعت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت، حتى جئت وثنا لنا يدعى الضماد وكنا نعبده ونكلم من جوفه، فكنست ما حوله، ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوفه يقول:
قلْ للقبائل من سليم كلها * هلك الضماد وفاز أهلُ المسجد
هلك الضماد وكان يُعبدُ مرة * قبل الصلاة مع النبي محمد
إن الذي ورِث النبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريشٍ مهتد
قال: فخرجت مرعوبا حتى أتيت قومي فقصصت عليهم القصة، وأخبرتهم الخبر، وخرجت في ثلاثمائة من قومي بني حارثة إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg وهو بالمدينة، فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg قال لي:
« يا عباس، كيف كان إسلامك؟ » فقصصت عليه القصة.
قال فسر بذلك، وأسلمت أنا وقومي.
ورواه الحافظ أبو نعيم في (الدلائل) من حديث أبي بكر بن أبي عاصم عن عمرو بن عثمان به.
ثم رواه أيضا من طريق الأصمعي: حدثني الوصافي عن منصور بن المعتمر، عن قبيصة بن عمرو بن إسحاق الخزاعي، عن العباس بن مرداس السلمي قال: أول إسلامي أن مرداسا أبي لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له ضماذ، فجعلته في بيت، وجعلت آتيه كل يوم مرة، فلما ظهر النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg سمعت صوتا مرسلا في جوف الليل راعني، فوثبت إلى ضماد مستغيثا وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:
قل للقبيلة من سليم كلها * هلك الأنيس وعاش أهل المسجد
أودى ضماد وكان يعبد مرة * قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريش مهتد
قال: فكتمته الناس، فلما رجع الناس من الأحزاب، بينا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق راقدا، سمعت صوتا وإذا برجل على جناح نعامة وهو يقول: النور الذي وقع ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار إخوان بني العنقاء، فأجابه هاتف من شماله وهو يقول:
بشر الجن وإبلاسها * إن وضعت المطي أحلاسها
وكلأَتِ السماء أحراسها
قال: فوثبت مذعورا، وعلمت أن محمدا مرسل، فركبت فرسي واحتثثت السير، حتى انتهيت إليه فبايعته ثم انصرفت إلى ضماد فأحرقته بالنار، ثم رجعت إلى رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فأنشدته شعرا أقول فيه:
لعمرك إني يوم أجعل جاهلا * ضمادا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول الله والأوس حوله * أولئك أنصار له ما أولئكا
كتاركِ سهل الأرض والحزن يبتغي * ليسلك في وعثِ الأمور المسالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبدهُ * وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا * أبايع نبي الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطقٍ * من الحق فيه الفصل فيه كذلكا
أمين على القرآن أولُ شافع * وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلافى عرى الإسلام بعد انتقاضها * فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتُك يا خير البرية كلها * توسطتَ في الفرعين والمجد مالكا
وأنتَ المصفى من قريش إذا سمت * على ضمرها تبقى القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك * وجدناك محضا والنساء العواركا
قال الخرائطي: وحدثنا عبد الله بن محمد البلوي بمصر، حدثنا عمارة بن زيد، حدثنا إسحاق بن بشر وسلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، حدثني شيخ من الأنصار يقال له: عبد الله بن محمود من آل محمد بن مسلمة قال:
بلغني أن رجالا من خثعم كانوا يقولون: إن مما دعانا إلى الإسلام أنا كنا قوما نعبد الأوثان، فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا إذ أقبل نفر يتقاضون إليه، يرجون الفرج من عنده لشيء شجر بينهم، إذ هتف بهم هاتف يقول:
يا أيها الناس ذوو الأجسام * من بين أشياخٍ إلى غلام
ما أنتم وطائش الأحلام * ومسند الحُكم إلى الأصنام
أكلكم في حيرةٍ نيام * أم لا تَرون ما الذي أمامي
من ساطع يجلو دُجى الظلام * قد لاح للناظر من تِهَام
ذاك نبي سيد الأنام * قد جاء بعد الكفر بالإسلام
أكرمه الرحمن من إمام * ومن رسولٍ صادق الكلام
أعدل ذي حكم من الأحكام * يأمرُ بالصلاة والصيام
والبر والصلات للأرحام * ويزجرُ الناس عن الآثام
والرجسِ والأوثانِ والحرام * من هاشمٍ في ذروة السنام
مستعلنا في البلد الحرام
قال: فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه، وآتينا النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فأسلمنا.
وقال الخرائطي: حدثنا عبد الله البلوي، حدثنا عمارة، حدثني عبيد الله بن العلاء، حدثنا محمد بن عكبر، عن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له: رافع بن عمير - وكان أهدى الناس للطريق، وأسراهم بليل، وأهجمهم على هول، وكانت العرب تسميه لذلك دعموص العرب، لهدايته وجراوته على السير - فذكر عن بدء إسلامه قال:
إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذ غلبني النوم، فنزلت عن راحلتي ونختها وتوسدت ذراعها ونمت، وقد تعوذت قبل نومي فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن من أن أوذي أو أهاج، فرأيت في منامي رجلا شابا يرصد ناقتي وبيده حربة يريد أن يضعها في نحرها، فانتبهت لذلك فزعا، فنظرت يمينا وشمالا فلم أرَ شيئا فقلت: هذا حلم.
