((( رواد أضاءوا الحياة في مصر ))

[القوة الناعمة في مصر‏,‏ غنية بشخصيتها‏,‏ هائلة في رصيدها‏,‏ شامخة في تنوعها‏,‏ عظيمة في قاماتها‏,‏ مرصعة بإنجازاتها‏,‏ صاحبة الرأي والصوت المدوي في المنطقة وهي المحركة للتغيرات والأحداث التاريخية‏,‏ جاءوا من طبقات المجتمع الذي نال نصيبا وافيا من التعليم في مصر وخارجها‏..‏ قائمة طويلة وعريضة من الرواد لا ينقطع تواصلها الثقافي والفني والأدبي والشعري والعلمي والقانوني والديني والسياسي والرياضي‏.‏

تركوا بصمات علمت في أوراق التاريخ, هي قائمة تتمتع بزخم إنساني رفيع, يأتون جيلا وراء جيل يعبرون جسر التواصل والتفاعل, سيرتهم سبقت أزمانهم.. وظلت عبر السنين عطرة.. وستظل.

ونحن نؤكد أن هناك المئات من الرواد في كل تخصص ومجال تركوا رصيدا هائلا من الإنجازات.. يصعب أن تستوعبها صفحات الجريدة.. ولا تحسبن الذين جاء ذكرهم هم فقط كل الرواد.. فالقائمة تتمتع بزخم من الشخصيات العظيمة.. وصدق من قال: مصر ولادة..

.بنت الشاطئ

واسمها( عائشة عبد الرحمن), من محافظة دمياط, صاحبة الريادة في الدراسات الإسلامية, من أحد كبار كتاب الأهرام, وإنضمت إلي الفصيل الثقافي, حصلت علي الليسانس والماجستير والدكتوراه, وفي السلك الجامعي كانت أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة عين شمس, رصيد المقالات والنصوص والمؤلفات في العلوم الإسلامية نشرت كلها علي صفحات الأهرام ومن أشهر مؤلفاتها تراجم ز س, غادرت عالمنا عام1998 عن عمر يناهز الـ85 عاما.

ويأتي أحد أهم رواد الثقافة العربية
أحمد أمين.

صاحب سجل حافل بالنشاط, حيث بدأ مسيرته التعليمية بالأزهر, وانتهي بجامعة القاهرة عندما عرض عليه د. طه حسين عميد الأدب العربي ــ وقتئذ ــ أن ينتقل للتدريس بكلية الآداب.. وتدرج في سلك أعضاء هيئة التدريس حتي بلغ العمادة, ثم استقال لخلاف مع وزير المعارف, لأنه تصرف في الكلية دون علمه, وأنصرف إلي التأليف والترجمة والنشر, وأصدر مجلتي الثقافة والرسالة وكان شغوفا بالثقافة والفكر, عضو المجمع اللغوي( مجمع الخالدين), وضع ثلاثية فجر الإسلام سنة1928, وفارق الحياة عن عمر68 عاما.

ويأتي خالد محمد خالد..

ويمضي علي نفس الدرب وعلي نفس النهج يبرز الكاتب والمفكر الإسلامي.. وقد حصل علي العالمية من كلية الشريعة جامعة الأزهر, وإجازة التدريس, أثري المكتبة الإسلامية بـ29 مؤلفا أبرزها محمد والمسيحس ز س ز س ز محمد, والدين للشعب, وهذا أو الطوفان. كل همومه كرسها بقضايا الحرية والديمقراطية, أغلب الصحف كانت تنتظر مقالاته السياسية والدينية في الأهرام والشرق الأوسط والوفد والمسلمون ومجلة المصور.

الساسة والسياسة
مساحة كبيرة من أسماء الرواد. شغلت ريادتهم بوتقة السياسة, فقد كان المناخ محفزا علي بلوغ أوج مراتب الحماس والوطنية, والمحتل البريطاني يرتع في ملاهي عماد الدين الليلية, وثكناته تطل علي نيل قصر النيل, وعلي ضفاف القناة, وتسكن فيالقه الصحراء الشرقية,

وظهر الزعيم سعد زغلول.

