موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
عزيزي هنا مملكة أبو ريوف للابداع

يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركه والمشاهده لاقسام الموقع والبث المباشر المدير العام أبو ريوف

المشرفون : محمد منسي - ملكة الحب
لكم منا أجمل تحيه


M E T O
موقع ومنتدبات ابو ريوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع ومنتدبات ابو ريوف

كل مساهمه في هذا المنتدى بشكل أو بآخر هي تعبر في الواقع عن رأي صاحبها
 
الرئيسيةبوابة METOأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا باصدقاء أبو ريوف بعد غياب اربع سنين اعود لمنتداكم الجميل لطالما علمت بأني هنا معكم استنشق عطراً يفوح من اقلامكم لكم مني كل الحب والتقدير أخوكم الصغير أبو ريوف

توقيت الرياض
المواضيع الأخيرة
» الإعلام بحدود قواعد الإسلام
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالأحد 23 أغسطس 2020 - 16:00 من طرف ملكة الحب

»  خلافة سيدنا الحسن
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:28 من طرف ملكة الحب

» جعدة بنت الأشعث
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 15 أغسطس 2020 - 14:11 من طرف ملكة الحب

» رانـــــــــدا
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 31 مارس 2020 - 18:06 من طرف ملكة الحب

» فضل لا إله إلا الله
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 6 مارس 2020 - 10:39 من طرف ملكة الحب

» أهل الهـــــوي
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 28 فبراير 2020 - 21:36 من طرف ملكة الحب

» "الحب في بئر الشك" : ملكة الحب
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 15 فبراير 2020 - 8:11 من طرف ملكة الحب

» القلـــــــــب
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 31 يناير 2020 - 17:09 من طرف ملكة الحب

» النادي الأهلــــــي
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 30 يناير 2020 - 16:31 من طرف ملكة الحب

» أرزاق
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 28 يناير 2020 - 12:51 من طرف ملكة الحب

» الإراده
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:22 من طرف ملكة الحب

» مؤامـــــــره
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالأحد 26 يناير 2020 - 13:20 من طرف ملكة الحب

» الخـــــــــوف
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 24 يناير 2020 - 15:45 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــا بــــــرد
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:55 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» فصـــــــــول
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:43 من طرف ملكة الحب

» معـــــانـــــــاه
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 23 يناير 2020 - 8:41 من طرف ملكة الحب

» النهــــــايــه
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيــــــــا
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالإثنين 20 يناير 2020 - 12:15 من طرف ملكة الحب

» مجنونــــــه
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:20 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــا
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 18 يناير 2020 - 7:17 من طرف ملكة الحب

» القــطـــار
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:28 من طرف ملكة الحب

» مجنـــونـــه
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:23 من طرف ملكة الحب

» الدنيـــــا
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 11:20 من طرف ملكة الحب

» القلب الغاشــــــق
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:19 من طرف ملكة الحب

» الدنيا بخيــــــر
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 14 يناير 2020 - 8:16 من طرف ملكة الحب

» راعيني أراعيـــــك
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:36 من طرف ملكة الحب

» قاسيه جدا
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالثلاثاء 7 يناير 2020 - 14:33 من طرف ملكة الحب

» مــجرد إهمـــال
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالخميس 2 يناير 2020 - 13:59 من طرف ملكة الحب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد منسى - 20175
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
ملكة الحب - 1258
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
ابو ريوف METO - 324
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
جلالة الملكه - 180
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
باكى - 67
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
الحربي - 36
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
صلاح اليب2 - 35
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
زهرالورد - 30
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
رشيد سويدة - 29
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 
اكينو ملوال - 29
الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_rcapالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Voting_barالكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Vote_lcap 

 

 الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:17


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القديم فلا أول لوجوده الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده الملك حقا فلا تدرك العقول حقيقة كنهه القادر فكل ما في العالم من أثر قدرته المقدس فلا تقرب الحوادث حماه المنزه عن التغيير فلا ينجو منه سواه مصرف الخلائق بين رفع وخفض وبسط وقبض وإبرام ونقض وإماتة وإحياء وإيجاد وإفناء وإسعاد وإضلال وإعزاز وإذلال يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير مبيد القرون السالفة والأمم الخالفة لم يمنعهم منه ما اتخذوه معقلا وحرزا فـ
- هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) ، بتقديره النفع والضر ( له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين أحمده على ما أولى من نعمه وأجذل للناس من قسمه وأصلي على رسوله محمد سيد العرب والعجم المبعوث إلى جميع الأمم وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى ومصابيح الظلم صلى الله عليه وعليهم وسلم

أما بعد فإني لم أزل محبا لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها مؤثرا للاطلاع على الجلي من حوادثها وخافيها ، مائلا إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها ، فلما تأملتها رأيتها متباينة في تحصيل الغرض يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل [ ص: 6 ] إلى العرض ، فمن بين مطول قد استقصى الطرق والروايات ، ومختصر قد أخل بكثير مما هو آت ، ومع ذلك فقد ترك كلهم العظيم من الحادثات والمشهور من الكائنات ، وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى ، وترك تسطيرها أحرى ، كقولهم خلع فلان الذمي صاحب العيار وزاد رطلا في الأسعار ، وأكرم فلان وأهين فلان ، وقد أرخ كل منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيل عليه وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه .

والشرقي منهم قد أخل بذكر أخبار الغرب ، والغربي قد أهمل أحوال الشرق ؛ فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخا متصلا إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددة مع ما فيها من الإخلال والإملال .

فلما رأيت الأمر كذلك شرعت في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما ، ليكون تذكرة لي أراجعه خوف النسيان ، وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أول الزمان ، متتابعة يتلو بعضها بعضا إلى وقتنا هذا .

ولا أقول إني أتيت على جميع الحوادث المتعلقة بالتاريخ ، فإن من هو بالموصل لا بد أن يشذ عنه ما هو بأقصى الشرق والغرب ولكن أقول إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد ومن تأمله علم صحة ذلك .

فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه والمرجوع عند الاختلاف إليه ، فأخذت ما فيه من جميع [ ص: 7 ] تراجمه لم أخل بترجمة واحدة منها وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد كل رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه فقصدت أتم الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها وأودعت كل شيء مكانه فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقا واحدا على ما تراه .

فلما فرغت منه وأخذت غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه ووضعت كل شيء منها موضعه إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئا إلا ما فيه زيادة بيان أو اسم إنسان أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله ، وإنما اعتمدت عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقا الجامع علما وصحة اعتقاد وصدقا .

على أني لم أنقل إلا من التواريخ المذكورة والكتب المشهورة ممن يعلم بصدقهم فيما نقلوه وصحة ما دونوه ، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي ولا كمن يجمع الحصبا واللآلي .

ورأيتهم أيضا يذكرون الحادثة الواحدة في سنين ويذكرون منها في كل شهر أشياء فتأتي الحادثة مقطعة لا يحصل منها على غرض ولا تفهم إلا بعد إمعان النظر ، فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد وذكرت كل شيء منها في أي شهر أو سنة كانت فأتت متناسقة متتابعة قد أخذ بعضها برقاب بعض .

وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها فأما الحوادث [ ص: 8 ] الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة فأقول : ذكر عدة حوادث وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطرا من البلاد ولم تطل أيامه فإني أذكر جميع حاله من أوله إلى آخره عند ابتداء أمره لأن إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به .

وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة في الخط المختلفة في اللفظ الواردة فيه بالحروف ضبطا يزيل الإشكال ويغني عن الإنقاط والأشكال .

فلما جمعت أكثره أعرضت عنه مدة طويلة لحوادث تجددت وقواطع توالت وتعددت ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت .

ثم إن نفرا من إخواني وذوي المعارف والفضائل من خلاني ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري وأعدهم من أماثل مجالسي وسماري رغبوا إلي في أن يسمعوه مني ليرووه عني فاعتذرت بالإعراض عنه وعدم الفراغ منه ، فإنني لم أعاود مطالعة مسودته ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو ولا أسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو ، وطالت المراجعة مدة وهم للطلب ملازمون وعن الإعراض معرضون وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه وإثبات ما تمس الحاجة إليه وحذف ما لا بد من اطراحه والعزم على إتمامه فاتر والعجز ظاهر للاشتغال بما لا بد منه لعدم المعين والمظاهر ولهموم توالت ونوائب تتابعت فأنا ملازم الإهمال والتواني ، فلا أقول : إني لأسير إليه سير الشواني .

فبينما الأمر كذلك إذ برز أمر من طاعته فرض واجب واتباع أمره حكم لازب ، من [ ص: 9 ] أعلاق الفضل بإقباله عليها نافقة وأرواح الجهل بإعراضه عنها نافقةمن أحيا المكارم وكانت أمواتا وأعادها خلقا جديدا بعد أن كانت رفاتا من عم رعيته عدله ونواله وشملهم إحسانه وإفضاله ، مولانا مالك الملك الرحيم العالم المؤيد المنصور المظفر بدر الدين ركن الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين خلد الله دولته .

فحينئذ ألقيت عني جلباب المهل وأبطلت رداء الكسل وألقيت الدواة وأصلحت القلم وقلت : هذا أوان الشد فاشتدي زيم وجعلت الفراغ أهم مطلب وإذا أراد الله أمرايأ له السبب وشرعت في إتمامه مسابقا ، ومن العجب أن السكيت يروم أن يجيء سابقا ونصبت نفسي غرضا للسهام وجعلتها مظنة لأقوال اللوام لأن المآخذ إذا كانت تتطرق إلى التصنيف المهذب والاستدراكات تتعلق بالمجموع المرتب الذي تكررت مطالعته وتنقيحه وأجيد تأليفه وتصحيحه فهي بغيره أولى وبه أحرى على أني مقر بالتقصير فلا أقول إن الغلط سهو جرى به القلم ، بل أعترف بأن ما أجهل أكثر مما أعلم .

وقد سميته اسما يناسب معناه وهو : الكامل في التاريخ ولقد رأيت جماعة ممن يدعي المعرفة والدراية ويظن بنفسه التبحر في العلم والرواية يحتقر التواريخ ويزديها ويعرض عنها ويلغيها ظنا منه أن غاية فائدتها إنما هو القصص والأخبار ، ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللب نظره ، وأصبح مخشلبا جوهره ، ومن رزقه الله طبعا سليما وهداه صراطا مستقيما علم أن فوائدها كثيرة ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة ، وها نحن نذكر شيئا مما ظهر لنا فيها ونكل إلى قريحة الناظر فيه معرفة باقيها .

فأما فوائدها الدنيوية فمنها : أن الإنسان لا يخفى أنه يحب البقاء ويؤثر أن يكون [ ص: 10 ] في زمرة الأحياء فيا ليت شعري ! أي فرق بين ما رآه أمس أو سه وبين ما قرأه في الكتب المتضمنة أخبار الماضين وحوادث المتقدمين ؟ فإذا طالعها فكأنه عاصرهم ، وإذا علمها فكأنه حاضرهم .

ومنها : أن الملوك ومن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ورآها مدونة في الكتب يتناقلها الناس فيرويها خلف عن سلف ، ونظروا إل ما أعقبت من سوء الذكر وقبيح الأحدوثة وخراب البلاد وهلاك العباد وذهاب الأموال وفساد الأحوال استقبحوها وأعرضوا عنها واطرحوها . وإذا رأوا سيرة الولاة العادلين وحسنها وما يتبعهم من الذكر الجميل بعد ذهابهم ، وأن بلادهم وممالكهم عمرت وأموالهم درت استحسنوا ذلك ورغبوا فيه وثابروا عليه وتركوا ما ينافيه هذا سوى ما يحصل لهم من معرفة الآراء الصائبة التي دفعوا بها مضرات الأعداء وخلصوا بها من المهالك واستصانوا نفائس المدن وعظيم الممالك ولو لم يكن فيها غير هذا لكفى به فخرا .

ومنها ما يحصل للإنسان من التجارب والمعرفة بالحوادث وما تصير إليه عواقبها ، فإنه لا يحدث أمر إلا قد تقدم هو أو نظيره فيزداد بذلك عقلا ويصبح لأن يقتدى به أهلا ، ولقد أحسن القائل حيث يقول شعرا :



رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع فلا ينفع مسموع
إذا لم يك مطبوع كما لا تنفع الشمس
وضوء العين ممنوع


يعني بالمطبوع العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان وبالمسموع ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة وجعله عقلا ثانيا توسعا وتعظيما له ، وإلا فهو زيادة في عقله الأول .

ومنها ما يتجمل به الإنسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها ونقل طريفة من طرائفها فترى الأسماع مصغية إليه والوجوه مقبلة عليه والقلوب متأملة مايورده ويصدره مستحسنة ما يذكره .

[ ص: 11 ] وأما الفوائد الأخروية : فمنها أن العاقل اللبيب إذا تفكر فيها ورأى تقلب الدنيا بأهلها وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها ، وأنها سلبت نفوسه وذخائرهم وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم فلم تبق على جليل ولا حقير ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير ، زهد فيها وأعرض عنها وأقبل على التزود للآخرة منها ، ورغب في دار تنزهت عن هذه الخصائص وسلم أهلها من هذه النقائص ، ولعل قائلا يقول : ما نرى ناظرا فيها زهد في الدنيا وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا ، فيا ليت شعري كم رأى هذا القائل قارئا للقرآن العزيز وهو سيد المواعظ وأفصح الكلام يطلب به اليسير من هذا الحطام فإن القلوب مولعة بحب العاجل .

ومنها التخلق بالصبر والتأسي وهما من محاسن الأخلاق فإن العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرم ولا ملك معظم بل ولا أحد من البشر علم أنه يصيبه ما أصابهم وينوبه ما نابهم .




وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد



نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلبا عقولا ولسانا صادقا ويوفقنا للسداد في القول والعمل وهو حسبنا ونعم الوكيل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:19


القول في الزمان

[ ص: 15 ] الزمان عبارة عن ساعات الليل والنهار ، وقد يقال ذلك للطويل والقصير منهما . والعرب تقول : أتيتك زمان الصرام ، وزمان الصرام يعني به وقت الصرام . وكذلك : أتيتك أزمان الحجاج أمير . ويجمعون الزمان يريدون بذلك أن كل وقت من أوقات إمارته زمن من الأزمنة .

القول في جميع الزمان من أوله إلى آخره

اختلف الناس في ذلك فقال ابن عباس من رواية سعيد بن جبير : سبعة آلاف سنة .

وقال وهب بن المنبه : ستة آلاف سنة . قال أبو جعفر : والصحيح من ذلك ما دل على صحته الخبر الذي رواه ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أجلكم في أجل من قبلكم ، من صلاة العصر إلى مغرب الشمس .

وروى نحو هذا المعنى أنس ، وأبو سعيد إلا أنهما قالا إنه قال : إلى غروب الشمس ، وبدل صلاة العصر : بعد صلاة العصر . وروى أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى .

[ ص: 16 ] وروى نحوه جابر بن سمرة ، وأنس ، وسهل بن سعد ، وبريدة ، والمستورد بن شداد ، وأشياخ من الأنصار كلهم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

وهذه أخبار صحيحة .

قال : وقد زعم اليهود أن جميع ما ثبت عندهم على ما في التوراة من لدن خلق آدم إلى الهجرة أربعة آلاف سنة ، وستمائة واثنتان وأربعون سنة .

وقالت اليونانية من النصارى : إن من خلق آدم إلى الهجرة خمسة آلاف سنة وتسعمائة واثنتين وتسعين سنة وشهرا .

وزعم قائل أن اليهود إنما نقصوا من السنين دفعا منهم لنبوة عيسى ، إذ كانت صفته ومبعثه في التوراة ، وقالوا : لم يأت الوقت الذي في التوراة أن عيسى يكون فيه ، فهم ينتظرون بزعمهم خروجه ووقته .

قال : وأحسب أن الذي ينتظرونه ويدعون أن صفته في التوراة مثبتة هو الدجال .

وقالت المجوس : إن قدر مدة الزمان من لدن ملك جيومرث إلى وقت الهجرة ثلاثة آلاف ومائة وتسع وثلاثون سنة ، وهم لا يذكرون مع ذلك شيئا يعرف فوق جيومرث ويزعمون أنه هو آدم .