ثم عدت فغفوت فرأيت في منامي مثل رؤياي الأولى، فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أرَ شيئا، وإذا ناقتي ترعد.
ثم غفوت فرأيت مثل ذلك، فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب والتفت فإذا أنا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة، ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها وهو يقول:
يا مالكَ بن مهلهل بن دِثار * مهلا فدىً لك مئزري وإزاري
عن ناقةِ الأنسي لا تعرض لها * واختَرْ بها ما شئت من أثواري
ولقد بدا لي منكَ ما لم أحتسب * ألا رعيتَ قرابتي وذِماري
تسمو إليه بحربةٍ مسمومةٍ * تُبا لفعلك يا أبا الغفار
لولا الحياءُ وأن أهلك جيرة * لعلمت ما كشّفتُ من أخباري
قال: فأجابه الشاب وهو يقول:
أأردتَ أن تعلو وتخفض ذكرنا * في غير مزرية أبا العيزار
ما كان فيهم سيد فيما مضى * إن الخيارَ هُمو بنو الأخيار
فاقصِدْ لقصدك يا معكبرُ إنما * كان المجيرُ مُهلهِلَ بن دثار
قال: فبينما هما يتنازعان إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش، فقال الشيخ للفتى: قم يا ابن أخت فخذ أيها شئت فداءً لناقة جاري الأنسي، فقام الفتى فأخذ منها ثورا وانصرف. ثم التفت إلى الشيخ فقال: يا هذا إذا نزلت واديا من الأودية فخفت هوله فقل: أعوذ بالله رب محمد من هول هذا الوادي، ولا تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها.
قال: فقلت له: ومن محمد هذا؟ قال: نبي عربي، لا شرقي ولا غربي، بعث يوم الإثنين.
قلت: وأين مسكنه؟ قال: يثرب ذات النخل.
قال: فركبت راحلتي حين برق لي الصبح، وجددت السير حتى تقحمت المدينة، فرآني رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg فحدثني بحديث قبل أن أذكر له منه شيئا، ودعاني إلى الإسلام فأسلمت.
قال سعيد بن جبير: وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقا } [1].
وروى الخرائطي من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن داود بن الحسين، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي قال: إذا كنت بوادٍ تخاف السبع فقل: أعوذ بدانيال والجب من شر الأسد.
وروى البلوي عن عمارة بن زيد، عن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن ابن عباس قصة قتال علي الجن بالبئر ذات العلم التي بالجحفة حين بعثه رسول الله ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يستقي لهم الماء، فأرادوا منعه وقطعوا الدلو فنزل إليهم، وهي قصة مطولة منكرة جدا، والله أعلم.
وقال الخرائطي: حدثني أبو الحارث: محمد بن مصعب الدمشقي وغيره، حدثنا سليمان بن بنت شرحبيل الدمشقي، حدثنا عبد القدوس بن الحجاج، حدثنا خالد بن سعيد، عن الشعبي، عن رجل قال:
كنت في مجلس عمر بن الخطاب وعنده جماعة من أصحاب النبي ((  البداية والنهاية  تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير )) - صفحة 15 18px-%D8%B5%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85.svg يتذاكرون فضائل القرآن، فقال بعضهم: خواتيم سورة النحل، وقال بعضهم: سورة يس، وقال علي: فأين أنتم عن فضيلة آية الكرسي أما إنها سبعون كلمة في كل كلمة بركة. قال وفي القوم عمرو بن معدي كرب لا يحير جوابا، فقال: أين أنتم عن بسم الله الرحمن الرحيم؟
فقال عمر: حدثنا يا أبا ثور.
قال: بينا أنا في الجاهلية إذ جهدني الجوع فأقحمت فرسي في البرية، فما أصبت إلا بيض النعام، فبينا أنا أسير إذا أنا بشيخ عربي في خيمة، وإلى جانبه جارية كأنها شمس طالعة ومعه غنيمات له، فقلت له: استأسر ثكلتك أمك، فرفع رأسه إلي وقال: يا فتى إن أردت قرى فانزل، وإن أردت معونة أعنَّاك؟
فقلت له: أستأسر.