الذي ارتبط اسمه ونضاله بثورة1919, كفله خاله مع أمه بعد وفاة أبيه, ولم يبلغ من العمر5 سنوات, نزح من الغربية, ونبغ بعد حصوله علي الليسانس من مدرسة الحقوق, ومن الرعيل الأول الذي اشتغل بالمحاماة. سنة1884, وسعي لتشكيل حزب سياسي لنيل استقلال مصر, وظهر حزب الوفد. وبعد سنة من عمر الحزب قام بثورة التحرير وكانت1919, اشتغل مستشارا بمحكمة الاستئناف العليا, فوزيرا للمعارف والعدل, ونظم أول ستفتاء عام1919 وحصل علي توكيلات المصريين بطرد الاستعمار. ودفع ثمن ذلك النفي إلي جزيرة مالطة مع ثلاثة من رفقائه, مما أدي إلي انفجار الثورة في ملحمة وطنية جمعت كل أطياف الأمة, وخضعت إنجلترا لطلباته, وشكلت لجنة باسمه للسفر إلي إنجلترا للتفاوض, وفشلت المهمة لاعتقاله مرة أخري ونفيه إلي جزيرة سيشل ولأسباب صحية تم نقله إلي معتقل جبل طارق ثم أفرج عنه, وبعد خمس سنوات من ثورة1919 ألف أول وزارة شعبية ورأس مجلس النواب بعد سنة, ثم مجلس النواب الائتلافي بعد سنة ثانية, ويحسب له إنه صاحب شعار الدين لله والوطن للجميع وانتقل إلي رحاب الله عن عمر يناهز70 عاما.

وجاء الزعيم أحمد عرابي

ولكن قبل سعد زغلول, التحق بالأزهر قادما من الشرقية, التحق بالأزهر وحفظ القرآن, وحقق طموحه بالالتحاق بالجيش وتدرج في صفوفه حتي حصل علي رتبة عميد وناظر الجهادية( التجنيد) سنة1882, وثار في وجه الخديو, ونظم ثورته والتي عرفت باسمه, وتم نفيه إلي جزيرة سيلان( سريلانكا الآن), وأسس هناك مدرسة إسلامية وأخري ثانوية, واهتم بتعليم أهل الجزيرة, ولد في ربيع1841, ومات في خريف.1911


وتدفع الأقدار بالوطني الغيور فخري عبد النور

قادما من جرجا ليصبح من أوائل الرواد الذين كانت السياسة همومهم, ولد في صيف1891, لأسرة مصرية عريقة والده اشترك في الحملة العسكرية لتثبيت حقوق مصر في المديريات الاستوائية, وجده اقلاديوس حنين, مساعد حاكم الإقليم. انضم إلي حركة سعد الوطنية, وعندما أصدر المحتل أوامره بإعدام بعض زملاء الكفاح والاستقلال, أصدر( فخري عبد النور وزملاؤه المصري السعدني, وحسين القصبي, والغرابلي, والقباني, وميخائيل) بيانا علي الأمة يرفضون هذا القرار, وخوفا من ثورة شعبية صدر العفو عنهم, واعتقل فخري بعد ذلك, وسجن بالقلعة, وكان عضوا بمجلس النواب, وتوفي عن عمر51 عاما.
وجاء صاحب المثل العليا, والقول الشهير لا معني للحياة مع اليأس.. ولا معني لليأس مع الحياة.. إنه

الزعيم مصطفي كامل

, ولد من أب ضابط مهندس اعتني بتعليمه, وسلك طريق المحاماة, ولكن من باريس ولم يبلغ بعد العشرين ربيعا, حصل علي الليسانس من جامعة تولوز, وعاد إلي مصر خطيبا مفوها وأسس جريدة اللواء, وصدرت بثلاث لغات, وأسس الحزب الوطني, وسبق سعد زغلول في دعوته للحرية, ولكن القدر لم يمهله, ومات وعمره34 ربيعا.

ولا يقل محمد فريد

حماسا وثورة عن رفيق الدرب مصطفي كامل, فسلك نفس طريق سلفه مصطفي كامل للزعيم سعد زغلول, من مدرسة الحقوق إلي محكمة الاستئناف, ثم المحاماة, وخلف مصطفي كامل في رئاسة الحزب الوطني1908, وفرض عليه المحتل مغادرة البلاد, فذهب إلي الأستانة, وجعلها مركزا له وتنقل بين دول أوروبا, حيث فارق الحياة في برلين, وقبل ثورة1919, وكان عمره51 عاما ودفن في مصر.

ويأتي سلامة موسي

الذي تأثر بفكر ثلاثة فلاسفة يمثلون ثلاث مدارس مختلفة عالميا وهم المفكر الفرنسي فولتير مفجر الثورة الفرنسية, وثانيهما جورج بيرناردشو عندما سافر إلي إنجلترا, وجذبه فكر الفيلسوف الروسي تولستوي الذي كان ينادي بأن الشعب هو صاحب الكلمة العليا, وكل شئ يقاس بمدي تقييم الشعب له.. عاش71 عاما, بعد حصوله علي البكالوريا من مدرسة التوفيقية سافر إلي فرنسا لتعلم اللغات.