وأهل الأخبار مختلفون فيه ، فمن قائل مثل قول المجوس ، ومن قائل : إنه يسمى بآدم بعد أن ملك الأقاليم السبعة وإنه حام بن يافث بن نوح ، وكان بارا بنوح ، فدعا له ولذريته بطول العمر ، والتمكين في البلاد ، واتصال الملك ، فاستجيب له . فملك جيومرث وولده الفرس . ولم يزل الملك فيهم إلى أن دخل المسلمون المدائن وغلبوهم [ ص: 17 ] على ملكهم ، ومن قائل غير ذلك ، كذا قال أبو جعفر .

قلت : ثم ذكر أبو جعفر بعد هذا فصولا تتضمن الدلالة على حدوث الأزمان ، والأوقات ، وهل خلق الله قبل خلق الزمان شيئا أم لا ؟ وعلى فناء العالم ، وأن لا يبقى إلا الله تعالى ، وأنه أحدث كل شيء ، واستدل على ذلك بأشياء يطول ذكرها ، ولا يليق ذلك بالتواريخ لا سيما المختصرات منه ، فإنه بعلم الأصول أولى . وقد فرغ المتكلمون منه في كتبهم ، فرأينا تركه أولى .

( بريدة : بضم الباء الموحدة وسكون الياء تحتها نقطتان وآخره هاء )

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:23


قصة إبليس

- لعنه الله - وابتداء أمره ، وإطغائه آدم - عليه السلام
-


فأولهم ، وإمامهم ، ورئيسهم إبليس . وكان الله تعالى قد حسن خلقه ، وشرفه ، وملكه على سماء الدنيا والأرض فيما ذكر ، وجعله مع ذلك خازنا من خزان الجنة ، فاستكبر على ربه ، وادعى الربوبية ، ودعا من كان تحت يده إلى عبادته ، فمسخه الله تعالى شيطانا رجيما ، وشوه خلقه ، وسلبه ما كان خوله ، ولعنه ، وطرده عن سماواته في العاجل ، ثم جعل مسكنه ، ومسكن أتباعه في الآخرة نار جهنم ، نعوذ بالله تعالى من نار جهنم ، ونعوذ بالله تعالى من غضبه ، ومن الحور بعد الكور .

ونبدأ بذكر الأخبار عن السلف بما كان الله أعطاه من الكرامة ، وبادعائه ما لم يكن له ، ونتبع ذلك بذكر أحداث في سلطانه وملكه إلى حين زوال ذلك عنه ، والسبب الذي به زال عنه ، إن شاء الله تعالى .

ذكر الأخبار بما كان لإبليس - لعنه الله - من الملك ، وذكر الأحداث في ملكه

وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود أن إبليس كان له ملك سماء الدنيا ، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن . وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة . وكان إبليس مع [ ص: 25 ] ملكه خازنا ، قال ابن عباس : ثم إنه عصى الله تعالى فمسخه شيطانا رجيما .

وروي عن قتادة في قوله تعالى : , 'تفسير الآية', ومن يقل منهم إني إله من دونه إنما كانت هذه الآية في إبليس خاصة لما قال لعنه الله تعالى وجعله شيطانا رجيما ، وقال : , , 'تفسير الآية', فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين وروي عن ابن جريج مثله .

وأما الأحداث التي كانت في ملكه ، وسلطانه فمنها ما روي عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن ، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة ، وكان خازنا من خزان الجنة ، قال : وخلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار ، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت . وخلق الإنسان من طين ، فأول من سكن في الأرض الجن ، فاقتتلوا فيها ، وسفكوا الدماء ، وقتل بعضهم بعضا ، قال : فبعث الله تعالى إليهم إبليس في جند من الملائكة ، وهم هذا الحي الذين يقال لهم الجن ، فقاتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور ، وأطراف الجبال . فلما فعل ذلك اغتر في نفسه ، وقال : قد صنعت ما لم يصنعه أحد . فاطلع الله تعالى على ذلك من قلبه ، ولم يطلع عليه أحد من الملائكة الذين معه . وروي عن أنس نحوه .

وروى أبو صالح ، عن ابن عباس ، ومرة الهمداني ، عن ابن مسعود أنهما قالا : لما فرغ الله تعالى من خلق ما أحب استوى على العرش ، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا ، وكان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن ، وإنما سموا الجن لأنهم من خزنة الجنة . وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في نفسه كبر ، وقال : ما أعطاني الله تعالى هذا الأمر إلا لمزية لي على الملائكة . فاطلع الله على ذلك منه فقال : إني جاعل في الأرض خليفة .

[ ص: 26 ] قال ابن عباس : وكان اسمه عزازيل ، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما ، فدعاه ذلك إلى الكبر . وهذا قول ثالث في سبب كبره .

وروى عكرمة ، عن ابن عباس أن الله تعالى خلق خلقا ، فقال : اسجدوا لآدم ، فقالوا : لا نفعل . فبعث عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق خلقا آخر ، فقال : إني خالق بشرا من طين ، فاسجدوا لآدم . فأبوا ، فبعث الله تعالى عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق هؤلاء الملائكة ، فقال : اسجدوا لآدم . قالوا : نعم . وكان إبليس من أولئك الذين لم يسجدوا .

وقال شهر بن حوشب : إن إبليس كان من الجن الذين سكنوا الأرض ، وطردتهم الملائكة ، وأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء . وروي عن سعيد بن مسعود نحو ذلك .

وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كما قال الله تعالى : " "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه وجائز أن يكون فسوقه من إعجابه بنفسه لكثرة عبادته ، واجتهاده ، وجائز أن يكون لكونه من الجن .

( ومرة الهمداني ، بسكون الميم ، والدال المهملة نسبة إلى همدان : قبيلة كبيرة من اليمن )

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:25


ذكر شيث بن آدم عليه السلام

قد ذكرنا بعض أمره وأنه كان وصي آدم في مخلفيه بعد مضيه لسبيله . وما أنزل الله عليه من الصحف .

وقيل : إنه لم يزل مقيما بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات ، وإنه كان جمع ما أنزل عليه وعلى أبيه آدم من الصحف وعمل بما فيها ، وإنه بنى الكعبة بالحجارة والطين .

وأما السلف من علمائنا فإنهم قالوا : لم تزل القبة التي جعل الله لآدم مكان البيت إلى أيام الطوفان فرفعها الله حين أرسل الطوفان . وقيل : إن شيثا لما مرض أوصى إلى ابنه أنوش ومات فدفن مع أبويه بغار أبي قبيس ، وكان مولده لمضي مائتي سنة وخمس وثلاثين سنة من عمر آدم ، وقيل غير ذلك ، وقد تقدم ، وكانت وفاته وقد أتت عليه تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة . وقام أنوش بن شيث بعد موت أبيه بسياسة الملك وتدبير من تحت يديه من رعيته مقام أبيه لا يوقف منه تغيير ، ولا تبديل ، فكان جميع عمر أنوش تسعمائة وخمس سنين ، وكان مولده بعد أن أمضى من عمر أبيه شيث ستمائة سنة وخمس سنين ، وهذا قول أهل التوراة .

وقال ابن عباس : ولد لشيث أنوش وولد معه نفر كثير ، وإليه أوصى شيث ، ثم ولد لأنوش بن شيث ابنه قينان من أخته نعمة بنت شيث بعد مضي تسعين سنة من عمر [ ص: 51 ] أنوش ، وولد معه نفر كثير ، وإليه الوصية ، وولد قينان مهلائيل ، ونفرا كثيرا معه ، وإليه الوصية ، وولد مهلائيل يرد ، وهو اليارد . ونفرا معه ، وإليه الوصية ، فولد يرد حنوخ ، وهو إدريس النبي ، ونفرا معه ، وإليه الوصية ، وولد حنوخ متوشلخ ونفرا معه ، وإليه الوصية .

وأما التوراة ففيها أن مهلائيل ولد بعد أن مضى من عمر آدم - عليه السلام - ثلاثمائة وخمس وتسعون سنة ، ومن عمر قينان سبعون ، وولد يرد لمهلائيل بعدما مضى من عمر آدم أربعمائة سنة وستون سنة ، فكان على منهاج أبيه ، غير أن الأحداث بدأت في زمانه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:27


ذكر يرد

وقيل يارد بن مهلائيل ، أمه خالته سمعن ابنة براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين بن آدم ، ولد بعدما مضى من عمر آدم أربعمائة سنة وستون سنة ، وفي أيامه عملت الأصنام ، وعاد من عاد عن الإسلام . ثم نكح يرد ، في قول ابن إسحاق - وهو ابن مائة واثنتين وستين سنة - بركتا ابنة الدرمسيل بن محويل بن حنوخ بن قين بن آدم ، فولدت له حنوخ ، وهو إدريس النبي ، فكان أول بني آدم أعطي النبوة وخط بالقلم ، وأول من نظر في علوم النجوم ، والحساب . وحكماء اليونانيين يسمونه هرمس الحكيم ، وهو عظيم عندهم ، فعاش يرد بعد مولد إدريس ثمانمائة سنة ، وولد له بنون وبنات ، فكان عمره تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة .

وقيل : أنزل على إدريس ثلاثون صحيفة ، وهو أول من جاهد في سبيل الله وقطع الثياب وخاطها ، وأول من سبى من ولد قابيل بن آدم فاسترق منهم ، وكان وصي والده يرد فيما كان آباؤه وصوا به إليه ، وفيما أوصى بعضهم بعضا .

وتوفي آدم بعد أن مضى من عمر إدريس ثلاثمائة وثماني سنين .

ودعا إدريس قومه ووعظهم ، وأمرهم بطاعة الله تعالى ومعصية الشيطان ، وأن لا يلابسوا ولد قابيل ، فلم يقبلوا منه .

قال : وفي التوراة أن الله رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة وخمس وستين سنة من [ ص: 56 ] عمره ، وبعد أن مضى من عمر أبيه خمسمائة سنة وسبع وعشرون سنة ، فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين سنة تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة .

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا ذر ، من الرسل أربعة سريانيون : آدم ، وشيث ، ونوح ، وحنوخ ، وهو أول من خط بالقلم ، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة . وقيل : إن الله أرسله إلى جميع أهل الأرض في زمانه ، وجمع له علم الماضين وزاده ثلاثين صحيفة . وقال بعضهم : ملك بيوراسب في عهد إدريس ، وكان قد وقع عليه من كلام آدم ، فاتخذه سحرا ، وكان بيوراسب يعمل به .

( يارد بياء معجمة باثنتين من تحتها ، وراء مهملة ، وذال معجمة . وحنوخ بحاء مهملة مفتوحة ، ونون بعدها واو ، وخاء معجمة ، وقيل بخائين معجمتين ) .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:29


ذكر حنوخ وهو إدريس ، عليه السلام

ثم نكح حنوخ بن يرد هدانة - وتقال أذانة - ابنة باويل بن محويل بن حنوخ بن قين بن آدم ، وهو ابن خمس وستين سنة ، فولدت له متوشلخ بن حنوخ ، فعاش بعدما ولد متوشلخ ثلاثمائة سنة ، ثم رفع واستخلفه حنوخ على أمر ولده ، وأمر الله ، وأوصاه وأهل بيته قبل أن يرفع وأعلمهم أن الله سوف يعذب ولد قابيل ومن خالطهم ، ونهاهم عن مخالطتهم ، وإنه كان أول من ركب الخيل ; لأنه سلك رسم أبيه حنوخ في الجهاد ، ثم نكح متوشلخ عربا ابنة عزازيل بن أنوشيل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن مائة سنة وسبع وثلاثين سنة ، فولدت له لمك بن متوشلخ ، فعاش بعدما ولد له لمك سبعمائة سنة ، وولد له بنون وبنات ، فكان كل ما عاش متوشلخ تسعمائة سنة وتسع عشرة سنة .

ثم مات وأوصى إلى ابنه لمك فكان لمك يعظ قومه وينهاهم عن مخالطة ولد قابيل ، فلم يقبلوا حتى نزل إليهم جميع من كان معهم في الجبل .

وقيل : كان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك يقال له صابي ، وبه سمي الصابئون .

قلت : محويل بحاء مهملة ، وباء معجمة باثنتين من تحت . وقين بقاف ، وياء معجمة باثنتين من تحت . ومتوشلخ بفتح الميم ، وبالتاء المعجمة باثنتين من فوق ، والشين المعجمة ، وبحاء مهملة ، وقيل خاء معجمة .

[ ص: 59 ] ونكح لمك بن متوشلخ قينوش ابنة براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن مائة سنة وسبع وثمانين سنة ، فولدت له نوح بن لمك ، وهو النبي ، فعاش لمك بعد مولد نوح خمسمائة سنة وخمسا وتسعين سنة وولد له بنون وبنات ثم مات .

ونكح نوح بن لمك عزرة بنت براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن خمسمائة سنة ، فولدت له ولده ساما ، وحاما ، ويافث بني نوح .

وكان مولد نوح بعد موت آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة ، ولما أدرك قال له أبوه لمك : قد علمت أنه لم يبق في هذا الجبل غيرنا فلا تستوحش ولا تتبع الأمة الخاطئة . وكان نوح يدعو قومه ويعظهم فيستخفون به .

وقيل : كان نوح في عهد بيوراسب وكانوا قومه فدعاهم إلى الله تسعمائة وستة وخمسين سنة كلما مضى قرن اتبعهم قرن على ملة واحدة من الكفر حتى أنزل الله عليهم العذاب .

وقال ابن عباس فيما رواه ابن الكلبي ، عن أبي صالح عنه : فولد لمك نوحا ، وكان له يوم ولد نوح اثنتان وثمانون سنة ، ولم يكن في ذلك الزمان أحد ينهى عن منكر ، فبعث الله إليهم نوحا وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة فدعاهم مائة وعشرين سنة ، ثم أمره الله بصنعة الفلك فصنعها ، وركبها وهو ابن ستمائة سنة ، وغرق من غرق ، ثم مكث من بعد السفينة ثلاثمائة سنة وخمسين سنة .

وروي عن جماعة من السلف أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على ملة الحق ، وأن الكفر بالله حدث في القرن الذي بعث فيه إليهم نوح ، فأرسله الله ، وهو أول نبي بعث بالإنذار ، والدعاء إلى التوحيد ، وهو قول ابن عباس ، وقتادة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:39


ذكر الأحداث التي كانت في زمن نوح عليه السلام


قد اختلف العلماء في ديانة القوم الذين أرسل إليهم نوح ، فمنهم من قال إنهم كانوا قد أجمعوا على العمل بما يكرهه الله تعالى من ركوب الفواحش ، والكفر ، وشرب الخمور ، والاشتغال بالملاهي عن طاعة الله .

ومنهم من قال : إنهم كانوا أهل طاعة . وبيوراسب أول من أظهر القول بمذهب الصابئين ، وتبعه على ذلك الذين أرسل إليهم نوح ، وسنذكر أخبار بيوراسب فيما بعد .

وأما كتاب الله ، قال : فينطق بأنهم أهل أوثان ، قال تعالى : ', , 'تفسير الآية,"وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا .

قلت : لا تناقض بين هذه الأقاويل الثلاثة ، فإن القول الحق الذي لا يشك فيه هو أنهم كانوا أهل أوثان يعبدونها ، كما نطق به القرآن ، وهو مذهب طائفة من الصابئين ، فإن أصل مذهب الصابئين عبادة الروحانيين ، وهم الملائكة لتقربهم إلى الله تعالى زلفى ، فإنهم اعترفوا بصانع العالم وأنه حكيم قادر مقدس ، إلا أنهم قالوا الواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى معرفة جلاله ، وإنما نتقرب إليه بالوسائط المقربة لديه ، وهم الروحانيون ، وحيث لم يعاينوا الروحانيين تقربوا إليهم بالهياكل ، وهي الكواكب السبعة السيارة لأنها مدبرة لهذا العالم عندهم ، ثم ذهبت طائفة منهم ، وهم أصحاب الأشخاص ، حيث رأوا أن الهياكل تطلع وتغرب وترى ليلا ولا ترى نهارا - إلى وضع الأصنام لتكون نصب أعينهم ليتوسلوا بها إلى الهياكل ، والهياكل إلى الروحانيين ، والروحانيون إلى صانع العالم ، فهذا كان أصل وضع الأصنام أولا ، وقد كان أخيرا في العرب من هو على هذا الاعتقاد ، وقال تعالى : ', , 'تفسير الآيةما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فقد حصل من عبادة [ ص: 63 ] الأصنام مذهب الصابئين ، والكفر والفواحش ، وغير ذلك من المعاصي .

