إقالة شيخ الأزهر

إقالة شيخ الأزهر

ما هو دور جماعة الإخوان فى الاضطرابات الطلابية التى سادت الأزهر، أمس الأول، والتى اقتحمت لأول مرة مشيخة الأزهر بعد أن عرّضت باسم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب؟

إن حالة التسمم التى أصيبت بها أعداد غفيرة من الطلبة هى، بلا شك، مدعاة لتذمر طلبة الأزهر ولغضبهم، لكن ما حدث أمس الأول اتخذ أبعاداً أخرى تتخطى المظاهرات المعبرة عن غضب الطلبة، فقد بدا واضحاً مع تزايد أعداد المتظاهرين أن بعض من شاركوا فى التظاهرات وفى الهتاف ضد شيخ الأزهر بشكل شخصى لم يكونوا جميعاً من طلبة الأزهر، كما ثبت أن أياً من شباب الثورة لم يشارك فى المظاهرات، بل على العكس فقد صدرت عن عدد منهم تصريحات تتهم الإخوان باستغلال معاناة الطلبة لتقليبهم على شيخ الأزهر، ثم تبرع الإخوان، بذكائهم السياسى المعهود، فأكدوا التهمة الموجهة لهم بأن طالبوا بإقالة «قيادات الأزهر الفاسدة».

والحقيقة أن العلاقات كانت دائماً متوترة بين الأزهر الشريف، الذى هو قبلة الإسلام السنى فى العالم ومركز الوسطية الإسلامية، وجماعة الإخوان الساعية دوماً لفرض هيمنتها باسم الإسلام، وقد وجدنا الأزهر فى بداية الحديث عن كتابة الدستور يبادر بإصدار وثيقته التاريخية حول الحريات الأربع الأساسية التى يجب ألا تغيب عن الدستور، ثم تردد طوال جلسات الجمعية التأسيسية للدستور أن ممثلى الأزهر غير مرتاحين للاتجاه الذى ساد الجمعية، والساعى إلى سيطرة الإخوان على كتابة الدستور بما يخدم مصالحهم الحزبية الضيقة.

وقد تفجّر الخلاف بين الأزهر الشريف وجماعة الإخوان أخيراً ووصل إلى ذروة جديدة بقضية ما يسمى «الصكوك الإسلامية» التى يحاول الإخوان فرضها ضد رغبة الغالبية العظمى من الخبراء ورجال الاقتصاد، والتى يرى الأزهر أن إلحاق صفة الإسلام بها هو استغلال للدين فى غير موضعه.

وليس خافياً أن الإخوان يسعون، منذ فترة، لفرض سيطرتهم على الأزهر الشريف، وأن استقلالية شيخه الجليل، الدكتور أحمد الطيب، وتفتحه الذهنى لا يلقيان قبولاً من الجماعة ولا حلفائها من السلفيين، وقد تردد كثيراً الحديث عن رغبة الإخوان فى أن يعينوا مكانه أحد الشيوخ المقربين من دولة خليجية تربطها بهم علاقات خاصة، وأنهم ينظرون لذلك باعتباره وسيلة لكسب ود هذه الدولة واستمرار تدفق أموالها على خزينة الجماعة.

وفى الوقت الذى اتهمت فيه حركة «شباب الثورة» ـ فى بيان لها ـ الإخوان بتدبير هذه الواقعة، أعاد البعض على الإنترنت تصريحات القيادى السلفى ياسر برهامى التى قال فيها: «لقد اضطررنا للموافقة على تحصين شيخ الأزهر فى الدستور ضد الإقالة حتى لا ينسحب الأزهر من الجمعية التأسيسية»، مضيفاً: «ممكن بعد الدستور نخترع أى شىء لإقالته»!!