أمير الشعراء

نحن عندما نقدم نبذات عن هؤلاء العظماء, فإننا نحاول أن نقدم لهذا الجيل باقة من زهور مصر.. كيف بدأوا وتعلموا وقدموا لمصر من مجيد الأعمال, ونحن نقدم شاعرا مصريا حصل علي لقب أمير الشعراء, ولم ينله أحد من بعده, هو أحمد شوقي جاء في الزمن الجميل الذي كان فيه العامة يتذوقون الشعر وأوزانه, وكان جذابا لقراء الصحف والعامة ويتصدر الصفحات الأولي, وحصل أمير الشعراء علي هذا اللقب بعد مبايعة من الشعراء المصريين والعرب, هو صاحب مدرسة البناء المسرحي, وله السبق في مسرحياته الشعرية والوطنية والدينية, من أشهر مسرحياته مصرع كليوباترا وقمبيز ومجنون ليلي وأميرة الأندلس والبخيلة, التحولات السياسية التي صاحبت رحلته منذ ولادته(1868), وحتي وفاته1932, دفعته إلي تجديد لغة الشعر والدعوة للحرية.
شاعر النيل حافظ ابراهيم, مدح أحمد شوقي قائلا( إنه أرقكم طبعا وأجملكم صنعا) وعندما توفي حافظ إبراهيم نعاه أمير الشعراء قائلا كنت أؤثر أن تقول رثائي يا منصف الموتي من الأحياء.
وفي الإسكندرية التي شاركت العاصمة في الدفع بعظماء القرن, ظهر
شاعر العامية بيرم التونسي
أحد الرواد, الذين أنجبتهم الإسكندرية(1893), صادف نجاحا شعبيا في شعر العامية, وجاء بعد عظماء الشعر وأوزانه( شوقي وحافظ), استهوته الصحافة, أصدر جريدة المسلة التي صادرتها الحكومة, ونسج قصصا زجلية وأغنيات ناقدة للقصر. أبان عهد الملك فؤاد, والد آخر ملوك مصر فاروق الأول, تم نفيه ولكنه تم العفو عنه, وعاد وكله حماس, ونسج قصصا زجلية وأوبريتات مع

الفنان سيد درويش

, شده الحنين مرة أخري إلي الصحافة فأصدر جريدة الخازوق.. وصودر العدد الأول, وتم نفيه إلي باريس, لم يطق العيش والفاقة والعوز, تسلل إلي مصر, وأقام بها حتي وافته المنية, عن عمر يناهز68 عاما.
ويعقبه شباب رواد الشعر الحديث
صلاح عبد الصبور,
سلك الدرب التقليدي لكبار الشعراء من خلال كلية الآداب جامعة القاهرة, وساهم في التأليف المسرحي.. ولكنه تأثر بأفكار أعلام الصوفية( الحلاج, بشر, الحافي) كقناع لمسرحياته, وكانت أول مجموعة شعرية ديوان( الناس في بلادي), وكان عمره26 ربيعا, وأصدر العديد من المسرحيات, وكان آخرها( بعد أن يموت الملك), ومات ملك الشعر الحديث عن50 عاما.
وإذا كان عبد الصبور من رواد الشعر الحديث, فإن
فؤاد حداد
شاعر العامية وساعدته ثقافته الفرنسية في مدرسة الفرير, لأنه كان من سكان حي الظاهر, واكتسب مهارة فلاسفة الزمان أمثال الشاعر أراجون, وربما عذاب السنوات بالمعتقلات في المرتين التي اعتقل فيهما لمدة سنتين, ولمدة خمس سنوات, صنع منه شاعرا رائدا وصاغ شعرا صبغت الوطنية كلماته, وصنعت منه خطيبا يلهب الحماس
القوة الناعمة في مصر‏,‏ غنية بشخصيتها‏,‏ هائلة في رصيدها‏,‏ شامخة في تنوعها‏,‏ عظيمة في قاماتها‏,‏ مرصعة بإنجازاتها‏,‏ صاحبة الرأي والصوت المدوي في المنطقة وهي المحركة للتغيرات والأحداث التاريخية‏,‏ جاءوا من طبقات المجتمع الذي نال نصيبا وافيا من التعليم في مصر وخارجها‏..‏ قائمة طويلة وعريضة من الرواد لا ينقطع تواصلها الثقافي والفني والأدبي والشعري والعلمي والقانوني والديني والسياسي والرياضي‏.‏

تركوا بصمات علمت في أوراق التاريخ, هي قائمة تتمتع بزخم إنساني رفيع, يأتون جيلا وراء جيل يعبرون جسر التواصل والتفاعل, سيرتهم سبقت أزمانهم.. وظلت عبر السنين عطرة.. وستظل.

و نؤكد أن هناك المئات من الرواد في كل تخصص ومجال تركوا رصيدا هائلا من الإنجازات.. يصعب أن تستوعبها صفحات وصفحات.. ولا تحسبن الذين جاء ذكرهم هم فقط كل الرواد.. فالقائمة تتمتع بزخم من الشخصيات العظيمة.. وصدق من قال: مصر ولادة...