فلما تمادى قوم نوح على كفرهم ، وعصيانهم بعث الله إليهم نوحا يحذرهم بأسه ، ونقمته ويدعوهم إلى التوبة ، والرجوع إلى الحق ، والعمل بما أمر الله تعالى ، وأرسل نوح وهو ابن خمسين سنة ، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما .

وقال عون بن أبي شداد : إن الله تعالى أرسل نوحا وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، ثم عاش بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة ، وقيل غير ذلك ، وقد تقدم .

قال ابن إسحاق وغيره : إن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال : اللهم اغفر لي ولقومي فإنهم لا يعلمون ! حتى إذا تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة ، وتطاول عليه وعليهم الشأن اشتد عليه البلاء ، وانتظر النجل بعد النجل فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله حتى إن كان الآخر ليقول : قد كان هذا مع آبائنا ، وأجدادنا مجنونا لا يقبلون منه شيئا ، وكان يضرب ويلف ، ويلقى في بيته ، يرون أنه قد مات ، فإذا أفاق اغتسل وخرج إليهم يدعوهم إلى الله ، فلما طال ذلك عليه ، ورأى الأولاد شرا من الآباء قال : رب قد ترى ما يفعل بي عبادك ، فإن تك لك فيهم حاجة فاهدهم ، وإن يك غير ذلك فصيرني إلى أن تحكم فيهم . فأوحى إليه : إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال : ', , 'تفسير الآية', , تذر على الأرض من الكافرين ديارا ، إلى آخر القصة . فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم ، أوحى الله إليه أن : اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون . فأقبل نوح على عمل الفلك ولها عن دعاء قومه وجعل يهيئ عتاد الفلك من الخشب ، والحديد ، والقار ، وغيرها مما لا يصلحه سواه ، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه ، فيقول : ,الآية', إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون

قال : ويقولون : يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة ! وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد [ ص: 64 ] لهم ، وصنع الفلك من خشب الساج ، وأمره أن يجعل طوله ثمانين ذراعا ، وعرضه خمسين ذراعا ، وطوله في السماء ثلاثين ذراعا .

وقال قتادة : كان طولها ثلاثمائة ذراع ، وعرضها خمسين ذراعا ، وطولها في السماء ثلاثين ذراعا .

وقال الحسن : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، والله أعلم .

وأمر نوحا أن يجعله ثلاث طبقات : سفلى ، ووسطى ، وعليا ، ففعل نوح كما أمره الله تعالى حتى إذا فرغ منه ، وقد عهد الله إليه ', , 'تفسير الآية', " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ، وقد جعل التنور آية فيما بينه وبينه . فلما فار التنور وكان فيما قيل من حجارة كان لحواء .

وقال ابن عباس : كان ذلك تنورا من أرض الهند .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:39



وقال مجاهد ، والشعبي : كان التنور بأرض الكوفة ، وأخبرته زوجته بفوران الماء من التنور ، وأمر الله جبرائيل فرفع الكعبة إلى السماء الرابعة ، وكانت من ياقوت الجنة ، كما ذكرناه ، وخبأ الحجر الأسود بجبل أبي قبيس ، فبقي فيه إلى أن بنى إبراهيم البيت فأخذه فجعله موضعه ، ولما فار التنور حمل نوح من أمر الله بحمله ، وكانوا أولاده الثلاثة : سام ، وحام ، ويافث ، ونساءهم ، وستة أناسي ، فكانوا مع نوح ثلاثة عشر .

[ ص: 65 ] وقال ابن عباس : كان في السفينة ثمانون رجلا ، أحدهم جرهم ، كلهم بنو شيث ، وقال قتادة : كانوا ثمانية أنفس : نوح ، وامرأته ، وثلاثة بنوه ، ونساؤهم . وقال الأعمش : كانوا سبعة ، ولم يذكر فيهم زوج نوح . وحمل معه جسد آدم ، ثم أدخل ما أمر الله به من الدواب ، وتخلف عنه ابنه يام ، وكان كافرا ، وكان آخر من دخل السفينة الحمار ، فلما دخل صدره تعلق إبليس بذنبه فلم ترتفع رجلاه ، فجعل نوح يأمره بالدخول فلا يستطيع حتى قال : ادخل وإن كان الشيطان معك . فقال كلمة زلت على لسانه ، فلما قالها دخل الشيطان معه ، فقال له نوح : ما أدخلك يا عدو الله ؟ فقال : ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك ؟ فتركه .

ولما أمر نوح بإدخال الحيوان السفينة قال : أي رب ، كيف أصنع بالأسد والبقرة ؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب ، والطير والهر ؟ قال : الذي ألقى بينهما العداوة هو يؤلف بينها . فألقى الحمى على الأسد ، وشغله بنفسه ، ولذلك قيل :


وما الكلب محموما وإن طال عمره ولكنما الحمى على الأسد الورد



وجعل نوح الطير في الطبق الأسفل من السفينة ، وجعل الوحش في الطبق الأوسط ، وركب هو ومن معه من بني آدم في الطبق الأعلى . فلما اطمأن نوح في الفلك ، وأدخل فيه كل من أمر به ، وكان ذلك بعد ستمائة سنة من عمره في قول بعضهم ، وفي قول بعضهم ما ذكرناه ، وحمل معه من حمل - جاء الماء كما قال تعالى : ', , 'تفسير الآية', ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ', , 'تفسير الآية', وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر . فكان بين أن أرسل الماء وبين أن احتمل الماء الفلك أربعون يوما وأربعون ليلة ، وكثر ، واشتد ، وارتفع ، وطمى ، وغطى نوح عليه وعلى من معه [ ص: 66 ] طبق السفينة ، وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال ، ونادى نوح ابنه الذي هلك ، وكان في معزل : ', , 'تفسير الآية', يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين وكان كافرا ، ', , , 'تفسير الآية',سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ، وكان عهد الجبال وهي حرز وملجأ . فقال نوح ', , 'تفسير الآية', لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين . وعلا الماء على رءوس الجبال ، فكان على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا ، فهلك ما على وجه الأرض من حيوان ونبات ، فلم يبق إلا نوح ومن معه ، وإلا عوج بن عنق ، فيما زعم أهل التوراة ، وكان بين إرسال الماء وبين أن غاض ستة أشهر وعشر ليال .

قال ابن عباس : أرسل الله المطر أربعين يوما ، فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والطين إلى نوح وسخرت له ، فحمل منها كما أمره الله ، فركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب ، وكان ذلك لثلاث عشرة خلت من آب ، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم ، فلذلك صام من صام يوم عاشوراء . وكان الماء نصفين : نصف من السماء ونصف من الأرض ، وطافت السفينة بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فلم تدخله ، ودارت بالحرم أسبوعا ، ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي ، وهو جبل بقردى بأرض الموصل ، فاستقرت عليه ، فقيل عند ذلك : , 'تفسير الآية',"بعدا للقوم الظالمين ، ولما استقرت قيل : ', , 'تفسير الآية', ياأرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء ، نشفته الأرض ، وأقام نوح في الفلك إلى أن غاض الماء ، فلما خرج منها اتخذ بناحية من قردى من أرض الجزيرة موضعا وابتنى قرية سموها ثمانين ؛ وهي الآن تسمى بسوق الثمانين لأن كل واحد ممن معه بنى لنفسه بيتا ، وكانوا ثمانين رجلا .

قال بعض أهل التوراة : لم يولد لنوح إلا بعد الطوفان .

[ ص: 67 ] وقيل : إن ساما ولد قبل الطوفان بثمان وتسعين سنة ، وقيل : إن اسم ولده الذي أغرق كان كنعان وهو يام .

وأما المجوس فإنهم لا يعرفون الطوفان ويقولون لم يزل الملك فينا من عهد جيومرث ، وهو آدم ، قالوا : ولو كان كذلك لكان نسب القوم قد انقطع وملكهم قد اضمحل ، وكان بعضهم يقر بالطوفان ويزعم أنه كان في إقليم بابل وما قرب منه ، وأن مساكن ولد جيومرث كانت بالمشرق فلم يصل ذلك إليهم ، وقول الله تعالى أصدق في أن ذرية نوح هم الباقون فلم يعقب أحد ممن كان معه في السفينة غير ولده سام ، وحام ، ويافث . ولما حضرت نوحا الوفاة قيل له : كيف رأيت الدنيا ؟ قال : كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر . وأوصى إلى ابنه سام ، وكان أكبر ولده .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:42


ذكر ذرية نوح عليه السلام

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى :"وجعلنا ذريته هم الباقين ، إنهم سام ، وحام ، ويافث وقال وهب بن منبه : إن سام بن نوح أبو العرب ، وفارس ، والروم ، وإن حاما أبو السودان ، وإن يافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج . وقيل إن القبط من ولد قوط بن حام ، وإنما كان السواد من نسل حام لأن نوحا نام فانكشفت سوءته فرآها حام فلم يغطها ورآها سام ويافث فألقيا عليها ثوبا ، فلما استيقظ علم ما صنع حام ، وإخوته فدعا عليهم .

قال ابن إسحاق : فكانت امرأة سام بن نوح صلب ابنة بتاويل بن محويل بن حانوخ بن قين بن آدم فولدت له نفرا : أرفخشذ ، وأسود ، ولاود ، وإرم . قال : ولا أدري أإرم لأم أرفخشذ وإخوته أم لا ؟ فمن ولد لاود بن سام فارس ، وجرجان ، وطسم ، وعمليق ، وهو أبو العماليق ، ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم الكنعانيون ، والفراعنة بمصر ، وكان أهل البحرين ، وعمان منهم ويسمون جاشم . وكان منهم بنو أميم بن لاود أهل وبار بأرض الرمل ، وهي بين اليمامة والشحر ، وكانوا قد كثروا فأصابتهم نقمة من الله من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية ، وهم الذين يقال لهم النسناس ، وكان طسم ساكني اليمامة إلى البحرين ، فكانت طسم ، والعماليق [ ص: 73 ] وأميم ، وجاشم قوما عربا لسانهم عربي ، ولحقت عبيل بيثرب قبل أن تبنى . ولحقت العماليق بصنعاء قبل أن تسمى صنعاء . وانحدر بعضهم إلى يثرب فأخرجوا منها عبيلا فنزلوا موضع الجحفة ، فأقبل سيل فاجتحفهم ، أي أهلكهم ، فسميت الجحفة .

قال : وولد إرم بن سام عوضا وغاثرا وحويلا ، فولد عوض غاثرا ، وعادا ، وعبيلا ، وولد غاثر بن إرم ثمود وجديسا ، وكانوا عربا يتكلمون بهذا اللسان المضري . وكانت العرب تقول لهذه الأمم ولجرهم العرب العاربة . ويقولون لبني إسماعيل العرب المعربة ، لأنهم إنما تكلموا بلسان هذه الأمم حين سكنوا بين أظهرهم . فكانت عاد بهذا الرمل إلى حضرموت . وكانت ثمود بالحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى . ولحقت جديس بطسم ، وكانوا معهم باليمامة إلى البحرين ، واسم اليمامة إذ ذاك جو . وسكنت جاشم عمان .

والنبط من ولد نبيط بن ماش بن إرم بن سام . والفرس بنو فارس بن تيرش بن ماسور بن سام .

قال : وولد لأرفخشذ بن سام ابنه قينان ، كان ساحرا ، وولد لقينان شالخ بن أرفخشذ من غير ذكر قينان لما ذكر من سحره . وولد لشالخ غابر ، ولغابر فالغ ، ومعناه القاسم ، لأن الأرض قسمت والألسن تبلبلت في أيامه ، وقحطان بن غابر ، فولد لقحطان يعرب ويقظان ، فنزلا اليمن ، وكان أول من سكن اليمن ، وأول من سلم عليه بـ أبيت اللعن . وولد لفالغ بن غابر أرغو ، وولد لأرغو ساروغ ، وولد لساروغ ناخور ، وولد [ ص: 74 ] لناخور تارخ ، واسمه بالعربية آزر . وولد لآزر إبراهيم ، عليه السلام . وولد لأرفخشذ أيضا نمرود ، وقيل هو نمرود بن كوش بن حام بن نوح .

قال هشام بن الكلبي : السند ، والهند بنو توقير بن يقطن بن غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وجرهم من ولد يقطن بن غابر . وحضرموت بن يقطن ، ويقطن هو قحطان في قول من نسبه إلى غير إسماعيل .

والبربر من ولد ثميلا بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق بن لاود بن سام بن نوح ، ما خلا صنهاجة وكتامة ، فإنهما بنو فريقش بن صيفي بن سبإ .

وأما يافث فمن ولده جامر ، وموعع ، ومورك ، وبوان ، وفوبا ، وماشج ، وتيرش ، فمن ولد جامر ملوك فارس في قول ، ومن ولد تيرش الترك ، والخزر ، ومن ولد ماشج الأشبان ، ومن ولد موعع يأجوج ومأجوج ، ومن ولد بوان الصقالبة وبرجان . والأشبان كانوا في القديم بأرض الروم قبل أن يقع بها من وقع من ولد العيص بن إسحاق وغيرهم . وقصد كل فريق من هؤلاء الثلاثة سام ، وحام ، ويافث أرضا فسكنوها ودفعوا غيرهم عنها .

ومن ولد يافث الروم ، وهم بنو لنطى بن يونان بن يافث بن نوح .

وأما حام فولد له كوش ، ومصرايم ، وقوط ، وكنعان ، فمن ولد كوش نمرود بن كوش ، [ ص: 75 ] وقيل : هو من ولد سام ، وصارت بقية ولد حام بالسواحل من النوبة ، والحبشة ، والزنج ، ويقال : إن مصرايم ولد القبط والبربر .

وأما قوط فقيل إنه سار إلى الهند ، والسند فنزلها وأهلها من ولده .

وأما الكنعانيون فلحق بعضهم بالشام ، ثم جاءت بنو إسرائيل فقتلوهم بها ونفوهم عنها وصار الشام لبني إسرائيل . ثم وثبت الروم على بني إسرائيل فأجلوهم عن الشام إلى العراق إلا قليلا منهم .

ثم جاءت العرب فغلبوا على الشام . وكان يقال لعاد عاد إرم ، فلما هلكوا قيل لثمود ثمود إرم قال : وزعم أهل التوراة أن أرفخشذ ولد لسام بعد أن مضى من عمر سام مائة سنة وسنتان ، وكان جميع عمر سام ستمائة سنة .

ثم ولد لأرفخشذ قينان بعد أن مضى من عمر أرفخشذ خمس وثلاثون سنة ، وكان عمره أربعمائة وثمانيا وثلاثين سنة . ثم ولد لقينان شالخ بعد أن مضى من عمره تسع وثلاثون سنة ، ولم تذكر مدة عمر قينان في الكتب لما ذكرنا من سحره . ثم ولد لشالخ غابر بعدما مضى من عمره ثلاثون سنة ، وكان عمره كله أربعمائة وثلاثا وثلاثين سنة . ثم ولد لغابر فالغ ، وأخوه قحطان ، وكان مولد فالغ بعد الطوفان بمائة وأربعين سنة ، وكان عمره أربعمائة وأربعا وسبعين سنة . ثم ولد لفالغ أرغو بعد ثلاثين سنة من عمر فالغ ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة . وولد لأرغو ساروغ بعدما مضى من عمره اثنتان وثلاثون سنة ، وكان عمره مائتين وتسعا وثلاثين سنة ، وولد لساروغ ناخور بعد ثلاثين سنة من عمره ، وكان عمره كله مائتين وثلاثين سنة . ثم ولد لناخور تارخ أبو إبراهيم [ ص: 76 ] بعدما مضى من عمره سبع وعشرون سنة ، وكان عمره كله مائتين وثمانيا وأربعين سنة . وولد لتارخ - وهو آزر - إبراهيم عليه السلام . وكان بين الطوفان ومولد إبراهيم ألف سنة ومائتا سنة وثلاث وستون سنة ، وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة وسبع وثلاثين سنة .