فقال:
عرضنا عليك النّزْل منا تكرما * فلم ترعوي جهلا كفعل الأشائم
وجئتَ ببهتان وزور ودون ما * تمنّيتهُ بالبيض حزُّ الغلاصم
قال: ووثب إلي وثبة وهو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فكأني مثلت تحته. ثم قال: أقتلك أم أخلي عنك؟ قلت: بل خلِّ عني. قال: فخلى عني. ثم إن نفسي جاذبتني بالمعاودة فقلت: استأسر ثكلتك أمك، فقال:
ببسم الله والرحمن فُزْنا * هنالك والرحيمُ به قَهَرنا
وما تغني جلادة ذي حفاظٍ * إذا يوما لمعركة برزنا
ثم وثب لي وثبة كأني مثلت تحته. فقال: أقتلك أم أخلي عنك؟ قال: قلت بل خل عني، فخلى عني فانطلقت غير بعيد. ثم قلت في نفسي: يا عمرو أيقهرك هذا الشيخ، والله للموت خير لك من الحياة، فرجعت إليه فقلت له: استأسر ثكلتك أمك، فوثب إلي وثبة وهو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم فكأني مثلت تحته.
فقال: أقتلك أم أخلي عنك؟ قلت: بل خل عني. فقال: هيهات، يا جارية إئتني بالمدية، فأتته بالمدية فجزَّ ناصيتي. وكانت العرب إذا ظفرت برجل فجزت ناصيته استعبدته، فكنت معه أخدمه مدة.
ثم إنه قال: يا عمرو أريد أن تركب معي البرية، وليس بي منك وجل، فإني ببسم الله الرحمن الرحيم لواثق.
قال: فسرنا حتى أتينا واديا أشبا مهولا مغولا، فنادى بأعلى صوته: بسم الله الرحمن الرحيم، فلم يبق طير في وكره إلا طار. ثم أعاد القول فلم يبق سبع في مربضه إلا هرب. ثم أعاد الصوت فإذا نحن بحبشي قد خرج علينا من الوادي كالنخلة السحوق.
فقال لي: ياعمرو إذ رأيتنا قد اتحدنا فقل غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم.
قال: فلما رأيتهما قد اتحدا قلت: غلبه صاحبي باللات والعزى فلم يصنع الشيخ شيئا، فرجع إلي وقال: قد علمت أنك قد خالفت قولي
قلت: أجل ولست بعائد، فقال: إذا رأيتنا قد اتحدنا فقل غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم، فقلت: أجل. فلما رأيتهما قد اتحدا قلت: غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم، فاتكأ عليه الشيخ، فبعجه بسيفه فاشتق بطنه فاستخرج منه شيئا كهيئة القنديل الأسود. ثم قال: يا عمرو هذا غشه وغله. ثم قال: أتدري من تلك الجارية؟ قلت: لا.
قال: تلك الفارعة بنت السليل الجرهمي من خيار الجن، وهؤلاء أهلها بنو عمها يغزونني منهم كل عام رجل ينصرني الله عليه ببسم الله الرحمن الرحيم.
ثم قال: قد رأيت ما كان مني إلى الحبشي، وقد غلب علي الجوع فائتني بشيء آكله، فأقحمت بفرسي البرية، فما أصبت الأبيض النعام، فأتيته به فوجدته نائما، وإذا تحت رأسه شيء كهيئة الحشبة، فاستللته فإذا هو سيف عرضه شبر في سبعة أشبار، فضربت ساقيه ضربة أبنت الساقين مع القدمين، فاستوى على قفا ظهره وهو يقول: قاتلك الله ما أغدرك يا غدار.
قال عمر: ثم ماذا صنعت؟ قلت: فلم أزل أضربه بسيفي حتى قطعته إربا إربا. قال: فوجم لذلك ثم أنشأ يقول:
بالغدر نلت أخا الإسلام عن كثب * ما إن سمعت كذا في سالف العرب
والعجم تأنف مما جئته كرما * تبا لما جئته في السيد الأرب
إني لأعجب أني نلت قتلته * أم كيف جازاك عند الذنب لم تنب
قرم عفا عنك مرات وقد علقت * بالجسم منك يداه موضع العطب
لو كنت آخذٍ في الإسلام ما فعلوا * في الجاهلية أهل الشرك والصلب
إذا لنالتك من عدلي مشطبة * تدعو لذائقها بالويل والحرب
قال: ثم ما كان من حال الجارية قلت: ثم إني أتيت الجارية فلما رأتني قالت: ما فعل الشيخ؟ قلت: قتله الحبشي. فقالت: كذبت بل قتلته أنت بغدرك، ثم أنشأت تقول:
يا عين جودي للفارس المغوار * ثم جودي بواكفات غزار
لا تملي البكاء إذ خانك الدهر * بواف حقيقة صبار
وتقي وذي وقار وحلم * وعديل الفخار يوم الفخار
لهف نفسي على بقائك عمرو * أسلمتك الأعمار للأقدار
ولعمري لو لم ترمه بغدر * رمت ليثا كصارم بتار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
(( البداية والنهاية تأليف إسماعيل بن عمر بن كثير ))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 15 من اصل 19انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1 ... 9 ... 14, 15, 16, 17, 18, 19  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
»  البداية والنهاية **
» كتاب: البداية والنهاية
»  تفسير ابن كثير
» (( قصص الأنبياء )) ابن كثير
» قصة ألف ليلة وليلة... من البداية الى نهاية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى الركن الاســـــــلامي-
انتقل الى: