(( هذا الحب .. حيرنى .. ))

دائما أشعر بأن هناك حلقة ناقصة فى قصة الصوفية فكيف يتعارض حب الله مع حب البشر؟!

كان رسولنا الكريم يحب السيدة خديجة حبا عظيما ثم بعد وفاتها أحب السيدة عائشة أكثر من كل زوجاته حينها ، وهو النبى الخاتم المتصل بربه دائما لتبليغ رسالته الأخيرة للعالمين ، ولو كان حب الله مغنيه عن حب النساء لما تزوج أو أحب امرأة قط .

فهل يفسر لنا علماؤنا الأجلاء سر ومعنى الحب الإلهى الذى يحدثوننا عنه ويصفونه بأنه يغنى المحب الواله فى حب الله عن حب أى احد سواه !!

إن الدين لم يكن أبدا مصدرا لحيرة العباد بل هو مصدر طمأنتهم ، لكن الحيرة لم تظهر سوى بعد أن فسر بعض علماء الصوفية آيات القرآن بإشارات وحقائق تصل بها إلى أبعد من معانيها التى يفهمها العامة ، وقالوا أن للقرآن لغة لا تنفتح سوى لقلة قليلة عندما يأذن الله لهم

أليس من يطبق شريعة الله فيؤدى فرائض دينه ويجتنب كبائر ما أنهى عنه يكون قد حظى بحب الله ؟!

أم أن الحب الإلهى بين العبد وربه يجب أن يمر بتلك المراحل التى حددها بعض الصوفية مثل المكاشفة والقرب ثم التوحد فى الذات الإلهية ؟!

لقد قرأت كثيرا فى الصوفية وقرأت قصص حياة أقطابها أمثال إبن عربى والرومى والبسطامى وإبن عطاء الله السكندرى وشمس التبريزى ، لكنى لم أفهم الكثير رغم محاولاتى، الغريب أننى علمت أن كثيرون منهم أتهمهم أهل زمانهم بالكفر وتم إعدامهم ، لكن بقيت كتبهم حتى الأن ويتضاعف أقبال الناس عليها بمرور الوقت .

عندما لم أفهم أو لم أدرك بتعبير الصوفية ، تركت الأمر كله ، لكنه عاد يلح على عقلى وقلبى ويراودنى مرة أخرى للبحث فيه ، ماهو ؟ وكيف يكون هذا الحب القدسى الرائع ؟

وكيف يغنينا عن الحب البشرى ؟ وهل إذا دخل حب الله إلى قلوبنا خرجت كل الدنيا منه وصار الأنسان درويشا لا يحب مخالطة الناس ؟

وإن كان كذلك فهل كان هناك حب لله أكبر من حب الله لرسولنا محمد عليه الصلاة والسلام ؟

ومع ذلك فرسولنا الكريم لم يعتزل الدنيا ، بل كان رجلا طيبا محبا للناس والحياة وقائدا عسكريا عظيما واقتصادي بارع ، فضلا عن كونه زوج حنون وأب عطوف وجد جميل يحمل أحفاده فوق ظهره عند الصلاة