وولد لقحطان بن غابر يعرب ، فولد ليعرب يشجب ، فولد يشجب سبأ ، فولد سبأ حمير ، وكهلان ، وعمرا ، والأشعر ، وأنمار ، ومرا ، فولد عمرو بن سبإ عديا ، وولد عدي لخما ، وجذاما .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:48


ذكر الأحداث التي كانت بين نوح ، وإبراهيم

قد ذكرنا ما كان من أمر نوح ، وأمر ولده واقتسامهم الأرض بعده ، ومساكن كل فريق منهم ، فكان ممن طغى وبغى فأرسل إليهم رسولا فكذبوه فأهلكهم الله ، هذان الحيان من ولد إرم بن سام بن نوح ، أحدهما عاد ، والثاني ثمود .

فأما عاد فهو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح ، وهو عاد الأولى ، وكانت مساكنهم ما بين الشحر ، وعمان ، وحضرموت بالأحقاف ، فكانوا جبارين طوال القامة لم يكن مثلهم ، يقول الله تعالى : واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة ، فأرسل الله إليهم هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوض .

ومن الناس من يزعم أنه هود وهو غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وكانوا أهل أوثان ثلاثة ، يقال لأحدها ضرا ، وللآخر ضمور ، وللثالث الهبا ، فدعاهم إلى توحيد الله ، وإفراده بالعبادة دون غيره ، وترك ظلم الناس ، فكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ! ولم يؤمن بهود منهم إلا قليل .

وكان من أمرهم ما ذكره ابن إسحاق قال : إن عادا أصابهم قحط تتابع عليهم بتكذيبهم هودا ، فلما أصابهم قالوا : جهزوا منكم وفدا إلى مكة يستسقون لكم ، فبعثوا [ ص: 80 ] قيل بن عير ، ولقيم بن هزال ، ومرثد بن سعد ، وكان مسلما يكتم إسلامه ، وجلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر ، ولقمان بن عاد بن فلان بن عاد الأكبر في سبعين رجلا من قومهم ، فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر بظاهر مكة خارجا عن الحرم ، فأكرمهم ، وكانوا أخواله وصهره لأن لقيم بن هزال كان تزوج هزيلة بنت بكر أخت معاوية ، فأولدها أولادا كانوا عند خالهم معاوية بمكة ، وهم عبيد ، وعمرو ، وعامر ، وعمير بنو لقيم ، وهو عاد الآخرة التي بقيت بعد عاد الأولى ، فلما نزلوا على معاوية أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان - قينتان لمعاوية - فلما رأى معاوية طول مقامهم وتركهم ما أرسلوا له شق عليه ذلك ، وقال : هلك أخوالي ، واستحيا أن يأمر الوفد بالخروج إلى ما بعثوا له ، فذكر ذلك للجرادتين فقالتا : قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قائله لعلهم يتحركون ; فقال معاوية :


ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يصبحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا
قد امسوا لا يبينون الكلاما



في أبيات ذكرها . والهينمة : الكلام الخفي .

فلما غنتهم الجرادتان ذلك الشعر وسمعه القوم ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، بعثكم قومكم يتغوثون بكم من البلاء الذي نزل بهم فأبطأتم عليهم فادخلوا الحرم ، واستسقوا لقومكم . فقال مرثد بن سعد : إنهم والله لا يسقون بدعائهم ، ولكن أطيعوا نبيكم ، فأنتم تسقون ، وأظهر إسلامه عند ذلك . فقال جلهمة بن الخيبري خال معاوية ، لمعاوية بن بكر : احبس عنا مرثد بن سعد . وخرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد ، فدعوا الله تعالى لقومهم ، واستسقوا ، فأنشأ الله سحائب ثلاثا بيضاء ، وحمراء ، وسوداء ، ونادى مناد منها : يا قيل ، اختر لنفسك وقومك . فقال : قد اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر ماء ، فناداه [ ص: 81 ] مناد اختر رمادا رمدادا ، لا تبقي من عاد أحدا ، لا ولدا تترك ولا والدا إلا جعلته همدا ، إلا بني اللوذية المهدى .

وبنو اللوذية : بنو لقيم بن هزال ، كانوا بمكة عند خالهم معاوية بن بكر .

وساق الله السحابة السوداء بما فيها من العذاب إلى عاد ، فخرجت عليهم من واد يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا بها وقالوا : ', , 'تفسير الآية" هذا عارض ممطرنا يقول الله تعالى : ', , 'تفسير الآية"بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ', , 'تفسير الآية', , "تدمر كل شيء بأمر ربها أي كل شيء أمرت به . وكان أول من رأى ما فيها وعرف أنها ريح مهلكة امرأة من عاد يقال لها فهدد ، فلما رأت ما فيها صاحت وصعقت ، فلما أفاقت قالوا : ماذا رأيت ؟ قالت : رأيت ريحا فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها ، فلما خرجت الريح من الوادي قال سبعة رهط منهم ، أحدهم الخلجان : تعالوا حتى نقوم على شفير الوادي فنردها . فجعلت الريح تدخل تحت الواحد منهم فتحمله فتدق عنقه ، وبقي الخلجان فمال إلى الجبل وقال :


لم يبق إلا الخلجان نفسه يا لك من يوم دهاني أمسه
بثابت الوطء شديد وطسه لو لم يجئني جئته أجسه



فقال له هود : أسلم تسلم . فقال : وما لي ؟ قال : الجنة . فقال : فما هؤلاء الذين في السحاب كأنهم البخت ؟ قال : الملائكة . قال : أيعيذني ربك منهم إن أسلمت ؟ قال : هل رأيت ملكا يعيذ من جنده ؟ قال : لو فعل ما رضيت .

ثم جاءت الريح وألحقته بأصحابه و ', , 'تفسير الآية',," "سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، كما قال تعالى . والحسوم : الدائمة . فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك ، واعتزل هود والمؤمنون في حظيرة لم يصبه ومن معه منها إلا تليين الجلود ، وإنها لتمر [ ص: 82 ] من عاد بالظعن وما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة . وعاد وفد عاد إلى معاوية بن بكر فنزلوا عليه ، فأتاهم رجل على ناقة فأخبرهم بمصاب عاد وسلامة هود .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:49


ذكر الأحداث التي كانت بين نوح ، وإبراهيم

قد ذكرنا ما كان من أمر نوح ، وأمر ولده واقتسامهم الأرض بعده ، ومساكن كل فريق منهم ، فكان ممن طغى وبغى فأرسل إليهم رسولا فكذبوه فأهلكهم الله ، هذان الحيان من ولد إرم بن سام بن نوح ، أحدهما عاد ، والثاني ثمود .

فأما عاد فهو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح ، وهو عاد الأولى ، وكانت مساكنهم ما بين الشحر ، وعمان ، وحضرموت بالأحقاف ، فكانوا جبارين طوال القامة لم يكن مثلهم ، يقول الله تعالى : واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة ، فأرسل الله إليهم هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوض .

ومن الناس من يزعم أنه هود وهو غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وكانوا أهل أوثان ثلاثة ، يقال لأحدها ضرا ، وللآخر ضمور ، وللثالث الهبا ، فدعاهم إلى توحيد الله ، وإفراده بالعبادة دون غيره ، وترك ظلم الناس ، فكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ! ولم يؤمن بهود منهم إلا قليل .

وكان من أمرهم ما ذكره ابن إسحاق قال : إن عادا أصابهم قحط تتابع عليهم بتكذيبهم هودا ، فلما أصابهم قالوا : جهزوا منكم وفدا إلى مكة يستسقون لكم ، فبعثوا [ ص: 80 ] قيل بن عير ، ولقيم بن هزال ، ومرثد بن سعد ، وكان مسلما يكتم إسلامه ، وجلهمة بن الخيبري خال معاوية بن بكر ، ولقمان بن عاد بن فلان بن عاد الأكبر في سبعين رجلا من قومهم ، فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر بظاهر مكة خارجا عن الحرم ، فأكرمهم ، وكانوا أخواله وصهره لأن لقيم بن هزال كان تزوج هزيلة بنت بكر أخت معاوية ، فأولدها أولادا كانوا عند خالهم معاوية بمكة ، وهم عبيد ، وعمرو ، وعامر ، وعمير بنو لقيم ، وهو عاد الآخرة التي بقيت بعد عاد الأولى ، فلما نزلوا على معاوية أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان - قينتان لمعاوية - فلما رأى معاوية طول مقامهم وتركهم ما أرسلوا له شق عليه ذلك ، وقال : هلك أخوالي ، واستحيا أن يأمر الوفد بالخروج إلى ما بعثوا له ، فذكر ذلك للجرادتين فقالتا : قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قائله لعلهم يتحركون ; فقال معاوية :


ألا يا قيل ويحك قم فهينم لعل الله يصبحنا غماما فيسقي أرض عاد إن عادا
قد امسوا لا يبينون الكلاما



في أبيات ذكرها . والهينمة : الكلام الخفي .

فلما غنتهم الجرادتان ذلك الشعر وسمعه القوم ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، بعثكم قومكم يتغوثون بكم من البلاء الذي نزل بهم فأبطأتم عليهم فادخلوا الحرم ، واستسقوا لقومكم . فقال مرثد بن سعد : إنهم والله لا يسقون بدعائهم ، ولكن أطيعوا نبيكم ، فأنتم تسقون ، وأظهر إسلامه عند ذلك . فقال جلهمة بن الخيبري خال معاوية ، لمعاوية بن بكر : احبس عنا مرثد بن سعد . وخرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد ، فدعوا الله تعالى لقومهم ، واستسقوا ، فأنشأ الله سحائب ثلاثا بيضاء ، وحمراء ، وسوداء ، ونادى مناد منها : يا قيل ، اختر لنفسك وقومك . فقال : قد اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر ماء ، فناداه [ ص: 81 ] مناد اختر رمادا رمدادا ، لا تبقي من عاد أحدا ، لا ولدا تترك ولا والدا إلا جعلته همدا ، إلا بني اللوذية المهدى .

وبنو اللوذية : بنو لقيم بن هزال ، كانوا بمكة عند خالهم معاوية بن بكر .

وساق الله السحابة السوداء بما فيها من العذاب إلى عاد ، فخرجت عليهم من واد يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا بها وقالوا : ', , 'تفسير الآية" هذا عارض ممطرنا يقول الله تعالى : ', , 'تفسير الآية"بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ', , 'تفسير الآية', , "تدمر كل شيء بأمر ربها أي كل شيء أمرت به . وكان أول من رأى ما فيها وعرف أنها ريح مهلكة امرأة من عاد يقال لها فهدد ، فلما رأت ما فيها صاحت وصعقت ، فلما أفاقت قالوا : ماذا رأيت ؟ قالت : رأيت ريحا فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها ، فلما خرجت الريح من الوادي قال سبعة رهط منهم ، أحدهم الخلجان : تعالوا حتى نقوم على شفير الوادي فنردها . فجعلت الريح تدخل تحت الواحد منهم فتحمله فتدق عنقه ، وبقي الخلجان فمال إلى الجبل وقال :


لم يبق إلا الخلجان نفسه يا لك من يوم دهاني أمسه
بثابت الوطء شديد وطسه لو لم يجئني جئته أجسه



فقال له هود : أسلم تسلم . فقال : وما لي ؟ قال : الجنة . فقال : فما هؤلاء الذين في السحاب كأنهم البخت ؟ قال : الملائكة . قال : أيعيذني ربك منهم إن أسلمت ؟ قال : هل رأيت ملكا يعيذ من جنده ؟ قال : لو فعل ما رضيت .

ثم جاءت الريح وألحقته بأصحابه و ', , 'تفسير الآية',," "سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، كما قال تعالى . والحسوم : الدائمة . فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك ، واعتزل هود والمؤمنون في حظيرة لم يصبه ومن معه منها إلا تليين الجلود ، وإنها لتمر [ ص: 82 ] من عاد بالظعن وما بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة . وعاد وفد عاد إلى معاوية بن بكر فنزلوا عليه ، فأتاهم رجل على ناقة فأخبرهم بمصاب عاد وسلامة هود .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 19:50



قال : وكان قد قيل للقمان بن عاد : اختر لنفسك إلا أنه لا سبيل إلى الخلود . فقال : يا رب أعطني عمرا . فقيل له : اختر . فاختار عمر سبعة أنسر . فعمر فيما يزعمون عمر سبعة أنسر ، فكان يأخذ الفرخ الذكر حين يخرج من بيضته حتى إذا مات أخذ غيره ، وكان يعيش كل نسر ثمانين سنة ، فلما مات السابع مات لقمان معه ، وكان السابع يسمى لبدا . قال : وكان عمر هود مائة وخمسين سنة . وقبره بحضرموت ، وقيل بالحجر من مكة ، فلما هلكوا أرسل الله طيرا سودا فنقلتهم إلى البحر ، فذلك قوله تعالى : ',, , 'تفسير الآية', "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم . ولم تخرج ريح قط إلا بمكيال إلا يومئذ فإنها عتت على الخزنة ، فذلك قوله , 'تفسير الآية', , ,"فأهلكوا بريح صرصر عاتية . وكانت الريح تقلع الشجرة العظيمة بعروقها وتهدم البيت على من فيه .

وأما ثمود فهم ولد ثمود بن جاثر بن إرم بن سام ، وكانت مساكن ثمود بالحجر بين الحجاز ، والشام ، وكانوا بعد عاد قد كثروا ، وكفروا ، وعتوا ، فبعث الله إليهم صالح بن عبيد بن أسف بن ماشج بن عبيد بن جادر بن ثمود ، وقيل : أسف بن كماشج بن إرم بن ثمود - يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة فقالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا الآية ، وكان الله قد أطال أعمارهم حتى إن كان أحدهم يبني البيت من المدر فينهدم وهو حي ، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فارهين فنحتوها ، وكانوا في سعة من معايشهم ، ولم يزل صالح يدعوهم فلم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون ، فلما ألح عليهم بالدعاء ، والتحذير ، والتخويف سألوه ، فقالوا : يا صالح ، اخرج [ ص: 83 ] معنا إلى عيدنا ، وكان لهم عيد يخرجون إليه بأصنامهم ، فأرنا آية فتدعو إلهك وندعو آلهتنا ، فإن استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا . فقال : نعم ، فخرجوا بأصنامهم ، وصالح معهم ، فدعوا أصنامهم أن لا يستجاب لصالح ما يدعو به ، وقال له سيد قومه : يا صالح ، أخرج لنا من هذه الصخرة لصخرة منفردة ناقة جوفاء عشراء ، فإن فعلت ذلك صدقناك .

فأخذ عليهم مواثيق بذلك ، وأتى الصخرة ، وصلى ، ودعا ربه - عز وجل - فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل ، ثم انفجرت وخرجت من وسطها الناقة كما طلبوا وهم ينظرون ، ثم نتجت سقبا مثلها في العظم ، فآمن به سيد قومه ، واسمه جندع بن عمرو ، ورهط من قومه ، فلما خرجت الناقة قال لهم صالح : ', 'تفسير الآية', () هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ، ومتى عقرتموها أهلككم الله . فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما ، فإذا كان يوم شربها خلوا بينها وبين الماء وحلبوها لبنها ، وملأوا كل وعاء ، وإناء ، وإذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء فلم تشرب منه شيئا وتزودوا من الماء للغد .

فأوحى الله إلى صالح أن قومك سيعقرون الناقة ، فقال لهم ذلك ، فقالوا : ما كنا لنفعل . قال : إلا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها . قالوا : وما علامته ؟ فوالله لا نجده إلا قتلناه ! قال : فإنه غلام أشقر ، أزرق ، أصهب ، أحمر . قال : فكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابن رغب له عن المناكح ، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤا فزوج أحدهما ابنه بابنة الآخر فولد بينهما المولود ، فلما قال لهم صالح إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا قوابل من القرية وجعلوا معهن شرطا يطوفون القرية فإذا وجدوا امرأة تلد نظروا ولدها ما هو ، فلما وجدوا ذلك المولود صرخ النسوة ، وقلن : هذا الذي يريد نبي الله صالح ، فأراد الشرط أن يأخذوه فحال جداه بينهم وبينه وقالا : لو أراد صالح هذا لقتلناه . فكان شر مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة ، فاجتمع تسعة رهط منهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، كانوا قتلوا أبناءهم حين ولدوا خوفا أن يكون عاقر الناقة منهم ، ثم ندموا فأقسموا ليقتلن صالحا ، وأهله ، وقالوا : نخرج فترى الناس أننا نريد السفر فنأتي الغار الذي على طريق صالح فنكون فيه ، فإذا جاء الليل وخرج صالح إلى مسجده قتلناه ، ثم رجعنا إلى الغار ، ثم انصرفنا إلى رحالنا ، وقلنا ما شهدنا قتله فيصدقنا قومه . وكان صالح لا يبيت معهم ، كان يخرج إلى مسجد له [ ص: 84 ] يعرف بمسجد صالح فيبيت فيه ، فلما دخلوا الغار سقطت عليهم صخرة فقتلتهم ، فانطلق رجال ممن عرف الحال إلى الغار فرأوهم هلكى ، فعادوا يصيحون : إن صالحا أمرهم بقتل أولادهم ، ثم قتلهم .

