ضربة السيسى الموجعة للإخوان

يرفض بعض معارضى السيسى من غير الإخوان أن يتقبلوا حقيقة أنه نجح فيما فشل فيه كل رؤساء مصر قبله فى إنزال أكبر هزيمة بالإخوان فى تاريخهم، بالرغم من أن مهمة كل الرؤساء الآخرين كانت أكثر سهولة، لأن الإخوان فى عهودهم كانوا مجرد فصيل معارِض مُستَضعَف يلوذ بالجماهير باستدرار التعاطف بالمسكنة وبادعاء التدين والإخلاص للإسلام والرغبة فى خدمة الفقراء! أما السيسى فقد بدأ التعامل معهم بعد أن استولوا على السلطة كاملة، الرئاسة وغرفتى البرلمان، بعد أن سقط فى خديعتهم عدد كبير من النخب المدنية، وكان زهو القوة أنساهم خطابهم المعسول القديم فكشفوا عن وجههم الحقيقي، وقالوا إنهم أتوا ليبقوا فى الحكم 500 عام، وراحوا يهددون بقطع الأيدى التى وصموها بالعبث فى الاستقرار، وأعلنوا عدم ممانعتهم فى التضحية ببضعة آلاف ممن يعطلون مسيرتهم..إلخ.

ولا يجوز الاكتفاء بمنطق أن حماقتهم هى التى أودت بهم، فهذا مجرد عامل واحد، ومهما زاد البعض من تأثيره فإنه لا يكفى وحده لإنهاء حكمهم بعد عام واحد، وإنما يلزم أن تكون هناك عوامل أخرى فاعلة، أهمها الرفض الشعبى لهم، ثم كان الدور الحاسم للسيسى ومن معه بوضع الدراسات الدقيقة لأحوالهم وللأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، ورسم الخطط المحكمة، وتمهيد الأجواء، ثم ما إن لاحت اللحظة المناسبة كانت الضربة القاصمة، التى لو تقدَّمت أو تأخَّرت لما تردَّد الإخوان ثانية واحدة فى نصب المشانق!

وقبل أن تنتهى فترة الولاية الأولى للرئيس السيسى لم يعد لقادة الإخوان وجود يُذكَر فى الواقع المصري، لا السياسى الذى نعموا به فترة حكمهم، ولا الاجتماعى الذى لبدوا فيه منذ تأسيسهم، بل إن وجودهم تراجع واضطرب فى الإقليم وفى العالم، وانكشفت فضائح تعاونهم مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية صاحبة المؤامرات ضد مصر والإقليم. ولكن الحذر يقتضى الانتباه إلى أن الضربة التى طالت القيادات لم تصل إلى كل الكوادر الوسيطة ولم تطل معظم القواعد، مثل هؤلاء الذين ملأوا رابعة والنهضة، ثم اختفوا فجأة بالأمر، ومن الحصافة توقع أنهم ينتظرون إشارات عليهم أن يستجيبوا لها وفق قسم السمع والطاعة. مما يدعو إلى تعزيز العملية الشاملة وتوسيع مداها.