وقيل : إنما كان تقاسم التسعة على قتل صالح بعد عقر الناقة وإنذار صالح إياهم بالعذاب ، وذلك أن التسعة الذين عقروا الناقة قالوا : تعالوا فلنقتل صالحا فإن كان صادقا عجلنا قتله ، وإن كان كاذبا ألحقناه بالناقة ، فأتوه ليلا في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة فهلكوا ، فأتى أصحابهم فرأوهم هلكى فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، وأرادوا قتله ، فمنعهم عشيرته وقالوا : إنه قد أنذركم العذاب ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم غضبا ، وإن كان كاذبا فنحن نسلمه إليكم ، فعادوا عنه ، فعلى القول الأول يكون التسعة الذين تقاسموا غير الذين عقروا الناقة ، والثاني أصح ، والله أعلم .

وأما سبب قتل الناقة فقيل : إن قدار بن سالف جلس مع نفر يشربون الخمر فلم يقدروا على ماء يمزجون به خمرهم لأنه كان يوم شرب الناقة ، فحرض بعضهم بعضا على قتلها .

وقيل : إن ثمودا كان فيهم امرأتان يقال لإحداهما قطام ، وللأخرى قبال ، وكان قدار يهوى قطام ، ومصدع يهوى قبال ، ويجتمعان بهما ، ففي بعض الليالي قالتا لقدار ومصدع : لا سبيل لكما إلينا حتى تقتلا الناقة ، فقالا : نعم ، وخرجا وجمعا أصحابهما وقصدا الناقة وهي على حوضها ، فقال الشقي لأحدهم : اذهب فاعقرها ، فأتاها ، فتعاظمه ذلك ، فأضرب عنه ، وبعث آخر فأعظم ذلك وجعل لا يبعث أحدا إلا تعاظمه قتلها حتى مشى هو إليها فتطاول فضرب عرقوبها ، فوقعت تركض ، وكان قتلها يوم الأربعاء ، واسمه بلغتهم جبار ، وكان هلاكهم يوم الأحد ، وهو عندهم أول ، فلما قتلت أتى رجل منهم صالحا فقال : أدرك الناقة فقد عقروها ، فأقبل وخرجوا يتلقونه ، ويعتذرون إليه : يا نبي الله إنما عقرها فلان ، إنه لا ذنب لنا ! قال : انظروا هل تدركون فصيلها ؟ فإن أدركتموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب . فخرجوا يطلبونه ، ولما رأى الفصيل أمه تضطرب قصد جبلا يقال له القارة قصيرا فصعده ، وذهبوا يطلبونه ، فأوحى الله إلى الجبل فطال في [ ص: 85 ] السماء حتى ما يناله الطير ، ودخل صالح القرية ، فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم استقبل صالحا فرغا ثلاثا ، فقال صالح : لكل رغوة أجل يوم ',e" "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ، وآية العذاب أن وجوهكم تصبح في اليوم الأول مصفرة ، وتصبح في اليوم الثاني محمرة ، وتصبح في اليوم الثالث مسودة . فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ، ذكرهم وأنثاهم ، فلما أصبحوا في اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة ، فلما أصبحوا في اليوم الثالث إذا وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار ، فتكفنوا وتحنطوا ، وكان حنوطهم الصبر ، والمر ، وكانت أكفانهم الأنطاع ، ثم ألقوا أنفسهم إلى الأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم إلى السماء والأرض لا يدرون من أين يأتيهم العذاب ، فلما أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كالصاعقة ، فتقطعت قلوبهم في صدورهم ', , 'تفسير الآية', , , "فأصبحوا في ديارهم جاثمين وأهلك الله من كان بين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا كان في الحرم فمنعه الحرم . قيل : ومن هو ؟ قيل : هو أبو رغال ، وهو أبو ثقيف في قول .

ولما سار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك أتى على قرية ثمود ، فقال لأصحابه : لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ، وأراهم مرتقى الفصيل في الجبل ، وأراهم الفج الذي كانت الناقة ترد منه الماء .

وأما صالح - عليه السلام - فإنه سار إلى الشام ، فنزل فلسطين ، ثم انتقل إلى مكة فأقام بها يعبد الله حتى مات ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وكان قد أقام في قومه يدعوهم عشرين سنة .

وأما أهل التوراة فإنهم يزعمون أنه لا ذكر لعاد ، وهود ، وثمود ، وصالح في التوراة ، قال : وأمرهم عند العرب في الجاهلية والإسلام كشهرة إبراهيم الخليل - عليه السلام - .

قلت : وليس إنكارهم ذلك بأعجب من إنكارهم نبوة إبراهيم الخليل ورسالته ، وكذلك إنكارهم حال المسيح - عليه السلام - .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 23:12


ذكر ولادة إسماعيل - عليه السلام - وحمله إلى مكة

قيل : كانت هاجر جارية ذات هيئة فوهبتها سارة لإبراهيم ، وقالت : خذها لعل الله يرزقك منها ولدا ، وكانت سارة قد منعت الولد حتى أسنت ، فوقع إبراهيم على هاجر فولدت إسماعيل ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا استفتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ، يعني ولادة هاجر .

فكان إبراهيم قد خرج بها إلى الشام من مصر خوفا من فرعون ، فنزل السبع من أرض فلسطين ، ونزل لوط بالمؤتفكة ، وهي من السبع مسيرة يوم وليلة ، فبعثه الله نبيا ، وكان إبراهيم قد اتخذ بالسبع بئرا ومسجدا وكان ماء البئر معينا طاهرا ، فآذاه أهل السبع ، فانتقل عنهم ، فنضب الماء فاتبعوه يسألونه العود إليهم ، فلم يفعل وأعطاهم سبعة أعنز ، وقال : إذا أوردتموها الماء ظهر حتى يكون معينا طاهرا فاشربوا منه ، ولا تغترف منه امرأة حائض . فخرجوا بالأعنز ، فلما وقفت على الماء ظهر إليها ، وكانوا يشربون منه ، إلى أن غرفت منه امرأة طامث فعاد الماء إلى الذي هو عليه اليوم . وأقام إبراهيم بين الرملة ، وإيليا ببلد يقال له قط أو قط .

قال : فلما ولد إسماعيل حزنت سارة حزنا شديدا ، فوهبها الله إسحاق ، وعمرها سبعون سنة ، فعمر إبراهيم مائة وعشرون سنة ، فلما كبر إسماعيل ، وإسحاق اختصما ، فغضبت سارة على هاجر فأخرجتها ، ثم أعادتها ، فغارت منها فأخرجتها ، وحلفت لتقطعن منها بضعة ، فتركت أنفها وأذنها لئلا تشينها ، ثم خفضتها ، فمن ثم خفض النساء . [ ص: 93 ] وقيل : كان إسماعيل صغيرا ، وإنما أخرجتها سارة غيرة منها ، وهو الصحيح . وقالت سارة : لا تساكنني في بلد . فأوحى الله إلى إبراهيم أن تأتي بمكة ، وليس بها يومئذ نبت ، فجاء إبراهيم بإسماعيل وأمه هاجر فوضعهما بمكة بموضع زمزم ، فلما مضى نادته هاجر : يا إبراهيم ، من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها زرع ، ولا ضرع ، ولا ماء ، ولا زاد ، ولا أنيس ؟ قال : ربي أمرني . قالت : فإنه لن يضيعنا . فلما ولى قال : ', , 'تفسير الآية, "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم الآية .

فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض برجله ، فانطلقت هاجر حتى صعدت الصفا لتنظر هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، فانحدرت إلى الوادي فسعت حتى أتت المروة ، فاستشرفت هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، ففعلت ذلك سبع مرات ، فذلك أصل السعي ، ثم جاءت إلى إسماعيل وهو يدحض الأرض بقدميه وقد نبعت العين ، وهي زمزم ، فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء ، وكلما اجتمع أخذته وجعلته في سقائها . قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يرحمها الله ! لو تركتها لكانت عينا سائحة .

وكانت جرهم بواد قريب من مكة ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء ، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي ، قالوا : ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاءوا إلى هاجر ، فقالوا : لو شئت لكنا معك فآنسناك والماء ماؤك . قالت : نعم . فكانوا معها حتى شب إسماعيل وماتت هاجر ، فتزوج إسماعيل امرأة من جرهم فتعلم العربية منهم هو وأولاده ، فهم العرب المتعربة .

واستأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر ، فأذنت له وشرطت عليه ألا ينزل ، فقدم وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ليس ههنا ، ذهب يتصيد . وكان إسماعيل يخرج من الحرم يتصيد ، ثم يرجع . قال إبراهيم : هل عندك ضيافة ؟ قالت : ليس عندي ضيافة وما عندي أحد . فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام ، وقولي له فليغير عتبة بابه .

وعاد إبراهيم ، وجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل عندك أحد ؟ [ ص: 94 ] قالت : جاءني شيخ كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك ؟ قالت : أقرئي زوجك السلام وقولي له فليغير عتبة بابه . فطلقها وتزوج أخرى .

فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل . فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته أين صاحبك ؟ قالت : ذهب ليتصيد وهو يجيء الآن إن شاء الله تعالى ، فانزل يرحمك الله . فقال لها : فعندك ضيافة ؟ قالت : نعم . قال : فهل عندك خبز ، أو بر ، أو شعير ، أو تمر ؟ قال : فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لهما بالبركة ، ولو جاءت يومئذ بخبز ، أو تمر ، أو بر ، أو شعير لكانت أكثر أرض الله من ذلك ، فقالت : انزل حتى أغسل رأسك . فلم ينزل . فجاءته بالمقام بالإناء فوضعته عند شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه فيه ، فغسلت شق رأسه الأيمن ، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر ففعلت به كذلك . فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه عني السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك .

فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : نعم ، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، فقال لي كذا وكذا . وقلت له كذا وكذا ، وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدمه ، وهو يقرئك السلام ويقول : قد استقامت عتبة بابك . قال : ذلك إبراهيم .

وقيل : إن الذي أنبع الماء جبرائيل ، فإنه نزل إلى هاجر وهي تسعى في الوادي فسمعت حسه فقالت : قد أسمعتني فأغثني فقد هلكت أنا ومن معي . فجاء بها إلى موضع زمزم ، فضرب بقدمه ، ففارت عينا ، فتعجلت ، فجعلت تفرغ في شنها . فقال لها : لا تخافي الظمأ .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 23:14


ذكر قصة الذبح

واختلف السلف من المسلمين في الذبيح ، فقال بعضهم : هو إسماعيل . وقال بعضهم : هو إسحاق . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلا القولين ، ولو كان فيهما صحيح لم نعده إلى غيره .

فأما الحديث في أن الذبيح إسحاق فقد روى الأحنف ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكر فيه : ', 'تفسير الآية,"وفديناه بذبح عظيم هو إسحاق ، وقد روي هذا الحديث عن العباس من قوله لم يرفعه .

وأما الحديث الآخر في أن الذبيح إسماعيل فقد روى الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح فقال : على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين ، فضحك - صلى الله عليه وسلم - فقيل لمعاوية ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب نذر إن سهل الله حفر زمزم أن يذبح أحد أولاده ، فخرج السهم على عبد الله أبي النبي - صلى الله عليه وسلم - ففداه بمائة بعير ، وسنذكره إن شاء الله ، والذبيح الثاني إسماعيل .

ذكر من قال إنه إسحاق

ذهب عمر بن الخطاب ، وعلي ، والعباس بن عبد المطلب ، وابنه عبد الله - رضي الله عنهم - فيما رواه عنه عكرمة ، وعبد الله بن مسعود ، وكعب ، وابن سابط ، وابن أبي الهذيل ، ومسروق إلى أن الذبيح إسحاق ، عليه السلام .

[ ص: 98 ] حدث عمرو بن أبي سفيان بن أبي أسيد بن أبي جارية الثقفي أن كعبا قال لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم ؟ قال : بلى . قال كعب : لما رأى إبراهيم ذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتتن أحدا منهم بعد ذلك أبدا ، فتمثل رجلا يعرفونه فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة امرأة إبراهيم ، فقال لها : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق ؟ قالت : لبعض حاجته . قال : لا والله إنما غدا به ليذبحه ! قالت سارة : لم يكن ليذبح ولده . قال الشيطان : بلى والله لأنه زعم أن الله قد أمره بذلك . قالت سارة : فهذا أحسن أن يطيع ربه . ثم خرج الشيطان ، فأدرك إسحاق وهو مع أبيه ، فقال له : إن إبراهيم يريد أن يذبحك . قال إسحاق : ما كان ليفعل . قال : بلى والله إنه زعم أن ربه أمر بذلك . قال إسحاق : فوالله لئن أمره ربه بذلك ليطيعنه ! فتركه ولحق إبراهيم ، فقال : أين أصبحت غاديا بابنك ؟ قال : لبعض حاجتي . قال : لا والله إنما تريد ذبحه ! قال : ولم ؟ قال : لأنك زعمت أن الله أمر بذلك . قال إبراهيم : فوالله إن كان الله أمرني بذلك لأفعلن .

فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه أعفاه الله من ذلك ، وفداه بذبح عظيم ، وأوحى الله إلى إسحاق : إني معطيك دعوة أستجيب لك فيها . قال إسحاق : اللهم فأيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة .

قال عبيد بن عمير : قال موسى : يا رب يقولون يا إله إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، فبم نالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا قط إلا اختارني ، وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود ، وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن بي .

( أسيد بفتح الهمزة ، وكسر السين . وجارية بالجيم ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 23:25


ذكر قصة لوط وقومه

قد ذكرنا مهاجر لوط مع إبراهيم - عليه السلام - إلى مصر ، وعودهم إلى الشام ، ومقام لوط بسدوم .

فلما أقام بها أرسله الله إلى أهلها ، وكانوا أهل كفر بالله تعالى ، وركوب فاحشة ، كما قال تعالى : ', , 'تفسير الآية',"إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر . فكان قطعهم السبيل أنهم كانوا يأخذون المسافر إذا مر بهم ويعملون به ذلك العمل الخبيث ، وهو اللواطة ، وأما إتيانهم المنكر في ناديهم فقيل كانوا يحذفون من مر بهم ويسخرون منهم ، وقيل : كانوا يتضارطون في مجالسهم ، وقيل : كان يأتي بعضهم بعضا في مجالسهم .

وكان لوط يدعوهم إلى عبادة الله وينهاهم عن الأمور التي يكرهها الله منهم من قطع السبيل ، وركوب الفواحش ، وإتيان الذكور في الأدبار ، ويتوعدهم على إصرارهم ، وترك التوبة بالعذاب الأليم ، فلا يزجرهم ذلك ولا يزيدهم وعظه إلا تماديا ، واستعجالا لعقاب الله إنكارا منهم لوعيده ، ويقولون له : ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين . حتى سأل لوط النصرة عليهم لما تطاول عليه أمرهم وتماديهم في غيهم .

[ ص: 107 ] فبعث الله ، لما أراد هلاكهم ونصر رسوله ، جبرائيل وملكين آخرين معه ، أحدهما ميكائيل ، والآخر إسرافيل ، فأقبلوا فيما ذكر مشاة في صورة رجال وأمرهم أن يبدءوا بإبراهيم ، وسارة ويبشرون بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب .

فلما نزلوا على إبراهيم ، وكان الضيف قد أبطأ عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه ، وكان يضيف من نزل به ، وقد وسع الله عليه الرزق ، فرح بهم ورأى ضيفا لم ير مثلهم حسنا وجمالا ، فقال : لا يخدم هؤلاء القوم أحد إلا أنا بيدي . فخرج إلى أهله فجاء بعجل سمين قد حنذه ، أي أنضجه ، فقربه إليهم ، فأمسكوا أيديهم عنه ، ', 'تفسير الآية, , "فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته سارة قائمة فضحكت لما عرفت من أمر الله ولما تعلم من قوم لوط ', , 'تفسير الآية', بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فقالت وصكت وجهها : ', , 'تفسير الآية',, "أألد وأنا عجوز ، إلى قوله : ', , 'تفسير الآية', , , , "حميد مجيد . وكانت ابنة تسعين سنة وإبراهيم ابن عشرين ومائة .

', '
تفسير الآية', , , فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى ذهب يجادل جبرائيل في قوم لوط ، فقال له : أرأيت إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : وإن كان فيهم خمسون من المسلمين لم يعذبهم ؟ قال : وأربعون . قالوا : وأربعون ؟ قال : وثلاثون ، حتى بلغ عشرة . قالوا : وإن كان فيهم عشرة ؟ قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ! ثم قال : ', 'تفسير الآية"إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين .

ثم مضت الملائكة نحو سدوم قرية لوط ، فلما انتهوا إليها لقوا لوطا في أرض له يعمل فيها ، وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فأتوه فقالوا : إنا متضيفوك الليلة ، فانطلق بهم ، فلما مشى ساعة التفت إليهم فقال لهم : [ ص: 108 ] أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض إنسانا أخبث منهم ، حتى قال ذلك أربع مرات .

وقيل : بل لقوا ابنته فقالوا : يا جارية هل من منزل ؟ قالت : نعم ، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم . خافت عليهم من قومها ، فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أدرك فتيانا على باب المدينة ما رأيت أصبح وجوها منهم لئلا يأخذهم قومك فيفضحوهم . وكان قومه قد نهوه أن يضيف رجلا ، فجاء بهم فلم يعلم إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، وقالت لهم : قد نزل بنا قوم ما رأيت أحسن وجوها منهم ، ولا أطيب رائحة . فجاءه قومه يهرعون إليه . فقال : يا قوم ',, 'تفسير الآية', اتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد . فنهاهم ورغبهم وقال : ', الآية', "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم مما تريدون . ', , 'تفسير الآية', , قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ', , 'تفسير الآية',, " "أولم ننهك عن العالمين ، فلما لم يقبلوا منه ', , 'تفسير الآية', , "قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد يعني لو أن لي أنصارا أو عشيرة يمنعوني منكم . فلما قال ذلك وجد عليه الرسل ، فقالوا : إن ركنك لشديد ولم يبعث الله نبيا إلا في ثروة من قومه ومنعة من عشيرته . وأغلق لوط الباب ، فعالجوه ، وفتح لوط الباب ، فدخلوا ، واستأذن جبرائيل ربه في عقوبتهم فأذن له فبسط جناحيه ففقأ أعينهم وخرجوا يدوس بعضهم بعضا عميانا يقولون : النجاء النجاء ! فإن في بيت لوط أسحر قوم في الأرض ! وقالوا للوط : ', , 'تفسير الآية', إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ', , 'تفسير الآية', , "واتبع أدبارهم ', , 'تفسير الآية', , وامضوا حيث تؤمرون .

فأخرجهم الله إلى الشام ، وقال لوط : أهلكوهم الساعة ، فقالوا لم نؤمر إلا بالصبح ، ', , 'تفسير الآية', أليس الصبح بقريب . فلما كان الصبح أدخل جبرائيل - وقيل ميكائيل - جناحه في أرضهم وقراهم الخمس فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح ديكتهم ونباح [ ص: 109 ] كلابهم ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها ، وأمطر عليهم حجارة من سجيل فأهلكت من لم يكن بالقرى . وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت : واقوماه ! فأدركها حجر فقتلها . ونجى الله لوطا وأهله إلا امرأته .

وذكر أنه كان فيها أربعمائة ألف . وكان إبراهيم يتشرف عليها ويقول : سدوم يوما هالك .

ومدائن قوم لوط خمس : سدوم ، وصبعة ، وعمرة ، ودوما ، وصعوة ، وسدوم هي القرية العظمى .

قوله ', , 'تفسير الآية',, "يهرعون إليه ، هو مشي بين الهرولة والجمز .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالجمعة 27 أبريل 2012 - 23:27


ذكر خبر ولد إسماعيل بن إبراهيم

قد ذكرنا فيما مضى سبب إسكان إسماعيل الحرم وتزوجه امرأة من جرهم ، وفراقه إياها بأمر إبراهيم ، ثم تزوج أخرى ، وهي السيدة بنت مضاض الجرهمي ، وهي التي قال لها : قولي لزوجك : قد رضيت لك عتبة بابك ، فولدت لإسماعيل اثني عشر رجلا : نابت ، وقيدار ، وإذيل ، وميشا ، ومسمع ، ورما ، وماش ، وآذر ، وقطورا ، وقافس ، وطميا ، وقيدمان .

وكان عمر إسماعيل فيما يزعمون سبعا وثلاثين ومائة سنة . ومن نابت وقيدار ابني إسماعيل نشر الله العرب ، وأرسله الله تعالى إلى العماليق وقبائل اليمن . وقد ينطق أولاد إسماعيل بغير الألفاظ التي ذكرت .

ولما حضرت إسماعيل الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق ، وزوج ابنته من العيص بن إسحاق ، ودفن عند قبر أمه هاجر بالحجر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:39


قصة أيوب ، عليه السلام


وهو رجل من الروم من ولد عيص ، وهو أيوب بن موص بن رازج بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ، وقيل : موص بن روعيل بن عيص . وكانت زوجته التي أمر أن يضربها بالضغث ليا ابنة يعقوب بن إسحاق ، وقيل : هي رحمة ابنة أفراهيم بن يوسف ، وكانت أمه من ولد لوط ، وكان دينه التوحيد والإصلاح بين الناس ، وإذا أراد حاجة سجد ثم طلبها .

وكان من حديثه وسبب بلائه أن إبليس سمع تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب حين ذكره الله فحسده ، وسأل الله أن يسلطه عليه ليفتنه عن دينه ، فسلطه على ماله حسب ، فجمع إبليس عظماء أصحابه من العفاريت ، وكان لأيوب البثنية جميعها من [ ص: 116 ] أعمال دمشق بما فيها ، وكان له فيها ألف شاة برعاتها وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ومال ، ويحمل آلة الفدان أتان ، ولكل أتان ولد ، واثنان وما فوق ذلك ، فلما جمعهم إبليس قال : ما عندكم من القوة والمعرفة ، فإني قد تسلطت على مال أيوب . فقال كل منهم قولا ، فأرسلهم ، فأهلكوا ماله كله ، وأيوب يحمد الله ولا يرجع عن الجد في عبادته ، والشكر له على ما أعطاه ، والصبر على ما ابتلاه .

فلما رأى ذلك إبليس من أمره سأل الله أن يسلطه على ولده ، فسلطه عليهم ولم يجعل له سلطانا على جسده ولا عقله وقلبه ، فأهلك ولده كلهم ، ثم جاء إليه متمثلا بمعلمهم الذي كان يعلمهم الحكمة جريحا مشدوخا يرققه حتى رق أيوب فبكى وقبض قبضة من التراب فوضعها على رأسه فسر بذلك إبليس .

ثم إن أيوب ندم لذلك وجد واستغفر ، فصعد حفظته من الملائكة بتوبته إلى الله قبل إبليس ، فلما لم يرجع أيوب عن عبادة ربه والصبر على ما ابتلاه به سأل الله تعالى أن يسلطه على جسده ، فسلطه على جسده ، فسلطه عليه خلا لسانه وقلبه وعقله فإنه لم يجعل له على ذلك سلطانا . فجاءه وهو ساجد فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده وصار أمره إلى أن انتثر لحمه وامتلأ جسده دودا ، فإن كانت الدودة لتسقط من جسده فيردها إليه ويقول : كلي من رزق الله ، وأصابه الجذام ، وكان أشد من ذلك عليه أنه كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ ، وأنتن حتى لم يطق أحد يشم ريحه ، فأخرجه أهل القرية منها إلى الكناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلا زوجته ، وكانت تختلف إليه بما يصلحه ، فبقي مطروحا على الكناسة سبع سنين ما يسأل الله أن يكشف ما به ، وما على وجه الأرض أكرم على الله منه .

وقيل : كان سبب بلائه أن أرض الشام أجدبت فأرسل فرعون إلى أيوب أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة ، فأقبل بأهله وخيله وماشيته ، فأقطعهم فرعون القطائع . ثم إن شعيبا النبي دخل إلى فرعون فقال : يا فرعون ، أما تخاف أن يغضب الله غضبة [ ص: 117 ] فيغضب لغضبه أهل السماء ، وأهل الأرض والبحار ، والجبال ؟ وأيوب ساكت لا يتكلم ، فلما خرجا أوحى الله إلى أيوب : يا أيوب ، سكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه ، استعد للبلاء . فقال أيوب : أما كنت أكفل اليتيم وأؤوي الغريب ، وأشبع الجائع ، وأكفي الأرملة ؟ فمرت سحابة يسمع فيها عشرة آلاف من الصواعق يقولون : من فعل بك ذلك يا أيوب ؟ فأخذ ترابا فوضعه على رأسه وقال : أنت يا رب ، فأوحى الله إليه : استعد للبلاء . قال : فديني ؟ قال : أسلمه لك . قال : فما أبالي .

وقيل : كان السبب غير ذلك ، وهو نحو مما ذكرنا .

فلما ابتلاه الله واشتد عليه البلاء قالت له امرأته : إنك رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك . فقال : كنا في النعماء سبعين سنة فلنصبر في البلاء سبعين سنة ، والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة .

وقيل : إنما أقسم ليجلدنها لأن إبليس ظهر لها وقال : بم أصابكم ما أصابكم ؟ قالت : بقدر الله . قال : وهذا أيضا بقدر الله فاتبعيني ، فاتبعته ، فأراها جميع ما ذهب منهم في واد ، وقال : اسجدي لي وأرده عليكم . فقالت : إن لي زوجا أستأمره . فلما أخبرت أيوب قال : ألم تعلمي أن ذلك الشيطان ؟ لئن شفيت لأجلدنك مائة جلدة ، وأبعدها ، وقال لها : طعامك وشرابك علي حرام لا أذوق مما تأتيني به شيئا فابعدي عني فلا أراك . فذهبت عنه ، فلما رأى أيوب أن امرأته قد طردها وليس عنده طعام ، ولا شراب ، ولا صديق خر ساجدا ، وقال : رب ', , 'تفسير الآية', \, أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين كرر ذلك . فقيل له : ارفع رأسك فقد استجيب لك ، ',, , 'تفسير الآية', , , اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ، ورد الله إليه جسده وصورته .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:39



[ ص: 118 ] وأما امرأته فقالت : كيف أتركه ، وليس عنده أحد ، يموت جوعا وتأكله السباع ؟ فرجعت إليه فرأت أيوب وقد عوفي ، فلم تعرفه ، فعجبت حيث لم تره على حاله ، فقالت له : يا عبد الله ، هل رأيت ذلك الرجل المبتلى الذي كان ههنا ؟ قال : وهل تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : نعم . قال : هو أنا . فعرفته .

وقيل : إنما قال : مسني الضر لما وصل الدود إلى لسانه وقلبه خاف أن يبطل عن ذكر الله تعالى والفكر . ورد الله إليه أهله ومثلهم معهم ، قيل هم بأعيانهم ، وقيل : رد الله إليه امرأته ورد إليها شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرا وأنزل الله إليه ملكا فقال : يا أيوب ، إن الله يقرئك السلام لصبرك على البلاء . اخرج إلى أندرك . فخرج إليه ، فبعث الله سحابة فألقت عليه جرادا من ذهب ، وكانت الجرادة تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره ، فقال الملك : أما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج ؟ فقال : إن هذه البركة من بركات ربي لست أشبع منها .

وعاش أيوب بعد أن رفع عنه البلاء سبعين سنة ، ولما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ليبر من يمينه ، ففعل ذلك .

وقول أيوب : رب إني مسني الضر ، دعاء ليس بشكوى ، ودليله قوله تعالى : ', , , 'تفسير الآية', , فاستجبنا له .

وكان من دعاء أيوب : أعوذ بالله من جار عينه تراني إن رأى حسنة سترها وإن رأى سيئة ذكرها . وقيل : كان سبب دعائه أنه كان قد اتبعه ثلاثة نفر على دينه اسم أحدهم بلدد [ ص: 119 ] والآخر اليفر ، والثالث صافر ، فانطلقوا إليه وهو في البلاء فبكتوه أشد تبكيت ، وقالوا له : لقد أذنبت ذنبا ما أذنبه أحد ، فلهذا لم يكشف العذاب عنك . وطال الجدال بينهم وبينه ، فقال فتى كان معهم لهم كلاما يرد عليهم ، فقال : قد تركتم من القول أحسنه ، ومن الرأي أصوبه ، ومن الأمر أجمله ، وقد كان لأيوب عليكم من الحق والذمام أفضل من الذي وصفتم ، فهل تدرون حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم ، ومن الرجل الذي عبتم ؟ ألم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته من خلقه يومكم هذا ؟ ثم لم تعلموا ولم يعلمكم الله أنه سخط شيئا من أمره ولا أنه نزع شيئا من الكرامة التي كرم الله بها عباده ولا أن أيوب فعل غير الحق في طول ما صحبتموه ، فإن كان البلاء هو الذي أزرى به عندكم ووضعه في نفوسكم ، فقد علمتم أن الله يبتلي النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين وليس بلاؤه لأولئك دليلا على سخطه عليهم ولا على هوانهم عليه ولكنها كرامة وخيرة لهم . وأطال في هذا النحو من الكلام .

ثم قال لهم : وقد كان في عظمة الله وجلاله وذكر الموت ما يكل ألسنتكم ويكسر قلوبكم ويقطع حجتكم ، ألم تعلموا أن لله عبادا أسكتتهم خشيته عن الكلام من غير عي ولا بكم ؟ وإنهم لهم الفصحاء الألباء العالمون بالله وآياته ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت قلوبهم ، وانقطعت ألسنتهم ، وطاشت أحلامهم ، وعقولهم فزعا من الله وهيبة له ، فإذا أفاقوا استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية يعدون أنفسهم مع الظالمين وإنهم لأبرار ، ومع المقصرين وإنهم لأكياس أتقياء ، ولكنهم لا يستكثرون لله - عز وجل - الكثير ولا يرضون له القليل ولا يدلون عليه بالأعمال فهم أينما لقيتهم خائفون مهيمون وجلون .

فلما سمع أيوب كلامه قال : إن الله يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير ، والكبير ، فمتى كانت في القلب ظهرت على اللسان ولا تكون الحكمة من قبل السن ، والشيبة ، ولا طول التجربة ، وإذا جعل الله تعالى عبدا حكيما عند الصبا لم تسقط منزلته عند الحكام . ثم أقبل على الثلاثة ، فقال : رهبتم قبل أن تسترهبوا ، وبكيتم قبل أن [ ص: 120 ] تضربوا ، كيف بكم لو قلت لكم تصدقوا عني بأموالكم لعل الله أن يخلصني ، أو قربوا قربانا لعل الله أن يتقبل ويرضى عني ؟ وإنكم قد أعجبتكم أنفسكم فظننتم أنكم عوفيتم بإحسانكم فبغيتم وتعززتم ، لو صدقتم ونظرتم بينكم وبين ربكم لوجدتم لكم عيوبا سترها الله بالعافية ، وقد كنت فيما خلا والرجال يوقرونني وأنا مسموع كلامي ، معروف من حقي ، منتصف من خصمي ، فأصبحت اليوم وليس لي رأي ولا كلام معكم ، فأنتم أشد علي من مصيبتي .

ثم أعرض عنهم ، وأقبل على ربه مستغيثا به متضرعا إليه ، فقال : رب ، لأي شيء خلقتني ! ليتني إن كرهتني لم تخلقني ، يا ليتني كنت حيضة ملقاة ، ويا ليتني عرفت الذنب الذي أذنبت فصرفت وجهك الكريم عني ! لو كنت أمتني فالموت أجمل بي ! ألم أكن للغريب دارا ، وللمسكين قرارا ، ولليتيم وليا ، وللأرملة قيما ؟ إلهي أنا عبد ذليل إن أحسنت فالمن لك ، وإن أسأت فبيدك عقوبتي ! جعلتني للبلاء غرضا فقد وقع علي البلاء لو سلطته على جبل لضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي ! ذهب المال فصرت أسأل بكفي فيطعمني من كنت أعوله اللقمة الواحدة فيمنها علي ويعيرني ! هلك أولادي ، ولو بقي أحدهم أعانني . فقد ملتني أهلي وعقني أرحامي فتنكرت معارفي ، ورغب عني صديقي ، وجحدت حقوقي ، ونسيت صنائعي . أصرخ فلا يصرخونني ، وأعتذر فلا يعذرونني . دعوت غلامي فلم يجبني ، وتضرعت إلى أمتي فلم ترحمني ، وإن قضاءك هو الذي آذاني وأقمأني ، وإن سلطانك هو الذي أسقمني . فلو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري وأطلق لساني حتى أتكلم ملء فمي ، ثم كان ينبغي للعبد أن يحاج مولاه عن نفسه - لرجوت أن تعافيني عند ذلك ، ولكنه ألقاني وعلا عني فهو يراني ولا أراه ، ويسمعني ولا أسمعه ، لا نظر إلي فرحمني ، ولا دنا مني فأتكلم ببراءتي وأخاصم عن نفسي .

فلما قال أيوب ذلك أظلتهم غمامة ونودي منها : يا أيوب إن الله يقول قد دنوت منك ولم أزل منك قريبا ، فقم فأدل بحجتك ، وتكلم ببراءتك ، وقم مقام جبار ، فإنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار . تجعل الزيار في فم الأسد ، واللجام في فم التنين ، [ ص: 121 ] وتكيل مكيالا من النور ، وتزن مثقالا من الريح ، وتصر صرة من الشمس ، وترد أمس . لقد منتك نفسك أمرا لا تبلغه بمثل قوتك . أردت أن تكابرني بضعفك أم تخاصمني بعيك أم تحاجني بخطلك ! أين أنت مني يوم خلقت الأرض ؟ هل علمت بأي مقدار قدرتها ؟ أين كنت معي يوم رفعت السماء سقفا في الهواء لا بعلائق ولا بدعائم تحملها ؟ هل تبلغ حكمتك أن تجري نورها ، أو تسير نجومها ، أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها ؟ وذكر أشياء من مصنوعات الله .

فقال أيوب : قصرت عن هذا الأمر ! ليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخطك ! إلهي اجتمع علي البلاء ، وأنا أعلم أن كل الذي ذكرت صنع يديك ، وتدبير حكمتك لا يعجزك شيء ولا تخفى عليك خافية ، تعلم ما تخفي القلوب ، وقد علمت بلائي ما لم أكن أعلمه . كنت أسمع بسطوتك سمعا فأما الآن فهو نظر العين . وإنما تكلمت بما تكلمت به لتعذرني ، وسكت لترحمني ، وقد وضعت يدي على فمي ، وعضضت على لساني ، وألصقت بالتراب خدي فدسست فيه وجهي فلا أعود لشيء تكرهه . ودعا .

فقال الله : يا أيوب ، نفذ فيك حكمي ، وسبقت رحمتي غضبي ، قد غفرت لك ورددت عليك أهلك ، ومالك ، ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آية وعبرة لأهل البلاء وعزاء للصابرين ، فـ ', , 'تفسير الآية', "اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاء ، وقرب عن أصحابك قربانا واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك . فركض برجله فانفجرت له عين ماء ، فاغتسل فيها ، فرفع الله عنه البلاء ، ثم خرج فجلس وأقبلت امرأته فسألته عنه فقال : هل تعرفينه ؟ قالت : نعم ، مالي لا أعرفه ! فتبسم ، فعرفته بضحكه ، فاعتنقته فلم تفارقه من عناقه حتى مر بهما كل مال لهما وولد .

وإنما ذكرته قبل يوسف وقصته لما ذكر بعضهم من أمره وأنه كان نبيا في عهد يعقوب .

[ ص: 122 ] وذكر أن عمر أيوب كان ثلاثا وتسعين سنة ، وأنه أوصى عند موته إلى ابنه حومل ، وأن الله بعث بعده ابنه بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل ، وكان مقيما بالشام حتى مات ، وكان عمره خمسا وسبعين سنة ، فأوصى إلى ابنه عبدان ، وأن الله بعث بعده شعيب بن ضيعون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم - عليه السلام - .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:44


قصة شعيب ، عليه السلام

قيل : إن اسم شعيب يثرون بن صيفون بن عنقا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ، وقيل : هو شعيب بن ميكيل من ولد مدين ، وقيل : لم يكن شعيب من ولد إبراهيم ، وإنما هو ولد بعض من آمن بإبراهيم وهاجر معه إلى الشام ، ولكنه ابن بنت لوط ، فجدة شعيب ابنة لوط ، وكان ضرير البصر ، وهو معنى قوله تعالى : , 'تفسير الآية', "وإنا لنراك فينا ضعيفا ، أي ضرير البصر .

[ ص: 139 ] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكره قال : ذاك خطيب الأنبياء ، بحسن مراجعته قومه ، وإن الله أرسله إلى أهل مدين وهم أصحاب الأيكة .

والأيكة : شجر ملتف ، وكانوا أهل كفر بالله ، وبخس للناس في المكاييل والموازين ، وإفساد أموالهم ، وكان الله وسع عليهم في الرزق وبسط لهم في العيش استدراجا لهم منه مع كفرهم بالله ، فقال لهم شعيب : ','تفسير الآية', "ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط .

فلما طال تماديهم في غيهم وضلالهم ولم يزدهم تذكير شعيب إياهم وتحذيره عذاب الله إياهم إلا تماديا ، ولما أراد إهلاكهم سلط عليهم عذاب يوم الظلة ، وهو ما ذكره ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ', , 'تفسير الآية', فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم . فقال : بعث الله عليهم وقدة وحرا شديدا فأخذ بأنفسهم ، فخرجوا من البيوت هرابا إلى البرية ، فبعث الله عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس ، فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى اجتمعوا تحتها ، فأرسل الله عليهم نارا . قال عبد الله بن عباس : فذلك ', , 'تفسير الآية', "عذاب يوم الظلة .

وقال قتادة : بعث الله شعيبا إلى أمتين : إلى قومه أهل مدين ، وإلى أصحاب الأيكة وكانت الأيكة من شجر ملتف ، فلما أراد الله أن يعذبهم بعث عليهم حرا شديدا ورفع لهم العذاب كأنه سحابة ، فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بردها ، فلما كانوا تحتها أمطرت عليهم نارا ، قال : فذلك قوله : ', , 'تفسير الآية', "فأخذهم عذاب يوم الظلة .

وأما أهل مدين فمنهم من ولد مدين بن إبراهيم الخليل ، فعذبهم الله بالرجفة ، وهي الزلزلة ، فأهلكوا .

قال بعض العلماء : كان قوم شعيب عطلوا حدا ، فوسع الله عليهم في الرزق ، ثم عطلوا حدا فوسع الله عليهم في الرزق ، فجعلوا كلما عطلوا حدا وسع الله عليهم في الرزق ، حتى إذا أراد هلاكهم سلط عليهم حرا لا يستطيعون أن يتقاروا ولا ينفعهم ظل ولا ماء حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روحا فنادى أصحابه : هلموا [ ص: 140 ] إلى الروح ، فذهبوا إليه سراعا حتى إذا اجتمعوا إليها ألهبها الله عليهم نارا ، فذلك عذاب يوم الظلة .

وقد روى عامر ، عن ابن عباس أنه قال له : من حدثك ما عذاب يوم الظلة فكذبه . وقال مجاهد : عذاب يوم الظلة هو إظلال العذاب على قوم شعيب . وقال زيد بن أسلم في قوله تعالى : ', , 'تفسير الآية', "ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، قال : مما كان ينهاهم عنه قطع الدراهم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:46


ذكر الخبر عن منوجهر والحوادث في أيامه

ثم ملك بعد أفريدون بن أثغيان بن كاو منوجهر ، وهو من ولد إيرج بن أفريدون ، وكان مولده بدنباوند ، وقيل بالري فلما ولد منوجهر أخفى أمره خوفا من طوج وسلم عليه ، ولما كبر منوجهر سار إلى جده أفريدون فتوسم فيه الخير ، وجعل له ما كان جعله لجده إيرج من المملكة وتوجه بتاجه .

وقد زعم بعضهم أن منوجهر بن شجر بن أفريقش بن إسحاق بن إبراهيم انتقل إليه الملك ، واستشهد بقول جرير بن عطية :

[ ص: 146 ]

وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا حمائل موت لابسين السنورا إذا انتسبوا عدوا الصبهبذ منهم
وكسرى وعدوا الهرمزان وقيصرا وكان كتاب فيهم ونبوة
وكانوا بإصطخر الملوك وتسترا فيجمعنا والغر أبناء فارس أب
لا نبالي بعده من تأخرا أبونا خليل الله والله ربنا رضينا
بما أعطى الإله وقدرا

وأما الفرس فتنكر هذا النسب ولا تعرف له ملكا إلا في أولاد أفريدون ولا تقر بالملك لغيرهم
.


قلت : والحق ما قاله الفرس ، فإن أسماء ملوكهم قبل الإسكندر معروفة وبعد أيامه ملوك الطوائف ، وإذا كان منوجهر أيام موسى ، وكل ما بين موسى وإسحاق خمسة آباء معروفون ، ولم يزالوا بمصر ، ففي أي زمان كثروا وانتشروا ، وملكوا بلاد الفرس ؟ ومن أين لجرير هذا العلم حتى يكون قوله حجة ، ولا سيما وقد جعل الجميع أبناء إسحاق !

قال هشام بن الكلبي : ملك طوج وسلم الأرض بعد أخيهما إيرج ثلاثمائة سنة ، ثم ملك منوجهر مائة وعشرين سنة ، ثم وثب به ابن لطوج التركي على رأس ثمانين [ ص: 147 ] سنة فنفاه عن بلاد العراق اثنتي عشرة سنة ، ثم أديل منه منوجهر فنفاه عن بلاده وعاد إلى ملكه ، وملك بعد ذلك ثمانيا وعشرين سنة .

وكان منوجهر يوصف بالعدل والإحسان ، وهو أول من خندق الخنادق وجمع آلة الحرب ، وأول من وضع الدهقنة فجعل لكل قرية دهقانا وأمر أهلها بطاعته ، ويقال : إن موسى ظهر في سنة ستين من ملكه .

وقال غير هشام : إنه لما ملك سار نحو بلاد الترك طالبا بدم جده إيرج بن أفريدون ، فقتل طوج بن أفريدون وأخاه سلما ، ثم إن أفراسياب بن فشنج بن رستم بن ترك ، الذي ينسب إليه الأتراك من ولد طوج بن أفريدون ، حارب منوجهر بعد قتله طوج بستين سنة وحاصره بطبرستان ، ثم اصطلحا على أن يجعلا حد ما بين ملكيهما منتهى رمية سهم رجل من أصحاب منوجهر اسمه إيرشى ، وكان راميا شديد النزع ، فرمى سهما من طبرستان فوقع بنهر بلخ ، وصار النهر حد ما بين الترك ولد طوج وعمل منوجهر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:47


قلت : وهذا من أعجب ما يتداوله الفرس في أكاذيبهم ، أن رمية سهم تبلغ هذا كله .

وقد ذكر أن منوجهر اشتق من الفرات ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما وأمر بعمارة الأرض .

وقيل : إن الترك تناولت من أطراف رعيته بعد خمس وثلاثين سنة من ملكه ، فوبخ قومه وقال لهم : أيها الناس ، إنكم لم تلدوا الناس كلهم وإنما الناس ناس ما عقلوا من أنفسهم ودفعوا العدو عنهم ، وقد نالت الترك من أطرافكم وليس ذلك إلا بترككم [ ص: 148 ] جهاد عدوكم ، وإن الله أعطانا هذا الملك ليبلونا أنشكر أم نكفر فيعاقبنا ، فإذا كان غد فاحضروا .

فحضر الناس والأشراف ، فقام على قدميه ، فقام له الناس ، فقال : اقعدوا ، إنما قمت لأسمعكم . فجلسوا . فقال : أيها الناس ، إنما الخلق للخالق والشكر للمنعم ، والتسليم للقادر ، ولا بد مما هو كائن ، وإنه لا أضعف من مخلوق طالبا كان أو مطلوبا ، ولا أقوى من خالق ولا أقدر ممن طلبته في يده ، ولا أعجز ممن هو في يد طالبه ، وإن التفكر نور ، والغفلة ظلمة ، فالضلالة جهالة ، وقد ورد الأول ولا بد للآخر من اللحاق بالأول . إن الله أعطانا هذا الملك فله الحمد ونسأله إلهام الرشد ، والصدق واليقين ، وإنه لا بد أن يكون للملك على أهل مملكته حق ولأهل مملكته عليه حق ، فحق الملك عليهم أن يطيعوه ، ويناصحوه ، ويقاتلوا عدوه ، وحقهم على الملك أن يعطيهم أرزاقهم في أوقاتها إذ لا معول لهم إلا عليها ، وإنه خازنهم ، وحق الرعية على الملك أن ينظر إليهم ويرفق بهم ولا يحملهم على ما لا يطيقون ، وإن أصابتهم مصيبة تنقص من ثمارهم أن يسقط عنهم خراج ما نقص ، وإن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهم ما يقويهم على عمارتهم ، ثم يأخذ منهم بعد ذلك قدر ما لا يجحف بهم في سنة أو سنتين . ألا وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثلاث خصال : أن يكون صدوقا لا يكذب ، وأن يكون سخيا لا يبخل ، وأن يملك نفسه عند الغضب فإنه مسلط ويده مبسوطة ، والخراج يأتيه ، فلا يستأثر عن جنده ورعيته بما هم أهل له ، وأن يكثر العفو فإنه لا ملك أقوى ولا أبقى من ملك العفو ، فإن الملك إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة .

ألا وإن الترك قد طمعت فيكم فاكفونا ، فإنما تكفون أنفسكم ، وقد أمرت لكم بالسلاح والعدة وأنا شريككم في الرأي ، وإنما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكم . ألا وإنما الملك ملك إذا أطيع ، فإن خولف فهو مملوك وليس بملك . ألا وإن أكمل الأداة عند المصيبات الأخذ بالصبر ، والراحة إلى اليقين ، فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له بفوز رضوان الله ، وإنما هذه الدنيا سفر لأهلها لا يحلون عقد الرحال إلا في غيرها . وهي خطبة طويلة .

[ ص: 149 ] ثم أمر بالطعام فأكلوا وشربوا ، وخرجوا وهم له شاكرون مطيعون .

وكان ملكه مائة وعشرين سنة .

وزعم ابن الكلبي أن الرايش ، واسمه الحرث بن قيس بن صيفي بن سبإ بن يعرب بن قحطان ، وكان قد ملك اليمن بعد يعرب بن قحطان ، كان ملكه باليمن أيام ملك منوجهر ، وإنما سمي الرايش لغنيمة غنمها فأدخلها اليمن فسمي الرايش ، ثم غزا الهند فقتل بها وأسر وغنم ، ورجع إلى اليمن ، ثم سار على جبلي طيئ ، ثم على الأنبار ، ثم على الموصل ووجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه يقال له شمر بن العطاف ، فدخل على الترك بأرض أذربيجان فقتل المقاتلة وسبى الذرية وكتب ما كان من مسيره على حجرين ، وهما معروفان بأذربيجان .

ثم ملك بعده ابنه أبرهة ، ولقبه ذو المنار ، وإنما لقب بذلك لأنه غزا بلاد المغرب ، ووغل فيها برا وبحرا ، وخاف على جيشه الضلال عند قفوله فبنى المنار ليهتدوا بها .

وقد زعم أهل اليمن انه وجه ابنه العبد بن أبرهة في غزواته إلى ناحية من أقاصي المغرب فغنم ، وقدم بسبي له وحشة منكرة ، فذعر الناس منهم ، فسمي ذو الأذعار ، فأبرهة أحد ملوكهم الذين توغلوا في البلاد .

وإنما ذكرت من ذكرت من ملوك اليمن ههنا لقول من زعم أن الرايش كان أيام منوجهر وأن ملوك اليمن كانوا عمالا لملوك فارس .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:53


ذكر أمر بني إسرائيل في التيه ، ووفاة هارون ، عليه السلام

ثم إن الله تعالى أمر موسى - عليه السلام - أن يسير ببني إسرائيل إلى أريحا بلد الجبارين ، وهي أرض بيت المقدس ، فساروا حتى كانوا قريبا منهم ، فبعث موسى اثني عشر نقيبا من سائر أسباط بني إسرائيل ، فساروا ليأتوا بخبر الجبارين ، فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عوج بن عناق فأخذ الاثني عشر فحملهم وانطلق بهم إلى امرأته فقال : انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقتلونا ، وأراد أن يطأهم برجله ، فمنعته امرأته ، وقالت : أطلقهم ليرجعوا ويخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك ، فلما خرجوا قال بعضهم لبعض : إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل بخبر هؤلاء لا يقدموا عليهم ، فاكتموا الأمر عنهم ، وتعاهدوا على ذلك ورجعوا ، فنكث عشرة منهم العهد وأخبروا بما رأوا ، وكتم رجلان منهم ، وهما : يوشع بن نون ، وكالب بن يوفنا ختن موسى ، ولم يخبروا إلا موسى وهارون ، فلما سمع بنو إسرائيل الخبر عن الجبارين امتنعوا عن المسير إليهم . فقال لهم موسى : ', , 'تفسير الآية',ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ', "قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ', , 'تفسير الآية', "قال رجلان - وهما يوشع ، وكالب - ', , 'تفسير الآية', "من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ', 'تفسير الآية', "قالوا ياموسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون .

[ ص: 170 ] فغضب موسى ، فدعا عليهم ، فقال : ', , 'تفسير الآية', رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ، وكانت عجلة من موسى . فقال الله تعالى : ', , 'تفسير الآية', , "فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض . فندم موسى حينئذ . فقالوا له : فكيف لنا بالطعام ؟ فأنزل الله المن والسلوى .

فأما المن فقيل هو كالصمغ وطعمه كالشهد يقع على الأشجار ، وقيل : هو الترنجبين ، وقيل : هو الخبز الرقاق ، وقيل : هو عسل كان ينزل لكل إنسان صاع ، وأما السلوى فهو طائر يشبه السمانى . فقالوا : أين الشراب ؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر ', , 'تفسير الآية', , "فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا لكل سبط عين . فقالوا : أين الظل ؟ فظلل عليهم الغمام فقالوا : أين اللباس ؟ فكانت ثيابهم تطول معهم ولا يتمزق لهم ثوب . ثم قالوا : ', , 'تفسير الآية',"ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم . فلما خرجوا من التيه رفع عنهم المن والسلوى .

ثم إن موسى التقى هو وعوج بن عناق ، فوثب موسى عشرة أذرع ، وكانت عصاه عشرة أذرع ، وكان طوله عشرة أذرع ، فأصاب كعب عوج فقتله . وقيل : عاش عوج ثلاثة آلاف سنة .

ثم إن الله أوحى إلى موسى : إني متوف هارون فأت به جبل كذا وكذا . فانطلقا نحوه فإذا هم فيه بشجرة لم يروا مثلها وفيه بيت مبني ، وسرير عليه فرش ، وريح طيبة ، [ ص: 171 ] فلما رآه هارون أعجبه ، قال : يا موسى إني أريد أن أنام على هذا السرير . فقال له موسى : نم . قال : إني أخاف رب هذا البيت أن يأتي فيغضب علي . قال موسى : لا تخف أنا أكفيك . قال : فنم معي . فلما ناما أخذ هارون الموت ، فلما وجد حسه قال : يا موسى خدعتني ! فتوفي ورفع على السرير إلى السماء . ورجع موسى إلى بني إسرائيل ، فقال له بنو إسرائيل : إنك قتلت هارون لحبنا إياه . فقال : ويحكم أفترون أني أقتل أخي ! فلما أكثروا عليه صلى ودعا الله ، فنزل بالسرير حتى نظروا إليه ما بين السماء والأرض ، فأخبرهم أنه مات وأن موسى لم يقتله ، فصدقوه ، وكان موته في التيه .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:57


ذكر يوشع بن نون ، عليه السلام وفتح مدينة الجبارين

لما توفي بعث الله يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - عليه السلام - نبيا إلى بني إسرائيل وأمره بالمسير إلى أريحا مدينة الجبارين ، واختلف العلماء في فتحها على يد من كان . فقال ابن عباس : إن موسى ، وهارون توفيا في التيه ، وتوفي فيه كل من دخله ، وقد جاوز العشرين سنة ، غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ، فلما انقضى أربعون سنة أوحى الله إلى يوشع بن نون فأمره بالمسير إليها وفتحها ، ففتحها ، ومثله قال قتادة ، والسدي ، وعكرمة .

وقال آخرون : إن موسى عاش حتى خرج من التيه ، وسار إلى مدينة الجبارين ، وعلى مقدمته يوشع بن نون ففتحها ، وهو قول ابن إسحاق ، قال ابن إسحاق : سار موسى بن عمران إلى أرض كنعان لقتال الجبارين ، فقدم يوشع بن نون ، وكالب بن يوفنا ، وهو صهره على أخته مريم بنت عمران ، فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعور ، وهو من ولد لوط ، فقالوا له : إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا فادع الله عليهم . وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم ، فقال لهم : كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ، ومعهم الملائكة ؟ ! فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم ، فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية ، فقبلتها ، وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو [ ص: 175 ] على بني إسرائيل ، فقالت له في ذلك ، فامتنع ، فلم يزل به حتى قال : أستخير الله . فاستخار الله تعالى ، فنهاه في المنام ، فأخبرها بذلك ، فقالت : راجع ربك فعاود الاستخارة فلم يرد إليه جواب . فقالت : لو أراد ربك لنهاك ، ولم تزل تخدعه حتى أجابهم ، فركب حمارا له متوجها إلى جبل مشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم ، فلما سار عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار ، فنزل عنه وضربه حتى قام فركبه فسار به قليلا فبرك ، فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما اشتد ضربه في الثالثة أنطقه الله فقال له : ويحك يا بلعم ، أين تذهب ؟ أما ترى الملائكة تردني ؟ فلم يرجع ، فأطلق الله الحمار حينئذ ، فسار عليه حتى أشرف على بني إسرائيل ، فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم ، وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعاؤه عليهم ، فقالوا له في ذلك ، فقال : هذا شيء غلبنا الله عليه ، واندلع لسانه فوقع على صدره ، فقال : الآن قد ذهبت مني الدنيا والآخرة ، ولم يبق غير المكر والحيلة .

وأمرهم أن يزينوا نساءهم ويعطوهن السلع للبيع ويرسلوهن إلى العسكر ، ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريدها . وقال : إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم . ففعلوا ذلك ، ودخل النساء عسكر بني إسرائيل ، فأخذ رمزى بن شلوم ، وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها موسى ، فقال له : أظنك تقول هذا حرام فوالله لا نطيعك ، ثم أدخلها خيمته فوقع عليها ، فأنزل الله عليهم الطاعون ، وكان فنحاص بن العزار بن هارون صاحب أمر عمه موسى غائبا ، فلما جاء رأى الطاعون قد استقر في بني إسرائيل ، وأخبر الخبر ، وكان ذا قوة وبطش ، فقصد زمرى فرآه وهو مضاجع المرأة ، فطعنها بحربة في يده فانتظمها ، ورفع الطاعون ، وقد هلك في تلك اساعة عشرون ألفا ، وقيل : سبعون ألفا فأنزل الله في بلعم : , تفسير الآية', واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين .

ثم إن موسى قدم يوشع إلى أريحا في بني إسرائيل فدخلها وقتل بها الجبارين ، وبقيت منهم بقية ، وقد قاربت الشمس الغروب ، فخشي أن يدركه الليل فيعجزوه ، فدعا الله تعالى أن يحبس عليهم الشمس ، ففعل وحبسها حتى استأصلهم ، ودخلها موسى فأقام بها ما شاء الله أن يقيم ، وقبضه الله إليه لا يعلم بقبره أحد من الخلق .

[ ص: 176 ] وأما من زعم أن موسى كان قد توفي قبل ذلك فقال : إن الله أمر يوشع بالمسير إلى مدينة الجبارين ، فسار ببني إسرائيل ، ففارقه رجل يقال له بلعم بن باعور ، وكان يعرف الاسم الأعظم ، وساق من حديثه نحو ما تقدم .

فلما ظفر يوشع بالجبارين أدركه المساء ليلة السبت فدعا الله فرد الشمس عليه وزاد في النهار ساعة فهزم الجبارين ودخل مدينتهم ، وجمع غنائمهم ليأخذها القربان ، فلم تأت النار ، فقال يوشع : فيكم غلول فبايعوني ، فبايعوه ، فلصقت يده في يد من غل ، فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالياقوت فجعله في القربان وجعل الرجل معه ، فجاءت النار فأكلتهما .

وقيل : بل حصرها ستة أشهر ، فلما كان السابع تقدموا إلى المدينة وصاحوا صيحة واحدة فسقط السور ، فدخلوها وهزموا الجبارين ، وقتلوا فيهم فأكثروا . ثم اجتمع جماعة من ملوك الشام ، وقصدوا يوشع فقاتلهم ، وهزمهم ، وهرب الملوك إلى غار ، فأمر بهم يوشع بن نون ، فقتلوا ، وصلبوا . ثم ملك الشام جميعه فصار لبني إسرائيل وفرق عماله فيه . ثم توفاه الله فاستخلف على بني إسرائيل كالب بن يوفنا ، وكان عمر يوشع مائة وستا وعشرين سنة ، وكان قيامه بالأمر بعد موسى سبعا وعشرين سنة .

وأما من بقي من الجبارين فإن إفريقش بن قيس بن صيفي بن سبإ بن كعب بن زيد بن حمير بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان مر بهم متوجها إلى إفريقية فاحتملهم من سواحل الشام فقدم بهم إفريقية فافتتحها ، وقتل ملكه جرجير ، وأسكنهم إياها ، فهم البرابرة . وأقام من حمير في البربر صنهاجة وكتامة ، فهم فيهم إلى اليوم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 8:59


ذكر من ملك من الفرس بعد منوجهر

لما هلك منوجهر ملك فارس سار أفراسياب بن فشنج بن رستم ملك الترك إلى مملكة الفرس ، واستولى عليها وسار إلى أرض بابل وأكثر المقام بها وبمهرجانقذق ، وأكثر الفساد في مملكة فارس ، وعظم ظلمه ، وأخرب ما كان عامرا ، ودفن الأنهار ، والقنى ، وقحط الناس سنة خمس من ملكه ، إلى أن خرج عن مملكة فارس ولم يزل الناس منه في أعظم البلية إلى أن ملك زو بن طهماسب .

وكان منوجهر قد سخط على ولده طهماسب ونفاه عن بلاده ، فأقام في بلاد الترك عند ملك لهم يقال له : وامن ، وتزوج ابنته ، فولدت له زو بن طهماسب ، وكان المنجمون قد قالوا لأبيها : إن ابنته تلد ولدا يقتله ، فسجنها ، فلما تزوجها طهماسب وولدت منه كتمت أمرها وولدها ، ثم إن منوجهر رضي عن طهماسب ، وأحضره إليه ، فاحتال في إخراج زوجته وابنه زو من محبسهما ، فوصلت إليه ، ثم إن زوا فيما ذكر قتل جده وامن في بعض الحروب الترك وطرد أفراسياب التركي عن مملكة فارس حتى رده إلى الترك بعد حروب جرت بينهما ، فكانت غلبة أفراسياب على أقاليم بابل ومملكة الفرس اثنتي عشرة سنة من لدن توفي منوجهر إلى أن أخرجه عنها زو ، وكان إخراجه عنها روزابان من شهر أبان ماه ، فاتخذ لهم هذا اليوم عيدا وجعلوه الثالث لعيديهم النوروز والمهرجان .

[ ص: 180 ] وكان زو محمودا في ملكه محسنا إلى رعيته فأمر بإصلاح ما كان أفرسياب أفسده من مملكتهم ، وبعمارة الحصون ، وإخراج المياه التي غور طرقها ، حتى عادت البلاد إلى أحسن ما كانت . ووضع عن الناس الخراج سبع سنين ، فعمرت البلاد في ملكه وكثرت المعايش ، واستخرج بالسواد نهرا وسماه الزاب ، وبنى عليه مدينة وهي التي تسمى العتيقة ، وجعل لها طسوج الزاب الأعلى ، وطسوج الزاب الأوسط ، وطسوج الزاب الأسفل ، وكان أول من اتخذ ألوان الطبيخ وأمر بها وبأصناف الأطعمة ، وأعطى جنوده ما غنم من الترك وغيرهم .

وكان جميع ملكه إلى أن انقضت مدته ثلاث سنين ، وكان كرشاسب بن أنوط وزيره في ملكه ومعينه فيه ، وقيل : كان شريكه في الملك ، والأول أصح ، وكان عظيم الشأن في فارس إلا أنه لم يملك .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
محمد منسى
المشرف العام
المشرف العام
محمد منسى


عدد الرسائل : 20175
العمر : 45
الموقع : منتديات ابو ريوف
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر   الكامل في التاريخ  : إبن الأثيـــر I_icon_minitimeالسبت 28 أبريل 2012 - 9:02


ذكر الأحداث في بني إسرائيل في عهد زو ، وكيقباذ ، ونبوة حزقيل

لما توفي يوشع بن نون قام بأمر بني إسرائيل بعده كالب بن يوفنا ، ثم حزقيل بن نورى ، وهو الذي يقال له ابن العجوز ، وإنما قيل له ذلك لأن أمه سألت الله الولد وقد كبرت ، فوهبه الله لها ، وهو الذي دعا للقوم الموتى فأحياهم الله .

وكان سبب ذلك : أن قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون ، فهرب عامة أهلها ونزلوا ناحية ، فهلك أكثر من بقي بالقرية وسلم الآخرون ، فلما ارتفع الطاعون رجعوا . فقال الذين بقوا : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا ولو صنعنا ما صنعوا بقينا . فوقع الطاعون من قابل ، فهرب عامة أهلها ، وهم بضعة وثلاثون ألفا ، وقيل ثلاثة آلاف ، وقيل : أربعة آلاف ، وقيل غير ذلك ، حتى نزلوا ذلك المكان ، فصاح بهم ملك فماتوا ونخرت عظامهم ، فمر بهم حزقيل ، فلما رآهم جعل يتفكر في بعثهم ، فأوحى الله إليه : أتريد أن أريك كيف أحييهم ؟ قال : نعم . فقيل : ناد ، فنادى : يا أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي ، فجعلت العظام تطير بعضها إلى بعض حتى صارت أجسادا من عظام . ثم نادى يا أيتها العظام إن الله أمرك أن تكتسي فاكتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها . ثم نادى : يا أيتها الأرواح إن الله يأمرك أن تعودي إلى أجسادك . فعادت الأجساد أحياء ، وقالوا حين أحيوا : سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت ! فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى ، سحنة الموت على وجوههم ، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا دسما ، ثم ماتوا ثم مات حزقيل ، ولم تذكر مدته في بني إسرائيل .

[ ص: 183 ] وقيل : كانوا قوم حزقيل ، فلما أن ماتوا بكى حزقيل ، وقال : يا رب ، كنت في قوم يعبدونك ويذكرونك ، فبقيت وحيدا ! فقال الله : أتحب أن أحييهم ؟ قال : نعم . قال : فإني قد جعلت حياتهم إليك . فقال حزقيل : احيوا بإذن الله تعالى ، فعاشوا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://mohammed.mansy@yahoo.com
 
الكامل في التاريخ : إبن الأثيـــر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير
» أبو التاريخ ...
» ((( الوصف الكامل لرسول الله )))
» من أين أرخوا التاريخ
» الشائعات فى التاريخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدبات ابو ريوف  :: المنــتديــات العامه :: منتدى همسات وخواطر-
انتقل الى: